مقدمة:
تصدَّر الذكاء الاصطناعي، وفعالياته، وسائل الإعلام المرئية والمسموعة، والبحوث والدراسات المكتوبة. وقد شهدت القارة الإفريقية عدة فعاليات تمثلت في مؤتمرات وقِمم ومَعارض، كما صدرت عدة مؤشرات لقياسه في السنوات الأخيرة.
وعلى الرغم مما تشهده القارة من صراعات وقضايا ساخنة، يشغل موضوع الذكاء الاصطناعي فيها حيزًا معتبرًا؛ حيث برزت في القارة الإفريقية نماذج جيدة تبنَّت الذكاء الاصطناعي على مستوى الدول، أو على مستوى القطاعات، بينما تخلفت أخرى عن الركب.
وعلى الرغم من فوائد الذكاء الاصطناعي، إلا أن له العديد من المخاطر أيضًا. وهذه وتلك تحتاج إلى أُطُر تنظيمية قُطرية وقارّية، لتعظيم الاستفادة منه وتقليل مخاطره.
ومن هذا المنطلق استعرضت المقالة، بعض الإحصاءات حول الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، وأمثلة لبعض فعالياته في القارة خلال عام 2025م، مع طرح مُؤشّرين لقياسه؛ حيث تم تناولها في المبحثين التاليين:
المبحث الأول: الذكاء الاصطناعي في إفريقيا… إحصاءات وقمم ومؤتمرات.
المبحث الثاني: نماذج لمؤشرات الذكاء الاصطناعي وموقع إفريقيا جنوب الصحراء منها.
المبحث الأول
الذكاء الاصطناعي في إفريقيا… إحصاءات وقمم ومؤتمرات
شهدت القارة الإفريقية زخمًا في الفعاليات التي تتناول الذكاء الاصطناعي. فخلال عام 2025م فقط عُقِدَ العديد منها؛ من أهمها: مؤتمر إفريقيا للذكاء الاصطناعي 2025م في مومباسا، كينيا (4- 8 أغسطس)؛ لمناقشة دور الذكاء الاصطناعي في تنمية إفريقيا والاعتبارات الأخلاقية. ومؤتمر إندابا للتعلم العميق 2025م في كيغالي، رواندا (17- 22 أغسطس).
ومن الفعاليات البارزة الأخرى: المؤتمر الإفريقي المختلط للذكاء الاصطناعي والأنظمة الذكية (PA-AISS 2025) في غانا. وهناك فعاليات أخرى ستنعقد خلال العام الجاري 2025م، مثل: معرض الذكاء الاصطناعي إفريقيا 2025م في جوهانسبرغ، جنوب إفريقيا (29- 31 أكتوبر)، فضلًا عن مؤتمر SACAIR الأكاديمي في جنوب إفريقيا الذي سيُعْقَد في الفترة (1- 5 ديسمبر).
وسنتناول في هذا المبحث؛ القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في إفريقيا التي انعقدت يومي 3 و4 أبريل 2025م في رواندا. ومؤتمر إفريقيا للذكاء الاصطناعي 2025م المنعقد في الفترة من 25 إلى 28 أغسطس 2025م في كينيا.
المطلب الأول
إحصاءات حول الذكاء الاصطناعي في إفريقيا لعام 2025م
بشكل عام؛ استحوذت الشركات الإفريقية على 10% فقط من سوق الذكاء الاصطناعي العالمي، وتشير التوقعات إلى أن الذكاء الاصطناعي يُمكن أن يُعزّز اقتصاد إفريقيا بمقدار 2.9 تريليون دولار بحلول عام 2030م، مما يُعزز نمو الناتج السنوي بنحو 3 نقاط مئوية.
ويمكن أن يُحقّق اعتماد الذكاء الاصطناعي التوليدي في إفريقيا قيمة اقتصادية سنوية إضافية تتراوح بين ٦١ و١٠٣ مليارات دولار عبر مختلف القطاعات؛ حيث يُقدّر إجمالي استثمار إفريقيا في الذكاء الاصطناعي بحوالي 2- 3 مليارات دولار فقط في عام 2025م؛ أي: حوالي 1- 1.5% من الإنفاق العالمي على الذكاء الاصطناعي. وتُمثّل مشاريع الذكاء الاصطناعي الآن 13% من إجمالي تمويل الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا في إفريقيا. وقد استحوذت كينيا ونيجيريا وجنوب إفريقيا ومصر على ٨٣٪ من استثمارات الشركات الناشئة عام ٢٠٢٥م.
كما تُعدّ القارة موطنًا لنحو 2400 شركة مُركّزة على الذكاء الاصطناعي اعتبارًا من عام 2024م، حوالي 40% منها شركات ناشئة. تستضيف جنوب إفريقيا أكثر من 600 شركة تليها نيجيريا بأكثر من 400 شركة، ثم مصر بأكثر من 200 شركة. كما تمثل الدول الإفريقية حوالي 1% فقط من القدرة الحوسبية العالمية للذكاء الاصطناعي، مما يُبرز فجوة في البنية التحتية للحوسبة عالية الأداء. وفي عام 2023م، كشف المغرب عن “توبقال”، أقوى حاسوب عملاق في القارة، لدعم أبحاث الذكاء الاصطناعي، متجاوزًا بذلك النظام الرائد السابق في جنوب إفريقيا.([1])
وأظهرت استطلاعات الرأي لعام ٢٠٢٤م أن أكثر من ٤٠٪ من المؤسسات الإفريقية قد بدأت بتجربة أو تطبيق حلول الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك أدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة؛ حيث أفادت 27% فقط من الشركات الإفريقية بتبنّي الذكاء الاصطناعي التوليدي، وهو ما يَقِلّ قليلاً عن المتوسط العالمي البالغ 32%. كما أظهرت دراسة حديثة أُجريت أن ٨٥٪ من الشركات الإفريقية استثمرت أو تخطط للاستثمار في الذكاء الاصطناعي خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة. واعتبارًا من عام ٢٠٢٤م، نشرت سبع دول إفريقية إستراتيجيات رسمية للذكاء الاصطناعي، ووافق الاتحاد الإفريقي على أول إستراتيجية قارية له. كما هدفت شراكة بين بنك التنمية الإفريقي وشركة إنتل أُطلقت عام 2024م؛ إلى تزويد ٣ ملايين إفريقي، و٣٠ ألف مسؤول حكومي، بمهارات الذكاء الاصطناعي.
كما أفاد مؤشر ستانفورد للذكاء الاصطناعي لعام ٢٠٢٤م بأن ٢٧٪ من الكينيين يستخدمون خدمات OpenAI (مثل ChatGPT) يوميًّا. وتستخدم منصة “بابيل” للطبّ عن بُعْد في رواندا نظام فرز الحالات باستخدام الذكاء الاصطناعي لخدمة ٦٢٪ من البالغين. منذ إطلاقها، سهّلت المنصة أكثر من ٥ ملايين استشارة افتراضية بمعدل رضا ٩١٪، مما قلل من زيارات العيادات غير الضرورية بنسبة ٥٤٪. وتَستخدم شركة mPharma في غانا التحليلات التنبؤية القائمة لتبسيط عمليات الصيدليات، مما يُقلِّل من نفاد الأدوية بأكثر من 45%، ويُخفّض تكاليف المرضى بنسبة 37% منذ عام 2022.
وفي رواندا وغانا، قلّصت شبكات توصيل الطائرات بدون طيار، المدعومة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي (مثل Zipline)، أوقات توصيل الإمدادات الطبية من ساعات (أو أيام) إلى دقائق معدودة، مما حسَّن بشكل كبير من الخدمات اللوجستية للطوارئ. وتُطبِّق شركات التكنولوجيا المالية النيجيرية، مثل Periculum، نظام تقييم الائتمان بالذكاء الاصطناعي، مما يُعزِّز سرعات معالجة القروض بنسبة ٦٠٪ ويُخفِّض معدلات التخلُّف عن السداد، مما يُساعد المزيد من روّاد الأعمال المحرومين من الحصول على التمويل. وباستخدام تحليلات الذكاء الاصطناعي، حددت حكومة توغو 57000 مستفيد جديد في أفقر المجتمعات لبرنامج “نوفيسي” للتحويلات النقدية، مما يُحسِّن استهداف المساعدات الاجتماعية دون الحاجة إلى مسوحات فعلية. وتتيح منصة الذكاء الاصطناعي من شركة DataProphet، في جنوب إفريقيا، تحسينات ذاتية في التصنيع، مما يُقلّل من متوسط عيوب الإنتاج والتكاليف غير المرتبطة بالجودة بنحو ٤٠٪.
ويقول 33% من قادة الأعمال الأفارقة: إنهم عدّلوا بالفعل إستراتيجية شركاتهم استجابةً للتأثير الجذري للذكاء الاصطناعي (أعلى بقليل من المتوسط العالمي). يتوقع ٥٢٪ من الرؤساء التنفيذيين أن تُحْدِث التقنيات الناشئة) تغييرًا جذريًّا في كيفية خلق شركاتهم للقيمة، متجاوزين بذلك النسبة العالمية البالغة ٤٦٪.
وافتتحت جامعة ويتس في جنوب إفريقيا مركزًا إفريقيًّا للذكاء الاصطناعي عام ٢٠٢٤م، وهو منصة للتعاون في أبحاث الذكاء الاصطناعي والابتكار. وتراهن الشركات الكبرى على إمكانات إفريقيا، فمثلًا، تعهدت مايكروسوفت بتقديم 300 مليون دولار لتوسيع نطاق الذكاء الاصطناعي/الحوسبة السحابية في جنوب إفريقيا بحلول عام 2027م، وخصَّصت شركة جوجل 5.8 مليون دولار لتدريب مُطوّري الذكاء الاصطناعي الأفارقة.([2])
المطلب الثاني
نموذج القمم: القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في إفريقيا 2025م
انضم ممثلون عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي ومنظمة تمبكتو إفريقيا إلى آلاف المندوبين في كيغالي لحضور القمة العالمية الأولى للذكاء الاصطناعي في إفريقيا، التي انعقدت يومي 3 و4 أبريل 2025م؛ لرسم مسار التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي في إفريقيا تحت شعار “الذكاء الاصطناعي والعائد الديمغرافي لإفريقيا: إعادة تصوُّر الفرص الاقتصادية للقوى العاملة الإفريقية”.
جمعت القمة أكثر من 1000 مشارك، من بينهم قادة عالميون ووزراء ورؤساء دول وشركات تقنية ومستثمرون وأكاديميون وباحثون. وقد تمحورت القمة حول رؤية راسخة: تسخير الذكاء الاصطناعي ليس كتقنية بعيدة، بل كقوة دافعة لتحقيق تحوُّل شامل ومستدام في القارة، تحوُّل يعكس قِيَمها، ويحمي شعوبها، ويُعزّز إمكاناتها.
وركّزت مناقشات القمة على فكرة رئيسية: من خلال الاستثمار المناسب في المهارات، والمعرفة الرقمية، والابتكار، يمكن لشباب إفريقيا المتمرسين في مجال التكنولوجيا أن يقودوا القارة نحو مستقبل تنافسي عالمي، قائم على الذكاء الاصطناعي، يُلبِّي الاحتياجات المحلية. إضافةً إلى ذلك، توفر موارد الطاقة المتجددة الوفيرة في إفريقيا أساسًا مستدامًا لتشغيل مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية التي ستدعم هذا التحول. ومع ذلك، ومع تسارع القارة نحو عصر الذكاء الاصطناعي، لا بد من مواجهة تحديات حرجة: مثل: كيفية ضمان السلامة، وبناء ثقة الجمهور، ودعم حقوق الإنسان، وضمان الوصول العادل إلى البيانات.
وقد سلّطت فاطمة سيساي، ممثلة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في رواندا، الضوء على تركيز البرنامج على دعم الدول في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي، وتعزيز مشاركة المواطنين في السياسات الرقمية، والاستفادة من التركيبة السكانية الشبابية، وتطوير الخبرات التقنية المحلية في ضمانات الذكاء الاصطناعي. وقد دعم البرنامج حكومة رواندا في إنشاء هيئة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها. كما سلّطت الضوء على تصميم وطموح مبادرة “تيمبوكتو إفريقيا”، التي تستضيفها رواندا، باعتبارها أكبر مبادرة عالمية لدعم منظومة الابتكار في إفريقيا.([3])
ويبدو أن النقاشات التي أعقبت القمة تركز على البحث والابتكارات، مركزة على الحاجة إلى أنظمة بيانات، وبيانات عالية الجودة مُهيكلة جيدًا، وثقة وشفافية داخل المؤسسات، وملكية محلية وقدرة على إدارة هذه الميزات، عند النظر في البيانات لأغراض التنمية، تُعدّ المعلومات المتعلقة بالأفراد أمرًا حيويًّا، لا سيما في القطاع العام. ويشمل ذلك الحاجة إلى أنظمة إدارية قوية تدعم تقديم الخدمات، وإجراء مسوحات وطنية وتعداد سكاني دوري وتمثيلي، بما يضمن عدم تخلُّف أحد عن الركب. ومع ذلك، لا تزال منظومات البيانات في العديد من البلدان الإفريقية تعتمد على الأنظمة الورقية، وتُواجه تحديات هيكلية كبيرة. وتشمل هذه التحديات محدودية القدرة على استخدام البيانات في صنع القرار، وتخلف أنظمة البيانات الإدارية، وقلة الاستثمار في القدرات الإحصائية، وتكلفة وتعقيد البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والاعتماد على الجهات المانحة في مبادرات البيانات. وأكَّدت القمة أنّ مسار الذكاء الاصطناعي في إفريقيا بدأ يتطوَّر. ولكن على وجه الخصوص، يجب على الدول الإفريقية اعتماد نَهْج أكثر دقةً ووعيًا للحفاظ على التراث الثقافي؛ نظرًا لوجود عدد أكبر من اللغات غير الموثقة والمستخدَمة في الخوارزميات الحالية في القارة. يجب أن يعكس الذكاء الاصطناعي المُوجَّه نحو الإنسان المعايير المحلية من خلال تمويل مستدام ومسارات تناسب منظور الممارس، كجزء من المبادرات الإقليمية في آسيا وأمريكا الجنوبية وأماكن أخرى.([4])
ومن ضمن فعاليات القمة؛ عقدت منظمة Rights5 وشركاؤها أول قمة عالمية على الإطلاق للأطفال حول الذكاء الاصطناعي في إفريقيا في كيغالي، رواندا؛ حيث جمعت 50 طفلاً من جميع أنحاء القارة لمناقشة تأثير الذكاء الاصطناعي على حياتهم. من خلال نقاش تفاعلي، وجلسات نقاش، وجلسة تعليمية عبر مبادرة محو أمية الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، استكشف الأطفال كيف يُشكِّل الذكاء الاصطناعي تعليمهم، وسلامتهم الرقمية، وفرص عملهم المستقبلية. وحددوا العوائق التي تمنع الأطفال من المشاركة الفعالة في حوكمة الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك محدودية الوصول إلى تعليم الذكاء الاصطناعي، ونقص الوعي، والاستبعاد من مناقشات السياسات. كما طرح الأطفال حلولًا، داعين صانعي السياسات والحكومات وشركات التكنولوجيا إلى إعطاء الأولوية لتعليم الذكاء الاصطناعي في المدارس، ووضع لوائح أخلاقية تحترم حقوق الإنسان في مجال الذكاء الاصطناعي، وإنشاء منصات تُمكِّن الأطفال من التأثير على قرارات الذكاء الاصطناعي.([5])
المطلب الثالث
نموذج المؤتمرات: مؤتمر إفريقيا للذكاء الاصطناعي 2025م
انعقد مؤتمر إفريقيا للذكاء الاصطناعي 2025م -قيادة ثورة الذكاء الاصطناعي في إفريقيا-، الذي جمع قادة الفكر العالميين في مجال الذكاء الاصطناعي، وصانعي السياسات، ومبتكري التكنولوجيا، وخبراء الصناعة لصياغة مستقبل الذكاء الاصطناعي الأخلاقي وحوكمة البيانات في إفريقيا. في الفترة من 25 إلى 28 أغسطس 2025م في مومباسا، كينيا؛ لاستكشاف أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، وخصوصية البيانات، والابتكار المسؤول، وأُطُر الحوكمة الشاملة المُصمَّمة خصيصًا للتحديات والفرص في إفريقيا.([6])
أولًا: أهداف مؤتمر الذكاء الاصطناعي في إفريقيا 2025م
يُحْدِث الذكاء الاصطناعي تحولاتٍ في الصناعات في جميع أنحاء إفريقيا، إلا أن اعتماده السريع يُثير مخاوف أخلاقية وحوكمة مُلِحّة. وبحضور خبراء إقليميين وعالميين لتطوير حلول محلية تعكس السياقات الثقافية والاقتصادية والاجتماعية الفريدة لإفريقيا؛ تم العمل على وَضْع أُطُر تضمن استفادة جميع الأفارقة من الذكاء الاصطناعي، مع معالجة عدة مخاطر، مثل التحيُّز، وخصوصية البيانات، والفجوة الرقمية. من خلال:
- تطوير أُطُر حوكمة الذكاء الاصطناعي: تزويد صانعي السياسات بالمعرفة والإستراتيجيات اللازمة لوضع أُطُر تنظيمية للذكاء الاصطناعي تتماشى مع الواقع الإفريقي.
- تعزيز التبني الأخلاقي للذكاء الاصطناعي: استكشاف أفضل الممارسات لضمان العدالة والشفافية والمساءلة في أنظمة الذكاء الاصطناعي.
- معالجة مخاوف حماية البيانات والخصوصية: مناقشة سياسات حماية البيانات الشخصية والمؤسسية مع تعزيز الابتكار المسؤول في مجال الذكاء الاصطناعي.
- تعزيز التعاون بين أصحاب المصلحة المتعددين: إشراك الحكومات والأوساط الأكاديمية وقادة الصناعة والمجتمع المدني في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي في إفريقيا.
- دعم الذكاء الاصطناعي من أجل التنمية المستدامة: استكشاف كيف يمكن للذكاء الاصطناعي أن يُسهم في دَفْع عجلة النمو الشامل، والحدّ من أوجه عدم المساواة، ودعم أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.
ثانيًا: الموضوعات الرئيسية
- الذكاء الاصطناعي والأخلاقيات: معالجة التحيُّز والتمييز والشفافية في صنع القرار المتعلق بالذكاء الاصطناعي.
- خصوصية البيانات وحمايتها: وضع سياسات حوكمة بيانات تركز على إفريقيا.
- الأُطُر التنظيمية: إنشاء هياكل قانونية توازن بين الابتكار والمساءلة.
- الذكاء الاصطناعي والصالح العام: الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين الرعاية الصحية والتعليم والخدمات العامة.
- الأمن السيبراني ومخاطر الذكاء الاصطناعي: معالجة التحديات الأمنية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة.
- الذكاء الاصطناعي وجاهزية القوى العاملة: إعداد القوى العاملة في إفريقيا لاقتصاد قائم على الذكاء الاصطناعي.
- الاستثمار والابتكار في الذكاء الاصطناعي: جذب استثمارات أخلاقية في مجال الذكاء الاصطناعي ورعاية الشركات الناشئة المحلية.
ثالثًا: المخرجات
- مسودة إطار عمل لحوكمة وأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا.
- توصيات للإستراتيجيات الوطنية لحوكمة الذكاء الاصطناعي والبيانات.
- تعاون أقوى بين القطاعين العام والخاص في مجال الذكاء الاصطناعي الأخلاقي.
- زيادة الوعي وبناء القدرات في مجال حوكمة الذكاء الاصطناعي في إفريقيا.
المبحث الثاني
نماذج لمؤشرات الذكاء الاصطناعي وموقع إفريقيا جنوب الصحراء منها
هناك العديد من مؤشرات “جاهزية الذكاء الاصطناعي” أو “الاستعداد للذكاء الاصطناعي” لعام 2025م، ومن أبرزها مؤشر “أرم”، ومؤشر “سيلزفورس”، ومؤشر “سيسكو”، ومؤشر “صندوق النقد الدولي”. تقيس هذه المؤشرات جوانب مختلفة من تبنّي الذكاء الاصطناعي، بدءًا من الإستراتيجية والبنية التحتية، ووصولًا إلى الجاهزية لرأس المال الرقمي والبشري. فضلًا عن مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي (AIPI) AI Preparedness Index.([7]) ومؤشر الذكاء الاصطناعي Artificial Intelligence Index Report 2025م.([8])
كما يصدر مؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لإفريقيا 2025م، وتقرير حالة الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، وغيرها من المؤشرات.
نتناول في السياق التالي مؤشرين: مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي الحكومي من أكسفورد إنسايتس (GARI) لعام 2024م كمؤشر عالمي، ومؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لإفريقيا 2025م كمؤشر يخصّ إفريقيا.
المطلب الأول
مؤشر أكسفورد إنسايتس لجاهزية الذكاء الاصطناعي الحكومي (GARI) لعام 2024م
أولًا: المنهجية والقياس
تنشر جامعة أكسفورد المؤشر منذ عام ٢٠١٧م، لتتبُّع الانتشار المستمر لإستراتيجيات الذكاء الاصطناعي عالميًا، مع بدء الحكومات في اعتبار الذكاء الاصطناعي تقنية ذات أولوية.([9])
يُعدّ مؤشر جاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي The Oxford Insights Government AI Readiness Index (GARI)، في نسخته السابعة، مرجعًا موثوقًا لصانعي السياسات، واعتمدته الحكومات الوطنية كمعيار رسمي، وراجعته منظمات رائدة مثل اليونسكو ومجموعة العشرين. يُقيّم جاهزية 188 دولة للذكاء الاصطناعي. في وقتٍ يزداد فيه التعقيد؛ حيث تواجه الحكومات احتياجات المواطنين المتطورة وتحديات مُلِحّة مثل عدم اليقين الاقتصادي، ومخاطر المناخ، وتزايد التفاوتات. وتتطلب معالجة هذه القضايا بشكل صحيح قدرات أقوى وأكثر ابتكارًا في القطاع العام؛ وللذكاء الاصطناعي دور مهم.([10])
يستكشف المؤشر جاهزية الحكومات. ويُسلّط الضوء على التقدم المُحْرَز، ويُحدِّد الفجوات، ويُقدّم رؤى عملية لصانعي السياسات الذين يسعون إلى دمج الذكاء الاصطناعي في تقديم الخدمات العامة. وتتراوح درجاته من 0 إلى 100؛ حيث تشير الدرجات الأعلى إلى استعداد أكبر للذكاء الاصطناعي.
ومن هذا المنطلق، تم ابتكار 40 مؤشرًا عبر 10 أبعاد، تُشكِّل 3 ركائز أساسية. تُعدّ هذه الركائز الثلاث أساسية لتسهيل جاهزية الذكاء الاصطناعي داخل الدولة.
الحكومة: ينبغي أن تمتلك الحكومة رؤية إستراتيجية لكيفية تطوير وإدارة الذكاء الاصطناعي، مدعومة بلوائح تنظيمية مناسبة واهتمام بالمخاطر الأخلاقية (الحوكمة والأخلاقيات). علاوة على ذلك، يجب أن تمتلك قدرة رقمية داخلية قوية، بما في ذلك المهارات والممارسات التي تدعم قدرتها على التكيُّف مع التقنيات الجديدة.
قطاع التكنولوجيا: تعتمد الهيئات العامة على توافر جيد لأدوات الذكاء الاصطناعي من قطاع التكنولوجيا في الدولة، والذي يجب أن يكون ناضجًا بما يكفي لتزويد الحكومة. يجب أن يتمتع القطاع بقدرة ابتكارية عالية، مدعومة ببيئة أعمال تدعم ريادة الأعمال وتدفق جيد للإنفاق على البحث والتطوير. ولا يقلل هذا من أهمية المستويات الجيدة لرأس المال البشري، الذي يُحفّز تطوير حلول الذكاء الاصطناعي المتقدمة ويضمن قدرة القطاع على الاستجابة للاحتياجات المُتطورة للحكومات.
البيانات والبنية التحتية: تحتاج أدوات الذكاء الاصطناعي إلى كميات كبيرة من البيانات عالية الجودة (توافر البيانات)، والتي، لتجنُّب التحيز والخطأ، يجب أن تُمثّل أيضًا المواطنين في بلدٍ مُعيَّن (تمثيل البيانات). وأخيرًا، لا يُمكن تحقيق إمكانات هذه البيانات دون البنية التحتية لتشغيل أدوات الذكاء الاصطناعي وتقديمها للمواطنين.
ثانيًا: النتائج العامة لمؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي الحكومي 2024م
تشهد إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي ارتفاعًا مجددًا، مع تزايد الزخم في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل. في العام الماضي، كانت إحدى النتائج الرئيسية هي انخفاض عدد إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي الجديدة، إلا أن الصورة أصبحت أكثر تنوعًا؛ حيث قامت الاقتصادات منخفضة ومتوسطة الدخل بإضفاء الطابع الرسمي على رؤيتها للذكاء الاصطناعي. هذا العام، زاد عدد الإستراتيجيات، إلا أن الصورة لا تزال تزداد تنوعًا. في عام 2024م، تم نشر أو الإعلان عن 12 إستراتيجية جديدة للذكاء الاصطناعي؛ أي ثلاثة أمثال العدد المسجل في عام 2023م.
على سبيل المثال، أصبحت إثيوبيا ثاني دولة منخفضة الدخل تُطلق إستراتيجية جديدة للذكاء الاصطناعي، بعد رواندا التي حققت ذلك في عام 2023م. وبالمثل، قامت اقتصادات من فئة الدخل المتوسط الأدنى، مثل غانا ونيجيريا وسريلانكا وأوزبكستان وزامبيا، بصياغة رؤاها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي هذا العام، كما يستمر التنوع الجغرافي، مع ظهور إستراتيجيات في إفريقيا جنوب الصحراء (إثيوبيا، غانا، موريتانيا، نيجيريا، زامبيا)، وجنوب ووسط آسيا (سريلانكا، أوزبكستان)، وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي (كوستاريكا، كوبا). تشير هذه المناطق -التي لطالما كانت ممثلة تمثيلًا ناقصًا في أعمال إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي-، إلى التزامها ببناء أُطُر الحوكمة الأساسية اللازمة لتحسين جاهزية الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، ساهمت الدول ذات الدخل المرتفع أيضًا في ذلك، وإن كان بوتيرة أبطأ من السنوات السابقة.
تتصدر الولايات المتحدة مؤشر الجاهزية، لكنّ ميزتها تكمن بشكل كبير في قطاع التكنولوجيا. عند مقارنة الولايات المتحدة الأمريكية ببقية الدول الخمس الأولى في المؤشر، يتضح أن ميزتها تكمن بشكل أساسي في قطاع التكنولوجيا؛ حيث تتمتع بسوق أكبر وأكثر نضجًا من أيّ مكان آخر. أما ميزتها في باقي الركائز فهي أقل وضوحًا. في الواقع، تتصدر سنغافورة مؤشر الجاهزية العالمية في كلٍّ من ركيزتي الحكومة (90.96 مقارنة بـ89.26 للولايات المتحدة)، والبيانات والبنية التحتية (93.14 مقارنة بـ90.90 للولايات المتحدة). وبمقارنة الولايات المتحدة بمتوسط بقية الدول الخمس الأولى، تتضح هذه القصة بشكل أكبر: إذ تحافظ الولايات المتحدة على تفوق قدره 2.93 نقطة فقط في المتوسط على الدول الخمس الأولى الأخرى في ركيزة الحكومة، وتفوق قدره 0.71 نقطة فقط في ركيزة البيانات والبنية التحتية. وفي ركيزة قطاع التكنولوجيا، تحافظ أمريكا على تفوقها بفارق 15.61 نقطة، مما يُبرز الدور الفريد الذي تلعبه هذه الركيزة في ترسيخ ريادتها.
ويتضح هذا التفوق بشكل أكبر عند دراسة الأنماط على مستوى الأبعاد. ففي مؤشر النضج، الذي يُعنى بحجم وتطور سوق التكنولوجيا داخل الدولة، تُسجل الولايات المتحدة 83.80 نقطة، بفارق مذهل قدره 62 نقطة مقارنةً بالمتوسط العالمي البالغ 21.86 نقطة، وفي مؤشر القدرة على الابتكار، يبلغ الفارق قرابة 48 نقطة (92.48 نقطة مقابل 45.02 نقطة). وبينما تتفوق بقية الدول الخمس الأولى على المتوسط العالمي بشكل أساسي من خلال نقاط القوة في ركيزة الحكومة -لا سيما الحوكمة والأخلاقيات والقدرة الرقمية-، بالإضافة إلى البنية التحتية، فإن قيادة الولايات المتحدة مدفوعة بشكل غير متناسب بقطاع التكنولوجيا.
الاقتصادات متوسطة الدخل تَسُدّ فجوة الجاهزية للذكاء الاصطناعي من خلال تطبيقها الأساسيات بشكل صحيح. هذا العام، برزت بعض الدول متوسطة الدخل كدول ذات أداء متميز، مُحرزةً تقدُّمًا ملحوظًا نحو دخول قائمة أفضل 50 دولة. تُطبّق دول مثل أوكرانيا وكوستاريكا ومولدوفا وأوزبكستان الأساسيات بشكل صحيح. من خلال التركيز على المجالات التي يكون للحكومات فيها التأثير المباشر الأكبر. يُحقق أداء هذه الدول الآن أداءً أعلى من المتوسط العالمي في الرؤية، والحوكمة والأخلاقيات، وتوافر البيانات.
في مجال الرؤية، حققت الدول الأربع -أوكرانيا، وكوستاريكا، ومولدوفا، وأوزبكستان- درجة كاملة 100، متجاوزةً بذلك المتوسط العالمي البالغ 42.55 بكثير. وفي مجال الحوكمة والأخلاقيات، تصدرت كوستاريكا الترتيب بحصولها على 83.48، تليها أوكرانيا (75.43) ومولدوفا (75.05)، متجاوزةً جميعها المتوسط العالمي البالغ 57.21. أما أوزبكستان، فرغم انخفاضها قليلاً عند 58.57، إلا أنها لا تزال تتفوق على المعيار العالمي. تعكس هذه النتائج جهودًا كبيرةً لوضع أُطُر أخلاقية؛ فقد اعتمدت أوكرانيا ومولدوفا وكوستاريكا مثل هذه الأُطُر، بينما وضعت أوزبكستان مسودةً لها في عام 2024م. ويُعتبر الأداء في مجال توافر البيانات قويًّا بنفس القدر. وتجاوزت أوكرانيا (83.93)، وكوستاريكا (78.67)، ومولدوفا (78.90)، وأوزبكستان (84.05) المتوسط العالمي البالغ 59.81 بكثير.
تستمر حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية في التبلور مع اكتساب التعاون الإقليمي زخمًا. مع تقدُّم الذكاء الاصطناعي، تُصبح الحوكمة العالمية والتعاون الدولي ضروريين لتبنّيه بفعالية ومسؤولية. تُوفِّر الأطر المشتركة والمعايير الدولية والتعاون الإقليمي للحكومات الموارد وأفضل الممارسات وفهمًا مشتركًا لإمكانيات الذكاء الاصطناعي ومخاطره.
شهد هذا العام تقدمًا ملحوظًا في تطوير الأطر الدولية للذكاء الاصطناعي المسؤول. تُمثل معاهدة مجلس أوروبا للذكاء الاصطناعي -وهي أول اتفاقية مُلزمة قانونًا بشأن الذكاء الاصطناعي- إنجازًا بارزًا. كما تُوحد الشبكة الدولية لمعاهد سلامة الذكاء الاصطناعي، التي أُطلقت في قمة سيول للذكاء الاصطناعي 2024م، جهودًا للنهوض بعلوم سلامة الذكاء الاصطناعي. وتواصل اليونسكو لعب دور محوري في الحوكمة الأخلاقية للذكاء الاصطناعي. وقد أشركت منهجيتها لتقييم الجاهزية (RAM) حتى الآن 58 حكومة حول العالم، مما ساعدها على مواءمة توصيات اليونسكو بشأن أخلاقيات الذكاء الاصطناعي؛ ففي أمريكا اللاتينية، مهَّد إعلان سانتياغو الطريق لمزيد من العمل. واستفاد الاتحاد الإفريقي لكرة القدم واليونسكو ولجنة الأمم المتحدة الاستشارية للذكاء الاصطناعي (AGESIC) في أوروغواي من هذا الزخم من خلال إعلان مونتيفيديو، مما عزَّز التعاون الإقليمي. وقدّم الاتحاد الإفريقي إستراتيجيته القارية للذكاء الاصطناعي، والتي تهدف إلى مواءمة سياسات الذكاء الاصطناعي، وتشجيع الابتكار، وضمان النشر الأخلاقي في جميع أنحاء المنطقة. وبالمثل، تساهم منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو) في جاهزية الذكاء الاصطناعي في جميع دولها الأعضاء من خلال آليات مثل مركز الاستشراف والذكاء الاصطناعي.
ثالثًا: موقع بلدان إفريقيا جنوب الصحراء في المؤشر مقارنةً بمناطق العالم
تذيلت بلدان المنطقة ذيل الترتيب العالمي بين مناطق العالم في مؤشر الجاهزية الحكومي محققة (32.91)، مقارنة بمتوسط عالمي بلغ (47.59) درجة. كما ينضح في الشكل رقم (1).
شكل رقم (1)
موقع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي الحكومي 2024م
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى بينات مؤشر الجاهزية الحكومية لعام 2024م
وعلى المستوى القُطري:
تُظهر إفريقيا جنوب الصحراء تقدمًا ملحوظًا في جاهزية الذكاء الاصطناعي؛ حيث تتصدر موريشيوس (53.94)، وجنوب إفريقيا (52.91)، ورواندا (51.25) المنطقة. وتبرز هذه الدول كدول رائدة، مع زخم واضح في تعزيز منظوماتها البيئية للذكاء الاصطناعي. وتُبرز المجموعة التالية من الدول ذات الأداء المتميز، بقيادة السنغال (46.11)، فرصًا إضافية للنمو. جدير بالذكر أن المنطقة تُظهر نطاقًا أكثر تماسكًا من حيث الدرجات؛ حيث تفصل 35.36 نقطة بين أفضل أداء لها وجنوب السودان.
شكل رقم (2)
أكثر خمسة بلدان جاهزية في الذكاء الاصطناعي في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى بينات مؤشر الجاهزية الحكومية لعام 2024م
بينما تخلَّفت جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وبورندي والكنغو الديمقراطية وإريتريا عن الركب وفقًا للشكل التالي.
شكل رقم (3)
أقل خمسة بلدان جاهزية في الذكاء الاصطناعي في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2024م
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى بينات مؤشر الجاهزية الحكومية لعام 2024م
وعلى مستوى الركائز الفرعية الثلاث:
تكمن أكبر نقاط قوة المنطقة في ركيزة البيانات والبنية التحتية؛ حيث يبلغ متوسطها (42.34)، مما يُظهر تطورات واعدة في مجالات مثل توافر البيانات والبنية التحتية. وبينما تُبرز الدرجات في ركيزة الحكومة (32.25) وركيزة قطاع التكنولوجيا (24.16) فرصًا لمزيد من الاستثمار، فإن أداء القادة الإقليميين يُشير إلى تقدُّم مُهِمّ وطموح متزايد لتسخير الذكاء الاصطناعي لتحقيق التنمية المستدامة. مع استمرار موريشيوس وجنوب إفريقيا ورواندا في تمهيد الطريق، تعكس جهودها إمكانات المنطقة في الاستفادة من نقاط القوة الناشئة وتعزيز جاهزية الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء العالم.
شكل (4)
درجات إفريقيا جنوب الصحراء على مستوى الركائز الفرعية مقارنة بالمتوسط العالمي
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى بينات مؤشر الجاهزية الحكومية لعام 2024م
وبخصوص التطورات الرئيسية في المنطقة لعام ٢٠٢٤م:
- حددت مجموعة من الدول رؤاها الإستراتيجية المتعلقة بالذكاء الاصطناعي. فقد أصدرت كلّ من إثيوبيا وجنوب إفريقيا ونيجيريا وزامبيا إستراتيجياتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي هذا العام. وعلى المستوى الإقليمي، أصدر الاتحاد الإفريقي إستراتيجيته الخاصة في يوليو 2024م، والتي يتمثل هدفها المعلن في “تسخير الذكاء الاصطناعي من أجل تنمية إفريقيا وازدهارها”.
- بناء رأس المال البشري اللازم لاعتماد الذكاء الاصطناعي. في أكتوبر الماضي، أعلنت الحكومة الكينية عن إنشاء المركز الإفريقي للكفاءة في مجال الذكاء الاصطناعي الرقمي والاصطناعي (AI Skilling) بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (UNDP) وشركة مايكروسوفت. يُعدّ هذا المشروع ثمرةً للرؤية المُحددة في الخطة الوطنية الرقمية الرئيسية للبلاد 2022- 2032م، والتي تهدف إلى تعزيز الثقافة الرقمية لدى 300000 موظف حكومي.
- تُشارك كينيا بفعالية في نقاشات الذكاء الاصطناعي العالمية. ففي اجتماعها الافتتاحي في سان فرانسيسكو في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أصبحت أول دولة إفريقية تنضم إلى الشبكة الدولية لمعاهد سلامة الذكاء الاصطناعي المُنشأة حديثًا.
رابعًا: تقييم مؤشر جاهزية الذكاء الاصطناعي الحكومي 2024م
يُعدّ مؤشر أكسفورد إنسايتس أداةً معترفًا بها لتقييم مدى استعداد الحكومات لتبني الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته. إلا أنه هناك بعض الانتقادات حول منهجيته منها ما يتعلق بمعايير الترجيح والأساليب التحليلية المستخدمة في استخلاص تصنيفات الدول. قد لا تستوعب أساليب المتوسطات التقليدية، سواءً كانت حسابية أو هندسية، تعقيدات جاهزية الذكاء الاصطناعي بشكل كامل. وقد اقترح الباحثون دوالًا غير خطية بديلة وتحليلات تجميعية لتوفير تقييم أكثر دقة.([11])
ومن نقاط الخلاف الأخرى عدم إمكانية الوصول إلى بيانات الدولة وعدم اتساقها. في حين تنشر بعض البلدان رؤاها الإستراتيجية لتبنّي الذكاء الاصطناعي بشفافية، لا تقدم أخرى سوى مجموعات مؤقتة من الأوامر التنفيذية أو مشاريع القوانين التشريعية، أو تفتقر حتى إلى التوثيق الرسمي بالكامل. يُصعّب هذا الندرة في البيانات قياس تطور القوى العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي بدقة. كما يُشكّل هذا التناقض عائقًا كبيرًا أمام التقييم الشامل والموثوق.
غالبًا ما لا يتم استيعاب دور القطاعين الخاص والأكاديمي في دفع عجلة ابتكار الذكاء الاصطناعي بشكل كامل أو ترجيحه بشكل مناسب في مؤشرات الجاهزية.([12])
كما أن غياب إطار نظري شامل للتطبيق الآمِن للذكاء الاصطناعي، وغياب الإجماع على حوكمة الذكاء الاصطناعي، يُصعّبان إجراء تقييم كامل لجاهزية أيّ دولة في هذا المجال الحيوي.([13])
الخلاصة:
يشير أكسفورد إنسايتس لجاهزية الحكومات للذكاء الاصطناعي لعام 2024م إلى أن التقدم لا يقتصر على الدول المتقدمة، بل يشمل أيضًا الدول النامية التي تبني تدريجيًّا بيئات تشريعية وبنى تحتية داعمة. ويُعدّ التعاون الدولي، إلى جانب الأُطُر الوطنية، مفتاحًا لتعزيز الجاهزية الشاملة وتحقيق الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي في خدمة التنمية المستدامة.
وعلى الرغم من تذيُّل إفريقيا جنوب الصحراء مناطق العالم من حيث درجات المؤشر إلا أنها بدأت منذ عام 2023م لوضع إستراتيجيتها الوطنية والقارية للذكاء الاصطناعي، فضلًا عن وجود نماذج بارزة في تبنّيه، سواء على المستوى القطري أو على مستوى القطاعات. وعلى الرغم من أن المؤشر يوفر رؤى قيمة، إلا أنه على مستوى المنهجية يحتاج إلى أساليب تحليلية أكثر دقة، وتحسين إمكانية الوصول إلى البيانات، واعتبار أعمق لمساهمات القطاعين الخاص والأكاديمي، وإطار عمل أكثر قوة لتقييم سلامة الذكاء الاصطناعي والحوكمة.
المطلب الثاني
موقع إفريقيا في جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2025م
أولًا: التعريف بالمؤشر وهيكله
يُقدّم مؤشر جاهزية مواهب الذكاء الاصطناعي AI Talent Readiness Index for Africa أول تقييم شامل -من قِبل أفارقة وللأفارقة- لقدرة القارة على تطوير مواهب الذكاء الاصطناعي في إفريقيا والاحتفاظ بها ونشرها في القارة. ويعتمد هذا المؤشر على 20 مصدرًا دوليًّا للبيانات، ويقيس ثلاثة أبعاد أساسية. ونظرًا لقلة المتخصصين في الذكاء الاصطناعي العاملين حاليًّا في جميع أنحاء القارة، فإن معالجة فجوة المواهب في إفريقيا أمرٌ بالغ الأهمية لتسخير إمكانات هذه التكنولوجيا، والبالغة 2.9 تريليون دولار، والأثر الاقتصادي المتوقع بحلول عام 2030م. ويُعدّ المؤشر إستراتيجية رائدة ضمن مشروع “تحفيز قيادة إفريقيا للذكاء الاصطناعي”، بدعم من مؤسسة غيتس. يُعالج هذا المشروع العوائق الرئيسية التي تحول دون تبني الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، بما في ذلك فجوات المواهب، ومحدودية القدرات المؤسسية، وتجزؤ أطر السياسات. ([14]) تنشر المؤشر شركة Qhala للإستراتيجيات الرقمية ومنصة الأبحاث Qubit Hub.
كما يُعدّ إطار قياس ونتائج مُصمّمًا خصيصًا للسياق الإفريقي على درجات تتراوح بين 0 و100. ويُقيّم قدرة الدول على تطوير مواهب الذكاء الاصطناعي والاحتفاظ بها ونشرها من خلال تقييم الأداء عبر ثلاثة ركائز تشكل أوزانا مرجحة مختلفة: المهارات الرقمية (40%)، والبيانات والبنية التحتية (35%)، وجاهزية الحكومة (25%).
الركيزة الأولى: المهارات الرقمية
- معدل الإلمام بالقراءة والكتابة لدى البالغين: النسبة المئوية للسكان الذين تبلغ أعمارهم 15 عامًا فأكثر والذين يستطيعون قراءة وكتابة وفهم جملة بسيطة تتعلق بالحياة اليومية، مما يُشكِّل أساسًا لتنمية المهارات الرقمية.
- القوى العاملة ذات التعليم المتقدّم: النسبة المئوية للقوى العاملة التي حصلت على تعليم عالٍ، والتي تُمثل مجموعة المواهب التقنية المتقدمة المحتملة.
- مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النظام التعليمي: مدى دمج الكفاءات الرقمية في المناهج التعليمية ومنهجيات التدريس في المراحل الابتدائية والثانوية والجامعية.
- نسبة الخريجات في مساقات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات: النسبة المئوية للخريجات في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، مما يعكس التنوع بين الجنسين في التعليم التقني.
- انتشار اقتصاد العمل الحر: النسبة المئوية للقوى العاملة المنخرطة في أعمال المنصات الرقمية، مما يعكس مسارات بديلة لتنمية المهارات والخبرة الرقمية العملية.
- المطورون لكل مليون نسمة: عدد مطوّري البرمجيات المحترفين نسبةً إلى عدد السكان، مما يُشير إلى كثافة المواهب التقنية داخل البلد.
- مؤسسات التعليم العالي التي تُدرّس الذكاء الاصطناعي/التعلم الآلي: عدد الجامعات والمؤسسات المتخصصة التي تُقدّم برامج رسمية في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي.
الركيزة الثانية: البيانات والبنية التحتية
- الأفراد الذين يستخدمون الإنترنت: نسبة السكان الذين يصلون إلى خدمات الإنترنت ويستخدمونها بانتظام، وهو شرط أساسي لتطوير مهارات الذكاء الاصطناعي وتطبيقها.
- معدل انتشار الكهرباء: نسبة السكان الذين يحصلون على كهرباء موثوقة، وهو أمر أساسي لتشغيل الأجهزة الرقمية والبنية التحتية للذكاء الاصطناعي.
- تصنيف GSMA لمؤشر الاتصال بالهواتف المحمولة: درجة مُركّبة تُقيّم جودة شبكات الهاتف المحمول وأدائها وقدرتها على تحمل التكاليف، مما يعكس تطور البنية التحتية للهاتف المحمول في الدولة.
- حوكمة البيانات: الأطر والسياسات والممارسات المُعتمدة لضمان إدارة أخلاقية وآمنة وفعالة لموارد البيانات.
- مستوى الثقة في التقنيات الرقمية: ثقة الجمهور في الأنظمة الرقمية واستعداده لتبني تقنيات جديدة، تُقاس من خلال الاستطلاعات وأنماط التبني. عدد السكان المشمولين بشبكة الهاتف المحمول من الجيل الثالث: نسبة السكان الذين يتمتعون بإمكانية الوصول إلى اتصال إنترنت محمول من الجيل الثالث على الأقل، مما يُمكّنهم من المشاركة الرقمية الأساسية.
- الإنفاق على برمجيات الحاسوب: الاستثمار الوطني في أدوات ومنصات البرمجيات كنسبة مئوية من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس تخصيص الموارد للبنية التحتية التقنية.
الركيزة الثالثة: جاهزية الحكومة
- الإستراتيجية الوطنية للذكاء الاصطناعي: خطة حكومية شاملة ومنشورة تُعنى تحديدًا بتطوير الذكاء الاصطناعي وتطبيقه وحوكمته.
- تشريعات حماية البيانات والخصوصية: أُطُر قانونية تُرسي قواعد جمع البيانات الشخصية وتخزينها ومعالجتها ومشاركتها.
- تشجيع الحكومة للاستثمار في التكنولوجيا الناشئة: سياسات وبرامج مُصمَّمة لجذب وتحفيز الاستثمار في قطاعات التكنولوجيا، بما في ذلك الحوافز وتمويل الابتكار.
- جودة اللوائح التنظيمية: قدرة الحكومات على صياغة وتنفيذ سياسات ولوائح سليمة تُتيح وتُعزز تنمية القطاع الخاص، وفقًا لمؤشرات الحوكمة العالمية.
- البنية التحتية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات: الأنظمة الرقمية الحكومية، والخدمات الإلكترونية، والقدرة التقنية، وفقًا لمؤشر نُضج التكنولوجيا الحكومية.
- فعالية الحكومة: جودة الخدمات العامة، وأداء الخدمة المدنية، والقدرة على تنفيذ السياسات، وفقًا لمؤشرات الحوكمة العالمية.
ثانيًا: النتائج العامة على المستوى القُطري:
تُعدّ جنوب إفريقيا وتونس ومصر الدول الإفريقية الأكثر استعدادًا لتطوير ونشر المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي؛ حيث تحتل جنوب إفريقيا المرتبة الأولى برصيد 52.15 نقطة، بفضل أدائها المتميز في المهارات الرقمية ومكانتها القوية في البنية التحتية للبيانات. بينما تعادلت تونس ومصر في المركز الثاني برصيد 51.80 نقطة لكل منهما. تتصدر تونس القارة في مجال البيانات والبنية التحتية، بينما تأتي مصر في المرتبة الثانية في المهارات الرقمية. تليها كينيا بمعدل 49.70، متقدمة على موريشيوس (48.00)، ورواندا (46.90)، وغانا (46.50)، والجزائر (45.85)، والمغرب (43.75). وتكمل سيشل المراكز العشرة الأولى بمعدل 42.50. وفقًا للجدول للشكلين التاليين:
شكل رقم (5)
المراتب العشرة الأولى في مؤشر جاهزية المواهب في الذكاء الاصطناعي في إفريقيا لعام 2025م
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى تقرير مؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2025م
شكل رقم (6)
أفضل خمسة بلدان على مستوى الركائز
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى تقرير مؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2025م
بينما تذيلت جنوب السودان وإفريقيا الوسطى وجيبوتي وغينيا بيساو ذيل الترتيب القاري، وفقًا للشكل التالي.
شكل رقم (7)
المراتب العشرة الأخيرة في مؤشر جاهزية المواهب في الذكاء الاصطناعي في إفريقيا لعام 2025م
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى تقرير مؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2025م
شكل رقم (8)
أدنى خمسة بلدان على مستوى الركائز
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى تقرير مؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2025م
ثالثًا: نتائج المؤشر على المستوى الإقليمي الفرعي
يكشف المؤشر العام عن أنماط إقليمية متميزة في جاهزية مواهب الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء إفريقيا؛ حيث أظهرت شمال إفريقيا (4 دول ضمن أفضل 10 دول)، وشرق إفريقيا (3 دول ضمن أفضل 10 دول) أقوى أداء إجمالي. يُظهر جنوب إفريقيا تميزًا مُركّزًا (جنوب إفريقيا في المرتبة الأولى) مع تباين ملحوظ، بينما يُظهر غرب إفريقيا أداءً متسقًا في الفئة المتوسطة؛ حيث كانت غانا (المرتبة السابعة) الدولة الوحيدة ضمن أفضل 10 دول أداءً. تواجه وسط إفريقيا التحديات الأبرز؛ حيث لم تدخل الكاميرون (المرتبة 11) سوى قائمة أفضل 20 دولة.
شكل رقم (9)
درجات الأقاليم الفرعية في مؤشر جاهزية المواهب لعام 2025م
الرسم من إعداد الباحث استنادًا إلى تقرير مؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي لعام 2025م
شمال إفريقيا (المتوسط الإقليمي: 38.2 نقطة):
يعكس الأداء القوي لشمال إفريقيا الاستثمارات التاريخية في أنظمة التعليم، وتطوير البنية التحتية، وإصلاحات الحوكمة. وتستفيد المنطقة من القرب الجغرافي من الأسواق الأوروبية، مما يُتيح نقل التكنولوجيا وشراكات تطوير المواهب. تقف تونس ومصر جنبًا إلى جنب في المرتبة الثانية؛ حيث حصلت كل منهما على 51.8 نقطة، مما يدل على قوتهما المشتركة في جاهزية الذكاء الاصطناعي. تُظهر الجزائر (45.85 نقطة، المرتبة 8) والمغرب (43.75 نقطة، المرتبة 9) تنمية متوازنة في جميع الركائز الثلاث، وإن كان هناك بعض التباين في التركيز؛ حيث تتفوق تونس في البنية التحتية، ومصر في المهارات الرقمية، والجزائر في أنظمة التعليم. وأنشأت مصر مجلسًا وطنيًّا للذكاء الاصطناعي ومجموعة عمل إفريقية معنية بالذكاء الاصطناعي تهدف إلى وضع إستراتيجية موحدة للذكاء الاصطناعي لإفريقيا.
يُعاني السودان (20.85 نقطة، المرتبة 33) من ضعف أداء نظرائه الإقليميين بشكل ملحوظ، ويعاني بشكل خاص في جاهزية الحكومة (4.5 نقطة، المرتبة 51) على الرغم من الأداء المعتدل في المهارات الرقمية (12.05 نقطة، المرتبة 22). يُسلط هذا التفاوت الضوء على التأثير الحاسم لأطر الحوكمة على الجاهزية العامة، حتى مع وجود المهارات الأساسية. يُظهر وضع ليبيا الاستثنائي (11.3 نقطة، المرتبة 46) كيف يُمكن للصراع أن يُقوّض بسرعة القدرات التي طُوّرت سابقًا؛ حيث يُؤدي التدهور في جميع الركائز إلى تراجع شبه شامل لمكاسب التنمية.
شرق إفريقيا (المتوسط الإقليمي: 32.7 نقطة):
تُظهر شرق إفريقيا مسار التنمية الأكثر ديناميكية؛ حيث تُمكّن الخيارات السياسية الإستراتيجية البلدان من التغلب على قيود الموارد. تُظهر كل من كينيا (49.7 نقطة، المرتبة 4)، وموريشيوس (48 نقطة، المرتبة 5)، ورواندا (46.9 نقطة، المرتبة 6) مسارات تنمية مُتميزة؛ حيث تستفيد كينيا من ابتكارات الهاتف المحمول ومجتمعات المطورين، بينما تعتمد موريشيوس على تميز الحوكمة والتوجه نحو الخدمات، وتُطبّق رواندا تخطيطًا إستراتيجيًّا شاملاً رغم محدودية الموارد. ومع ذلك، تُظهر المنطقة أكبر تفاوتات داخلية في القارة؛ حيث احتلت جنوب السودان (1.4 نقطة، المرتبة 54)، والصومال (8.95 نقطة، المرتبة 50)، وإريتريا (10.45 نقطة، المرتبة 48)، وجيبوتي (4.6 نقطة، المرتبة 52) بعضًا من أدنى المراكز على مستوى القارة؛ حيث يعكس التباين تأثير جودة الحوكمة والاستقرار السياسي على تطوير منظومة المواهب.
جنوب إفريقيا (المتوسط الإقليمي: 35.3 نقطة):
يرتكز أداء جنوب إفريقيا على ريادة جنوب إفريقيا القارية (52.15 نقطة، المرتبة 1)، مما يُظهر تميزًا متوازنًا في جميع الركائز الثلاث. تستفيد المنطقة من بنية تحتية وأنظمة حوكمة متطورة نسبيًّا، على الرغم من وجود تحديات كبيرة في تطوير المهارات المتخصصة خارج جنوب إفريقيا.
وتُظهر المنطقة تباينًا داخليًّا معتدلًا؛ حيث تُشكّل ناميبيا (39.4 نقطة، المرتبة 14)، وزيمبابوي (38.55 نقطة، المرتبة 16)، وزامبيا (36.95 نقطة، المرتبة 19)، وبوتسوانا (35.95 نقطة، المرتبة 20) مرتبة ثانية قوية، بينما تواجه موزمبيق (24.75 نقطة، المرتبة 30) وليسوتو (28.3 نقطة، المرتبة 27) تحديات إنمائية أكثر أهمية.
غرب إفريقيا (المتوسط الإقليمي: 27.6 نقطة):
يُظهر غرب إفريقيا أداءً متسقًا في الفئة المتوسطة مع وجود تفاوتات محدودة. تتصدر غانا (46.5 نقطة، المرتبة 7) المنطقة من حيث التنمية المتوازنة في جميع الركائز، بينما لا يُصنّف أيّ بلد ضمن الدول الخمس الأخيرة على مستوى القارة. تُواجه المنطقة تحديات خاصة في تطوير البنية التحتية؛ حيث تُمثل موثوقية الكهرباء وضعف الربط الريفي عوائق كبيرة أمام نمو منظومة المواهب.
يستحق أداء نيجيريا (37.7 نقطة، المرتبة 18) اهتمامًا خاصًّا نظرًا لحجمها الاقتصادي وبيئة أعمالها التكنولوجية الناشئة النابضة بالحياة، مما يشير إلى إمكانية تحقيق تقدم سريع من خلال تدخلات سياساتية مُستهدفة، لا سيما في أنظمة التعليم وأُطُر الحوكمة. وتتميز الرأس الأخضر (41.6 نقطة، المرتبة 12) بأداء قوي في المنطقة، مما يُظهر كيف يُمكن للاقتصادات الصغيرة تحقيق جاهزية تنافسية من خلال الاستثمارات الإستراتيجية. تُظهر المنطقة تباينًا ملحوظًا؛ حيث تواجه موريتانيا (18.45 نقطة، المرتبة 36)، وغامبيا (17.2 نقطة، المرتبة 38)، والنيجر (10.65 نقطة، المرتبة 47)، وغينيا (9.65 نقطة، المرتبة 49)، وغينيا بيساو (5.35 نقطة، المرتبة 51) تحديات جسيمة في جميع الأبعاد.
وسط إفريقيا (المتوسط الإقليمي: 19.4 نقطة):
تواجه وسط إفريقيا أبرز التحديات على مستوى القارة؛ حيث تُظهر الكاميرون فقط (42.35 نقطة، المرتبة 11) أداءً تنافسيًّا. وتواجه المنطقة تحديات مُركبة في جميع الركائز، مع عجزٍ حادٍّ في البنية التحتية (الوصول إلى الكهرباء والاتصال بها) والحوكمة (الأطر التنظيمية والقدرة على التنفيذ).
يُسلط أداء جمهورية الكونغو الديمقراطية (13.55 نقطة، المرتبة 43) الضوء على فجوة صارخة بين هبة الموارد وتطوير منظومة المواهب، بينما تواجه تشاد (14.2 نقطة، المرتبة 40)، وغينيا الاستوائية (13.95 نقطة، المرتبة 42)، وجمهورية إفريقيا الوسطى (4.1 نقطة، المرتبة 53) فجوات إنمائية حرجة تتطلب تدخلات أساسية في جميع الأبعاد. يكشف التحليل الإقليمي لمؤشر جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي عن مسارات متباينة لتطوير منظومة المواهب في جميع أنحاء إفريقيا. تُظهر دول شمال إفريقيا كيف أن الاستثمار المستدام في أنظمة التعليم والبنية التحتية يخلق بيئات تمكينية لمواهب الذكاء الاصطناعي، بينما يُظهر قادة شرق إفريقيا مثل رواندا وكينيا كيف يمكن للخيارات السياسية الإستراتيجية التغلب على قيود الموارد من خلال تدخلات مُركزة. يكمن التحدي الأكثر أهمية للقارة في معالجة التفاوتات الإقليمية العميقة؛ حيث تتطلب دول وسط إفريقيا على وجه الخصوص استثمارات أساسية في جميع الأبعاد. إن نقل المعرفة عبر المناطق يمثل فرصة كبيرة، مع إمكانية تكرار ابتكارات الحوكمة في رواندا، ونهج البنية الأساسية التي تُركّز على الهاتف المحمول في كينيا، وتطوير النظام البيئي التعليمي في جنوب إفريقيا بطرق مناسبة للسياقات في مناطق أخرى.
بناءً على هذه النتائج، نقترح أربعة تدخلات إستراتيجية يُمكن اعتمادها في جميع مناطق إفريقيا الخمس، لضمان اتباع نهج شامل على مستوى القارة لتعزيز جاهزية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي. صُمِّمت هذه التوصيات ليتم تنفيذها مِن قِبَل الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية، ومعالجة التحديات والفرص الرئيسية التي تمتد عبر شمال وغرب وشرق ووسط وجنوب إفريقيا:
- إطلاق مبادرة تعليمية في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى القارة، تشمل تطوير المناهج الدراسية، وتستهدف الشباب في جميع مستويات التعليم، لتلبية احتياجات المتعلمين وزيادة فرص تعليم الذكاء الاصطناعي في جميع أنحاء القارة.
- تنفيذ أهداف تدريبية تعاونية تلتزم بموجبها كل دولة موقعة بتدريب أكثر من 15% من سكانها على الوعي بالذكاء الاصطناعي بحلول عام 2028م، للوصول إلى تدريب أكثر من 200 مليون شخص في جميع أنحاء القارة الإفريقية.
- تطوير قدرات التعليم العالي من خلال ضمان قيام أكثر من 30 مؤسسة للتعليم العالي بتكييف مناهجها لتوفير مهارات الذكاء الاصطناعي المتطورة والقادرة على المنافسة عالميًّا، مما يُرسي القدرة على تدريب 5000 باحث دكتوراه في جميع أنحاء إفريقيا.
- تطوير مسارات تدريبية متخصصة من خلال برامج حول معرفة الذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي المتقدم والتدريب التقني، وريادة الأعمال، والبحث المتخصص، والحوكمة لإنتاج مليون ممارس للذكاء الاصطناعي (مطورو الوكلاء، ومحللي البيانات، وعلماء البيانات).
رابعًا: قراءة في المؤشر على مستوى الركائز الثلاثة
1-تصنيف الركيزة الأولى (المهارات الرقمية):
شمال إفريقيا:
تُظهر منطقة شمال إفريقيا قوةً ملحوظةً في المهارات الرقمية؛ حيث تُصنّف ثلاث دول (مصر والجزائر وتونس) ضمن أفضل خمس دول على مستوى القارة. تستفيد مصر (٢٢.٧ نقطة، المرتبة ٢) من نظامها التعليمي العالي الشامل ومجتمع المطورين المتنامي، لا سيما في القاهرة والإسكندرية. تتفوق معدلات إتمام الدراسة الثانوية في البلاد -وهي مكون يُرجّح بنسبة ١٥٪ ضمن هذا الركيزة-، على معظم المناطق الأخرى، إلا أن التفاوت بين الجنسين في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات لا يزال يُشكّل تحديًا على الرغم من المبادرات الحكومية لسد هذه الفجوة.
تُظهر الجزائر (٢٢.٢ نقطة، المرتبة ٣) تكافؤًا ملحوظًا بين الجنسين في تعليم العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات مقارنةً بنظيراتها في المنطقة، وهو إنجاز مهم لمؤشر ١٠٪ المُرجّح لخريجات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات. يُخرّج نظام الجامعات الحكومية فيها خريجين تقنيين على نطاق واسع، على الرغم من أن كثافة المطورين لا تزال مُركّزة في المراكز الحضرية الرئيسية. تستفيد تونس (22.15 نقطة، المرتبة 4) من التكامل القوي للبنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات في النظم التعليمية وتزايد مشاركة اقتصاد العمل الحر، وخاصة في مجال الاستعانة بمصادر خارجية رقمية.
يُحقق المغرب (19.5 نقطة، المرتبة 12) أداءً جيدًا إلى حدّ ما، لكنه يواجه تحديات في مؤسسات التعليم المتخصصة في الذكاء الاصطناعي وكثافة المطورين. يحتل السودان (12.05 نقطة، المرتبة 22) موقعًا متوسطًا في المنطقة، مما يُظهر فجوة كبيرة بينه وبين أفضل الدول أداءً إقليميًّا، بينما لا يزال يتفوق على ليبيا. يعكس أداء ليبيا (3.5 نقطة، المرتبة 50) التأثير المدمر للصراع المطول على البنية التحتية التعليمية، مما يمثل أوسع تفاوت داخل المنطقة في جميع أنحاء القارة.
جنوب إفريقيا:
تُقدم منطقة جنوب إفريقيا أقوى أداء عام في المهارات الرقمية، مدعومًا بنتيجة جنوب إفريقيا الرائدة في القارة (25.85 نقطة، المرتبة 1). تستفيد جنوب إفريقيا من قوة عاملة ناضجة في مجال التعليم العالي (بوزن 20% من وزن الركيزة) وتكامل متطور لمهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات (بوزن 20%) في القطاعين التعليمي والمؤسسي. تستضيف البلاد 9 مؤسسات تُدرّس الذكاء الاصطناعي/التعلم الآلي (وهي الأعلى في إفريقيا)، وتحافظ على ما يقارب 118 مطورًا لكل مليون نسمة.
أظهرت زيمبابوي (21.5 نقطة، المرتبة 6) مرونةً ملحوظةً رغم التحديات الاقتصادية، مستفيدةً من أساسها التعليمي القوي تاريخيًّا ومشاركتها المتزايدة في اقتصاد العمل الحر الرقمي. تُظهر ناميبيا (20.05 نقطة، المرتبة 9) أداءً متوازنًا عبر المؤشرات، على الرغم من محدودية فرص التعليم المتخصص في الذكاء الاصطناعي.
يتراجع أداء المنطقة بشكل حاد مقارنةً بهذه الدول الرائدة؛ حيث سجَّلت إسواتيني (12.3 نقطة، المرتبة 21)، وزامبيا (11.95 نقطة، المرتبة 23)، وموزامبيق (10.8 نقاط، المرتبة 25)، وليسوتو (9.25 نقطة، المرتبة 28) جميعًا مراكز متوسطة. ويُعدّ أداء بوتسوانا (8.7 نقطة، المرتبة 31) مفاجئًا بشكل خاص نظرًا لمكانتها الاقتصادية، مما يعكس تحديات الانتقال من التنمية القائمة على الموارد إلى أسس اقتصاد المعرفة.
شرق إفريقيا:
يُظهر شرق إفريقيا تباينًا كبيرًا في جاهزية المهارات الرقمية. تتصدر كينيا المنطقة (21.65 نقطة، المرتبة 5)، وتتميز بابتكارها في مجتمعات المطورين ومراكز التكنولوجيا غير الرسمية. تُظهر البلاد قوة خاصة في كثافة المطورين (بوزن 15%)، وانتشار اقتصاد العمل الحر (بوزن 10%)؛ حيث تمثل سوق العمل الحر الرقمي الأكثر ديناميكية في إفريقيا بحوالي 36% من القوى العاملة الرقمية.
وتشكل رواندا (19.7 نقطة، المرتبة 10)، وموريشيوس (19.5 نقطة، المرتبة 11)، وتنزانيا (19.2 نقطة، المرتبة 13) فئة ثانية من الدول ذات الأداء القوي. وتستفيد رواندا من الاستثمار الحكومي الإستراتيجي في تكنولوجيا التعليم، بينما تستفيد موريشيوس من اقتصادها الموجه نحو الخدمات وتحصيلها التعليمي العالي.
تُظهِر تنزانيا تحسنًا مُطردًا انطلاقًا من قاعدة أدنى، لا سيما في معدلات إتمام التعليم الثانوي. تحتل أوغندا (15.95 نقطة، المرتبة 16) وبوروندي (13.1 نقطة، المرتبة 18) مراكز متوسطة، بينما يُعاني أداء إثيوبيا (8.05 نقطة، المرتبة 33) من ضعفٍ نسبيٍّ في حجمها الاقتصادي ونموها؛ إذ تواجه تحدياتٍ في كلٍّ من محو الأمية الرقمية الأساسية وتطوير المهارات المتقدمة. تُمثل الصومال (4.6 نقطة، المرتبة 47)، وإريتريا (6.4 نقطة، المرتبة 43)، وجنوب السودان (0.55 نقطة، المرتبة 53) بعضًا من أدنى الدول أداءً في القارة، مما يعكس تأثير الصراعات وتحديات الحوكمة على البنية التحتية التعليمية.
غرب إفريقيا:
أظهرت منطقة غرب إفريقيا أداءً متباينًا في تطوير المهارات الرقمية. تتصدر غانا (16 نقطة، المرتبة 15) المنطقة بتطور متوازن عبر المؤشرات، على الرغم من تأخرها عن أفضل الدول أداءً في القارة. أما نيجيريا (14 نقطة، المرتبة 17)، فقد كان أداؤها ضعيفًا بشكل ملحوظ مقارنةً بحجمها الاقتصادي ومنظومة الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا؛ حيث تواجه تحديات في إكمال التعليم الثانوي (بوزن 15%) على الرغم من احتضانها 6 مؤسسات تُدرّس الذكاء الاصطناعي/التعلم الآلي، واحتفاظها بعدد كبير من المطورين.
أظهرت السنغال (12.6 نقطة، المرتبة 20) أداءً معتدلًا مع قوة خاصة في تطوير مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات من خلال برامج تعليمية مُستهدفة. وشهدت المنطقة انخفاضًا حادًّا بعد ذلك؛ حيث واجهت بنين (10.2 نقطة، المرتبة 27)، ومالي (9.25 نقطة، المرتبة 29)، وكوت ديفوار (8.7 نقطة، المرتبة 32)، وتوغو (7.7 نقطة، المرتبة 36)، وبوركينا فاسو (6.65 نقطة، المرتبة 42) تحديات كبيرة في تطوير قنوات المواهب الرقمية. تشمل أدنى مرتبة غامبيا (4.75 نقطة، المرتبة 46)، وسيراليون (6.35 نقطة، المرتبة 44)، والنيجر (4.1 نقطة، المرتبة 48)، وغينيا (3.5 نقطة، المرتبة 49)، وغينيا بيساو (3 نقاط، المرتبة 51)؛ حيث تُشكّل البنية التحتية التعليمية المحدودة وضعف الثقافة الرقمية عوائق أساسية أمام تطوير المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي.
وسط إفريقيا:
تُظهر منطقة وسط إفريقيا عمومًا أضعف أداء إقليمي في المهارات الرقمية، مع وجود استثناءات ملحوظة. تتصدر الكاميرون المنطقة (20.9 نقطة، المرتبة 7)، مُظهرةً قوةً خاصة في تطوير القوى العاملة في التعليم العالي والقدرات المؤسسية. يتفوق هذا الأداء بشكل ملحوظ على نظيراتها الإقليمية، التي يحتل معظمها الثلث الأخير من التصنيفات القارية. تواجه الجابون (7.5 نقطة، المرتبة 37)، وغينيا الاستوائية (7.45 نقطة، المرتبة 39)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (8.8 نقطة، المرتبة 30)، وجمهورية الكونغو (6.85 نقطة، المرتبة 41) تحديات كبيرة في تطوير مسارات المهارات الرقمية، على الرغم من ثرواتها الطبيعية الهائلة التي قد تُموّل تطوير التعليم. وتُعدّ تشاد (4.85 نقطة، المرتبة 45) وجمهورية إفريقيا الوسطى (نقطة واحدة، المرتبة 52) من بين الدول الأقل أداءً في القارة، مما يعكس تحديات تنموية جسيمة تؤثر على جميع جوانب التعليم وتنمية المهارات.
2-تصنيف الركيزة الثانية (البيانات والبنية التحتية):
شمال إفريقيا:
أظهرت دول شمال إفريقيا أداءً قويًّا في مجال البيانات والبنية التحتية، مستفيدةً من استثمارات كبيرة في مجالي الاتصال والكهرباء. تتصدر تونس المنطقة والقارة (30.75 نقطة، المرتبة الأولى)، وتتميز بانتشار شبه شامل للكهرباء وتغطية واسعة لشبكة الجيل الثالث (98%). يعكس الأداء القوي للبلاد في مؤشر الإنترنت الشامل (بوزن 15%) نجاح سياساتها في تعزيز الاتصال الملائم وبأسعار معقولة.
كما حققت مصر (27.75 نقطة، المرتبة الرابعة) والمغرب (26.1 نقطة، المرتبة السابعة) أداءً جيدًا، مستفيدةً من استثمارات ضخمة في البنية التحتية للاتصالات وسعة مراكز البيانات. يُظهر كلا البلدين معدلات انتشار قوية للكهرباء تتجاوز 90%، وأنظمة متطورة للاتصالات المتنقلة. أما أداء الجزائر (21.7 نقطة، المرتبة 17) فهو متأخر عن نظيراتها الإقليمية على الرغم من تصنيفها القوي في مجال المهارات الرقمية، مما يعكس تحديات السياسات في تحرير أسواق الاتصالات. يُظهر السودان (13.3 نقطة، المرتبة 36) قيودًا كبيرة في بنيته التحتية مقارنةً بجيرانه الشماليين، مع تحديات في كل من الوصول إلى الكهرباء والاتصال. تُظهر ليبيا (14.9 نقطة، المرتبة 32) تأثير الصراع على بنيتها التحتية؛ حيث يُشكل تدهور الأنظمة المُطورة سابقًا عوائق كبيرة أمام تطوير منظومة الذكاء الاصطناعي.
الجنوب الإفريقي:
أظهرت منطقة جنوب إفريقيا أداءً متفاوتًا في جاهزية البنية التحتية. تقترب جنوب إفريقيا من ريادة تونس (30.65 نقطة، المرتبة الثانية)، متفوقةً في أطر حوكمة البيانات (بوزن 20%) والاستثمارات الكبيرة في البرمجيات (بوزن 5%)، مع امتلاكها أكثر أنظمة مراكز البيانات تطورًا في القارة. أما بوتسوانا (25.95 نقطة، المرتبة التاسعة) وإسواتيني (20.5 نقطة، المرتبة التاسعة عشرة)، فقد أظهرتا أداءً قويًّا نسبيًّا، مستفيدتين من الاستقرار الاقتصادي لتطوير بنية تحتية موثوقة.
تحتل ناميبيا (19.6 نقطة، المرتبة العشرين)، وزامبيا (19.25 نقطة، المرتبة الحادية والعشرين)، وزيمبابوي (17.9 نقطة، المرتبة الثالثة والعشرين)، وليسوتو (17.1 نقطة، المرتبة الخامسة والعشرين)، وأنغولا (16.6 نقطة، المرتبة الثامنة والعشرين) مراكز متوسطة؛ حيث تواجه تحديات في موثوقية الكهرباء والاتصال الريفي على الرغم من بنيتها التحتية الحضرية القوية نسبيًّا. وتتخلف موزمبيق (16 نقطة، المرتبة 30) عن الركب على الرغم من مواردها الكبيرة من الغاز الطبيعي التي يمكن أن تساعد في تمويل تطوير البنية الأساسية.
شرق إفريقيا:
شهدت منطقة شرق إفريقيا تطورًا ملحوظًا في بنيتها التحتية، لا سيما في مجال الاتصالات المتنقلة. وقد حققت كينيا (29.45 نقطة، المرتبة 3) ريادة قارية في مجال البنية التحتية التي تُركّز على الاتصالات المتنقلة، محققةً درجات عالية في مجال الاتصالات المتنقلة (بوزن 15%) وثقة الجمهور في التقنيات الرقمية (بوزن 15%). وقد هيَّأ ابتكار البلاد في مجال الخدمات المالية المتنقلة بيئةً مُمكّنةً لتطبيقات الذكاء الاصطناعي على الرغم من محدودية البنية التحتية الثابتة.
تستفيد موريشيوس (27 نقطة، المرتبة 6) وسيشل (26.1 نقطة، المرتبة 7) من موقعهما الجغرافي كجزيرة واقتصاداتهما الخدمية لتطوير اتصال شامل، مع توفير وصول شبه شامل للكهرباء وأطر عمل قوية لحوكمة البيانات. وتُظهر رواندا (25.1 نقطة، المرتبة 11) وأوغندا (24.6 نقطة، المرتبة 12) كيف يُمكن للخيارات السياسية الإستراتيجية التغلب على قيود الموارد؛ حيث حقّق كلا البلدين جاهزيةً للبنية التحتية تفوق مستويات التنمية الاقتصادية لديهما. ومع ذلك، تُظهر المنطقة تباينًا ملحوظًا؛ حيث تواجه تنزانيا (16.75 نقطة، المرتبة 26)، وإثيوبيا (18.05 نقطة، المرتبة 22)، وجزر القمر (16.7 نقطة، المرتبة 27)، ومدغشقر (13.25 نقطة، المرتبة 37) تحدياتٍ كبيرة في البنية التحتية. أما جنوب السودان (7.85 نقطة، المرتبة 54)، والصومال (11.75 نقطة، المرتبة 40)، وإريتريا (11.55 نقطة، المرتبة 41)، فتحتل أدنى مرتبة في القارة، مع معدل انتشار للكهرباء أقل من 20%، وأطر حوكمة بيانات ضئيلة.
غرب إفريقيا:
يُظهر تطوير البنية التحتية في غرب إفريقيا جوانب إيجابية ملحوظة وسط تحديات كبيرة. وتتصدر غانا (27.65 نقطة، المرتبة 5) المنطقة بسياسات اتصالات متقدمة وتوسيع نطاق الوصول إلى الكهرباء، مع الاستفادة بشكل خاص من الشراكات بين القطاعين العام والخاص في تطوير النطاق العريض. حققت كوت ديفوار (25.2 نقطة، المرتبة العاشرة) تقدمًا ملحوظًا في تطوير البنية التحتية بعد انتهاء الصراع، مع إعطاء الأولوية للاتصال الرقمي كمُسرّع اقتصادي.
وتحتل السنغال (22.5 نقطة، المرتبة 14) ونيجيريا (22.15 نقطة، المرتبة 15) المرتبة الثانية إقليميًّا؛ حيث تواجهان فجوات رقمية كبيرة بين الريف والحضر على الرغم من الأداء القوي في المدن الكبرى. تعاني البنية التحتية في نيجيريا بشكل خاص من تحديات في موثوقية الكهرباء (60% من السكان يحصلون على الكهرباء مع انقطاعات متكررة) على الرغم من مواردها الاقتصادية الكبيرة.
تُظهر بنين (20.75 نقطة، المرتبة 18) أداءً رائعًا مقارنةً بحجمها الاقتصادي من خلال تدخلات سياساتية مُستهدفة. يتراجع أداء المنطقة تدريجيًّا في بوركينا فاسو (15.3 نقطة، المرتبة 31)، وتوغو (14.45 نقطة، المرتبة 33)، وغامبيا (14.4 نقطة، المرتبة 34)، ومالي (13.45 نقطة، المرتبة 35)، وموريتانيا (13.05 نقطة، المرتبة 38)، وسيراليون (13.05 نقطة، المرتبة 38)، مما يعكس مزيجًا متفاوتًا من تحديات الحوكمة والوضع الجغرافي والموارد.
وتشمل الدول الأقل أداءً إقليميًّا غينيا (10.4 نقطة، المرتبة 45)، وليبيريا (10 نقاط، المرتبة 48)، والنيجر (9.45 نقطة، المرتبة 49)، وغينيا بيساو (9.2 نقطة، المرتبة 50)؛ حيث تُشكل عجز البنية التحتية عوائق أساسية أمام تطوير النظام البيئي الرقمي.
وسط إفريقيا:
تواجه منطقة وسط إفريقيا أبرز تحديات البنية التحتية على مستوى القارة؛ حيث لا توجد دولة ضمن أفضل 25 دولة. تتصدر الغابون المنطقة (16.45 نقطة، المرتبة 29) على الرغم من مواردها النفطية الوفيرة التي قد تُموّل تطوير بنية تحتية أكثر تطورًا. تُظهر الكاميرون (21.95 نقطة، المرتبة 16) أقوى أداء إجمالي، مستفيدةً من تنمية اقتصادية متنوعة نسبيًّا واستثمارات مُوجّهة في البنية التحتية. تُواجه غينيا الاستوائية (11.35 نقطة، المرتبة 42)، وتشاد (11.2 نقطة، المرتبة 43)، وجمهورية الكونغو (10.3 نقاط، المرتبة 46)، وجمهورية إفريقيا الوسطى (9.1 نقطة، المرتبة 51) عجزًا كبيرًا في البنية التحتية على الرغم من تفاوت مواردها. وتمثل جمهورية الكونغو الديمقراطية (8.95 نقطة، المرتبة 52) حالة صارخة بشكل خاص؛ حيث إن الوصول إلى الكهرباء أقل من 20% والبنية الأساسية للاتصالات ضئيلة للغاية مما يخلق حواجز لا يمكن التغلب عليها تقريبًا أمام التنمية الرقمية على الرغم من الموارد الطبيعية الهائلة التي تتمتع بها البلاد.
3-تصنيف الركيزة الثالثة (جاهزية الحكومة):
شمال إفريقيا:
تتمتع حكومات شمال إفريقيا بأُطر سياسات قوية لتطوير الذكاء الاصطناعي. تتصدر مصر المنطقة (46.9 نقطة، المرتبة الرابعة)، بإستراتيجية وطنية شاملة للذكاء الاصطناعي (بوزن 25%) متوافقة مع شراكات دولية، لا سيما مع الإمارات العربية المتحدة والصين. وقد أنشأت الدولة هيئات متخصصة للتحول الرقمي، ونفذت خدمات حكومية إلكترونية واسعة النطاق.
كما تُظهر تونس (43 نقطة، المرتبة الخامسة) والجزائر (40.25 نقطة، المرتبة الثامنة) جاهزية حكومية قوية، مع أطر تنظيمية واضحة ومبادرات استثمارية إستراتيجية للتقنيات الناشئة. أما المغرب (32.8 نقطة، المرتبة 16)، فيُحقق أداءً جيدًا إلى حد ما، مع قوة خاصة في البنية التحتية الأساسية لتكنولوجيا المعلومات (بوزن 10%)، على الرغم من تأخره في تطوير إستراتيجية شاملة للذكاء الاصطناعي.
أظهر السودان (4.5 نقطة، المرتبة 51) جاهزية حكومية محدودة للغاية، مما يعكس تحديات الحوكمة والتخطيط الإستراتيجي المحدود للتحول الرقمي. تنعكس تحديات الحوكمة في ليبيا بالمثل في أدائها (5 نقاط، المرتبة 50)؛ حيث تعجز المؤسسات المنهارة عن صياغة أو تنفيذ سياسات التحول الرقمي.
الجنوب الإفريقي:
تُظهر حكومات جنوب إفريقيا أداءً متباينًا في حوكمة التكنولوجيا. تتصدر جنوب إفريقيا (40.5 نقطة، المرتبة 7) المنطقة بأُطُر تنظيمية متطورة وتشجيع للاستثمار، على الرغم من افتقارها إلى إستراتيجية وطنية شاملة للذكاء الاصطناعي، وهي الإستراتيجية التي تُطبقها أفضل الدول أداءً في القارة. يُعد أداء زامبيا القوي (42.65 نقطة، المرتبة 6) ملحوظًا بشكل خاص؛ إذ يعكس إصلاحات الحوكمة الأخيرة وإعطاء الأولوية للتحول الرقمي.
أظهرت بوتسوانا (33.85 نقطة، المرتبة 14)، وناميبيا (30.05 نقطة، المرتبة 20)، وزيمبابوي (27.2 نقطة، المرتبة 24) جاهزية متوسطة للحوكمة، مع جودة تنظيمية جيدة بشكل عام، ولكن أُطر سياسات الذكاء الاصطناعي المحددة محدودة. أما إسواتيني (15.45 نقطة، المرتبة 36)، وموزمبيق (13.6 نقطة، المرتبة 39)، وليسوتو (24.5 نقطة، المرتبة 27)، فتأخرت بشكل ملحوظ في فعالية الحكومة والتخطيط الإستراتيجي للتكنولوجيا.
شرق إفريقيا:
برزت حكومات شرق إفريقيا كقادة قاريين في أُطُر حوكمة الذكاء الاصطناعي. وتهيمن رواندا على هذا الركيزة على مستوى القارة (51.6 نقطة، المرتبة 1)؛ حيث تُدمج الإستراتيجية الوطنية الأكثر شمولاً للذكاء الاصطناعي في المنطقة في التخطيط الاقتصادي الأوسع، وتُحقق فعالية حكومية ملحوظة في التنفيذ. تتبعها موريشيوس عن كثب (50.45 نقطة، المرتبة 2)، مستفيدةً من استقرار حوكمتها وجودة تنظيمها لخلق بيئات مواتية للاستثمار التكنولوجي.
أظهرت كينيا (39.7 نقطة، المرتبة 9) وتنزانيا (38.35 نقطة، المرتبة 10) أداءً قويًّا، مع تفوق كينيا بشكل خاص في الترويج الحكومي للاستثمار في التقنيات الناشئة (بوزن 20%). أما أوغندا (30.55 نقطة، المرتبة 19) فقد حققت أداءً جيدًا إلى حدّ ما، بينما أظهرت إثيوبيا (28 نقطة، المرتبة 23) تحسنًا في الحوكمة على الرغم من القيود التاريخية.
ينخفض أداء المنطقة بشكلٍ حادّ في البلدان المتأثرة بالصراعات أو غير المستقرة سياسيًّا؛ حيث تحتل الصومال (2.35 نقطة، المرتبة 53)، وإريتريا (4.1 نقطة، المرتبة 52)، وجنوب السودان (1.85 نقطة، المرتبة 54) أدنى مراتب القارة؛ حيث تفتقر تمامًا إلى أُطر حوكمة فعَّالة لتطوير التكنولوجيا.
غرب إفريقيا:
تُظهر حكومات غرب إفريقيا تباينًا كبيرًا في حوكمة التكنولوجيا. تتصدر غانا المنطقة (49.05 نقطة، المرتبة الثالثة) بأداء استثنائي في فعالية القطاع العام (بوزن 20%) وتشريعات حماية البيانات الشاملة (بوزن 10%). وقد هيَّأت وكالات تشجيع الاستثمار التكنولوجي والأطر التنظيمية في البلاد بيئات عمل واعدة في إفريقيا لتطوير الشركات الناشئة خارج أكبر اقتصادات القارة. وتشكل السنغال (38.3 نقطة، المرتبة 11)، وبنين (37.2 نقطة، المرتبة 12)، وكوت ديفوار (33.55 نقطة، المرتبة 15) مستوى ثانيًا من الحوكمة الفعَّالة؛ حيث ينفذ كل منها إستراتيجيات تطوير تكنولوجية مستهدفة ويحسن الأطر التنظيمية.
وتتصدر نيجيريا أداء المنطقة (29.8 نقطة، المرتبة 21) وهو أقل بكثير من إمكاناتها الاقتصادية، ويعزى ذلك إلى تشتت مناهج الحوكمة المتعلقة بالتكنولوجيا ومحدودية فعالية تنفيذ السياسات.
شهدت المنطقة تراجعًا حادًّا بعد ذلك، مع تزايد تحديات الحوكمة في مالي (25.7 نقطة، المرتبة 25)، وتوغو (21.5 نقطة، المرتبة 28)، وبوركينا فاسو (19.65 نقطة، المرتبة 29)، وغامبيا (19.05 نقطة، المرتبة 30)، والنيجر (17.5 نقطة، المرتبة 32)، وسيراليون (15.95 نقطة، المرتبة 34)، وموريتانيا (15.3 نقطة، المرتبة 37). تُمثل غينيا (13.05 نقطة، المرتبة 40)، وليبيريا (8.8 نقطة، المرتبة 46)، وغينيا بيساو (6.65 نقطة، المرتبة 47) بعضًا من أضعف أطر الحوكمة في القارة فيما يتعلق بتطوير التكنولوجيا، مع ضعف التخطيط الإستراتيجي أو القدرة على التنفيذ.
وسط إفريقيا:
تُظهر حكومات وسط إفريقيا عمومًا أضعف أداء إقليمي في حوكمة التكنولوجيا؛ حيث تُصنف الكاميرون فقط (32.65 نقطة، المرتبة 17) ضمن أفضل 20 دولة على مستوى القارة. وقد طوّرت البلاد أطرًا تنظيمية وقدرة تنفيذية متواضعة، على الرغم من افتقارها إلى إستراتيجية وطنية شاملة للذكاء الاصطناعي.
وتُظهر أنغولا (28.65 نقطة، المرتبة 22) أداءً أفضل من نظيراتها الإقليمية على الرغم من تحديات الحوكمة التاريخية؛ حيث نفّذت مبادرات تحول رقمي مهمة في السنوات الأخيرة. وتواجه تشاد (18.7 نقطة، المرتبة 31)، والجابون (17 نقطة، المرتبة 33)، وجمهورية الكونغو (11.6 نقطة، المرتبة 42)، وغينيا الاستوائية (10.25 نقطة، المرتبة 43)، وجمهورية الكونغو الديمقراطية (9.15 نقطة، المرتبة 45)، وجمهورية إفريقيا الوسطى (5.2 نقطة، المرتبة 49) تحديات حوكمة عميقة تخلق حواجز أساسية أمام تطوير التكنولوجيا الإستراتيجية.
خامسًا: تقييم مؤشر جاهزية مواهب الذكاء الاصطناعي
يُقدم مؤشر جاهزية مواهب الذكاء الاصطناعي في إفريقيا رؤى قيّمة، إلا أن هناك بعض الانتقادات والقيود؛ منها:
البيانات المتأخرة: غالبًا ما تعتمد مقاييس الجاهزية التقليدية، على استطلاعات رأي سنوية قد لا تُواكب الوتيرة السريعة لتطوير الذكاء الاصطناعي وواقع السوق، أي أنها لا تُغطي أحدث التحولات في العرض أو الطلب على المواهب.
التجميع على المستوى الوطني: تُخفي المقاييس على المستوى الوطني ديناميكيات محلية مهمة. فقد تختلف جاهزية الذكاء الاصطناعي اختلافًا كبيرًا داخل البلد الواحد.
التحيُّز في جانب العرض: يركّز المؤشر بشكل كبير على عوامل جانب العرض مثل القدرات التعليمية، وعدد المطورين، والاستثمار في البنية التحتية. إلا أنها قد لا تتوافق مع الطلب الفعلي لأصحاب العمل، والذي ينعكس بشكل أفضل في إعلانات الوظائف الفورية واتجاهات التوظيف.([15])
نطاق محدود “للجاهزية”: يركز المؤشر على جاهزية المواهب. بينما النظرة الشاملة لجاهزية الذكاء الاصطناعي تشمل أيضًا الأُطُر التنظيمية، والاعتبارات الأخلاقية، وحوكمة البيانات، والقدرة على جذب الاستثمارات والاحتفاظ بها.
التحديات الهيكلية: قد لا يُراعي المؤشر، بطبيعته، بشكل كامل القضايا النظامية المتجذرة في إفريقيا، مثل الاستخراج الاستغلالي للموارد، وهياكل القوة الجيوسياسية غير المتكافئة، والظلم المعرفي، والتي يمكن أن تُقوّض الإمكانات التحويلية لتقنيات الذكاء الاصطناعي بغض النظر عن جاهزية المواهب.([16])
الخلاصة:
يكشف مؤشر جاهزية مواهب الذكاء الاصطناعي عن تحديات كبيرة وأُسس واعدة لمشاركة إفريقيا في الثورة الصناعية الرابعة. ومن خلال الاستفادة من نقاط القوة الإقليمية -البنية التحتية التعليمية في شمال إفريقيا، والابتكار في السياسات في شرق إفريقيا، والخبرة التقنية في جنوب إفريقيا، وديناميكية ريادة الأعمال في غرب إفريقيا، ورأس المال البشري الناشئ في وسط إفريقيا-، مع معالجة الفجوات المحددة بشكل منهجي، يمكن للقارة سدّ عجز مواهب الذكاء الاصطناعي لديها. إلا أن الانتقادات الموجهة للمؤشر تُبرز الحاجة إلى فهم دقيق لجاهزية الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، يتجاوز التصنيفات البسيطة إلى دراسة التعقيدات الكامنة والآثار طويلة المدى.
خاتمة:
يشهد مستقبل الذكاء الاصطناعي في إفريقيا ازدهارًا كبيرًا، ويُغيّر وجه العالم جذريًّا؛ حيث أحدَث الذكاء الاصطناعي تحولًا جذريًّا في أنظمة الرعاية الصحية والزراعة والخدمات المالية، وغيرها. وقد سهّلت هذه التقنية الأمور وسرّعت عملية التطوير. كما دمج الذكاء الاصطناعي في إفريقيا آفاقًا واعدة وتحدياتٍ جوهرية. فبينما تبرز بعض دول القارة بالتزامها وتقدُّمها في الاستعداد لاعتماد الذكاء الاصطناعي، تواجه دولٌ أخرى عقباتٍ كبيرةً كالتفاوتات الهيكلية والفجوات الرقمية. يُبرز هذا التفاوت الحاجة إلى نهجٍ شاملٍ ومتكاملٍ لضمان استفادة جميع الدول الإفريقية من الذكاء الاصطناعي مع سد الفجوة بينها وبين مناطق أخرى من العالم. وللتغلب على هذه التحديات والاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي في إفريقيا، لا بد من تضافر الجهود. ويشمل ذلك زيادة الاستثمار في البنية التحتية الرقمية، والتدريب المتخصص، والبحث والتطوير. علاوةً على ذلك، تُعدّ السياسات الحكومية الثاقبة والشراكات الإستراتيجية بين القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني ضروريةً لتهيئة بيئةٍ مواتيةٍ للابتكار والنمو الاقتصادي القائم على الذكاء الاصطناعي. ومن خلال العمل معًا، يمكن للدول الإفريقية تحويل التحديات الحالية إلى فرصٍ وتمهيد الطريق لمستقبلٍ يُسهم فيه الذكاء الاصطناعي إسهامًا كبيرًا في التنمية المستدامة وتحسين نوعية الحياة لجميع الأفارقة. مع الأخذ في الاعتبار الملاحظات التالية:
- إن بعض إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي الوطنية، التي تُسهم في درجة جاهزية الدولة، لكونها طموحة بشكل مفرط مع جداول زمنية قصيرة، تفشل في معالجة القضايا الأساسية بشكل كافٍ، مثل أنظمة الطاقة الموثوقة والاتصال، قبل التركيز على تكامل الذكاء الاصطناعي المتقدم.
- تفتقر إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي الوطنية، إلى تفاصيل ملموسة حول كيفية تقاسم فوائد الذكاء الاصطناعي داخل الدول وفي الشراكات الدولية. وغالبًا ما تُشدّد تلك الإستراتيجيات على التعاون في حوكمة الذكاء الاصطناعي العالمية، ولكنها قد لا تُقدّم تعريفات واضحة لمسؤولياتها المقصودة أو أدوارها المحددة في تشكيل معايير الذكاء الاصطناعي العالمية وأبحاث السلامة.
- على الرغم من كثرة ذكر الاستدامة، إلا أن التكاليف البيئية والطلبات الكبيرة على الطاقة للذكاء الاصطناعي عالي الأداء غالبًا ما لا تُعالج بشكل كافٍ في الإستراتيجيات الوطنية، مما قد يؤثر على الجاهزية والاستدامة.
- حتى مع مشاركة أصحاب المصلحة المتعددين في تطوير الإستراتيجية، هناك خطر يتمثل في أن عددًا قليلًا فقط من مجموعات النخبة مُطلعة ومُشاركة حقًّا، مما قد يؤدي إلى تفاقم أوجه عدم المساواة الرقمية داخل القارة.
- يُنتقد التوجه الأوسع للدول الإفريقية التي تتسابق لوضع إستراتيجيات الذكاء الاصطناعي؛ إذ قد يكون التركيز عليه سابقًا لأوانه في ظل عدم تحقيق طموحات التحول الرقمي الأساسية الأخرى. وهذا قد يصرف الانتباه والموارد عن تقنيات رقمية حيوية أخرى قد تلعب دورًا مهمًّا في التنمية.
………………………………………….
[1] ) Team DigitalDefynd, 30 Interesting Artificial Intelligence Statistics About Africa [2025].at: https://digitaldefynd.com/IQ/artificial-intelligence-statistics-about-africa/
[2] ) Team DigitalDefynd, Op.cit.
[3] ) Kevin Ochieng, Key takeaways from the Global AI Summit on Africa.4/4/2025.at: https://www.undp.org/rwanda/blog/key-takeaways-global-ai-summit-africa
[4] ) Mariam Ibrahim, Beyond Kigali: Where Does Africa Go from Here with AI?. July 14, 2025.at: https://developmentgateway.org/blog/beyond-kigali-where-does-africa-go-from-here-with-ai/
[5] ) https://5rightsfoundation.com/resource/outcome-statement-children-global-ai-summit-on-africa/
[6] ) https://www.africa-ai-conference.org/news-insights/
[7] ) https://www.imf.org/external/datamapper/datasets/AIPI
[8] ) Nestor Maslej,and et al, “The AI Index 2025 Annual Report,” AI Index Steering Committee, Institute for Human-Centered AI, Stanford University, Stanford, CA, 2025.
[9] ) https://indicators.govmu.org/ictindicators/?p=703
[10] ) Sulamaan Rahim (ed), Government AI Readiness Index 2024 (Oxford: Oxford Insights,2024).at: https://oxfordinsights.com/ai-readiness/ai-readiness-index/
[11] ) Mahyuddin K. M. Nasution and et al, Uncovering the Hidden Insights of the Government AI Readiness Index: Application of Fuzzy LMAW and Schweizer-Sklar Weighted Framework.at: https://dmame-journal.org/index.php/dmame/article/view/1221
[12] ) Ojobo Agbo Eje and et al, The State AI Readiness Index: Progress, Insights, and Next Steps. May 29, 2025.at: https://policylab.rutgers.edu/publication/the-state-ai-readiness-index-progress-insights-and-next-steps/
[13] ) MIGUEL DE GUZMAN, Assessing Oxford Insights’ Government AI Readiness Index in 2023.10/1/2024.at: https://www.whitehatstoic.com/p/assessing-oxford-insights-government
[14] ) https://talentindex.ai/
[15] ) https://digitaldefynd.com/IQ/artificial-intelligence-statistics-about-africa/
[16] ) Selamawit Engida Abdella and Ayantola Alayande, African Countries Are Racing to Create AI Strategies – But Are They Putting the Cart Before the Horse?.3/4/2025.AT: https://www.globalcenter.ai/research/african-countries-are-racing-to-create-ai-strategies-but-are-they-putting-the-cart-before-the-horse