تمهيد:
كان لا بد من استحداث آلية تعاون شُرطي قارية لتنسيق التعاون الأمني بين بلدان القارة الإفريقية، في ظل تصاعد التحديات الأمنية الناجمة عن الفقر والصراعات السياسية، والذي أدَّى إلى تنامي الظواهر الإجرامية، وظهور منظمات عابرة للحدود تمارس التجارة غير المشروعة بكافة أشكالها، فضلاً عن الجرائم السيبرانية.
ومع مطالبة الدول الأوروبية للاتحاد الإفريقي بتحمُّل مسؤولياته الأمنية، كان لا بد من استحداث تلك الآلية الإقليمية، التي عُرِفَت بالأفريبول AFRIPOL””؛ لتحقيق هذا التنسيق الأمني الإقليمي، وهو ما سنتناوله من خلال المحاور التالية:
- أولًا: نشأة آلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (أفريبول).
- ثانيًا: التعريف بآلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (أفريبول).
- ثالثًا: أهداف الأفريبول.
- رابعًا: مجال الاختصاص ومناطق الجريمة.
- خامسًا: الغرض والمهمة.
- سادسًا: الهيكل التنظيمي لأفريبول.
- سابعًا: نظام أفريبول للاتصالات الآمنة (AFSECOM).
- ثامنًا: أبرز عمليات الأفريبول.
أولًا: نشأة آلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (أفريبول)
بالرجوع إلى النظام الأساسي لآلية الاتحاد الإفريقي، نجد أنه لم يتضمن تعريفًا لهذه الآلية، وإنما اكتفى ضمن نص المادة الأولى بالإشارة إلى معنى الكلمة الدالة على هذه المنظمة. بينما وصفت المادة الثانية هذه الآلية على أنها مُؤسّسة تقنية باعتبارها آلية للتعاون الشرطي بين الدول الأعضاء.
بدأت فكرة إنشاء قوة شرطة إفريقية، خلال المؤتمر الإقليمي الإفريقي 22 الإنتربول، والذي انعقد في سبتمبر 2013م بوهران، والتي شهدت حضورًا بالإجماع لقادة الشرطة الأفارقة الواحد والأربعين.
تم دعم هذه المبادرة على هامش الجمعية العامة 82 لمنظمة الإنتربول التي انعقدت في أكتوبر 2013م في كولومبيا بدعوة من الجزائر؛ لعقد مؤتمر للمدراء والمفتشين العامين للشرطة حول الأفريبول في فبراير 2014م. وقد تمت ترجمة التطلعات المشروعة لمدراء الشرطة إلى واقع من خلال الاعتماد بالإجماع لإعلان الجزائر مقرًّا لها.
بمناسبة القمة 23 للاتحاد الإفريقي التي عُقدت في مالابو في غينيا الاستوائية في يوليو 2017م، تم اعتماد ورقة الجزائر المتعلقة بالأفريبول مِن قِبَل قادة ورؤساء الحكومات الأفارقة.
أما في الاجتماع الثاني للجمعية العامة لآلية الشرطة الجنائية الإفريقية، والذي عُقِدَ في 30 يناير 2017م، فقد تم اعتماد النظام الأساسي([1]) للآلية مِن قِبَل مؤتمر الاتحاد الإفريقي في دورته العادية رقم 28 المنعقدة في أديس أبابا؛ حيث تم الاتفاق على إنشاء ثلاث مجموعات عمل؛ الأولى: مختصة بمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود، والثانية مختصة بمكافحة الجريمة المعلوماتية أو الجريمة السيبرانية، والثالثة: مختصة بمكافحة الإرهاب والتطرف بجميع أشكاله. كما تم الاتفاق على إنشاء جهاز التواصل بين الأجهزة الأمنية للدول الأعضاء والمسمى بـAFSYCOM من أجل تبادل الوثائق والمعلومات، وتنسيق العمليات، مما يسمح للخبراء بإجراء اجتماعات تنسيقية عن بُعْد.([2])
ثانيًا: التعريف بآلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (أفريبول)
هي هيئة تقنية لدى الاتحاد الإفريقي، تهدف إلى اعتماد رؤية شاملة تسمح بتحسين فعالية ونجاعة مصالح الشرطة الإفريقية، وتتمثل مهمتها في دعم التعاون الشرطي بين الدول الإفريقية من خلال تبادل المعلومات وتعزيز التنسيق فيما بينها. ولم يتطرَّق النظام الأساسي للأفريبول إلى تعريف هذه الآلية، واكتفى بتسميتها بالنص على أن “الأفريبول”: «آلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي».
وتتخذ هذه الآلية من الجزائر العاصمة مقرًّا لها ومكانًا لعقد دوراتها. غير أنه يمكن عقد دوراتها في بلدان أخرى بناءً على طلب استضافة يُقدَّم من طرف الدولة المعنية.
هذا وقد حصر النظام الأساسي العضوية في هذه الآلية على الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي؛ بحيث تلتزم الدول في إطارها بالتعاون في المواضيع التي تتعلق بأهداف ومهام هذه الآلية، وذلك مع مراعاة السيادة الوطنية للدول الأعضاء، مع الالتزام بعدم التدخُّل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى وقوانينها الوطنية.([3])
وتتمثل مهمتها في دعم أجهزة الشرطة الإفريقية في منع ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والإرهاب، والجرائم الإلكترونية، وغيرها من التهديدات الناشئة للأمن القاري.([4]) وللوفاء بهذه المهمة، توفر أفريبول مجموعة شاملة من آليات الدعم، بما في ذلك:
- التدريب الحضوري وعبر الإنترنت، بما في ذلك دورات متخصصة عبر منصتها المخصصة للتعلم الإلكتروني.
- تدريب المدرّبين لضمان استدامة المهارات على الصعيد الوطني.
- ورش عمل لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات بين الدول الأعضاء.
- الوصول إلى أدوات الطب الشرعي والتحقيق.
- دعم العمليات المشتركة والتحقيقات العابرة للحدود.
- تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص لتعزيز إستراتيجيات منع الجريمة.
- تسهيل التعاون من خلال نظام اتصالات آمِن وقواعد بيانات مشتركة.
- فرص تدريب مكثّف ومِنَح دراسية لتطوير قادة إنفاذ القانون المستقبليين.
من خلال هذه المبادرات، تلعب أفريبول دورًا محوريًّا في تعزيز التعاون الشرطي الإقليمي والقاري، والمساهمة في بناء إفريقيا أكثر أمانًا وأمنًا.
ثالثًا: أهداف الأفريبول
تلتزم أفريبول بتعزيز الأمن والمرونة في إفريقيا من خلال تعزيز التعاون الشرطي في جميع أنحاء القارة. من خلال شراكات إستراتيجية وتنمية القدرات. ومن خلال العمل الوثيق مع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، تُمكِّن أفريبول مؤسسات الشرطة الوطنية من الأدوات والمعارف والشبكات اللازمة للاستجابة بفعالية للتحديات الأمنية المتغيرة. لتحقيق ذلك، تلتزم أفريبول بالأهداف التالية:
- إنشاء إطار قاري للتعاون الشرطي: إنشاء منصة منظمة للتعاون على المستويات الإستراتيجية والتشغيلية والتكتيكية بين مؤسسات الشرطة في الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.
- تعزيز منع الجريمة والتحقيق فيها: دعم منع الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية وكشفها والتحقيق فيها بالتنسيق مع هيئات إنفاذ القانون الوطنية والإقليمية والدولية.
- بناء قدرات إنفاذ القانون: تطوير مراكز امتياز إفريقية للتدريب الشرطي المتخصص المصمَّم خصيصًا للبيئة الأمنية الفريدة للقارة.
- مواءمة إستراتيجيات الأمن القارية: إعداد إستراتيجية إفريقية مُوحَّدة لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب والجرائم الإلكترونية، بما يتماشى مع أُطُر سياسات الاتحاد الإفريقي.
- التنسيق مع الهياكل الإقليمية والدولية: تحسين أوجه التآزر مع المؤسسات المماثلة لتعزيز الاستجابة القارية للجريمة العابرة للحدود.
- دعم التطوير المؤسسي: مساعدة الدول الأعضاء في تعزيز الكفاءة التنظيمية والتقنية والإستراتيجية والتشغيلية لأجهزة الشرطة التابعة لها.
- تعزيز تبادل المعلومات: تسهيل التبادل الآمِن للمعلومات الاستخباراتية لتفكيك الشبكات الإجرامية وتحسين التحقيقات المشتركة.
- دعم الحوكمة الرشيدة وحقوق الإنسان: المساعدة في تطوير معايير الشرطة القائمة على الحوكمة الديمقراطية والمساءلة واحترام حقوق الإنسان.
- تطوير الشرطة المجتمعية: تشجيع مشاركة المواطنين في منع الجريمة من خلال تعزيز نماذج الشرطة المجتمعية.
- دعم الرؤية الإستراتيجية القارية: المساهمة في تطوير رؤية إفريقية مشتركة لتنسيق إنفاذ القانون ومواءمة السياسات.
- تسهيل الحوار حول السياسات: مساعدة الدول الأعضاء في صياغة مواقف إفريقية مشتركة بشأن مسائل سياسات الأمن الإقليمية والدولية.
- قيادة البحث والابتكار: إجراء دراسات معمّقة حول اتجاهات الجريمة، وتطوير أدوات عملية لدعم منع الجريمة وإنفاذ القانون.
- تطوير أنظمة اتصالات وبيانات آمنة: إنشاء منصات وأنظمة وقواعد بيانات فعالة لدعم جميع الوظائف التشغيلية لأفريبول.
رابعًا: مجال الاختصاص ومناطق الجريمة
يركّز عمل الأفريبول على مجالات الجريمة ذات الأولوية التالية:
1- الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية
تشمل هذه الجريمة مجموعة واسعة من الأنشطة الإجرامية العابرة للحدود الوطنية، والتي تتطلب استجابات مُنسَّقة من جهات إنفاذ القانون:
- الاتجار بالبشر.
- تهريب المهاجرين.
- الاتجار غير المشروع بالأسلحة.
- الاتجار بالمخدرات.
- الجرائم البيئية وجرائم الحياة البرية.
- الجرائم البحرية والقرصنة.
- الجرائم المالية وغسل الأموال.
- الفساد.
- استغلال الأطفال وإساءة معاملتهم.
- الجريمة المنظمة.
- مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
- الجرائم الإلكترونية والتهديدات الرقمية.
- الجرائم الناشئة.
- الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي والموارد الطبيعية.
٢- مجالات الجريمة الإستراتيجية الأخرى
- مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف.
- الجرائم الإلكترونية والتهديدات الرقمية.
- الجرائم الناشئة.
خامسًا: الغرض والمهمة
- تتمثل أولوية أفريبول في تعزيز ومواءمة قدرات أجهزة إنفاذ القانون في الدول الأعضاء، وتسهيل التعاون والتنسيق فيما بينها في منع ومكافحة الجريمة المُنظّمة العابرة للحدود الوطنية.
- ولتحقيق هذا الهدف، تُوفّر أفريبول لوكالات إنفاذ القانون تدريبًا إلكترونيًّا عبر منصتها للتعلم الإلكتروني، وتدريبًا حضوريًّا، وتدريبًا للمدربين، وورش عمل لتبادل الخبرات وأفضل الممارسات، وتدريبًا داخليًّا مكثفًا، بالإضافة إلى مِنَح دراسية.
- يُعدّ النظام الإفريقي للاتصالات الآمنة “أفسيكوم” أداةً رئيسيةً لتنفيذ مهمة أفريبول. يضمن هذا النظام تواصلًا آمنًا وموثوقًا بين أفريبول وأجهزة إنفاذ القانون في الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، مع السماح بتخزين البيانات وتبادلها لتعزيز التعاون فيما بينها في مكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والإرهاب والجرائم الإلكترونية. جميع مكاتب اتصال أفريبول مُجهَّزة بهذا النظام.
- تحافظ أفريبول على شراكة قوية مع منظمات رؤساء الشرطة الإقليمية الإفريقية، بالإضافة إلى مركز التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب (CAERT) وشبكة التعاون الأمني والسياسي والأمني (CISSA). كما تتعاون مع العديد من منظمات الشرطة الدولية، مثل الإنتربول، وسيبول، وفرونتكس، ويوروبول، ومجلس التعاون لدول الخليج العربية (GCCPOL)، ومكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة.
- في عام 2020م، أنشأت الإنتربول وأفريبول برنامج دعم الاتحاد الإفريقي فيما يتعلق بأفريبول (ISPA)، مما أتاح للمنظمتين فرصة التعاون في مجالات رئيسية، بما في ذلك مكافحة الشبكات الإجرامية في الجريمة المنظمة والإرهاب والجرائم الإلكترونية. منذ عام 2019م، تم إنشاء مشروع تعاون مع الشرطة الفيدرالية الألمانية، بهدف تعزيز قدرات وكالات إنفاذ القانون في الدول الأعضاء في المجالات الرئيسية لأنشطتها، وخاصةً في مجال الطب الشرعي من خلال شبكة أفريبول للتميز في الطب الشرعي.
- الشراكة في مكافحة الجرائم الإلكترونية بتوقيع اتفاقيات جديدة كتلك الموقعة مع شركة كاسبرسكي تعزيزًا للعلاقة القائمة بين المنظمتين، تنصّ الاتفاقية على تبادل مُعزّز للبيانات حول التهديدات السيبرانية واتجاهات الجرائم السيبرانية؛ حيث تُسلّم الشركة هذه البيانات إلى أفريبول لإجراء المزيد من التحليلات الاستخباراتية الجنائية مِن قِبَل المنظمة.
ويشمل جانبًا آخر من التعاون على تقديم المساعدة والمعرفة الفنية والمعرفة التقنية في تحليل أمن المعلومات مِن قِبَل فِرَق خبراء الشركة ذوي الخبرة الواسعة. ولدى كاسبرسكي وأفريبول سِجِلّ حافل من مشاريع التعاون المشترك. ساهمت المنظمتان بفعالية في تقييم مشهد التهديدات في إفريقيا، وشاركتا بفعالية أيضًا في الإجراءات التي تقودها الإنتربول لتعطيل الجريمة الإلكترونية في القارة الإفريقية، وتحديدًا عملية “الزيادة السريعة للهجمات الإلكترونية في إفريقيا” و”الزيادة السريعة للهجمات الإلكترونية في إفريقيا الثانية”.([5])
سادسًا: الهيكل التنظيمي لأفريبول
1-الجمعية العامة:
الجمعية العامة هي الهيئة الإدارية العليا لأفريبول، وتتألف من رؤساء الشرطة من جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، والبالغ عددها 55 دولة. وتلعب دورًا محوريًّا في رسم مستقبل التعاون الشرطي في القارة. تتولى الجمعية العامة مسؤولية وضع السياسات العامة والأولويات الإستراتيجية والمبادئ التوجيهية التشغيلية لأفريبول. كما تُشرف على تنفيذ هذه التوجيهات بعد اعتمادها مِن قِبَل أجهزة السياسة المعنية في الاتحاد الإفريقي. ولضمان تمثيل إقليمي متوازن، تُدار الجمعية العامة مِن قِبَل مكتب مُكوّن من:
- رئيس واحد (رئيس).
- ثلاثة نواب للرئيس (نواب للرئيس).
- مقرر واحد.
المكتب الحالي للجمعية العامة لأفريبول:
- كينيا (شرق إفريقيا)- رئيسة الجمعية العامة.
- كوت ديفوار (غرب إفريقيا)- نائب الرئيس الأول.
- جمهورية الكونغو (وسط إفريقيا)- نائب الرئيس الثاني.
- بوتسوانا (جنوب إفريقيا)- نائب الرئيس الثالث.
- الجزائر (شمال إفريقيا)- مقرر.
- يُقدّم هؤلاء القادة معًا توجيهًا إستراتيجيًّا، ويضمنون بقاء أفريبول مُتماشيًا مع الأولويات الأمنية للاتحاد الإفريقي ودوله الأعضاء.
2-اللجنة التوجيهية:
تتشكل لجنة التوجيه للأفربول من الأعضاء الخمسة لهيئة مكتب الجمعية العامة، ومفوض السلم والأمن للاتحاد الإفريقي، ورؤساء المنظمات الإقليمية للتعاون الشرطي، والمدير التنفيذي لآلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي، ويقوم برئاسة لجنة التوجيه رئيس الجمعية العامة، ويتم النص في قواعد الإجراءات على وظائف لجنة التوجيه ومعدلات اجتماعاتها وإجراءاتها.([6])
3-الأمانة العامة:
حيث نص النظام المنشئ لآلية الأفريبول على تأسيس أمانة خاصة بهذه الآلية؛ بحيث يكون المدير هو المسؤول التنفيذي لهذه الآلية، ويقوم بتقديم تقارير منتظمة إلى مفوضية الأمن والسلم بالاتحاد الإفريقي، على أن تعيين المدير يتم بواسطة الجمعية العامة التي تتكون من رؤساء الشرطة للدول الأعضاء بناءً على توصية من لجنة التوجيه، وتُكلّف الأمانة العامة بعدة مهام؛ أهمها يتمثل في ضمان الإدارة الفعالة لأفريبول، بالإضافة إلى عقد وخدمة اجتماعات الجمعية العامة، ولجنة التوجيه، والاجتماعات الأخرى مع الإبقاء على اتصالات مع السلطات الوطنية والدولية، المعنية بإنفاذ القانون.
تُعدّ أمانة أفريبول العمود الفقري التشغيلي والإداري للمنظمة. تتخذ من الجزائر العاصمة مقرًّا لها، وهي مُكلفة بعقد ودعم أعمال الجمعية العامة واللجنة التوجيهية والاجتماعات المؤسسية الأخرى. بالإضافة إلى تنسيق هيئات إدارة أفريبول، تقوم الأمانة العامة بما يلي:
- الحفاظ على اتصال منتظم مع سلطات إنفاذ القانون الوطنية والإقليمية والدولية والشركاء.
- دعم الدول الأعضاء في تنفيذ مبادرات التعاون الشرطي الإستراتيجي.
- تنفيذ قرارات وتوجيهات الجمعية العامة واللجنة التوجيهية.
- تسهيل التواصل وتبادل المعلومات والتعاون عبر شبكة إنفاذ القانون التابعة للاتحاد الإفريقي.
- من خلال مهمتها؛ تضمن فعالية عمل أفريبول ومواءمته مع الأولويات القارية في منع ومكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية والإرهاب والجرائم الإلكترونية.
4-مكاتب الاتصال الوطنية:
تُعدّ مكاتب الاتصال الوطنية حجر الزاوية في شبكة عمليات أفريبول في جميع أنحاء إفريقيا. تقع هذه المكاتب في كل دولة عضو، وهي بمثابة حلقة الوصل الرسمية بين مؤسسات الشرطة الوطنية وأمانة أفريبول. وتتولى مكاتب الاتصال الوطنية مسؤولية:
- تنسيق جميع الأنشطة المتعلقة بأفريبول داخل بلدانها.
- تسهيل التواصل والتعاون بين أفريبول وأجهزة إنفاذ القانون الوطنية.
- ضمان التنفيذ الفعَّال لمبادرات أفريبول على المستوى الوطني.
من خلال الحفاظ على تواصل مستمر مع كلٍّ من الأمانة ومؤسسات الشرطة المحلية، تلعب مكاتب الاتصال الوطنية دورًا حيويًّا في تعزيز التعاون الشرطي القاري، وتعزيز الاستجابة الجماعية للتهديدات العابرة للحدود الوطنية. وتشمل بعض الأنشطة المُنظَّمة لمكاتب الاتصال الوطنية:
5-قسم التدريب وبناء القدرات:
بصفته أحد الركائز الإستراتيجية الأربع لأفريبول، يلعب قسم التدريب وبناء القدرات دورًا حيويًّا في تعزيز كفاءات أجهزة إنفاذ القانون في جميع أنحاء القارة الإفريقية. ويلتزم القسم بتزويد الضباط بالمعارف والمهارات والأدوات اللازمة للتصدي بفعالية للتحديات الأمنية المتطورة، بدءًا من الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية ووصولًا إلى التهديدات السيبرانية.
من خلال تعزيز ثقافة التعلم المستمر والتطوير المهني، تُشجّع أفريبول على اتباع نَهْج مُوحَّد واستباقي في إنفاذ القانون. كما تُمثل أنشطتها التدريبية منصةً لتبادل أفضل الممارسات، وتعزيز التعاون، ومواءمة المعايير التشغيلية بين الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.
أما بخصوص نَهْج التدريب وبناء القدرات؛ فيجمع نموذج التدريب في أفريبول بين التدريب الحضوري والرقمي لجعل المعرفة والأدوات في متناول جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي. ويُصمَّم التدريب بما يتناسب مع الاحتياجات والواقع المحلي، ويستفيد من الخبرات الإقليمية والشراكات العالمية. وتشمل المجالات الرئيسية: علوم الأدلة الجنائية، والأمن السيبراني، والجرائم المالية الرقمية، ومكافحة الإرهاب، وأعمال الشرطة القائمة على النوع الاجتماعي، والقيادة، وأعمال الشرطة المجتمعية. يُقدَّم التدريب من خلال أربعة أشكال متكاملة:
- التدريب المتخصص: تُقدَّم هذه الدورات المُوجَّهة، التي يُقدّمها خبراء متخصصون، معارف متقدمة في مجالات حيوية من أعمال الشرطة. والهدف هو تعزيز المهارات التشغيلية وتعزيز قدرة جهات إنفاذ القانون على الاستجابة للتحديات الأمنية الناشئة.
- تدريب المدربين: يضمن هذا النهج الاستدامة مِن خلال إعداد ضباط مُختارين للعمل كمدربين وطنيين. يُضاعف هؤلاء الضباط تأثير تدريب أفريبول داخل مؤسساتهم، مما يضمن فوائد أوسع نطاقًا وأطول أمدًا.
- الندوات وورش العمل: تُنظّم أفريبول ورش عمل إقليمية وقارية منتظمة لتسهيل تبادل الخبرات، وتعزيز التعاون، وتطوير استجابات إستراتيجية للتهديدات الأمنية المشتركة. كما تُساعد هذه المنصات على بناء الثقة المتبادلة بين الدول الأعضاء.
- التدريب عبر الإنترنت ومنصة التعلم الإلكتروني: تُمكِّن منصة أفريبول للتعلم الإلكتروني ضباط إنفاذ القانون من الوصول إلى تدريب عالي الجودة عن بُعْد وعند الطلب. كما تضمن استمرارية التعلم، وتُوسّع نطاق برامج التدريب لتشمل الضباط في المناطق النائية أو محدودة الموارد. تُقدّم المنصة دورات تفاعلية، وشهادات، ومحتوى متعدّد اللغات مُصمَّم خصيصًا للسياقات الإفريقية.
من خلال هذه الإستراتيجية التدريبية المتكاملة، تُمكِّن أفريبول مؤسسات الشرطة من أن تصبح أكثر مرونةً وتعاونًا واستجابةً في مواجهة الجريمة العابرة للحدود الوطنية والتهديدات الناشئة، مما يُسهم في بناء إفريقيا أكثر أمانًا وتوحيدًا.
سابعًا: نظام أفريبول للاتصالات الآمنة (AFSECOM)
تلتزم أفريبول بتعزيز التعاون الشرطي القاري من خلال تطوير بنية تحتية رقمية آمنة. وفي إطار هذه الرؤية الإستراتيجية، صمّمت أفريبول نظام أفريبول للاتصالات الآمنة (AFSECOM)؛ ليكون منصة مستقبلية لتبادل المعلومات بشكل آمِن وآنِيّ وسري بين مؤسسات الشرطة في الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي.
وبمجرد اعتماده وتشغيله بالكامل، من المتوقّع أن يصبح نظام أفريبول للاتصالات الآمنة (AFSECOM) حجر الزاوية في الدعم الفني الذي تُقدّمه أفريبول لوكالات إنفاذ القانون، مما يُمكِّن من تنسيق أفضل في مواجهة الجريمة المنظمة العابرة للحدود الوطنية، والإرهاب، والجرائم الإلكترونية، وغيرها من التهديدات الأمنية المعقدة. وتشمل القدرات المُتوخاة لنظام القيادة الأمنية الإفريقية (AFSECOM):
- التنسيق الإستراتيجي والعملياتي.
- تعزيز التعاون بين الوكالات وعبر الحدود.
- دعم العمليات الميدانية.
- منصة رقمية للتدريب والتفاعلات الإستراتيجية.
- الابتكار وقابلية التوسع.
ويعدّ مشروع AFSECOM في مرحلته النهائية، وقد وافقت اللجنة التوجيهية لأفريبول على قواعدها ولوائحها، وهي مكوّن أساسي للتنفيذ، في عام ٢٠٢٤م، وسيتم تقديمها إلى الجمعية العامة لأفريبول للموافقة عليها. سيدخل النظام، وهو في مرحلة الاختبار، مرحلة التشغيل الكامل بعد الموافقة المؤسسية الرسمية.
ثامنًا: أبرز عمليات الأفريبول
-عملية Nervone يوليو 2023م:
في إطارها، تبادلت إدارة الإنتربول لمكافحة الجريمة السيبرانية وشركة Group-IB وشركة Orange، وهي الجهة المعنية الثالثة، بيانات استخبارات ساعدت على تعقّب عصابة شهيرة في مجال الجريمة السيبرانية معروفة باسم OPERA1ER. واستهدفت هذه العصابة الإجرامية المنظمة مؤسسات مالية وخدمات مصرفية نقالة ببرمجيات خبيثة وحملات تصيّد احتالي وعمليات احتيال واسعة النطاق بإصدار أوامر زائفة لتحويل الأموال (BEC). وقدم ممثلون عن أفريبول وبرنامج ISPA دعمهم لهذه العملية.
-عملية Africa Cyber Surge II أبريل – يوليو 2023م:
نسَّق الإنتربول وأفريبول هذه العملية للمساعدة على مكافحة الجريمة السيبرانية في 25 بلدًا إفريقيًّا. وأسفرت عن تحديد هوية 14 شخصًا يُشتبَه في أنهم مجرمون سيبرانيون، والكشف عن 674 شبكة سيبرانية مشبوهة. وساعدت مشاطرة بيانات الاستخبارات والتعاون الدولي أجهزة إنفاذ القانون في منع عمليات الابتزاز السيبراني والتصيد الاحتيالي والاحتيال بإصدار أوامر زائفة لتحويل الأموال والنصب على الإنترنت، والتحقيق فيها وتعطيلها.
-عملية Flash WEKA مايو – يونيو 2023م:
نظم الإنتربول وأفريبول بصفة مشتركة عملية Flash WEKA لمكافحة تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر وسائر الجرائم ذات الصلة في إفريقيا. ونُفِّذت العملية على مرحلتين، وأسفرت عن اعتقال 621 شخصًا وإنقاذ 823 من ضحايا الاتجار بالبشر.
-عملية TRIPARTITE Spider مارس – أبريل 2023م:
اعتُقل 14 شخصًا يشتبه في كونهم إرهابيين، وضُبطت متفجرات خلال عملية لمكافحة الإرهاب قادها الإنتربول وأفريبول. وشاركت في هذه العملية أجهزة الشرطة والجمارك وحرس الحدود وخبراء في مكافحة الإرهاب. وساعدت قواعد بيانات الإنتربول الجنائية العالمية أجهزة إنفاذ القانون في البلدان المشاركة على تحديد مكان مجرمين يحاولون عبور الحدود، واعتراضهم واعتقالهم.
-عملية FLASH-PACT يوليو – أكتوبر 2022م:
أتاحت عملية لمكافحة الإرهاب نسَّقها الإنتربول وأفريبول لأفراد الشرطة العاملين على الخطوط الأمامية في إفريقيا كشفَ أشخاص محتمل أن يكونوا إرهابيين، وضبطَ سلع خطيرة ومحظورة. وسلطت هذه العملية الضوء على أهمية تعزيز التعاون وإرساء الأمن لما فيه مصلحة البلدان الإفريقية. وكانت هذه العملية أول عملية لمكافحة الإرهاب تنظمها المنظمتان منذ إنشاء أفريبول في عام 2014م.
-عملية Africa Cyber Surge يوليو – نوفمبر 2022م:
تضافرت جهود الإنتربول وأفريبول لكشف أنشطة المجرمين السيبرانيين في إفريقيا والتحقيق فيها وتعطيلها. وتمكّنت البلدان المشاركة في العملية من تحسين الأمن عبر تأمين البنى التحتية الحساسة التي يسهل استهدافها، والحد من مخاطر الاعتداءات المحتمل أن تكون كارثية. ولم تجمع العملية البلدان الإفريقية الأعضاء في عملية موحدة لمكافحة الجريمة السيبرانية فحسب، بل أسهمت أيضًا في تعزيز الثقة وإرساء شراكات قيّمة مع جهات معنية أخرى.
-عملية ِWEKA II يونيو – نوفمبر 2022م:
تم إنقاذ حوالي 700 شخص من ضحايا الاتجار في البشر في إطار عملية قادها الإنتربول. وكان من نتائجها إلقاء القبض على ما مجموعه 300 شخص منهم 88 شخصًا يُشتبه في تورُّطهم في الاتجار بالبشر، و83 شخصًا متورِّطًا في تهريب المهاجرين. واعتُقِلَ أيضًا حوالي 100 شخص إضافي لجرائم أخرى مثل تزوير الوثائق، والاتجار بالأسلحة النارية والمخدرات، ما يُظهر الطابع المترابط لمجموعات الجريمة المنظمة. واستفادت العملية من دعم العديد من الجهات بما في ذلك أفريبول.
-عملية Flash-IPPA ديسمبر – مارس 2022م:
استهدفت أول عملية شرطة إفريقية اشترك في تنسيقها الإنتربول وأفريبول الاتجار بالمنتجات الصيدلانية على الصعيد العالمي في أَوْج جائحة كوفيد-19. وكشفت هذه العملية عن استخدام شهادات تطعيم مزيفة ضد كوفيد-19، وتوزيع لقاحات كوفيد-19، الأصلية بشكل غير قانوني. وأدَّى التحليل الجاري للمضبوطات والاعتقالات التي نُفِّذت خلال العملية إلى فتح تحقيقات مرتبطة بجماعات الجريمة الصيدلانية العاملة في إفريقيا.([7])
-عملية تابي TAPI:
اختتمت قوات الشرطة اجتماعًا تمهيديًّا استمر ثلاثة أيام في كوتونو، بنين، لـ”عملية تابي”، وهو اجتماع لبناء القدرات يهدف إلى تعزيز الجهود المبذولة لمكافحة المنتجات غير المشروعة في القارة.
وتُعدّ العملية أول مبادرة عابرة للحدود تقودها أفريبول، وتستهدف مجموعة من الأنشطة غير المشروعة، بما في ذلك الاتجار بالمخدرات والأدوية والأسلحة والسِّلع المقلدة أو المهربة، والجرائم البيئية. وكان من المقرر أن تُنفّذ هذه العملية في الفترة من 14 إلى 20 أكتوبر 2024م بمشاركة ست دول: بنين، الكاميرون، إفريقيا الوسطى، نيجيريا، تشاد، وتوغو.([8])
ختامًا:
على الرغم من تأخُّر إنشاء آلية للتنسيق الشرطي في القارة الإفريقية، والتي كانت في حاجة ماسَّة إليها، إلا أنه تم إنشاؤها بالفعل، غير أن البُعْد الإجرائي الجزائي لها يبقى ضعيفًا، كما أن مسألة التعهُّد بعدم التدخل في الشأن الداخلي للدول الأعضاء يُوحي كالعادة بالحصانة للأنظمة الدكتاتورية من مسائلتها قانونيًّا، وخاصةً في حالة مساهمة أحد أفراد إنفاذ القانون فيها بنشاط إجرامي. ومنه يُوصى بمنح الصلاحيات للآلية لضبط الأمن ومكافحة الجريمة، مع إيجاد آلية شفافة لمراقبتها.
……………………..
[1]) https://ulii.org/en/akn/aa-au/act/statute/2017/mechanism-for-police-cooperation/eng@2017-01-30
[2]) ودرار أمين، الشرطة الجنائية الإفريقية (الأفريبول)، حوليات جامعة الجزائر1، (الجزائر: جامعة الجزائر، العدد1، المجلد 34، 2020م).
[3]) عبد العزيز لزعر ورشيد زياني، آلية الاتحاد الإفريقي للتعاون الشرطي (الأفريبول)، ودورها في مكافحة الجريمة الإلكترونية، مجلة متون. متاح على الرابط: https://asjp.cerist.dz/en/article/163571
[4]) الموقع الرسمي للأفريبول على الرابط: https://afripol.africa-union.org/
[5]) https://www.kaspersky.com/about/press-releases/kaspersky-and-afripol-strengthen-partnership-in-combating-cybercrime-by-signing-new-cooperation-agreement
[6]) عبد العزيز لزعر ورشيد زياني، مرجع سبق ذكره.
[7]) الإنتربول، الدعم المقدم إلى أفريبول. متاح على موقع الإنتربول: https://www.interpol.int/ar/3/Our-partners/3/1
[8]) African Union, Operation-TAPI: AFRIPOL set to roll-out a cross-Border Operation to Combat Illicit Products.at: https://au.int/en/pressreleases/20240910/operation-tapi-afripol-set-roll-out-cross-border-operation-combat-illicit










































