دينا فتحي جمعة عبد العظيم
باحثة متخصصة في العلوم الإستراتيجية والأمنية
تقديم:
عادةً ما يبحث الفرد داخل دولته عن مقوّمات الحكم الشامل أو الرشيد؛ بما تتضمنه من تحسُّن الأوضاع الاقتصادية، والتمتع بكافة حقوقه وحرياته، إضافةً إلى تعزيز البنية التحتية للدولة للنهوض بالاقتصاد المحلي، والاهتمام بالعنصر البشري؛ من خلال مقوّمات التنمية البشرية للصحة والتعليم والرعاية الاجتماعية، ومناخ يسوده الأمن والديمقراطية وسيادة القانون ومكافحة الفساد، وهذا الأمر مرتبط بشكل أو بآخر بتطويع كافة الإمكانات والقدرات لأجل تحقيق ذلك، وهذا ما يحاول أن يُسلِّط الضوء عليه مؤشر إبراهيم للحكم الشامل في إفريقيا، ولكن بالإسقاط على قارة إفريقيا التي تمتلك العديد من السياقات ما يجعلها مادةً خصبةً للتحليل هذا من جانب، ناهيك عن المفاهيم المغلوطة حول إفريقيا، والتي يحاول التقرير أن يُصحِّحها من خلال التركيز على المحاسن والتعرُّف على الأسباب الحقيقية للنواقص، للوقوف على تقييم منطقي محايد وموضوعي دون المحاباة لطرف على حساب الآخر، وبالتالي وضع التقييم العادل للقارة ودولها ضِمْن مصافّ دول العالم، وإبرازه أهميتها وإمكاناتها ومراكز قوّتها وتميُّزها.
ولما كانت دول إفريقيا جنوب الصحراء هي المستهدَف من القراءة والتحليل لهذا المؤشر، لذا يأتي هذا الموضوع ليتم من خلاله قراءة موقع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر إبراهيم للحكم الشامل في إفريقيا، من خلال التعرف أولًا على ما يَعنيه مؤشر إبراهيم للحكم الشامل في إفريقيا، وتعريفه للحوكمة، إضافة للمنهجية التي يعتمدها المؤشر لبناء نموذجه وإحصاءاته، والمصادر التي استعان بها لبناء نموذجه للحكم الشامل، ثم بالتطرق ثانيًا لقراءة موقع دول جنوب الصحراء الكبرى ضمن هذا المؤشر، ومنه للوقوف على النتائج العامة ومزايا المؤشر، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:
أولًا: مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا: دراسة في المفهوم، المنهجية، المصادر:
نشأت مؤسسة “مو إبراهيم” عام 2006م؛ وذلك ليتركز عملها على تغيير المفاهيم العامة حول قارة إفريقيا، ويصدر عنها مؤشر “إبراهيم للحكم الشامل في إفريقيا“؛ فهو أحد أبرز التقارير الدولية التي تقيس أداء الحوكمة في قارة إفريقيا، بناء على مجموعة من البيانات الأكثر شمولًا لعدد 54 دولة إفريقية، من خلال 265 متغيرًا لقرابة 81 مؤشرًا لقياس أداء الحوكمة في الدول، ويصدر هذا المؤشر كل عامين، ويضع أساسًا للمُواطن والحكومات والمؤسسات والباحثين الأكاديميين لتقييم جودة تقديم الخدمات العامة، كما أنه أداة لرصد نتائج السياسات الحكومية في جميع أنحاء إفريقيا.
وعرَّفت مؤسسة “إبراهيم” الحوكمة باعتبارها إتاحة كافة مُقدّرات الدولة السياسية والاجتماعية، والاقتصادية، والبيئية والثقافية لخدمة المواطن ولتحقيق رغباته، وهو إجمالي ما يتوقعه الفرد من دولته لتحقيق رغباته وخدماته واحتياجاته العامة.
ويهتم مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا بتفعيل تلك البرامج والمنافع ليترجمها لسياسات عامة، بمعنى قبول المدخلات، وهي الاحتياجات العامة للمواطن، ويتم ترجمتها إلى مخرجات تتضمن سياسات، لذا يقسم دليل “إبراهيم” الحكم الشامل إلى أربع فئات تتمثل في: الأمن وسيادة القانون، المشاركة والحقوق والشمول، والفرص الاقتصادية والتنمية البشرية.
منهجية المؤشر:
تقوم المنهجية الرئيسية لمؤشر إبراهيم للحوكمة الإفريقية على أساس أربعة عناصر رئيسية تتمثل في: الأمن وسيادة القانون، والمشاركة والحقوق والشمول، إضافة إلى أسس الفرص الاقتصادية، وأخيرًا التنمية البشرية، وتتضمن تلك العناصر مؤشرات فرعية تُشكِّل جوهر العناصر الرئيسية للحوكمة الإفريقية، ويتم جمع البيانات والإحصاءات والمعلومات بناءً على تلك الملفات، والتي من خلالها يتم حساب التصوّر العام لكل مؤشر على حدة، ومنه للخروج بالنتيجة النهائية التي يتم جمعها في نطاق تقييم درجة الحكم الرشيد في القارة.
وفيما يلي يتم تناولها على النحو الآتي بيانه:
أولًا: الأمن وسيادة القانون
يتضمن أربعة مؤشرات فرعية تتمثل في السلامة والأمن، وسيادة القانون والعدالة، والمساءلة والشفافية، ومكافحة الفساد، ويمكن تناولها على النحو الآتي:
1- السلامة والأمن:
- غياب الصراع المسلح، والعنف ضد المدنيين.
- غياب الهجرة القسرية، وغياب الاتجار بالبشر والعمل الجبري، وغياب الجريمة.
2- سيادة القانون والعدالة:
- الامتثال التنفيذي لسيادة القانون، وحياد النظام القضائي.
- العمليات القضائية، والمساواة أمام القانون.
- تطبيق القانون، وحقوق الملكية.
3- المساءلة والشفافية:
- الضوابط والتوازنات المؤسسية، وغياب التأثير غير المبرر على الحكومة.
- الضوابط والتوازنات المدنية، والكشف عن السجلات العامة.
- إمكانية الوصول إلى السجلات العامة.
- مكافحة الفساد:
- آليَّات مكافحة الفساد، وغياب الفساد في مؤسسات الدولة.
- غياب الفساد في القطاع العام، وإجراءات المشتريات العامة، والقطاع الخاص.
ثانيًا: المشاركة والحقوق والشمول
وتشمل أربعة مؤشرات فرعية؛ تتمثل في: المشاركة، والحقوق، الشمول والمساواة، ومساواة المرآة، ويلي تناول المكونات الفرعية لكل مؤشر كالتالي:
1- المشاركة:
- حرية تكوين الجمعيات والتجمع، والتعددية السياسية.
- فضاء المجتمع المدني، والانتخابات الديمقراطية.
2- الحقوق:
- الحريات الشخصية، وحرية التعبير والمعتقد.
- حرية الإعلام، والحقوق الرقمية، والحماية من التمييز.
3- الشمول والمساواة:
- القوة السياسية المتساوية، والتمثيل السياسي المتساوي.
- المساواة في الحريات المدنية، وتكافؤ الفرص الاجتماعية والاقتصادية.
- المساواة في الوصول إلى الخدمات العامة.
4- مساواة المرأة:
- السلطة السياسية وتمثيل المرأة، والحقوق المتساوية والحريات المدنية للمرأة.
- الفرصة الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، والمساواة في الوصول إلى الخدمات العامة للنساء.
- القوانين المتعلقة بالعنف ضد المرأة.
ثالثًا: الفرص الاقتصادية
تتضمن أربعة مؤشرات فرعية تتمثل في الإدارة العامة، وبيئة الأعمال والعمل، والبنية التحتية، والاقتصاد الريقي، وفيما يلي تناول أبرز العناصر المكونة لها على النحو الآتي بيانه:
1- الإدارة العامة:
- السجل المدني، وقدرة النظام الإحصائي، وتعبئة الضرائب والإيرادات.
- الميزانية والإدارة المالية، والإدارة الفعالة.
2- بيئة الأعمال والعمل:
- التكامل الإقليمي، والتنويع الاقتصادي، ولوائح الأعمال والمنافسة.
- الوصول إلى الخدمات المصرفية، وعلاقات العمل، وتأمين فرص العمل.
3- البنية التحتية:
- شبكة النقل، والوصول إلى الطاقة.
- الاتصالات المتنقلة، والإنترنت وأجهزة الحاسوب، وشبكة الشحن والبريد.
4- الاقتصاد الريفي:
- الوصول إلى الأراضي والمياه في المناطق الريفية، والوصول إلى الأسواق الريفية.
- دعم الاقتصاد الريفي، والتمثيل الريفي والمشاركة.
رابعًا: التنمية البشرية:
تتضمن أربعة مؤشرات فرعية تتمثل في الصحة، والتعليم، والرعاية الاجتماعية، والبيئة المستدامة، وفيما يلي تناول العناصر المكونة لكل مؤشر على النحو التالي:
1- الصحة:
- الوصول إلى الرعاية الصحي، والمياه والصرف الصحي.
- مكافحة الأمراض المعدية، وغير المعدية.
- صحة الطفل والأم، والامتثال للوائح الصحية الدولية.
2- التعليم:
- المساواة في التعليم، والالتحاق بالتعليم
- استكمال التعليم، والموارد البشرية في التعليم، وجودة التعليم
3- الحماية والرعاية الاجتماعية:
- شبكات الأمان الاجتماعي، وسياسات الحد من الفقر
- التخفيف من حدة عدم المساواة الاجتماعية والاقتصادية، وسكن لائق، وأمن غذائي
4- البيئة المستدامة:
- تعزيز الاستدامة البيئية، وإنفاذ السياسات البيئية، وجودة الهواء.
- الاستخدام المستدام للأراضي والغابات، وحماية التنوع البيولوجي للأراضي والمياه.
وعقب جمع البيانات الخاصة بكل مؤشر فرعي على حدة، يتم حساب التصور العام للمؤشرات الفرعية، والعناصر المكونة لها، ثم بحساب تقييم كل مؤشر من المؤشرات الفرعية وفقًا للدرجات التي يمثلها كل عنصر، ومنه لحساب القيمة النهائية عن الأربعة مؤشرات المكونة لمؤشر الحكم الشامل في تقرير “إبراهيم للحكم في إفريقيا”، والوصول بالنتيجة النهائية لكل دولة وفقًا لدرجاتها مجتمعة في تلك المؤشرات الفرعية، وبالتالي التقييم النهائي لحوكمة الدولة الإفريقية خلال العام الواحد، وعادة ما تتراوح الدرجات ما بين (0_100) حيث الصفر يشير للأداء الأسوأ في حين يشكل المائة الأداء الأفضل، وكلما اقترب أداء الدولة من الصفر تكون في موقع متدنٍّ على مؤشر الحوكمة، وكلما تقدم موقعها باتجاه المائة فهذا يعني أن مؤشرات الحوكمة لديها متقدمة.
المصادر:
يعتمد هذا المؤشر على عدد من المراجع التي تُشكِّل البنية الأساسية لتقرير الحكم الشامل في إفريقيا، وتتمثل أبرزها في الآتي:
- African Trade Report 2022
- Africa Carbon Markets Initiative (ACMI)
- Africa Center For Strategic Studies
- African Development Bank
- International Monetary Fund (IMF)
- African Union Development Agency (AUDA)
- Babbel Magazine
- Center for Strategic and International Studies
- Fragile States Index
- The Guardian
- International Crisis Group
- International Labour Organization (ILO)
- London School of Economics (LSE)
ثانيًا: قراءة لموقع إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر “إبراهيم للحكم في إفريقيا” 2022/2023م:
يأتي هذا الموضع ليتم من خلاله رصد موقع دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر إبراهيم للحكم الشامل في إفريقيا 2022م، إضافة للبيانات المحملة له الصادرة عن منتدى مؤسسة إبراهيم لعام 2023م، وهو ما يمكن تناوله خلال الآتي:
الجدول (1)
ترتيب دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر إبراهيم للحوكمة الإفريقية 2012-2022م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا 2022م
يوضح الجدول السابق ترتيب دول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر “إبراهيم” للحكم الرشيد لعام 2022م، حيث حققت قارة إفريقيا تقييمًا منخفضًا في مؤشر الحكم الرشيد لعام 2022م، حيث شهدت نحو 11 دولة في جنوب الصحراء الكبرى تحسنًا في التقييم العام لمؤشر الحكم الرشيد لعام 2022م، في حين شهدت نحو 17 دولة تحسنًا بطيئًا ضمن التقييم النهائي للحكم الشامل لهذا العام، هذا بالإضافة إلى وقوع دولتين في دائرة التحذير للهبوط في الأداء في ملفات الحكم الشامل، ناهيك عن وقوع خمس دول في محيط الإنذار العالي باتجاه انخفاض أدائها في مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا، وفي هذا المؤشر على الرغم من أن هناك عددًا من الدول في المقدمة، لكنها تتراجع في عددٍ من المؤشرات الفرعية المُشكِّلة للحوكمة داخل القارة ومنها على سبيل المثال: دولة “موريشيوس”.
في حين على الجانب الآخر شهدت الصومال تحسينات خلال الأعوام الخمسة الماضية مقارنةً بالعشرة أعوام الماضية، ورصد مؤشر إبراهيم للحكم الشامل في إفريقيا لعام 2021/2022م؛ حيث يعيش أكثر من 53.3% من إجمالي سكان إفريقيا، أداءً أفضل للحوكمة لعام 2021م مقارنة بعام 2012م؛ أي ما يمثل 35 دولة إفريقية، وشهدت دول المنطقة تحسنًا عامًّا في ملف التنمية البشرية في ظل الاهتمام الجيد نسبيًّا بالتعليم والصحة، إضافةً لملف الفرص الاقتصادية والاقتصاد الواعد لدول المنطقة في ظل ما تمتلكه من مقومات سيتم التطرق لها لاحقًا.
كما حققت 4 دول من أصل 5 دول أداءً متقدمًا في مؤشر إبراهيم للحكم الشامل في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، تتمثل في “بوتسوانا”، و”موريشيوس”، و”سيشل”، و”كابو فيردي”، وعلى الجانب الآخر حققت 5 دول من إفريقيا جنوب الصحراء أداء أسوأ في التقرير على مستوى القارة، وتمثلت في “إفريقيا الوسطى”، و”إريتريا”، و”غينيا الاستوائية”، و”جنوب السودان”، و”الصومال”، وكان التدهور العام لتلك الدول في ملف الأمن وسيادة القانون، إضافةً للحقوق والمشاركة والشمول، في حين أن الدول المتقدمة كان أداؤها جيدًا في مؤشر التنمية البشرية الفرعي، وأسس الفرص الاقتصادية، وأضاف المؤشر أن التدهور الأكبر في ملف تكوين التجمعات، وانخفاض مؤشر الانتخابات الديمقراطية، وشهدت القارة ظاهرة العنف المسلح والصراعات العنيفة ضد المواطنين عقب جائحة كورونا، لكن التحسن في ملف التعليم كان أكبر تسع مرات بعد كورونا مقارنةً لما كان قبل الجائحة.
ثم تطرّق المؤشر لملف آخر مرتبط بالناتج المحلي الإجمالي، وترتيب الدول وفقًا لنصيب الفرد من الناتج المحلي، وعلى الرغم من الدول الخمس الأولى ضمن النصيب الأعلى للفرد من الناتج المحلي تقع في منطقة جنوب الصحراء الكبرى ممثلةً في “سيشل”، و”الجابون”، و”موريشيوس”، و”غينيا الاستوائية”، و”بوتسوانا”؛ إلا أن أحد تلك الدول تقع في مؤخرة التصنيف للحكم الرشيد على مستوى العالم، بل وجنوب الصحراء الكبرى، لذا للبحث عن التقييم النهائي للدول في هذا المؤشر لا بد من حساب التصور العام للمؤشرات الفرعية كلًّا على حدة، وتجميعها في نطاق التقييم النهائي الذي يُعبِّر عن تصنيفها.
الجدول (2)
ترتيب إفريقيا جنوب الصحراء في المؤشرات الفرعية لمؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا 2022م
الجدول من تصميم الباحثة وفقًا للبيانات المدرجة في مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا 2022م
يوضح الجدول السابق ترتيب دول إفريقيا جنوب الصحراء في المؤشرات الفرعية لمؤشر الحوكمة الإفريقي الرئيسي، وفيما يلي تناول موقع كل دولة في المؤشرات الفرعية على حدة، ورصد تطور منطقة جنوب الصحراء وفقًا للمؤشر، وهو ما يمكن تناوله على النحو التالي:
أولًا مؤشر الأمن وسيادة القانون:
يُعد هذا المؤشر ضمن أكثر المؤشرات الفرعية انخفاضًا في إفريقيا على حد سواء وجنوب الصحراء الكبرى على نحو خاص، فأصبحت إفريقيا الأقل أمانًا في الوقت الحالي ومنذ عشرة أعوام ماضية، فجاء تقييم إفريقيا بمجموعة درجات 48.9/100 وهو معدل منخفض عن المتوسط العالمي للأمن، كما اخفض الأمن في إفريقيا بنسبة 70% لعام 2022م مقارنةً بالخمس سنوات الماضية، وحافظت خمس دول في إفريقيا جنوب الصحراء على تحسنها في هذا المؤشر على مدار الأعوام الخمس الماضية، وتتمثل في “غينيا بيساو”، والصومال”، و”سيشل”، و”ملاوي”، و”زيمبابوي”.
كما أنها على مدار الأعوام العشرة الأخيرة وحتى تاريخه؛ انخفض مؤشر الأمن وسيادة القانون والعدالة في دول جنوب الصحراء، ولذلك السبب تدهورت 23 دولة بمعدل تدهور سريع، كما تراجعت 12 دولة في كافة العناصر الفرعية المُشكِّلة لمؤشر الأمن وسيادة القانون، وأرجع المؤشر هذا التدهور إلى النزاعات المسلحة والعنف ضد المدنيين، وأضاف المؤشر أن 90% من سكان القارة انخفضت معايير الأمن والسلامة لديهم، وذلك لعدد من الأسباب طرحها المؤشر متمثلة في: أن الحكومات الإفريقية باتت مُحصَّنة ضد المساءلة والشفافية، وهو ما انعكس على تقييم “المساءلة والشفافية” للقارة الذي سجل أدنى معدلاته منذ عشرة أعوام بواقع (37.9).
في حين أن السبب الثاني مرتبط بعدم سيادة القانون وانتشار الفساد وغياب آليات مكافحته على مستوى القارة، وأضاف أن (9) مؤشرات فرعية من أصل 20 مؤشرًا فرعيًّا يسجلون تدهورًا، ويقعون ضمن دائرة الأمن وسيادة القانون، وعلى الجانب الآخر حققت أربع دول من جنوب الصحراء الكبرى تدهورًا في مؤشر الأمن والسلامة لعام 2022م، وهو الأسرع منذ عشرة سنوات وفقًا لما جاء به مؤشر الحوكمة، وتتمثل تلك الدول في “إفريقيا الوسطى”، و”الكونغو الديمقراطية”، و”نيجيريا”، و”جنوب السودان”، وأضاف المؤشر بأنه بالرغم من الدول التي تحقق مراتب متقدمة وتلك التي تقع في المراتب المتدهورة، والثالثة التي تقع في متوسط الجدول إلا أنه غلب على دول المنطقة، بل والقارة التدهور العام في نتائج هذا العام مقارنة بالسنوات العشر الماضية.
أما عن السبب الثالث فقد تناوله المؤشر بكثرة الانقلابات العسكرية في القارة، ولا سيما جنوب الصحراء الكبرى والوجود العسكري الغربي الذي أثَّر بشكل كبير على عملية تعزيز الديمقراطية، فقد ذكر التقرير أن من بين 17 انقلابًا حصلت في العالم منذ 2017م، وقعت جمعيها في إفريقيا باستثناء انقلاب واحد حدث خارج إفريقيا، وأن في الفترة ما بين 2012 إلى 2022م وقعت 29 حادثة انقلاب في العالم سجلت إفريقيا نحو 23 واقعة انقلاب عسكري ووقعت جميعها في منطقة الساحل الإفريقي، ولا سيما “مالي”، و”بوركينا فاسو”، و”السودان” التي شهدت العدد الأكبر من تلك الانقلابات، وسلّط المؤشر الضوء على مالي باعتبارها أنها الأدنى تقييمًا من بين جميع مؤشرات الحوكمة في مسألة غياب العنف ضد المدنيين والنزاعات المسلحة؛ حيث تتسم بالصراعات والنزاعات المسلحة التي تستهدف بالتحديد المدنيين.
وفي موضع آخر تم عمل دراسة استطلاعية عن نظرة الشعوب الإفريقية للديمقراطية في ظل تكرار ظاهرة الانقلابات العسكرية، فجاءت نتيجة الاستقصاء أن 69 من مواطني دول إفريقيا ولا سيما جنوب الصحراء الكبرى يفضلون الديمقراطية على أيّ شكل آخر للحكم، وأن 74% من شباب دول إفريقيا يُفضِّلون الديمقراطية على أيّ نوع آخر من الحكم، وأن 18% من شباب القارة يُفكِّرون في الترشُّح لنيل المناصب السياسية، ولم يقف الاتحاد الإفريقي حائلًا أمام تلك المسارات غير الديمقراطية للوصول للحكم في دول جنوب الصحراء الكبرى، فعلى مدار الأعوام الثلاثة الماضية (2020، 2021، 2022م) قد تم تعليق عضوية دول جنوب الصحراء التي حدث فيها انقلاب عسكري، منها مالي في عام 2020، و2021م، و”غينيا” و”السودان” في 2021م، ومؤخرًا كانت “بوركينا فاسو” عام 2022م.
وتلك الموجة من الانقلابات العسكرية التي شهدتها جنوب الصحراء الكبرى أدت إلى اندلاع موجات الاحتجاج من الشباب لرفض تلك الأساليب غير الدستورية للحكم، وشهدت شرق إفريقيا النصيب الأكبر من تلك الاحتجاجات عام 2022م، ولا سيما “السودان”، و”غينيا”، و”نيجيريا”، ولكن على الجانب الآخر تم التعامل معها بمزيد من القوة والعنف؛ فعلى مدار عام 2022م تم التعامل مع 248 احتجاجًا في مختلف أنحاء العالم باستخدام العنف المفرط، وهو ما انعكس على انتشار العنف المسلح والنزاعات الأهلية في عدد من الدول، مما استدعى التدخل الأجنبي ضمن بعثات الأمم المتحدة لحفظ الأمن والسلام في الدول التي يوجد بها نزاعات، وذكر تقرير “إبراهيم” لعام 2023م أن قارة إفريقيا وبالتحديد في منطقة جنوب الصحراء تعد الوجهة الرئيسية للاتحاد الأوروبي وبعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، فمن بين 12 بعثة تابعة للأمم المتحدة لحفظ السلام تم تسجيل نصف العدد في إفريقيا، ولا سيما جنوب الصحراء الكبرى.
الشكل (1)
يوضح انتشار بعثات الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي لحفظ السلام في إفريقيا 2023م
المصدر: منتدى مؤسسة إبراهيم للحكم في إفريقيا 2023م
يوضح هذا الشكل انتشار بعثات حفظ السلام لكل من الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي في إفريقيا لعام 2023م، والتي تقع أغلبها في منطقة جنوب الصحراء الكبرى، فالاتحاد الأوروبي يوجد في إفريقيا ضمن 13 بعثة لحفظ الأمن والسلام ما بين الوجود المدني والعسكري، وتوجد أغلبها في إفريقيا جنوب الصحراء، ولا سيما في الصومال، وإفريقيا الوسطى، وموزمبيق، والنيجر، ومالي، في مهام تتراوح ما بين تدريبية وعسكرية وبحرية، في حين توجد ست بعثات للأمم المتحدة في إفريقيا، يقع 90% في جنوب الصحراء الكبرى.
أما عن السبب الرابع لعدم الاستقرار الأمني في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى فأرجعه المؤشر إلى الوجود العسكري الأجنبي على أرض إفريقيا؛ والذي يُربك الأوضاع السياسية والديمقراطية، ويسهم في الانتهاك النسبي لسيادة الدولة، كما أنه يتدخل في شؤون الدول وبمزيد من المواجهات والنزاعات المسلحة بين تلك القوات والفصائل المسلحة داخل القارة، والأنظمة السياسية التي تبني تحالفاتها مع تلك القوات لتعزيز وجودها لأكبر فترة ممكنة، وبالتالي الدخول في مسألة الصراع بين الجيوش الإفريقية وحُكّامها بسبب هذا الوجود العسكري من جانبٍ، ولتكريس مقدرات الدولة لخدمة القوات الأجنبية على أرض الدولة.
وذكر المؤشر أنه حتى عام 2023م هناك 23 دولة من أصل 54 دولة إفريقية تستضيف قاعدة عسكرية واحدة على الأقل داخل أراضيها، وأن “الولايات المتحدة الأمريكية” لديها النصيب الأكبر من القواعد العسكرية بإجمالي 16 قاعدة عسكرية، تليها “فرنسا” بنحو 11 قاعدة عسكرية، إضافة “لألمانيا”، و”إيطاليا”، و”الإمارات العربية المتحدة” بثلاث قواعد لكل واحدة، كما تحتفظ “فرنسا” بقواعدها العسكرية منذ عام 1960م، و”الولايات المتحدة” منذ 2003م، و”الصين” منذ 2017م، ومؤخرًا أسَّست كلّ من “تركيا” قاعدتها العسكرية في “الصومال”، و”إسرائيل” في “جيبوتي”، و”المملكة العربية السعودية” في “جيبوتي”، كما تعتبر “جيبوتي” الدولة الواقعة في إفريقيا جنوب الصحراء والقرن الإفريقي؛ حيث تعتبر عمقًا استراتيجيًّا لجنوب الصحراء الكبرى ولإفريقيا عامة، وتتميز بوجود العدد الأكبر من القواعد العسكرية بها؛ حيث تضم 7 قواعد عسكرية للصين، وإيطاليا، وفرنسا، واليابان والولايات المتحدة، وألمانيا، والمملكة العربية السعودية.
وفي عام 2023م قامت “روسيا” بافتتاح قاعدة بحرية لها في “السودان” على البحر الأحمر؛ لتعزيز وجودها العسكري في القارة، وخاصةً في ظل الاتفاقية العسكرية التي وقَّعتها مع 22 دولة إفريقية، ومجموعة “فاغنر” العسكرية، وإعلان الصين تطلعها لفتح قاعدة عسكرية في غينيا خلال 2023م، ولكن على الجانب الآخر قررت “فرنسا” تحفيض وجودها العسكري في إفريقيا مع انتهاء عملية “برخان” عقب انقلاب “مالي” العسكري عام 2022م، أعلن الرئيس الفرنسي “ماكرون” تخفيض وجودها العسكري في إفريقيا مارس 2023م، وبالتبعية ستقوم بتخفيض وجودها في “الكوت ديفوار”، و”السنغال”، و”الجابون”، بالإضافة لتنظيم قواعدها العسكرية لتصبح أكاديميات تشترك في إدارتها الجيوش الإفريقية وفرنسا، مع الاحتفاظ بقاعدتها العسكرية في “جيبوتي” بكامل هيئتها.
وفي التوقيت الذي أعلنت فيه فرنسا تقليص وجودها العسكري في إفريقيا، توسعت الصين عسكريًّا في القارة من خلال مشاركتها بنحو 2500 صيني في بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في إفريقيا، كما أنها تسعى لتعزيز وجودها ببناء المزيد من القواعد في عدد من الدولة، إضافة لتوسع الوجود العسكري الأمريكي في إفريقيا من خلال وجود نحو 6000 جندي بدولها ونحو 1200 جندي في غرب إفريقيا، و500 من العمليات الخاصة في الصومال.
هذا بالإضافة لتوسع النشاط الهندي في القارة الإفريقية؛ حيث تشارك بنحو 4575 جنديًّا ضمن بعثة الأمم المتحدة في إفريقيا، كما تُخطِّط إلى إنشاء 32 محطة مراقبة بالرادار بالقرب من موريشيوس وسيشل؛ لمراقبة النشاط في البحر الأحمر، وغيرها من الأنشطة الموازية لتركيا من خلال بيع الطائرات بدون طيار لدول “بوركينا فاسو”، و”جيبوتي”، و”إثيوبيا”، و”ومالي”، و”النيجر”، و”توغو”، وقيام “إيران” ببيع الطائرات بدون طيار لإثيوبيا، هذا بالإضافة لقيام “الصين” بصفقة تلك الطائرات مع “إثيوبيا”، و”نيجيريا”، و”الكونغو الديمقراطية”.
الشكل (2)
يوضح الدول الإفريقية التي تحوي قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها 2023م
المصدر: مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا 2023م
يوضح الشكل السابق الدول الإفريقية التي تضم قواعد عسكرية أجنبية على أراضيها، ويبدو من الإنفوجراف أن دول إفريقيا جنوب الصحراء صاحبة النصيب الأكبر تلك القواعد، وتعد “جيبوتي” الدولة الأولى التي تضم 7 قواعد عسكرية تم ذكرها سابقًا، تليها دولة “مالي” بأربع قواعد عسكرية لكل من “بلجيكا”، و”المملكة المتحدة”، و”فرنسا”، و”ألمانيا”، إضافة “للنيجر” والتي تضم أربع قواعد عسكرية لكل من “فرنسا”، و”ألمانيا”، و”الولايات المتحدة”، و”إيطاليا”، والصومال تحتل المرتبة الرابعة بثلاث قواعد عسكرية لكل من “تركيا”، و”الولايات المتحدة”، و”الإمارات العربية المتحدة”، وتليها “إفريقيا الوسطى” بثلاث قواعد تتصدرها “روسيا”، و”فرنسا”، و”الولايات المتحدة الأمريكية”، وقاعدتين عسكريتين في كلّ من “الجابون”، و”إريتريا”، و”بوركينا فاسو”، و”السنغال”، و”تشاد”، و”سيشل” وكينيا”، وواحدة فقط في كلّ من “غانا”، و”الكاميرون”، و”كوت ديفوار”، و”جنوب السودان”، و”الكونغو الديمقراطية”، و”بوتسوانا”.
وأخيرًا يأتي السبب الأخير لعدم الأمن والسلامة في إفريقيا بسبب انعدام المساءلة والشفافية للحكام الأفارقة؛ وذلك لطول مدة الحكم لهم، وبالتالي سيطرتهم على كافة مؤسسات الدولة، فاحتلت أربع دول من جنوب الصحراء الكبرى المراتب المتدنية بسبب ضعف مساءلة الحكام، وكان في مقدمتها “إريتريا”، و”غينيا الاستوائية”، و”جيبوتي”، و”جنوب السودان”، وتليها كل من “زيمبابوي”، و”أنغولا”، و”غامبيا”.
ثانيًا: مؤشر المشاركة والحقوق والشمول
جاء تقييم قارة إفريقيا في مؤشر المشاركة والحقوق والشمول الفرعي بنحو 46.7/100، واتسم أداء القارة تحديدًا، ولا سيما جنوب الصحراء الكبرى، في هذا المؤشر بالتراجع؛ حيث جاء عنصر المشاركة لتحقق به دول القارة التدهور السريع مقارنة بالأعوام الماضية، وكان أداؤها في ملف الحقوق يقل عن المتوسط بمقدار 5 درجات، كما اتسم أداؤها بالتدهور السريع في ملف الشمول والمساواة؛ حيث جاء تقييمها نحو 45.3/100، أما الملف الوحيد الذي حققت فيه دول القارة تقدمًا سريعًا فهو ملف المرأة والمساواة؛ حيث جاء تقييمها بمقدار 55 درجة، وكانت النموذج الأفضل في دول جنوب الصحراء الكبرى دولة “غامبيا” و”سيشل”؛ حيث تحسنت “غامبيا” بمقدار 20 نقطة عن السنوات الماضية، وذلك بسبب التقدم في ملف المجتمع المدني، وحرية ونزاهة الانتخابات، والحقوق الرقمية، وعدم وجود قيود مفروضة على الإعلام.
أما عن “سيشل” فكان تقدمها في إطار نزاهة الانتخابات، وتوفر قدرًا كبيرًا من الحرية، والديمقراطية، وحرية تكوين الأحزاب والتجمعات، وعلى الجانب الآخر شهدت “أوغندا” تراجعًا في الانتخابات لديها بسبب القيود التي تم فرضها على حرية تكوين التجمعات السياسية، كما أن “نيجيريا” تُواجه مشكلات في نزاهة الانتخابات، إضافةً لتراجع تقييمها في الحرية الرقمية، والحريات الشخصية، والتعددية السياسية، في حين أن “رواندا” تراجع أداؤها في ملف المشاركة بسبب قمع الحريات والحقوق الرقمية ولا سيما في عامي (2016- 2017م).
أما عن ملف المرأة؛ فعلى الرغم من أن دول إفريقيا شهدت تحسنًا عامًّا في هذا الملف، إلا أن ظاهرة العنف ضد المرأة انتشرت على نطاق واسع في عدد من دول إفريقيا جنوب الصحراء، فبالرغم من أن “أوغندا” صاحبة التقييم الأفضل في مؤشر المساواة للمرأة وفقًا للقوانين التي تحمي المرأة؛ إلا أنها تحتل المرتبة الثالثة من حيث العنف ضد المرأة، وإن إجمالي 15 دولة إفريقية من أصل 20 دولة إفريقية لديها أعلى معدلات لزواج الإناث القاصرات أو في سن الأطفال، ووفقًا لإحصاءات منظمة “اليونيسيف” لعام 2022م فإن هناك 150 مليون فتاة وامرأة في إفريقيا متزوجات في سن الطفولة، وتعد “النيجر”، و”إفريقيا الوسطى”، و”تشاد” هي دول جنوب الصحراء صاحبة المعدل الأكبر لزواج الأطفال.
وأرجع المؤشر هذا الأمر إلى انتشار معدل الفقر في دول المنطقة، ورغبة الأسر في التخفيف عن كاهلها عبء التعليم لتلك الفتيات، وسلط المؤشر الضوء على فكرة التعليم وأنه في حال انخفاض نفقاته فإن الأسر لن تكون مضطرة إلى زواج بناتهن في سن صغيرة.
ثالثًا: مؤشر الفرص الاقتصادية
جاء تقييم دول إفريقيا في مؤشر الفرص الاقتصادية الفرعي لمؤشر الحوكمة لعام 2022م بنحو 48.3/100، حيث شهدت 28 دولة تحسنًا سريعًا في مؤشرات فرص النمو الاقتصادي خلال العشر سنوات الماضية، في حين سجلت 10 دول تدهورًا سريعًا خلال تلك الأعوام، كما شهدت نحو تسع دول إفريقية تحسنًا بطيئًا في مؤشرات الاقتصاد، وشهدت نحو سبع دول مؤشر تحذير، وكان التحسُّن الأكبر ممثلًا في دولة غانا، في حين كان التدهور الأكبر ممثلًا في “غينيا بيساو”، ويتوقع أن تصبح قارة إفريقيا المنطقة الأسرع نموًّا في العالم بحلول عام 2025م، وخلال عام 2023م سيكون نموّها أسرع بست مرات من دول أوروبا وأمريكا الشمالية وذلك وفقًا لتقديرات صندوق النقد الدولي، وأن عشرة من إجمالي 20 دولة من الاقتصادات الأكثر نموًّا لعام 2023م تقع في قارة إفريقيا، و9 دول منها تقع في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، ممثلة في “السنغال” صاحبة المرتبة الثانية، تليها في المرتبة الثالثة “الكونغو الديمقراطية”، و”كوت ديفوار” و”رواندا” في المرتبة الرابعة إفريقيًّا والتاسعة عالميًّا، ثم “إثيوبيا” لتحتل المرتبة السادسة إفريقيًّا والمرتبة الـ11 عالميًّا، و”النيجر” في المرتبة السابعة إفريقيا، والـ11 عالميًّا، كما تحتل “بنين” المرتبة الثامنة إفريقيًّا، والـ13 عالميًّا، وأخيرًا كل من “أوغندا” و”غامبيا” لتحتل المرتبة التاسعة والعاشرة إفريقيًّا على التوالي.
ولكن برغم ذلك لا تزال إفريقيا تمتع بمستوًى متدنٍّ ضمن التجارة البينية من بين المناطق في العالم، وذلك لعدد من الأسباب يأتي في مقدمتها البنية التحتية المحدودة للطرق والسكك الحديدة لدى دول القارة، فتوجد شبكة من الطرق والسكك الحديدية المتهالكة لدى دول إفريقيا، وخاصةً جنوب الصحراء الكبرى، وذلك على الرغم من أن إفريقيا تمتلك نحو خمس مساحة اليابسة في العالم، ولكنها تمتلك أقل من 8% من الطرق والسكك الحديدة في العالم، في حين يأتي السبب الثاني ممثلًا في انخفاض معدل الطاقة لدى دول إفريقيا، حيث أشارت معطيات التقرير أن 4 من كل 5 أشخاص يعيشون بدون كهرباء، وأن نحو 600 مليون مواطن إفريقي ما زالوا محرومين من الكهرباء، وعلى الرغم من أن الطاقة هي أساس التنمية الاقتصادية لدول إفريقيا؛ إلا أنه وفقًا لإحصائية مؤسسة “إبراهيم” للحوكمة: خلال عام 2023م تصل الكهرباء إلى نحو 55.9% من إجمالي سكان إفريقيا، في حين أن 90% من سكان العالم تصل لهم الكهرباء بصورة غير دائمة، إضافةً إلى أن 950 مليون مواطن في إفريقيا لا يمكنهم الحصول على وقود الطهي النظيف، وأن اليابان وحدها قد استهلكت خلال عام 2019م كهرباء بنِسَب تفوق استهلاك قارة إفريقيا كافة على الرغم من أن التعداد السكاني لليابان عُشْر تعداد سكان قارة إفريقيا.
ولكن برغم هذا التراجع في التجارة البينية للقارة؛ إلا أنه لا يمكن أن يغض الطرف عن أن قارة إفريقيا ذات إمكانيات متقدمة من حيث المعادن، ولا سيما دول جنوب الصحراء الكبرى؛ فإفريقيا تمتلك 30% من الاحتياطي العالمي للمعادن اللازمة للصناعات المتجددة كالطاقة الشمسية، والسيارات الكهربائية، وتخزين البطاريات، والهيدروجين الأخضر، والطلب على المعادن اللازمة لتلك الصناعات سيرتفع خلال عام 2050م بنحو 500%، وهو الأمر الذي لن يتم بدون الموارد الإفريقية، وفي حديث عن الموارد المعدنية لدول إفريقيا جنوب الصحراء، تمثل كل من “بوتسوانا”، و”الكونغو الديمقراطية”، و”جنوب إفريقيا”، و”زيمبابوي” 46% من الإنتاج العالمي من الماس خلال عامي 2021/2022م، كما بلغ إنتاج مالي من الليثيوم نحو 840 ألف طن، وتعتبر “غينيا” الدولة الأكبر عالميًّا من حيث احتياطات البوكسيت، وتحتل “الجابون” المرتبة الثانية عالميًّا كأكبر مُنتِج للمنجنيز، و”زامبيا” تُعتبر المصدر الرئيسي للنحاس في العالم، و”جنوب إفريقيا” تمتلك 90% من احتياطات البلاتين في العالم، كما أن الكونغو الديمقراطية تنتج نحو 70% من الكوبالت في العالم، وتصدرها للصين التي تنتج العدد الأكبر من السيارات الكهربائية في العالم.
الشكل (3)
توزيع المعادن في قارة إفريقيا وفقًا لمؤشر فرص الاقتصاد الفرعي/ للحكم في إفريقيا 2022/2023م
المصدر: مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا 2022/2023م
لذا فعند الحديث عن فرص النمو الاقتصادي التي تمتلكها قارة إفريقيا ولا سيما منطقة جنوب الصحراء الكبرى، فإن لديها كافة المقومات والإمكانات التي تُؤهِّلها لأن تكون من أسرع الاقتصادات الناشئة والمتقدمة في العالم، ولكنَّ الواقع السياسي والأمني والاجتماعي والثقافي الذي تتميز به القارة هو ما يَفرض عليها تحديات تُؤخِّرها عن المنافسة في السوق العالمية كنظيرتها من مناطق العالم، وبالرجوع إلى مؤشر الفرص الاقتصادية لدول إفريقيا جنوب الصحراء يتضح أن موريشيوس تمثل النموذج الأسوأ ضمن تقييم دول جنوب الصحراء الكبرى في مؤشر أُسُس فرص الاقتصاد؛ حيث سجلت النتيجة الأسوأ منذ عام 2012م، وذلك يعود للتراجع في بيئة الأعمال والإدارة العامة، إضافة لـ”غينيا بيساو” التي سجلت التدهور الأسوأ ضمن دول المنطقة؛ وذلك بسبب التراجع في مؤشرات بيئة الأعمال، والبنى التحتية والإدارة العامة، وعلى النقيض تأتي “غانا” صاحبة التحسن الأكبر ضمن دول المنطقة في هذا المؤشر، وهذا يعود للخطوات الجادة لتعزيز بيئتها الداخلية للاقتصاد والاستثمار، سواء كان في البنية الرقمية أو الإدارية أو الفنية.
وعلى الرغم من التحسينات العامة التي شهدتها منطقة جنوب الصحراء الكبرى في هذا المؤشر الفرعي الذي يعزز من تقييمها ضمن إطار الحوكمة والحكم الرشيد بشكل عام؛ إلا أن هناك إشكالية مرتبطة بالعمل ومعدل البطالة في القارة، فعلى الرغم من وجود عدد لا بأس به من الوظائف داخل القارة؛ إلا أنها غير كافية مع نِسَب الشباب غير العاملين، فوفقًا لتقدير منظمة العمل الدولية لعام 2021/2022م، ما يزال معدل البطالة مرتفعًا إلى ما يزيد عن 10% في 22 دولة إفريقيا، تقع جميعها في جنوب الصحراء الكبرى ممثلة في “جنوب إفريقيا”، و”جيبوتي”، و”بوتسوانا”، و”الجابون”، و”الكونغو”، و”الجابون”، و”ناميبيا”، إيسواتيني”، و”ليسوتو”، وأضافت أن 1 من كل 3 أشخاص في جنوب إفريقيا يعانون من البطالة، وحتى الأفراد الذين يعملون لا يمثل العمل الدعامة الكافية لهم لتلبية التزاماتهم؛ إلا أن مؤشر الحوكمة الإفريقي علق على تلك الإحصائية مشيرًا إلى أن نِسَب التوظيف في قارة إفريقيا خادعة بسبب أن هناك عددًا كبيرًا من المواطنين يعملون في جهات غير رسمية، وبالتالي فإن التقديرات المرتبطة بالبطالة غير دقيقة، وإضافة إلى أن أكثر من 50% من العمالة في 38 دولة من أصل 40 دولة غير رسمية.
رابعًا: مؤشر التنمية البشرية
حقَّقت قارت إفريقيا تقييمًا متوسطًا في مؤشر التنمية البشرية الفرعي بمجموع درجات 51.5/100، وتعتبر دولة “الصومال” الدولة الإفريقية الأكثر تحسنًا ضمن هذا المؤشر على مستوى القارة وجنوب الصحراء الكبرى، وشهد مؤشر التنمية البشرية خلال الأعوام الخمسة الماضية تحسنًا سريعًا لما يزيد عن 22 دولة إفريقية مقارنةً بعام 2012م، في حين سجلت 15 دولة إفريقية تراجعًا في التحسُّن البطيء مقارنةً بعام 2012م، وحققت نحو 7 دول إفريقية مؤشر تحذير باتجاه التدهور، في حين قفزت دولتان باتجاه التراجع في الأداء، هذا بالإضافة لتدهور دولتين بصورة بطيئة، وأخريين بصورة سريعة.
كما حقَّق ملف الصحة، والحماية الاجتماعية، والبيئة المستدامة تحسنًا سريعًا، وشهد ملف التعليم تحسنًا بطيئًا؛ حيث يشهد نحو 90% من سكان إفريقيا تحسنًا في الخدمات العامة مثل الصحة والتعليم لعام 2021/2022م مقارنة بعام 2012م، وعلى الرغم من التحسُّن في الصحة والحماية الاجتماعية؛ إلا أن الأداء في ملف التعليم كان ضعيفًا على مدار السنوات العشر الماضية، وشهد ملف التنمية المستدامة أو البيئة المستدامة أداءً جيدًا خلال العام الأخير، كما حققت 3 دول من أصل 10 دول ذات أداء مرتفع في مؤشر التنمية البشرية أداءً متراجعًا، فمنذ عام 2017م في ملف التنمية البشرية تمثلت في “موريشيوس”، و”كابو فيردي”، و”رواندا”.
وللانتقال لملف الصحة، فقد أشار مؤشر إبراهيم للحوكمة الإفريقي، أنه برغم التحسن في برامج الصحة، والتقدم في مؤشرات مكافحة الأمراض المعدية، والامتثال للوائح الدولية في قطاع الصحة؛ إلا أنه ما يزال الإنفاق على الصحة في قارة إفريقيا، وتحديدًا جنوب الصحراء الكبرى في أدنى معدلاته، وذلك على الرغم من تعهدات “أبوجا” لعام 2001م، والتي أشارت لإنفاق ما لا يقل عن 15% من النفقات العامة على الصحة، وأن دولتين ضمن دول جنوب الصحراء الكبرى فقط هي مَن حقَّقت هذا الهدف، وتمثلت في “مدغشقر” لأعوام (2015، 2016، 2017م)، إضافة إلى “جنوب إفريقيا” للأعوام (2015_2019م)، وأضاف المؤشر أن جائحة كوفيد _19 أثبتت أن عدم قدرة القارة الإفريقية على توفير اللقاحات من المعامل الداخلية، ولكنها تعتمد على الخارج للحصول على اللقاحات للأمراض المعدية.
ومثَّلت إفريقيا بمفردها 25% من إجمالي الطلب العالمي على اللقاحات؛ حيث إنها تستورد ما يزيد عن 99% من حاجاتها من اللقاحات من خارج نطاق القارة، كما سلّط المؤشر الضوء على إشكالية أخرى مرتبطة بتدهور القطاع الصحي لدول إفريقيا، ولا سيما جنوب الصحراء الكبرى، ممثلة في هجرة العقول من الكوادر الطبية المتميزة؛ حيث تخسر إفريقيا سنويًّا نحو 2 مليار دولار جراء هجرة العقول الطبية للخارج، فتم ذكر إحصائية أن 1 من كل عشرة أطباء في المملكة المتحدة يأتي من قارة إفريقيا.
وفي موضع آخر مرتبط بالصحة في إفريقيا فقد تم التركيز على المساعدات الإنمائية في قطاع الصحة لدول إفريقيا؛ حيث إن قطاع الصحة شكل خمس المساعدات الإنمائية الموجهة للقارة، وأن 45.2% من المساعدات الإنمائية في العالم الموجهة للصحة كانت من نصيب دول إفريقيا، وكانت دول جنوب الصحراء الكبرى صاحبة النصيب الأكبر من تلك المساعدات؛ حيث كانت “جنوب إفريقيا”، و”الكونغو الديمقراطية”، و”نيجيريا” الدول الثلاثة الأكثر تلقيًا للمساعدات الإنمائية في قطاع الصحة لعام 2021/2022م، بنسبة 18.9% من إجمالي المساعدات، تليها “تنزانيا”، و”موزمبيق”، و”أوغندا”، و”كينيا”، و”إثيوبيا”، و”وزامبيا”، و”زيمبابوي”، ولكن أشار مؤشر إبراهيم للحوكمة الإفريقية أنه برغم تلك المساعدات التي تلقتها تلك الدولة لكن يمثل الإنفاق على قطاع الصحة لدى تسعة من أصل عشرة دول أقل من 10% من النفقات العامة لديها، بل إن أربعة من تلك الدول إنفاقها أقل من 5%، تتمثل في “إثيوبيا” بمعدل 4.8%، و”الكونغو الديمقراطية” بمعدل “4.4”%، و”نيجيريا” بنسبة 3.8%، و”أوغندا” بنسبة 3.1%.
ثم بالانتقال إلى ملف التعليم، على الرغم من أن التعليم يحتل المرتبة السابعة كأفضل تحسن ضمن 17 مؤشر لمؤشر إبراهيم للحوكمة الإفريقية لعام 2022م؛ حيث شهد ملف التعليم في مؤشر التنمية البشرية تحسنًا في الالتحاق بالتعليم، والمساواة في التعليم لعام 2021م، ولكنه شهد تدهورًا في ملف جودة التعليم، وتحديدًا في منطقة جنوب الصحراء الكبرى؛ حيث إن أكثر من خمس الأطفال في سن التعليم في المنطقة لا يذهبون إلى المدرسة، وأن 60% من إجمالي الشباب في المعدلات العمرية ما بين 15 إلى 17 عامًا خارج إطار الدراسة، كما أن 4.8% من الطلاب في مرحلة التعليم داخل جنوب الصحراء الكبرى يدرسون في الخارج، وأنه خلال عام 2022م يوجد نحو 430 ألف طالب في جميع المراحل الدراسة ينتمون لإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى يدرسون بالخارج، ويعد الاتحاد الأوروبي هو الوجهة الرئيسية لنحو 27% من الطالب، وأمريكا الشمالية لنحو 13% من إجمالي الطلاب، وأن فرنسا بالتحديد تشكل الوجهة الرئيسية لطلاب كل من “السنغال”، و”الكاميرون”، و”كوت ديفوار” بإجمالي 92 ألف طالب، بنسبة 40 في الفترة ما بين (2016_2021)، مسجلين ضمن 400 برنامج تعليمي داخل فرنسا، وأن القارة الإفريقية تلقَّت نحو 6% من المساعدات الإنمائية في قطاع التعليم، وأن إجمالي 33.6% من المساعدات الإنمائية العالمية للتعليم ذهبت لإفريقيا بإجمالي 5.1 مليار دولار، وأن 60% من تلك المساعدات يتم توجيهها للتعليم الأساسي وما بعد الثانوي.
الشكل (4)
يوضح حجم المساعدات الإنمائية لإفريقيا في قطاع التعليم خلال عام 2021/2022م
المصدر: مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا 2022م/2023م
ثم بالانتقال إلى ملف الشباب، الذي يُعد من أهم المميزات التي تتمتع بها قارة إفريقيا، وبالتحديد إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ حيث يبلغ متوسط أعمار قارة إفريقيا نحو 18.7 عامًا، وبالتالي أصغر بنحو 12 عام عن أقرب منطقة إليها، وهي أمريكا اللاتينية بمواقع 30 عامًا، وتعتبر تلك الميزة مهمة التعويل عليها لدول المنطقة من حيث تطويعها بالبرامج والسياسات، والاهتمام بمستقبلهم لينعكس إيجابًا على الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وخاصةً أن قارة إفريقيا يُطلق عليها القارة الشابة؛ حيث إن 3% فقط من سكان القارة تزيد أعمارهم عن 65 عامًا، في حين أن 40% من سكان القارة تقل أعمارهم عن 15 عامًا، وهي النسبة الأعلى في العالم.
وأضاف المؤشر أنه بتطويع تلك الإمكانات من خلال التعليم الجيد، والتدريب يمكن تطويع تلك الإمكانات لتقدم دول القارة، بل والمنطقة في مختلف القطاعات، ثم تطرق كذلك للحديث عن هجرة العقول من المتعلمين والعمالة الماهرة للخارج بأنها تُهدِّد مستقبل القارة الإفريقية، ولا سيما دول جنوب الصحراء؛ حيث من خلال استطلاع رأي الشباب الإفريقي لعام 2022م بتطبيقه على 15 دولة، وجدوا أن 50% من إجمالي من شملهم الاستطلاع يفكرون في الهجرة للخارج خلال ثلاثة سنوات لتأمين فرص التعليم، والعمل لمستقبلهم، وفي تقرير آخر للشباب الإفريقي يتضح أن 80% من الهجرات الإفريقية تأتي في نطاق البحث عن الوظائف والفرص الاقتصادية.
وختامًا، ومن خلال ما سبق طرحه هناك عدد من النقاط المهمة التي تم استخلاصها من عرض هذا التقرير، وتتمثل في الآتي:
- شهد التقييم العام لدول إفريقيا جنوب الصحراء في مؤشر إبراهيم للحكم في إفريقيا تحسنًا خلال السنوات الخمسة الماضية مقارنة بعام 2012م.
- تحسن أداء دول إفريقيا جنوب الصحراء في ملف التنمية البشرية وأسس النمو الاقتصادي ضمن المؤشرات الفرعية للحكم الشامل في إفريقيا لعام 2021/2022م.
- تدهور أداء إفريقيا جنوب الصحراء في ملف الأمن وسيادة القانون، والحقوق والشمول والمشاركة ضمن المؤشرات الفرعية للحكم الشامل في إفريقيا لعام 2021/2022م.
- تتميز إفريقيا جنوب الصحراء باحتياطات واعدة من المعادن اللازمة للصناعات الأجنبية، ولا سيما الصناعات الخضراء.
- تعاني إفريقيا جنوب الصحراء في ملف الصحة والتعليم من هجرة العقول من الأطباء والنوابغ التعليمية للبحث عن فرص تعليمية واقتصادية مستقبلية.
- يوجد تأزم داخل إفريقيا جنوب الصحراء فيما يتعلق بملف حقوق الإنسان ونزاهة الانتخابات وحرية التجمعات السياسية والشفافية والمساءلة.
- تتميز إفريقيا جنوب الصحراء بظاهرة القواعد العسكرية الأجنبية داخل أرضيها، ولا سيما جيبوتي، ومالي، والصومال.
- تعتبر إفريقيا جنوب الصحراء، ولا سيما منطقة الساحل الإفريقي مشهورة بكثرة الانقلابات العسكرية وتأزم العملية الديمقراطية، وكثرة النزاعات المسلحة.
- تتمتع قارة إفريقيا، ولا سيما جنوب الصحراء الكبرى بمعدلات عمرية منخفضة؛ حيث بلغ متوسط العمر لديها نحو 18 عامًا، وبالتالي فرص أكبر للنمو الاقتصادي والسياسي، والاجتماعي، والثقافي.
مميزات مؤشر إبراهيم للحكم الشامل في إفريقيا
هناك عدد من المزايا التي تمت ملاحظتها من خلال قراءة وعرض هذا التقرير، وتتمثل فيما يلي:
1- تسليط الضوء على الجوانب الإيجابية، وما تتمتع به قارة إفريقيا، ولا سيما جنوب الصحراء الكبرى من مقومات وإمكانيات تُؤهِّلها لمنافسة المناطق الأخرى من العالم في مختلف المجالات.
2- التركيز على مُسبِّبات الضعف السياسي والاجتماعي داخل القارة الإفريقية، والذي أرجع أحد أسبابه في التدخل الأجنبي في شؤون القارة الإفريقية، ولا سيما من خلال سياسة الوجود العسكري والقواعد العسكرية الأجنبية، واتجاه الخارج للاستفادة من ثروات القارة لخدمة مصالحها الاقتصادية.
3- تناول الحكم الشامل أو الحوكمة داخل قارة إفريقيا من خلال أربعة ملفات جوهرية؛ تتمثل في: الأمن وسيادة القانون، والتنمية البشرية؛ ليركز على التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية، وفرص النمو الاقتصادي ممثلة في الإمكانات الاقتصادية، والناتج المحلي الإجمالي، ومقومات الأسواق الإفريقية، إضافة إلى الحقوق والحريات والمشاركة السياسية.
4- محاولة تغيير المفاهيم السلبية عن القارة الإفريقية في العالم، ولا سيما المفاهيم المرتبطة بالإرهاب، والانقلابات العسكرية، والفقر، والبطالة، والتعرف على النِّسب والتقديرات الحقيقية، ومسببات الأشياء التي تفرض على إفريقيا واقعًا سياسيًّا مشوّهًا ونسيجًا اجتماعيًّا متباينًا ومتصارعًا حول الهوية.