مقدمة
إن العبودية بأشكالها المعاصرة من الجرائم التي يَحظرها القانون الدولي لحقوق الإنسان. ومع ذلك، لا يزال ملايين الأشخاص حول العالم مُجبَرين على العيش في العبودية وأشكال الرِّقّ المعاصرة الأخرى. كما يتم الاتجار بالملايين منهم، في جميع أنحاء العالم، لغرض الاستغلال، بما في ذلك الاستغلال الجنسي والاستغلال في العمل، أو سرقة الأعضاء، أو الزواج القسري، أو الإجرام القسري.
ويستمر هذا الاستغلال، حتى مع اقترابنا من الاحتفال بمرور 100 عام على اعتماد الاتفاقية الخاصة بالرِّقّ المُوقَّعة في العام 1926م، وبمرور أكثر من 20 سنة على بروتوكول باليرمو.
ويتعرَّض ضحايا الرِّقّ والاتجار في الكثير من الأحيان إلى العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. وفي حين أنّهم يتمتّعون بالحق في الحصول على تعويض فعَّال؛ إلا أنهم غالبًا ما يكونون غير قادرين على الوصول إلى العدالة؛ نظرًا إلى محدودية الوعي والقيود الهيكلية المتعددة، بما في ذلك ضمن السلطات المسؤولة عن دَعْم مثل هذه المطالب أو متابعتها. وتنص المادة الرابعة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه لا يجوز استرقاق أيّ شخص أو استعباده؛ حيث يحظر الرِّقّ وتجارة الرقيق بجميع أشكالها.
ولقد مرت القارة الإفريقية بعهود من الاسترقاق، غير أنه يتزامن ظهور أشكال العبودية الحديثة على نطاق واسع ومنتشر في القارة الإفريقية مع إعادة تنشيط صناعة التعدين، والفقر والصراعات الأهلية، والسلام الهشّ، والاقتصاد المنهك، وانخفاض الدخل، وسوء الحالة الصحية، وتردي مستوى التعليم.
ومن ناحية أخرى، يساهم الحكم العسكري في القارة في إطالة أمد الحروب الأهلية والتمردات، ونمو السوق السوداء وارتفاع النشاط الإجرامي المنظم. في حين أن المخاوف بشأن التدهور البيئي، ونزوح السكان، واستغلال العبيد وعمل الأطفال تساهم في تمزيق المجتمعات وتفاقم الانقسامات الداخلية.
ويُعتبر مؤشر الرِّقّ المعاصر، أو العبودية الحديثة، إحدى الوسائل التي يمكن من خلالها الوقوف على حالة الرِّقّ المعاصر وأسبابه ودرجة استجابة الحكومات لمكافحته، وفي السياق التالي سوف نحاول تحليل مؤشر الرِّقّ المعاصر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء من خلال المحاور التالية:
المحور الأول: الرِّقّ.. مفهومه وتطوّره وقياسه.
المحور الثاني: تحليل مؤشر الرِّقّ المعاصر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2023م.
المحور الثالث: درجة استجابة الحكومات الإفريقية للرق المعاصر والممارسات الواعدة.
خاتمة وتوصيات.
المحور الأول:
الرِّقّ.. مفهومه وتطوره وقياسه
أولاً: تعريف الرِّقّ
كان أول اتفاق دولي يتمّ تعريف الرِّقّ فيه هو الاتفاقية الخاصَّة بالرِّقّ التي وضَعتها عُصبة الأمم في 25 سبتمبر 1926م؛ حيث عرفته بأنه “حالة أو وضع أي شخص تمارس عليه أيّ من السلطات المرتبطة بحق الملكية أو كل هذه السلطات” كما جاء في المادة رقم (1).
كما عرفت تجارة الرقيق بأنها “جميع الأفعال التي ينطوي عليها أَسْر شخص ما أو احتيازه أو التخلي عنه للغير قصد تحويله إلى رقيق، وجميع الأعمال التي ينطوي عليها احتياز رقيق ما بغية بيعه أو مبادلته؛ وجميع أفعال التخلي، بيعًا أو مبادلةً، عن رقيق تم احتيازه على قصد بيعه أو مبادلته؛ وكذلك عمومًا أيّ اتجار بالأرقاء أو نقل لهم”؛ كما في المادة رقم (1).
وميّزت الاتفاقية أيضًا السُّخرة بنصها على أنه “لا يجوز فرض… عمل السخرة إلا من أجل أغراض عامة”، وطلبت من الدول الأطراف “الحيلولة دون تحوّل العمل القسري أو عمل السخرة إلى ظروف تماثل ظروف الرق”؛ كما جاء في المادة رقم (5).
وقبل وضع الاتفاقية الخاصة بالرِّقّ تم تحديد شتّى أشكال الرِّقّ في قائمة أعدّتها لجنة الرِّقّ المؤقتة في عام 1924م، ثم أقرَّها مجلس عصبة الأمم، وبالإضافة إلى الاسترقاق وسَبْي الرقيق وتجارة الرقيق والتعامل في الرقيق شملت القائمة ما يلي([1]):
1- الرِّقّ أو القنانة (المنزلية أو قنانة الأرض).
2- الممارسات المُقَيِّدَة لحرية الشخص، أو التي تحاول اكتساب السيطرة على الشخص في ظروف شبيهة بظروف الرِّقّ، ومنها على سبيل المثال:
أ- احتياز البنات بالشراء المُقنّع مثل دفع مهر، علمًا بأن ذلك ليس له صلة بتقاليد الزواج العادية.
ب- تبنّي الأطفال من أيّ من الجنسين قصد ارتقاقهم في الواقع أو التخلص منهم في نهاية الأمر.
ج- جميع أعمال ارتهان الأشخاص أو تحويلهم إلى عبيد لسداد دَيْن أو لسبب آخر.
3- نظام العمل القسري، عامًّا كان أم خاصًّا، بأجر كان أم بدون أجر.
وشهدت الفترة السابقة للحرب العالمية الثانية اعتماد سلسلة من الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالاتجار بالنساء لأغراض البغاء، وهذه الانتهاكات لم ترد في الاتفاقية الخاصة بالرِّقّ، ولم تعالجها مختلف لجان الخبراء المعنية بالرق، وإن كانت أولى الاتفاقيات الدولية الخاصة بالاتجار بالنساء قد أشارت في عنوانها إلى تجارة الرقيق الأبيض.
وذهبت الاتفاقية التكميلية المتعلقة بإبطال الرِّقّ والرقيق والأعراف الممارسات الشبيهة بالرِّقّ لعام 1956م لنطاق أوسع من اتفاقية 1926م، وألزمت الدول الأطراف بأن تُبطل -بالإضافة إلى الرِّقّ- الأعراف والممارسات التالية التي يُشار إليها مجتمعةً بتعبير “حالة العبودية”([2]):
أ. استعباد المدين.
- القنانة.
- كل الأعراف والممارسات التي تتيح ما يلي:
- الوعد بتزويج امرأة أو تزويجها فعلاً دون أن تمتلك حق الرفض ولقاء بديل مالي أو عيني يُدفع لأبويها أو للوصي عليها أو لأسرتها أو لأي شخص أو أي مجموعة أشخاص أخرى.
- إمكان جعل المرأة لدى وفاة زوجها إرثًا يَنتقل إلى شخص آخر.
- حق الزوج أو أسرته أو قبيلته في التنازل عن زوجته لشخص آخر لقاء ثمن أو عِوَض آخر.
د- أي من الأعراف أو الممارسات التي تسمح لأحد الأبوين أو كليهما أو للوصي بتسليم طفل أو شخص دون الثامنة عشرة إلى شخص آخر مقابل عِوَض أو بلا عوض قصد استغلالهما أو استغلال عملهما.
ورغم أنه كانت هناك نداءات لاحقة تدعو إلى إعادة تعريف الرِّقّ في سياق عالم اليوم؛ فقد ظل التعريف المشترك للرق لعام 2026م والاتفاقية التكميلية لعام 1956م دون تغيير وإن كانت الأمم المتحدة قد أجرت عمليات إعادة صياغة، لكن لم يشهد تغييرًا جوهريًّا في سياق القانون الدولي.
وقد اختلفت الآراء المطروحة حول مصادر الرِّقّ والاستعباد، وتعددت حولها، ويمكن تناولها أدناه([3]):
- أسرى الحروب.
- الرِّقّ بسبب الفقر.
- الرِّقّ بسبب الجريمة.
- الرِّقّ بالولادة.
- الاسترقاق كعقوبة.
ثانيًا: الرِّقّ المعاصر (العبودية الحديثة)
لقد عادت العبودية في عصرنا الحديث لتظهر بأشكال وأنماط حديثة؛ فهناك أنماط معاصرة للرق لم يستوعبها التعريف الوارد بالاتفاقية الخاصة بالرِّقّ؛ مثل تجارة بغاء الأطفال، واستغلال صور الأطفال في المواد الإباحية، واستغلال عمل الأطفال، واستغلال الأطفال في النزاعات المسلحة، والاتجار بالبشر، وبيع الأعضاء البشرية والممارسات التي تجعل من الإنسان سلعة للتداول والاتجار.
إن هذه الظاهرة آخذة بالتزايد، والتي يتم من خلالها إجبار الأفراد على العبودية، وتتم عملية نقل الأفراد بواسطة الإكراه، أو الخداع أو العنف لغرض العمل القسري أو الممارسات التي تشبه العبودية. والاتجار بالأطفال يتم من خلال نقلهم إلى عمل استغلالي يشكل وجهًا للعبودية. إن عملية الاتجار بالبشر تتم عن طريق استدراج الأشخاص من خلال التهديد أو استخدام القوة والنفوذ والخداع لأغراض الاستغلال في ممارسة الدعارة وأعمال السخرة أو الرّقّ، وتجارة البشر هي عندما يكون الإنسان سلعة تُباع وتُشترى([4]).
وتظهر العبودية الحديثة في قطاع الزراعة التي تعمل فيها الأيدي المهاجرة، والتي يتّسم العمل فيها بطول ساعاته، فضلاً عن ضحايا الاتجار بالبشر، كما يتم الاتجار بهم داخل بلدانهم لأغراض الدعارة والعمل القسري، وهذه التجارة بطبيعتها تُهدر كرامة الإنسان وتستغل أوضاع الفقر العالمي، وأصبحت نوعًا من الاسترقاق المعاصر.
إن عمل الأشخاص في باب السّخرة أو مقابل أجر بخس، وبيع الأطفال والمتاجرة بالأعضاء البشرية، والاسترقاق الجنسي، وتهريب الأفراد المهاجرين بين الدول المختلفة، وهي نوع من التجارة التي تنافي العديد من المواثيق الدولية، هذا بالإضافة إلى التجارة بالأطفال والتسول والأعمال الجبرية والاتجار بالنساء، بالإضافة إلى تجارة الأعضاء البشرية. والملاحظ أن تجارة الأعضاء البشرية كالمتاجرة بالبشر وتصدرها الدول الفقيرة التي تعيش حالة من عدم الاستقرار السياسي، وتعاني من مشاكل اجتماعية واقتصادية، بالإضافة إلى تجارة الأطفال الذين يتم تسليمهم لتجار الرقيق الذين يتنقلون في المناطق الريفية الفقيرة؛ حيث تعيش الأسر شديدة الحاجة للمال والمضطرة لرهن أولادها لدى هؤلاء السماسرة، ليعيشوا حالة الاستعباد. ويظل التفاوت الاقتصادي والعلمي بين دول الشمال والجنوب، بالإضافة إلى انتشار شبكات الاتصالات والمعلومات التي تلعب دورًا في انتشار ظاهرة العبودية الحديثة([5]).
وتنشأ العبودية الحديثة نتيجة لمجموعة من الظروف الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقانونية التي تخلق حالة الضعف التي يجد المستبعدون أنفسهم عالقين فيها. هذه الظروف ترجع جزئيًّا إلى الاتجاهات العالمية المتعلقة بالفقر، وتغيّر المناخ، والحروب والصراعات، والعولمة، والهجرة، وغيرها من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان، بما في ذلك انتهاك الحقوق الاجتماعية والاقتصادية([6])، وهي موضحة بالشكل رقم (1).
شكل رقم (1) أسباب العبودية الحديثة
المصدر: منظمة حرِّروا العبيد، الخطة الاستراتيجية 2021 -2031م، ص5.
والرِّقّ المعاصر يعني “المواقف الاستغلالية التي لا يستطيع الفرد رفضها أو تركها بسبب التعرض للتهديدات أو العنف أو الإجبار أو الخداع أو سوء استخدام السلطة”. ويتخذ الرِّقّ المعاصر أشكالًا ومسميات عديدة، منها: العمل الإجباري، والزواج القسري أو الزواج الاستعبادي، ورِقّ الديون، والاستغلال الجنسي، والاتجار بالبشر، والممارسات الشبيهة بالرق، وبيع الأطفال واستغلالهم([7]).
إن الرِّقّ المعاصر جريمة مستتِرة تؤثر في جميع دول العالم. ولقد تمَّ رصدُها في صناعات عديدة، منها صناعة الملابس والتعدين والزراعة، وكذلك في سياقات عديدة بداية من أفران الطوب وقوارب الصيد إلى المنازل الخاصة ومخيمات اللاجئين.
وإن الرِّقّ المعاصر يمسَّنا جميعًا؛ إذ يرتبط بالطعام الذي نتناوله والملابس التي نرتديها، وهو موجود عبر نطاق كبير من السلع التي نشتريها. وعليه، فإن المسؤولية تقع على عاتق الجميع فيما يتعلق بمعالجة هذه الجريمة والقضاء عليها أينما وُجدت. في بعض المناطق، يكون الصراع وانعدام الاستقرار السياسي والنزوح الإجباري هي المحركات الرئيسية للرِّق المعاصر.
وفي المناطق الأخرى، تزيد قابلية التأثر بالاستغلال بفعل الأحداث العالمية، مثل التغيُّرات التي تطرأ على عالم الأعمال والتغيُّر المناخي والهجرة. هذا وتُعدُّ مُواجَهة العوامل المؤثرة في احتمال التعرض للرِّق المعاصر، بداية من الفقر ووصولًا إلى التمييز على أساس النوع، أمرًا أساسيًّا لمجابهة الرِّقّ المعاصر ومنع حدوثه.
ولا بد للردود الفعَّالة على الرِّقّ المعاصر أن تضع في اعتبارها الدوافع والمخاطر التالية؛ إن أردنا أن نحقق الهدف رقم ٨,٧ من أهداف منظمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة بحلول عام ٢٠٣٠م، والذي يسعى إلى القضاء على العمل الإجباري، والرِّقّ المعاصر، والاتجار بالبشر، وأسوأ أشكال عمالة الأطفال.
وقد تعهدت جميع دول العالم تقريبًا بالقضاء على الرِّقّ المعاصر من خلال تشريعاتها وسياساتها المحلية. فالحكومات لها دور مركزي من خلال سنِّ القوانين وتوفير تدابير لمساعدة المضطرين من أبناء شعبها وملاحقة المجرمين المتورطين في تلك الجريمة الشنعاء. ولكن لا تستطيع جهة فاعلة واحدة مواجهة كل هذه التحديات بمفردها، وإنما تحتاج الحكومات إلى دعم ومشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني والشعب بأكمله لكي تستطيع الوفاء بالتزاماتها([8]).
شكل (2) الرِّقّ المعاصر مصطلح شامل
المصدر: تقرير مؤشر الرِّقّ المعاصر 2023م، ص8.
ثالثًا: مؤشر الرِّقّ المعاصر ومنهجيته
يُقدِّم تقرير “مؤشر الرِّقّ المعاصر” صورةً مُفصَّلة عن الرِّقّ المعاصر كما هو موجود عبر مختلف الصناعات والبلاد. كما يشير إلى الإجراءات التي تتخذها الحكومات لمجابهة الرِّقّ المعاصر والمخاطر التي تواجهها مختلف الفئات حول العالم. هذا ويُعدُّ “مؤشر الرِّقّ المعاصر” أداةً لكل من المواطنين والمجتمع المدني والشركات والحكومات لفهم نطاق المشكلة ومعرفة الردود القائمة لمواجهة الرِّقّ المعاصر بالفعل والعوامل المُساهِمَة فيها حتى يتمكّنوا من وضع السياسات السليمة التي من شأنها القضاء على الرِّقّ المعاصر ومناصرتها([9]).
وقد نشرت منظمة العمل الدولية ومؤسسة ووك فري والمنظمة الدولية للهجرة النسخة الثانية من تقرير “التقديرات العالمية للرِّق المعاصر” لعام 2023م. وتُمثِّل التقديرات المحلية التي أثمر عنها هذا التعاون نقطة البداية لمستوى التقديرات المحلية للرِّق المعاصر في الـ١٦٠ دولة الواردة هنا. وقد تم حساب تلك التقديرات المحلية باستخدام العوامل المؤثرة في احتمال التعرض للرِّق المعاصر على مستوى الأفراد والدول. هذا ويعتمد التحليل على البيانات الواردة من استبيانات منزلية لعينات تمثل الدولة بأكملها، منها ٦٨ استبيانًا عن العمل الإجباري و٧٥ استبيانًا عن الزواج القسري، علاوة على البيانات الواردة من نموذج قابلية التأثر بالرِّقّ المعاصر الذي وضعه “مؤشر الرِّقّ العالمي”.
وقد اختيرت المجموعة النهائية للعوامل من بين قائمة شاملة بالمتغيرات من أجل التنبؤ بحالات العمل الإجباري والزواج القسري المؤكدة بأفضل شكل ممكن. بعد ذلك، استُخدم النموذج لتوليد متوسط الاحتمالات المتوقعة للرق المعاصر مُقَسَّمة حسب الدولة. ثم قُسِّمت الأرقام الإجمالية الإقليمية في تقرير “التقديرات العالمية” لعام ٢٠٢٢م بناءً على متوسط الاحتمال المتوقع للرِّق المعاصر في كل دولة([10]).
ويتضمّن مؤشر الرِّقّ العالمي بيانات عن ثلاثة متغيرات رئيسية؛ هي: انتشار الرِّقّ الحديث في كل بلد، والتأثر، والاستجابات الحكومية للرق الحديث.
المحور الثاني
تحليل مؤشر الرِّقّ المعاصر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2023م
أولا: حالة الرِّقّ المعاصر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2023م
كشف تقرير مؤشر الرِّقّ المعاصر لعام 2023م أن العبودية الحديثة مخفية عن الأنظار، لكن رغم ذلك فهي موجودة في معظم مناطق العالم؛ ففي كل يوم يتم إرغام أشخاص على القيام بمهام أو بأعمال لا يرغبونها، ولا يستطيعون حتى رفضها.
وكل يوم نشتري مواد تمّت صناعتها مِن قِبَل أناس أُرغموا على ذلك دون أن ندرك التكلفة الإنسانية وراء هذا العمل. ووفقًا للمؤشر؛ فقد سجَّلت كلٌّ من كوريا الشمالية وإريتريا وموريتانيا أعلى مستويات للعبودية في العالم، مع تدهور الوضع على الصعيد الدولي منذ آخر دراسة أُجريت قبل خمس سنوات. وأفاد التقرير أن حوالى 50 مليون شخص “عاشوا أوضاعًا تُمثِّل عبودية حديثة” عام 2021م، في زيادة عشرة ملايين شخص عن 2016م، وهي آخر مرَّة تم فيها قياس المشكلة.
ويشمل الرقم نحو 28 مليون شخص يعانون من العمالة القسرية و22 مليونًا في زواج قسري. وذكر التحقيق أن الوضع يتدهور على وقع النزاعات المسلّحة المتزايدة، والتي باتت أكثر تعقيدًا، والتردي البيئي واسع النطاق، فضلاً عن تداعيات وباء كورونا، وعوامل أخرى. وبناءً على هذا المقياس، يُعدّ مُعدّل العبودية الحديثة في كوريا الشمالية الانعزالية والاستبدادية الأعلى في العالم (104,6 لكل ألف نسمة)، بحسب التقرير. وتليها إريتريا (90,3) وموريتانيا (32) التي باتت عام 1981م آخر دولة في العالم تُصنِّف العبودية الموروثة على أنَّها مخالفة للقانون.
وتقع العديد من هذه الدول في مناطق “مضطّربة” تشهد نزاعات أو عدم استقرار سياسي أو تضم عددًا كبيرًا من الأشخاص الذين يعدون “أكثر عرضة للخطر” مثل اللاجئين أو العمال الأجانب. وبينما يُعدّ العمل القسري أكثر شيوعًا في البلدان ذات الدخل المنخفض، إلا أنه مرتبط “بعمق” بالطلب من البلدان الأعلى دخلاً، بحسب التقرير الذي أشار إلى أن ثلثي حالات العمالة القسرية بأكملها مرتبط بسلاسل الإمداد العالمية.
وذكر التقرير أن بلدان مجموعة العشرين التي تضم الاتحاد الأوروبي إلى جانب أكبر 19 اقتصادًا في العالم تستورد حاليًا منتجات بقيمة 468 مليار دولار يُحتمل أنها تُنتج بالاعتماد على عمالة قسرية، مقارنة بمبلغ 354 مليار دولار الوارد في التقرير السابق.
وتبقى الأجهزة الإلكترونية المُنتج الأكبر قيمة الذي يحمل هذا الخطر، تليها الملابس وزيت النخيل وألواح الطاقة الشمسية، في مؤشر على الطلب الكبير على منتجات الطاقة المتجددة. وأشار التقرير إلى أن العبودية الحديثة تشمل “عبودية الدين والاستغلال الجنسي لأهداف تجارية، وتهريب البشر والممارسات التي تشبه العبودية وبيع واستغلال الأطفال”([11]).
وهناك نحو سبعة ملايين شخص يعيشون في العبودية الحديثة في إفريقيا في عام 2021م، بمعدل انتشار 5,2 شخص لكل ألف. احتلت إفريقيا المركز الرابع من حيث معدل انتشار العبودية الحديثة بين مناطق العالم الخمس. وكان العمل القسري هو الشكل الأكثر شيوعًا للعبودية الحديثة في المنطقة، بمعدل 2,9 لكل ألف شخص، في حين كان الزواج القسري بمعدل 2,4 لكل ألف([12]). بينما كان عدد الأشخاص الذين يعيشون في العبودية الحديثة في منطقة إفريقيا جنوب الحراء نحو 6,34 مليون شخص بعدل انتشار 6,97 شخص لكل 1000. وفقًا للجدول (1).
عند النظر في العدد الإجمالي للأشخاص الذين تعرَّضوا للزواج القسري في جميع أنحاء العالم، كان 13% (3,2 مليون) في إفريقيا، وهي الثانية بعد آسيا والمحيط الهادئ، التي تضم 65% أعلى حصة من الزيجات القسرية في العالم. وكان 14% من جميع الأشخاص الذين يعملون بالسخرة موجودين في إفريقيا (3,8 مليون)، وهي ثالث أعلى نسبة بعد آسيا والمحيط الهادئ (55%) وأوروبا وآسيا الوسطى (15%). وكانت البلدان التي لديها أعلى معدل انتشار للعبودية الحديثة في إفريقيا هي إريتريا وموريتانيا وجنوب السودان. والبلدان التي لديها أدنى معدل انتشار للعبودية الحديثة في إفريقيا هي موريشيوس وليسوتو وبوتسوانا([13]).
يعاني ما يقرب من 4 ملايين رجل وامرأة وطفل من العمل القسري في إفريقيا، لا سيما في قطاعات التعدين والزراعة وصيد الأسماك والعمل المنزلي. ويتعرض الباحثون عن عمل من الأفارقة، الذين ضلَّلهم التجار بوعود كاذبة، للعمل القسري في الخارج، كما هو الحال في إفريقيا([14]). كما يتم استغلال الأطفال في سعيهم للتعليم. على سبيل المثال، في ظل نظام الكونفياج (الثقة) في توجو، يتم إرسال الأطفال من المناطق الريفية إلى المدن لإكمال تعليمهم والعيش مع أقاربهم، الذين قد يجبرونهم على العبودية المنزلية([15])، والفتيات النيجيريات الباحثات عن عمل كمساعدات في المنازل للمساعدة في دفع تكاليف التعليم يخضعن أيضًا إلى العبودية المنزلية([16])، وفي السنغال، يُجبَر الطلاب على التسول.
يؤثر الزواج القسري بشكل خاص على النساء والفتيات؛ حيث تعرَّضت واحدة من كل 300 أنثى في المنطقة للزواج القسري مقارنةً بواحد من كل ألف ذكر. وفي أعقاب جائحة كورونا زادت التقارير عن زواج الأطفال في السودان والكونغو الديمقراطية([17])، وتضاعفت هذه الحالات في المجتمعات المحلية في السنغال وأوغندا. وتتعرَّض النساء والفتيات اللاتي يعشن في مناطق النزاع أيضًا للزواج القسري وزواج الأطفال، بما في ذلك أنه يصبح آلية تكيّف سلبية مِن قِبَل الأسر لحمايتهن من المزيد من العنف ومِن قِبَل المقاتلين([18]) الذين يختطفون ويتزوجون ويستغلون النساء والفتيات كعبيد منزليين وجنسيين([19]).
كما يُستخدم الاستغلال الجنسي التجاري القسري للنساء والفتيات كسلاح حرب مِن قِبَل الجماعات الحكومية وغيرها في جمهورية إفريقيا الوسطى والكونغو الديمقراطية والصومال وجنوب السودان والسودان، ومِن قِبَل طرفي الحرب الأهلية في منطقة تيغراي بإثيوبيا. ([20])
وعلى الرغم من أن هذه الأرقام هي الأكثر موثوقية حتى الآن، إلا أنها تقديرات مُتحفّظة بالنظر إلى الفجوات والقيود المفروضة على جمع البيانات في إفريقيا. ليس من الممكن إجراء دراسات استقصائية تمثيلية على المستوى الوطني في البلدان التي تعاني من صراعات عميقة، مما يؤدي إلى التقليل من أشكال العبودية الحديثة مثل تجنيد الأطفال. على الرغم من الثغرات في البيانات، تشير التقارير إلى أنه تم تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة في الكونغو الديمقراطية، ومالي، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وموزمبيق، ونيجيريا، وليبيا، وجنوب السودان، والسودان، والنيجر، والكاميرون، وتشاد، وبوركينا فاسو، والصومال.
العبودية في موريتانيا
في عام 1981م، أصبحت موريتانيا آخر دولة في العالم تلغي العبودية، ورغم مرور أكثر من 4 عقود على هذه الخطوة التي تلتها قرارات وقوانين لتجريم الرقّ؛ يكشف تقرير حديث أن ممارسات وأشكال الاستعباد المختلفة ما زالت شائعة. وحلَّت موريتانيا في المرتبة الثالثة عالميًّا والأولى عربيًّا في تقرير “مؤشر الرِّقّ العالمي”، والذي كشف عن وجود 149 ألف موريتاني يعانون من “عبودية حديثة”، أي ما يمثل 32 شخصًا من بين كل ألف مواطن.
وأصدرت موريتانيا قبل ثماني سنوات قانونًا ينص على تجريم الرِّقّ واعتباره “جريمة ضد الإنسانية”، وأفردت له عقوبات تصل إلى السجن 20 عامًا، كما أنشأت محاكم خاصة لمعالجة قضاياه، إلا أن الظاهرة، ورغم كل هذه المحاولات، تبقى مستمرة بأشكالها التقليدية والمعاصرة. وأفاد التقرير الجديد أن العبودية في موريتانيا تقوم أساسًا على أُسس عرقية؛ حيث يُجبَر السكان على العمل في الزراعة والعمل المنزلي، وغيرهما. وأن أشكال العبودية الحديثة ونظيرتها القائمة على النسب، لا تزال منتشرة داخل وبين جميع المجموعات العرقية الرئيسية في البلاد؛ حيث يتعرَّض المُستعبَدون، ولا سيما النساء والأطفال، للعنف وسوء المعاملة، بما في ذلك العنف الجنسي، كما يعاملون كـ”ممتلكات”([21]).
العبودية في مالي
مالي هي الدولة الوحيدة في منطقة الساحل التي لا يوجد بها تشريع محدد يُجرّم الاسترقاق. وعلى الرغم من عدم وجود بيانات بشأن عدد الأشخاص الذين وُلِدُوا في العبودية، لكنَّ تقديرات بعض المنظمات تقول: إن هناك ما لا يقل عن 800 ألف ضحية، بما في ذلك 200 ألف شخص يعيشون “تحت السيطرة المباشرة لأسيادهم”. كما أن العبودية القائمة على النسب “منتشرة” في المناطق الوسطى والشمالية من البلاد، بما في ذلك تمبكتو وغاو وكيدال. ومنطقة كايس في غرب مالي. والأشخاص الذين وُلِدُوا في العبودية في مالي مُجْبَرون على العمل بدون أجر، ويمكن أن يُتوارثوا، وهم محرومون من حقوق الإنسان الأساسية. وتشمل هذه الانتهاكات “أعمال العنف والاعتداء والتعذيب، وغيرها من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والإذلال العلني، والإهانات، والترهيب، والاختطاف، والاغتصاب الذي يرتكبه “الأسياد” بصورة يومية ضد “العبيد”. كما يُمنَع الضحايا من استخدام الخدمات الاجتماعية الأساسية من مضخات المياه إلى المرافق الصحية([22]).
جدول رقم (1) معدل الانتشار التقديري وعدد الأشخاص
الخاضعين للرق المعاصر في إفريقيا جنوب الصحراء لعام 2023م
Walk Free 2023, Global Slavery Index 2023. Available from: https://www.walkfree.org/global-slavery-index/
ثانيًا: أسباب التعرُّض للرّقّ المعاصر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء
تعاني إفريقيا من أعلى مستويات التعرض للعبودية الحديثة بين جميع المناطق، وهي موطن للدول الأربعة الأكثر عُرْضة للخطر: جنوب السودان، والصومال، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وجمهورية الكونغو الديمقراطية. وكانت موريشيوس هي الأقل عُرْضَة للخطر في المنطقة.
وكان الدافع الأكبر للضعف هو التمييز ضد المهاجرين والأقليات الثقافية والعرقية. وهناك قضايا مشتركة بين البلدان الأكثر ضعفًا؛ مثل الصراع، وعدم الاستقرار السياسي، والنزوح الجماعي والفقر. لقد أدت تأثيرات كوفيد-19 إلى تفاقم خطر العبودية الحديثة في جميع أنحاء المنطقة.
من جهة أخرى؛ كان التعرض للعبودية الحديثة مدفوعًا بارتفاع خطر التمييز على أساس وضع الهجرة، والعِرْق، والانتماء العرقي، والنوع. في مالي وموريتانيا والنيجر وتشاد والسودان، يُولَد الناس، غالبًا من مجموعات الأقليات العرقية، في العبودية ويُشترون ويُتاجرون ويُباعون([23]).
وفي موريتانيا والنيجر ومالي، تنتشر العبودية العرقية على نطاق واسع، ويتجلى التمييز الطبقي في العبودية على أساس النسب([24]).
وفي موريتانيا، على سبيل المثال، تميل العبودية إلى اتباع خطوط عنصرية؛ حيث يُجبر الحراطين السود عادةً على العمل لصالح مجتمع “المور البيض” ذوي البشرة الفاتحة في الزراعة والعمل المنزلي([25]).
وعلى الرغم من بعض الإصلاحات القانونية، فإن ممارسة “الواهايا” لا تزال مستمرة في شمال نيجيريا والنيجر؛ حيث يتم بيع الفتيات المولودات في العبودية وإخضاعهن للعبودية المنزلية والجنسية.([26])
وظلت بعض بلدان المنطقة تعاني من عدم الاستقرار السياسي، وضعف سيادة القانون، والفساد، وكلها عوامل تزيد من خطر العبودية الحديثة. وبشكل عام، كانت قضايا الحوكمة ثاني أكبر مُحرّك للضعف في المنطقة. واجَه جنوب السودان والصومال اشتباكات عنيفة وعدم استقرار سياسي. منذ عام 2020م إلى أوائل عام 2022م، حدثت العديد من الانقلابات العسكرية في المنطقة: في بوركينا فاسو وتشاد وغينيا ومالي والسودان، بالإضافة إلى الانقلابات العسكرية الفاشلة خلال عام 2020م في النيجر وغينيا بيساو. يمكن أن تتسبب هذه الاضطرابات السياسية في النزوح وتعطيل الاستجابات الوطنية للعبودية الحديثة، مما يُعرّض الناس لخطر أكبر([27]).
كما أن الفقر وعدم المساواة الاقتصادية يؤديان إلى الضعف في منطقة إفريقيا. حيث يعيش 35% من سكان إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى في فقر. يمكن أن يدفع الفقر الأُسر اليائسة إلى تزويج بناتها لتقليل تكاليف الأسرة وتوليد الدخل من خلال الحصول على مهر العروس. وقد تطلب الأسر التي تعيش في فقر مدقع أيضًا نفقتها الخاصة الأطفال لدخول سوق العمل. في عام 2020م، كان عدد الأطفال العاملين في إفريقيا جنوب الصحراء أكبر من عددهم في بقية دول العالم مجتمعة. ويزيد انتشار عمالة الأطفال على نطاق واسع من خطر أسوأ أشكال عمل الأطفال. كما يؤدي الفقر وفرص العمل المحدودة في إفريقيا إلى الهجرة، التي يزيد من خطر الاستغلال مِن قِبَل القائمين على توظيف العمالة. هذه الهجرة في الغالب داخل المنطقة، وتتميز بحركة العمال ذوي المهارات المنخفضة، لا سيما في القطاعات التي تتميز بارتفاع الطلب مثل الزراعة وتربية الأحياء المائية والبناء واستخراج الموارد والعمل المنزلي([28]).
ويوضّح جدول رقم (2) تلك الأسباب لكل دولة في الاقليم.
جدول رقم (2)
أسباب التعرض للرق المعاصر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء ودرجة تأثيرها
Walk Free 2023, Global Slavery Index 2023. Available from: https://www.walkfree.org/global-slavery-index/
ومقارنةً بالمناطق الأخرى؛ تتأثر أجزاء من إفريقيا بشدة بالصراعات. في نهاية عام 2020م، كان هناك أكثر من 24 مليون نازح داخليًّا في إفريقيا جنوب الصحراء، معظمهم نزحوا بسبب النزاع والعنف. وفي نيجيريا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وجنوب السودان، انتشرت العبودية الحديثة والانتهاكات ذات الصلة ولم تكن هذه الأمراض منتشرة بين النازحين داخليًّا فحسب، بل كانت مرتبطة ارتباطًا وثيقًا بالصراع. وكان مرتكبو الانتهاكات المتعلقة بالعبودية إلى حد كبير أعضاء في الجماعات المسلحة أو القوات المسلحة الذين استغلوا عمدًا السكان النازحين لمواصلة عملياتهم المرتبطة بالنزاع. كما لا تزال هناك مخاطر داخل مخيمات النازحين داخليًّا. على سبيل المثال، خفَّفت بعض المخيمات في شرق السودان من مستوى الأمن، وبالتالي أصبحت أهدافًا للمتاجرين. ولن يتزايد عدد الأشخاص النازحين من منازلهم إلا مع تغيُّر المناخ. تشير التقديرات إلى أنه بدون اتخاذ أيّ إجراء بشأن تغيُّر المناخ سيكون هناك 86 مليون مهاجر داخلي بسبب المناخ في إفريقيا جنوب الصحراء بحلول عام 2050م ويكون السكان النازحون مُعرّضين بشدة للإساءة والاستغلال([29]).
وقد كانت المجموعات المحرومة وقضايا الحوكمة هي الأكثر تفسيرًا لأسباب التعرض للعبودية الحديثة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بوزن نسبي 14%، و12,30% على التوالي ثم نقص الاحتياجات الأساسية وعدم المساواة، وأخيرًا آثار الصراع. وفقًا للشكل التالي.
شكل رقم (3)
الوزن النسبي لأسباب للرق المعاصر في بلدان إفريقيا جنوب الصحراء
المصدر: الباحث من تقرير مؤشر العبودية الحديثة 2023م.
المحور الثالث
درجة استجابة الحكومات الإفريقية للرّقّ المعاصر والممارسات الواعدة
أولاً: درجة استجابة الحكومات الإفريقية للرّقّ المعاصر
بتقييم استجابات الحكومات للعبودية الحديثة في 51 دولة في القارة الإفريقية. سجّلت الحكومات في جميع أنحاء المنطقة متوسط 36%، وهو أضعف متوسط استجابة في جميع المناطق. وبشكل عام، في الوقت الذي قامت الحكومات بتحسين إجراءات تحديد الهوية والأطر القانونية، ظلت الفجوات في الخدمات المتاحة للناجين قائمة، ولم يتم اتخاذ سوى إجراءات محدودة لمعالجة عوامل الخطر المنهجية للعبودية الحديثة.
في حين حددت ثلاثة بلدان القطاعات عالية المخاطر، واتخذت إجراءات بشأنها لمعالجة العبودية الحديثة، لم يتخذ أيّ بلد مزيدًا من الإجراءات لمكافحة العبودية الحديثة في سلاسل التوريد الحكومية والتجارية. تم استبعاد جنوب السودان من تقييم الإجراءات الحكومية بشأن العبودية الحديثة بسبب الصراع المستمر والتعطيل الشديد لوظيفة الحكومة.
ومن بين البلدان الأربعة التي حصلت على أقوى الاستجابات نيجيريا، وجنوب إفريقيا، ورواندا، وتونس. وتتفوق رواندا في الأداء على جيرانها الأكثر ثراء مثل سيشيل وليبيا وموريشيوس وغينيا الاستوائية وبوتسوانا. وكانت نيجيريا (54%)، وجنوب إفريقيا (53%) ورواندا (50%) هي الدول التي لديها أقوى الاستجابات للعبودية الحديثة في المنطقة. تعالج كل من نيجيريا وجنوب إفريقيا بقوة عوامل الخطر التي تؤدي إلى العبودية الحديثة، وتوفر الحماية الكافية للمواطنين في الخارج([30]).
وتمتلك إريتريا أضعف استجابة حكومية للعبودية الحديثة في إفريقيا، وثاني أضعف استجابة على مستوى العالم (5%)، تليها ليبيا (10%). وقد تم تقويض استجابات إريتريا وليبيا من خلال العمل القسري الذي تفرضه الدولة. يُجبر المواطنون الإريتريون الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و40 عامًا على العمل لأجل غير مسمى في نظام التجنيد والخدمة الوطنية الإلزامية الذي تطبّقه الحكومة. ويتعرَّضون للتهديد بالتعذيب أو السجن أو إيذاء أفراد أُسرهم في حال رفضهم الامتثال. وفي ليبيا، لا يزال يتم الاتجار بالمهاجرين، ويتم بيعهم في “أسواق العبيد”؛ حيث يتم تعذيبهم للحصول على فدية أو استغلالهم في العمل القسري. وفي بعض الحالات، يكون السبيل الوحيد للخروج من مراكز احتجاز المهاجرين هو بيعهم لأصحاب العمل([31]).
اتخذت العديد من البلدان في إفريقيا إجراءات لتحسين استجابتها للعبودية الحديثة منذ تقييم عام 2018م. قدمت أنجولا خطة العمل الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، وخصصت التمويل والدعم لتشغيل الملاجئ([32]). ونفَّذت ناميبيا آلية إحالة وطنية وزودت مسؤولي الشرطة والهجرة بأدلة جيب حول الإجراءات([33]). واللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والممارسات المماثلة في غينيا اتخذت إجراءات تشغيل موحدة لتحديد هوية الضحايا والعمل على دعمهم، ولكن ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات قد تم تفعيلها بصورة كاملة([34]).
لم تقم أي دولة في إفريقيا بتجريم جميع أشكال العبودية الحديثة بشكل كامل، ومع ذلك فقد تحسَّنت الأُطُر القانونية على مدى السنوات الأربع الماضية. على سبيل المثال، خلال هذه الفترة، دخل بروتوكول منظمة العمل الدولية لعام 2014م الملحق باتفاقية العمل الجبري لعام 1930م حيّز التنفيذ في زيمبابوي وملاوي ومدغشقر وليسوتو وسيراليون والسودان وكوت ديفوار([35]). علاوة على ذلك، جمهورية الكونغو تمَّ تجريم الاتجار بالبشر في التشريعات المحلية في عام 2019م. ([36]) ومن المشجّع أن 48 حكومة من أصل 51 حكومة قدمت تدريبًا أساسيًّا على تحديد هوية الضحايا للشرطة العامة. فقط موريتانيا وليبيا والسودان لم تفعل ذلك.
وقد أظهر تنسيق الاستجابات للعبودية الحديثة بعض التحسن في جميع أنحاء المنطقة. وفي حين قامت 12 دولة في المنطقة بتقديم أو تنفيذ خطط عمل وطنية لمعالجة العبودية الحديثة على مدى السنوات الأربع الماضية، فشلت ثلاث دول في تجديد خططها السابقة، وظلت 10 دول بدون استراتيجيات رسمية لمكافحة أيّ شكل من أشكال العبودية الحديثة. تسعة بلدان فقط من أصل 41 دولة لديها برامج عمل وطنية، قامت بتمويل الأنشطة ضمن تلك الخطط بالكامل (أنغولا، بوتسوانا، بوروندي، الرأس الأخضر، إسواتيني، غامبيا، غانا، غينيا، ومالي). ويضمن ما يقل قليلاً عن نصف الحكومات في إفريقيا بتوفير الخدمات لجميع الناجين من العبودية الحديثة، وتضمن 28 حكومة توفير الخدمات الملائمة للأطفال. وفي كينيا، توفر خمسة مراكز لحماية الأطفال خدمات متخصصة للناجين من الاتجار بالأطفال وعمل الأطفال([37]).
إن عوامل الخطر مثل المواقف والأنظمة الاجتماعية والمؤسسات التي تمكن العبودية الحديثة لا يتم التعامل معها بشكل جيد في المنطقة. لا يوجد سوى خمسة بلدان في إفريقيا يستطيع فيها جميع الأطفال الوصول إلى أنظمة تسجيل المواليد، وحيث يمتلك أكثر من 95% منهم شهادة ميلاد مسجلة (مصر والمغرب وتونس وجمهورية الكونغو والجزائر). لا توجد حكومة في المنطقة تضمن حصول الجميع على الرعاية الصحية. علاوة على ذلك، يمكن للأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 عامًا الزواج بشكل قانوني في جميع البلدان باستثناء كوت ديفوار وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر وغانا وكينيا ورواندا وملاوي وموزمبيق وزيمبابوي.
من جهة أخرى، تم اقتراح مشروع قانون في الصومال في أغسطس 2020م يسمح للقاصرين بالزواج على أساس النضج الإنجابي، بغض النظر عن العمر. وعلى الرغم من عدم إقرار مشروع القانون في نهاية المطاف، فإنه يكشف عن خطوة إلى الوراء فيما يتعلق بالمساواة بين الجنسين.
وتوجد أنظمة تسمح لطالبي اللجوء بطلب الحماية في 22 دولة في المنطقة. لا توجد دولة في شمال إفريقيا لديها أنظمة مناسبة لأولئك الذين يسعون إلى الفرار من الأزمات الإنسانية، على الرغم من كون المنطقة دون الإقليمية طريقًا منتظمًا للهجرة. كما يعيق الفساد والتواطؤ الجهود المبذولة لمكافحة العبودية الحديثة في 36 دولة من أصل 51 دولة. في ليبيا، يرتكب المسؤولون العاملون في سلطات خفر السواحل والدفاع والهجرة والأمن جرائم العبودية الحديثة دون خوف من التحقيق أو العواقب. بالإضافة إلى ذلك، تفيد التقارير أن العمل القسري الذي تفرضه الدولة يحدث في ليبيا، إريتريا، مصر، مالي، رواندا، وزيمبابوي.
غانا وكوت ديفوار، ومؤخرًا جمهورية الكونغو الديمقراطية، هي الدول الوحيدة في المنطقة التي حددت القطاعات عالية المخاطر، واتخذت إجراءات للقضاء على العبودية الحديثة داخل سلاسل التوريد. تعد غانا وكوت ديفوار جزءًا من بروتوكول هاركين-إنجل لمكافحة عمالة الأطفال في قطاع الكاكاو، بينما أنشأت جمهورية الكونغو الديمقراطية في عام 2019م هيئة تنظيمية لمعالجة عمل الأطفال في مناجم الكوبالت والكولتان.
ومع ذلك، فإن باقي الحكومات في إفريقيا لم تتخذ إجراءات أوسع مثل سن التشريعات أو قوانين العناية الواجبة في مجال حقوق الإنسان لضمان توقف الحكومة والشركات عن الحصول على السلع والخدمات التي ينتجها العمل القسري([38]). والجدول رقم (3) يبين أدوات استجابة الحكومات في إقليم إفريقيا جنوب الصحراء لمكافحة الرِّقّ المعاصر على حسب الدولة.
جدول رقم (3)
درجة استجابة الحكومة الإفريقية للرق المعاصر
Walk Free 2023, Global Slavery Index 2023. Available from: https://www.walkfree.org/global-slavery-index/
ثانيًا: الممارسات الواعدة في إفريقيا
يتم تنفيذ أكثر من 20% من البرامج التي تم تقييمها والموجودة في قاعدة بيانات الممارسات الواعدة في إفريقيا. وتغطي هذه البرامج 42 دولة في المنطقة، وتستهدف عدة أنواع من العبودية الحديثة، بما في ذلك الاتجار بالبشر، والزواج القسري أو الاستعبادي أو المبكر، وأسوأ أشكال عمل الأطفال، واستخدام الأطفال كجنود أو استغلال الأطفال مِن قِبَل الجماعات المسلحة. كانت حملات التوعية والتعليم الرسمي هي التدخلات الأكثر شيوعًا التي تم تقديمها في البرامج التي تم تقييمها. وبشكل عام، حقق أكثر من 80% من البرامج المقدَّمة في إفريقيا بعض أو كل أهدافها، ومع ذلك لم يكن هناك سوى 13 برنامجًا تم تقييمها لديها منهجية تقييم موثوقة، وسجلت 3 درجات أو أعلى على مقياس ميريلاند([39]).
يثير تقييم تأثير برنامجين للتحويلات النقدية غير المشروطة تديرهما الحكومة على معدلات الزواج المبكر والخصوبة في ملاوي وزامبيا أسئلة مثيرة للاهتمام حول دور التحويلات النقدية في معالجة العبودية الحديثة. ووجد التقييم أن التأثير على الانتقال الآمن للشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 14 و21 عامًا إلى مرحلة البلوغ (أي: تأخر الحمل والزواج) كان محدودًا في كلا البلدين، باستثناء التأثير الوقائي على زواج الشباب الذكور في ملاوي. قد يشير هذا إلى الأثر المحدود للتحويلات النقدية؛ ومع ذلك، وجدت قاعدة بيانات الممارسات الواعدة وغيرها من المراجعات المنهجية أن التحويلات النقدية هي من أكثر التدخلات الواعدة، لا سيما عندما يُنظَر إليها كجزء من مجموعة تدخلات شاملة ومتعددة القطاعات([40]).
خاتمة وتوصيات
يوجد في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء 12,68% من الأشخاص الخاضعين للرق المعاصر أو العبودية الحديثة في العالم، أو ما يقارب الستة ملايين ونص المليون شخص، من بين أكثر من 50 مليون شخص عاشوا أوضاعًا تُمثّل عبودية حديثة على مستوى العالم في العام 2023م. الرِّقّ الذي زاد بنسبة 20% أو الخمس عن آخر مرة تم قياس المشكلة فيها عام 2016م، كانت المجموعات محرومة من الحوكمة، ونقص الاحتياجات الأساسية، وعدم المساواة وآثار الصراعات على التوالي هي المفسِّرة لـ65% منه.
ويظهر جليًّا أن تراجع مستويات التنمية، والمشكلات الإقليمية المشتركة، وعدوى الصراعات والنزاعات والانقلابات هي العوامل التي خلقت المجموعات المحرومة والنازحين، فضلاً عن الفساد وعدم المساواة؛ وهي تتراوح بين المشكلات المحلية والإقليمية، تمثل أكثر من ثلثي الأسباب التي تجعل هذا العدد من الأفارقة يعيشون أوضاعًا تُمثِّل عبودية صريحة أو أوضاعًا تمثلها. كما كانت استجابات معظم بلدان الإقليم غير كافية أو ليست موضوعًا جديرًا بالاهتمام. ومن ذلك يمكن تقديم بعض التوصيات للحكومات؛ من أهمها ما يلي:
- ضمان توفر خدمات الدعم لجميع الناجين من العبودية الحديثة -النساء والرجال والأطفال-، وأن تحظى خدمات الدعم هذه بالموارد المناسبة.
- على حكومات إريتريا ومالي ورواندا وزيمبابوي أن تضع حدًّا فوريًّا للعمل القسري الذي تفرضه الدولة، من خلال إلغاء التشريعات وتجريم الممارسات التي تسمح بحدوثها.
- رفع الحد الأدنى للسن القانوني للزواج إلى 18 عامًا دون استثناء ودعم النساء والفتيات من خلال زيادة فرص الحصول على التعليم وتوفير البرامج الاجتماعية.
- تعزيز الحماية الاجتماعية، مثل تسجيل المواليد، والحصول على التعليم، والتأمين ضد البطالة، والرعاية الصحية الشاملة، والإجازات المرضية للحدّ من التعرض للزواج القسري وتزويد العمال بأمن الدخل الأساسي. توسيع نطاق الحماية الاجتماعية لتشمل العاملين في القطاع غير الرسمي على وجه الخصوص.
- تحديد القطاعات المعرَّضة لخطر العمل الجبري، والعمل مع الشركات والمجتمع المدني لتطوير مبادرات للقضاء على العمل الجبري واستغلال العمالة.
……………………………………………………………………………………………………………………………………..
[1]) مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إلغاء الرق وأشكاله المعاصرة (جنيف: الأمم المتحدة، 2002م) ص ص: 3-4.
[2] ) مفوضية الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، م.س.ذ. ص45.
[3]) د. حميد ياسر الياسري، جدلية العلاقة بين الفقر والعبودية وبعض مؤشرتها الحديثة دراسة في الجغرافية السياسية، مجلة كلية التربية (أسيوط: جامعة أسيوط، الجزء الثاني، العدد 37 ،2019م) ص 540.
[4] ) د. حميد ياسر الياسري، م.س.ذ. ص545.
[5]) المرجع السابق، نفس الصفحة.
[6]) منظمة حرروا العبيد، الخطة الاستراتيجية 2021 -2031م، ص 5. متاح على الرابط: https://freetheslaves.net/wp-content/uploads/2021/12/FtS_strategic_plan2021_finall_ara.pdf
[7]) walkfree, The Global Slavery Index 2023 .p.8.
[8]) walkfree, The Global Slavery Index 2023 .Op.cit. p.8.
[9]) Idem.
[10]) walkfree, The Global Slavery Index 2023 .Op.cit,p.8.
[11]) https://m.annabaa.org/arabic/rights/35178
[12]) Walkfree , The Global Slavery Index / Regional Finding Modern Slavery in Africa Regional Highlights: https://www.walkfree.org/global-slavery-index/findings/regional-findings/africa/
[13]) Idem.
[14]) Office to Monitor and Combat Trafficking in Persons 2021, Trafficking in Persons Report, United States Department of State. at: https://www.state.gov/wp-content/uploads/2021/09/TIPR-GPA-upload-07222021.pdf.
[15]) United Nations General Assembly 2020, Visit to Togo: Report of the Special Rapporteur on contemporary forms of slavery, including its causes and consequences A/HRC/45/8/Add.1. at: https://undocs.org/A/HRC/45/8/Add.1.
[16]) Odey, D 2021, ‘A long way from home: The child ‘house helpers’ of Nigeria’, Aljazeera, 15 July. at: https://www.aljazeera.com/features/2021/7/15/a-long-way-from-home-the-child-house-helpers-of-nigeria
[17]) Philipose, A 2020, Child marriage in COVID-19 Contexts, United Nations Children’s Fund & United Nations Population Fund. at: https://www.unicef.org/esa/media/7651/file/Child-Marriage-in-COVID-19-contexts.pdf.
[18]) Mlaba, K 2022, ‘How Do Women and Girls Experience the Worst of War?’,at: https://www.globalcitizen.org/en/content/women-and-girls-impacts-war-conflict/.
[19]) Benstead, L & Van Lehman, D 2021, ‘Two classes of ‘marriage’: Race and sexual slavery in Al-Shabaab-Controlled Somalia’, The Journal of Middle East and Africa, vol. 12, no. 4, pp. 385-403. DOI:10.1080/21520844.2021.1923998
[20]) United Nations General Assembly Security Council 2021, Children and armed conflict: Report of the Secretary-General A/75/873-S/2021/437. at: https://undocs.org/S/2021/437
[21]) https://m.annabaa.org/arabic/rights/35178
[22]) Idem.
[23]) United Nations General Assembly 2015, Report of the Special Rapporteur on contemporary forms of slavery, including its causes and consequences, Urmila Bhoola A/HRC/30/35/Add.1, pp. 8-10. Available from: https://undocs.org/en/A/HRC/30/35/Add.1
[24]) Idem.
[25]) Peyton, N 2020, ‘Activists warn over slavery as Mauritania joins U.N. human rights council’, Reuters, 27 February. at: https://www.reuters.com/article/us-mauritania-slavery-un-idUSKCN20K2GS.
[26]) ————- 2019, ‘No more ‘fifth wife’ sex slaves and maids, Niger’s top court rules’, Reuters, 20 March. at: https://www.reuters.com/article/us-niger-slavery-court-idUSKCN1R11TE.
[27]) Walkfree , The Global Slavery Index.Op.cit.
[28] )Idem.
[29]) Walkfree , The Global Slavery Index.Op.cit.
[30]) Walkfree , The Global Slavery Index.Op.cit.
[31]) Idem.
[32]) Office to Monitor and Combat Trafficking in Persons 2021, Trafficking in Persons Report – Namibia Country Narrative, United States Department of State, p. 407. at: https://www.state.gov/wp-content/uploads/2021/07/TIP_Report_Final_20210701.pdf.
[33]) Office to Monitor and Combat Trafficking in Persons 2021, Trafficking in Persons Report – Namibia Country Narrative, United States Department of State, p. 407.at: https://www.state.gov/wp-content/uploads/2021/07/TIP_Report_Final_20210701.pdf.
[34]) Office to Monitor and Combat Trafficking in Persons 2021, Trafficking in Persons Report – Guinea Country Narrative, United States Department of State, p. 263. at: https://www.state.gov/wp-content/uploads/2021/07/TIP_Report_Final_20210701.pdf
[35]) International Labour Organization NORMLEX Ratifications of P029 – Protocol of 2014 to the Forced Labour Convention, 1930, International Labour Organization. : https://www.ilo.org/dyn/normlex/en/f?p=NORMLEXPUB:11300:0::NO::P11300_INSTRUMENT_ID:3174672%20.
[36]) Office to Monitor and Combat Trafficking in Persons 2020, Trafficking in Persons Report: Republic of Congo Narrative, United States Department of State, p. 166. at: https://www.state.gov/wp-content/uploads/2020/06/2020-TIP-Report-Complete-062420-FINAL.pdf.
[37]) Walkfree The Global Slavery Index .Op.cit.
[38]) Idem.
[39]) https://doi.org/10.1080/23322705.2020.1690097.
[40]) Walkfree , The Global Slavery Index.Op.cit.