مقدمة:
يتميز انخراط إسبانيا مع إفريقيا بتعدُّد جوانبه؛ إذ يشمل أبعادًا سياسية واقتصادية واجتماعية. وتشهد هذه العلاقة تطورًا مستمرًّا؛ حيث تسعى إسبانيا إلى تعزيز حضورها ونفوذها في القارة؛ حيث تبعد عن القارة بنحو 14 كيلو مترًا فقط، ويعيش فيها نحو مليوني إفريقي.
وقد اجتمع قادة من إسبانيا ودول إفريقية في مدريد لحضور القمة الإسبانية-الإفريقية الثالثة، وهي حدثٌ رئيسيٌّ يهدف إلى تعميق التعاون الاقتصادي والسياسي والاجتماعي. وقد ركزت القمة، التي عُقدت في الفترة من 6 إلى 8 يوليو 2025م، على بناء شراكة عادلة ومستدامة بين الجانبين.
وتمثلت الأهداف الرئيسية لها في تعزيز التجارة، ودعم التنمية، وتحسين الأمن، وإدارة الهجرة معًا. بحضور الأمين العام لمنطقة التجارة الحرة الإفريقية، وممثلين حكوميين من ساحل العاج وتوغو والصومال.
وبناء عليه تتناول المقالة هذه القمة وأهدافها، وأهم مخرجاتها من خلال المحاور التالية:
- أولًا: العلاقات الاقتصادية الإسبانية الإفريقية.
- ثانيًا: نشأة القمة ونسختيها الأوليين؛ يوليو 2023- يوليو 2024م.
- ثالثًا: القمة الثالثة يوليو 2025م وأهم مخرجاتها.
- رابعًا: إستراتيجية إسبانيا وإفريقيا 2025- 2028م.
- خامسًا: الفرص وإمكانيات التعاون الإفريقية الإسبانية.
أولًا: العلاقات الاقتصادية الإسبانية الإفريقية
تأتي هذه القمة في إطار سَعْي إسبانيا إلى خلق وجود لها في القارة، ضمن نشاط محموم بدأ مع بداية العقد الحالي، ضمن أُطُر أخرى شكَّلت إستراتيجية الدولة تجاه إفريقيا، والتي اشتملت أيضًا على منتديات تهتم بالجانب اللغوي مثل لقاءات منتظمة للهسبانيين من إفريقيا وإسبانيا. وهو منتدى حواري يُعقَد في مدريد، لمناقشة البصمة الإفريقية على اللغة الإسبانية، لا سيما في الأدب والثقافات الإسبانية؛ في محاولةٍ لإبراز ثقافة إسبانية أخرى، وهي الثقافة الأفرو-هسبانية.([1]) فضلًا عن منتدى الاستثمار والأعمال السياحية (INVESTOUR) الذي يُجسِّد التعاون وفرص الأعمال بينهما، والذي يهتم بتنمية السياحة في إفريقيا.([2]) وكذلك المنتديات البحثية كمنتدى إفريقيا الجنوبية -إسبانيا، والذي انعقدت آخر نسخة منه في نوفمبر 2024م.([3])
وتتشارك الحكومة الإسبانية بنشاط في دعم وتسهيل الاستثمار في إفريقيا من خلال آليات متنوعة. من أمثلتها؛ شركة تمويل التنمية الإسبانية (كوفيديس)، التي تلعب دورًا محوريًّا في دعم تدويل الاقتصاد الإسباني وجذب الاستثمارات الأجنبية. بالشراكة مع جهات مثل الصندوق السيادي السنغالي للاستثمارات الإستراتيجية (فونسيس)؛ لتعزيز الاستثمار الإسباني الخاص في مناطق محددة، مثل غرب إفريقيا.
ويُوجَّه الاستثمار الإسباني نحو قطاعات مُختلفة، بما في ذلك الطاقة المُتجدّدة والبنية التحتية والقطاعات الإستراتيجية الحيوية للتنمية المُستدامة.([4])
وقد برز المغرب كشريك تجاري إفريقي رئيسي لإسبانيا، بفضل استثمارات كبيرة مِن قِبَل الشركات الإسبانية في البلاد. ففي عام 2022م، بلغت الاستثمارات الإسبانية في المغرب 1.9 مليار يورو، مُوفِّرةً أكثر من 27.600 فرصة عمل([5]).
وتُعدّ جنوب إفريقيا من أهمّ الدول المُستقبِلة للاستثمار الإسباني، لا سيّما في قطاع الطاقة المُتجدّدة. وقد نما التبادل التجاري الثنائي بين جنوب إفريقيا وإسبانيا بنسبة 9.7% بين عامي 2022 و2023م؛ حيث تُعدّ إسبانيا خامس أكبر شريك تجاري لجنوب إفريقيا في الاتحاد الأوروبي.([6])
وتُقدِّم إسبانيا 2.1 مليار يورو (2.3 مليار دولار) للمساعدة في تمويل التحوّل في مجال الطاقة واحتياجات جنوب إفريقيا من المياه. مستخدمة في ذلك مجموعة متنوعة من الأدوات المالية لدعم استثماراتها في إفريقيا. تشمل القروض، وتأمين المخاطر، واستثمارات رأس المال. وتُعدّ كلٌّ من كوفيديس ومؤسسة التنمية الصناعية (IDC) في جنوب إفريقيا شريكين رئيسيين في تسهيل هذه الاستثمارات. كما تُقدّم الحكومة الإسبانية مِنَحًا لدراسات الجدوى.([7])
ويُعدّ “تحالف إفريقيا أفانزا” مبادرةً تهدف إلى تعزيز الاستثمار الإسباني وتوفير فرص عمل جيدة في غرب إفريقيا. وتُشدّد إستراتيجية إسبانيا-إفريقيا 2025- 2028م على أهمية الشباب، وتهدف إلى خلق فرص عمل لهم، وخاصةً النساء، من خلال التدريب والبرامج الأكاديمية. ([8])
ثانيًا: نشأة القمة ونسختيها الأوليين؛ يوليو 2023-يوليو 2024م
أُعلن عن هذا الحدث استعدادًا لرئاسة إسبانيا لمجلس الاتحاد الأوروبي عام ٢٠٢٣م، واستجابةً لإصدار وزارة الشؤون الخارجية والتعاون لخطة “التركيز على إفريقيا ٢٠٢٣م”، وهي خطة إستراتيجية تُحدد أولويات العمل الخارجي في القارة الإفريقية. تحت عنوان “سد الفجوة بين إفريقيا وإسبانيا!”، ويهدف هذا المنتدى رفيع المستوى إلى جمع رؤساء الدول وممثلي الحكومات لمناقشة التحديات والفرص الرئيسية للتعاون بين إفريقيا وإسبانيا. ومن بين الموضوعات التي تناولتها النسخة الأولى: التنمية المستدامة، والأمن الغذائي، والرقمنة، وتمكين المرأة، وتغير المناخ.([9])
وقد انعقد المنتدى في الفترة من 6 إلى 8 يوليو 2023م، في مدريد، بتنظيم من “منتديات إفريقيا الواحدة”، One Africa Forums وهي منصة تسعى إلى تعزيز الحوار والشراكات بين القارتين، استنادًا إلى خمسة أهداف إستراتيجية: السلام والأمن؛ التنمية المستدامة؛ النمو الاقتصادي الشامل؛ التعاون المؤسسي؛ والتنقل والهجرة.([10])
وقد قدم منتدى إفريقيا الواحدة في برشلونة نسخته الثانية من “قمة الأعمال الإفريقية: آفاق جديدة للتجارة والاستثمار”. بهدف تعزيز شراكات ذات منفعة متبادلة حول مختلف الموضوعات ذات الاهتمام المشترك. وقد جمع الحدث وزراء ومسؤولين حكوميين ومستثمرين ومؤسسات من إفريقيا وإسبانيا في بيئة حصرية لتعميق فرص الأعمال واغتنامها. في الفترة من 9 و10 و11 يوليو2024م، وحضرته شخصيات بارزة وممثلون عن مؤسسات من بينها وزارات الاقتصاد والتجارة والشؤون الخارجية، والجهات الفاعلة الرئيسية في التنمية المستدامة والرقمية، والشركات الرائدة في قطاعات البنية التحتية، والمؤسسات الأكاديمية والبحثية، والطاقة والزراعة والتكنولوجيا، وشركات الاستشارات القانونية والإستراتيجية، والمنظمات متعددة الأطراف ووكالات التنمية، والمؤسسات المالية، بما في ذلك البنوك وبنوك الاستثمار، والمنظمات غير الحكومية المخصصة للتنمية الاقتصادية.([11])
ثالثًا: القمة الثالثة يوليو 2025م وأهم مخرجاتها
تُعدّ هذه القمة جزءًا من إستراتيجية إسبانيا الأوسع لتعزيز علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع إفريقيا من خلال خطة إسبانيا-إفريقيا 2025 -2028م. وبالنسبة لمدريد، يُعدّ تحسين القرب الجغرافي، وتأمين الإمدادات الإستراتيجية (الغاز والنفط والمأكولات البحرية)، وترسيخ مكانة شركاتها في الأسواق الإفريقية الناشئة، أهدافًا ذات أولوية. وتكشف التطورات الأخيرة عن هذه الديناميكية. ففي مايو 2025م، موَّلت مدريد محطة لتحلية المياه في المغرب -الأكبر في القارة- بقيمة 381 مليون دولار، بالشراكة مع جهات مغربية وشركة أكسيونا. وفي نيجيريا، المورد الرئيسي للنفط لإسبانيا، وُقّعت مذكرة تفاهم في مارس 2025م لإجراء مشاورات دبلوماسية منتظمة. قبل ذلك، توصلت إسبانيا والكاميرون إلى اتفاق بشأن تدريب حاضنات المشاريع الصغيرة والمتوسطة أواخر عام ٢٠٢٣.
وقد استوردت إفريقيا منتجات إسبانية بقيمة 20.7 مليار دولار في عام ٢٠٢٤م، بينما بلغت صادرات إفريقيا إلى إسبانيا 35.7 مليار. وظل المغرب الشريك التجاري الأول لها في إفريقيا، تليه الجزائر ونيجيريا وليبيا وجنوب إفريقيا.([12])
وهدفت القمة إلى مضاعفة فرص الاستثمار والتبادل التجاري، خاصة في قطاعات مثل البناء، والطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والصناعات الدوائية، وتأتي القمة الثالثة في وقت تسعى فيه مدريد إلى ترسيخ حضورها في القارة الإفريقية، التي تمثل حاليًّا نحو 6% من صادرات إسبانيا و7% من وارداتها؛ حيث بلغ حجم التبادل التجاري بين إفريقيا وإسبانيا نحو 30 مليار يورو في النصف الأول من عام 2024م، متجاوزًا بذلك حجم التبادل بين إسبانيا وأمريكا اللاتينية. وتُعدّ نيجيريا المورد الأول للنفط لإسبانيا، في حين تحتل الجزائر المرتبة الثانية في توريد الغاز.([13])
وبرز عن القمة عدة مخرجات رئيسية تُعزِّز الشراكة الإستراتيجية بين الطرفين، وتضع أُسُسًا متينةً للتعاون المستدام والشامل؛ حيث أكدت على أهمية تنفيذ الأهداف الخمسة لإستراتيجية 2025- 2028م، والتي تُركّز على تعزيز الاتصال الاقتصادي، زيادة الاستثمارات، التعاون الأمني، دعم التكامل الإقليمي، والانتقال المستدام؛ مما يُرسّخ شراكة متوازنة ومفيدة للطرفين.
كما تمَّ تسليط الضوء على ضرورة مضاعفة فرص الاستثمار والتبادل التجاري، خاصَّةً في قطاعات البناء، الطاقات المتجددة، تحلية المياه، والصناعات الدوائية، مع تأكيد دعم الشركات الإسبانية لتوسيع حضورها في الأسواق الإفريقية المتنامية، مع التركيز على تطوير شبكات التعاون المؤسسي واللوجستي، مثل شبكة غرف التجارة “الإيبيرية– الإفريقية: أفريكو”. والاتفاق على تعزيز التعاون في مجالات التدريب المهني والتوظيف، ومكافحة الهجرة غير النظامية، وربط البنية التحتية المادية والرقمية بين القارتين، بما يدعم التكامل الاقتصادي والاجتماعي.
وفي الجانب الأمني، شدَّدت القمة على أهمية التنسيق المشترك لمواجهة التحديات الأمنية في مناطق، مثل “الساحل والقرن الإفريقي”، والحفاظ على استقرار حركة الملاحة الدولية، كما مثَّلت القمة منصَّةً لتوقيع أو التمهيد لاتفاقيات ومبادرات جديدة تعزز التعاون الاقتصادي والتنمية المستدامة، وأكَّد المشاركون على أهمية تحويل القرب الجغرافي بين إفريقيا وإسبانيا إلى فرص اقتصادية ملموسة. ([14])
رابعًا: إستراتيجية إسبانيا وإفريقيا 2025 -2028م
صمّمت إستراتيجية إسبانيا-إفريقيا 2025 -2028م، التي قُدّمت في ديسمبر 2024م، لتكون بمثابة جسر بين أوروبا وإفريقيا من خلال تعزيز الروابط مع القارة المجاورة، بخمسة أهداف واضحة و100 مسار عمل محدد، تهدف هذه المبادرة إلى ترسيخ علاقة قائمة على الاحترام المتبادل والتعاون والعمل المشترك. وتمثل خارطة طريق لبناء علاقات أقوى وأعمق مع الدول الإفريقية. ولا تقتصر الخطة على تلبية الاحتياجات الحالية فحسب، بل تُقدّم أيضًا رؤية طويلة المدى تُعالج التحديات المشتركة، بدءًا من التنمية الاقتصادية الشاملة ووصولًا إلى مكافحة تغيُّر المناخ. ويُنظّم الإطار في خمسة ركائز إستراتيجية: التعزيز، والنمو، والتواصل، والحماية، والعيش معًا. وتعكس كل ركيزة بُعدًا رئيسيًا، وفقًا للتالي:
- التعزيز: توطيد العلاقات الدبلوماسية: يشمل ذلك تنظيم المزيد من القمم والزيارات الثنائية، بالإضافة إلى تعميق الحوار مع المنظمات الإقليمية مثل الاتحاد الإفريقي والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا. كما تعمل إسبانيا على توسيع حضورها الدبلوماسي في القارة من خلال افتتاح سفارات ومكاتب قطاعية جديدة.
- النمو: تعزيز التنمية الشاملة: تُعدّ التنمية الاقتصادية والاجتماعية عنصرًا أساسيًّا في أيّ إستراتيجية تعاون دولي. تلتزم إسبانيا ببناء إفريقيا أكثر شمولًا واستدامةً، من خلال تعزيز التعليم وتوظيف الشباب والاستثمار المسؤول. تُعدّ مبادرات مثل توفير مِنَح دراسية جديدة للشباب الأفارقة ودعم المشاريع في إطار برنامج البوابة العالمية الأوروبية من أبرز المجالات ذات الأولوية. كما تسعى إسبانيا إلى تشجيع مشاركة الشركات الإسبانية في قطاعات رئيسية مثل البنية التحتية والرقمنة والتحول في مجال الطاقة، بما يضمن تحقيق منفعة متبادلة للتنمية.
- التواصل: بناء الجسور بين المجتمعات: يُمثل التواصل بين المجتمعات الإفريقية والإسبانية حجر الزاوية في هذه الإستراتيجية. فإلى جانب الروابط الاقتصادية، يتم تعزيز التبادل الثقافي والتعليمي لتعزيز التفاهم المتبادل. ويُعدّ الوجود المتزايد لمعاهد سرفانتس في إفريقيا وإنشاء برامج التنقل الأكاديمي مثالين على هذا الالتزام بتبادل المعرفة. كما تعمل إسبانيا على ضمان هجرة آمنة ومنظمة من خلال تعزيز الخدمات القنصلية ومشاريع الهجرة الدائرية.
- الحماية: الاستقرار والأمن أساسٌ للتقدم: يُعدّ السلام والأمن شرطين أساسيين للتنمية المستدامة. ولذلك، تتضمن إستراتيجية إسبانيا-إفريقيا إجراءاتٍ محدَّدة لدعم الدول الإفريقية في منع النزاعات وحلها، ومكافحة الإرهاب، وتعزيز الأمن البحري. علاوةً على ذلك، تلتزم إسبانيا بالعمل معًا لتعزيز القدرة على الصمود في وجه التهديدات المناخية والبيئية، وتشجيع الشراكات الإستراتيجية التي تُعالج التحديات العالمية من منظور محلي.
- العيش معًا: تعزيز الشمول وحقوق الإنسان: وأخيرًا، تُولي الإستراتيجية اهتمامًا خاصًّا لتعزيز المجتمعات الشاملة والديمقراطية. وتدعم إسبانيا المبادرات التي تُعزّز سيادة القانون، وتُكافح الفساد، وتُمكّن النساء والفتيات الإفريقيات. ويُعدّ دعم الشتات الإفريقي ومكافحة العنصرية وكراهية الأجانب من الأولويات الرئيسية أيضًا. وتعكس هذه الإجراءات التزام إسبانيا بقِيَم التنوع والشمول، وهي قِيَمٌ أساسية للعيش معًا في سلام.([15])
خامسًا: الفرص وإمكانيات التعاون الإفريقية الإسبانية
- فرص التجارة والأعمال والاستثمار: تُعد إفريقيا موطنًا لبعض أسرع الاقتصادات نموًّا في العالم. وقد استغل القادة الإسبان القمة لتسليط الضوء على فرص الأعمال المتنامية في قطاعات مثل الطاقة المتجددة، والمياه النظيفة، والبنية التحتية، والصحة، والتدريب المهني. وللاستفادة من ذلك، تُنشئ إسبانيا شبكة جديدة من غرف التجارة الإسبانية-الإسبانية. الهدف هو دعم الشركات الصغيرة والمتوسطة وتسهيل استثمار الشركات الإسبانية في الأسواق الإفريقية. في إحدى الجلسات، ناقش القادة سبل ربط منطقة التجارة الحرة الإفريقية بالقواعد الأوروبية الجديدة المتعلقة بانبعاثات الكربون.
- التعاون في مجال الهجرة والأمن: كانت الهجرة والأمن من الموضوعات الرئيسية أيضًا؛ حيث تواجه العديد من الدول الإفريقية تحديات كالصراع والاتجار بالبشر وتغيُّر المناخ، والتي غالبًا ما تدفع الناس إلى مغادرة أوطانهم. وأكَّدت إسبانيا رغبتها في إدارة الهجرة بإنصاف وإنسانية. وعرضت قصص نجاح من برامج الهجرة الدائرية مع المغرب والسنغال وغامبيا وموريتانيا، وهي برامج تُتيح للعمال الانتقال إلى إسبانيا للعمل الموسمي والعودة إلى أوطانهم بمهارات ودخل جديد. كما دعا القادة المشاركون في القمة إلى بذل جهود أكبر لمكافحة الجريمة العابرة للحدود وتوفير حماية أفضل للنازحين بسبب الحروب أو الكوارث.
- إستراتيجية إسبانيا تجاه إفريقيا وأهدافها السياسية: تدعم القمة إستراتيجية إسبانيا الأوسع نطاقًا تجاه إفريقيا للفترة 2025 -2028م. كما أطلقت إسبانيا لجنة وزارية جديدة لإفريقيا لتنسيق الجهود على مستوى حكومتها.
- الأصوات الإفريقية والخطط الإقليمية: استغلت الصومال القمة لعرض خطتها الجديدة للتحول الوطني للفترة 2025 -2029م. تركز الخطة على بناء الطرق والموانئ وأنظمة الطاقة. وطلب القادة الصوماليون من إسبانيا ودول أخرى دعم هذه الجهود كجزء من أجندة الاتحاد الإفريقي 2063م، التي تهدف إلى رسم ملامح مستقبل القارة. في وقتٍ سابقٍ من هذا الأسبوع، جمَع مؤتمرٌ ذو صلة في إشبيلية خبراءَ ومسؤولين ماليين لمناقشة كيفية دعم التنمية في إفريقيا بشكل أفضل. ووقعوا على “التزام إشبيلية”، وهو وعدٌ بتحسين تمويل التنمية، وخفض أعباء الديون الوطنية، وتعزيز التعاون الدولي.
- مشاريع حقيقية وأهداف مستقبلية: أعربت إسبانيا عن رغبتها في تحويل أفكار القمة إلى مشاريع حقيقية. ويشمل ذلك بناء محطات تحلية المياه في المغرب، ودعم الشركات الصغيرة في الكاميرون، وإطلاق برامج تدريبية للعمال الشباب. ومن المتوقع أن توقع الشركات الإسبانية والحكومات الإفريقية عدة اتفاقيات جديدة في الأشهر المقبلة. أظهرت القمة جدية إسبانيا في أن تصبح شريكًا قويًّا لإفريقيا، من خلال تقديم الاستثمار والدعم والتعاون. وقد شكَّل ذلك تحولًا نحو علاقة أكثر مساواة، مبنية على أهداف مشتركة ورؤية طويلة الأجل لكلا الجانبين. ([16])
ختامًا:
لا تُعدّ إستراتيجية إسبانيا-إفريقيا مجرد إعلان نوايا، بل هي التزامٌ ملموسٌ بمستقبلٍ مشترك. فمن خلال ركائزها الخمس، تُرسِّخ إسبانيا مكانتها كشريك إستراتيجي لإفريقيا، وتعملان معًا لمواجهة التحديات الراهنة وبناء الفرص للأجيال القادمة. وبما يسهم أيضًا في بناء عالم أكثر عدلًا واستدامةً وترابطًا. ويعتمد مستقبل العلاقات الأيبيرية الإفريقية على عوامل مثل التنسيق مع الأُطُر القارية الإفريقية، مثل اتفاقية التجارة الحرة القارية الإفريقية وأجندة 2063م.
وقد أثارت القمة الثالثة تساؤلاتٍ حول قدرة إسبانيا على تحويل إعلاناتها إلى مشاريع تأسيسية تتجاوز شركائها التقليديين في القارة. فقد يُعقِّد ظهور توترات تجارية جديدة، مثل الخلافات حول الطماطم المغربية، بعض جوانب التعاون، لا سيما مع منطقة المغرب العربي. وسيُوضّح التقدم الملموس في التزامات إسبانيا الدور الذي ترغب في لعبه في سلاسل القيمة الإفريقية، في ظلّ المنافسة المتزايدة من دول أخرى. فضلاً عن التحديات الأخرى كملفات الهجرة والأمن.
……………………………
[1] ) José Antonio Sierra, the ” 2nd Meeting of Hispanists Africa-Spain” consolidates the importance of “Afro-Hispanism”.7.12. 2021.at: https://www.freiheit.org/spain-italy-portugal-and-mediterranean-dialogue/2nd-meeting-hispanists-africa-spain-consolidates
[2] ) unwto, Tourism Forum promotes business between Africa and Spain. February 06, 2013.at: https://www.unwto.org/archive/global/press-release/2013-02-06/tourism-forum-promotes-business-between-africa-and-spain
[3] ) acesda, 4th Research Forum Southern Africa – Spain. November 8, 2024.at: https://acesda.org/4th-research-forum-southern-africa-spain/
[4] ) cofides, COFIDES and FONSIS Forge Strategic Alliance to Boost Spanish Private Investment in Africa.at: https://www.cofides.es/en/noticias/notas-de-prensa/cofides-and-fonsis-forge-strategic-alliance-boost-spanish-private
[5] ) https://www.atalayar.com/en/articulo/economy-and-business/morocco-becomes-spains-main-african-trading-partner/20250319163055212470.html
[6] ) https://dirco.gov.za/deputy-minister-botes-hosted-his-spanish-counterpart-for-bilateral-consultations/
[7] ) mining, Spain to invest $2.3 billion in S. African energy transition. April 7, 2023.at: https://www.mining.com/web/spain-to-invest-2-3-billion-in-s-african-energy-transition/
[8] ) Emmanuel Chilamphuma, Spain Unveils New Africa Strategy for 2025-2028. January 8, 2025.at: https://furtherafrica.com/2025/01/08/spain-unveils-new-africa-strategy-for-2025-2028/
[9] ) https://donortracker.org/policy_updates?policy=spain-to-host-africa-cooperation-summit-in-july-2023
[10])https://www.atalayar.com/en/articulo/economy-and-business/africa-spain-cooperation-summit-boosting-collaboration-between-africa-and-spain/20230703111137187591.html
[11] ) atalayar, Africa Spain Business Summit arrives in Barcelona thanks to One Africa Forums.at: https://www.atalayar.com/en/articulo/economy-and-business/africa-spain-business-summit-arrives-in-barcelona-thanks-to-one-africa-forums/20240704061000202247.html
[12] ) Louis-Nino Kansoun, Madrid Hosts New Africa-Spain Summit to Bolster Emerging Partnership. 07 July 2025.at: https://www.ecofinagency.com/news/0707-47590-madrid-hosts-new-africa-spain-summit-to-bolster-emerging-partnership
[13] ) موقع الجزيرة الإلكتروني، مدريد تستضيف القمة الثالثة مع إفريقيا لتعميق الاستثمار والتجارة. 8/7/2025م.
[14] ) شيماء ماهر، القِمَّةُ “الإفريقية – الإسبانية” الثالثةُ: شراكةٌ مُسْتَدَامَةٌ وتحالفاتٌ اقتصاديةٌ أوسعُ، 12/7/2025. متاح على الرابط: https://shafcenter.org/
[15]) exteriors, Spain-Africa Strategy 2025-2028. December 13, 2024.at: https://www.exteriores.gob.es/en/Comunicacion/Noticias/Paginas/Noticias/Estrategia-Espa%C3%B1a-%C3%81frica-2025-2028-relaci%C3%B3n-estrat%C3%A9gica.aspx
[16] ) Enmaeya News, Spain and Africa Strengthen Ties at Madrid Summit Focused on Trade, Security, and Development. July 09, 2025.at: https://enmaeya.com/en/news/686e5be83fdcdb342c49f891