قراءات إفريقية
Eng  |  Fr
لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
دعاية مجلة قراءات إفريقية
  • المجلة
    • العدد الحالي
    • الأعداد السابقة
    • إرشيف المجلة (إنجليزي)
  • الموسوعة الإفريقية
  • تحليلات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    عين على إفريقيا (18-27 ديسمبر 2023م): إفريقيا بين التطلع لدور دوليّ والأزمة الاقتصادية وحلول الشراكات

    التأشيرات الذهبية في إفريقيا جنوب الصحراء: آلية جديدة لجذب الاستثمار

    إعلان نيويورك وحلّ الدولتين: هل فشلت إفريقيا في صياغة موقف مُوحَّد؟

    إعلان نيويورك وحلّ الدولتين: هل فشلت إفريقيا في صياغة موقف مُوحَّد؟

    رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا يقيل رئيس الوزراء ويحل الحكومة

    انتخابات بلا معارضة: كوت ديفوار على شفير العنف

    الأمم المتحدة: الوضع في جنوب السودان يتدهور بوتيرة مثيرة للقلق

    صراع الفيلة..العوامل الهيكلية والاقتصادية للصراع في جنوب السودان

    اقتصاديات السجون في إفريقيا جنوب الصحراء

    اقتصاديات السجون في إفريقيا جنوب الصحراء

    مبادرة الاتحاد الإفريقي لاعتماد خريطة جديدة لإفريقيا

    مبادرة الاتحاد الإفريقي لاعتماد خريطة جديدة لإفريقيا

    التجارة الرقمية في إفريقيا بين الطموحات والتحديات: (القرن الإفريقي نموذجًا)

    التجارة الرقمية في إفريقيا بين الطموحات والتحديات: (القرن الإفريقي نموذجًا)

    انقسام حكومة جنوب إفريقيا بشأن اتفاقية تأشيرة أوكرانيا

    التوغُّل الأوكراني في إفريقيا: أدواته وتداعياته على منظومة الأمن والاستقرار في القارة

    تعزيز دبلوماسية الفضاء: دوافع السنغال للانضمام إلى اتفاقيات “أرتميس” التابعة لوكالة ناسا

    تعزيز دبلوماسية الفضاء: دوافع السنغال للانضمام إلى اتفاقيات “أرتميس” التابعة لوكالة ناسا

    • سياسية
    • اقتصادية
    • اجتماعية
  • تقدير موقف
    • جميع المواد
    • اجتماعي
    • اقتصادي
    • سياسي
    الكونغو الديمقراطية تستعين بمستثمرين سعوديين في مجال التعدين

    زاما زاما: الوجه الخفي للتعدين غير القانوني في جنوب إفريقيا

    الانتخابات الرئاسية في مالاوي 2025م: تحليل للمشهد السياسي، والسيناريوهات المحتملة

    الانتخابات الرئاسية في مالاوي 2025م: تحليل للمشهد السياسي، والسيناريوهات المحتملة

    رواندا والسيادة الرقمية: من مشروع وطني إلى نفوذ إقليمي

    رواندا والسيادة الرقمية: من مشروع وطني إلى نفوذ إقليمي

    بوروندي تعلن الانسحاب من عملية الاتحاد الإفريقي المرتقبة في الصومال

    تداعيات رَفْض إدارة “ترامب” دعم بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال على الأمن الإقليمي

    3 أحزاب سياسية تتنافس على منصب الرئيس في إقليم أرض الصومال الانفصالي

    انعكاسات الاتفاق البحري بين تايوان وأرض الصومال على التوازنات في القرن الإفريقي

    ما بعد فرنسا: مَلامح النظام الأمني الجديد في إفريقيا جنوب الصحراء

    ما بعد فرنسا: مَلامح النظام الأمني الجديد في إفريقيا جنوب الصحراء

    إسبانيا تبحث عن نفوذ إفريقي: أهداف وتحديات قمة مدريد 2025م

    إسبانيا تبحث عن نفوذ إفريقي: أهداف وتحديات قمة مدريد 2025م

    مالي وبوركينا فاسو والنيجر تعفي مواطني “إكواس” من تأشيرة الدخول

    مقارنة في مسارات الانتقال السياسي بدول الساحل: النيجر دراسة حالة

    أسطول بحري للجيش الصيني يقوم بزيارة نادرة لـ نيجيريا

    هل تتَّجه الصين إلى توسيع نفوذها العسكري في إريتريا؟

  • دراسات
    • جميع المواد
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
    • دراسة سياسية
    الفيدرالية والتعدُّدية العِرْقية… مآلات وآفاق التجربتين النيجيرية والإثيوبية في بيئة إفريقية متغيّرة

    الفيدرالية والتعدُّدية العِرْقية… مآلات وآفاق التجربتين النيجيرية والإثيوبية في بيئة إفريقية متغيّرة

    طبيعة العلاقة بين اللغة العربية ولغة الأورومو

    فاعلية الخطاب الإعلامي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها: غرب إفريقيا نموذجًا

    مطالبات بزيادة أمن الطاقة النووية في إفريقيا وسط السعي إلى امتلاكها

    الطاقة النووية في إفريقيا بين الطموح والتحديات: دراسة في تجربة كلّ مِن نيجيريا وجنوب إفريقيا

    توسّع جماعة شرق إفريقيا: بين الطموحات والتحديات

    توسّع جماعة شرق إفريقيا: بين الطموحات والتحديات

    هيئة حقوقية رسمية تتهم القوات الإثيوبية بمقتل 45 مدنيًا في ولاية أمهرة

    المُصالَحة الوطنية والسياسية في شرق إفريقيا: دراسة مقارنة بين إثيوبيا وتنزانيا

    الصومال يطبق لوائح بحرية جديدة لتعزيز مراقبة الأنشطة على سواحله

    الانتخابات في الصومال: جدلية “صوت واحد لكل مواطن” بين الطموح السياسي وتحديات الواقع

    بين التسوية والانفجار: دراسة مقارنة في إدارة النزاعات الأهلية في إثيوبيا ورواندا

    بين التسوية والانفجار: دراسة مقارنة في إدارة النزاعات الأهلية في إثيوبيا ورواندا

    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    • دراسة سياسية
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
  • ترجمات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    الجنايات الدولية تعتزم إغلاق مكتبها في الكوت ديفوار خلال 2025

    انسحاب دول الساحل من المحكمة الجنائية الدولية: ما أسباب الجدل المستمر حول دورها وشرعيتها؟

    البحرية السنغالية توقف قاربين للمهاجرين يحملان 272 شخصا

    ثلاث ركائز أساسية لتعزيز الأمن البحري في إفريقيا

    تحديات العودة إلى النظام الدستوري في غينيا

    تحديات العودة إلى النظام الدستوري في غينيا

    تقرير: دول الخليج تعزز موقعها في إفريقيا باستثمارات تتجاوز 100مليار دولار

    الشراكة الإستراتيجية في قطاع المواد الخام بين الاتحاد الأوروبي وزامبيا

    التحدّيات المتنامية للاستثمار الأجنبي في إفريقيا

    التحدّيات المتنامية للاستثمار الأجنبي في إفريقيا

    جنوب إفريقيا تتحرك بشكل حاسم لمعالجة الجريمة وسط مخاوف من وحشية الشرطة

    قرار تاريخي ضد جرائم حقبة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا

    البنك الدولي يتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء

    التضخم في إفريقيا: أحدث توصيات البنك الدولي تحت المجهر

    المساعدات الأمنية لإفريقيا: حرب باردة جديدة أم مصالح عامة محسّنة؟

    المساعدات الأمنية لإفريقيا: حرب باردة جديدة أم مصالح عامة محسّنة؟

    منظمة حقوقية تتهم شرطة أنجولا بارتكاب أعمال قتل وانتهاكات

    تصاعد الاحتجاجات في أنغولا تعكس تراجعًا تاريخيًّا في تأييد الحركة الشعبية لتحرير أنغولا

  • المزيد
    • إفريقيا في المؤشرات
    • الحالة الدينية
    • الملف الإفريقي
    • الصحافة الإفريقية
    • المجتمع الإفريقي
    • ثقافة وأدب
    • حوارات وتحقيقات
    • شخصيات
    • قراءات تاريخية
    • متابعات
    • منظمات وهيئات
    • كتاب قراءات إفريقية
  • المجلة
    • العدد الحالي
    • الأعداد السابقة
    • إرشيف المجلة (إنجليزي)
  • الموسوعة الإفريقية
  • تحليلات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    عين على إفريقيا (18-27 ديسمبر 2023م): إفريقيا بين التطلع لدور دوليّ والأزمة الاقتصادية وحلول الشراكات

    التأشيرات الذهبية في إفريقيا جنوب الصحراء: آلية جديدة لجذب الاستثمار

    إعلان نيويورك وحلّ الدولتين: هل فشلت إفريقيا في صياغة موقف مُوحَّد؟

    إعلان نيويورك وحلّ الدولتين: هل فشلت إفريقيا في صياغة موقف مُوحَّد؟

    رئيس كوت ديفوار الحسن واتارا يقيل رئيس الوزراء ويحل الحكومة

    انتخابات بلا معارضة: كوت ديفوار على شفير العنف

    الأمم المتحدة: الوضع في جنوب السودان يتدهور بوتيرة مثيرة للقلق

    صراع الفيلة..العوامل الهيكلية والاقتصادية للصراع في جنوب السودان

    اقتصاديات السجون في إفريقيا جنوب الصحراء

    اقتصاديات السجون في إفريقيا جنوب الصحراء

    مبادرة الاتحاد الإفريقي لاعتماد خريطة جديدة لإفريقيا

    مبادرة الاتحاد الإفريقي لاعتماد خريطة جديدة لإفريقيا

    التجارة الرقمية في إفريقيا بين الطموحات والتحديات: (القرن الإفريقي نموذجًا)

    التجارة الرقمية في إفريقيا بين الطموحات والتحديات: (القرن الإفريقي نموذجًا)

    انقسام حكومة جنوب إفريقيا بشأن اتفاقية تأشيرة أوكرانيا

    التوغُّل الأوكراني في إفريقيا: أدواته وتداعياته على منظومة الأمن والاستقرار في القارة

    تعزيز دبلوماسية الفضاء: دوافع السنغال للانضمام إلى اتفاقيات “أرتميس” التابعة لوكالة ناسا

    تعزيز دبلوماسية الفضاء: دوافع السنغال للانضمام إلى اتفاقيات “أرتميس” التابعة لوكالة ناسا

    • سياسية
    • اقتصادية
    • اجتماعية
  • تقدير موقف
    • جميع المواد
    • اجتماعي
    • اقتصادي
    • سياسي
    الكونغو الديمقراطية تستعين بمستثمرين سعوديين في مجال التعدين

    زاما زاما: الوجه الخفي للتعدين غير القانوني في جنوب إفريقيا

    الانتخابات الرئاسية في مالاوي 2025م: تحليل للمشهد السياسي، والسيناريوهات المحتملة

    الانتخابات الرئاسية في مالاوي 2025م: تحليل للمشهد السياسي، والسيناريوهات المحتملة

    رواندا والسيادة الرقمية: من مشروع وطني إلى نفوذ إقليمي

    رواندا والسيادة الرقمية: من مشروع وطني إلى نفوذ إقليمي

    بوروندي تعلن الانسحاب من عملية الاتحاد الإفريقي المرتقبة في الصومال

    تداعيات رَفْض إدارة “ترامب” دعم بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال على الأمن الإقليمي

    3 أحزاب سياسية تتنافس على منصب الرئيس في إقليم أرض الصومال الانفصالي

    انعكاسات الاتفاق البحري بين تايوان وأرض الصومال على التوازنات في القرن الإفريقي

    ما بعد فرنسا: مَلامح النظام الأمني الجديد في إفريقيا جنوب الصحراء

    ما بعد فرنسا: مَلامح النظام الأمني الجديد في إفريقيا جنوب الصحراء

    إسبانيا تبحث عن نفوذ إفريقي: أهداف وتحديات قمة مدريد 2025م

    إسبانيا تبحث عن نفوذ إفريقي: أهداف وتحديات قمة مدريد 2025م

    مالي وبوركينا فاسو والنيجر تعفي مواطني “إكواس” من تأشيرة الدخول

    مقارنة في مسارات الانتقال السياسي بدول الساحل: النيجر دراسة حالة

    أسطول بحري للجيش الصيني يقوم بزيارة نادرة لـ نيجيريا

    هل تتَّجه الصين إلى توسيع نفوذها العسكري في إريتريا؟

  • دراسات
    • جميع المواد
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
    • دراسة سياسية
    الفيدرالية والتعدُّدية العِرْقية… مآلات وآفاق التجربتين النيجيرية والإثيوبية في بيئة إفريقية متغيّرة

    الفيدرالية والتعدُّدية العِرْقية… مآلات وآفاق التجربتين النيجيرية والإثيوبية في بيئة إفريقية متغيّرة

    طبيعة العلاقة بين اللغة العربية ولغة الأورومو

    فاعلية الخطاب الإعلامي في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها: غرب إفريقيا نموذجًا

    مطالبات بزيادة أمن الطاقة النووية في إفريقيا وسط السعي إلى امتلاكها

    الطاقة النووية في إفريقيا بين الطموح والتحديات: دراسة في تجربة كلّ مِن نيجيريا وجنوب إفريقيا

    توسّع جماعة شرق إفريقيا: بين الطموحات والتحديات

    توسّع جماعة شرق إفريقيا: بين الطموحات والتحديات

    هيئة حقوقية رسمية تتهم القوات الإثيوبية بمقتل 45 مدنيًا في ولاية أمهرة

    المُصالَحة الوطنية والسياسية في شرق إفريقيا: دراسة مقارنة بين إثيوبيا وتنزانيا

    الصومال يطبق لوائح بحرية جديدة لتعزيز مراقبة الأنشطة على سواحله

    الانتخابات في الصومال: جدلية “صوت واحد لكل مواطن” بين الطموح السياسي وتحديات الواقع

    بين التسوية والانفجار: دراسة مقارنة في إدارة النزاعات الأهلية في إثيوبيا ورواندا

    بين التسوية والانفجار: دراسة مقارنة في إدارة النزاعات الأهلية في إثيوبيا ورواندا

    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    دراسة تحليلية لاتفاق السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    السياسات المائية لدول حوض بحيرة تشاد

    • دراسة سياسية
    • دراسة اجتماعية
    • دراسة اقتصادية
  • ترجمات
    • جميع المواد
    • اجتماعية
    • اقتصادية
    • سياسية
    الجنايات الدولية تعتزم إغلاق مكتبها في الكوت ديفوار خلال 2025

    انسحاب دول الساحل من المحكمة الجنائية الدولية: ما أسباب الجدل المستمر حول دورها وشرعيتها؟

    البحرية السنغالية توقف قاربين للمهاجرين يحملان 272 شخصا

    ثلاث ركائز أساسية لتعزيز الأمن البحري في إفريقيا

    تحديات العودة إلى النظام الدستوري في غينيا

    تحديات العودة إلى النظام الدستوري في غينيا

    تقرير: دول الخليج تعزز موقعها في إفريقيا باستثمارات تتجاوز 100مليار دولار

    الشراكة الإستراتيجية في قطاع المواد الخام بين الاتحاد الأوروبي وزامبيا

    التحدّيات المتنامية للاستثمار الأجنبي في إفريقيا

    التحدّيات المتنامية للاستثمار الأجنبي في إفريقيا

    جنوب إفريقيا تتحرك بشكل حاسم لمعالجة الجريمة وسط مخاوف من وحشية الشرطة

    قرار تاريخي ضد جرائم حقبة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا

    البنك الدولي يتوقع تباطؤ النمو الاقتصادي في إفريقيا جنوب الصحراء

    التضخم في إفريقيا: أحدث توصيات البنك الدولي تحت المجهر

    المساعدات الأمنية لإفريقيا: حرب باردة جديدة أم مصالح عامة محسّنة؟

    المساعدات الأمنية لإفريقيا: حرب باردة جديدة أم مصالح عامة محسّنة؟

    منظمة حقوقية تتهم شرطة أنجولا بارتكاب أعمال قتل وانتهاكات

    تصاعد الاحتجاجات في أنغولا تعكس تراجعًا تاريخيًّا في تأييد الحركة الشعبية لتحرير أنغولا

  • المزيد
    • إفريقيا في المؤشرات
    • الحالة الدينية
    • الملف الإفريقي
    • الصحافة الإفريقية
    • المجتمع الإفريقي
    • ثقافة وأدب
    • حوارات وتحقيقات
    • شخصيات
    • قراءات تاريخية
    • متابعات
    • منظمات وهيئات
    • كتاب قراءات إفريقية
لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
قراءات إفريقية
Eng  |  Fr
لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج

الشعر الإفريقي المقاوم: من جمال الفن إلى وقود الثورة

أكتوبر 7, 2025
في ثقافة وأدب, مميزات
A A
الشعر الإفريقي المقاوم: من جمال الفن إلى وقود الثورة

د. جيهان عبد الرحمن جاد

باحثة متخصصة في الشؤون الإفريقية

مقدمة:

يحتلّ الشعر الإفريقي الحديث مكانة محورية تتجاوز حدود الجماليات، ليصبح وثيقة تاريخية وسلاحًا رمزيًّا في مسيرة التحرُّر الوطني وبناء الهوية الثقافية للقارة. فمنذ النصف الأول من القرن العشرين، لم يقتصر دور هذا الشعر على مجرد التعبير عن المشاعر، بل تحوَّل إلى صرخة وجودية تعكس الكفاح الوطني، وتُوقظ الوعي الجماهيري، وتدافع عن القِيَم الأصيلة في مواجهة أوهام “الحضارة” الغربية والغزو الثقافي الأوروبي.

لقد تناول الأدب الإفريقي قضايا محورية كالاستعمار والعنصرية، والدعوة إلى الوحدة ونَبْذ الخلافات العرقية، والبحث عن الهوية الإفريقية؛ ليغدو بذلك أحد الأركان الرئيسية للنضال الرمزي ضد الاستعمار والتبعية.

لقد شهد الشعر الإفريقي تحولًا جذريًّا في مرحلة تاريخية فارقة، ففي الوقت الذي كانت فيه القارة ترزح تحت وطأة الاستغلال، أصبح هذا الشعر ركيزة أساسية في معركة التحرُّر وإعادة بناء الهوية واستعادة الكرامة. إن هذا الشعر، المتجذّر بعمق في الأهازيج (الإرث الشفهي الإفريقي) الغني، اكتسب قوة مضاعفة من خلال التوظيف الإستراتيجي لِلُغَات المستعمِر. هذا التوظيف لم يكن استسلامًا، بل كان فِعْلًا مزدوجًا بامتياز؛ فهو من جهة يُدين أدوات السيطرة الثقافية، ويُعيد توظيفها في سياق مقاوم، ومن جهة أخرى يفتح آفاقًا للتواصل مع العالم الخارجي لنقل صوت المعاناة.

في ضوء ذلك، يحاول هذا المقال استكشاف كيف أصبح الشعر الإفريقي أداة مقاومة ثقافية، وهوية، وبؤرة للتعبير الوطني، متجاوزًا دوره الجمالي إلى دوره السياسي والاجتماعي. ولبلوغ ذلك، سنُحلِّل كيف انعكست هذه الوظائف على المضامين والأسلوب، وكيف تجلَّت هذه التحوُّلات عند شعراء إفريقيين مختارين.

الشعر الإفريقي كأداة للمقاومة وإعادة بناء الهوية:

شكَّل الشعر في المجتمعات الإفريقية التقليدية عنصرًا أصيلًا في النسيج الاجتماعي والسياسي، متجاوزًا حدود الفن واللغة، ليصبح أداة فاعلة في تشكيل الوعي الجمعي، وصياغة الهوية الجماعية؛ فقد اضطلعت الأهازيج والمراثي والأمثال الشعبية والأساطير الشفهية بوظائف محورية لم تقتصر على الترفيه أو الطقس الاحتفالي، بل تحوَّلت إلى منابر لتمجيد الأبطال والمحاربين، وفضح ظلم الحكّام والمستعمرين الأوائل، وحفظ الذاكرة الجمعية للشعوب.

وهكذا أصبح الشعر الشفهي بمثابة “دستور رمزي” يربط الماضي بالحاضر، ويعيد إنتاج القِيَم الجمعية ويغرس في الأجيال الناشئة معاني الشجاعة والكرامة والانتماء. وكان الشاعر أو الحكّاء في القرى الإفريقية يقوم بدور المؤرّخ والمربّي والناقد الاجتماعي في آنٍ واحدٍ، فيوثّق انتصارات الجماعة، ويذكّرها بأمجادها، ويمنحها القدرة على مواجهة التحديات الأخلاقية والسياسية.

مع دخول المنظومة التعليمية الاستعمارية وتزايد هيمنة اللغات الأوروبية كالفرنسية والإنجليزية والبرتغالية، برز جيل جديد من الشعراء الأفارقة الذين وعوا المفارقة العميقة التي يعيشونها: فقد كتبوا بلغات فُرضت عليهم تاريخيًّا، لكنهم نجحوا في تحويل هذه اللغات إلى أدوات مقاومة رمزية تُدين الاستعمار وتُقوّض شرعيته. لقد أعاد هؤلاء الشعراء توظيف لغة المستعمر نفسها في سياق مقاوم، من خلال قصائد تستحضر التراث الشفهي وتدمجه بالخطاب الجديد، بما يفتح المجال للتواصل مع العالم الخارجي، وإيصال صوت القارة وأوجاعها. وبذلك تحوّلت لغة المستعمر من وسيلة للهيمنة إلى أداة لاستعادة الكرامة المسلوبة وإحياء الهوية الإفريقية([1]).

الزنوجة والهوية: شعر المقاومة الإفريقية

في هذا السياق برزت أسماء محورية ارتبطت بالبدايات الكفاحية للشعر الإفريقي الحديث؛ حيث اضطلع كل شاعر بدور مُحدَّد في صياغة خطاب المقاومة الثقافية وترسيخ الهوية القارية. ويُعدّ الشاعر السنغالي “دافيد ديوب” نموذجًا بارزًا لهذه المرحلة؛ إذ حوَّل الغضب الشعبي إلى صيحات شعرية ملتهبة تُعبِّر عن رفض الاستعمار وتُجسِّد تطلعات الشعوب الإفريقية إلى الحرية. ويُنظَر إلى “ديوب” باعتباره أحد أبرز الأصوات الشعرية الناشئة في غرب إفريقيا الناطقة بالفرنسية، وقد اتّسم إنتاجه القصير نسبيًّا بنزعة وجدانية عميقة، تجمع بين الشوق إلى إفريقيا والتعاطف مع المناضلين ضد الاستعمار الفرنسي.

كما تبرز نصوصه رفضًا واضحًا للمضطهِدين وتعاطفًا مع المقهورين، مستندة إلى أساليب سردية عفوية أوجد من خلالها أسلوبًا جديدًا في شعر الاحتجاج يمزج بين التجربة الفردية والنضال الجماعي، ويُحوِّل القصيدة إلى وسيلة مباشرة للتعبير عن المقاومة الثقافية والسياسية. في قصيدته “إفريقيا”، والتي يقول فيها:

إفريقيا إفريقيا

إفريقيا المحاربين الفخورين في السافانا الأجداد

إفريقيا التي تغني عنها جدتي

على ضفاف النهر البعيد

لم أعرفك أبدًا

لكنّ دمك يتدفق في عروقي

دمك الأسود الجميل الذي يسقي الحقول([2]).

يُعبِّر “دافيد ديوب” عن شوقٍ لوطنٍ مجهول، وعن شعورٍ بالارتباط العميق بشعبه، رغم المسافة الفعلية بينهما، من خلال الدماء المشتركة كرمز للصمود والتواصل بين الأجيال. يخاطب إفريقيا مباشرةً، متسائلاً عن قوتها وصمودها، وعن هذا “الظهر الذي لم ينكسر أبدًا” تحت وطأة الإذلال وندوب العبودية والاستغلال، متخيلًا إياها قوةً لا تلين مثل شجرة صامدة في مواجهة الشدائد، وهي استعارة لقدرة القارة على التجدد والتحرر؛ إذ يقول:

إفريقيا، انهضي وامشي،

ليرتفع صوتك صافيًا

كالماء المنبثق من النبع.

تتميز قصائده بلغة بسيطة لكنها قوية، تنقل مزيجًا مركبًا من الشوق والفخر والعزيمة، مع تركيز موضوعي على النضال من أجل الحرية وصمود الروح الإفريقية. ويأتي هذا في سياق الحركات التحررية الإفريقية خلال منتصف القرن العشرين؛ حيث كانت النصوص الشعرية وسيلة للتعبير عن المظالم، وتأملات الهوية، والطموح في الاستقلال. مقارنةً بأعمال ديوب السابقة، تُظهر “إفريقيا” تحولًا نحو رسالة سياسية أكثر وضوحًا؛ إذ يتناول تجارب الشعوب الإفريقية تحت الاستعمار مباشرةً، ليكون بذلك تعبيرًا مؤثرًا عن التطلعات والنضالات التي واجهتها العديد من الدول الإفريقية خلال تلك الفترة، ويُحوِّل الحنين إلى أرض الأجداد إلى دعوة صريحة للنهوض([3]).

يُعَدّ الشاعر السنغالي “ليوبولد سنجور”، إلى جانب “إيمي سيزير وليون-جونتران داما”، من أبرز الروّاد الذين ارتبطت بهم نشأة حركة “الزنوجة” باعتبارها صرخةً في وجه العنصرية الثقافية ومشروعًا واعيًا لاستعادة الجذور الإفريقية وإعادة الاعتبار لها.

وقد خاض هؤلاء الشعراء تجربة اغتراب مزدوجة؛ فهم من جهة أبناء مستعمرات إفريقية يعيشون في قلب فرنسا، ومن جهة أخرى مثقفون يواجهون ثقافة أوروبية تدّعي عالميتها، بينما تنتقص من كلّ ما هو إفريقي. ومن هذا الجرح النفسي وُلِدَت “الزنوجة” بوصفها إعلانًا شعريًّا وفلسفيًّا بأن السواد ليس عارًا ولا نقصًا، بل هوية وحضارة متكاملة ومصدر قوة ثقافية وروحية.

“سنجور” من الشخصيات البارزة في الحركة الأدبية والفكرية الإفريقية؛ حيث جمع شعره بين الهوية الثقافية والأفق الكوني. فقد رفع شعار “الزنوجة” لتأكيد الذات الإفريقية واعتبرها بوابة للمشاركة الفاعلة في المشروع الإنساني المشترك. واحتفت دواوينه، مثل “أناشيد الظل”، بالإيقاعات الأصيلة وإحياء التراث الشفهي، مع الحفاظ على روح الابتكار الفني. ورغم تمسكه بالقضايا الإفريقية، صاغ رؤية “الحضارة الكونية” القائمة على التبادل الثقافي المتكافئ والتفاعل البنّاء بين الشعوب، بعيدًا عن الهيمنة أو الاستعلاء.

وقد استطاع “سنجور” أن يجمع في نصوصه الشعرية بين آلام إفريقيا وآمالها، كما يظهر في مجموعته “القرابين السود” التي تناول فيها ثنائية “الذبيحة والقيامة”؛ إذ شَبَّه الجنود الأفارقة الذين زَجَّت بهم فرنسا في الحربين العالميتين بالذبائح، مانحًا موتهم في شعره بُعدًا إنسانيًّا يُخلِّد تضحياتهم ويُحوِّلها إلى رمزٍ للبعث والكرامة، ويقول فيها:

لا لم يكن موتكم بلا جدوى
أنتم شهود إفريقيا الخالدة
أنتم شهود على العالم الجديد 
الذي سوف يأتي

قدَّم سنجور في مجموعته الشعرية الأولى “أناشيد الظل” رؤيةً تُمجِّد عالم الإنسان الأسود، مستحضرًا قصة مملكة سين السنغالية القديمة ومحتفيًا بالحكمة والفن السنغاليين. كما أبرز دور المرأة الإفريقية في بناء حضارة القارة، فخَصَّها بمديحٍ خاصّ في أشعاره. ورغم أنه عاش حياة مُرفَّهة، فقد تمرَّد على مظاهر البذخ، وكان يتجوَّل في شوارع دكار ويحتك بالفقراء والمشرّدين، ليستلهم منهم موضوعاته الشعرية.

ويكشف ديوانه “إثيوبيات” عن مدى ارتباطه بهذه الطبقة الاجتماعية؛ إذ كان خلال إقامته في باريس يقصد الحي اللاتيني، ويتفاعل مع التيارات الاشتراكية الصاعدة آنذاك، وهو ما انعكس في حسّه النقدي والإنساني. ويمكن القول: إن سنجور أثَّر في جيلٍ كامل من شعراء إفريقيا والعالم([4]).

وقد حمل ليون-جونتران داما في ديوانه “الأصباغ” لغةً أكثر حدّةً وغضبًا، فجاءت قصائده قصيرة ومشحونة وصاخبة، تفضح العنصرية وتكشف آثارها على الروح والجسد، معبّرةً عن ألم المنفى والاغتراب، وعن إحساس الإفريقي الذي يعيش في باريس مُحاصَرًا بلون بشرته.

إيمي سيزير، الكاتب المارتينيكي والزعيم السياسي من أصول إفريقية، يُمثِّل أحد أبرز رواد حركة “الزنوجة”، وقد قدَّم من خلال أعماله الشعرية لغةً ثائرة أعادت صياغة الذات السوداء في مواجهة محاولات مَحْوها الاستعماري. وفي ديوانه الشهير “دفتر عودة إلى الوطن الأم” أطلق سيزير دعوةً واضحةً إلى أن التحرّر يبدأ من استعادة الشعوب لصورتها عن نفسها، مؤكدًا أن الشعر يمكن أن يتحوَّل إلى بيان ثوري ذي لغة شعرية متقدة، يرسم ملامح وعي جديد. وتتجلّى هذه الدعوة في قوله:

لقد آن الأوان لنقول للعالم من نحن،
أن نستعيد أسماءنا وأغانينا،
وأن ننهض من رماد العبودية.

ورغم اختلاف أساليب شعراء الزنوجة، فقد مهَّدت هذه الحركة الطريق لوعي إفريقي جديد يرى في القصيدة وسيلةً لتشييد الذات الجماعية، ومواجهة التفكك الذي فرضه الاستعمار.

وقد علّمت الأجيال التالية أن الشعر يمكن أن يكون أداةً فلسفية وسياسية في آنٍ واحدٍ، وأن الكلمة قادرة على ترميم ما دمَّرته الهيمنة الثقافية. وتكمن قوة الزنوجة في أنّها لم تَبْقَ مجرد تيار أدبي في باريس، بل امتدت إلى العواصم الإفريقية والكاريبية؛ حيث تلقّفها الطلاب والنشطاء والفنانون، وصارت جزءًا من روح التحرر التي انفجرت في الخمسينيات والستينيات مع موجة الاستقلالات الوطنية([5]).

الشعر الجنوب إفريقي: شهادة على القهر ومسار نحو التحرُّر

في إقليم الجنوب الإفريقي، الذي شكَّل معقلًا لنظام الفصل العنصري، انشغل الشعراء بتناول قضايا الفصل العنصري وإخضاع المستوطنين البيض للأفارقة، وما انبثق عنها من موضوعات الشجاعة والفقر والسجن والتمرد والمآسي الفردية الناجمة عن الظلم الاجتماعي. وحتى سبعينيات القرن العشرين ظلّ معظم شعراء الجنوب الإفريقي يكتبون أعمالهم باللغة الإنجليزية، ويعيشون في المنفى؛ وقد تميّز إنتاجهم الشعري بالغزارة، وبقدرته على تصوير الثمن الباهظ الذي دفَعه الشعب في نضاله من أجل التحرر، إلى جانب التعبير عن آماله في النصر المرتقب.

ويُلاحظ أن الشعر المكتوب بالإنجليزية في منطقة جنوب القارة يمتلك سمات مشتركة أبرزها ارتباطه العميق بالأرض وعالم الروح، حيث تُجسَّد الطبيعة فيه باعتبارها مظهرًا للقوى الدينية. كما يكشف عن التوتر القائم بين حياة المدينة والريف وما ينتج عنه من تحولات في القِيَم والهوية الفردية، فضلاً عن انشغاله بآثار الحقبة الاستعمارية وسياسات السيطرة.

ومع توسّع التعليم الاستعماري واستخدام اللغات الأوروبية (الإنجليزية، الفرنسية، البرتغالية)، ظهر جيل جديد من الشعراء لم يتخلَّ عن إرثه الشفهي، بل استثمر لغة المستعمر ذاتها لتقويض شرعيته. وكان هذا الجيل واعيًا بالمفارقة العميقة التي يعيشها: فهو يكتب بلغات فُرضت عليه تاريخيًّا، لكنَّه حوَّلها إلى أدوات رمزية لإدانة الاستعمار واستعادة الكرامة المسلوبة([6]).

وقد برزت “نويميا دي سوزا”، وكانت شاعرة ومناضلة موزمبيقية، كصوت مؤثر في مواجهة الاستعمار البرتغالي من خلال شعرها ذي الطابع الغنائي والمشحون بالخلفيات الثقافية المحلية. جعلت “دي سوزا” من القصيدة وسيلة لإبراز دور المرأة الإفريقية في النضال الوطني والبناء الاجتماعي، مستندة إلى رؤية جبهة تحرير موزمبيق “الفريليمو” والوعي الثقافي الموزمبيقي.

وتحوَّلت كتاباتها من التأثر بالأساليب الأوروبية التقليدية إلى التركيز على قضايا الوعي الوطني، مكافحة الاستعمار، والنشاط السياسي. وقد شكَّلت هذه الحركة الأدبية منبرًا لمواطني موزمبيق لإطلاق الحوار حول القضايا المتعلقة بالعرق والطبقة والسياسة، بمشاركة كلٍّ من الرجال والنساء في حركة أدبية ثورية تهدف إلى تعزيز الهوية الوطنية والمقاومة الثقافية([7]).

يُشكّل شعر زيمبابوي (روديسيا الجنوبية سابقًا) أحد أبرز النماذج على الشعر الإفريقي المقاوم؛ إذ عبَّر عن معاناة السكان السود تحت الاستعمار البريطاني، وجسَّد طموحاتهم في الحرية والاستقلال. فقد سعى شعراء مثل فريبورن ميورندا في قصيدته “انعكاسات فكري الإفريقي” إلى تصوير المأزق الشعبي الإفريقي الناتج عن وصول المستعمر البريطاني إلى أراضي زيمبابوي، مستخدمًا لغة بسيطة وصورًا مباشرة تكشف تعكس مأزق الشعب الإفريقي، وتبرز معاناته اليومية تحت وطأة القهر والاستغلال الاستعماري؛ حيث يقول:

ولدتُ في بلدٍ عنصري

يُبَاد الآن يسمى روديسيا

وكل الأفارقة المولودون هناك

اقرأ أيضا

عين على إفريقيا (2- 5 أكتوبر 2025م) إفريقيا واحتجاجات الجيل زد: ما بعد مدغشقر؟

التأشيرات الذهبية في إفريقيا جنوب الصحراء: آلية جديدة لجذب الاستثمار

انسحاب دول الساحل من المحكمة الجنائية الدولية: ما أسباب الجدل المستمر حول دورها وشرعيتها؟

بدون حقوق سياسية

بدون حقوق الإنسان أو أيّ نوع من الحقوق

 لكن بالرغم من ذلك كانت روحي دائمًا حرة([8]).

كما لعب الشاعر موسايمورا زيميونيا دورًا بارزًا في توثيق وإبراز هذه التجربة، سواء من خلال جمعه وإعداده كتاب “والآن يتكلم الشعراء” –الذي صدر بعد الاستقلال، وألقى الضوء على إسهامات شعراء زيمبابوي الأفارقة وأساليبهم النقدية–، أو من خلال تجربته الشخصية في مواجهة المستوطنين البيض. ويتَّسم أسلوب زيميونيا بالقوة والقدرة على تصوير الواقع السياسي والاجتماعي بدقة، كما تعكس قصيدته “”الديك” استنهاضه لروح المقاومة وتحفيزه الشعب الإفريقي على النهوض ضد الاستعمار، إذ يقول:

أيّها المنادي

أيّها الديكُ

اصرخْ رعدًا بجناحيك

وأطلِق بناظريك نحو السماء

وامتلكْ هذه اللحظة الحزينة

واجعل في حنجرتك صدى الأمل المتأخّر

حتى تُجيبَ “ماتوبا”

ودَعْنا نسمعْ صوتَك في أيّ فجرٍ يكون.

وفي قصيدته “لتكن مشيئتك”، يواصل وصف مأساة بلاده، وما آل إليه الأفارقة من مظاهر الظلم والعنصرية، خاصةً في مسألة إلقاء القبض على الأفارقة الأبرياء بتهمة مساندة الوطنيين في حربهم المسلحة، فيقول:

يا رب، لتكن مشيئتك؛

أنت الأعلم بما جرى هناك،

حين اقتادوا المعتقل من بيته في صباحٍ معتم،

وحين زُجَّ بأطفاله وزوجته وخادمه في المخيم لأنهم جزءٌ منه

 أنت الأعلم بما أصاب ذلك المعتقل

 إذ غمره الماء في زنزانته المظلمة حتى بلغ عنقه.

وتكشف القصيدة بوضوح حجم المعاناة التي تكبَّدها الأفارقة الريفيون في زيمبابوي جراء سياسات الحكم العنصري، ولا سيما أثناء ملاحقة مَن وُصِفُوا برجال العصابات الذين اتخذوا تلك المناطق مسرحًا لعملياتهم العسكرية. وقد أدَّت هذه السياسات إلى اعتقالات وقتل جماعي تعسفي لكلّ مَن يُرتاب في أمره من الأفارقة. وقد تميَّز زيميونيا بموهبة بارزة وبصيرة فذة، مع قدرته على دَمْج الفكر والشعور في قالب أدبي واضح الهدف، وفي قصيدة “المحارب” مدح زيميونيا المحاربين قائلًا:

كنتُ يومًا أعمى وأصمّ

عاجزًا عن النطق والحركة

لكنّي الآن أبصر وأسمع وأهمس بالحقائق

أولئك الذين ساروا قرنًا كاملًا في عتمة الظلام

ها هم يبدؤون بتلمّس ومضات الفجر القادم.

وهكذا يؤكد الشاعر أنّ الإفريقي هو مَن حمل إلى البلاد الأمل الجديد، ومنح شعبه شعورًا بالفخر والاعتزاز، وهو ما يجعله في طليعة شعراء زيمبابوي، وأكثرهم تأثيرًا في التعبير عن النضال الوطني والمقاومة الثقافية([9]).

تُعدّ اسانتيوا أبابيو من أبرز شاعرات روديسيا الجنوبية، وتظهر في قصيدتها “نحن الأمهات” تعبيرًا مباشرًا وواضحًا عن مآسي وأحزان الأمهات الإفريقيات اللواتي يعجزن عن حماية أبنائهن من الظلم الواقع عليهم. ورغم أن القصيدة تبدأ بنبرة بُؤْس وعجز، فإنها تنتهي بروح من التصميم والأمل، بما يشبه دعوةً إلى جميع الأمهات للصمود والمقاومة. وتختتم أبابيو نصّها بلهجة تهديد ووعيد موجّهة إلى القوى العنصرية، مؤكدةً أن معاناة الأمهات ستتحول إلى قوة فاعلة في مواجهة الظلم وانتزاع الحقوق، وتقول فيها:

نحن الأمهات
دموعُ العجزِ تنسابُ من عيوننا
كلّما رأينا أبناءَنا يُساقون تحت نير القمع والوحشية
في شوارعِ سويتو وكينجستون وهارلم([10]).

نحن الأمهات
نجعلُ رطلَ الطحينِ يسدُّ جوعَ أجيالٍ كاملة
ونغرسُ مكانَ الأملِ الضائعِ حكاياتٍ عن أبطالٍ وصمودٍ لا يلين.

نحن الأمهات
بذورُنا ستتحوّلُ إلى ثمارٍ
تقتصُّ من أجيالِكم القادمة([11]).

الخاتمة:

يُظهر الاستقراء المنهجي لمسيرة الشعر الإفريقي الحديث أنّه تجاوز كونه مجرّد ممارسة جمالية أو خطابًا ثقافيًّا هامشيًّا، ليتحوَّل إلى أداة نضال ومعركة رمزية محورية تَستعيد فيها الشعوب الإفريقية هويتها وكرامتها في مواجهة الاستعمار والهيمنة والاستغلال. فقد قدَّم الشعراء، من مختلف أنحاء القارة والمهجر (من السنغال إلى موزمبيق، ومن زيمبابوي إلى المارتينيك)، نصوصًا تحرُّرية امتزجت فيها الروح الوجدانية بالبصيرة السياسية، وربطت بوعي بين الإرث التاريخي (الماضي) وطموحات التحرر (المستقبل).

لقد مكَّن هذا الشعر الأفارقة من إعادة تعريف ذواتهم وأوطانهم عبر لغة جديدة تستلهم بقوة التراث الشفهي الأصيل، وفي الوقت ذاته تُعيد توظيف لغة المستعمر كأداة للمقاومة والسجال الفكري.

بهذه المنهجية المزدوجة لم يَعُد الشعر مجرّد فن، بل أصبح سلاحًا موازيًا للسلاح المادي في خنادق الكفاح. وعليه يظل الشعر الإفريقي المقاوم شاهدًا استثنائيًّا على مرحلة تاريخية مفصلية في مسيرة القارة، ومصدرًا متجدّدًا يجسّد قدرة الأدب على إحياء الوعي الجمعي وبناء هوية حرة وراسخة قادرة على مواجهة التحديات المستمرة.

………………………………..

([1]) ساكيري أديبابو، ضفاء طابع الشتات على الأدب الإفريقي… الكتابة في غياب تحقيق العودة، رجمة: صلاح محمد خير، يوليو 2025.

https://www.alfaisalmag.com/?p=987521954

([2]) Diop, David. Hammer Blows: Selected Poems. London: Heinemann African Writers Series, 1973, p.9.

([3]) Diop, David, Africa My Africa, January 11, 2016.

https://folukeafrica.com/africa-my-africa-by-david-diop/

([4]) نوال الحوار، ليوبولد سنغور.. لسان آلام إفريقيا وآمالها، 17 يناير 2024.

https://www.almayadeen.net/arts-culture/%D9%84%D9%8A%D9%88%D8%A8%D9%88%D9%84%D8%AF-%D8%B3%D9%86%D8%BA%D9%88%D8%B1-%D9%84%D8%B3%D8%A7%D9%86-%D8%A2%D9%84%D8%A7%D9%85-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D9%88%D8%A2%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%A7

([5]) جمال الجلاص، قرن من الأدب الإفريقي الأسود… من الأدب المستعمَر إلى الأدب الغازي، 1 يناير 2024.

https://www.alfaisalmag.com/?p=987511141

([6]) حسن طلب: الشعر الإفريقي المعاصر مختارات ودراسات، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة 2003، صـ123، 124.

([7]) Alfieri, Noemi, Noémia de Sousa, ou ser “África da cabeça aos pés” em tempos de colonização, Journal of Lusophone Studies, Vol. 4, No. 2, 2019, p.230-231

Brown, G.R.: Recent Zimbabwe Poetry, Zambezia Vol. 10, No. 2, 1982, P. 63.([8])

([9]) Chapman, Michael: Southern African literatures, Longman Group Limited, New York 1996, PP.300-301.

([10]) أسماء لأحياء بجنوب إفريقيا وإنجلترا والولايات المتحدة الأمريكية تشتهر بتجمعات السود.

([11]) Mutswairo, S. M.: A Zimbabwean Poet Writing in English, Zambezia Vol. 18 No. 2., 1991, PP. 112-113.

كلمات مفتاحية: التحرُّر الوطنيالثورةالشعربناء الهوية
ShareTweetSend

مواد ذات صلة

صدور العدد السادس والستين من مجلة “قراءات إفريقية”

صدور العدد السادس والستين من مجلة “قراءات إفريقية”

أكتوبر 5, 2025
جنوب إفريقيا تستدعي السفير الإسرائيلي لتوبيخه رسميًا

عين على أفريقيا ( سبتمبر 2025) : إفريقيا وفلسطين: ماضٍ نضالي ومصير على المحك

سبتمبر 30, 2025
البحرية السنغالية توقف قاربين للمهاجرين يحملان 272 شخصا

ثلاث ركائز أساسية لتعزيز الأمن البحري في إفريقيا

سبتمبر 28, 2025
بين لعنة الموارد وفرص التنمية:  قراءة في “التقرير الإفريقي لحوكمة الموارد الطبيعيّة لعام 2025م”

بين لعنة الموارد وفرص التنمية: قراءة في “التقرير الإفريقي لحوكمة الموارد الطبيعيّة لعام 2025م”

سبتمبر 25, 2025
الصحافة الإسرائيلية وجدل متزايد حول الأولويات والقرارات المتعلقة بإفريقيا

الصحافة الإسرائيلية وجدل متزايد حول الأولويات والقرارات المتعلقة بإفريقيا

سبتمبر 25, 2025
قراءة في كتاب “إفريقيا في الاقتصاد العالمي”:  رأس المال الهارب، التبعية المالية، وحدود التحرُّر

قراءة في كتاب “إفريقيا في الاقتصاد العالمي”: رأس المال الهارب، التبعية المالية، وحدود التحرُّر

سبتمبر 24, 2025

ابحث في الموقع

لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
يشغل حاليا

تويتر

Follow @qiraatafrican

الأكثر قراءة (أسبوع)

صدور العدد السادس والستين من مجلة “قراءات إفريقية”

صدور العدد السادس والستين من مجلة “قراءات إفريقية”

أكتوبر 5, 2025

صمود الأبطال: ثورة الشيمورنجا الأولى ضد الاستعمار البريطاني في زيمبابوي خلال القرن التاسع عشر

أكتوبر 20, 2024

حظر اتحاد “فيسي” الإيفواري.. واتارا يدهس “بيادق” غباغبو على رقعة الحرم الجامعي!

أكتوبر 22, 2024

صناعة الطباعة في إفريقيا جنوب الصحراء وعوامل دَفْعها

أكتوبر 6, 2024

الاتحاد الإفريقي والشراكات في مجال إصلاح قطاع الأمن

أكتوبر 22, 2024

الانتخابات التشريعية في السنغال: الرهانات في مبارزة عن بُعْد بين عثمان سونكو وماكي سال

أكتوبر 21, 2024

فيسبوك

‎قراءات إفريقية‎
  • قراءات تاريخية
  • متابعات
  • مكتبة الملفات
  • منظمات وهيئات
  • الحالة الدينية
  • حوارات وتحقيقات
  • أخبار
  • الحالة الدينية
  • المجتمع الإفريقي
  • ترجمات
  • تقارير وتحليلات
  • تقدير موقف
  • ثقافة وأدب

الأقسام

  • المجلة
  • كتاب قراءات
  • الموسوعة الإفريقية
  • إفريقيا في المؤشرات
  • دراسات وبحوث
  • نظرة على إفريقيا
  • الصحافة الإفريقية

رئيس التحرير

د. محمد بن عبد الله أحمد

مدير التحرير

بسام المسلماني

سكرتير التحرير

عصام زيدان

© حقوق الطبع محفوظة لدي قراءات إفريقية. تطوير شركة بُنّاج ميديا.

لا توجد نتيجة
مشاهدة جميع النتائج
  • المجلة
    • العدد الحالي
    • الأعداد السابقة
  • الموسوعة الإفريقية
  • تقارير وتحليلات
  • تقدير موقف
  • دراسات وبحوث
  • ترجمات
  • المزيد
    • إفريقيا في المؤشرات
    • الأخبار
    • الحالة الدينية
    • الصحافة الإفريقية
    • المجتمع الإفريقي
    • ثقافة وأدب
    • حوارات وتحقيقات
    • شخصيات
    • قراءات تاريخية
    • متابعات
    • مكتبة الملفات
    • منظمات وهيئات
    • نظرة على إفريقيا
    • كتاب قراءات إفريقية

© حقوق الطبع محفوظة لدي قراءات إفريقية بواسطة بُنّاج ميديا.