عباس إسماعيل (سومائيلا)
عضو هيئة التدريس بمعهد «لومي» للثقافة الإسلامية
ومحاضر في جامعة السلام للعلوم والتنمية
تُعدّ الدعوة الإسلامية من أهم الواجبات الشرعية التي تنهض بها الأمة، بل تمثل جوهر رسالتها وسبيلها إلى الإصلاح والتجديد؛ قال الله تعالى: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ} [سورة فصلت، الآية 33].
ومع تفاوت جهود الدعوة الإسلامية باختلاف البيئات والسياقات؛ تبقى المؤسسات التعليمية –وعلى رأسها الجامعات– من أهم الحواضن التي يُنتظَر منها أن تُواكب هذا الواجب؛ إعدادًا وتأهيلًا وتخطيطًا وتأثيرًا.
وتُمثّل مدينة «لومي» –عاصمة جمهورية توغو– بيئة دعوية متميزة، نظرًا لتعدد الأديان والثقافات فيها، وما تشهده من تحديات فكرية واجتماعية تؤثر في طبيعة الخطاب الديني والعمل الدعوي.
وفي ظل هذا الواقع المعاش، ظهرت مؤسسات تعليمية تسعى للحفاظ على الهوية الإسلامية وتعزيز حضورها من خلال برامج شرعية وتربوية ودعوية.
وقد أسهمت مؤسسات إسلامية بارزة في المدينة؛ مثل معهد لومي للثقافة الإسلامية، وجامعة السلام، في تكوين جيل من الشباب الملتزم بالعلوم الشرعية، المُؤهَّل للعمل الدعوي، عبر مناهج تعتمد على اللغة العربية والتكوين الإسلامي والتدريب الميداني.
ورغم هذه الجهود، فإن الدور الذي تؤديه هذه المؤسسات لا يزال محدودًا، ويواجه تحديات هيكلية وتعليمية وثقافية وفكرية، إضافةً إلى ضعف التمويل وتأثير التغريب وتراجع حضور اللغة العربية.
من هنا، تهدف هذه الدراسة إلى استعراض واقع إسهامات الجامعات الإسلامية في مدينة «لومي» في خدمة الدعوة الإسلامية، وتحليل أثرها في المجتمع، مع بيان أبرز التحديات التي تواجهها، واستشراف سبل تطوير هذا الدور في ضوء متطلبات العصر.
سبب اختيار الموضوع:
جاء اختيار هذا الموضوع نتيجة للملاحظة الواقعية لتأثير الجامعات الإسلامية في مدينة «لومي» على واقع العمل الدعوي، ولما لهذه المؤسسات من دور جوهري في تكوين الدعاة وتوجيه المجتمع.
أهمية الموضوع:
تكمُن أهمية الموضوع في:
- أنه يُسهم في إثراء الجانب المعرفي المتعلق بعمل الجامعات في البيئة الإفريقية، وخاصة في المجال الدعوي الذي لم يحظَ بالبحث الكافي.
- أنه يكشف واقع العمل الدعوي داخل الجامعات، ويُبرز نقاط القوة والقصور فيها، ويُقدّم مقترحات عملية للتطوير.
أهداف البحث:
يهدف البحث إلى:
- التعرف على واقع إسهامات الجامعات في «لومي» في خدمة الدعوة الإسلامية.
- تحليل الأساليب والوسائل التي تعتمدها هذه المؤسسات في العمل الدعوي.
- إبراز التحديات التي تعوق الدور الدعوي للجامعات.
- استشراف آفاق تطوير هذا الدور، واقتراح حلول عملية.
- توجيه أنظار الباحثين وصُنّاع القرار إلى أهمية تكامل الجهود الدعوية والمؤسسية.
حدود البحث (الحدود الزمانية والمكانية والموضوعية):
- الحدود المكانية: يقتصر البحث على الجامعات والمؤسسات التعليمية الموجودة في مدينة «لومي» فقط.
- الحدود الزمانية: تتناول الدراسة الفترة ما بين 2015م إلى 2025م، باعتبارها فترة شهدت تحولات كبيرة في التعليم والدعوة.
- الحدود الموضوعية: يركّز البحث على الإسهامات الدعوية فقط، دون التطرُّق إلى باقي أدوار الجامعات كالبحث العلمي أو الاقتصاد.
إشكالية البحث:
تنطلق الدراسة من الإشكالية الآتية:
إلى أيّ مدًى تُسهم الجامعات الإسلامية في مدينة «لومي» في خدمة الدعوة الإسلامية؟ وما أبرز التحديات والفرص المرتبطة بهذا الدور؟
منهج البحث:
اتبعت الدراسة المنهج الوصفي التحليلي؛ من خلال وصف واقع الجامعات في «لومي»، وتحليل مدى إسهامها في خدمة الدعوة الإسلامية، بالإضافة إلى الاستعانة بالمنهج الاستقرائي لرصد الجهود الدعوية المتفرقة.
أدوات الدراسة:
- الملاحظة المباشرة: من خلال الاطلاع على واقع الجامعات والمعاهد الإسلامية.
- المقابلات الشخصية: مع بعض مسؤولي الجامعات، والأساتذة، والدعاة والطلبة.
- الوثائق والمصادر: مثل الخطط الدراسية، والنشرات الجامعية، والتقارير الصادرة عن المؤسسات التعليمية.
المبحث الأول:
جغرافية «لومي» والإسلام فيها
المطلب الأول: جغرافية «لومي»
لومي (بالفرنسية: Lomé) هي عاصمة جمهورية توغو، وأكبر مدنها، وأكثرها أهمية من الناحية السياسية والاقتصادية، تقع في أقصى الجنوب الغربي لتوغو، وهي على بعد 200 كيلو متر (124 ميلاً) من أَكْرَا عاصمة غانا و150 كيلو مترًا (93 ميلا) من كوتونو العاصمة الاقتصادية في بنين. وهي متصلة بالمحيط الأطلسي من جهة الجنوب.[[1]]
وتعتبر مدينة «لومي» عاصمة اقتصادية لتوغو، والمركز الإداري والصناعي للبلاد، والتي تضم مصفاة لتكرير النفط، وميناءها الرئيسي؛ حيث تُصدّر الفوسفات، والبن، والكاكاو، والقطن، وزيت النخيل، ولُبّ جوز الهند، ويذهب جزء كبير إلى البلدان المجاورة مثل غانا ومالي والنيجر وبوركينا فاسو.[[2]]
يبلغ عدد سكان «لومي» 837437 نسمة بحسب تعداد 2010م، وبإضافة سكان المناطق الحضرية المحيطة بمحافظة غولف، تضم تعداد «لومي» 1.477.660 نسمة في عام 2010م. [[3]]
إن مدينة «لومي» -باختصار- “هي العاصمة السياسية للبلاد، وأكثر المدن تقدمًا من حيث المعمار، وأكثرها كثافة للسكان، وهي مركز تجاري، كما أن بها ميناء بحريًّا رئيسيًّا، ويوجد بها المطار الدولي الوحيد تقريبًا، ويوجد بها الجامعة التعليمية الوحيدة، وهي مقر السلك الدبلوماسي الأجنبي”. [[4]]
ويعتبر ميناء العاصمة «لومي» واحدًا من أكثر الموانئ أهميةً في غرب إفريقيا.
والإيوي EWE هي لغة التواصل الأوسع في «لومي»، إضافةً إلى اللغة الفرنسية التي هي لغة الدراسة والتعليم والإدارة.
المطلب الثاني: دخول الإسلام في «لومي»
لا توجد معلومات دقيقة يُمكن الاعتماد عليها، أو الجزم بها، فيما يخص تاريخ دخول الإسلام إلى مدينة «لومي» تحديدًا؛ إذ يصعب على الباحث إثبات ذلك بقطع، ولكن بإمعان النظر في موضوع دخول الإسلام إلى توغو، يمكن استنتاج أنه دخل في المنطقة الشمالية، وبعدها تم إنشاء المملكتين الإسلاميتين في تلك الجهة. وهذا يُفضي إلى نتيجة مفادها أن دخول الإسلام إلى «لومي» كان متأخرًا نسبيًّا، ولم يكن في نفس الفترة التي انتشر فيها الإسلام في المناطق الشمالية من البلاد.[[5]]
ويُعزى هذا التأخر إلى عدة عوامل؛ من أبرزها: أن غالبية سكان «لومي» في ذلك الحين كانوا من قبيلة الإيوي(Ewé) ، وهي قبيلة عُرفت تاريخيًّا باعتناقها الديانات الوثنية التقليدية، التي ظلت راسخة في معتقدات هذه الجماعة إلى اليوم؛ حيث لا يزال كثير من أفرادها على تلك العقائد، في حين تنصَّر بعضهم، وأسلم عدد قليل منهم فقط.
يقول الشيخ/ أغورو زكريا[[6]] –حفظه الله ورعاه-: “أما المناطق الجنوبية فلم تبلغها الدعوة الإسلامية مبكرًا، فانتهز المبشرون الفرصة بمساعدة الاستعمار الألماني، فوصلوا إليها بغرض العلاج والتعليم، وبنوا المراكز الصحية والتعليمية وغيرها من المشاريع الإغاثية، وما لبثت المنطقة حتى أصبحت مسيحية”.[[7]]
وعلى الرغم من أن الإسلام لم يدخل إلى مدينة «لومي» في وقت مبكر مقارنةً بمناطق الشمال التوغولي، إلا أن انتشاره في العاصمة لم يتأخر كثيرًا بعد استقراره في شمال البلاد، وذلك بفضل استمرار الحركة الإسلامية في التمدد والتوسع جنوبًا.
فقد تسرَّب الإسلام تدريجيًّا إلى مختلف أقاليم توغو، حتى شمل معظم مدنها ومناطقها، ومن بينها مدينة «لومي»، التي غدت فيما بعدُ مركزًا مهمًّا للنشاط الإسلامي والدعوي.
ومِن المُلاحَظ أن دخول الإسلام إلى «لومي» لم يكن في بدايته عن طريق دعوة منظّمة أو جهود تخطيطية منسَّقة لدعاة متخصصين، بل جاء في سياق طبيعي نتيجة التفاعلات التجارية؛ إذ كان التجار المسلمون ممن ينشطون ضمن شبكات التجارة التقليدية الممتدة بين شمال توغو وسائر أقاليم غرب إفريقيا، يتوافدون إلى جنوب البلاد، ومعهم كانت تنتقل القِيَم والممارسات الإسلامية. وهكذا، شكَّلت التجارة وسيلة رئيسة في نقل الإسلام إلى «لومي»، قبل أن تتطور الجهود لاحقًا لتأخذ طابعًا أكثر انتظامًا في الدعوة والتعليم.[[8]]
وكان لهؤلاء التجار دور غير مباشر في نشر الإسلام؛ إذ إنهم -على الرغم من انشغالهم بأعمالهم التجارية-، لم يتخلّوا عن شعائرهم الدينية، بل كانوا يحرصون على إقامة الصلاة، والصيام، وقراءة القرآن، والتمسك بالمظهر الإسلامي في سلوكهم وأخلاقهم، ما جعلهم قدوة عملية أمام السكان المحليين.
ولمَّا كان الإسلام نمط حياة متكاملًا، ودينًا عمليًّا يقبله العقل ويتجاوب مع الفطرة الإنسانية، تأثَّر به عدد من أهالي «لومي»، ممن اختلطوا بهؤلاء التجار واحتكّوا بهم في الأسواق والمجتمعات السكنية.[[9]]
وكما كان للتجار المسلمين دور بارز في وصول الإسلام إلى «لومي»، فقد ساهمت بعض القبائل المهاجرة في نشر هذا الدين وتثبيت دعائمه في المدينة؛ حيث هاجر آباؤهم وأجدادهم من دول مجاورة وصلها الإسلام مبكرًا، مثل النيجر ونيجيريا، ومناطق “جُوغُو” في شمال بنين، واستقروا في مدينة «لومي» بقصد التجارة والإقامة الدائمة.[[10]]
وقد أسَّس هؤلاء المهاجرون أحياءً سكنية خاصة بهم داخل مدينة «لومي»، عُرفت باسم “زُنْغُو”، وهي مناطق ذات طابع إسلامي، يقطنها مسلمون من خلفيات عرقية مختلفة، لكنهم اجتمعوا على الانتماء الديني المشترك، وعلى قِيَم التعاون والتكافل، مما جعلها حاضنة أولى للإسلام في الجنوب التوغولي.
ويعود الفضل الأكبر في نشر الإسلام وتعزيزه في «لومي» إلى قبيلة الهوسا، التي لعبت دورًا محوريًّا من خلال شبكاتها التجارية الواسعة، وروابطها الاجتماعية المتشعبة، ومبادراتها التعليمية والدعوية؛ إذ أنشأت المدارس القرآنية والحلقات التعليمية، وأسهمت في تكوين أجيال جديدة من أبناء المسلمين، وهو ما ساعد على استقرار الإسلام وترسيخ وجوده في المدينة.[[11]]
وشهدت مدينة «لومي» انتشارًا ملحوظًا للإسلام، ويُعزَى ذلك إلى جملة من العوامل المتداخلة، يمكن إجمال أبرزها فيما يلي:
- بساطة العقيدة الإسلامية وسماحتها؛ حيث توافق الفطرة السليمة، وتُدرَك بسهولة، مما جعلها مقبولة لدى عامة الناس.
- الروابط العرقية، لا سيما مِن قِبَل جماعات الهوسا والفولاني المعروفين بإسلامهم، والذين ساهموا في نشره من خلال التعايش، والزواج، والمناسبات الاجتماعية والدينية.
- الهجرة من الشمال؛ حيث كان الإسلام راسخًا في شمال توغو، وقد انتقل كثير من المسلمين إلى «لومي» طلبًا للرزق أو التعليم، فنقلوا معهم ثقافتهم الإسلامية.
- جهود العلماء والدعاة المحليين، الذين أسَّسوا المدارس القرآنية والمساجد، ونشروا العلم الشرعي بوسائل تربوية مرنة، مستخدمين اللغات المحلية لتقريب المفاهيم الإسلامية، مما ساعد على ترسيخ الإسلام في نفوس السكان.
- الاستقرار السياسي والتسامح الديني في توغو، الذي أتاح للمسلمين حرية العبادة، وبناء المساجد، وتنظيم النشاطات الدعوية، فأسهم ذلك في تعزيز الحضور الإسلامي في العاصمة.[[12]]
المبحث الثاني:
إسهامات الجامعات الإسلامية في مدينة «لومي» في خدمة الدعوة
تُعَدّ الجامعات والمعاهد الإسلامية من الركائز الأساسية في بناء العمل الدعوي وتأصيله؛ لما تؤديه من دور محوري في إعداد الكوادر العلمية المُؤهَّلة، وترسيخ الوعي الشرعي، وتوجيه فئة الشباب نحو منهج الاعتدال والوسطية في الفهم والممارسة.
وفي هذا السياق، شهدت مدينة «لومي» بروز مؤسستين علميتين كان لهما أثر واضح –بشكل مباشر أو غير مباشر– في الحراك الدعوي والتربوي داخل المجتمع المسلم، وهما:
1-جامعة السلام للعلوم والتنمية.
2-معهد «لومي» للثقافة الإسلامية.
وقد أسهمت هاتان المؤسستان في دعم العمل الدعوي من خلال البرامج الأكاديمية، والتكوين الشرعي، والأنشطة الهادفة إلى تعزيز الهوية الإسلامية لدى الطلاب والباحثين.
المطلب الأول: جامعة السلام للعلوم والتنمية
جامعة السلام للعلوم والتنمية هي مؤسسة تعليمية إسلامية حديثة النشأة في مدينة «لومي»، عاصمة توغو، تأسست سنة 2015م، وتهدف إلى الارتقاء بالمجتمع المسلم علميًّا وثقافيًّا، وتأهيل الكوادر الدعوية والعلمية القادرة على خدمة المجتمع.[[13]]
وقد رسمت الجامعة خطة إستراتيجية طموحة، تتمثل رسالتها في: “إعداد كوادر مزوّدين بالعلوم والمعارف تُؤهّلهم للدعوة إلى الله على بصيرة ووعي، سَعْيًا لخِدمة المجتمع في جميع مجالات الحياة”[[14]].
وقد تولَّى إدارة الجامعة منذ تأسيسها الدكتور/ ثاني آدم – حفِظه الله ورعاه– الذي أرسى اللبنات الأولى للصرح الجامعي، وظلّ على رأسها حتى عام 2023م؛ حيث تم تعيين الدكتور/ شفيع تشاغوضومو – حفِظه الله ورعاه– مديرًا للجامعة، ولا يزال في منصبه حتى الآن، مواصلًا العمل على تطويرها علميًّا وإداريًّا؛ سعيًا لتحقيق رؤيتها المستقبلية.
وقد ظهرت نتائج هذه الجهود مبكرًا؛ إذ احتفلت الجامعة في مارس 2024م، بتخريج دفعتها الأولى، في حفل رسمي احتضنه “بيت الحج” بالعاصمة، بحضور ممثلين عن المركز الثقافي الإسلامي ومؤسسات تعليمية ودعوية محلية؛ حيث أُلقيت كلمات تشيد بالجامعة وإنجازها العلمي والتربوي.[[15]]
آثارها الدعوية والتعليمية في مدينة «لومي»:
- تخريج كوادر دعوية مؤهلة: تُعدّ جامعة السلام للعلوم والتنمية من أبرز المؤسسات التعليمية في «لومي» التي ترفد الميدان الدعوي بكفاءات علمية متميزة. فمنذ افتتاحها، حرصت الجامعة على إعداد طلابها إعدادًا علميًّا متينًا يجمع بين التأصيل الشرعي والانفتاح على الواقع الدعوي المعاصر، مما مكَّن خريجيها من الإسهام في الدعوة والتعليم الشرعي، سواء في المساجد أو المدارس أو الفعاليات الميدانية.
ويجدر التنويه إلى أن خريجي الجامعة يتميزون بقدرتهم على الدعوة باللغتين العربية والفرنسية، مما يمنحهم قدرة على الوصول إلى شرائح واسعة من المجتمع المحلي، كما يتقنون مهارات الإلقاء، والحوار، والتواصل، بعد تدريب منهجي عملي خلال سنوات دراستهم الجامعية. وقد ساهم هذا التكوين في تعزيز حضورهم في المنابر والمساجد، وتولّيهم مهام التدريس والإرشاد في العديد من المؤسسات الإسلامية في «لومي».
ويشهد الباحث على ذلك من خلال عمله محاضرًا في الجامعة لأكثر من أربع سنوات؛ حيث درّس مواد مهمة مثل “الخطابة وآداب الحوار”، وأشرف على تطبيقات عملية للطلاب في الإلقاء الدعوي، مما ساهم في تخريج طلاب مؤهلين يشغلون مواقع فاعلة في ساحة الدعوة اليوم.
- الارتقاء بالخطاب الدعوي: ومن مظاهر الأثر الدعوي لجامعة السلام في مدينة «لومي»: إسهامها المباشر في تأهيل الخطباء والدعاة ميدانيًّا، وذلك من خلال مقررات علمية تُدرَّس ضمن الخطة الدراسية، مثل: مادة الخطابة وآداب الحوار؛ حيث يتلقى الطلاب تدريبًا عمليًّا على إعداد الخطب وإلقائها، وطرق إدارة الحوار بأسلوب شرعي حكيم.[[16]]
- المشاركة المجتمعية: تُسهم جامعة السلام للعلوم والتنمية في دعم العمل الدعوي في مدينة «لومي»؛ من خلال مشاركتها الفاعلة في المبادرات التوعوية والمجتمعية، ومن أبرزها: تنظيم محاضرات وندوات علمية وفكرية تُعنى بالتعايش السلمي، وترسيخ قِيَم السلام، وتعزيز الانتماء الوطني في ضوء المبادئ الإسلامية.
وتتعاون الجامعة -أيضًا- مع عدد من الجمعيات والمؤسسات الإسلامية في «لومي»، في تنظيم دورات علمية، تشمل: علوم العقيدة، والفقه، والحديث، والسلوك الإسلامي، وتستهدف عموم المسلمين، خاصةً فئة الشباب، وتُعدّ هذه الجهود نموذجًا للتكامل المؤسسي في العمل الدعوي، مما كان له بالغ الأثر في رفع الوعي الديني، والتصدي لبعض الظواهر السلبية التي تُهدّد تماسك المجتمع المسلم في العاصمة.
وتُعدّ اتفاقية التعاون التي أبرمتها جامعة السلام للعلوم والتنمية مع مؤسسة دار النور مثالًا بارزًا –وليس الحصر– على الجهود المؤسسية لتعزيز العمل الدعوي في مدينة «لومي». ففي يوم الخميس، الموافق 12 ديسمبر 2024م، وفي تمام الساعة التاسعة صباحًا، وخلال اجتماع هيئة التدريس مع إدارة الجامعة، الذي تناول موضوع: “التفكير في آليات تطوير الجامعة”، تم الإعلان عن توقيع هذه الاتفاقية في مقر الجامعة، بحضور عدد من أعضاء هيئة التدريس وممثلي الإدارة، بهدف التعاون المشترك في تنظيم دورات تدريبية، وتطوير الأداء الدعوي والتربوي للكوادر الإسلامية في «لومي».
وقد شهد الباحث هذه المناسبة، بوصفه أحد المحاضرين في الجامعة، وكان حاضرًا في ذلك الاجتماع، ومطّلعًا على تفاصيل الاتفاق. ويُعَدّ هذا التعاون خطوة عملية ضمن جهود الجامعة في تفعيل الشراكات الدعوية، والتكامل مع المؤسسات الدعوية الأخرى في المدينة، بما يخدم رسالتها في إعداد دعاة مؤهّلين للعمل الميداني على بصيرة وعلم.
- إعداد الكوادر الدعوية وتمثيلها القاري: ومن ثمار هذه الجهود التعليمية والدعوية لجامعة السلام للعلوم والتنمية، ما يظهر في مشاركات طلابها ومحاضريها في الفعاليات العلمية والدعوية على المستويين الوطني والقاري، مما يعكس الدور الريادي الذي بدأت الجامعة تلعبه في محيطها الإسلامي. فبفضل ما تُوليه من عناية لتكوين الطلاب تكوينًا علميًّا متينًا، وصقل مهاراتهم الخطابية والفكرية، استطاع عدد من طلابها أن يمثلوا الجامعة، بل ويمثلوا الدعوة الإسلامية في توغو في محافل دولية، وينقلوا صورة مشرقة عن التعليم الإسلامي في البلاد.
ومن الأمثلة المعززة لنشاطات جامعة السلام للعلوم والتنمية ومشاركاتها القارية: ما أعلن عنه المكتب الإعلامي للجامعة من مشاركة اثنين من طلابها المتميزين في ملتقى “نحو شباب إفريقي متميز”، الذي انطلقت فعالياته في جمهورية غينيا كوناكري، بتنظيم من الندوة العالمية للشباب الإسلامي بالتعاون مع اتحاد الجامعات الإسلامية في إفريقيا. وتأتي هذه المشاركة في إطار حرص الجامعة على تعزيز حضورها في المحافل الإقليمية والدولية، وإتاحة الفرص لطلبتها للاستفادة من البرامج التنموية والتدريبية التي تُنظِّم على المستوى القاري، بما يسهم في بناء الشخصية الدعوية الواعية، وتبادل الخبرات بين الشباب المسلم في إفريقيا. وقد شهد حفل الافتتاح حضورًا واسعًا من ممثلي الجامعات والمؤسسات التعليمية الإسلامية من مختلف دول القارة، ما يؤكد على أهمية الملتقى في تعزيز التواصل والتعاون الدعوي بين الأجيال الصاعدة في المجتمعات الإسلامية الإفريقية، ويُبرز انخراط جامعة السلام بفاعلية في هذا الحراك الإقليمي.[[17]]
- إنتاج علمي مميز: تولي الجامعة عناية خاصة بالبحث العلمي؛ حيث بدأت في تشجيع الطلاب على إعداد بحوث علمية جادة ونشرها، بما يسهم في إثراء المكتبة الإسلامية المحلية، وتعزيز ثقافة البحث والتحقيق العلمي في البيئة الدعوية والتعليمية. وفي هذا الإطار، نظّمت عمادة شؤون الطلاب يوم السبت 7 ديسمبر 2024م دورة علمية بعنوان: “مناهج البحث العلمي” قدّم الدورة الدكتور/ جعفر خامس، نائب مدير الجامعة، وهدفت إلى تنمية مهارات الطلبة في منهجية البحث، وتعريفهم بأصول الكتابة العلمية وفق المعايير الأكاديمية.
وتدلّ هذه الجهود دلالة واضحة على مدى اهتمام جامعة السلام للعلوم والتنمية بخدمة الدعوة الإسلامية، وحرصها العميق على تأهيل طلابها علميًّا ومهاريًّا ليكونوا فاعلين في ميدان الدعوة والتعليم؛ حيث تسعى الجامعة إلى تعزيز الكوادر الدعوية القادرة على إحداث تغيير إيجابي في المجتمع الإسلامي في «لومي»، وذلك من خلال تقديم مناهج دراسية متميزة تدمج بين التعليم الأكاديمي الشرعي والمهارات الدعوية المعاصرة. من خلال هذه الإستراتيجيات، لا تقتصر الجامعة على تخريج دعاة مؤهلين فحسب، بل تُساهم بشكل فعّال في نشر الوعي الديني وتعزيز الهوية الإسلامية بين الأفراد. إن اهتمام الجامعة بتطوير البحث العلمي في مجالات الدعوة الإسلامية يُشجّع الطلاب على المشاركة في المسائل العلمية الجادة التي تواكب تطورات العصر، ويُثري المكتبة الإسلامية المحلية بمراجع ودراسات جديدة. هذه المبادرات تؤكد الدور البارز للجامعة في تحفيز البحث العلمي وتوفير منصة لتبادل المعرفة، بما يسهم في دعم الحركة الدعوية على المستوى المحلي والإقليمي.
رؤية مستقبلية لجامعة السلام للعلوم والتنمية – «لومي»
تسعى جامعة السلام للعلوم والتنمية إلى أن تكون منارة علمية رائدة على مستوى توغو وغرب إفريقيا، تُسهم في نشر التعليم الشرعي والمعرفي، وتخريج كوادر مؤهلة علميًّا وتربويًّا تسهم في بناء المجتمعات وتنميتها في ضوء القيم الإسلامية.
وترتكز رؤية الجامعة المستقبلية على تحقيق جملة من الأهداف والطموحات، من أبرزها ما يلي: [[18]]
- الارتقاء بالمستوى الأكاديمي: من خلال تطوير البرامج والمناهج لتلائم المعايير الجامعية الدولية، والمواءمة بين الأصالة والمعاصرة، وتحديث طرق التدريس لتشمل التقنيات الرقمية والتفاعلية.
- فتح كليات جديدة: تتجه الجامعة إلى فتح كليات متخصصة مثل: كلية التربية، وكلية الاقتصاد الإسلامي، وكلية الإعلام والاتصال، وكلية الدعوة وأصول الدين، بما يُغطِّي احتياجات المجتمع ويوفر كوادر متخصصة في مجالات حيوية.
- توسيع نطاق البحث العلمي: بإنشاء مراكز أبحاث تهتم بقضايا التنمية والدعوة والتعليم، وتشجيع الأساتذة والطلاب على البحث العلمي الرصين، مع توجيه الأبحاث لخدمة قضايا المجتمع الإسلامي المحلي.
- التحوُّل إلى التعليم المدمج والرقمي: وذلك بإدخال التعليم الإلكتروني إلى بعض المقررات، وإنشاء منصة جامعية تعليمية تساعد الطلاب على متابعة دروسهم عن بُعْد، وتسهيل الوصول إلى المصادر العلمية.
- الشراكات والتعاون الدولي: تعمل الجامعة على بناء علاقات تعاون مع جامعات ومراكز إسلامية وعلمية حول العالم، من أجل تبادل الخبرات والبعثات العلمية، وتطوير قدرات الطاقم الأكاديمي والإداري.
- خدمة المجتمع المحلي: تسعى الجامعة إلى تعزيز دورها الاجتماعي من خلال برامج التوعية، والدورات التدريبية، وخدمة المجتمع، والتفاعل مع حاجات البيئة الدعوية والتعليمية في توغو، وخاصة في مدينة «لومي».
- بناء مقر دائم حديث: من الخطط المستقبلية بناء حرم جامعي حديث ومتكامل، يضم قاعات دراسية حديثة، ومكتبة علمية كبرى، وسكنًا جامعيًّا، ومرافق إدارية وخدمية، ليستوعب الأعداد المتزايدة من الطلاب.
وقد أشار الدكتور/ شفيع تشاغوضومو –مدير الجامعة– في مقابلة شخصية مرئية، عبر برنامج Google Meet، يوم السبت 17-05-2025م، الساعة الحادية عشرة صباحًا، إلى أن الجامعة تُولي اهتمامًا بالغًا بتوسيع برامجها وتجويد مخرجاتها، لتكون منارة علمية متكاملة تجمع بين الأصالة الإسلامية والتحديث الأكاديمي. [[19]]
التحديات التي تواجه جامعة السلام للعلوم والتنمية:
رغم الجهود العلمية والدعوية التي تبذلها جامعة السلام في «لومي»، فإنها تواجه عددًا من التحديات المؤثرة في فاعلية رسالتها، ويمكن تصنيف أبرز هذه التحديات فيما يلي: [[20]]
التحديات المادية: تعاني الجامعة من محدودية الموارد المالية، مما يؤثر سلبًا على توسعة البرامج، وتطوير البنية التحتية، وتوفير الوسائل التعليمية والمراجع الأكاديمية.
نقص الكوادر المتخصصة: ما تزال الجامعة بحاجة إلى مزيد من الأساتذة المؤهلين في بعض التخصصات الشرعية واللغوية، خاصةً في ظل تزايد عدد الطلاب.
ضعف الدعم المؤسسي والرسمي: تواجه الجامعة صعوبات في الحصول على اعتراف واسع من الجهات الحكومية، الأمر الذي يُقيِّد فرص التعاون الأكاديمي والتبادل العلمي.
قلة الشراكات العلمية: تفتقر الجامعة إلى شراكات فعّالة مع جامعات ومراكز بحثية دولية، وهو ما يؤثر على نقل الخبرات، وتبادل المناهج، وتنمية الكفاءات.
التحديات الثقافية واللغوية: يواجه التعليم الإسلامي تحديًا في ظل هيمنة اللغة الفرنسية والثقافة الغربية، مما يُصعِّب على بعض الطلاب متابعة المحتوى الشرعي باللغة العربية.
ضعف البنية التقنية والتكنولوجية: لا تزال الجامعة بحاجة إلى تطوير الوسائل التقنية في التعليم، كالتعليم عن بُعد، والأنظمة الإلكترونية الإدارية والتعليمية.
الحلول المقترحة:
أما عن أبرز الحلول المناسبة لمواجهة تحديات جامعة السلام فيمكن إجمالها باختصار فيما يلي:
- دعم مالي مستدام من خلال الشراكات والوقف.
- استقطاب أساتذة مؤهلين من داخل البلاد وخارجها.
- السعي للاعتراف الرسمي والتسجيل لدى الهيئات التعليمية.
- إبرام شراكات علمية مع جامعات ومراكز إسلامية.
- تعزيز تعليم اللغة العربية عبر برامج تمهيدية وقوية مستمرة.
- تطوير البنية التكنولوجية لتيسير التعليم الرقمي والإداري.
المطلب الثاني:
معهد «لومي» للثقافة الإسلامية (I.L.C.I)
أولًا: تأسيس المعهد ورؤيته:
يُعَدُّ معهد «لومي» للثقافة الإسلامية من أبرز المؤسسات التعليمية الإسلامية في مدينة «لومي»، عاصمة توغو. تأسس المعهد عام 2011م، ويُقدِّم برامج تعليمية في العلوم الشرعية واللغة العربية، مستهدفًا تأهيل الطلاب في مراحل التعليم الجامعي. ويسعى إلى تعليم أبناء المسلمين وبنائهم بناءً طيِّبًا مستقيمًا، وتأهيلهم ليكونوا دعاة متميزين في المجتمع؛ بسبب الحاجة الماسة إلى الدعاة الأكفاء.[[21]]
تتمثل رسالة معهد «لومي» للثقافة الإسلامية في تقديم تعليم شرعي وأكاديمي متكامل، يهدف إلى إعداد كوادر دعوية مؤهلة تسهم في نشر الثقافة الإسلامية وتعزيز الهوية الدينية في المجتمع المحلي.[[22]]
ثانيًا: أهداف المعهد:
يسعى معهد «لومي» للثقافة الإسلامية إلى تحقيق جملة من الأهداف العلمية والدعوية التي تخدم الرسالة الإسلامية، ومن أبرز هذه الأهداف[[23]]:
- تأهيل الملتحقين علميًّا وعمليًّا: إعداد الطلاب والمشاركين إعدادًا متكاملًا، يجمع بين التأصيل العلمي والتدريب العملي، بما يؤهلهم للقيام بأدوارهم الدعوية والتربوية بكفاءة.
- محاربة الانحرافات العقدية والأخلاقية: مواجهة كل ما يخالف تعاليم الإسلام الصحيحة والأخلاق الفاضلة، من خلال برامج توعوية وتربوية منهجية.
- تأهيل الدعاة والمدرسين: تزويد العاملين في مجالي التعليم والدعوة بالمعارف والمهارات اللازمة للقيام بمهامهم، وفق منهج وسطي يقوم على الفهم العميق والطرح المتزن.
- نشر الثقافة الإسلامية وتعميق الفهم الشرعي: الإسهام في ترسيخ المفاهيم الإسلامية الصحيحة في المجتمع، من خلال التعليم والتثقيف، مع العناية بنشر الوسطية والاعتدال.
- إجراء الدراسات والأبحاث: تنفيذ أبحاث علمية وميدانية تهدف إلى تطوير الخطاب الثقافي الإسلامي، ومواكبة التحديات المعاصرة التي تُواجه المجتمعات المسلمة.
- تمكين الطلاب من الفهم المنضبط للأحكام الشرعية: تعزيز القدرة على استيعاب النصوص الشرعية وفهمها بعيدًا عن التعصب المذهبي، مع احترام المدارس الفقهية المعروفة والاعتداد بالمنهجية العلمية في الاستنباط.
وقد أنشئ هذا المعهد ليكون منارة علمية ودعوية تُسهم في نشر العلم الشرعي وتعزيز الهوية الإسلامية، وتحصين المجتمع من الانحرافات العقدية والسلوكية، وتخريج كفاءات علمية قادرة على التصدي للتحديات الفكرية والدعوية المعاصرة.
ثالثًا: قسم الطالبات في المعهد:
نظرًا للصعوبات التي تواجهها كثير من الفتيات في توغو -خاصة في مدينة «لومي»- بعد المرحلة الثانوية، نتيجة لقلة المؤسسات التعليمية الإسلامية التي تتيح لهن مواصلة طلب العلم الشرعي؛ بادرت إدارة معهد «لومي» للثقافة الإسلامية بفتح قسم خاص بالطالبات داخل مدينة «لومي»، وذلك في العام الهجري 1438هـ الموافق 2017م. وقد جاء افتتاح هذا القسم استجابة لحاجة مُلِحَّة، وتقديم خدمة علمية لبنات المسلمين الراغبات في الاستزادة من العلوم الشرعية بعد المرحلة الثانوية. [[24]]
يسعى هذا القسم إلى تحقيق جملة من الأهداف، من أبرزها: [[25]]
- إتاحة فرصة التعليم الشرعي للفتيات المتخرجات من المدارس الإسلامية الثانوية، وتمكينهن من مواصلة مسيرتهن العلمية.
- تكوين كوادر نسائية دعوية، متمكنة في خطابها الشرعي، تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة.
- إعداد مثقفات واعيات يحملن ثقافة إسلامية متوازنة، ويشاركن في توعية المجتمع المحلي بقضاياه الدينية والاجتماعية.
- تخريج باحثات مؤهلات يسهمن في دراسة المشكلات المجتمعية من منظور إسلامي، ويقدمن حلولًا علمية تنسجم مع قِيَم الإسلام.
رابعًا: العلاقات الخارجية والتعاون العلمي:
تُولي إدارة معهد «لومي» للثقافة الإسلامية اهتمامًا بالغًا بتوسيع آفاق التعاون العلمي والتعليمي مع المؤسسات الجامعية الإسلامية في المنطقة؛ تعزيزًا لرسالة المعهد في نشر العلوم الشرعية واللغة العربية في توغو والدول المجاورة. وفي هذا الإطار، سعت الإدارة إلى عقد شراكة علمية مع جامعة الحاج محمود كعت العالمية للعلوم والتربية واللغات في جمهورية النيجر، وقد أُجريت عدة لقاءات تنسيقية لدراسة سبل تطوير الأداء الأكاديمي في المعهد ورفع مستواه العلمي، وكان في عام الجامعي 2016-2018م.[[26]]
وقد أثمرت هذه الشراكة عددًا من النتائج المهمة، من أبرزها ما يلي:
- افتتاح قسم الدراسات العليا في مدينة «لومي»، بالتنسيق مع جامعة الحاج محمود كعت العالمية، ليُمكّن أبناء المسلمين في توغو من مواصلة دراستهم العليا محليًّا.
- توفير فرصة حقيقية لنيل درجة الماجستير في تخصصات شرعية ودعوية وتربوية، استجابةً لحاجة المجتمع الماسّة إلى الكفاءات العلمية المؤهلة، وسدًّا للنقص في كوادر الدعوة والتعليم.[[27]]
تأتي هذه الخطوة النوعية في سياق جهود المعهد لتقريب فرص التعليم العالي، وتذليل الصعوبات التي كانت تحول دون تحقيق طموحات كثير من الطلاب والطالبات بعد المرحلة الجامعية.
وقد تُوِّج هذا التعاون العلمي ببدء مناقشات رسائل الماجستير في حرم معهد «لومي» بتاريخ23 يونيو 2019م، وهو حدث علمي بارز يعكس تطوُّر المسار الأكاديمي في المعهد. وقد نُوقِشَت في هذا الإطار ثلاثون (30) رسالة علمية حتى الآن، تنوعت موضوعاتها في مجالات الشريعة الإسلامية والدعوة، باستثناء رسالة واحدة تناولت موضوعًا في اللغة العربية وآدابها.
ويمثل هذا الإنجاز العلمي إحدى الثمرات المباركة للشراكة مع جامعة الحاج محمود كعت، ويُعدّ خطوة رائدة في سبيل ترسيخ التعليم العالي الإسلامي في توغو، وبخاصة في العاصمة «لومي»؛ حيث أتاح لأبناء البلاد فرصة استكمال دراساتهم العليا في بيئة علمية منضبطة دون الحاجة إلى الهجرة أو السفر للخارج. [[28]]
خامسًا: دور لجنة النشاطات والثقافة بمعهد «لومي» في التوعية والدعوة[[29]]:
تُعدُّ لجنة النشاطات والثقافة في معهد «لومي» للثقافة الإسلامية من اللجان النشطة والفعّالة في المجال الدعوي والثقافي بمدينة «لومي»؛ حيث تضطلع اللجنة بتنظيم عدد من البرامج العلمية والثقافية والتوعوية، التي تستهدف الطلاب والطالبات، وتسهم في تنمية وعيهم الشرعي والفكري والاجتماعي، وتوسيع آفاقهم في قضايا الأمة الإسلامية.
وتقوم اللجنة بدور محوري في استضافة محاضرين من داخل المعهد وخارجه، وتوظيف الوسائل الحديثة مثل البث المباشر عبر التطبيقات الإلكترونية كـGoogle Meet))، مما يُتيح التفاعل مع محاضرين دوليين وموضوعات معاصرة، في خطوةٍ لافتةٍ نحو ربط الطلبة بالقضايا الفكرية والدعوية العالمية.
ومن أبرز المحاضرات التي نظمتها اللجنة في العام الجامعي: 2024-2025م:
- “الإسلام ومزاولة الطب الشعبي: تبديد الخرافات واندماج الثقافات“، ألقاها د. أوكبيجو سيد محمد، عضو هيئة التدريس بجامعة «لومي»، يوم السبت 12 أكتوبر 2024م.
- “دور طالب العلم في نهضة الأمة“، ألقاها أ.د. خالد عبد الفتاح من جامعة بيروت الإسلامية – لبنان، يوم السبت 26 أكتوبر 2024م.
- “الانتصار للقرآن الكريم: الأصول النظرية والأمثلة التطبيقية“، قدَّمها الباحث عبد الرحمن آدم، من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، يوم السبت 27 أكتوبر 2024م.
- “قاعدة الميسور لا يسقط بالمعسور وتطبيقاتها المعاصرة“، ألقاها الأستاذ عبد العزيز إسماعيل، عضو هيئة التدريس بالمعهد، يوم الثلاثاء 12 نوفمبر 2024م.
- “أهمية اللغة العربية ومكانتها في الإسلام“، ألقاها الأستاذ سفيان يحيى، يوم الخميس 20 فبراير 2025م.
- “الضوابط الشرعية للتعاون مع أهل القبلة في المجال الدعوي: دراسة تأصيلية تطبيقية على مدينة «لومي»“، ألقاها الدكتور عباس إسماعيل، يوم الأربعاء 30 أبريل 2025م.
كما لم تغفل اللجنة الجانب التدريبي والتربوي؛ حيث نظمت:
- دورة توعوية بعنوان: “الحياة الزوجية فنّ ومهارة“، قدمتها مجموعة من المعلمات والداعيات في مركز تذكار النساء، يوم السبت 26 أكتوبر 2024م.
- دورة تدريبية في مهارات الحاسوب بعنوان: “تنسيق البحث العلمي باستخدام برنامج Word“، قدّمها مدربون متخصصون على مدى ثلاثة أسابيع، من 23 ديسمبر 2024م إلى 12 يناير 2025م.
تعكس هذه الأنشطة جهود المعهد في بناء الشخصية الدعوية المتوازنة، وتظهر اهتمامه بتأصيل الوعي الشرعي، ومواكبة الوسائل التقنية الحديثة في الدعوة والتثقيف. ولا شك أن هذا النشاط المستمر والمتنوّع يُسهم بشكل ملموس في تطوير الأداء الدعوي والثقافي لطلاب المعهد، ويؤكد على مكانته كمؤسسة تعليمية دعوية مؤثرة في مدينة «لومي».
سادسًا: الآثار الدعوية لمعهد «لومي» للثقافة الإسلامية:
يتجلَّى الأثر الدعوي لمعهد «لومي» للثقافة الإسلامية في مدينة «لومي» من خلال عدة جوانب عملية وعلمية، يمكن تلخيصها في المحاور التالية:
- إعداد الكوادر الدعوية المؤهلة علميًّا وفكريًّا:
من أبرز أهداف المعهد: “تكوين الدعاة والأئمة على المنهج الصحيح”، و”تخريج أجيال تتلقى المنهج السليم للدعوة إلى الله”، مما يدل على تركيزه في تأهيل العنصر البشري الذي يُعدّ أساس العمل الدعوي في أي مجتمع. وقد انعكس هذا الهدف في تخريج دفعات من الطلبة المتمكنين من العلوم الشرعية والمهارات الدعوية.[[30]]
- تعزيز العقيدة الصحيحة ومحاربة البدع والخرافات:
- من أهدافه المركزية “ترسيخ العقيدة الإسلامية الصحيحة وفق منهج السلف”، و”محاربة الشركيات والبدع”، مما يشير إلى دوره الحيوي في تصحيح المفاهيم العقدية المنتشرة في المجتمع.
- المحاضرات المنظمة حول “الطب الشعبي” و”الانتصار للقرآن” و”الضوابط الشرعية” تؤكد على حضوره في ساحة التصدي للانحرافات الفكرية والممارسات الشعبية الخاطئة.
- رفع مستوى الوعي الدعوي والفكري لدى طلابه والمجتمع:
- كثافة البرامج والمحاضرات التي تنظمها لجنة النشاطات والثقافة، وتنوع مواضيعها بين العقيدة، والدعوة، والحياة الأسرية، واستخدام التقنية، وقضايا الواقع؛ كلها تعكس دورًا توعويًّا واسع النطاق يصل إلى خارج جدران المعهد.
- مشاركة محاضرين من دول ومؤسسات مختلفة، وبثّ المحاضرات عبر الإنترنت، يدل على انفتاح المعهد على البيئة الدعوية الإقليمية والدولية.
- خدمة البحث العلمي في ميدان الشريعة والدعوة:
- بلغت الرسائل العلمية التي نُوقشت في حرم المعهد حتى نهاية 2024م (30 رسالة)، تدور غالبيتها في مجالي الشريعة والدعوة، مما يدل على إسهام المعهد في إنتاج معرفي دعوي متخصص يخدم المجتمع المحلي.
- كما أن إشراف أساتذة مختصين، وعقد المناقشات في «لومي»، يقرّب البحث الشرعي من الميدان الدعوي المحلي، ويساعد على توليد خطاب علمي أصيل مرتبط بالواقع.
- تمكين الطالبات من مواصلة الدراسة والمشاركة الدعوية:
- تأسيس قسم الطالبات، وما فيه من تأهيل علمي ومهني، يعكس دور المعهد في إدماج المرأة المسلمة في النشاط الدعوي والتربوي بشكل مدروس، يعزز مكانتها ويخدم قضايا الدعوة في المجتمع النسائي.
- الربط بين العلوم الدعوية والوسائل التقنية الحديثة:
- تنظيم دورات في استخدام الحاسوب وتنسيق البحوث العلمية، وتكليف الطلاب بإعداد خريطة دعوية وصحافة داخلية، يدل على بناء دعاة يجمعون بين التأصيل والمهارة التقنية.
لقد أثبت معهد «لومي» للثقافة الإسلامية أثرًا ملموسًا في تأصيل العقيدة، وبناء الوعي، وتخريج الدعاة، وإنتاج البحث العلمي، وتوسيع دائرة التثقيف الإسلامي، مما يجعله رافدًا أساسيًّا للحركة الدعوية في «لومي» وما حولها.
سابعًا: رؤى مستقبلية لمعهد «لومي» للثقافة الإسلامية:
من الرؤى المستقبلية التي يستشرف بها معهد «لومي» للثقافة الإسلامية تطوير أدائه وتوسيع أثره، يمكن إبراز أبرزها في النقاط التالية:
- التحول إلى مؤسسة جامعية معتمدة تمنح الشهادات الأكاديمية في العلوم الإسلامية واللغة العربية.
- افتتاح أقسام جديدة في تخصصات نوعية تخدم العمل الدعوي والتربوي، كالإعلام الإسلامي، والإرشاد الأسري، وتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها.
- تعزيز التعليم الإلكتروني عبر منصات رقمية تتيح الدراسة عن بُعْد، وتُوسّع نطاق المستفيدين داخل البلاد وخارجها.
- توسيع البنية التحتية ببناء قاعات دراسية حديثة، ومكتبة علمية متطورة، ومرافق تعليمية وتجهيزية متكاملة.
- إطلاق مركز للبحث العلمي يُعنى بالدراسات الدعوية والاجتماعية في السياق التوغولي والغربي الإفريقي، ويصدر مجلات محكّمة.
- بناء شراكات إستراتيجية مع جامعات ومعاهد إسلامية في العالم العربي والإفريقي لتبادل الخبرات والأساتذة والمناهج.
- إعداد وتأهيل الدعاة والكوادر التربوية من خلال برامج تدريبية مهنية تعتمد أسس الجودة والمهارات الدعوية الحديثة.
- إنشاء وقف تعليمي دائم لدعم الاستقرار المالي للمعهد، وضمان استمرارية مشاريعه وبرامجه.
- تكثيف الأنشطة المجتمعية والتوعوية، التي تُسهم في تعزيز الوعي الديني وترسيخ القِيَم الإسلامية في المجتمع المحلي.
- نشر اللغة العربية وتعليمها لغير الناطقين بها، باعتبارها لغة الدين والثقافة الإسلامية، وأداة لفهم النصوص الشرعية.
ثامنًا: التحديات التي تُواجه معهد «لومي» للثقافة الإسلامية:
- ضعف الموارد المالية: يؤثر في تطوير البرامج، وتوفير المستلزمات الأكاديمية، وصرف رواتب الكوادر.
- قلة الكوادر المتخصصة: نقص في عدد الأساتذة المؤهلين، لا سيما في التخصصات الدقيقة.
- غياب الاعتراف الرسمي الكامل: مما يَحُدّ من انتشار الشهادات العلمية، ويضعف فرص التعاون مع مؤسسات تعليمية أخرى.
- محدودية البنية التحتية: ضيق القاعات، وقلة المرافق، وضعف تجهيزات التعليم الحديث.
- ضعف الإقبال من بعض الشرائح: بسبب هيمنة التعليم الفرنكفوني، وقلة الوعي بأهمية التعليم الشرعي.
- ضعف التسويق المؤسسي والإعلامي: لا يحظى المعهد بحضور كافٍ في وسائل الإعلام ومجالات التعريف المجتمعي.
تاسعًا: الحلول المقترحة:
- إنشاء وقف تعليمي دائم: لتأمين دخل مستقر يمكّن من التوسعة والتطوير.
- استقطاب كفاءات تعليمية: من داخل توغو وخارجها عبر التعاقد أو الشراكات مع مؤسسات مانحة.
- السعي للاعتماد الرسمي: بالتنسيق مع الجهات التعليمية والحكومية للحصول على الاعتراف الأكاديمي الكامل.
- تطوير البنية التحتية والتقنية: من خلال مشاريع بناء وتجهيز بتمويل محلي وخارجي.
- تنفيذ حملات توعية وترويج: تبرز رسالة المعهد وأهميته التربوية والدعوية في أوساط الطلاب وأولياء الأمور.
- الاستفادة من الإعلام الرقمي: عبر موقع إلكتروني احترافي، وصفحات تفاعلية للتعريف بأنشطة المعهد وبرامجه.
الخاتمة:
وبعد استعراض مباحث البحث وتحليل الواقع الدعوي من خلال دور الجامعات والمعاهد الإسلامية في مدينة «لومي»، تبيّن أن هذه المؤسسات تُمثّل ركيزةً أساسيةً في الحفاظ على الهوية الإسلامية، وتكوين الدعاة، وتعزيز الخطاب الوسطي، رغم ما تواجهه من تحديات مادية وإدارية وثقافية.
وقد حاول هذا البحث الوقوف على أوجه الإسهام، وتحليل معوّقاته، واقتراح ما يمكن أن يطوّر هذا الدور الدعوي والتربوي. ومن خلال ذلك توصل البحث إلى نتائج وتوصيات، هي:
أولًا: نتائج البحث:
من خلال الدراسة النظرية والميدانية، توصّل البحث إلى النتائج الآتية:
- تسهم المؤسسات التعليمية في «لومي»، وفي مقدمتها جامعة السلام ومعهد «لومي» للثقافة الإسلامية، إسهامًا فعّالًا في خدمة الدعوة الإسلامية من خلال التعليم والتكوين الشرعي والأنشطة التربوية والدعوية.
- تركّز هذه المؤسسات على ترسيخ المفاهيم الشرعية، وتعليم اللغة العربية، وتخريج كوادر دعوية تملك الحدّ الأدنى من التأهيل العلمي والقدرة على التواصل المجتمعي.
- تواجه هذه المؤسسات تحديات متعدّدة، من أبرزها: ضعف التمويل، وقلة الاعتراف الرسمي، وقصور البنية التحتية، ونقص الكفاءات، وتراجع مستوى الإقبال الشعبي على التعليم الإسلامي.
- ما تزال هذه الجهود تحتاج إلى مزيد من التنسيق والتكامل، فضلًا عن افتقارها في الغالب إلى خطط إستراتيجية بعيدة المدى، وإلى أدوات تقييم مستمرّ.
ثانيًا: توصيات البحث:
بناءً على النتائج السابقة، يوصي البحث بما يلي:
- دعم هذه المؤسسات ماديًّا وإداريًّا مِن قِبَل الجهات الرسمية والهيئات الإسلامية المحلية والدولية، لتوسيع أنشطتها وتحسين بنيتها.
- السعي للاعتماد الرسمي والأكاديمي لهذه المؤسسات مِن قِبَل هيئات الاعتماد، لتعزيز مصداقيتها التعليمية والدعوية.
- تعزيز الشراكات الأكاديمية مع الجامعات الإسلامية في العالم العربي والإفريقي، لتبادل الخبرات وتطوير المناهج.
- وضع إستراتيجية دعوية موحَّدة في المدينة تتعاون فيها الجامعات والمعاهد والمراكز الدعوية، لتفعيل الجهود وتوجيهها نحو احتياجات المجتمع.
- الاستثمار في تدريب الكوادر التعليمية والدعوية على المهارات التربوية والتقنية، والاهتمام بتأهيل الداعية وفق معايير معاصرة.
- إطلاق برامج نوعية باللغتين العربية والفرنسية، لربط شرائح أوسع من المجتمع بالخطاب الإسلامي المتوازن.
……………………………………..
[1] – انظر: “مدينة لومي” ويكيبيديا، الموسوعة الحرة https://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84، تاريخ الاطلاع (18/01/2023م)
[2]– “ما هي عاصمة توجو”، https://www.nawa3em.com/%D8D8%، تاريخ الاطلاع (18/01/2023م)
[3] – “ما هي عاصمة توجو” مرجع سابق، “جمهورية توغو” ويكيبيديا، الموسوعة الحرة، مرجع سابق.
[4] – آدم عبد السلام، تعليم اللغة العربية في المدارس العربية الأهلية في توغو (المشكلات والحلول)، بحث ماجستير في تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها غير منشور (معهد الخرطوم الدولي للغة العربية، قسم تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، عام 2002م)، ص: 25.
[5]– يُعدّ تاريخ دخول الإسلام إلى توغو من القضايا الغامضة؛ إذ لا توجد وثائق دقيقة تحدّد زمنًا معينًا لذلك، بل تستند أغلب الروايات إلى مصادر شفهية غير موثقة، مما يشير إلى أن وصول الإسلام كان متأخرًا نسبيًّا. ومع ذلك، تتفق أغلب الدراسات على أن الإسلام وصل إلى توغو ضمن الامتداد التاريخي للممالك الإسلامية في غرب إفريقيا مثل غانا، ومالي، وصنغاي، وصوكوتو، خاصة في عهد الشيخ عثمان دان فوديو، أي قبل الاستعمار: يُنظر: آدم عبد السلام، تعليم اللغة العربية في المدارس العربية الأهلية في توغو (المشكلات والحلول)، مرجع سابق، ص: 26. بودي محمد عبد الفتاح، الفرق المنحرفة في دولة توغو وأثرها في تفريق الوحدة، (بحث منشور بصيغة PDF على موقع المستودع الدعوي الرقمي)، ص: 7.
ويرى محمود بيومي أن دخول الإسلام يعود إلى القرن الرابع الهجري/التاسع الميلادي عبر التجار والدعاة العرب. ينظر: محمود بيومي، “توجو… أول سوق إسلامي في القارة الإفريقية”، (بحث منشور على موقع مداد)، https://midad.com/article/217214/%D8%. إلا أن هذا الرأي محل نظر؛ لأنه يسبق قيام أول دولة إسلامية معروفة في غرب إفريقيا، وهي إمبراطورية غانا، التي لم تُفتح وتُسلم إلا بعد دخول المرابطين إليها سنة 469هـ/ 1076م.
من خلال استعراض المصادر، يُحتمل أحد أمرين:
- أن الإسلام دخل توغو في وقت متأخر خارج سياق حركة الممالك الإسلامية الكبرى.
- أو أنه وصل مبكرًا، لكن انتشاره كان بطيئًا وضعيفًا في البداية، حتى ظهر بوضوح لاحقًا في شمال توغو.
وفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر الميلاديين، ظهرت في شمال ووسط توغو مملكتان إسلاميتان بارزتان:
- مملكة تشاوجو بقيادة جوبو سيمو (قبيلة كوتوكولي).
- مملكة تشوكوسي بقيادة إنزارا (قبيلة تشوكوسي).
وقد أسهمت هذه الممالك في نشر الإسلام بين السكان، خاصةً بعد دخول بعض الزعماء الوثنيين الإسلام، ومنهم (أورودجوبو) الذي غيَّر اسمه إلى (تخاري معلوم)، وجعل الإسلام الدين الرسمي في مملكته. كما أدَّى تواصل الهجرة بين توغو وساحل العاج إلى زيادة عدد المسلمين وتعزيز الدعوة الإسلامية في البلاد. بودي محمد عبد الفتاح، الفرق المنحرفة في دولة توغو وأثرها في تفريق الوحدة، ص:8.
[6]– هو من كبار الدعاة في توغو، والإمام الأكبر في لومي، كان المدير السابق للمرحلة الثانوية للمجمع التعليمي الإسلامي.
[7] – تقرير موجز عن حالة توغو دينيًّا وأنشطة دعاة الوزارة فيها، الشيخ/ أغورو زكريا.
[8]– د. آدم عبد السلام، مقابلة شخصية في مكتبه بمدينة لومي، تاريخ المقابلة 22/02/2025م، الساعة الحادية عشرة صباحًا.
[9]– المرجع السابق.
[10]– المرجع نفسه.
[11]– د. آدم عبد السلام، مقابلة شخصية، مرجع سابق.
[12]– الأستاذ/ صادق محمد يحيى (المدير السابق لإدارة معهد لومي للثقافة الإسلامية ومحاضر فيه، وداعية وخطيب عبد الله عباس في أغوي زنغو)، مقابلة شخصية في بيته، يوم الخميس 8 مايو 2025م، الساعة الرابعة مساء.
[13]– الدكتور/ شفيع تشاغوضومو (مدير جامعة السلام للعلوم والتنمية) مقابلة شخصية مرئية، عبر برنامج Google Meet، يوم السبت 17-05-2025م، الساعة الحادية عشرة صباحًا.
[14]– ورقات “التعريف بجامعة السلام للعلوم والتنمية”، ص: 1.
[15]– ينظر: المشاركة في حفل تخريج الدفعة الأولى لطلبة جامعة السلام– الهيئة المشتركة لتأسيس المراكز الثقافية التعليمية، على الرابط التالي: https://jacec.org/ar/%D8%A7
[16]– يشهد الباحث –بصفته أحد المحاضرين في الجامعة–، على الأثر البالغ الذي تركه خريجو جامعة السلام في المجتمع المحلي؛ من خلال دورهم الفاعل في ميدان الدعوة؛ حيث يشاركون بانتظام في خطب الجمعة، ويلقون الدروس العامة في المساجد، ويسهمون في التوجيه والإرشاد داخل مختلف الأوساط الدعوية والتعليمية في مدينة لومي.
[17]– تم الإعلان عن نشاطات الملتقى في 28 ديسمبر 2024م في مجموعة واتسابية لهيئة التدريس للجامعة، وكان الملتقى في 27- 31 ديسمبر 2024م.
[18]– الدكتور/ شفيع تشاغوضومو، مقابلة شخصية مرئية، مرجع سابق.
[19]– الدكتور/ شفيع تشاغوضومو، مقابلة شخصية مرئية، مرجع سابق.
[20]– الدكتور/ شفيع تشاغوضومو، مقابلة شخصية مرئية، مرجع سابق.
[21]– النظام الأساسي لمعهد لومي للثقافة الإسلامية، ص: 4.
[22]– المرجع السابق.
[23]– المرجع نفسه.
[24]– الأستاذ محمد إدريس (مدير معهد لومي للثقافة الإسلامية، وداعية وإمام وخطيب في مسجد السلام في أغوي ديماكوي)، مقابلة شخصية في إدارة المعهد، يوم الأربعاء 14 مايو 2025م، الساعة التاسعة صباحًا.
[25]– الأستاذ معاوية عمر، مقابلة شخصية، مرجع سابق. وقد أُنشئ هذا القسم خلال فترة إدارة الشيخ للمعهد، حيث كان يشغل منصب المدير حينها.
[26]– الأستاذ محمد إدريس، مقابلة شخصية، مرجع سابق.
[27]– الأستاذ محمد إدريس، مقابلة شخصية، مرجع سابق.
[28]– تقرير علمي موثّق عن مجمل الرسائل التي نُوقشت في معهد لومي للثقافة الإسلامية، صدر بتاريخ 31 ديسمبر 2024م، تحت إشراف: الأستاذ المشارك الدكتور/ عبد الواسع إدريس أكنني، رئيس اللجنة العلمية والبحوث بالمعهد.
[29]– ونظرًا لانخراط الباحث في العمل الأكاديمي والدعوي داخل معهد لومي للثقافة الإسلامية، باعتباره أحد أعضاء هيئة التدريس، فقد كان شاهدًا مباشرًا على مجمل النشاطات العلمية والدعوية التي نظمها المعهد خلال العام الجامعي: 2024-2025م، ولا سيما ما قامت به لجنة النشاطات والثقافة.
وقد تم ذلك من خلال تعاونه المستمر مع رئيس اللجنة الأستاذ/ ذو القرنين إدريس، مما أتاح له الاطلاع المباشر على تفاصيل الأنشطة، ومتابعة مراحل التخطيط والتنفيذ والتقويم، وهو ما يُعطي مصداقية ميدانية للتقارير والأوصاف التي أوردها في هذا البحث، ويجعل شهادته شهادة علمية واقعية موثقة.
[30]– الأستاذ معاوية عمر، مقابلة شخصية، مرجع سابق.