أثيوبيا أنجولا أوغندا إريتريا اسواتيني  افريقيا الوسطى الجابون الجزائر الرأس الأخضر السنغال السودان الصومال الكاميرون الكونغو الكونغو الديمقراطية المغرب النيجر بنين بوتسوانا بوركينا فاسو بوروندي تشاد تنزانيا توغو تونس جزر القمر جنوب أفريقيا جنوب السودان جيبوتي رواندا زامبيا زيمبابوي ساو تومي وبرينسيبي سيراليون غامبيا غانا غينيا غينيا الاستوائية غينيا بيساو كوت ديفوار كينيا ليبيا ليبيريا ليسوتو مالاوي مالي مدغشقر مصر موريتانيا موريشيوس موزمبيق ناميبيا نيجيريا

عين على إفريقيا (10-11 مارس 2023م) ثورة إفريقيا الرقمية وتصعيد "التنافس" الأمريكي- الصيني

مع تحرُّك الصين بقوة في ملفات إقليمية ودولية بالغة الحساسية بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين؛ عادت القارة الإفريقية إلى واجهة "التنافس" الأمريكي الصيني مؤخرًا من بوابة حضور الصين "الرقمي" في القارة، وسط تصاعد المخاوف الأمريكية من استئثار الصين بالمزيد من الاستثمارات في قطاع التحول الرقمي والتكنولوجي في إفريقيا على حساب مصالح الشركات الأمريكية والغربية بشكل عام.

ويُلاحَظ أن وسائل الإعلام الأمريكية باتت تُركّز سهامها على هذا القطاع تحديدًا بالتزامن مع إعداد المُشرّعين الأمريكيين مشروعات قوانين لمواجهة النفوذ الصيني في إفريقيا؛ بحيث يمكن القول: إن "الهجمة الإعلامية" الأمريكية تُعزّز عملية صنع القرار في هذا المسار وتُمهّد له بقوة.

وفي المقال الأول بفورين بوليسي يُوجّه الكاتب الاهتمام إلى معركة "استباقية" على كابلات الألياف الضوئية البحرية التي تلفّ القارة الإفريقية، وتنذر بثورة تكنولوجية هائلة بقيادة صينية تُهدّد المصالح الأمريكية؛ حسب المقال.

أما المقال الثاني فقد اعتبر أن "طريق الحرير" الرقمي الذي تُرسّخه الصين تهديدٌ لواشنطن ومصالحها، في رؤية استعمارية واضحة تنظر للقارة الإفريقية على أنها منطقة نفوذ أمريكية-غربية حصرية، وإن من زاوية التهديد الصيني "للنظام العالمي" حسب الرؤية الأمريكية.  وهو نفس فكرة المقال الثالث مع التركيز على الاستجابة الإفريقية للنفوذ الصيني.

معركة القوى الكبرى المقبلة قد تكون تحت سطح البحر في إفريقيا([1]):

ظهرت كابلات الألياف الضوئية التي  تجتاز المحيطات وتربط القارة الإفريقية سريعًا كمنطقة جيوسياسية ساخنة لدى الغرب. وكاستجابة متأخرة، ظلت السياسة الخارجية الأمريكية أسيرة المناورة الاستراتيجية (في استجابتها) تجاه منطاد التجسس الصيني وخطط تطبيق حظر وطني على أشهر تطبيق في العالم "تيك توك" ذي الصلة ببكين.

وفي الوقت نفسه مع استمرار تنفيذ الخطط الموسَّعة لمدّ شبكات الكابلات مِن قِبَل تحالفات من المستثمرين والشركاء الدوليين؛ فإن الغرب لا يمكنه أن يغضّ بصره عن تهديدات الأمن القومي المتصاعدة الأخرى مع تحوّل الكابلات تحت سطح البحر وغيرها من تكنولوجيا الاتصالات المعلوماتية في إفريقيا لأن تمثل نقاط ضغط حديثة على نُظم الحكم الاستبدادية لاستبدال النفوذ الغربي وتأمين ميزات تنافسية.

تشهد القارة الإفريقية حاليًا النمو الأكثر سرعة للسعة النطاقية الدولية في العالم، ويمنح البناء المتزايد للكابلات البحرية الإفريقية رافعة كبيرة للصين، بينما يمثل هشاشة أمنية في الرواية الأمريكية والغربية التقليدية؛ بسبب تهديد التدخل الروسي في إفريقيا. وسيكون الغرب مخطئًا إن تغاضَى عن تداعيات انتشار الكابلات البحرية الإفريقية على الاستراتيجيات الجيوسياسية الحديثة بين القوى العالمية.

وتوفّر هذه الأنابيب الصغيرة المصنوعة من الزجاج والضوء الطيفي، والغاطسة تحت سطح البحر، وعودًا بتيسير استخدام أكبر للإنترنت في أرجاء إفريقيا، وتحسين الترابط بين سكان القارة وبقية دول العالم، وربط شبكة صاعدة من مراكز البيانات والبنية التحتية الرقمية. إنها وصلات إنترنت يُعوّل عليها تُمثل مكوِّنًا مهمًّا لتطبيقات الذكاء الصناعي، وقد نالت إفريقيا استثمارات كبيرة من عمالقة الصناعة بالقطاع الخاص، بما فيها جوجل Google، وميتا Meta لرقمنة بعض الدول الأقل وصولًا للإنترنت.

وقد رافق الاعتماد العالمي على نُظم الكابلات البحرية طلب ونموّ متزايد على الحوسبة السحابية cloud computing، وبسط قوة الصين المهيمنة في القارة؛ بفضل تمويل الديون وتشييد البنية الأساسية الصينية، واستخدام موسكو تقنيات التجسس، أو المراقبة، أو الهجمات السيبرانية؛ مما يسبّب ضررًا ماديًّا مباشرًا وغير مباشر عبر استغلال الأنظمة والعمليات الرقمية، في مسعاها لاستعداء الولايات المتحدة وحلفائها الغربيين. وهناك حتى الآن نحو 552 خط كابلات عاملًا أم مخططًا البدء فيه قريبًا لنقل أكثر من 95% من حركة الاتصالات العالمية عبر إفريقيا وأوروبا والأمريكيتين. وأن تعمل كبنية تحتية لتكنولوجيا المعلومات والاتصالات التي تحيط بالقارة الإفريقية كالشرنقة.

وطوال أكثر من عشرين عامًا، مكَّنت هذه الكابلات من تحقيق عملية الربط الرقمي في إفريقيا، ومد نظام شبكات تحت سطح البحر على امتداد سواحل إفريقيا، مكونة من 72 كابلًا نشطًا أو قيد الإنشاء. ويمكن لهذه الكابلات أن تُحسِّن سرعات الإنترنت، وتربط مجتمعات نائية بالشبكة، وتُحْدِث تقدمًا اقتصاديًّا فيما تدعم أشكالًا كثيرة من التعلم الآلي وتطبيقات الذكاء الصناعي. ورغم التكلفة الباهظة؛ فإن هذه المبادرات وسيلة مهمَّة لغاية ما. ويتوقع أن يُبرِّر القادة الأفارقة حماسهم لهذه المشروعات بكونها تخلق قوة عمل ماهرة وتحقيق النمو الاقتصادي، وعدم السماح بترك القارة متأخرة تمامًا في التحول الرقمي.

ولقد مضت هذه الثورة برفقة تعميق إفريقيا لعلاقاتها مع الصين، التي صعدت من تسعينيات القرن الماضي إلى وضع رائد في قطاع كابلات الألياف الضوئية خارج الباسيفيك. وقد أصبح الاستثمار في إفريقيا أحد أعمدة أجندة بكين في سياستها الخارجية. ويقر القادة الصينيون أن هذه التكنولوجيات أساسية لتوصيل منتجاتهم التقنية والتأثير في العالم.

كما أن الدبلوماسية التقنية techno-diplomacy التي تنتهجها الصين في القارة الإفريقية تتجاوز كثيرًا تشييد الجسور والطرق والموانئ التي تتم على نحو قياسي؛ إذ تركز على استطلاع الذكاء الصناعي، وربط الإنترنت، وإمكانات الحوسبة السحابية. ولسنوات كانت الصين تُصنّع وتشارك أصول تكنولوجيا المعلومات والاتصالات؛ بما في ذلك مراكز البيانات وأشباه الموصلات والتكنولوجيات الرئيسة الأخرى، لا سيما تلك التي تُمكِّن من التجسس على الدول الإفريقية.  

وبالفعل فإنَّ بكين كانت المُموِّل الرئيس لثورة إفريقيا الرقمية. وتدعم الشركات والبنوك الصينية مشروعي الكابلات البحرية الرئيسية في القارة، وأحدهما هو الأكبر في العالم، مع مواقع برية كثيرة في أرجاء القارة. وبلا شك فإن هذه المعونات بالغة التأثير في تحوُّل القارة التقني، لكنَّ تكدُّس الديون الناتجة عن هذا التحول قد يؤدي إلى نهاية التحوّل عند الطرف المتلقي؛ وتعني دبلوماسية فخّ الديون أن هذه الدول لا يمكنها تسديد ديونها، أو لا يمكن أن تكتمل هذه المشروعات أبدًا. إن تمويل بكين للكابلات الإفريقية يُتيح ليها سيطرةً كاملةً على عملياتها، ويمكن أن تُعزّز التبعية الاقتصادية المتنامية (من قبل الدول الإفريقية نحو الصين)؛ مما يُلقِي ظلًّا على أهمية المناقشات بخصوص خصوصية البيانات والسيادة عليها.

وتشترك أغلب الدول المتلقية للاستثمارات الصينية في أوجه كثيرة؛ وعلى أيّ حال فإن بنود الشراكة تصل في الغالب في شكل حزمة غامضة، ويمكن أن تأتي بتكلفة باهظة. كما أن الديون التي تُقدّمها البنوك الصينية تفتقر إلى الشفافية. كما ينتاب المراقبين الدوليين مخاوف من أن شروط الإقراض يمكن أن تصاحبها فوائد أعلى وفرص تسديد أقصر من البنوك التنموية متعددة الجنسيات التقليدية مثل صندوق النقد الدولي أو البنك الدولي.

وقد بدأ قادة العالم يدركون الخطورة الناجمة ربما عن هشاشة الكابلات البحرية. ورغم أن أغلب التهديدات تكون بالأساس بيئية أو عارضة، فإن توقعات ازدهار تحوُّل كابلات الألياف الضوئية لأهداف التخريب تكتسب مصداقية، ويعبّر قادة الصناعة وصُنّاع السياسات عن مخاوف متزايدة إزاء الهجمات المقصودة على كابلات حيوية. كما تناول عدد من العلماء خطر الكابلات في العمل الحربي؛ رغم أن بعض الحوادث تبدو مُبالغًا فيها؛ فإن البعض الآخر يبدو دون الاهتمام الكافي (مِن قِبَل الولايات المتحدة والدول الغربية؛ بحسب كاتب المقال).   

طريق الحرير الصيني الجديد تهديدًا للنظام العالمي([2]):

ثمة اهتمام جديد وُجِّه مؤخرًا للصين الشيوعية ومنافستها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة مع بدء تحدُّث النواب الأمريكيين بشكلٍ مكثّف عن تهديدات الصين لمصالح واشنطن، وهو توجُّه نادر (حسب كاتب المقال)، بالنظر إلى تأييد الكثيرين داخل الطبقة السياسية الحاكمة في الولايات المتحدة للانخراط في علاقات مع الصين وعدم مواجهتها. ومِن ثَم فإنهم تجاهلوا تزايد النزعة الهجومية الصينية في مجال التجارة.

وفي هذه الأثناء مرَّرت لجنة الخدمات المالية بالكونجرس الأمريكي سبعة مشروعات قوانين وضعتها اللجنة في 28 فبراير الماضي تتعامل مباشرة مع الصين الشيوعية وتايوان على أن تكون هناك متابعات مزيدة من قبل اللجان الأخرى بالمجلس. ويؤشر ذلك إلى وجود قناعات أمريكية بالاعتراف بخطورة هذه المنافسة الاستراتيجية مع الصين، (كما دأبت وزارة الخارجية الأمريكية على وصف العلاقات الأمريكية الصينية في السنوات الأخيرة)، وأنها تمثل في جوهرها ودون مداراة -حسب الكاتب- تهديدًا وجوديًّا للولايات المتحدة.

ورصد الكاتب مخاوف عدة عبر مؤشرات؛ من بينها امتلاك بحرية جيش التحرير الشعبي قِطَعًا سفنًا أكثر من البحرية الأمريكية، وأنها تستخدمها في استفزاز تايوان ودول جوار أخرى؛ كما أن الكثير من مبادرات الصين تهدف إلى زحزحة الولايات المتحدة عن مكانتها باعتبارها القوة العظمى الأكبر في العالم، وتُعدّ هذه المبادرات تمويهًا للتهديد الاقتصادي الذي تفرضه على النظام العالمي الليبرالي القائم والتجارة الدولية والولايات المتحدة على وجه الخصوص.

وفيما يخص إفريقيا ثمة ملاحظة أساسية، وهي أن "طريق الحرير الجديد" ليس طريقًا واحدًا، لكن مِن المخطَّط له أن يكون في النهاية على شكل شبكة من الطرق البرية والبحرية الممتدة في أرجاء العالم. وكما يتوقع أن يمتد طريق قطبي عبر شمالي روسيا؛ فإن الصين تعتزم مد خط سكك حديد من بورسودان على ساحل البحر الأحمر في السودان إلى داكار بالسنغال على المحيط الأطلنطي عبر إقليم الساحل الإفريقي وشمالي غرب إفريقيا، مما سيوفر بدَوْره بؤرةً لشبكة طرق تُمكِّن الصين من الاستفادة من الموارد الطبيعية غير المُستغلة نسبيًّا في القارة الإفريقية بعدُ.

 كما أن الاستثمارات الصينية بقيمة 3.3 بليون دولار في ميناء الحمدانية ستُحوّل الميناء إلى أحد أكبر الموانئ في البحر المتوسط، ومن المتوقع أن يرتبط هذا الميناء بشبكة سكك حديدية عبر الساحل والصحراء الكبرى، وكذلك الطريق السريع المعروف باسم "الشرق- الغربي" بقيمة استثمارات 12 بليون دولار ليربط بين الجزائر والمغرب وتونس. كما تُواصل أعين الصين مراقبة موانئ البحر المتوسط في جنوبي أوروبا عن كثب، بما في ذلك ميناء بيرايوس باليونان، والتوصل لشراكات مع إسبانيا وإيطاليا.

ولاحظ الكاتب أنه حتى مارس 2022م كانت هناك 151 دولة في العالم مُوقِّعة رسميًّا على مذكرات تفاهم مع بكين كمشاركة رسميًّا في المبادرة، ومن بينها 55 دولة إفريقية هي جميع دول الاتحاد الإفريقي.     

"طريق حرير الصين الرقمي" في إفريقيا يثير تساؤلات([3]):

صاغ عدد من المشرّعين الأمريكيين مؤخرًا مشروع قرار ينتقد حكومة جنوب إفريقيا بسبب علاقاتها الوثيقة مع بكين، بما في ذلك استخدام الحكومة التكنولوجيا الصينية، ودعت المجموعة الرئيس الأمريكي جو بايدن لمراجعة العلاقات الأمريكية مع بريتوريا. وتم طرح القرار في مجلس النواب الأمريكي تزامنًا مع قيام جنوب إفريقيا بتدريبات بحرية مشتركة مع الصين وروسيا في شهر فبراير الماضي.

وهناك مخاوف أمريكية -حسب المقال- من مخاطر التجسس مِن قِبَل شركات الاتصالات الصينية، لكنَّ بعض المحللين المتخصصين يقولون: إن المسؤولية تقع على كل حكومة بخصوص استخدام التكنولوجيا، وإن الصين ليست اللاعب الوحيد في صناعة التكنولوجيا.

 وكانت الولايات المتحدة قد حظرت عمل شركة هواوي للتكنولوجيا في أراضيها قائلة: إنها "تمثل تهديدًا للأمن القومي". كما أنه ثمة ضغوط بالكابيتول هول لمنع تطبيق "التيك توك".

وفي إفريقيا جنوب الصحراء؛ حيث يستخدم أقل من 30% من سكانها الإنترنت؛ فإن أغلب الحكومات تُرحّب باستثمارات الصينية في البنية التحتية الرقمية؛ كجزء من مبادرة الحزام والطريق المعروفة "بطريق الحرير الرقمي". ونظرًا لأن الحكومة الصينية تقدم الدعم لهذه الاستثمارات؛ فإن هذه الحكومات تعتبرها طريقًا أرخص للوصول لربط أكبر.

وذكر القرار الأمريكي شركتين جنوب إفريقيتين لديهما صلات مع التكنولوجيا الصينية التي يشعر المشرّعون الأمريكيون بالتخوُّف منها. وتشغل إحداهما، وهي شركة فوماكام Vumacam، نحو ألفي كاميرا في جوهانسبرج، وتتحصل على تكنولوجيا تستهدف تقليص الجريمة التي تضرب العاصمة التجارية للبلاد.

وتتركز -من جهة أخرى- المخاوف الأمريكية في أن فوماكام "تشاركت مع الشركة الصينية هيكفيجين Hikvision للحصول على معدات الكاميرات، بينما تم مؤخرًا فرض حظر على منتجات هيكفيجين مِن قِبَل الحكومة الأمريكية. واستجابت شركة فوماكام لتساؤلات "صوت أمريكا" بتأكيدها أنها تتحصل على معدات من أكثر من مورد وليس شركة هيكفيجين فقط، وأن أيّ معدات عرضة لأن تمثل تهديدًا أمنيًّا إن لم تُشغّل بالطريقة الملائمة بغض النظر عن "ماركتها" أو بلد المنشأ.

كما أشار القرار الأمريكي لشركة تيلكوم Telkom، مشغّل الاتصالات المملوك جزئيًّا للدولة في جنوب إفريقيا، والتي أطلقت شبكة الجيل الخامس في أنحاء البلاد في أكتوبر 2022م باستخدام "تكنولوجيات من (شركة) هواوي تكنولوجيز". وهكذا فإن الولايات المتحدة تُواجه معركة حامية في مواجهة نفوذ شركات الاتصالات الصينية في إفريقيا، وتحاول واشنطن اللحاق بالصين وشبكتها الواسعة في إفريقيا، وأعلنت واشنطن في العام الماضي أن شركة أفريسيل Africell التي تدعمها الولايات المتحدة قد استثمرت بقوة لتقديم شبكة جيل خامس في أنجولا. لكن لا تزال "هواوي" صاحبة اليد الطولى في قطاع الاتصالات في إفريقيا جنوب الصحراء؛ إذ تملك شركاتها التابعة ما يصل إلى 70% من إجمالي شبكات الجيل الرابع في القارة.    

ويصف مراقبو الأنشطة الرقمية الصين عادة على أنها أسوأ مُنْتَهِك لحريات الإنترنت داخليًّا، ويحدو مراقبين من الغرب القلق من أن نُظُم الحكم الإفريقية "ذات النوايا غير الديمقراطية"  يمكنها أن تتبنَّى ليس فحسب التكنولوجيا الصينية، لكن أيضًا الطريقة التي تَستخدم بها الصين هذه التكنولوجيا لمراقبة المنشقّين. وبالفعل فإنه في زامبيا وأوغندا وجدت دلائل على استخدام حكومتيهما التكنولوجيا الصينية للتجسُّس على المعارضة ومنتقدي النظامين بهما.

وفي زيمبابوي هناك مخاوف من استخدام حكومتها التكنولوجيا الصينية لنفس الغرض قبيل الانتخابات المُتوقَّعة نهاية العام الجاري.

ومع ذلك، فإن هناك عددًا من الخبراء الصينيين أكدوا أن المخاوف من التكنولوجيا الصينية المنقولة إلى إفريقيا مُبالَغ فيها للغاية، وأن التركيز يجب أن يكون على جميع اللاعبين في مجالات التكنولوجيا المُصدّرة إلى إفريقيا؛ بما في ذلك الشركات الأمريكية والأوروبية. وكما في حالة فوماكام فإن شركة IBM الأمريكية لديها عقد مع مدينة جوهانسبرج للرقابة الرقمية.

أما فيما يتعلق بالتجسس على الخصوم؛ فإنه ثمة أدلة على أن حكومة إثيوبية سابقة تجسَّست على المنشقين في الشتات باستخدام برمجيات من عدد من الشركات الأوروبية. وفي الوقت نفسه فإن شركة برمجيات التجسُّس الإسرائيلية "بيجاسوس" باتت مُستخدَمة مِن قِبَل عدد من الحكومات الإفريقية.

كما أن مسألة استخدام هذه التكنولوجيا ضد المعارضين أو غيرهم ليست مسألة تخصّ الصين فقط، لكنها تخصّ الحكومات الإفريقية التي تَستخدم هذه التكنولوجيا حسب بعض المراقبين الذين لاحظوا أنه "ليس ثمة شك في أن الصين نظام استبداديّ.. وفي الوقت نفسه فإن الصين لم تحاول فرض أو اقتراح أن تتبع الدول الأخرى نفس خطواتها.


[1] Joseph B. Keller, The Next Superpower Battlefield Could Be Under the Sea in Africa, Foreign Policy, March 10, 2023 https://foreignpolicy.com/2023/03/10/africa-china-russia-subsea-cables/

[2] Stu Cyrk, The New Chinese Silk Road Is a Threat to the World Order, The Epoch Times, March 11, 2023 https://www.theepochtimes.com/the-new-chinese-silk-road-is-a-threat-to-the-world-order_5110270.html

[3] Kate Bartlett, China’s ‘Digital Silk Road’ in Africa Raises Questions, VOA, March 11, 2023 https://www.voanews.com/a/china-s-digital-silk-road-in-africa-raises-questions-/6999613.html

 

كتاب الموقع