لمحة عامة:
منظمة الوحدة النقابية الإفريقية (الأواتـو: OATUU) هي اتحاد نقابي إقليمي مستقل، تأسَّس في أبريل 1973م؛ لتوحيد مراكز النقابات العمالية في جميع أنحاء إفريقيا. وقد نشأ كخليفة لثلاث منظمات عمالية متنافسة سابقًا.
كان تشكيل المنظمة جهدًا تعاونيًّا شمل منظمات عمالية دولية؛ مثل: الاتحاد الدولي لنقابات العمال الحرة (ICFTU)، والاتحاد العالمي لنقابات العمال (WFTU)، بالإضافة إلى منظمة الوحدة الإفريقية. وكانت الدوافع الرئيسية لإنشائها هي تعزيز الوحدة الإفريقية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية في أماكن العمل الإفريقية.
وقد كان للاتحادات النقابية دور جوهريّ في الكفاح ضد الاستعمار، وبناء المؤسسات القارية، والدفاع عن حقوق العمال من استبداد السلطات المحلية، وتطرُّف المؤسسات المالية الدولية، وهو ما ظهَر جليًّا في رؤيتها ورسالتها التي ترجمت في أهداف وأنشطة، تجعلها فاعلة على الرغم من الانتقادات الموجَّهة إليها أو التحديات التي تَعُوق تنفيذ تلك الأهداف.
ومن هذا المنطلق، نتناول منظمة الوحدة النقابية الإفريقية: الأواتـو Organization of African Trade Union Unity (OATUU))، من حيث النشأة والأهداف، والأنشطة، والهيكل التنظيمي، والانتقادات، من خلال المحاور التالية:
- أولًا: نشأة منظمة الوحدة النقابية الإفريقية (الأواتـو).
- ثانيًا: أنشطة منظمة الوحدة النقابية الإفريقية.
- ثالثًا: أهداف وغايات منظمة الوحدة النقابية الإفريقية.
- رابعًا: الهيكل التنظيمي والمنظمات التابعة لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية.
- خامسًا: منظمة الأواتـو… الكفاح وأبرز الإنجازات والمواقف.
- سادسًا: الانتقادات الموجَّهة للمنظمة والتحديات التي تواجهها.
أولًا: نشأة منظمة الوحدة النقابية الإفريقية (الأواتـو)
أدَّى الانقسام العلني بين اتحاد نقابات عموم إفريقيا (AATUF؛ والذي تأسَّس عام ١٩٦١م)، واتحاد نقابات العمال الإفريقي (ATUC؛ والذي تأسس عام ١٩٦٢م)؛ إلى انخراط منظمة الوحدة الإفريقية المُشكَّلة حديثًا كوسيط في النزاعات المتعلقة بشؤون النقابات العمالية الإفريقية.
وبدءًا من عام 1964م، أرسلت كلٌّ منهما وفودًا إلى قمم منظمة الوحدة الإفريقية لكسب اعتراف حصري بهم كممثل وحيد لمصالح العمال الأفارقة. وقد أدَّى ذلك إلى تشكيل مجلس وزراء العمل الأفارقة، الذي اجتمع من عام 1966م إلى عام 1967م؛ لمناقشة الدور الذي ينبغي أن تلعبه النقابات العمالية في تنمية إفريقيا، وكيفية تحقيق الوحدة بينها. وفي عام 1967م، دعا الأمين العام الإداري لمنظمة الوحدة الإفريقية جميع مراكز النقابات العمالية الوطنية لحضور مؤتمر يهدف إلى التوفيق بين صراعات وتطلعات النقابتين([1]).
عُقد هذا المؤتمر تحت اسم منظمة وحدة النقابات العمالية الإفريقية (OATUU) في نوفمبر 1972م في أديس أبابا، عاصمة إثيوبيا. وبالتعاون مع منظمة العمل الدولية في تنظيم المؤتمر، قدَّم الأمين العام لمنظمة الوحدة الإفريقية الوحدة كمبدأ أساسي لجميع مراكز النقابات العمالية في إفريقيا.([2])
وتحت رعاية الحركة القومية الإفريقية، تم التوصل أخيرًا إلى اتفاق في أبريل 1973م لتأسيس منظمة وحدة النقابات العمالية الإفريقية رسميًّا.([3]) وكان إنشاء المنظمة يعني استيعاب اتحاد نقابات العمال الإفريقية (AATUF) واتحاد نقابات العمال الإفريقية (ATUC) والمؤتمر القومي الإفريقي، بالإضافة إلى منظمات عمالية أصغر أخرى.
إذًا هي اتحاد نقابي إقليمي مستقل (منظمة عمالية)؛ يهدف إلى توحيد مراكز النقابات العمالية في إفريقيا. وتضمّ المنظمة أكثر 70 منظمة نقابية وطنية تابعة لها من أكثر من 50 دولة إفريقية، وتضمّ في عضويتها أكثر من 100 منظمة. وتشمل أهدافها: بناء الوحدة النقابية في القارة، وتنسيق عمل المنظمات النقابية الوطنية، ودعم العمال الأفارقة وتمثيل مصالحهم. ومقرها في أكرا، غانا.([4]) وتضم حاليًّا 55 دولة إفريقية، آخرها دولة جنوب السودان.
وتتمثل رؤية المنظمة في: أن نكون منظمة نقابية إفريقية موحّدة ومستقلة وديمقراطية تُمثل جميع العمال الأفارقة.
وتمثلت رسالتها في: تعزيز النقابات العمالية في إفريقيا، وتنسيق أنشطتها، وتحقيق الوحدة والتضامن للدفاع عن حقوق العمال ومصالحهم وتعزيزها.
ثانيًا: أنشطة منظمة الوحدة النقابية الإفريقية
كان الدافع وراء هذا التوحيد وإنشاء منظمة نقابات العمال الإفريقية: تعزيز الوحدة الإفريقية والعدالة الاقتصادية والاجتماعية في جميع أماكن العمل الإفريقية. واعتبارًا من عام ٢٠٢٢م، تتعاون المنظمة مع منظمة العمل الدولية لتصبح منظمة حصرية وشاملة تمثل مصالح العمال الأفارقة.
عملت المنظمة في البداية كشريك، ثم كخليفة لمسؤوليات منظمة العمل الدولية في إفريقيا. ومن أبرز أنشطتها: مساعدة حركات التحرُّر الوطني في إفريقيا، مثل الدفاع عن حقوق العمال خلال فترة الفصل العنصري في جنوب إفريقيا.([5])
لدى المنظمة 12 هدفًا رسميًّا مدرجًا؛ تسعى جميعها إلى تعزيز العلاقة وتنسيق الأنشطة الاقتصادية بين أعضائها. تُنفّذ المنظمة مجموعة متنوعة من المهام التعليمية والتدريبية والبحثية والاستشارية في مختلف المجالات في إفريقيا: الدفاع الوطني، والديمقراطية، وتمكين المرأة، وريادة الأعمال، والصحة والسلامة، ومكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز، والتكامل الاقتصادي الإفريقي، والتجارة.
كما يُعدّ دعم حقوق النقابات العمالية الإفريقية جزءًا كبيرًا من مسؤوليتها، وتقوم المنظمة بذلك من خلال مساعدة النقابات العمالية على اجتياز العمليات البيروقراطية المعقّدة للمنظمات الدولية، مثل تقديم أوراق مطالبات العمل إلى منظمة العمل الدولية.
وتعمل كوكيل يُمثّل المصالح الاقتصادية للحكومات الإفريقية لدى المنظمات الدولية، وتحديدًا في التصدي لسياسات صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية التي تُلْحِق الضرر بالصناعة المحلية الإفريقية ومعايير العمل.([6])
من خلال العمل أيضًا مع الاتحاد الإفريقي، تسعى إلى تعزيز التكامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي في القارة. وقد سعت المنظمة ومنظمة العمل الدولية والاتحاد الإفريقي، بالتشاور مع الأمم المتحدة، إلى تعزيز الجماعة الاقتصادية الإفريقية (AEC)، وترويج أُطُر عمل إفريقية بديلة لبرامج التكيُّف الهيكلي، والدفع نحو إلغاء الديون في إفريقيا. ومِن ثَم تقوم المنظمة بالأنشطة التالية:
1-تقوم المنظمة بأنشطة التعليم والتدريب والبحث والتثقيف في المجالات التالية:
- الديمقراطية التشاركية الشعبية والمدعومة شعبيًّا.
- الدفاع عن حقوق النقابات العمالية وتعزيزها.
- التكامل الاقتصادي.
- تمكين المرأة.
- إعادة الهيكلة الاقتصادية.
- الصحة والسلامة المهنية.
- تعزيز الحوار الاجتماعي.
- حملة ضد عمالة الأطفال.
- التجارة والتنمية.
- ريادة الأعمال وتنمية المشاريع الصغيرة داخل النقابات العمالية الإفريقية.
- مكافحة فيروس نقص المناعة البشرية/الإيدز.
2- تؤدي المنظمة مهامها في تنسيق العمل النقابي في إفريقيا من خلال:
- الدفاع عن المصالح المعنوية والمادية للعمال الأفارقة، بمن فيهم العمال المهاجرون.
- مواءمة تشريعات العمل ومبادئ المفاوضة الجماعية.
- العمل من أجل الوحدة الإفريقية والتكامل الاقتصادي.
- العمل من أجل العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وما إلى ذلك، من خلال تفاعلها مع مختلف الهيئات الإقليمية والدولية.
3- تتخذ منظمة نقابات العمال الإفريقية إجراءات خاصة ضد الانتهاكات المبلغ عنها والمثبتة لحقوق النقابات العمالية. ويتم ذلك من خلال مناقشة هذه الانتهاكات مع الحكومات المعنية، وتقديم الشكاوى إلى منظمة العمل الدولية.
على الرغم من الأنشطة العديدة التي قامت بها منظمة الوحدة النقابية الإفريقية، وتلك التي لا تزال تُعنَى بها في القارة وخارجها، لا تزال هناك تحديات عديدة تواجه العامل الإفريقي. يتم تداولها ومناقشتها من خلال مؤتمراتها العادية التي تدشن سنويًّا، وخططها الإستراتيجية، والتي تُركّز على تعزيز النقابات العمالية الإفريقية، وتعزيز الوحدة والتضامن بين العمال الأفارقة، والدفاع عن حقوقهم ومصالحهم. فضلًا عن تعزيز التكامل السياسي والاجتماعي والاقتصادي للقارة، وتعزيز السلام والأمن، وتشجيع التعاون الدولي.
ثالثًا: أهداف وغايات منظمة الوحدة النقابية الإفريقية
تتمثل الأهداف والغايات الرئيسية لمنظمة نقابات العمال الإفريقية فيما يلي:
- تنسيق عمل أعضائها في جميع أنحاء إفريقيا.
- تحقيق الوحدة النقابية على المستويين القاري والوطني.
- تمثيل المصالح المادية والمعنوية للعمال والنقابات الإفريقية والدفاع عنها في المنظمات الإقليمية والدولية.
- العمل على مواءمة تشريعات العمل ومبادئ المفاوضة الجماعية في إفريقيا.
- حماية وتأكيد استقلال وهوية النقابات الإفريقية على جميع المستويات.
- تعزيز حقوق النقابات وغيرها من حقوق الإنسان ودعمها والدفاع عنها.
- العمل من أجل الوحدة الإفريقية والتكامل الاقتصادي.
- المساهمة في تحقيق السلام وتوطيده في العالم.
- الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية للعمال الأفارقة المهاجرين بالتعاون مع المنظمات النقابية في البلدان المضيفة.
- تقديم الدعم التضامني للعمال والمنظمات النقابية، والنضال ضد الإمبريالية والاستعمار والعنصرية والفصل العنصري وأشكالهما، وكذلك ضد الإقطاع وجميع أشكال القمع والاستغلال، من أجل الاستقلال الاقتصادي والتحرر الكامل للأفارقة. والعمل من أجل العدالة الاجتماعية والاقتصادية، وحماية الصحة والسلامة في أماكن العمل، وضمان تعليم وتدريب الأفارقة، وضمان التوظيف الكامل.
رابعًا: الهيكل التنظيمي والمنظمات التابعة لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية
1-الأمانة العامة:
تتخذ أمانة منظمة نقابات العمال الإفريقية من مقرها الرئيسي في أكرا، عاصمة غانا، مقرًّا لها، تحت إشراف الأمين العام، بصفته الرئيس التنفيذي.
ويساعد الأمين العام نائبان للأمين العام وأمين عام للصندوق. يَنتخب مؤتمر منظمة نقابات العمال الإفريقية هؤلاء القادة، ويشغلون مناصبهم لمدة أربع سنوات، وبعدها يَحِقّ لهم إعادة انتخابهم. ويعين الأمين العام موظفي الأمانة بالتشاور مع اللجنة التنفيذية.
2-المنظمات دون الإقليمية:
اعتبارًا من عام ٢٠٢٢م، تضم منظمة الوحدة النقابية الإفريقية ٧٣ نقابة، منها ٣٣ نقابة من الدول الناطقة بالفرنسية، و٢٨ نقابة من الدول الناطقة بالإنجليزية، و١٢ نقابة شبه إقليمية. تعمل ضمن أربع منظمات فرعية إقليمية تابعة لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية. ويبلغ إجمالي عدد أعضائها حوالي 25 مليون شخص.
تحرص المنظمة على ضمان استفادة أعضائها من خدماتها. ولضمان تقديم خدماتها لأعضائها بشكل أوثق، شجَّعت المنظمة على إنشاء المنظمات دون الإقليمية التالية.
- منظمة نقابات غرب إفريقيا (OTUWA).
- مجلس تنسيق نقابات جنوب إفريقيا (SATUCC).
- منظمة نقابات وسط إفريقيا (OTUCA).
- اتحاد نقابات المغرب العربي (UAMTU).
- اتحاد نقابات شرق إفريقيا (EATUC).
- اتحاد نقابات العمال الأفارقة في دول الساحل والصحراء (UTU AWSSS).
3-أمانات التجارة:
أنشأت منظمة نقابات العمال الإفريقية أمانات تجارية؛ لمساعدة الأمانة في تعزيز وحدة العمال الأفارقة على المستويين الأفقي والرأسي؛ من خلال نشر وترسيخ سياسات وأهداف المنظمة على مستوى القاعدة الشعبية. هذه الأمانات هي:
- منظمة معلمي عموم إفريقيا (AATO) ومقرها مدينة أكرا في غانا.
- الاتحاد الإفريقي لعمال المناجم ومقره الجزائر العاصمة.
- الاتحاد الإفريقي لعمال البترول والحلفاء (PAFPAW) ومقره طرابلس، ليبيا.
- الاتحاد الإفريقي لنقابات العمال الزراعيين (PAFATU) ومقره القاهرة، مصر.
- الاتحاد الإفريقي لعمال الصناعات الغذائية والتبغ والفنادق والحلفاء (PAFTHAW) ومقره الجزائر العاصمة.
خامسًا: منظمة الأواتـو… الكفاح وأبرز الإنجازات والمواقف
بصرف النظر عن توجهاتهم الفكرية، قدَّر الأجداد المؤسسون في إفريقيا دور العمل في كفاحهم ضد الاستعمار، والأكثر من ذلك أيضًا، الأهداف التي دافَع عنها الوطنيون من أجل الاستقلال تضمّنت حقوقًا نقابية. وهناك نماذج تاريخية معروفة شملت الراحل أحمد سيكو من غينيا، وهو نقابي تحوَّل إلى ناشط سياسي، وقام بتعبئة الشعب الغيني من أجل الاستقلال وإنهاء الاحتلال الفرنسي 1958م، والرئيس الراحل جوليس نيير، والرئيس السابــق كينس كواندا، كانا نقابيين حاربَا ضد الاحتلال الإنجليزي في كل من تنزانيا وزامبيا.
وقد قاد الراحل “مبويا” الحركة النقابية الكينية، وكان في مقدمة المدافعين من أجل استقلال كينيا، والرئيس الراحل كيتا من مالي، والرئيس كوامي ناكروما من غانا، والرئيس هماني ديوري الرئيس المؤسس للنيجر. كانوا كلهم نقابيين جاءوا ليأخذوا على عاتقهم -بما لديهم من مهارات التفاوض النقابية-، مهمة إضعاف القوى البريطانية، وحتى في المناطق التي تحرَّرت بعد ذلك كانت النقابات هي أول مَن وقفت ضد الاستعمار في الكفاح من أجل الحرية.
وفيما يخص الأدوار التاريخية والإيجابية للنقابات الإفريقية في 1973م، فقد شجَّعت منظمة الوحدة الإفريقية على تأسيس الأواتو. وقد شرفت حكومة أوساسجى الدكتور كوامي ناكروما بتخصيص مبنى من ستة أدوار، وهو مبنى “قاعة النقابات العمالية” للجمعية العمومية لنقابات غانا.
والفكرة التي تُروّج لها الأواتو هي الوحدة بين المراكز النقابية في إفريقيا. ولقد كان العمال الأفارقة يتوقون إلى منظمة على مستوى القارة كقوة موازية للحكومات وأصحاب الأعمال الذين لديهم منظمات على مستوى القارة تأخذ قرارات مؤثرة سلبًا على الوظائف والأجور والمعاشات، وغيرها. والنقابات لم تكن محصّنة ضد الانقسامات الفكرية في فترة الحرب الباردة. وقد أدَّى ذلك للقضاء على اتحاد نقابات عموم إفريقيا واتحاد النقابات الإفريقية ATUC، وقد كانت كلها مشاركة في تأسيس الأواتو في 1973م.
والأواتو، بالرغم من تحديات الحكم (الديكتاتوريات العسكرية في العديد من الدول حتى آخر الديمقراطيات)، وجو اقتصادي غير محفّز فقد استطاعت أن تترك تأثيرًا إيجابيًّا على حياة العمال والعاملات الأفارقة، وبكل فخر ساعدت أعضاءها على بناء القدرات، وبخاصة في المعرفة الاقتصادية. كما كان لها دور في تخفيف وإلغاء بعض الديون، وبناء المؤسسات.
وقد انهارت برامج الإصلاح الهيكلي في الثمانينيات بفضل كفاح اتحاد عمال نيجيريا واتحاد عمال غانا منذ 1988م، الذين قاوما الزيادات في غلاء أسعار الوقود.([7])
وحديثًا كان للمنظمة عدة مواقف؛ من أبرزها ما يلي:
1-موقف المنظمة من الهجرة:
اجتمعت منظمات النقابات العمالية في أكرا، غانا، في الفترة من 30 نوفمبر إلى 1 ديسمبر 2016م، في إطار منتدى الشراكة بين الاتحاد الإفريقي ومنظمة الوحدة النقابية الإفريقية. وقد استقطب منتدى الشراكة مشاركة منظمات عمالية مختلفة من المناطق الخمس في القارة، وذلك لوَضْع نفسها في إطار التنفيذ الجاري لأجندة الاتحاد الإفريقي 2063م، بالإضافة إلى خطط العمل القارية الأخرى، بما في ذلك تلك المتعلقة بالهجرة.([8])
2-موقف المنظمة من الصراع الإسرائيلي الفلسطيني:
أصدرت المنظمة بيانًا تُدين فيه العنف الذي تُمارسه دولة الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين. يأتي ذلك في أعقاب الاشتباكات العنيفة التي وقعت في حرم المسجد الأقصى في ٧ مايو ٢٠٢١م، بعد أن تجمع آلاف الأشخاص لإحياء الجمعة الأخيرة من شهر رمضان المبارك. نظرًا لهذا التصعيد الأخير للأحداث، ودعت المنظمة المجتمع الدولي إلى “التحرك لإنهاء هذه الانتهاكات والاعتداءات المتكررة ضد الفلسطينيين، ووقف سياسة التهجير التي تطردهم من أرضهم وتصادرها”.
3-الترحيب بالتعاون بين إثيوبيا وإريتريا:
أصدرت المنظمة إعلانًا أعربت فيه عن سعادتها بالإنجاز التاريخي الذي حققته إثيوبيا وإريتريا، وهو توقيع معاهدة السلام بين البلدين. وتعتقد المنظمة أن حسن النية الذي أبداه قادة الدولتين قد فتح آفاقًا جديدة من التعاون، مما سينعكس إيجابًا على منطقة القرن الإفريقي بأكملها.
4-حضور المنتدى النقابي الثالث عشر لدول البريكس:
شارك الأمين العام لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية، السيد أرزقي مزهود، في المنتدى النقابي الثالث عشر لدول البريكس، الذي عُقد في سوتشي، روسيا، يومي 7 و6 سبتمبر 2024م. وقد جمع هذا الحدث، الذي عُقد تحت شعار “تعزيز التعددية من أجل تنمية وأمن عالميين منصفين”، قادة نقابيين من دول البريكس، ودول أخرى حول العالم. وقد وفّر منتدى البريكس للنقابات منصةً مهمةً لمناقشة قضايا العمل العالمية، والتحديات الاقتصادية، ومستقبل العمل في البلدان النامية. وبصفته ممثلًا للنقابات العمالية الموحدة في إفريقيا، دعا السيد مزهود إلى تعاون أقوى بين الدول الإفريقية ودول البريكس، مؤكدًا على أهمية حماية العمال، والعدالة الاجتماعية، والنمو الاقتصادي العادل في جميع الدول. وفي ظل التحديات الفريدة التي تواجهها القارة الإفريقية، مثل البطالة بين الشباب والعمل غير الرسمي.([9])
سادسًا: الانتقادات الموجَّهة للمنظمة والتحديات التي تواجهها
1-الفساد:
انهار المؤتمر الرابع لمنظمة نقابات العمال الإفريقية الذي عُقد عام 1985م في لاغوس، نيجيريا؛ حيث اتهم عدد من النقابات الأمانة العامة بإساءة استخدام الأموال والتلاعب بالأصوات. وقد رفض الأمين العام للمنظمة الاستقالة، وبالتالي تم إنشاء لجنة تنسيق مؤقتة داخل المنظمة في عام 1985م. وألغى برنامج تعليم العمال (WED) مشروعًا ممولًا من الوكالة الدنماركية للتنمية الدولية (DANIDA) ومنظمة العمل الدولية، مشيرًا إلى مخاوف من النفوذ الأجنبي واختلاس الأموال مِن قِبَل قيادة المنظمة. وبالتالي، نشأت انقسامات داخل المنظمة، مما زاد من تعريض تفويضها الرسمي المتمثل في تعزيز الوحدة الإفريقية للخطر.([10])
2-نقص التمويل:
واجهت المنظمة صعوبة في بناء قدراتها بالاعتماد على التبرعات، وبالتالي كان بقاؤها دائمًا تحت التهديد؛ ولا تزال المنظمة قائمة حتى اليوم بتمويل من منظمة العمل الدولية.([11])
أدت المشاكل المالية التي واجهتها في سنواتها الأولى إلى ضرورة تمويل البرامج التعليمية مِن قِبَل مشاركين من المانحين الخارجيين. كما أدت الصعوبات المالية إلى اعتماد المنظمة بشكل كبير على مصالح الحكومات والجماعات السياسية الأخرى، وأصبحت خاضعة لها.([12])
3-الأمية:
في نُدوة “الديمقراطية والمشاركة الشعبية لقادة النقابات العمالية الإفريقية” التي عُقدت في أديس أبابا، إثيوبيا، في أبريل 1994م، أشار ممثلو النقابات العمالية إلى الأمية المتفشية بين السكان الأفارقة كمشكلة تؤثر سلبًا على نمو الديمقراطية، وهو مبدأ أساسي من مبادئ مهمة المنظمة في إفريقيا. ورأى الكثيرون أن الظروف الاجتماعية والاقتصادية قد تأثرت سلبًا ببرامج التكيف الهيكلي، مما قلل في نهاية المطاف من إمكانيات التنمية الديمقراطية.
وعليه، فقد قرر الممثلون أنه من أجل زيادة مستوى الديمقراطية داخل القارة، تحتاج النقابات العمالية إلى زيادة مستويات برامج التعليم والتدريب، ليس فقط لأعضائها الممثلين، ولكن أيضًا لمجتمعاتهم المحيطة. وكان الأمل هو أن يتم الضغط على الحكومات الإفريقية لخلق المزيد من فرص العمل، والتركيز على التعليم، وتعزيز القيم الاجتماعية. ([13])
في الختام:
من الأهمية بمكان أن يكون لطبقة العمال الكادحين مَن يدافع عن مصالحهم، ويمثل آراءهم، وخاصة في ظل تطرف الرأسمالية العالمية. وقد كان للعمل النقابي الإفريقي دور بارز في مواجهة الاستعمار، بل وتبوأ قادته سُدة الحكم في بلادهم.
وبعد طرد المستعمر، اتجهت تلك النقابات إلى بناء المؤسسات، ومناهضة السياسات النيوليبرالية، التي أتت على مصالح العمال. غير أنها كانت من مشارب فكرية مختلفة خلقت شيئًا من الصراع فيما بينها، إلى أن توحدت في “الأواتـو” في سبعينيات القرن الماضي.
وتلك الأخيرة على الرغم من مواقفها المساندة للتحرر السياسي والاقتصادي والتنمية، تبقى في نهاية المطاف مواقف دون فِعْل، بسبب نقص التمويل الذي يجعلها عُرْضة للتسييس، والفساد الذي ينشأ عندما يتوافر التمويل. تلك الفعالية الهشَّة لمنظمة الوحدة النقابية الإفريقية “الأواتـو”، هي خسارة للجميع؛ للعمال وللحكام.
…………………………
[1] ) Zeleza, Tiyambe , “Pan-African Trade Unionism: Unity and Discord” (PDF). Trans African Journal of History,1986. 15: pp. 9-178.
[2] ) Bernards, Nick. “The International Labour Organization and African Trade Unions: Tripartite Fantasies and Enduring Struggles” (PDF). Review of African Political Economy,2017. 44 (153): 404–5.
[3] ) Zeleza, Tiyambe.,Op.cit.
[4] ) Britannica, Organization of African Trade Union Unity.at:
https://www.britannica.com/topic/Pan-Africanism
[5] ) Bernards, Nick.Op.cit.
[6] ) International Centre for Trade Union Rights. Trade Unions of the World 6th Edition. London: John Harper Publishing, 2005. p. 409.
[7] ) منظمة الوحدة النقابية الإفريقية – الأواتـو، متاح على الموقع: https://arabtradeunionsunity.wordpress.com/
[8] ) African Union, African Trade Union Organizations debating Agenda 2063, migration and development during the 7th African Union- OATUU Partnership Forum,2/12/2016.at: https://au.int/fr/node/31812
[9] ) https://oatuuousa.org/oatuu-concludes-its-50th-anniversary-celebration-in-accra-ghana/
[10] ) Bernards, Nick. Op.cit.
[11] ) Ibid.
[12] ) Martens, George, “Unity Eludes Africa’s Trade Unions”. Industrial Relations Journal.1985. 16 (4): pp.2-90.
[13] ) https://web.nypl.org/research/research-catalog/bib/b14593233