نعمان حسن عيديد
باحث في الشؤون الإفريقية – قسم العلوم السياسية – جامعة القاهرة
ملخص الدراسة:
تتناول الدراسة إشكالية إدخال نظام الانتخابات المباشرة في الصومال، في ظل نظام سياسي هشّ قائم على المحاصصة القَبَلية (4.5)، وبيئة أمنية مضطربة، وهياكل مؤسسية غير مكتملة. وتُركّز على تحليل التوتر القائم بين الطموح الوطني لإقامة نظام ديمقراطي تمثيلي يقوم على مبدأ “صوت واحد، رجل واحد”، والواقع السياسي والأمني والاجتماعي الذي يَعُوق تحقيق هذا الهدف.
مقدمة:
تُعدّ الانتخابات أحد أبرز مظاهر التعبير الديمقراطي، وركيزة أساسية لإنتاج الشرعية السياسية في النُّظم الحديثة. ويُعدّ مبدأ “صوت واحد، رجل واحد” تعبيرًا عن طموح ديمقراطي راسخ، يسعى لترسيخ مبدأ المساواة السياسية في اختيار القيادة الوطنية بعيدًا عن الانتماءات العشائرية أو المحاصصات الفئوية. غير أن هذا الطموح يصطدم بتحديات مُعقَّدة في البيئات الخارجة من النزاع، كما هو الحال في الصومال؛ حيث تتشابك عوامل الانقسام السياسي والهشاشة الأمنية والتعقيدات البنيوية لتُشكِّل سياقًا صعبًا أمام أيّ انتقال ديمقراطي حقيقي.
منذ انهيار الدولة المركزية في الصومال عام 1991م، ظل النظام الانتخابي يُعاني من الارتجال والتشظي؛ حيث تم اعتماد نظام المحاصصة العشائرية المعروف بـ”4.5″ كآلية مُؤقَّتة لتقاسم السلطة بين المكونات القبلية.
وعلى الرغم من الانتقادات الواسعة لهذا النظام، إلا أنه استمر في تشكيل القاعدة الأساسية لاختيار البرلمانات والحكومات المتعاقبة، في ظلّ غياب سجل انتخابي وطني أو مؤسسات قادرة على تنظيم اقتراع شامل ونزيه. وعليه، ظلت الانتخابات في الصومال عملية غير مباشرة، تُدار من خلال نخبة سياسية محدودة، مما فاقم من أزمة الشرعية السياسية ومحدودية التمثيل الشعبي.
مع تعاقب الحكومات الفيدرالية، بدأ يظهر حراك سياسي متصاعد باتجاه إجراء انتخابات مباشرة، كان أبرزها خلال عهد الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو، الذي حاول الدفع نحو تنفيذ مبدأ “صوت واحد، رجل واحد” في انتخابات 2020– 2021م، غير أن التجربة تعثَّرت نتيجة الانقسامات السياسية والصراعات مع الولايات الفيدرالية، مما أدَّى إلى أزمة دستورية كادت أن تُفجِّر الأوضاع الأمنية. وفي السياق نفسه، تعهَّد الرئيس الحالي حسن شيخ محمود بإعادة إحياء هذا المشروع، كخطوة نحو ترسيخ بناء الدولة وتحقيق الوحدة الوطنية. ومع ذلك، لا تزال المخاوف قائمة بشأن مدى جهوزية البلاد لمثل هذا الاستحقاق الكبير.
تُواجه فكرة الانتخابات المباشرة في الصومال تحديات بنيوية وسياسية وأمنية مركّبة. فمن الناحية الأمنية، لا تزال البلاد تعاني من تهديدات جدية تمثّلها حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة، التي تسيطر على مناطق واسعة وتستهدف مراكز الدولة بشكل متكرر. أما من الناحية السياسية، فإن غياب التوافق بين الحكومة الفيدرالية والولايات يشكل أحد أبرز العقبات؛ حيث لا تزال بعض الولايات تتوجّس من نوايا المركز، وترى في مشروع الانتخابات المباشرة محاولة لفرض الهيمنة وتهميش الأقاليم. كما أن النظام العشائري التقليدي، الذي ما يزال يملك سلطة اجتماعية واسعة، يمثل تحديًا إضافيًّا أمام أيّ محاولة لتجاوز منطق المحاصصة نحو منطق المواطنة.
إلى جانب ذلك، تفتقر الصومال إلى البنية التحتية المؤسسية والتنظيمية اللازمة لإجراء انتخابات عامة، مثل سجل وطني للناخبين، وإطار قانوني انتخابي مكتمل، وقدرات لوجستية وتقنية تغطي كامل التراب الوطني. وقد فشلت المحاولات السابقة في إنشاء سجل انتخابي موثوق بسبب الأوضاع الأمنية والسياسية، مما يجعل من الصعب تصوُّر انتخابات شاملة في المدى القريب دون معالجة هذه التحديات.
إن هذه الدراسة تهدف إلى تحليل هذه الجدلية بين الطموح السياسي لإجراء انتخابات مباشرة وبين الواقع الأمني والسياسي الذي يعوق تحقيقها. وتسعى للإجابة عن أسئلة جوهرية حول ما إذا كان مشروع صوت لكل مواطن قابلًا للتنفيذ في الظرف الصومالي الحالي، وما هي الشروط والضمانات التي يجب توافرها قبل الشروع فيه، وكيف يمكن لهذا النموذج أن يسهم في تعزيز الشرعية السياسية وبناء الدولة، دون أن يتحوّل إلى عامل تفجير جديد يُضاف إلى سجل الانقسامات.
وفي هذا السياق، تعتمد الدراسة على مدخل تحليل النظم، لفهم كيفية تفاعل الضغوط الداخلية (الاجتماعية والسياسية) والخارجية (الدولية والإقليمية) مع بنية النظام السياسي القائم، وصولًا إلى المخرجات المتوقعة من مشروع الانتخابات المباشرة. كما تستند إلى تحليل تطور النظام الانتخابي في الصومال، ومواقف مختلف الفاعلين السياسيين، من أجل تقديم قراءة نقدية وواقعية لهذا المشروع الطموح.
إشكالية البحث:
شهدت الصومال خلال العقود الثلاثة الماضية جهودًا حثيثة لإعادة بناء مؤسسات الدولة وتحقيق انتقال ديمقراطي، في ظل واقع معقّد يتداخل فيه العامل العشائري بالتجاذبات السياسية، وتطغى عليه الهشاشة الأمنية. ومن بين أبرز المشاريع السياسية التي طُرحت بقوة في هذا السياق: مشروع الانتخابات المباشرة القائم على مبدأ صوت لكل مواطن، كخطوة رمزية نحو تعزيز المواطنة وبناء شرعية سياسية نابعة من الإرادة الشعبية، بعيدًا عن نظام المحاصصة القَبَلية (4.5) الذي طالما حكم المشهد السياسي منذ مطلع الألفية.
غير أن هذا المشروع، رغم طموحه الديمقراطي، يصطدم بجملة من التحديات البنيوية والمعيقة، في مقدمتها ضعف المنظومة المؤسسية، والبيئة الأمنية الهشة التي تعيق إجراء اقتراع شامل وآمن، إلى جانب غياب التوافق بين الحكومة الفيدرالية والولايات الإقليمية، والانقسامات المتجددة بين النخب السياسية، فضلًا عن استمرار هيمنة البنية العشائرية على المجتمع والدولة.
وبينما يرى البعض في الانتخابات المباشرة مدخلًا مهمًّا لتحقيق الشرعية السياسية وتعزيز الوحدة الوطنية؛ يرى آخرون أنها قد تُسهم في تعميق الانقسامات وتفجير الأوضاع الأمنية في حال فرضها دون توافق وطني وإصلاح مؤسسي. من هنا، تبرز إشكالية هذا البحث في التساؤل عن: إلى أي مدى يمكن تحقيق الانتخابات المباشرة في الصومال في ظل البيئة السياسية والأمنية الراهنة؟ وهل تُشكّل هذه الانتخابات خطوة نحو تعزيز الشرعية والوحدة الوطنية، أم تُعتبر تهديدًا لاستقرار البلاد وتماسكها الاجتماعي؟
فرضيات البحث:
- الانتخابات المباشرة تمثّل هدفًا سياسيًّا مشروعًا، لكنه غير ناضج مؤسسيًّا في السياق الصومالي.
- البيئة الأمنية المنفلتة تُعدّ العائق الأساسي أمام تطبيق الانتخابات المباشرة.
- النظام العشائري وتنازع السلطات الفيدرالية يُشكّل تحديًا إضافيًّا أمام إجراء انتخابات مباشرة نزيهة وشاملة.
- فرض نموذج صوت لكل مواطن بدون توافق وطني قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار بدلاً من تحقيق الوحدة.
أهداف البحث:
- تحليل جذور فكرة الانتخابات في السياق الصومالي.
- تقييم البنية السياسية والمؤسسية التي تدعم أو تعيق إجراء انتخابات مباشرة في الصومال.
- رصد التحديات الأمنية واللوجستية أمام التطبيق انتخابات مباشرة في الصومال.
- دراسة موقف الأطراف السياسية والعشائرية تجاه الانتخابات المباشرة.
- تقديم سيناريوهات مستقبلية وإمكانية إصلاح المسار الانتخابي.
أهمية البحث:
أكاديميًّا: يسهم في دراسة نموذج ديمقراطي غير مكتمل في دولة خارجة من النزاع.
عمليًّا: يفيد صُنّاع القرار والجهات المانحة في فَهْم التحديات الواقعية لتطبيق الانتخابات.
وطنيًّا: يُساهم في إثراء النقاش حول أفضل الطرق لتحقيق الشرعية السياسية دون التضحية بالاستقرار.
منهجية البحث:
المنهج التحليلي– التاريخي: لفهم تطوُّر فكرة الانتخابات في الصومال.
منهج تحليل النظم (مدخل ديفيد إيستون): لدراسة المدخلات (الضغوط المحلية والدولية)، والعمليات (المشاورات، التشريعات، الترتيبات)، والمخرجات (ردود الفعل السياسية والأمنية).
تحليل مقارن داخلي: بين مراحل مختلفة (مثل 2016، 2021م، و2024– 2025م).
تقسيم الدراسة:
أولًا: الإطار المفاهيمي والنظري: مفهوم الانتخابات والنظم الانتخابية
أ. مفهوم الانتخابات.
ب. النُّظم الانتخابية.
ثانيًا: واقع الانتخابات في الصومال: من التشكل إلى التحديات
- الانتخابات قبل الاستقلال (قبل 1960م)
- الانتخابات بعد الاستقلال (1960- 1969م)
- فترة الحكم العسكري (1969- 1991م)
- فترة غياب الدولة والحروب الأهلية (1991- 2000م)
- عودة تدريجية للعملية السياسية (منذ 2000 حتى الآن)
ثالثًا: الطموح السياسي والتحديات البنيوية للانتخابات المباشرة:
- الطموح السياسي للانتخابات المباشرة.
- التحديات البنيوية للانتخابات المباشرة:
- التحديات الأمنية (حركة الشباب، النزاعات العشائرية).
- غياب سجل انتخابي موحّد.
- هشاشة المؤسسات الفيدرالية.
رابعًا: التفاعلات السياسية حول مشروع الانتخابات المباشرة:
- مواقف الحكومة الفيدرالية، والولايات، والمجتمع المدني.
- تحليل الخطابات الرسمية والقرارات التنفيذية.
خامسًا: استشراف مستقبل الانتخابات المباشرة:
- نجاح تدريجي
- تعثر
- انهيار سياسي
أولًا: الإطار المفاهيمي والنظري:
مفهوم الانتخابات والنظم الانتخابية:
أ. مفهوم الانتخابات
تُعدّ الانتخابات إحدى الركائز الأساسية للنظام الديمقراطي، وآلية جوهرية لممارسة السيادة الشعبية وتداول السلطة بطريقة سلمية ومنظمة([1]). بالنظر إلى أهمية الانتخابات وما يترتب عليها من آثار سياسية واجتماعية واقتصادية، سيتم عرض بعض التعريفات الفقهية لمفهوم الانتخاب فيما يلي:
من بين التعريفات لمفهوم الانتخاب ما أورده فيليب برو(Philip Pro)؛ حيث اعتبره “وسيلة تهدف إلى إضفاء الشرعية على السلطة الحكومية”.([2]) أما أندري هوريو (André Hauriou) فقد رأى أن الانتخابات “الأسلوب الذي يختار من خلاله المواطنون مَن يمثلهم، والذين يمارسون بدَوْرهم الحكم بناءً على السياسات التي يُفضّلها الناخبون”. في حين عرّف جون بول جاك (Jean Paul Jacqué) الانتخاب بأنه “الطريقة الديمقراطية التي يتم بها تعيين الحكّام”.([3])
ويرى سعد مظلوم العبدلي، في كتابه “الانتخابات: ضماناتها، حريتها، ونزاهتها“، أن الانتخاب يُعدّ الوسيلة الأساسية لتداول وإسناد السلطة في النظام الديمقراطي النيابي، وذلك من خلال ممارسة الناخبين لحقهم في اختيار مَن يمثلهم داخل مؤسسات الحكم في الدولة.
أما صالح حسين علي عبد الله، فيعرّف الانتخاب بأنه أسلوب ديمقراطي يختار من خلاله الشعب حكامه بإرادته، مانحًا بذلك الشرعية لسلطة الحاكم. وبمعنى آخر، هو تجسيد لإرادة الشعب في اختيار الأفراد الذين يمارسون السلطة نيابة عنه، مما يجعل من الانتخاب شكلاً حديثًا للشرعية الديمقراطية. كما يرى أن الانتخاب يُمثِّل في جوهره توافقًا بين إرادات متعدّدة بقصد إجراء عملية تعيين.
وبالرجوع إلى بعض المفاهيم في الشريعة الإسلامية، كالشورى والبيعة، يمكن تعريف الانتخاب أيضًا بأنه: “أمانة وشهادة، وولاء وبراء”، ما يُضْفِي عليه بُعدًا أخلاقيًّا ودينيًّا يُبرز مسؤوليته في ضمير الأمة.([4])
وبناءً على التعريفات السابقة، فإن الانتخابات: عملية رسمية يشارك فيها المواطنون لاختيار مَن يمثلهم في مواقع اتخاذ القرار، سواء على مستوى السلطة التشريعية أو التنفيذية، وذلك من خلال التصويت الحر والمباشر في إطار قانوني ودستوري محدّد. وهنا تتضمن عملية الانتخابات منظورين. ويشير التعريف السياسي إلى كون الانتخابات وسيلة لخلق شرعية سياسية للسلطة؛ إذ تُمنح الحكومة الحق في الحكم بناءً على تفويض شعبي. أما من المنظور القانوني، فهي إجراء تُنظّمه الدولة بآليات ومؤسسات تضمن الشفافية والنزاهة والعدالة.
ب. النُّظم الانتخابية
النظام الانتخابي هو الإطار القانوني والمؤسسي الذي يُنظّم عملية الانتخابات، ويُحدّد كيفية تحويل الأصوات التي يُدلي بها الناخبون إلى مقاعد في البرلمان أو المناصب السياسية.
تعريف نظام الانتخابي:
تُعرَّف النظم الانتخابية بأنها مجموعة من القوانين والضوابط التشريعية والإجرائية التي تُنظِّم عملية اختيار ممثلي الشعب في الهيئات التمثيلية، مثل البرلمانات أو المجالس النيابية. وتكمن وظيفتها الأساسية في توفير إطار فني وقانوني يُمكِّن المواطنين من التعبير عن إرادتهم السياسية عبر الاقتراع، بما يضمن تمثيلاً عادلاً ومستقرًّا. كما يعرف أيضًا النظام الانتخابي بأنه “مجموعة القواعد والإجراءات التي تُحدِّد كيفية إجراء الانتخابات، ومَن يحقّ له الترشح والتصويت، وكيف يتم فرز الأصوات وتوزيع المقاعد”.([5])
ولا يوجد نموذج انتخابي مُوحّد أو معياري يُعتمد عالميًّا؛ إذ تختلف النظم الانتخابية باختلاف السياقات السياسية والاجتماعية لكل دولة. كما تُعدّ النظم الانتخابية أدوات تقنية تهدف إلى حَسْم التنافس بين المرشحين، وتُشكِّل الوسيلة الرئيسة التي يُمارس من خلالها الشعب حقه في اختيار مَن يتولى الحكم باسمه.
بهذا المعني يتخذ مفهوم النظام الانتخابي بُعْدين أساسيين:
الأول عام، ويشير إلى الإطار القانوني والإجرائي الشامل الذي يُنظّم العملية الانتخابية من بدايتها حتى نهايتها، ويشمل ذلك تسجيل الناخبين، اعتماد المرشحين، إجراء التصويت، فرز الأصوات، ثم إعلان النتائج النهائية. وبهذا المعنى، يمثل النظام الانتخابي منظومة متكاملة لترجمة إرادة الناخبين إلى تمثيل فعلي داخل المجالس المنتخبة، وله تأثير مباشر على طبيعة النظام السياسي.([6])
أما المعنى الخاص للنظام الانتخابي، فيرتبط بالصيغة أو الطريقة التي تُحسب بها الأصوات لتحديد الفائزين بالمقاعد المتنافس عليها. سواء كان النظام نظام الأغلبية المطلقة أو الأغلبية النسبية، فإنه يضع آلية رياضية واضحة لتوزيع المقاعد استنادًا إلى نتائج التصويت. ويتأثر هذا النظام بجوانب إدارية مصاحبة، مثل: تقسيم الدوائر، تسجيل الناخبين، شروط الترشح، إدارة العملية الانتخابية، وآليات الفرز. وإذا لم تكن هذه العناصر منسجمة مع الواقع السياسي والاجتماعي، فقد تضعف فعالية النظام الانتخابي وتفقده شرعيته.([7])
ويُفهَم من المعنى الخاص أن النظام الانتخابي يُعدّ أداة لتنظيم التعبير الشعبي عبر الانتخابات، ويُعدّ ضروريًّا لفرز الممثلين المنتخبين. بينما يُعدّ حقّ التصويت مسألة مستقلة ومسبقة، تتعلق بتحديد مَن يحقّ له الاقتراع وشروط ذلك، في حين يحدّد النظام الانتخابي آلية تحويل تلك الأصوات إلى نتائج سياسية وتمثيلية فعلية.
أنواع الأنظمة الانتخابية:
تتعدد النظم الانتخابية المُطبّقة حول العالم، وتختلف في طبيعتها من دولة إلى أخرى، بل وقد تتباين داخل الدولة الواحدة بحسب الأقاليم أو مستويات الحكم المختلفة، سواء على المستوى الوطني أو المحلي. وعلى الرغم من هذا التنوع، يمكن تصنيف النظم الانتخابية بشكل عام إلى ثلاثة أنماط رئيسية، وهي كما يلي:
1- نظام التصويت الفردي ونظام التصويت بالقائمة
يشير نظام التصويت الفردي إلى قيام الناخبين في كل دائرة انتخابية بانتخاب مرشح واحد فقط لتمثيلهم في المنصب. ويترتب على هذا النظام تقسيم الدولة إلى عدد كبير من الدوائر الانتخابية الصغيرة، يتساوى عادة مع عدد مناصب المطلوب شغلها. فعلى سبيل المثال، إذا كان البرلمان يتكون من 100 مقعد، فإن الدولة تُقسّم إلى 100 دائرة انتخابية، يفوز في كل دائرة المرشح الذي يحصل على أعلى الأصوات.([8])
أما نظام التصويت بالقائمة، فيعتمد على تقديم الناخبين لقائمة حزبية أو اختيارهم من بين قوائم متعددة مرشحة للانتخابات؛ بحيث تمثل كل قائمة مجموعة من المرشحين. وقد تكون القائمة مغلقة، وفيها يُصوِّت الناخب لصالح القائمة ككل دون أن يكون له الحق في تعديل ترتيب المرشحين أو حذف أيّ منهم، أو مفتوحة، وهي التي تسمح للناخب باختيار مرشحين بعينهم من داخل القائمة، أو حتى من قوائم متعددة، مما يمنحه حرية تشكيل قائمة خاصة به وفقًا لتفضيلاته.
2- نُظم الانتخاب بالأغلبية ونظام التمثيل النسبي
تشير نظم الأغلبية والتمثيل النسبي إلى الآليات المستخدمة لاحتساب وتوزيع أصوات الناخبين بعد انتهاء عملية التصويت. نظام الأغلبية يقوم على فوز المرشح أو القائمة التي تحصد أكبر عدد من الأصوات في الدائرة الانتخابية، سواء في حالة التصويت الفردي أو بنظام القائمة. ويؤدي هذا النظام إلى فوز مطلق لطرف واحد وخسارة كاملة للطرف الآخر، ما يعني استبعاد الأصوات الأقلية بشكل شبه كامل من التمثيل.([9])
ينقسم نظام الأغلبية إلى صورتين رئيسيتين:
الأغلبية البسيطة (Plurality):
وفقًا لهذا النمط، يُمنَح المقعد النيابي للمرشح أو القائمة التي تحصد أعلى عدد من الأصوات، دون النظر إلى ما إذا كانت هذه الأصوات تشكل أغلبية مطلقة. بمعنى آخر، يفوز مَن يحصل على أكبر عدد من الأصوات، حتى إن تجاوز مجموع أصوات باقي المرشحين ما حصل عليه الفائز. يُعرف هذا النظام ببساطته وسهولة تطبيقه، لكنّه قد يؤدّي إلى تمثيل غير دقيق لإرادة الناخبين.
الأغلبية المطلقة (Majority):
يشترط هذا النظام حصول المرشح على أكثر من نصف الأصوات للفوز. وإذا لم يتحقق ذلك في الجولة الأولى، تُجرى جولة ثانية يُطلق عليها “الاقتراع الثاني”.
يُسمح في هذه الجولة فقط لبعض المرشحين المؤهلين بالمشاركة، وفق معايير تختلف من بلد لآخر. ففي روسيا، مثلًا، يتأهل اثنان من الحاصلين على أعلى الأصوات، بينما في فرنسا يُسمح لكل من نال 12.5% على الأقل من مجموع الناخبين المسجلين بخوض الجولة الثاني هذا النظام يعزز من شرعية الفائز، ويضمن تمثيلًا أقرب إلى إرادة الأغلبية.([10])
أما نظام التمثيل النسبي فيقوم على توزيع مقاعد البرلمان بشكل يتناسب مع نسبة الأصوات التي حصلت عليها كل قائمة أو حزب. فالحزب الذي ينال 40% من الأصوات يحصل على نسبة مماثلة من المقاعد، وهكذا لبقية الأحزاب، مما يسمح بتمثيل أدق لجميع الاتجاهات السياسية، بما في ذلك المعارضة والأقليات.
يهدف هذا النظام إلى تقليص الفجوة بين نسبة أصوات الناخبين التي يحصل عليها الحزب ونسبة تمثيله داخل البرلمان، وبالتالي يُعدّ أكثر عدالة من نظام الأغلبية في تمثيل الطيف السياسي المتنوع داخل الدولة.
3- النظم المختلطة
تُعرف النظم المختلطة بأنها تلك التي تجمع بين نظامي الأغلبية والتمثيل النسبي؛ إما من خلال تطبيق كل نظام في مجموعة مختلفة من الدوائر الانتخابية، أو بتقسيم مقاعد المجلس إلى قسمين:
جزء منها يُنتخب وفق النظام الفردي (الأغلبية)، والجزء الآخر يُنتخَب وفق نظام التمثيل النسبي.
ويهدف هذا النمط إلى تحقيق توازن بين مزايا النظامين، بحيث يضمن تمثيلًا عادلًا وتنوعًا سياسيًّا من جهة، ويحافظ على الاستقرار وفعالية الحكم من جهة أخرى.([11])
ثانيًا: واقع الانتخابات في الصومال: من التشكل إلى التحديات
أ. الانتخابات قبل الاستقلال (ما قبل 1960م)
شهد الصومال خلال فترة الاحتلال الأوروبي (البريطاني في الشمال والإيطالي في الجنوب) محاولات محدودة لتطبيق بعض الممارسات التمثيلية، ولكنها كانت خاضعة للهيمنة الاستعمارية ولا ترقى إلى انتخابات وطنية مستقلة. في الصومال الإيطالي، بدأت بعض التجارب السياسية المحلية في أواخر الأربعينيات، خاصة بعد وضع الصومال الجنوبي تحت وصاية الأمم المتحدة بإدارة إيطالية (1950- 1960م). خلال هذه الفترة، ظهرت الأحزاب السياسية وعلى رأسها حزب “رابطة الشباب الصومالي” (SYL) الذي لعب دورًا محوريًّا في الحراك الوطني، وتم تنظيم أول انتخابات عامة في 1954 ثم 1956م لانتخاب أعضاء المجلس التشريعي تحت إشراف إدارة الوصاية، وكانت تلك الانتخابات محدودة، لكنها شكلت النواة الأولى للتجربة الديمقراطية في الصومال. أما في شمال الصومال (البريطاني)، فقد كانت التجربة السياسية أبطأ، لكنها شهدت بداية التنظيمات السياسية في أواخر الخمسينيات، وتم إجراء انتخابات محلية في بعض المجالس البلدية.([12])
ب. الانتخابات بعد الاستقلال (1960– 1969م)
بعد إعلان الوحدة بين الشمال والجنوب في 1 يوليو 1960م، تم تشكيل أول حكومة صومالية منتخبة، وبدأت تحقيق تجربة ديمقراطية ريادية في المنطقة، وحظيت بأن تكون أول دولة في القارة الإفريقية تعرف التداول السلمي للسلطة. أُجريت الانتخابات الثانية في عام 1964م، وقد تميزت هذه الانتخابات بتعدُّد الأحزاب والمنافسة الحرة، لكن سرعان ما بدأت تبرز مشكلات تتعلق بالتحزب الشديد والانقسامات القبلية، ما أضعف الاستقرار السياسي.
ولاحقًا برزت اتهامات بالتزوير وشراء الأصوات، الأمر الذي زاد من الاحتقان السياسي. وفي أكتوبر 1969م، تم اغتيال الرئيس الشرعي عبد الرشيد علي شرماركي، مما فسح المجال لانقلاب عسكري بقيادة الجنرال محمد سياد بري، أنهى الحقبة الديمقراطية القصيرة ودخلت البلاد مرحلة الحكم العسكري.([13])
ج. فترة الحكم العسكري (1969– 1991م)
عقب الانقلاب العسكري، تم تعليق العمل بالدستور، وحلّ البرلمان، وحُظرت الأحزاب السياسية. تبنّى نظام سياد بري “الاشتراكية”، وخضع النظام للسلطة المطلقة لـ”المجلس الثوري الأعلى”. لم تجرِ خلال هذه الفترة أي انتخابات حقيقية، بل كانت هناك استفتاءات شكلية، أبرزها استفتاء 1979م الذي أقرّ دستورًا جديدًا، لكنّها لم تُعبِّر عن إرادة شعبية حرة، بل كانت مفروضة من النظام.([14])
مع تزايد الفساد وتهميش الجماعات القبلية المعارضة، اندلعت حرب أهلية شاملة في أواخر الثمانينيات، وانتهت بسقوط نظام سياد بري في عام 1991م، ودخول البلاد في فوضى سياسية وأمنية طويلة.
د. فترة غياب الدولة والحروب الأهلية (1991– 2000م)
خلال هذه المرحلة، انهارت مؤسسات الدولة بما في ذلك البنية الانتخابية. ظهرت سلطات أمر واقع في مناطق مختلفة، أبرزها إعلان “أرض الصومال” استقلالها من طرف واحد عام 1991م، وتشكيل إدارات إقليمية في بونتلاند، وغيرها.
لم يكن هناك أيّ وجود لنظام انتخابي وطني شامل، بل سادت القبلية وسيطرة الميليشيات المسلحة، وتم اللجوء إلى الوساطة التقليدية (الشيوخ والعشائر) في إدارة الحكم. بعض المناطق مثل “أرض الصومال” نظَّمت انتخابات محلية وبرلمانية مستقلة لاحقًا، لكنّها لم تكن جزءًا من الدولة الصومالية الرسمية.([15])
ه. العودة التدريجية للعملية السياسية (منذ 2000 حتى الآن)
بدأت محاولات إعادة بناء الدولة الصومالية في مؤتمر عرتا في جيبوتي عام 2000م، وتمخَّض عنه تشكيل أول برلمان انتقالي، ولكن اختيار النواب كان قائمًا على “نظام المحاصصة القبلية” المعروف بـ”4.5″؛ حيث يتم تخصيص مقاعد البرلمان للأربع قبائل الكبرى بالتساوي، والنصف المتبقي للقبائل الأخرى. وقد ظلت الانتخابات خلال هذه المرحلة غير مباشرة؛ حيث تختار شيوخ العشائر المندوبين، الذين يختارون بدورهم النواب والرئيس. على الرغم من أن هذه الصيغة كان يُفتَرض أن تكون انتقالية ولمدة ثلاث سنوات فقط، تمهيدًا للانتقال إلى نظام التعددية السياسية والانتخابات المباشرة، إلا أن الأنظمة المتعاقبة على الحكم لم تتخذ خطوات فعلية لتجاوزها أو تطويرها، مما أدَّى إلى استمرار العمل بها حتى آخر الانتخابات.([16])
في عام 2012م، تم إعلان الحكومة الفيدرالية الصومالية رسميًّا، وتُعتبر نقطة تحوُّل باتجاه بناء مؤسسات دستورية. وبذلت حكومة الرئيس حسن شيخ محمود خلال فترته الأولى ما بين عامي 2012 و2016م جهودًا ملموسة نحو إرساء أسس الانتقال إلى نظام انتخابي يقوم على مبدأ “صوت واحد، رجل واحد”، كخطوة لتجاوز نظام المحاصصة العشائرية (4.5). وقد تمثلت هذه الجهود أولاً في إطلاق “رؤية 2016″، التي شكلت خارطة طريق طموحة لإجراء انتخابات مباشرة لأول مرة منذ انهيار الدولة؛ حيث نصّت الرؤية على تنظيم انتخابات عامة تعتمد الاقتراع المباشر، وإقرار دستور دائم عبر استفتاء شعبي، وبناء نظام سياسي تعددي قائم على الأحزاب، إضافة إلى تطوير مؤسسات الدولة لتكون قادرة على إدارة عملية انتخابية شاملة.([17])
ضمن هذه الجهود، أُنشئت “اللجنة الانتخابات الوطنية المستقلة” عام 2015م، بموجب قانون صادق عليه البرلمان الفيدرالي، وكُلّفت المفوضية بإعداد سجل وطني للناخبين وتنظيم العملية الانتخابية على أسس فنية وقانونية حديثة.([18]) كما عملت الحكومة على طرح عدد من القوانين الضرورية لإجراء الانتخابات المباشرة، من أبرزها قانون الأحزاب السياسية لعام 2016م، الذي حدَّد شروط تأسيس الأحزاب على أساس وطني وليس عشائري، وفتح الباب أمام التعددية السياسية المؤسسية.
إلى جانب ذلك، تم إعداد مشروع قانون الانتخابات العامة، الذي تضمَّن قواعد الاقتراع المباشر، وتنظيم الدوائر الانتخابية، وآليات تسجيل الناخبين والمرشحين. وقد ساهمت هذه الخطوات في بناء الإطار القانوني والمؤسسي الذي يُعتمد عليه لاحقًا في محاولات تنظيم انتخابات مباشرة، رغم أن تنفيذها الكامل لم يتحقق في تلك الفترة. إلا أن الفترة بين 2012 و2016م تُعدّ مِن المراحل الأساسية التي وُضِعَ فيها حجر الأساس للتحوُّل نحو نظام انتخابي ديمقراطي في الصومال. ومع ذلك، استمرت الانتخابات بنظام غير مباشر في انتخابات رئاسية 2016– 2017م، تم خلالها اختيار الرئيس محمد عبد الله فرماجو.
وفي الفترة الممتدة بين عامي 2017 و2022م، بذل الرئيس محمد عبد الله فرماجو جهودًا واضحة في إطار الانتقال نحو نظام انتخابي يقوم على مبدأ “الانتخابات المباشرة” (صوت واحد، رجل واحد)، وذلك ضمن رؤيته لتعزيز شرعية المؤسسات الفيدرالية وتقوية المشاركة الشعبية في إدارة الشأن السياسي. عملت حكومته على إصدار وتعديل قانون الانتخابات الفيدرالي؛ حيث تم إقرار قانون الانتخابات الفيدرالية (Federal Electoral Law) في فبراير 2020م، مِن قِبَل مجلسي البرلمان (الشعب والشيوخ)، وهو أول قانون من نوعه يُحدّد بالتفصيل القواعد والإجراءات اللازمة لتنظيم انتخابات وطنية مباشرة في البلاد منذ انهيار الدولة المركزية عام 1991م. كما تم في عهده تعديل قانون الأحزاب السياسية، وتم اعتماد القانون رقم (4) لسنة 2020م بشأن تسجيل وتنظيم الأحزاب السياسية.([19])
في 2021– 2022م، واجهت البلاد أزمة انتخابية حادة نتيجة الخلاف بين الحكومة والمعارضة على آلية الانتخابات، مما أدّى إلى تأجيلها أكثر من مرة، حتى أُجريت الانتخابات الرئاسية عام 2022م، وفاز حسن شيخ محمود لولايته الثانية.([20])
ثالثًا: الطموح السياسي والتحديات البنيوية للانتخابات المباشرة في الصومال
أ. الطموح السياسي والقانوني نحو الانتخابات المباشرة
يُعدّ التحول إلى نظام الانتخابات المباشرة (صوت واحد، شخص واحد) في الصومال أحد أبرز الطموحات السياسية التي تتطلع إليها الحكومات المتعاقبة، والنخب الإصلاحية، والمجتمع الدولي، منذ إعادة تأسيس الدولة الفيدرالية عام 2012م. فقد نصّ الدستور المؤقت الصادر في ذات العام على إقامة نظام ديمقراطي تمثيلي يقوم على مبدأ الاقتراع العام والمباشر، باعتباره أحد الحقوق الأساسية للمواطنين في اختيار مَن يحكمهم. وتؤكد الخطط الوطنية مثل “رؤية 2020″، و”خطة التحول الانتخابي 2021– 2025″، على التزام الدولة بإجراء انتخابات مباشرة شاملة على المستويين البرلماني والرئاسي، وتأسيس مفوضية وطنية مستقلة للانتخابات، وتحديث السجل المدني وسجل الناخبين.([21])
كما عبّر الرئيسان السابقان حسن شيخ محمود في فترته الأولى ومحمد عبد الله فرماجو عن تبنّي هذا الخيار، واعتبراه ركيزة للشرعية الشعبية والوحدة الوطنية، ومحطة ضرورية لتجاوز نظام المحاصصة القبلية المعروف بـ”4.5″. أما في فترة رئاسة الثانية لحسن شيخ محمود فقد تم تنفيذ إصلاحات سياسية طموحة تهدف إلى الانتقال من نظام المحاصصة العشائرية (نظام 4.5) إلى نموذج انتخابي مباشر يُعزّز المشاركة الديمقراطية. وقد تم وضع الأساس لهذه المبادرة في اجتماع المجلس الاستشاري الوطني في مايو 2023م، وتُوِّجَت في مارس 2024م بتعديلات دستورية جوهرية أرست نظامًا سياسيًّا جديدًا قائمًا على التعددية الحزبية (ثلاثة أحزاب) وإجراء انتخابات مباشرة على المستويات المحلية والاتحادية كل خمس سنوات. ولتعزيز هذا التحوُّل، قدمت الحكومة مشاريع قوانين رئيسية تتعلق باللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات والحدود، مشروع قانون الانتخابات، والقانون الأحزاب السياسية، والتي أقرَّها كلّ من مجلس الوزراء والبرلمان، ما أسَّس لإطار قانوني جديد للنظام الانتخابي في البلاد.([22])
ويُقدّم مشروع قانون الانتخابات الوطني نموذجًا انتخابيًّا متعدّد المستويات يدمج بين نظام الأغلبية البسيطة والتمثيل النسبي وتمثيل العشائر؛ حيث تُجرى الانتخابات الرئاسية وانتخابات قيادات الولايات والبلديات بنظام الأغلبية، بينما تُعتمد القائمة المفتوحة لمجلس الشعب، والقائمة المغلقة لمجالس الولايات والمجالس المحلية.
كما يضمن تمثيل العشائر من خلال تخصيص نسبة من المقاعد للأقل تمثيلًا وتقييد توزيع المقاعد الحزبية في مجلس الشيوخ. ورغم أن هذه الإصلاحات تهدف إلى تجاوز القيود التي فرضها نظام 4.5 وتوسيع قاعدة المشاركة، إلا أنها تواجه تحديات تتعلق بضعف البيئة الأمنية، وتغلغل الهويات العشائرية، وغياب التوافق الوطني، ما أثار انتقادات من فاعلين سياسيين رئيسيين، خشيةَ أن تؤدي سرعة التغيير إلى زعزعة الاستقرار الذي تحقق بصعوبة. لذلك فهذا الطموح السياسي والالتزام القانوني يصطدم بتحديات هيكلية عميقة ومتعددة الأبعاد تعرقل إمكانية تطبيقه على أرض الواقع.([23])
ب. التحديات البنيوية أمام الانتخابات المباشرة في الصومال
- الانقسام الفيدرالي وضعف التوافق بين المركز والولايات
ومن أبرز العوائق البنيوية لنجاح الانتخابات المباشرة: وجود خلافات مستمرة بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء حول صلاحيات كل طرف في العملية الانتخابية، وآليات تنظيمها، وتوزيع المقاعد الانتخابية. فالولايات تتمسَّك بمساحة من السيادة الانتخابية، وترفض غالبًا تدخُّل الحكومة المركزية في الشؤون المحلية، بينما تُصِرّ مقديشو على مركزية تنظيم الانتخابات. وقد برز هذا التوتر بشكل واضح خلال أزمة الانتخابات 2021– 2022م، مما أدى إلى تأجيلات وصدامات سياسية متكررة، وفي الوقت الحالي فقد عارض كل من ولاية بونتلاند وجوبالاند التعديلات الدستورية في 30 مارس 2024م، والتي صادَق عليها البرلمان الصومالي بغرفتيه حيث تضمنت الانتقال إلى انتخاب رئيس الجمهورية انتخابًا مباشرًا مع مدّ فترة الرئاسة لخمس سنوات بدلاً من أربع، وتوسيع الصلاحيات التنفيذية للرئيس لتشمل تعيين وإقالة رئيس الوزراء والوزراء دون الحاجة لمصادقة برلمانية.([24])
- غياب نظام تسجيل مدني شامل وموثوق
إجراء انتخابات مباشرة يتطلب وجود سجل وطني دقيق للناخبين، وهو ما تفتقر إليه الصومال حتى اليوم. فمعظم المواطنين لا يملكون وثائق هوية رسمية، ولا توجد قاعدة بيانات موحدة للمواليد أو البالغين، ما يجعل عملية التسجيل عرضة للتزوير أو الإقصاء غير العادل، ويهدد نزاهة الاقتراع. وعلى الرغم من محاولات إنشاء السجل الرقمي مِن قِبَل مفوضية الانتخابات، إلا أن هذه الجهود لا تزال في بداياتها وتعاني من نقص التمويل والدعم الفني. كما اعتُبرت إعادة هيكلة اللجنة الوطنية للانتخابات مؤشرًا إضافيًّا على تآكل الثقة بين الحكومة والمعارضة؛ حيث رأت الأخيرة أن هذه الخطوة تهدف بالأساس إلى تعزيز هيمنة السلطة التنفيذية على العملية الانتخابية. ويُعزز هذا التصور غياب معايير شفافة لاختيار أعضاء اللجنة، إلى جانب ضعف الإطارين القانوني والإداري الناظمين لعملها. وقد زاد من تعقيد المشهد السياسي الغموض المحيط بمصير الانتخابات المباشرة المزمع إجراؤها في عام 2026م، والتي ينظر إليها بعض الفاعلين السياسيين كمجرد أداة سياسية لتبرير تأجيل الانتخابات، في ظل غياب الجاهزية التقنية واللوجستية، وافتقار العملية برُمتها إلى توافق فعلي بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء.([25])
- البنية التحتية الأمنية الهشة
لا تزال مناطق واسعة من الصومال، خاصة في الجنوب والوسط، تخضع لسيطرة أو تهديد مباشر مِن قِبَل حركة الشباب المرتبطة بالقاعدة. وهذا يخلق بيئة غير آمنة لإجراء انتخابات مباشرة تتطلب فتح مراكز اقتراع وتوفير حرية التنقل والتجمع. كما يشكّل خطر الإرهاب تهديدًا لحياة الناخبين والمرشحين ومشرفي الانتخابات، ويحد من إمكانية رقابة محلية ودولية فعّالة.([26])
- الواقع العشائري وهيمنة نظام “4.5”
تُعدّ البنية القبلية العميقة في المجتمع الصومالي واحدة من أبرز التحديات البنيوية. فالنظام السياسي منذ عام 2000م بُنِيَ على محاصصة قبلية (نظام 4.5) توزع من خلاله المناصب والمقاعد البرلمانية على أساس الانتماء العشائري. وعلى الرغم من المطالبات بتجاوزه، إلا أن هذا النظام لا يزال يحظى بدعم من شيوخ القبائل والنخب التقليدية، التي ترى فيه وسيلة لضمان التوازن النسبي بين المكونات العشائرية، وتتحفظ على الانتخابات المباشرة باعتبارها قد تؤدي إلى هيمنة عشائر كبرى وإقصاء أخرى صغيرة، كما يُعرب أعضاء البرلمان الحالي ذو المجلسين عن مخاوف كبيرة بشأن مستقبلهم الغامض في حال تطبيق الانتخابات المباشرة. ويُفضّل الكثيرون الحفاظ على الوضع الراهن، مما يسمح لهم بالعودة إلى مقاعدهم بنفس الطريقة التي اتبعوها في الانتخابات (غير المباشرة) السابقة، ومن الجدير بالذكر أن معظم أعضاء البرلمان صوّتوا لصالح التعديلات الدستورية المثيرة للجدل، ليس عن قناعة، بل تماشيًا مع توجيهات الرئيس.([27])
- ضعف الثقافة الانتخابية والإعلام المدني
لا يزال وعي الناخب الصومالي حول طبيعة الانتخابات المباشرة ومبادئ المواطنة محدودًا، بفعل سنوات من الصراع والقطيعة مع مؤسسات الدولة. كما أن ضعف الإعلام الحر المستقل، وغياب برامج وطنية للتوعية والتثقيف المدني، يُشكّل عقبة أمام تحفيز المشاركة الواسعة والتصويت الواعي. وفي ظل هذا الواقع، تبقى الانتخابات عرضة للتوجيه القبلي أو شراء الأصوات أو التأثير الديني.
- نقص التمويل والدعم الفني
تنظيم انتخابات مباشرة على مستوى وطني يتطلب ميزانيات ضخمة، ومعدات إلكترونية، وأُطرًا قانونية ومؤسسية معقدة. وتعتمد الصومال بشكل كبير على المساعدات الخارجية لتنفيذ هذه المهام، مما يجعل العملية عرضة للتأجيل أو التسييس في حال توقف التمويل أو غياب الدعم الفني.([28])
رابعًا: التفاعلات السياسية حول مشروع الانتخابات المباشرة في الصومال
أ. مواقف الفاعلين الرئيسيين: الحكومة الفيدرالية، الولايات، والمجتمع المدني
على الرغم من الإجماع الشكلي على أهمية الانتقال إلى نظام الانتخابات المباشرة في الصومال، إلا أن مواقف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين تجاه هذا المشروع تتباين تبعًا لاختلاف المصالح والقراءات السياسية والقدرة على التأثير في مخرجات العملية الانتخابية.
- الحكومة الفيدرالية:
تتبنَّى الحكومة الفيدرالية في مقديشو موقفًا مؤيدًا بوضوح للانتخابات المباشرة؛ حيث تعتبرها أداة لتعزيز شرعية الدولة وتجاوز المحاصصة القبلية التي تُشكِّل عائقًا أمام بناء مؤسسات حقيقية قائمة على الكفاءة والتمثيل الشعبي. وقد أكد الرئيس الحالي حسن شيخ محمود، كما فَعَل سلفه محمد عبد الله فرماجو، التزام الحكومة بتنظيم انتخابات مباشرة شاملة. وتركّز الحكومة على تطوير البنية التشريعية والإدارية اللازمة لذلك، مثل تشكيل مفوضية الانتخابات الوطنية المستقلة، وإعداد قانون الانتخابات، وتدشين برامج التسجيل للناخبين، رغم صعوبة التنفيذ الميداني.([29])
- الولايات الفيدرالية:
تميل بعض الولايات، خاصة بونتلاند وجوبالاند، إلى معارضة الانتخابات المباشرة التي تنظمها الحكومة المركزية. وتعود هذه المواقف إلى قلق هذه الكيانات من أن تتركز السلطة في يد المركز، أو أن تُستخدم العملية الانتخابية لإعادة إنتاج السلطة في مقديشو على حساب استقلالية الولايات. في المقابل، أبدت ولايات مثل جنوب غرب الصومال وهيرشبيلي مرونة أكبر في التعاون مع الحكومة المركزية، لكنها تطالب بضمانات واضحة لتقاسم السلطة وتوزيع المقاعد الانتخابية بطريقة عادلة تحترم الخصوصيات المحلية.([30])
- المجتمع المدني والفعاليات الإصلاحية:
يُعبّر قطاع واسع من منظمات المجتمع المدني، بما فيها الاتحادات الشبابية والنسوية والحقوقية، عن تأييده القوي للانتخابات المباشرة باعتبارها خطوة ضرورية نحو تعزيز المشاركة الشعبية وتفعيل دور المواطن في صناعة القرار. ومع ذلك، تطالب هذه الجهات بتوفير بيئة آمنة، وضمان الشفافية والنزاهة، وحماية حقوق الفئات المُهمَّشة، وبالأخص النساء والشباب، في الترشح والتصويت. كما تُشدّد بعض الأصوات المستقلة على ضرورة مراعاة واقع المجتمع العشائري والانتقال التدريجي نحو الديمقراطية بدل فرض نماذج جاهزة.([31])
ب. تحليل الخطابات الرسمية والقرارات التنفيذية
تشير الخطابات الرسمية الصادرة عن مؤسسات الدولة، منذ 2016م، وحتى الآن، إلى تحوُّل تدريجي في خطاب النخبة الحاكمة من الحديث العام عن “الإصلاح السياسي” إلى التركيز المباشر على ضرورة اعتماد نظام انتخابي مباشر وشامل. في هذا السياق، يمكن رَصْد عدد من الوثائق الرسمية والخطابات العلنية:
- رؤية 2016م: حيث خارطة طريق طموحة نحو إعادة بناء النظام السياسي في الصومال؛ حيث نصَّت على إجراء انتخابات عامة تعتمد على الاقتراع المباشر للمرة الأولى منذ انهيار الدولة في عام 1991م. كما تضمنت الرؤية أهدافًا إستراتيجية شملت إقرار دستور دائم من خلال استفتاء شعبي، وترسيخ نظام تعددي قائم على الأحزاب السياسية، إضافة إلى تطوير القدرات المؤسسية للدولة بما يُؤهّلها لإدارة عملية انتخابية شاملة وشفافة.([32])
- خطاب الرئيس فرماجو في 2018م تضمن تأكيدًا واضحًا على أن “الشعب الصومالي يجب أن يختار ممثليه دون وساطة عشائرية”، مشيرًا إلى نهاية نظام “4.5”، غير أن التطبيق العملي واجَه تأجيلاً متكررًا بفعل الخلافات مع الولايات.
- خطة التحول السياسي 2020– 2025م التي وضعتها وزارة الداخلية والشؤون الفيدرالية، نصَّت على تنظيم انتخابات مباشرة خلال دورتين انتخابيتين قادمتين، مع بناء السجل المدني وتحديث قوانين الانتخابات.
- قرارات اللجنة الانتخابات (NIEC) تضمنت إطلاق برنامج التسجيل البيومتري للناخبين، وهو مشروع طموح لكنه لا يزال محدود النطاق جغرافيًّا بسبب الوضع الأمني.
- بيانات الحكومة الحالية 2023– 2024م برئاسة حسن شيخ محمود تُعيد التأكيد على نية الحكومة تنظيم انتخابات مباشرة على الأقل في بعض المناطق خلال العامين القادمين، كمرحلة أولى من الانتقال التدريجي.
رغم هذه المؤشرات الإيجابية في الخطاب الرسمي، إلا أن الواقع التنفيذي يكشف عن بطء واضح، وعجز عن تحويل الوعود إلى ممارسات على الأرض، مما يُعزّز الشكوك حول جدية الإرادة السياسية أو قدرتها على تجاوز الانقسامات البنيوية والميدانية.
تُشكِّل التفاعلات السياسية حول مشروع الانتخابات المباشرة في الصومال ساحة متشابكة من المصالح والتحفظات والدوافع المتناقضة. وبينما يبدو أن هناك تقاطعًا في الخطاب على أهمية المضي قدمًا نحو انتخابات مباشرة، فإن التنفيذ العملي لا يزال رهينًا بمعادلة مُعقَّدة من التوافقات السياسية، والجاهزية المؤسسية، والقدرة الأمنية، والثقة بين الفاعلين. إن تحليل المواقف والخطابات يُظهر أن الإرادة السياسية وحدها لا تكفي، ما لم تترجم إلى إجراءات واضحة وشاملة تستوعب جميع المكونات، وتُؤسِّس لمسار توافقي وطني طويل المدى.
خامسًا: استشراف مستقبل الانتخابات المباشرة:
يمثل إدخال نظام الانتخابات المباشرة في الصومال تحولًا مفصليًّا في مسار بناء الدولة، غير أنه يُواجه تحديات معقدة تتطلب استشراف سيناريوهات متعددة لمساره المستقبلي، يمكن تلخيصها في ثلاثة اتجاهات رئيسية:
- سيناريو النجاح التدريجي:
في حال تمكَّنت الحكومة الصومالية من تعزيز التوافق الوطني، وتحقيق حدٍّ معقول من الاستقرار الأمني، وبناء الهياكل القانونية والمؤسسية الضرورية، فإن البلاد قد تشهد انتقالًا تدريجيًّا نحو انتخابات مباشرة أكثر شمولًا. من شأن هذا السيناريو أن يؤدي إلى توسيع قاعدة المشاركة السياسية، وإضعاف قبضة نظام المحاصصة العشائري، وتعزيز شرعية مؤسسات الحكم المنتخبة.
ورغم أن سيناريو النجاح التدريجي يُعدّ الخيار الأمثل لمستقبل الانتخابات المباشرة في الصومال، إلا أن تحقيقه على المدى القريب، وتحديدًا خلال فترة الولاية الثانية للرئيس حسن شيخ محمود، يبدو مستبعدًا في ظل المعطيات الراهنة. فغياب التوافق الوطني الحقيقي، واستمرار هشاشة الوضع الأمني، وضعف البنية المؤسسية والتشريعية، كلها عوامل تُضْعِف احتمالية الانتقال السلس نحو نموذج انتخابي شامل وعادل في الوقت الراهن.
- سيناريو التعثُّر:
يُحتمل أن يواجه مسار الانتخابات المباشرة عراقيل تنظيمية وسياسية تؤدي إلى تأجيلات متكررة دون إحراز تقدم ملموس. في هذا السياق، قد تظل الانتخابات محصورة في نطاقات تجريبية محدودة جغرافيًّا أو وظيفيًّا، ما يُضْعِف ثقة المواطن في إمكانية تحقيق تحول ديمقراطي فعلي، ويُبقي النظام العشائري فاعلًا في إدارة السلطة. ويُعدّ سيناريو التعثُّر الأكثر احتمالًا في السياق السياسي الراهن في الصومال، وذلك بالنظر إلى تشابك العوامل البنيوية التي تُقيّد قدرة الحكومة الفيدرالية على المضي قدمًا منفردة في اتخاذ قرارات مصيرية تتعلق بشكل النظام السياسي ومستقبل العملية الانتخابية. فالبيئة السياسية في الصومال تُعاني من انقسامات حادة، وتوازنات دقيقة بين المركز والولايات، كما أن معارضة واسعة من أطراف رئيسية -سواء من الزعامات السياسية السابقة أو من بعض الولايات الفيدرالية الفاعلة مثل بونتلاند وجوبالاند-، تجعل من الصعب تنفيذ التحول إلى الانتخابات المباشرة دون توافق وطني شامل.
ولا تُعدّ قضية الانتقال إلى انتخابات مباشرة مسألة مستجدة، بل تعود جذورها إلى ما قبل انتخابات 2022م، حين حاولت حكومة الرئيس السابق محمد عبد الله فرماجو، بدعم من مجموعة “أصدقاء الصومال” الدولية، الدفع نحو نظام انتخابي أكثر انفتاحًا. إلا أن تلك المحاولة انتهت إلى أزمة سياسية عميقة بسبب غياب التفاهم بين الأطراف المحلية، وافتقار البيئة الأمنية والإدارية للجاهزية. ويبدو أن الوضع الحالي يُعيد إنتاج نفس التحديات، ما يُنذر بتكرار السيناريو ذاته؛ إذا لم يتم تجاوز العوائق البنيوية والتوصل إلى حلول توافقية.
وفي ضوء ذلك، فإن هذا السيناريو لا يُستبعد إجراء بعض الخطوات الفنية أو التشريعية مِن قِبَل الحكومة، إلا أن تطبيقها العملي الكامل سيظل معرقلًا بفعل غياب التنسيق مع الولايات والفاعلين المحليين، ما قد يؤدي إلى حالة من الشلل السياسي أو حتى أزمة دستورية جديدة تُهدِّد مجمل العملية الديمقراطية.
- سيناريو الانهيار السياسي:
إذا ما استمرت الإصلاحات الانتخابية في فرض نفسها خارج التوافق الوطني، وتزايدت معارضة القوى السياسية والإقليمية الرئيسية، خصوصًا في ظلّ هشاشة الوضع الأمني وتراجع الدعم الدولي، فإن ذلك قد يؤدي إلى انهيار العملية الانتخابية برُمّتها، وربما يُفْضِي إلى أزمة سياسية أوسع تُهدِّد بتقويض ما تحقَّق من استقرار نسبي خلال العقد الأخير.
أما السيناريو الثالث، فرغم كونه أقل احتمالًا مقارنة بالسيناريوهين السابقين، إلا أن احتمالية تحققه تظل قائمة في حال تفاقمت الخلافات السياسية وتعذَّر الوصول إلى حد أدنى من التوافق بين الحكومة الفيدرالية والولايات الأعضاء، أو إذا فشلت الحكومة في إدارة الإصلاحات الانتخابية بطريقة تراعي التوازنات العشائرية والسياسية الدقيقة. ففرض إجراءات انتخابية أحادية الجانب، أو تجاوز الإطار التوافقي الذي تأسَّست عليه الدولة الصومالية بعد عام 2004م، قد يؤدي إلى انسحاب بعض الولايات من العملية السياسية، أو حتى إلى تصعيد الصراع بين المركز والأقاليم، مما يُنذر بتقويض النظام السياسي الهشّ، وفتح الباب أمام موجات جديدة من العنف السياسي والمؤسسي.
لذلك، يبقى هذا السيناريو بمثابة تحذير استراتيجي يُحتِّم على صانعي القرار تجنُّب سياسات الإقصاء، وتعزيز الحوار الوطني كضمانة أساسية للاستقرار السياسي في البلاد.
وبناءً على ما سبق، فإن مستقبل الانتخابات المباشرة في الصومال مرهون بمدى قدرة الدولة على تجاوز الانقسامات الداخلية، وتوفير بيئة سياسية وقانونية جامعة، تُراعي الخصوصية الصومالية وتُعزّز التحول الديمقراطي دون إقصاء أو انزلاق نحو الفوضى.
………………………………………
[1]. د. شاعة محمد، “التحليل العلمي لسلوك نظام الانتخابي: مدخل مفاهيمي ونظري”، مجلة البحوث السياسية والإدارية: (العدد ٩، مجلد ١، 31 ديسمبر 2016)، ص 41.
[2] . مختاري يمينة، النظام الانتخابي للسلطة تشريعية في الجزائر، رسالة ماجيستير (مسيلة: كلية الحقوق وعلوم السياسية، جامعة محمد بوضياف، ٢٠١٨)، ص 8.
[3]. نفس المرجع السابق.
[4]. نفسه.
[5]. أ.د. ابتسام حاتم علوان و لونا عبد الكريم داود، “النظم الانتخابية ودورها في توزيع المقاعد: دراسة تحليلية”، قضايا سياسية (بغداد: الجامعة المستنصرية، كلية العلوم السياسية، ٣١ ديسمبر ٢٠٢٤)، ص 561.
[6]. ميسون طه حسين، “النظام الانتخابي وأثره في عمل البرلمان: دراسة تحليلية مقارنة” (بغداد: كلية الإمام الكاظم للعلوم الإسلامية جامعة السلام أبريل 2020)، ص 5.
[7]. نفس المرجع السابق.
[8]. نفسه.
[9]. مختاري يمينة، مرجع سبق ذكره.
[10]. ميسون طه حسين، مرجع سبق ذكره.
[11]. ماجدة إبراهيم الباز، “الانتخابات كآلية من آليات التغيير السياسي ودورها في إعاقة التحول الديمقراطي في العالم العربي” رسالة ماجستير (نابلس: كلية الدراسات العليا، جامعة النجاح الوطنية، 2017م)، ص 13.
[12]. سيد عمر معلم عبد الله، “عامان على الانتخابات الرئاسية في الصومال: قراءة في الإنجازات والتحديات”، (لندن: مركز أبعاد للدراسات الإستراتيجية، مايو 2024)، ص 5.
[13]. نفس المرجع السابق.
[14]. المرجع نفسه.
[15]. عبدالرحمن محمود علي عيسي، “قراءة في المشهد السياسي والانتخابي في الصومال: توقعات وتطلعات”، (دوحة: المركز العربي الأبحاث ودراسة السياسات، نوفمبر 2016م)، ص 1. متوفر في: https://www.dohainstitute.org/ar/lists/ACRPS-PDFDocumentLibrary/document_3A130184.pdf
[16]. محمد عبدالله كوسار، “مأزق الانتخابات في الصومال: اتجاهات التصعيد وسيناريوهات الحل”، (مقديشو: مركز الصومال للبحوث ودراسة السياسات، ديسمبر2021م)، ص1. متوفر في: https://somaliacenter.com/wp-content/uploads/2021/12/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-pdf.pdf
[17]. عبدالرحمن محمود علي عيسي، مرجع سبق ذكره. ص 3.
[18]. قانون رقم (8) 2015 بشأن إنشاء اللجنة المستقلة للانتخابات الوطنية، جمهورية الصومال الفيدرالية، صادر عن البرلمان الفيدرالي، منشور في الجريدة الرسمية، 2015م.
[19]. صهيب محمود، “الانتخابات الصومالية 2022: قراءة في نتائجها وتحديات الحكومة الجديدة”، (الدوحة: المركز العربي الأبحاث ودراسة السياسات، 13 يونيو 2022)، ص 1.
[20]. عبد الرحمن إبراهيم عبدي، “أزمة الانتخابات الصومالية مسارات التسوية وسيناريوهات المحتملة”، (مقديشو: مركز الصومال للبحوث ودراسة سياسات، 30 ديسمبر 2020).
[21]. عبدالرحمن محمود علي عيسي، مرجع سبق ذكره. ص 3.
[22]. monthly analytical briefing, “A Path to Direct Elections? Analyzing Somalia’s Electoral Bill Against Political Realities”, September 2024. Pp 1-3. available in: https://www.glafpol.com/briefing/a-path-to-direct-elections-analyzing-somalias-electoral-bill-against-political-realities
[23]. Idem.
[24] . د. أحمد أمل، “هندسة التوافق: سيناريوهات أزمة النظام الانتخابي في الصومال، المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة (أبو ظبي: 08 يونيو، 2025م).
[25]. أحمد صديق، “مستقبل الانتخابات المقبلة في الصومال 2026م على ضوء الأزمة السياسية الراهنة”، المركز الإفريقي للأبحاث ودراسة السياسات، 29 مايو 2025م.
[26]. صهيب محمود، مرجع سبق ذكره.
[27]. Ali Halane, “Direct Elections in Somalia: Illusion or Reality?”, Hiiraan online, March 30, 2025.
[28]. أحمد صديق، مرجع سبق ذكره.
[29]. monthly analytical briefing, “A Path to Direct Elections? Analyzing Somalia’s Electoral Bill Against Political Realities. Ibid. P. 3.
[30]. أحمد صديق، مرجع سبق ذكره.
[31]. اليوم السابع: “رئيس الصومال يبحث مع قيادات “المجتمع المدني” الانتخابات المباشرة والمصالحة والأمن” متوفر في: https://www.youm7.com/story/2025/1/11/%D8%B1%D8%A6%D9%8A%D8%B3-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%88%D9%85%D8%A7%D9%84-%D9%8A%D8%A8%D8%AD%D8%AB-%D9%85%D8%B9-%D9%82%D9%8A%D8%A7%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%AE%D8%A7%D8%A8%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B4%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A9/6842019
[32]. عبدالرحمن محمود علي عيسي، مرجع سبق ذكره. ص 3.