نشرت صحيفة “NZZ” السويسرية مقالاً لـ”بيتينا رول Bettina Rühl”، مراسلة الصحيفة في نيروبي حول الاضطرابات القائمة في إقليم تيجراي بشمال إثيوبيا؛ حيث أدَّت التوترات المستمرة إلى تغيير في الحكومة الانتقالية.
وقد جاء ذلك بعد أن عيّن رئيس الوزراء الإثيوبي “آبي أحمد” الفريق “تاديسي ويريدي” رئيسًا للإدارة الانتقالية لـ “تيجراي”. ويسعى “آبي أحمد” إلى تهدئة الأزمة السياسية والإنسانية في تيجراي، والتي ظلت تتفاقم على مدار الأشهر الماضية.
ولكن على ما يبدو فإن التوتر الإثيوبي الإريتري أصبح محل تساؤل؛ لكونه من الدوافع الكامنة حول التوترات الأخيرة التي يشهدها الإقليم في ظل تحذيرات، وليس مجرد احتمالات، من نشوب حرب جديدة ستكون لها آثار كارثية في منطقةٍ تعجّ بالأزمات. والتساؤل الآن حول الأسباب التي فرَّغت اتفاق السلام 2022م من جدواه دون أن يكون حائط صدّ كافٍ أمام مثل هذه التوترات؟
بقلم: بيتينا رول
ترجمة وتقديم: شيرين ماهر
في تيجراي، تسعى جميع أطراف النزاع المحلية إلى نشوب حرب جديدة، حتى وإن لم يُقِرّ أيٌّ منهم بذلك علنًا. ومن أهمّ الأطراف الفاعلة في الأزمة: إريتريا المجاورة، التي أعلنت، وفقًا لتقارير إعلامية محلية، التعبئة العامة في فبراير الماضي.
عواقب الحرب الأهلية في إثيوبيا:
يعيش سكان تيجراي؛ -حيث لا يزال جزء كبير من بنيتهم التحتية مدمرًا بعد حرب أهلية طاحنة بين عامي 2020 و2022م-، في أجواء الخوف من اندلاع الحرب منذ أسابيع. ووفقًا لتقرير صادر عن “أفريكان ريبورت”، تحوَّل هذا الخوف أحيانًا إلى حالة من الذعر الشديد بين المواطنين.
والسبب الرئيسي للتوترات الحالية يكمن -قبل كل شيء- في الاتفاق الذي أنهى الحرب الأهلية في نوفمبر 2022م. فقد لقي ما يُقدَّر بنحو 600 ألف شخص حتفهم في هذا الصراع.
في هذه الحرب الأهلية، قاتلت جبهة تحرير شعب تيجراي (TPLF) -التي لعبت دورًا حاسمًا في السياسة الإثيوبية لعقود- وقوات دفاع تيجراي (TDF) شبه العسكرية معًا ضد الجيش الإثيوبي، الذي كان مدعومًا بقوات من إريتريا، من بين دول أخرى.
لقد أنهى اتفاق وقف إطلاق النار القتال في نوفمبر 2022م. ولكن، ظلت عدة مسائل جوهرية عالقة آنذاك. علاوة على ذلك، رفضت أجزاء من “جبهة تحرير شعب تيجراي” و”قوات دفاع تيجراي” الاتفاق منذ البداية: وبسبب بعض بنوده غير المواتية، اعتبروه إعلان استسلام فرضه “آبي أحمد” أكثر منه اتفاق سلام.
على سبيل المثال، يُعدّ وضع المناطق الخصبة والزراعية ذات القيمة العالية في غرب تيجراي مثيرًا للجدل. ووفقًا للمنظمة الدولية للهجرة، بعد مرور أكثر من عامين على انتهاء الحرب، لا يزال حوالي مليون نازح، كثير منهم من هذه المناطق، يعيشون في فقر ويواجهون حالة من عدم اليقين بشأن مستقبلهم.
الانقسام وعدم الرضا عن اتفاقية السلام:
لم يكن هناك أيّ تقدُّم يُذْكَر في تسريح مقاتلي قوات الدفاع عن تيجراي، وإعادة دمجهم في المجتمع. ولكن من المشكلات الرئيسية الأخرى: غياب الجهات الفاعلة الرئيسية في العنف عن مفاوضات اتفاقية عام ٢٠٢٢م.
لقد ترددت مزاعم تفيد بأن الرئيس الإريتري، أسياس أفورقي، لم يوافق على انتهاء الحرب آنذاك؛ حيث كان يتمنى لو دمَّر جبهة تحرير شعب تيجراي -عدوّه القديم من صراعات سابقة- تدميرًا نهائيًّا.
ووفقًا لتقرير نُشر في صحيفة “إثيوبيا إنسايت” الإلكترونية، توقع “أفورقي” أن يكون له مقعد على طاولة المفاوضات؛ نظرًا لدعمه الكبير للجيش الإثيوبي، لكنه لم يتم إشراكه في ذلك.
ويبدو الآن أن أجزاء من “جبهة تحرير شعب تيجراي” و”قوات دفاع تيجراي” تحاول التعويض عن الإذلال الذي سببته الاتفاقية، وإذا لزم الأمر، تعمل على فرض ظروف أكثر ملاءمة من خلال اندلاع صراع مسلح جديد.
وبحسب ما تردد من مزاعم؛ فقد لجأ أعضاء ساخطون من “جبهة تحرير شعب تيجراي” و”قوات دفاع تيجراي” إلى إريتريا المجاورة لتوحيد صفوفهم لبدء معركة ضد “آبي أحمد” والجيش الإثيوبي في حرب جديدة.
ومن المرجح أن تُخاض هذه الحرب مجددًا على أرض تيجراي، في منطقةٍ تعاني بالفعل من صراعات مسلحة عديدة؛ من أبرزها: الحرب في السودان المجاور، والتصعيد الحادّ للوضع في جنوب السودان، والأزمة المستمرة في الصومال.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط التقرير:
https://www.nzz.ch/international/tigray-region-in-aethiopien-eskalation-statt-frieden-ld.1880222