نشرت مؤسسة “كونراد إديناور/ Konrad Adenauer Stiftung” الألمانية البحثية تقريرًا أعدَّه “جاكوب كيرستان/ Jakob Kerstan”، رئيس مكتب المؤسسة في جمهورية الكونغو الديمقراطية، تطرَّق فيه إلى أجواء الحرب الأهلية التي تدور رحاها في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية لأكثر من 30 عامًا، والتي تسبَّبت في كارثة إنسانية أسفرت حتى الآن عن مقتل عدة ملايين من البشر، وسجَّلت عددًا قياسيًّا جديدًا من النازحين داخليًّا في عام 2024م.
والسؤال هنا: ما خلفيات ذلك الصراع طويل الأمد الذي لا تلوح بوادر نهايته؟ وما الجهات الفاعلة الرئيسية التي تشتبك فيه؟ ولماذا لا تزال سيناريوهات النهاية بعيدة المنال رغم الجهود المبذولة؟
بقلم: جاكوب كيرستان
ترجمة: شيرين ماهر
على مدار عقود، خيَّم على شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية شَبح صراع دموي مرير. ولكن على الرغم من ضحاياه، لم يَلْقِ اهتمامًا بالقدر الكافي في الرأي العام الألماني. وفي الوقت الراهن، يُقدِّر المراقبون الدوليون أن أكثر من ستة ملايين شخص قد لقوا حتفهم في السنوات الثلاثين الماضية. وهذا من شأنه أن يجعله الصراع الأكثر دموية في العالم بعد الحرب العالمية الثانية. ونظرًا لأن معظم الضحايا من المدنيين، ولم يفقدوا حياتهم جراء أعمال حروب مباشرة، بل نظرًا لسوء التغذية، تُشكِّل هذه الأرقام مسألة مثيرة للجدل.
بالإضافة إلى ذلك، يوجد في الكونغو حاليًّا أكثر من سبعة ملايين نازح داخلي. ومنذ عام 2022م وحده، زاد عددهم بمقدار 2.2 مليون شخص آخر. فلطالما اكتظت مخيمات اللاجئين على الحدود الخارجية للعاصمة الإقليمية الكونغولية الشرقية “جوما” بالسكان، فضلًا عن كونها تعاني من نقص التمويل الحادّ. وفي بعض الحالات تتحوَّل هذه المخيمات إلى ساحات حرب، ممَّا أدَّى إلى ظروف صحية كارثية وانتشار أمراض مثل الكوليرا والتيفود.
وحتى لو ساد الاستقرار السياسي في العاصمة الكونغولية، كينشاسا، بعد إعادة انتخاب الرئيس “فيليكس تشيسكيدي” في نهاية عام 2023م؛ تظل المقاطعات الشرقية بمثابة بؤرة للصراع والأزمة في البلاد، التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة على الأقل. وعلى مدار عقود، لم تتمكن قوات الأمن الكونغولية من السيطرة على أراضيها في شرق البلاد، وتوفير الحماية للسكان.
وهناك أكثر من 100 جماعة متمردة، بعضها يحظى بدعم الدول المجاورة على مدار سنوات، وتفرض سيطرتها على هذا الفراغ. وتحديدًا، تُعدّ حركة 23 مارس (M23)، المدعومة من جانب رواندا بما يصل إلى 4000 جندي، وتسيطر الآن على أجزاء كبرى من شرق الكونغو بالمقارنة مع أيّ جماعة متمردة أخرى، هي المسؤولة عن تأجيج الصراع في السنوات الأخيرة.
تاريخ ودوافع الصراع:
الكونغو جزء من منطقة البحيرات العظمى المختلطة عرقيًّا في وسط إفريقيا، والتي تضم أيضًا رواندا وأوغندا وبوروندي وأجزاء من كينيا وتنزانيا. نُظِّمَت أولى حركات الهجرة المُنسقة مما يُعرف الآن برواندا إلى شرق ما يُعرف الآن بالكونغو خلال الفترة الاستعمارية البلجيكية بسبب الاكتظاظ السكاني الرواندي ونقص الأيدي العاملة في الكونغو.
كما يعتمد الصراع الرئيسي الحالي في شرق الكونغو على الإبادة الجماعية في رواندا المجاورة، والتي ارتكبها أعضاء من جماعة “الهوتو” العرقية ضد جماعة “التوتسي” العرقية في عام 1994م. ولم يحاول الديكتاتور “موبوتو سيسي سيكو”، الذي حكم كينشاسا في ذلك الوقت، ملء خزائن الدولة الفارغة بالمساعدات الدولية من خلال استقبال ما لا يقل عن مليون لاجئ رواندي فحسب، بل أراد أيضًا رفع مكانته الدولية بعد أن فقد شعبيته وأهميته بالنسبة للغرب مع سقوط الستار الحديدي.
ولكن بين اللاجئين الروانديين في شرق الكونغو، لم يكن هناك العديد من ضحايا الإبادة الجماعية فحسب، بل كان هناك أيضًا عدد كبير من مُرتكبي الإبادة الجماعية؛ مثل: ميليشيات إنتراهاموي سيئة السمعة وأجزاء كبيرة من الحكومة الرواندية السابقة، بما في ذلك القوات المسلحة التي تهيمن عليها جماعة الهوتو العرقية.
وفي مخيمات اللاجئين الكونغولية، استولى هؤلاء المتطرفون الهوتو، سريعًا، على السلطة وأنشأوا هياكل شبه عسكرية اعتبرتها الحكومة الرواندية الجديدة بمثابة تهديدًا. وتحت قيادة زعيم الميليشيا والرئيس الرواندي لاحقًا، بول كاجامي، طاردوا مُرتكبي الإبادة الجماعية في أعماق الدولة المجاورة، التي كانت أكبر بحوالي تسعين مرة. وفي عام 1997م، تمكن تحالف عسكري تدعمه رواندا وأوغندا أخيرًا من الإطاحة بالرئيس موبوتو، ويرجع ذلك، نسبيًّا، إلى اتهامهم له بإيواء المتمردين. ثم تلا ذلك سنوات مضطربة من الحرب، بالتزامن مع ارتكاب عدد لا يُحْصَى من جرائم حقوق الإنسان الخطيرة على الأراضي الكونغولية.
منذ هذه اللحظة بدأت الحروب بين رواندا وأوغندا بذريعة محاربة الجماعات المتمردة الكونغولية، واستمرت حتى عام 2003م، وشاركت فيها العديد من الدول الإفريقية كأطراف في الصراع. لذلك تُعرَف حرب الكونغو الثانية أيضًا باسم “الحرب العالمية الإفريقية”. والواقع، لم تكن رواندا ذات الكثافة السكانية المرتفعة مهتمة بتأمين حدودها فحسب، بل كانت مهتمة أيضًا بتوسيع نفوذها السياسي والاقتصادي في منطقة البحيرات العظمى.
إن رواسب المواد الخام الهائلة في الكونغو تكتسب أهمية بالغة، ليس فقط بالنسبة لرواندا، بل وأيضًا للاقتصاد العالمي والتحول العالمي في مجال الطاقة والنقل. كما توجد العديد من المواد الخام التي يحتاج إليها قطاع الإلكترونيات في الأساس، في شرق ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث المساحة. ويشتعل الصراع على تهريب المعادن مثل؛ القصدير والتنجستن والكولتان (التنتالوم) والذهب والألماس، والتي غالبًا ما تُستَخرَج في ظروف غير إنسانية. في حين تسيطر الجماعات المسلحة على مناطق التعدين وطرق التهريب. وكذلك يُنقَل كلّ من الذهب والكولتان، تحديدًا، عبر الحدود إلى رواندا (وأوغندا) ويُعاد بيعهما من هناك في صورة مواد خام “بمعزل عن الصراع”.
وتُقدّر الحكومة الكونغولية أنها تخسر مليار دولار أمريكي من العائدات كل عام؛ بسبب تهريب المواد الخام، بشكل غير قانوني، إلى خارج البلاد. حتى أن البلاد رفعت دعوى قضائية، مؤخرًا، ضد شركة الإلكترونيات “أبل” لاستخدامها معادن “مسروقة” من الكونغو في هواتف أيفون الخاصة بها. وفضلًا عن المستفيدين الروانديين، فإن العديد من الكونغوليين من قطاع الأمن هم جزء من هذه العلاقات المُعقدة؛ وهذه الحقيقة غالبًا ما يتم تجاهلها في الحجج السياسية على الجانب الكونغولي؛ لأن النُّخَب هنا يستفيدون أيضًا من الوضع الراهن، مما يجعل حلّ الصراع أكثر تعقيدًا.
وبالإضافة إلى المصالح الأمنية، فإن اعتماد رواندا الاقتصادي على تصدير المواد الخام التي تأتي في الأساس من الكونغو يلعب دورًا حاسمًا؛ لأن هذه الموادّ الخام لا تتوفر إلا بكميات محدودة للغاية في البلاد. ويمثل الذهب الآن ثلث إجمالي الصادرات الرواندية. فضلًا عن ذلك، زادت صادرات الكولتان بقوة في السنوات الأخيرة، وهو ما يرتبط ارتباطًا مباشرًا بالتوسع الإقليمي لحركة (23 مارس) المتمردة المدعومة من رواندا. ويلعب منجم روبايا، الذي استولى عليه المتمردون، وهو أكبر منجم للكولتان في العالم بحسب تقديرات الخبراء، دورًا بالغ الأهمية. وبالإضافة إلى المصالح الأمنية، تُشكّل هذه الروابط الاقتصادية السبب الرئيسي -الذي لم يُعتَرف به علنًا– خلف نشاط رواندا في شرق الكونغو.
الجهات الفاعلة الرئيسية ومصالحها
– حركة 23 مارس: النشأة والتطور ودور رواندا
تعتبر حركة “23 مارس” المتمردة لاعبًا رئيسيًّا في الصراع الدائر في شرق الكونغو. تأسست الحركة في عام 2012م على يد ضباط من التوتسي في الجيش الكونغولي. واتهموا الدولة الكونغولية بخرق اتفاق سابق لدمج الجيش في 23 مارس 2009م، وتمردوا عليه. ويُشتَق اسم الحركة من ذلك التاريخ. لقد افترض المراقبون الدوليون أن رواندا كان لها تأثير مباشر على هذه المجموعة حتى ذلك الحين. ومنذ عام 2013، وجدت الحركة ملاذًا مؤقتًا في مثلث الحدود بين الكونغو وأوغندا ورواندا؛ حيث علقت أنشطتها لعدة سنوات. وخلال الفترة ما بين نهاية حرب الكونغو الثانية رسميًّا في عام 2003م وتأسيس حركة 23 مارس المتمردة بعد تسع سنوات، كانت رواندا تدعم دائمًا مجموعات مسلحة مختلفة في شرق الكونغو من أجل تأمين مجال نفوذها. وعليه، فقد نما الخوف من النفوذ الأجنبي بين العديد من الكونغوليين بمرور الوقت، وأصبح متجذرًا بعمق في عقليتهم. فعلى سبيل المثال، في الثاني من أغسطس من كل عام، تحتفل الحكومة في كينشاسا بذكرى “الإبادة الجماعية” التي ارتكبت لأسباب اقتصادية.
وتصف حركة 23 مارس نفسها بأنها حركة سياسية متعددة الأعراق تدافع عن حقوق التوتسي الكونغوليين والحُكم الرشيد. ورغم أن العديد من تقارير الأمم المتحدة تشير إلى أن هياكل قيادة حركة 23 مارس يتم التحكم فيها من جانب رواندا؛ تواصل كيجالي إنكار أيّ تورط مباشر وتصف الحركة بأنها ظاهرة كونغولية بحتة لها مخاوفها “المشروعة”.
– منطقة عمليات حركة تمرد (23 مارس) في شرق الكونغو (حتى أغسطس 2024)
بعد أن حمل مقاتلو حركة (23 مارس) السلاح مرة أخرى في نهاية عام 2021م عقب وقف إطلاق النار لعدة سنوات، تسببوا حتى الآن في تشريد ملايين الأشخاص في شرق الكونغو، وأخضعوا لسيطرتهم أجزاء كبيرة من شمال كيفو، بما في ذلك منتزه “فيرونجا” الوطني الشهير. وتبلع مساحة هذه المقاطعة الشرقية من الكونغو وحدها؛ حيث فُرضَت الأحكام العرفية منذ عام 2021م، واستُبدِلَت الحكومة المدنية بالجيش، ضعف مساحة رواندا تقريبًا. بالإضافة إلى مئات الآلاف من اللاجئين، فهناك تقارير متكررة عن جرائم حركة 23 مارس ضد السكان المدنيين، بما في ذلك مذبحة كيشيشي الخطيرة للغاية الواقعة في نوفمبر 2023م، والتي أُعدِم فيها 171 مدنيًّا.
ومن المرجَّح أن تكون عودة ظهور حركة 23 مارس، من جديد، مُرتبطة بجماعة متمردة أخرى، وهي القوات الديمقراطية المتحالفة. هذه المنظمة الإرهابية تعارض الرئيس الأوغندي “يوري موسيفيني” منذ فترة طويلة، وانضمت إلى تنظيم الدولة الإسلامية في عام 2019م، وهي مسؤولة عن الهجمات على المدارس والهجمات الإرهابية القاتلة في العاصمة الأوغندية كامبالا في نوفمبر 2021م.
وكانت إحدى عواقب الهجمات التعاون العسكري لمكافحة الإرهاب بين أوغندا والكونغو. بالإضافة إلى وجود جنود أوغنديين على الأراضي الكونغولية، يعتزم التحالف أيضًا توسيع البنية التحتية في شرق الكونغو. ولطالما اعتُبرت أوغندا مشتريًا للذهب المُهرَّب من شرق الكونغو. وقد بدا من الممكن إنشاء طريق تجاري جديد بين أكبر مدينتين في مقاطعة شمال كيفو بشرق الكونغو؛ وهما “بيني” و “جوما”. وهذا من شأنه أن يُعرِّض رواندا لخطر فُقدان الشبكات القائمة في دائرة نفوذها في المقاطعة. ولتجنُّب ذلك، بدأت رواندا في تقديم دعم عسكري متجدد لحركة 23 مارس، التي تعمل ضد الجيش الكونغولي وجماعات متمردة أخرى، منذ نهاية عام 2021م.
وتحتفظ حركة 23 مارس حاليًّا بإدارة موازية في المناطق التي احتلتها. وتُموّل نفسها من خلال تهريب الذهب والكولتان وجمع الرسوم الجمركية، في بلدة بوناجانا على الحدود مع أوغندا. وانضمَّت الحركة الآن أيضًا إلى مجموعة سياسية جديدة، وهي، تحالف نهر الكونغو (AFC)، التي تأسست في ديسمبر 2023م. وترغب المجموعة الخاضعة لعقوبات الولايات المتحدة في عزل الحكومة الكونغولية الحالية ويقودها كورنيل نانجا، الرئيس السابق للجنة الانتخابية الكونغولية (CENI) في انتخابات 2018م المثيرة للجدل.
ومنذ الإبادة الجماعية في عام 1994م، اعتبرت رواندا نفسها حامية للتوتسي الذين يعيشون في الكونغو. وطبقًا لذريعة رواندا، فإن الحكومة الكونغولية مسؤولة عن الوضع الذي يؤدي إلى إبادة جماعية أخرى -بدعم من الدولة- في شرق الكونغو. وتشير كيجالي إلى التمييز (المزعوم) ضد التوتسي في الكونغو منذ الإبادة الجماعية في عام 1994م. ورغم وجود صور نمطية وتحيزات وعنف عرقي ضد التوتسي، فلا يُقابَل ذلك بالعنف، بأيّ حال من الأحوال، للسيطرة المباشرة من كينشاسا.
ومن المفارقات المثيرة للدهشة أن الدعم الرواندي لجماعة التوتسي المتمردة 23 مارس يؤدي إلى دوامة من التشكيك في مصداقيتها، وبالتالي إلى مساواة التوتسي الكونغوليين بجماعة المتمردين المكروهة على نطاق واسع في البلاد، الأمر الذي يُغذّي التحيزات ضد هذه الجماعة العرقية. وفي الوقت نفسه، تتهم الحكومة الكونغولية رواندا بارتكاب إبادة جماعية ضد الهوتو الكونغوليين من خلال أنشطة حركة 23 مارس. كما تستغل كلّ من رواندا والكونغو مصطلح الإبادة الجماعية وتتبادلان الاتهامات بتأجيج ما يسمى بالإبادة الجماعية.
من ناحية أخرى، يؤكد تقرير للأمم المتحدة نُشر في يونيو 2024م وجود ما يصل إلى 4000 جندي رواندي في شرق الكونغو، ما يشكل أكثر من عشرة في المائة من الجيش الرواندي. ووفقًا للمراقبين الدوليين، لا تضم حركة 23 مارس نفسها سوى قُرابة 2000 إلى 3000 مقاتل. وبالتالي بدون الدعم الرواندي، لن تتمتع المجموعة بالأهمية الكمية والبنية النوعية والقوة التنظيمية التي تتمتع بها فعليًّا. وربما مكَّن الجيش الرواندي -أقوى جيش في المنطقة بصواريخ أرض-جو وأنظمة هاون موجهة- حركة 23 مارس من إسقاط مروحية تابعة للأمم المتحدة في مارس 2022م.
ومن خلال تقديم الدعم العسكري للحركة، تنتهك رواندا أيضًا حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على القوات غير الحكومية في شرق الكونغو. ولمواجهة هذا التفوق التكنولوجي، تحاول الكونغو باستمرار توسيع قدراتها العسكرية، ولكنها تُواجه دائمًا عقبات مالية وهيكلية.
– القوات المسلحة الكونغولية وغياب الحافز
على مدار عقود، عانت القوات المسلحة الكونغولية من سوء الإدارة، وسوء التنظيم، والفساد، وغياب الحافز، وفي الوقت نفسه تفتقر إلى هياكل واضحة على صعيد القيادة والاتصالات. وظلت العديد من محاولات الإصلاح غير فعَّالة في المُطلَق. وقد تسبَّب ذلك في أن كينشاسا لا تزال لا تملك السيطرة الكاملة على جيشها في شرق البلاد. وبالتالي فإن القوات المسلحة الكونغولية، التي تتألف مما يقرب من 100 ألف رجل، تُعدّ أحد الأسباب الرئيسية المتسببة في إشعال جذوة الصراع.
من وجهة نظر رواندا، تتمثل إحدى المشكلات الرئيسية التي تواجه الكونغو في تعاون أجزاء من جيشها مع الجماعات المتمردة. ولا يوجد خلاف مع الحكومات الغربية، بما في ذلك ألمانيا والاتحاد الأوروبي، التي تدين التعاون بين القوات المسلحة الكونغولية والميليشيات المختلفة في جميع بياناتها بشأن ضلوع رواندا بالمسؤولية. بخلاف ذلك، يبيع الجنود الكونغوليون الذين يتقاضون رواتب زهيدة ويتلقون تدريبًا ضعيفًا الزي الرسمي والأسلحة والمعلومات للجماعات المتمردة. وتلعب الأزمة المالية دورًا لا يقل أهمية عن التبعات التي تطورت على مدى سنوات وألقت بظلالها على المستوى الشخصي.
الأمر الأكثر إثارة للجدل يتمثل في التعاون بين أجزاء من القوات المسلحة لجمهورية الكونغو الديمقراطية ومتمردي القوات الديمقراطية لتحرير رواندا. وعلى الرغم من أن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا قاتلت إلى جانب الكونغو عدة مرات في الماضي -كلما سنحت الفرصة في إطار الوضع السياسي المعني-؛ فقد نشرت الحكومة في كينشاسا بيانًا في نهاية عام 2023م يفيد بأن جميع الجنود الذين تعاونوا مع القوات الديمقراطية لتحرير رواندا سيتعرضون للاعتقال. وعلى الرغم من ذلك، لم ينقطع الاتصال أبدًا، وعلى ما يبدو أن التبعات القائمة شديدة الرسوخ. وبما أن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا والحكومة الرواندية أعداء، فإن هذا الترابط على وجه التحديد هو الذي يُوفّر لرواندا الذرائع لكي تطالب بأن تصبح نشطة عسكريًّا في شرق الكونغو.
من وجهة نظر رواندا (وهذا صحيح من الناحية العملية)، فإن الحكومة الكونغولية ليست قادرة عسكريًّا على ضمان الأمن في شرق بلادها. وهذا ليس فقط بسبب المسافات الكبيرة داخل الكونغو والافتقار للبنية الأساسية، ولكن أيضًا بسبب الافتقار إلى الدافع داخل الجيش، مما يُضْعِف احتكارهم للسلطة.
إن إدخال بعض التحسينات مثل رفع الأجور وتوفير تدفقات مالية أكثر شفافية، وتغيير العقلية داخل المؤسسة العسكرية من شأنه أن يؤدي إلى تحسن الأوضاع. فعلى الرغم من ارتفاع الميزانيات العسكرية، فإن الراتب الشهري لبعض الجنود الكونغوليين، إذا ما تم دفعه كاملًا، لن يتجاوز 100 دولار أمريكي. وعلاوة على الأجور الهزيلة ونقص المعدات والصعوبات اللوجستية، تسود بين الجنود حالة من عدم الثقة. فقد أعادت الكونغو مؤخرًا تطبيق عقوبة الإعدام في حالة الخيانة العظمى، والتي انتشرت على نطاق واسع وشكَّلت عاملًا إضافيًّا مُزَعزِعًا للاستقرار.
– القوات الديمقراطية لتحرير رواندا: هل تُشكّل تهديدًا لرواندا؟
إن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا هي حركة عسكرية مُنظمة مكونة من أجزاء من لاجئي الهوتو الذين تبقوا بعد الإبادة الجماعية في رواندا، ولا تزال نشطة كقوة متمردة في شرق الكونغو حاليًّا. والهدف الرئيسي للقوات الديمقراطية لتحرير رواندا والجماعات المنشقة عنها هو الإطاحة بالحكومة الرواندية. وهي تُموّل نفسها من خلال تهريب المواد الخام، وتجارة الفحم، وتحصيل الجمارك والضرائب غير القانونية. كما تُتَّهَم القوات الديمقراطية لتحرير رواندا بشنّ هجمات حرب العصابات والاعتداءات على المدنيين، مثل حادث مَقتل السفير الإيطالي “لوكا أتاناسيو” في عام 2021م.
وعلى الرغم من تراجع أنشطتها الحالية وعدم تعرُّض الأراضي الرواندية للهجوم حاليًّا، يُنظَر إلى مقاتلي كيجالي دومًا باعتبارهم سببًا -أو ذريعة- لملاحقة المصالح العسكرية في الكونغو. وبما أن القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وفقًا لمبررات كيجالي، تُمثّل تهديدًا وجوديًّا للحكومة الرواندية والتوتسي الذين يعيشون في الكونغو، فإن رواندا تتولى مهمة “حفظ النظام” بشكل غير مباشر في شرق الكونغو بواسطة حركة 23 مارس. ولكن في واقع الأمر، لا تُشكِّل جماعة متمردة مثل القوات الديمقراطية لتحرير رواندا -التي تشير تقديرات غير رسمية إلى أن عدد مقاتليها لا يتجاوز 2000 مقاتل- تهديدًا خطيرًا لبلد مُسلح تسليحًا مفرطًا مثل رواندا.
– عدد لا حصر له من الجهات الفاعلة الأخرى
تُعدّ حركة “23 مارس” بمنزلة أقوى جماعة متمردة عسكريًّا في شرق الكونغو، وهي الجماعة التي تسيطر على معظم الأراضي. فضلًا عن ذلك، هناك ما لا يقل عن 120 ميليشيا مسلحة أخرى، وهي غالبًا ما تكون أصغر حجمًا ومحدودة إقليميًّا، وكثيرًا ما تعمل كقوات دفاع عن النفس، تنشط في المنطقة. وتجند جميع هذه الميليشيات تقريبًا الأطفال. وفي منطقة لا توجد فيها هياكل دولة فعَّالة، تتنافس هذه الميليشيات على السلطة والموارد والنفوذ الاقتصادي. كما أن بعض الصراعات لها أصول عرقية. فعلى سبيل المثال، تُقاتل ميليشيات ليندو، بوصفها مزارعين، في الأساس، ضد قبائل الهيما التي ترعى الماشية. وهناك جهات فاعلة أخرى مثل تحالف القوى الديمقراطية أو جبهة تحرير الكونغو الديمقراطية، تابارا، والتي تعارض الحكومات في أوغندا وبوروندي. أما ميليشيات ماي ماي، وهي ذات نطاق واسع جغرافيًّا ولكن أقل ظهورًا. وحتى إذا مُنِيَت حركة 23 مارس بالهزيمة، ستظل مشكلة الجماعات المتمردة الأخرى التي لا تُعدّ ولا تُحصَى دون حلّ. ولهذا السبب يبدو تحقيق السلام الكامل والمستدام في شرق الكونغو حاليًّا مسألة غير واقعية على الإطلاق.
ناهيك عن الجيش الكونغولي، تُعدّ أيضًا القوات البوروندية والأوغندية نشطة في شرق الكونغو بموجب اتفاقيات عسكرية ثنائية، باعتبارها أطرافًا أكثر انغماسًا في الصراع ومشاركتها ذات طبيعة مؤسسية. بالإضافة إلى ذلك، تم نشر بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في جمهورية الكونغو الديمقراطية (مونوسكو) وقوة تدخل تابعة لجماعة تنمية جنوب إفريقيا (سادك) تضم ما يصل إلى 4800 جندي من جنوب إفريقيا ومالاوي وتنزانيا بعد انسحاب البعثة التي تقودها كينيا التابعة للجماعة الاقتصادية لشرق إفريقيا (EAC) دون جدوى في العام الماضي. ومنذ مطلع عام 2023م، كانت شركة الأمن الرومانية الخاصة (Asociatia RALF) وعدد قليل من المدربين العسكريين المستقلين من الجنسية الفرنسية نشطين إلى جانب الحكومة الكونغولية. وقد تعرف السكان المدنيون سريعًا على القوة الأوروبية الشرقية، التي يصل عددها إلى 1000 رجل، عن طريق الخطأ على أنها روسية بسبب وجودها في مدينة جوما. كما تُواصِل الحكومة الكونغولية الإشارة إلى المُرتزقة بوصفهم مستشارين عسكريين.
يتجلى أيضًا يأس الحكومة في كينشاسا في أنها تزود عصابات الشباب والمسلحين بالمعدات العسكرية؛ حيث إن التحالف بين القوات المسلحة الكونغولية والجماعات المسلحة المختلفة، التي يُطلق عليها اسم “وازاليندو” -“الوطنيون” باللغة السواحيلية- يُشكِّل خطرًا لا يمكن التنبؤ به على المدى البعيد، ومن المرجح أن يشكل نقطة انطلاق لصراعات جديدة داخل الكونغو، الأمر الذي يتناقض، بشكل صارخ، مع التنفيذ المرغوب لحملات التسريح. علاوة على ذلك، لا يخضع أفراد “وازاليندو”، المُتهَمين بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، والذين يُجَنَّدون من بين رجال الميليشيات (السابقين)، لأي أوامر من الجيش.
ما الذي يجب القيام به؟
منذ بداية ولايته الأولى في عام 2019م وترأسه الاتحاد الإفريقي، اتخذ الرئيس الكونغولي “تشيسكيدي” العديد من الخطوات الدبلوماسية تجاه الدول المجاورة له. كما قاد الكونغو إلى العضوية في مجموعة شرق إفريقيا. كما التقى “تشيسكيدي” بنظيره الرواندي “كاجامي” في كيجالي في عامي 2019 و2021. ولكن منذ ذلك الحين، تدهورت العلاقات الثنائية بشكل حاد. وارتسمت علامات التعجب الدبلوماسية مثل طرد السفير الرواندي وحظر التحليق الجوي لشركة الطيران الحكومية (رواندا إير)، ولكن دون أيّ تأثير.
والواقع تتصرّف رواندا بثقة كبيرة تجاه الصراع. فقد أعرب كاجامي، الذي استمر في منصبه في منتصف يوليو 2024م بنتيجة رسمية بلغت 99 في المائة في انتخابات لم تستوفِ المعايير الديمقراطية، عن استعداده للانخراط في مواجهة مسلحة مباشرة مع الكونغو. وبطريقة ما، كان يرد على تشيسكيدي، الذي تنبأ خلال حملته الانتخابية في نهاية عام 2023م بأنه إذا فاز في الانتخابات سوف يستولي على كيجالي بموافقة البرلمان الكونغولي. لكن الحرب المباشرة غير واقعية؛ لأن رواندا ليست رافضة للوضع الراهن، وكذلك يُدرك الجانب الكونغولي ضعفه العسكري.
لقد فشلت العديد من بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة بأسماء وتفويضات مختلفة، إلى حد كبير، في حماية السكان المدنيين في شرق الكونغو؛ بما في ذلك بعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو، على الرغم من أن ميزانيتها السنوية الحالية تقترب من مليار دولار أمريكي، وكانت ذات يوم أكبر وأغلى بعثة للأمم المتحدة في العالم. وعلى الرغم من النجاحات الصغيرة مثل حماية السكان المدنيين في المناطق المجاورة مباشرة لقواعدها العسكرية، إلا أن بعثات الأمم المتحدة المختلفة لم تتمكن أبدًا من تلبية سقف التوقعات المرتفع لأسباب عديدة. ففي ديسمبر 2023م، قرر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الانسحاب السريع لبعثة منظمة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في الكونغو، والذي بدأ بالفعل. ولكن قوات الأمن الكونغولية غارقة بالفعل في الفراغ الناتج، فيما تُطالب كينشاسا حاليًّا بضرورة تلبية الشروط أولًا -مثل انسحاب القوات الرواندية- قبل أن تتمكن بعثة الأمم المتحدة من الانسحاب بالكامل. ولأن هذا الأمر غير واقعي على المدى القريب، فلا ينبغي توقُّع انسحاب متسرع لبعثة الأمم المتحدة في الكونغو.
وعلى الرغم من أن الحكومة الكونغولية الحالية تُعتبر موالية للغرب؛ إلا أنها ترغب في اتهام أوروبا والولايات المتحدة بالسخرية والنفاق في صراع شرق الكونغو. وتحديدًا، يدعو مشروع القرار إلى فرض عقوبات على رواندا. كما يُستشهَد بأوكرانيا كمثال، والتي تواجه من وجهة نظر الكونغو “مصيرًا مماثلًا” من العدوان الأجنبي. وبسبب قرب الاتحاد الأوروبي من رواندا تحديدًا، يُنظَر إلى أوروبا باعتبارها مُتحيزة، ويشعر العديد من الكونغوليين بأن الأوروبيين لا يحترمون القانون الدولي إلا عندما يخدم مصالحهم الخاصة.
ولكن بعد مرور ثلاثة عقود من الصراع، هناك أيضًا مؤشرات أولية تدل على أن الدول الغربية أصبحت تنتقد بقوة الدور الذي تلعبه رواندا في شرق الكونغو. وبالإضافة إلى البيانات الصحفية التي لا حصر لها والتي تدعو رواندا إلى التوقف عن دعم حركة 23 مارس، قام الاتحاد الأوروبي، في البداية بناءً على حثّ من بلجيكا، القوة الاستعمارية السابقة، بمنع دفع 20 مليون يورو للواء مكافحة الإرهاب الرواندي في (كابو ديلجادو) في شمال موزمبيق.
لقد نشر الجانب الروسي، مؤخرًا، شائعات حول اتفاقيات عسكرية ثنائية مع الكونغو. ورغم أن الجانب الكونغولي ينفي ذلك، فقد كانت كينشاسا منذ فترة طويلة في مرمى موسكو كهدف محتمل للتأثير السياسي، من خلال نشر أخبار كاذبة عن الجهات الفاعلة الغربية على وسائل التواصل الاجتماعي. وسوف تتكثف هذه المحاولات للتقرب من روسيا والجهات الفاعلة الأخرى (فعلى سبيل المثال: حصلت كينشاسا مؤخرًا على طائرات بدون طيار صينية ومعدات شرطة تركية)؛ بسبب الأهمية الجيوستراتيجية للكونغو. ومن ناحية أخرى، عرضت الدول الغربية حتى الآن فرصًا ضئيلة نسبيًّا للتعاون بمعزل عن التعاون الإنمائي. وينبغي أن يكون من مصلحة ألمانيا الإستراتيجية توسيع العلاقات مع الحكومات الصعبة، ولكنها موالية للغرب بشكل أساسي مثل حكومة الكونغو.
ولكن في البيئة العسكرية المفرطة في شرق الكونغو، لن تؤدي التحالفات العسكرية الإضافية مثل قوات مجموعة تنمية دول جنوب إفريقيا إلى تهدئة الصراع المستمر الدائر منذ عقود. وبالنسبة لـ “كينشاسا”، مجرد الاضطلاع بدور الضحية لا يمكن أن يمثل حلًا طويل الأجل؛ بل ينبغي، في المقابل، أن يكون هناك دعوة حقيقة لتحمُّل المسؤولية الشخصية في المناقشة السياسية المحلية.
وينبغي إنهاء أيّ تعاون بين الجهات الفاعلة في الدولة والجماعات المتمردة مثل القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، على وجه السرعة. ولكنّ هذا وحده لن يؤدي إلى حلّ. وعلى الرغم من أن رواندا وصفت القوات الديمقراطية لتحرير رواندا بأنها بمنزلة تهديد وجودي، لم يدفع ذلك رواندا إلى تقديم الدعم العسكري المباشر لحركة 23 مارس بين عامي 2013 و2021م. وبالتالي لا يمكن ربط إعادة تسليح حركة 23 مارس بهذه المشكلة وحدها. وبدلًا من ذلك، ينبغي إيجاد نهج إقليمي شامل لحل مشكلة المواد الخام، مع اعتبار تدابير الشفافية خطوة في الاتجاه الصحيح.
وكذلك تواصل عملية لواندا، التي بدأها الاتحاد الإفريقي بقيادة أنجولا، والتي تراقبها الولايات المتحدة عن كثب أيضًا، الدفع باتجاه مفاوضات سلام مباشرة بين “تشيسكيدي” و”كاجامي”. إن كينشاسا تستبعد ذلك الأمر في الوقت الحالي (ولا تزال). ومن الجدير بالذكر أن رواندا طالبت أكثر من مرة بوضع اتفاقيات وقف إطلاق النار على طاولة المفاوضات. وحتى لو كانت هناك شكوك قوية حول جدية مثل هذه التصريحات، فإن رواندا تعترف بذلك بشكل غير مباشر بقدرتها على التأثير على حركة 23 مارس.
إن رواندا بارعة في تسويق نفسها على المسرح الدبلوماسي، ويمكنها تسجيل نقاط على المستوى الدولي ليس فقط بالاستقرار السياسي، ولكن أيضًا بالمناخ الاستثماري الجيد. كما تنفق البلاد الكثير على العلامة التجارية السياحية الخاصة بها على ملابس كرة القدم الرياضية لفريقي بايرن ميونيخ وأرسنال لندن، وبالتالي تستثمر في علاقات مرئية وإيجابية مع الغرب.
كما تُعدّ رواندا واحدة من أكبر المساهمين بالقوات في بعثات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم. ولكن، لا يزال جزء كبير من ميزانية الدولة يعتمد على المانحين الدوليين. وبالتالي يمكن ربط المدفوعات المستقبلية من المانحين الدوليين بشكل أوثق بدور رواندا في شرق الكونغو.
وبعد أن استولت حركة 23 مارس، لفترة وجيزة، على مدينة جوما، البالغ تعدادها السكاني مليون نسمة، في عام 2012م، أوقفت رواندا، تحت الضغوط الدولية وبعد تخفيضات حزمة التمويل التنموي -بما في ذلك من جانب ألمانيا- دعمها للقوات المتمردة التي رُفضَت سابقًا، وكانت النتيجة انسحاب حركة 23 مارس من جوما، وعدم القيام بأيّ محاولات أخرى للاستيلاء على المدينة منذ ذلك الحين. ومِن ثَم يتعين على ألمانيا الاستفادة من سمعتها الطيبة في كلا البلدين، والتوسط بشكل أكثر نشاطًا في وقف الصراع.
إن وزيرة الخارجية الكونغولية الجديدة “تيريزا كايكوامبا فاجنر”، التي تدربت في ألمانيا، يمكن الاعتماد عليها بالأخص في هذا الصدد. وعلى الجانب الرواندي، هناك اتصالات ممتازة، ويرجع ذلك تحديدًا إلى الشراكة التي دامت أكثر من أربعين عامًا مع ولاية راينلاند بالاتينات. ويتعين أيضًا معالجة الأحداث في شرق الكونغو، بشكل نشط، في المناقشات الحالية حول اتفاقيات الهجرة المحتملة مع رواندا.
وحتى لو هُزِمَت حركة 23 مارس، فلا يزال هناك عدد هائل من الجماعات العسكرية غير الحكومية تتوغل في المنطقة. وتَتطلَب أوضاع الإغاثة للكارثة الإنسانية في شرق الكونغو على المدى الطويل ضرورة إصلاح قطاع الأمن الكونغولي بجيش وإدارة كونغولية أفضل تنظيمًا، فضلًا عن عقد المفاوضات الإقليمية التي تضم البلدان المجاورة. ويمكن للاتحاد الإفريقي أو المؤتمر الدولي لمنطقة البحيرات العظمى أن يلعب دورًا مُهمًّا في ذلك الشأن. ويتعين على الاتحاد الأوروبي، مع مبعوثه الخاص في المنطقة، أن يُقدّم أيضًا دعمًا أوثق لعمليات السلام (المستقبلية)، سواء من حيث المحتوى أو التمويل. إن الاهتمام الدولي المتزايد والجهود الدبلوماسية المرتبطة به يشكلان عاملان حثيثان لتحقيق تقدم مُستدام وطويل الأمد على طريق الاستقرار في شرق الكونغو.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
رابط التقرير: