يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على إمكانية تحوُّل مهام اللغة الرسمية في منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي" The Southern African Development Community Countries (SADC) من اللغات الأوروبية الثلاث (الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية) إلى لغة إفريقية صميمة، هي اللغة السواحيلية، في ضوء قرارٍ اتخذته الجماعة في هذا الشأن.
منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي":
يعرّف الموقع الرسمي على الشبكة العنكبوتية لهذه الجماعة بأنها: "تجمُّع اقتصاديّ إقليميّ يتكون من 16 دولة، هي: أنجولا، وبتسوانا، وجزر القمر، والكنغو الديمقراطية، وسوازيلاند (إسواتيني)، وليسوتو، ومدغشقر، وملاوي، وموريشيوس، وموزمبيق، ونامبيا، وسيشيل، وجنوب إفريقيا، وتنزانيا، وزامبيا، وزيمبابوي[1].
تأسست هذه الجماعة في عام 1992م، في شكلها الحالي، ولكنَّ جذورها ترجع إلى العام 1980م، حين تم إنشاء "مؤتمر تنسيق التنمية للجنوب الإفريقي" SADCC؛ حيث تمت إعادة تنظيمه[2] ليسمَّى بالاسم الجديد.
تهدف هذه الجماعة -التي تتخذ من غابورون بجمهورية بتسوانا، مقرًّا رئيسيًّا لها- إلى[3]:
1- تحقيق التنمية والنمو الاقتصادي.
2- التخفيف من حدَّة الفقر.
3- تحسين مستوى ونوعية الحياة للشعوب الجنوب إفريقية.
4- دعم المستضعفين اجتماعيًّا من خلال التكامل الإقليمي.
وتشير بعض الأدبيات، التي تناولت هذه الجماعة بالبحث والدراسة؛ إلى أن الهدف الرئيسي للجماعة هو زيادة التعاون الاقتصادي والاجتماعي والسياسي بين الدول الأعضاء، وتعتبر مكمِّلة لدور الاتحاد الإفريقي[4].
وبعض الأدبيات تشير أيضًا إلى أن هدف الجماعة يتمثل في التعاون السياسي والأمني بين الدول الأعضاء[5]، وكل ذلك يشير إلى تحوّل عمل الجماعة من الأهداف الاقتصادية البحتة إلى أهداف سياسية، وأهداف أمنية.
تتخذ الجماعة من اللغات الأوروبية الثلاث: الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية، لغة رسمية[6]، منذ نشأتها الأولى في 11 أبريل 1980م، كمؤتمر تنسيق، وحتى تحوُّلها إلى "الجماعة الإنمائية" في 17 أغسطس 1992م[7].
المشهد اللغوي الحالي للمنطقة:
سنتناول ذلك المشهد من خلال أربعة محاور أساسية:
أولاً: دول المنطقة مرتبة من حيث أكثر اللغات المتحدثة:
يبين الجدول التالي دول منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي"، مرتبة من حيث أكثر اللغات المتحدَّثَة في كُلّ قُطْر على حدة:
الدولة |
عدد اللغات |
الكنغو الديمقراطية |
أكثر من 200 لغة |
تنزانيا |
نحو 126 لغة |
زامبيا |
أكثر من 52 لغة |
أنجولا |
نحو 49 لغة |
موزمبيق |
نحو 44 لغة |
جنوب إفريقيا |
نحو 42 لغة |
بتسوانا |
نحو 38 لغة |
نامبيا |
نحو 30 لغة |
زيمبابوي |
نحو 23 لغة |
ملاوي |
نحو 20 لغة |
موريشيوس |
نحو 12 لغة |
سوازيلاند |
نحو 8 لغات |
مدغشقر |
نحو 7 لغات |
ليسوتو |
نحو 6 لغات |
جزر القمر |
نحو 6 لغات |
سيشيل |
نحو 3 لغات[8] |
المجموع |
نحو 666 لغة |
يعكس لنا الجدول السابق ما يلي:
1- إن عدد اللغات المُتَحدَّثة في المنطقة يتجاوز الـ650 لغة، وإذا تمَّ حذف اللغات الأوروبية، واللغات المشتركة بين قُطرين أو أكثر في المنطقة؛ فإن عدد اللغات الإفريقية المحلية لا يقل عن 600 لغة بأيّ حالٍ من الأحوال.
2- إن الكثافة اللغوية في دول المنطقة تتمثل في دولتين اثنتين؛ هما: الكنغو الديمقراطية (أكثر من 200 لغة)، وتنزانيا (نحو 126 لغة). وهناك عدد من اللغات يوجد في سوازيلاند (نحو 8 لغات)، ومدغشقر (نحو 7 لغات)، وليسوتو (نحو 6 لغات)، وجزر القمر (نحو 6 لغات)، وسيشيل (نحو 3 لغات).
3- إن بقية الدول يتراوح فيها عدد اللغات ما بين أكثر من 52 لغة، إلى نحو 12 لغة.
4- إن خلاصة ما يحتويه الجدول من بيانات تخصّ عدد اللغات المُتَحَدَّثَة في المنطقة؛ يُوضّح بجلاء أن المشهد معقَّد، بل شديد التعقيد من المنظور اللغويّ.
ثانيًا: دول المنطقة التي تُستخدم فيها لغة أوروبية، أو لُغتان، أو ثلاث لغات:
يمكن تقسيم دول منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي"، من منظور عدد اللغات الأوروبية الموجودة فيها إلى التالي:
اللغة |
منفردة |
مع لغة أخرى |
مع لغتين |
الجملة |
الإنجليزية |
5 دول |
5 دول |
دولتان |
12 دولة |
الفرنسية |
دولتان |
3 دول |
دولة واحدة |
6 دول |
البرتغالية |
دولة واحدة |
دولتان |
دولة واحدة |
4 دول |
الألمانية |
- |
دولتان |
دولة واحدة |
3 دول |
الهولندية |
- |
- |
دولة واحدة |
دولة واحدة |
يمكن أن نخلص من الجدول السابق إلى أن للغة الإنجليزية حضورًا متميزًا في المنطقة؛ مقارنةً باللغات الأوروبية الأخرى؛ إذ لها وجود في 12 قُطرًا من جملة 16 قُطرًا في المنطقة. تليها اللغة الفرنسية التي تُشَكِّل حضورًا في 6 أقطار، ثم البرتغالية التي لها وجود في 4 أقطار، ثم تليها الألمانية والهولندية، 3 أقطار، وقطر واحد، على التوالي.
ثالثًا: اللغات الرسمية لدول المنطقة:
يتناول هذا المحور دول منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي"، مقرونة بلغاتها الرسمية، وذلك على النحو التالي:
الدولة |
اللغة الرسمية |
أنجولا |
البرتغالية |
بتسوانا |
الإنجليزية |
جزر القمر |
الفرنسية والعربية والقمرية |
الكنغو الديمقراطية |
الفرنسية |
سوازيلاند |
سوازي (سواتي) والإنجليزية |
مدغشقر |
ملقاسي والفرنسية |
ملاوي |
الإنجليزية وتشيتشوا |
موريشيوس |
لم يحدد الدستور لغةً رسميةً |
موزمبيق |
البرتغالية |
نامبيا |
الإنجليزية |
سيشيل |
الإنجليزية والفرنسية والسيسيلوا |
جنوب إفريقيا |
الإنجليزية والأفريكانز و9 لغات محلية |
تنزانيا |
السواحيلية والإنجليزية |
زيمبابوي |
الإنجليزية و9 لغات محلية |
ليسوتو |
سوتو الجنوبية والإنجليزية |
زامبيا |
الإنجليزية[9] |
نلحظ في البيانات الواردة في الجدول أعلاه ما يلي:
1- لا توجد دولة في المنطقة تتَّخذ لغة إفريقية كلغة رسمية وحيدة.
2- هناك 6 دول تتخذ من لغة أوروبية لغة رسمية وحيدة، هي: أنجولا (البرتغالية)، وبتسوانا (الإنجليزية)، والكنغو الديمقراطية (الفرنسية)، وموزمبيق (البرتغالية)، ونامبيا (الإنجليزية)، وزامبيا (الإنجليزية).
3- توجد 5 دول تُزَاوج بين لغة أوروبية ولغة إفريقية كلغتين رسميتين، وهي: سوازيلاند (الإنجليزية وسوازي "سواتي")، ومدغشقر (الفرنسية وملقاسي)، وتنزانيا (الإنجليزية والسواحيلية)، وليسوتو (الإنجليزية وسوتو الجنوبية)، ملاوي (الإنجليزية وتشيتشيوا).
4- هناك 3 دول تتخذ من لغة أوروبية وأكثر من لغة إفريقية لغات رسمية، وهي: جزر القمر (الفرنسية والعربية والقمرية)، وجنوب إفريقيا (الإنجليزية و10 لغات إفريقية)، زيمبابوي (الإنجليزية و9 لغات إفريقية).
5- هناك دولة وحيدة تتخذ من لغتيين أوروبيتين ولغة إفريقية لغة رسمية، وهي: سيشيل (الإنجليزية والفرنسية والسيسيلوا).
6- توجد دولة وحيدة لم يحدد دستورها لغة رسمية للبلاد، لكنَّ سكانها بصورة أساسية يتحدثون الإنجليزية والفرنسية، ولغة خلاسية creole وهي لهجة أساسها اللغة الفرنسية.
7- إن اللغة السواحيلية باعتبارها المعنية بموضوع أفرقة اللغة الرسمية للمنطقة، تُستخدم باعتبارها لغة رسمية في دولة واحدة، هي تنزانيا (مع اللغة الإنجليزية).
رابعًا: أوضاع اللغة السواحيلية في دول المنطقة:
تعكس جغرافية انتشار اللغة السواحيلية حاليًا وُجودًا فعليًّا مؤثرًا على الأقل في ثلاثة عشر قطرًا إفريقيًّا، تنتمي جغرافيًّا إلى شرق ووسط وجنوب إفريقيا، وهذه الأقطار هي: تنزانيا وكينيا، ويوغندا والصومال، وموزمبيق وجزر القمر، ورواندا وبروندي، وزامبيا وملاوي، ومدغشقر والكنغو الديمقراطية، وجمهورية جنوب السودان.
الحق أن أوضاع هذه اللغة، والوظائف التي تقوم بها؛ تختلف من قُطْر لآخر من الأقطار المشار إليها، ولكنَّها تتفق جميعًا في أن هذه اللغة تلعب دورًا جوهريًّا في التواصل بين المجتمعات المتعددة لغويًّا، كما أنها في حالة انتشار متسارعة.
وفي هذا المجال لا نستطيع تتبُّع أوضاع اللغة السواحيلية في كلّ هذه الأقطار، يكفينا فقط -لضيق المجال- إعطاء صورة أولية لوضعها في قُطْرين مُهِمَّيْنِ، هما: تنزانيا، والكنغو الديمقراطية.
1- وضعها في تنزانيا:
تنزانيا دولة تقع في الشرق الإفريقي؛ تعتبر اللغة السواحيلية لغة رسمية للبلاد مع اللغة الإنجليزية.
يقول "بيرند هايني": "أما في تنزانيا فلم تحافظ اللغة السواحيلية فقط على أهميتها، والتي اكتسبتها إبَّان الإدارة الألمانية، بل أخذت تتوسَّع في انتشارها بسرعةٍ شديدةٍ، فاليوم هي اللغة الإفريقية الوحيدة، التي تُستخدَم في تنزانيا في التعليم الابتدائي والعام، وحتى مرحلة شهادة كمبردج، بالإضافة إلى أنها لغة الإدارة، ويستخدمها السياسيون والنقابيون، وبذلك تكون قد توغلت في مجالاتٍ تحتكرها اللغة الإنجليزية، التي كانت تستخدم في هذه المجالات لفترة طويلة من الزمن. وهناك العديد من الصحف التي تصدر باللغة السواحيلية"[10].
ويشير "حسن الريح يوسف" إلى "أنه في الآونة الأخيرة، أبدت تنزانيا درجة عالية من الاستعداد والحماس لتطوير السواحيلية؛ بطريقة تفوق بها جاراتها، ويرجع ذلك إلى أسباب ديمغرافية وسياسية وثقافية؛ إذ إن دولة تنزانيا هي الأكثر كثافة سكانية، ويزيد عدد سكانها عن العشرين مليون نسمة. كما أن اللغة السواحيلية أصبحت أرسخ في هذه البلاد؛ بسبب الاعتماد الكبير عليها كوسيلة تواصل رسمية بجانب الإنجليزية، وأخيرًا كان للأيديولوجيا الاشتراكية، التي تبنّتها البلاد في الفترة التي أعقبت الاستقلال انعكاساتها الثقافية؛ بتفضيل اللغة العامة المحلية على اللغات الغربية"[11].
2- وضع اللغة السواحيلية في جمهورية الكنغو الديمقراطية مختلف جدًّا، وقد ذكرنا من قبل أنها تنافس اللغة الفرنسية في هذا البلد الإفريقي الكبير مساحةً وسكانًا، وذي اللغات التي تفوق المائتي لغة.
إن اللغة السواحيلية اليوم -خصوصًا في إقليم كاتنقا (الكنغولي)– هي لغة وسيطة مهمة، رغم اختلافها بوضوح عن السواحيلية، والتي تعني حرفيًّا "لغة الساحل"، كما يعرفها متحدثوها، ولذلك منذ الاستقلال كانت السواحيلية هي إحدى اللغات القومية الأربع المعترف بها، بالإضافة إلى الفرنسية (اللغات الأخرى هي: التشيلوبا والكيكنغو واللينقالا)"[12].
من خلال ما تم استعراضه في هذا الجزء من المقال؛ فإن هناك وضعية متميزة للغة السواحيلية في تنزانيا، والكنغو الديمقراطية. ولها حضور معتبر في كلّ من: موزمبيق وجزر القمر، وزامبيا وملاوي، ومدغشقر، بالإضافة إلى أنجولا وزيمبابوي ونامبيبا. وهذه عشر دول من الـ16 دولة المكونة للجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي.
وإكمالاً لتبيين أوضاع اللغة السواحيلية في الدول المتبقية من منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي"، وهي: جنوب إفريقيا، وبتسوانا، وسوازيلاند، وسيشيل، وموريشيوس، وليسوتو؛ فإننا نشير إلى أن هناك تقارير تشير إلى أن اللغة السواحيلية ضمن قائمة لغاتها، رغم أن اللغة نفسها لم ترد ضمن قوائم الدول الخمس المتبقية.
انطلاقًا من ذلك يمكن أن نستخلص أن هناك حضورًا للغة السواحيلية في دول المنطقة (تنزانيا والكنغو الديمقراطية، وجزر القمر وزامبيا، وموزمبيق وملاوي ونامبيا، وزيمبابوي ومدغشقر، وأنجولا وجنوب إفريقيا)، باستثناء بتسوانا، وسوازيلاند، وسيشيل، موريشيوس، وليسوتو (وهي دول صغيرة الحجم قليلة السكان).
الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، ومبادرتها لأفرقة اللغة الرسمية للمنطقة:
في إجراء أشبه بالمبادرة، وتحت عنوان عريض: "16 دولة إفريقية توافق على اعتماد اللغة السواحيلية لغة رسمية"؛ أوردت القناة العربية بشبكة تلفزيون الصين الدولية أنه "وافقت 16 دولة من بلدان "مجموعة التنمية لإفريقيا الجنوبية اعتماد اللغة السواحيلية كلغة رسمية في المنطقة". وسيتم في البداية تبنّي اللغة السواحيلية على مستوى مجلس المجموعة، وفي قمّتها؛ كلغة للتواصل الشفهي، والمحادثة، قبل أن يتم اعتمادها لاحقًا للتواصل الكتابي الرسمي[13].
وبتلك الموافقة من الدول الـ16 تكون قد بدأت الخطوة الأولى نحو أفرقة اللغات الرسمية لدول منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي"، وللغة الرسمية للجماعة نفسها، فما الفرص المتاحة لإنحاج هذه المبادرة؟ وما التحديات التي يتوقع أن تواجهها؟
الفُرَص المتاحة للأفرقة:
هناك العديد من الفرص المتاحة لأفرقة دول منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي"، باستبدال اللغة الأوروبية شبه المسيطرة على مجال اللغة الرسمية باللغة السواحيلية؛ وذلك لأن:
1- اللغة السواحيلية هي أكثر اللغات الإفريقية، انتشارًا ومتحدثين، بعد اللغة العربية، وهي أيضًا اللغة الإفريقية الأكثر انتشارًا في شرق إفريقيا ووسطها، وربما جنوبها، كما أنها اللغة الإفريقية الأكثر تطورًا في مجال التدوين، مقارنةً مع اللغات، التي تشاطرها المنطقة.
2- اللغة السواحيلية ذات أهمية تاريخية، وذات رمزية عالية، وتمتلك أَدبًا ثريًّا، وهي ليس لها قومية كبيرة تُنسب إليها، بحيث تُشكِّل حاجزًا لتبنّيها مِن قِبَل آخرين.
3- اللغة السواحيلية لغة للمسلمين والنصارى وأصحاب الديانات التقليدية، فهي لا تنحاز إلى دين أو ديانة بعينها، بل هي لغة كل الأديان والديانات.
4- اللغة السواحيلية ذات تجربة ثرية في مجال التعليم والإعلام والحياة العامة، ولغة تجارة وتواصل بين القوميات العديدة في شرق إفريقيا ووسطها وجنوبها، كما أنها لغة رسمية في تنزانيا مع الإنجليزية.
5- اللغة السواحيلية تمثل لغة عمل في الاتحاد الإفريقي، على قدم المساواة مع العربية والإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والإسبانية.
التحديات التي تواجه الأفرقة:
مثلما هناك فرصة متاحة لجعل أفرقة اللغة الرسمية في دول منطقة "الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي" ممكنة؛ هناك العديد من التحديات التي تواجه تلك الأفرقة، لعل في مقدمتها:
1- اللغات الأوروبية المختلفة التي تسيطر على بعض تفاصيل المشهد اللغوي في إفريقيا جنوب الصحراء، وفي منطقة شرق إفريقيا ووسطها وجنوبها، لا سيما في مجال اللغة الرسمية.
2- عدم الوجود أو الوجود غير المعتبر للغة السواحيلية في عددٍ من دول المنطقة (بتسوانا، وسوازيلاند، وسيشيل، وموريشيوس، وليسوتو).
3- تعقيد المشهد اللغوي في دول المنطقة؛ حيث يتحدث فيها أكثر من 600 لغة إفريقية محلية.
4- الصفوة والنخبة في دول المنطقة، التي تنحاز للغات الأوروبية، والارتباط بكلّ ما هو أوروبي، في ظل العجز المزمن عن إيجاد بديل للغات الأوروبية، كلغات رسمية في دول إفريقيا جنوب الصحراء في فترة ما بعد الاستقلال.
خلاصة واستنتاجات:
نخلص في هذا المقال إلى النقاط التالية:
أولاً: إنَّ منطقة الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي تقع في شرق إفريقيا ووسطها وجنوبها، غير أن الجنوب يحظى بأكبر عددٍ من الدول.
ثانيًا: هذه المنطقة يغلب على سكانها الحاليين الانتماء إلى شعب البانتو، وإن الغالبية العظمى من لغاتها تنتمي إلى فصيلة البانتو.
ثالثًا: هذه المنطقة يختلف فيها عدد السكان من دولة إلى أخرى، كثرةً وقلةً، وإن عدد سكان الدول التي تكوّن هذه المنطقة يقدّر بنسبة 28.5% من سكان مجمل دول القارة (346.183.542، مقابل 1.216.130.000 نسمة).
رابعًا: هذه المنطقة تتميز بمشهد لغوي معقَّد؛ حيث تُتَحَدَّث فيها أكثر من 650 لغة، وإن للغات الأوروبية (الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية والهولندية والألمانية) لها حضور متميز في المنطقة، لا سيما الإنجليزية ثم الفرنسية، وإن مجال اللغة الرسمية تكاد تسيطر عليه تلك اللغات.
خامسًا: هذه المنطقة تنتشر في 11 دولة منها من جملة 16- اللغة السواحيلية، فهي لغة تواصل مشتركة في عددٍ من دول المنطقة وغيرها، وهي لغة تتحدثها مجتمعات عديدة في تلك الدول، بالإضافة إلى أنها تلعب دور اللغة الرسمية في تنزانيا مع اللغة الإنجليزية، ولغة قومية في الكنغو الديمقراطية مع 3 لغات محلية أخرى، كما أنها تُستخدم في التعليم والإعلام والتجارة في عددٍ من دول المنطقة.
سادسًا: إن هذه المنطقة، التي بادرت الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي بأفرقة لغتها الرسمية؛ ستتوافر للمبادرة، الخاصة بها العديد من الفرص، وفي الوقت نفسه ستواجهها العديد من التحديات، التي يمكن تجاوزها بالتدرج في التطبيق، والتعامل بواقعية مع اللغات الأوروبية بسحب بساط الوظائف، التي ظلت تقوم بها تاريخيًّا، شيئًا فشيئًا.
[7] Ibid.
[8] أخذت المعلومات الخاصة باللغات من الموقع اللغوي الأكثر ثقة وشهرة عند المختصين في مجال اللغات واللغويات عالميًّا: Ethnologue: Languages of the World
[9] أخذت المعلومات الخاصة باللغات الرسمية لدول منطقة الجماعة الإنمائية للجنوب الإفريقي، من المواقع الرسمية على الإنترنت لكل دولة، وعادة ما تتضمن تلك المواقع، علَم الدولة، واسم عاصمتها، وعدد سكانها، ولغتها الرسمية، وغير ذلك من المعلومات المفتاحية المختصرة.
[10] هايني، بيرند (2006م): وضع واستخدام اللغات الإفريقية المشتركة. ترجمة: الأمين أبو منقة محمد وأحمد الصادق أحمد. الخرطوم: دار جامعة إفريقيا العالمية للطباعة، ص 95.
[11] يوسف، حسن الريح، مرجع سابق، ص. ص. 48- 49.
[12] كولماس، فلوريان، مرجع سابق، ص. ص. 247- 248.
[13] https://www.Afriac.ctgn.com