أثيوبيا أنجولا أوغندا إريتريا اسواتيني  افريقيا الوسطى الجابون الجزائر الرأس الأخضر السنغال السودان الصومال الكاميرون الكونغو الكونغو الديمقراطية المغرب النيجر بنين بوتسوانا بوركينا فاسو بوروندي تشاد تنزانيا توغو تونس جزر القمر جنوب أفريقيا جنوب السودان جيبوتي رواندا زامبيا زيمبابوي ساو تومي وبرينسيبي سيراليون غامبيا غانا غينيا غينيا الاستوائية غينيا بيساو كوت ديفوار كينيا ليبيا ليبيريا ليسوتو مالاوي مالي مدغشقر مصر موريتانيا موريشيوس موزمبيق ناميبيا نيجيريا

مخاطر تمدُّد تنظيم الدولة "داعش" في منطقة القرن الإفريقي

 

كان انحسار تنظيم الدولة الإسلامية المكنَّى بـ"داعش"، وهزيمته في المشرق العربي (سوريا والعراق) على يد التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية دافعًا له للانطلاق نحو قارة إفريقيا التي تُمثِّل بيئة مناسبة تسمح له بالتمدد في مختلف أرجائها. وإذ يمثل القرن الإفريقي أحد أهم المناطق الاستراتيجية في القارة، شرع تنظيم "داعش" في بناء مشروعه الجديد في المنطقة في سبيل تدشين ولاية جديدة منضوية تحت لوائه أسماها "ولاية شرق إفريقيا".

 

أولاً: نشاط "داعش" في المنطقة

كان الظهور الأول لتنظيم "داعش" في منطقة القرن الإفريقي في أكتوبر 2015م. وقد تزامن ذلك مع تمدده في قارة إفريقيا في إطار استراتيجيته التي ارتكزت على اتساع رقعته الجغرافية على أوسع نطاق. فقد أعلن عن نفسه في دولة الصومال عقب انشقاق خلية تضم عناصر سابقين من حركة شباب المجاهدين بلغ عددها حوالي 20 عنصرًا بقيادة القيادي السابق بالحركة "عبدالقادر مؤمن"، وهو صومالي يحمل الجنسية البريطانية. وأعلنت مبايعتها "داعش" في تسجيل صوتي منسوب لقائدها نُشِرَ في منصة "يوتيوب"، جاء فيه: (نحن، مجاهدو الصومال، نعلن الولاء للخليفة إبراهيم بن عوض بن إبراهيم عوض القرشي "أبو بكر البغدادي").

وقد تضاعفت أعداد هذه الخلية في ظل عملية الاستقطاب التي يُروِّج لها التنظيم عقب الإعلان عن نفسه، والتوسع في عمليات الانشقاق بين صفوف عناصر حركة شباب المجاهدين ومبايعة داعش، وانضمام عناصر جديدة للأخير. ودفعت بعض التقديرات الغربية -ومنها الاستخبارات الأمريكية- إلى تحديد أعداد التنظيم في القرن الإفريقي بحيث تتراوح بين 70-300 عنصر. وتتمركز تلك العناصر في جبال "جل جلا" في ولاية بونت لاند بشمال شرق الصومال على بعد 70 كيلومترًا من مدينة بوصاصو الساحلية.

وقد دعا تنظيم "داعش" في عام 2015م أمير حركة الشباب المجاهدين في الصومال إلى مبايعته على غرار حركة بوكو حرام النيجيرية التي بايعت أبا بكر البغدادي. كما حرَّض الحركة على شنّ المزيد من الهجمات داخل كينيا وتنزانيا وإثيوبيا. فيما أشارت بعض التقارير إلى أن هناك نسبة قليلة لا تتجاوز 10% من 1400 جهادي صومالي يمكنهم تغيير ولائهم، وغالبًا ما تكون من بين الأعضاء الأصغر سنًّا. ففي أكتوبر 2015م اعتقلت حركة الشباب ما لا يقل عن 35 عنصرًا من عناصرها من بينهم أجانب في مدينة "جمامي" بإقليم جوبا السفلى بتهمة توزيع منشورات تدعو إلى مبايعة "البغدادي"، واستمرت في مطاردة عناصرها المنشقين عنها للانضمام لتنظيم داعش في البلاد.

ولم يتوقف نشاط داعش عند هذا الحدّ، بل حرص على خلق كيانات موالية له في منطقة القرن الإفريقي؛ من أجل توطين عناصره هناك، وضمّ موالين جدد له. ففي أبريل 2019م أُعلن عن ظهور ما يُعرَف بولاية "شرق إفريقيا" تابعة للتنظيم في دولتي الكونغو الديمقراطية وموزمبيق. كما شهد مارس 2016م مولد كيان جديد في المنطقة، وهي "حركة شرق إفريقيا" التي أعلنت مبايعتها وولاءها لأبي بكر البغدادي. وقامت الحركة بـأول عملية إرهابية ضد القوات الإفريقية في الصومال للإعلان عن ظهورها دون أن تُسفر عن أية خسائر مادية أو بشرية.

وهو ما يعكس رغبة التنظيم في تطويق دول القرن الإفريقي؛ من خلال توسيع رقعة انتشاره الجغرافية، وإيجاد موطئ قدم له في منطقة البحيرات العظمى والجنوب الإفريقي في ضوء استراتيجيته التوسعية في إفريقيا. وتمثل الصومال البوابة المثالية التي ينطلق منها التنظيم إلى باقي دول القرن الإفريقي والجوار الجغرافي؛ نظرًا لاعتبارات عدة، من أبرزها: الأوضاع الأمنية المضطربة التي تشهدها البلاد، والموقع الجغرافي المتميز في المنطقة، ولكون أغلبية الشعب الصومالي يدين بالإسلام (99%). وهو ما يجعلها بيئة مناسبة لانتشار أفكار التنظيم وتوسيع دائرة مؤيديه وأنصاره. ففي عام 2018م أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن القيام بـ67 عملية إرهابية في الصومال. بالإضافة إلى تورُّطه في أكثر من عملية اغتيال استهدفت بعض المسؤولين الصوماليين كان آخرها وزير التخطيط السابق في ولاية بونت لاند "شري حاج فارح" في أغسطس 2019م. فيما أوردت بعض التقارير أخبار عن تدشينه معسكرات لتدريب مقاتليه في البلاد، فضلًا عن انخراط المزيد من الأجانب في التنظيم.

وكان مجلس السلم والأمن الإفريقي قد حذَّر في عام 2016م من محاولة 2000-2500 عنصر من تنظيم "داعش" توطين أنفسهم في المناطق المضطربة في القارة الإفريقية؛ لا سيما في القرن الإفريقي والبحيرات العظمى، إلى جانب منطقة الساحل والصحراء. ومع استمرار تهديدات التنظيم للمجتمع الدولي صرح رئيس هيئة الأركان الأمريكية الجنرال "جوزيف دانفورد" في 29 يوليو 2019م بخطورة "داعش" برغم هزيمته في سوريا والعراق. وذلك بالتزامن مع استمرار الضربات العسكرية الأمريكية التي تستهدف عناصر التنظيم في مناطق تمركُّزه في شمال شرق الصومال خلال السنوات الثلاث الماضية.

فعلى الرغم من استهداف الطائرات الأمريكية، وبعض دول الجوار لمعاقل التنظيم من أجل القضاء عليه خلال السنوات الأخيرة. واستهداف بعض قيادات التنظيم مثل "الرجل الثاني عبدالحكيم محمد إبراهيم" في مارس/أبريل 2019م. وإشارة بعض الأنباء إلى مقتل زعيمه عبدالقادر مؤمن؛ إلا أن الأخير قد ظهر في تسجيل مرئي نشرته وكالة الأعماق التابعة لداعش (مدته حوالي 4 دقائق و45 ثانية)؛ لكي يجدّد البيعة لأمير التنظيم "البغدادي". وهو ما يعكس استمرار التنظيم، ورغبة قياداته في إظهار تماسكه، وإثبات وجوده في الساحة الصومالية والقرن الإفريقي برغم تعرُّضه لهجمات شرسة. وأنه لا يزال نَشِطًا في البلاد؛ رغم تعرُّضه لهجمات أمريكية في الصومال.

وفي تطوُّر لافت يعكس تمدُّد التنظيم في القرن الإفريقي؛ أعلنت إثيوبيا في سبتمبر 2019م لأول مرة القبض على أول خلية لداعش في البلاد. في الوقت الذي حذرت فيه تقارير استخباراتية صومالية من تنامي وجود التنظيم في البلاد. وتضم الخلية 20 شخصًا كانوا ينشطون في أقاليم أوروميا، وأمهرة، والإقليم الصومالي الإثيوبي، وإقليم شعوب جنوب إثيوبيا. وتدير الخلية أعمالها من المركز الرئيسي في منطقة "كولفي قرانيو" في العاصمة أديس أبابا. وهو ما يُعدّ إعلانًا رسميًّا لأول عن ظهور التنظيم في البلاد؛ حيث تشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 8 إثيوبيين منضمين إليه. هذا بالرغم من استهدافه للإثيوبيين بالأساس منذ عام 2015م بعد تورُّط عناصره في قتل 30 مواطنًا إثيوبيًّا في ليبيا.

فقد قام التنظيم في أغسطس 2019م ببثّ بعض التسجيلات المرئية التي تتضمن مواد جهادية باللغة الأمهرية -باعتبارها من أكثر اللغات انتشارًا واستخدامًا في إثيوبيا-؛ بهدف كسب مجندين جدد في إثيوبيا. حيث يرى داعش في إثيوبيا فرصة محتملة لتوسيع نفوذه وأنشطته الإرهابية في أنحاء إفريقيا. وذلك في ظل الاضطرابات التي تشهدها البلاد، مما يشكّل فرصةً جيدةً للتنظيم للتوسُّع الجغرافي وتمدّده والقيام بعمليات إرهابية في دول المنطقة لا سيما إثيوبيا.

وفي إطار سعي التنظيم إلى تعبئة وحشد وتجنيد المزيد من الموالين له في منطقة القرن الإفريقي؛ تمثل إثيوبيا أرضًا خِصبة بسبب الصراعات العرقية والاضطرابات السياسية التي يمكن أن تكون مرتعًا للصراعات الدينية. ففي إثيوبيا يُشكِّل المسلمون ما لا يقل عن 35% تقريبًا من إجمالي السكان الذي يتجاوز 100 مليون نسمة. ومن هنا تُمثّل هذه النسبة الكبيرة نسبيًّا أرضية مناسبة لانتشار أفكار تنظيم داعش. وتُعدّ قومية أورومو -تدين بالإسلام- من أكبر المجموعات العِرْقية في إثيوبيا، كما أنَّ لديها أشخاصًا منتشرين في أنحاء البلاد. ويُشكِّل بعض شبابها ما يُعرَف بحركة "قيرو" Qero (منظمة أورومو الشبابية السرية)، وهي حركة شبابية لديها أفكار متطرفة، وتمتلك أجندة طائفية؛ من بينها: الدعوة إلى التطهير العرقي، كما أنها تدعم بعض أفكار حركة شباب المجاهدين في الصومال. ومن ثَم فهي تمثل محطة محتملة مهمة في حال تم تجنيدها من قبل تنظيم داعش في إثيوبيا. لذلك، يسعى التنظيم إلى الاستفادة من الاضطرابات الراهنة في الدولة الإثيوبية لاستمالة الشباب المسلمين في إقليم أورومو.

وتحمل تلك التطورات مؤشرات مهمَّة للغاية؛ لعل أخطرها توسُّع التنظيم وانتشاره في البلاد في ظل تأكيد تنظيم داعش في الصومال على أنه يستمد عضويته بشكل رئيسي من دولتي الصومال وإثيوبيا؛ نظرًا للنسبة المرتفعة في أعداد المسلمين بهما. في الوقت الذي تؤكد فيه إثيوبيا رصدها لكافة تحركات التنظيم في القرن الإفريقي، وفي البلاد بشكل أكثر تحديدًا. ممَّا يستدعي احتمالات بشأن مواجهة محتملة بين إثيوبيا والتنظيم خلال المرحلة المقبلة في ظل تمدُّده السريع؛ مما يُشكِّل تهديدًا لأمن واستقرار المنطقة ومصالح دولها.

 

ثانيًا: أسباب ودوافع انتشار "داعش" في القرن الإفريقي

تسهم طبيعة الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، بالإضافة إلى العديد من المقومات التي تمتلكها منطقة القرن الإفريقي؛ في خلق المزيد من الدوافع لدى تنظيم داعش للانتشار في دولها، وفرض واقعٍ جديدٍ يُضْفِي هالة جديدة حول وضعيته الجديدة في إفريقيا عقب انحساره بشكل كبير وملحوظ في المشرق العربي خلال الفترة الماضية.

وتتعدد أسباب ودوافع انتشار داعش في القرن الإفريقي؛ حيث تتمثل أبرزها في:

- إقامة ولاية شرق إفريقيا: حيث يستهدف التنظيم خلق كيان مُوَالٍ له في شرق إفريقيا؛ تنضوي تحت لوائه خلاياه المبعثرة في بعض دوله، لا سيما الصومال وإثيوبيا والكونغو الديمقراطية وموزمبيق، وينضم إليه عناصر جديدة من خلال خطاب الاستقطاب الذي يُصدِّره التنظيم لشعوب المنطقة.

- اتّساع رقعة التنظيم في المنطقة: حيث تُمثل قارة إفريقيا فرصة جيدة لاستعادة التنظيم بريقه وسيطرته على أكبر رقعة جغرافية بعد انحساره في سوريا والعراق. لذلك يرغب التنظيم في التمدُّد في أنحاء القارة لا سيما القرن الإفريقي، وما يترتب عليه من إيجاد موطئ قدم على الساحل الشرقي الإفريقي يُمكّن التنظيم لاحقًا من التمدد إلى مناطق الجوار الجغرافي؛ مثل شبه الجزيرة العربية والمشرق العربي، وكذلك الأمر بالنسبة لوسط وجنوب القارة الإفريقية.

- هشاشة الأوضاع الأمنية في بعض دول المنطقة: مثل الصومال، وما يترتب عليه من غياب الاستقرار والأمن. كما أن ضعف التعاون الأمني والاستخباراتي يسهم في حالة من السيولة الحدودية تُسهّل حركة التنظيمات الإرهابية لا سيما داعش، وحركة شباب المجاهدين بين دول المنطقة.

- استمرار الصراعات والنزاعات في المنطقة: مثل الصراع في جنوب السودان المستمر منذ 2013، والأوضاع السياسية المضطربة في السودان الشمالي منذ أواخر عهد الرئيس السابق عمر البشير، وبعض التوترات بين دول المنطقة مثل إريتريا وجيبوتي، والصومال وكينيا، فضلًا عن بعض الأقاليم الانفصالية المتمردة مثل إقليم "كيفو" في شرق الكونغو الديمقراطية. فمثل هذه الصراعات تدفع بعض التنظيمات كداعش إلى الانخراط في المنطقة بشكلٍ قويّ، وممارسة أنشطته التخريبية.

- تعزيز موارد التنظيم المالية: من خلال محاولة الاستحواذ على موارد وثروات المنطقة، مثل النفط وعمليات التهريب بين دول المنطقة والقارة، وسرقة مناجم الذهب، وغيرها، وذلك بهدف تعزيز قدراته المالية والاقتصادية. مما يسمح له بتمويل كافة عناصره وخلاياه في مناطق مختلفة من القارة والعالم. وربما يستهدف خلال الفترة المقبلة العودة مرة أخرى إلى المشرق العربي ومناطق جديدة في العالم.

- خطف الأضواء من حركة شباب المجاهدين الصومالية: يأتي ذلك في إطار التنافس والصراع المحتدم بين تنظيمي القاعدة وداعش في إفريقيا خلال السنوات الأخيرة. وهو التنافس الذي ظهر إلى السطح مع انتقال عناصر داعش إلى القارة؛ بهدف إيجاد مواطئ قدم لها بعد هزيمة التنظيم في سوريا والعراق، ومحاولة استقطاب عناصر القاعدة إلى التنظيم.

 

ثالثًا: مخاطر تمدد داعش في القرن الإفريقي

يضيف ارتكاز تنظيم داعش عاملًا آخر من عوامل تهديد الأمن والاستقرار الإقليمي في منطقة القرن الإفريقي. وفي ظل انتشار عناصر التنظيم في بعض دول المنطقة، والإعلان عن ولاية شرق إفريقيا في الكونغو الديمقراطية وموزمبيق، تبرز عدة تداعيات ومخاطر للتمدد الداعشي في القرن الإفريقي تتمثل أهمها في:

- التمدد الجغرافي على نطاق واسع: وهو ما يعني سقوط العديد من المدن والقرى في معظم دول المنطقة تحت سيطرة التنظيم. الأمر الذي يهدّد السيادة الوطنية لها، ويقوّض قدرة الأنظمة الحاكمة بها. كما أنه من المحتمل انتقال التنظيم إلى مناطق جديدة في الجوار الجغرافي؛ مثل اليمن. وهو ما يعني تزايد خلايا داعش في دول المنطقة، ومن ثَمَّ إمدادها بالمزيد من عناصر داعش؛ مما يهدِّد الأمن والسلم الإقليمي.

- إيجاد موطئ قدم في البحر الأحمر: وهو ما يُشكِّل تهديدًا بالغًا للملاحة البحرية عند مضيق باب المندب. فضلًا عن فتح قنوات اتِّصال مع قراصنة البحر الأحمر. ولعب دور في تزايد عمليات القرصنة ضد السفن التجارية. كما أنَّه من المحتمل استهداف الموانئ البحريَّة على الساحل الشرقي الإفريقي، مما يهدّد الوضع الاقتصادي والأمني، ومصالح القوى الغربية الاستراتيجية في منطقة القرن الإفريقي.

- استهداف مصالح القوى الغربية في القرن الإفريقي: وذلك بهدف الانتقام من بعض القوى الدولية والإقليمية التي شاركت في التحالف الدولي ضد التنظيم في سوريا والعراق. ويأتي على رأسها الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وغيرها من القوى التي تمتلك العديد من المصالح الاستراتيجية في المنطقة.

- خلق شبكة مترابطة بين عناصر داعش في إفريقيا: وذلك من خلال إقامة ولايات تابعة للتنظيم في أنحاء القارة -شمال وجنوب ووسط وشرق وغرب القارة- تستهدف من خلالها إقامة شبكة من التحالفات بينها بهدف تمدُّد أذرع التنظيم في قارة إفريقيا، وفتح قنوات اتصال بين عناصره، وتثبيت أركانه مستغلًا حالة الوهن التي تصيب الأوضاع الأمنية والعسكرية لمعظم دولها.

- الصدام بين حركة شباب المجاهدين وتنظيم داعش: حيث يمكن أن يتحول هذا الصراع الأيديولوجي بينهما إلى مواجهة مسلحة بين الجانبين. وفي ظل امتلاك عناصر الطرفين خبرات قتالية؛ مما ينذر بمستقبل مُخيف في المنطقة في إطار محاولات الهيمنة والاستحواذ بينهما على الزعامة في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي.

 

رابعًا: مستقبل داعش في منطقة القرن الإفريقي

يظل الوضع الأمني المضطرب في منطقة القرن الإفريقي بمثابة حالة معقدة أسهمت بشكل كبير في جلب العديد من المخاطر لدول المنطقة. وحيث إن تنظيم داعش يجد ضالته في المناطق التي تتميز بأوضاع أمنية هشَّة لتعزيز تواجده، فإن استمراره وزيادة نفوذه مستقبلًا في القرن الإفريقي الذي يُمثّل بيئة مهيأة لتوطيد نفوذه فيها؛ مرهون باستمرار تلك الحالة الأمنية التي تعاني منها دول الإقليم، والصراعات والنزاعات الداخلية في بعضها. وهو ما يستدعي مساهمة المجتمع الدولي بشكل جدّي في تعزيز القدرات العسكرية والأمنية لدول القرن الإفريقي؛ لمواجهة تزايد نفوذ تنظيم داعش وغيره من التنظيمات الإرهابية النشطة. فاستمرار توطين المزيد من عناصر داعش خلال الفترة المقبلة يمثل مصدر تهديد وخطر كبير على المصالح الاستراتيجية لكافَّة القوى المنخرطة في القرن الإفريقي.

وفي ظل التطورات الإقليمية التي طرأت على المشهد السياسي الإقليمي في المنطقة منذ توقيع اتفاق المصالحة التاريخية بين إثيوبيا وإريتريا، وما تبعها من تحولات استراتيجية في العلاقات البينية بين دول المنطقة. يستوجب الأمر استغلال مكتسبات تلك المرحلة والبناء عليها في سبيل تعزيز التعاون الأمني والاستخباراتي بينها. والسعي نحو تكوين تحالف إقليمي يضم دول المنطقة (إثيوبيا وإريتريا والصومال وجيبوتي). مع إمكانية الاستعانة ببعض الدول التي تمتلك خبرات واسعة في مجال مكافحة الإرهاب، مثل مصر. والسعي نحو توفير تمويل مالي كافٍ من بعض الدول الإقليمية؛ مثل السعودية والإمارات، بهدف مواجهة مخاطر تهديد التنظيمات الإرهابية لا سيما داعش وحركة شباب المجاهدين خلال المرحلة المقبلة.

 

كتاب الموقع