أثيوبيا أنجولا أوغندا إريتريا اسواتيني  افريقيا الوسطى الجابون الجزائر الرأس الأخضر السنغال السودان الصومال الكاميرون الكونغو الكونغو الديمقراطية المغرب النيجر بنين بوتسوانا بوركينا فاسو بوروندي تشاد تنزانيا توغو تونس جزر القمر جنوب أفريقيا جنوب السودان جيبوتي رواندا زامبيا زيمبابوي ساو تومي وبرينسيبي سيراليون غامبيا غانا غينيا غينيا الاستوائية غينيا بيساو كوت ديفوار كينيا ليبيا ليبيريا ليسوتو مالاوي مالي مدغشقر مصر موريتانيا موريشيوس موزمبيق ناميبيا نيجيريا

أثر لغة الهوسا في الرواية العربية النيجيرية : رواية "في قبضة العمال" لعلي إسحاق نمدي (نموذجا)

 

الدكتور محمد منصور جبريل (*)

 

جدير بالاعتبار أن اللغة الأم لها أثر فعَّال في نقل الرسالة الفنية من المبدع إلى المتلقى. ففي المجال التطبيقي للروايات النيجيرية، يُلمس أن المؤلف الروائي يوظف لغته الأم (لغة الهوسا) بطريقة لا واعية في التعبير العربي. وقد ترد أحيانا بطريقة واعية، حيث يستخدم بعض الكلمات أو الجمل غير العربية بطريقة مباشرة في عمله الفني. وهذا مما يؤكد "أن اكتساب مهارة أو عادة لغوية جديدة لا تتم بمعزل عن العادات اللغوية للغة الأم. وذلك لأن تكيف أعضاء النطق لأداء أصوات اللغة، وانطباع تراكيبها له تأثير في تعلمه اللغة الجديدة بطريقة لا واعية. (١)        

هذا، وإن الأستاذ على إسحاق نَمَدِي قد عبَّر عن تجربته الذاتية تجاه المجتمع النيجيري وما يعانيه من الفساد الأخلاقي وخاصة لدى العمال المسئولين عن حماية أعراض أفراد هذا المجتمع وأموالهم؛ فظلوا يأكلون أموال الناس بالباطل، ولا يتناهون عن منكر بل يفعلونه؛ مما أدى إلى بث الرذائل، وانتهاك حرمات المظلومين، يتغلب القوي على الفقير، والفاجر يهيمن على الصالح بما لديه  من الأمتعة المادية التي تقود زمام الفاسدين من أهل الإنبرام والنقض. وكانت هذه التعبيرات معبرة عن العواطف بأسلوب روائي محض تنطبق من خلاله تعبيرات ممتزجة بلغة الروائي الأم (لغة هَوْسَا).                                                                          

وقد يفيد إبراز هذا الجانب التأثيري اللغوي في تذليل كثير من المشكلات والصعوبات التي يواجهها الدراسون من متعلمي اللغة العربية غير الناطقين بها.

                                                                     

التعريف بالروائي

هو الأستاذ علي إسحاق نَمَدِي، من مواليد ثمانينات القرن العشرين بقرية طَنْغُورَا، التابعة لحكومة قِرُو المحلية بولاية كنو. تعلم في مدرسة الابتدائية المركزية ومدرسة انتشار الإسلام، كلتيهما بقرية طَنْغُورَا، ثم التحق بمدرسة صبيان القرآن المرتل، ومدرسة اللغة العربية الثانوية الحكومية بِكُورَا. وقد تعلم كذلك في كلية التربية الإسلامية بِكُورَا قبل انتقاله إلى جمهورية النيجر، حيث حصل على شهادة الليسانس في الدراسات الأدبية من الجامعة الإسلامية، ثم التحق بجامعة عمر موسى يَرْأَدُوَا بكشنة لدراسة الماجستير في الأدب العربي. 

                

نبذة عن الرواية:

من الحقائق المسلمة أن الأديب ابن بيئته التي عاش فيها، ينقل منها مادته الأدبية المعبرة عن مختلف جوانب حياتها، من النواحي الاجتماعية والسياسية والثقافية والدينية والاقتصادية وكل ما له العلاقة بالحياة الإنسانية.  

هذا، وتعتبر الرواية "في قبضة العمال" لعلي إسحاق نمدى، مرآة صادقة تعكس الوضع الاجتماعي السائد في نيجيريا وخاصة ما يتعلق بالفساد الأخلاقي الناتج عن الهوى وأخذ الرشوة باسم الإحسان ومنفعة المكتب وغير ذلك من التسميات الدالة غلى تحليل ما حرم الله. وذلك مما أوقع المجتمع في هوة عميقة والتدهور الأمني. وقد شاعت هذه المفاسد فيمن أسند إليهم تحقيق الأمن والسلام والإصلاح. فقادتهم الهوى إلى الخيبة في انجاز تلك المسئولية الجبارة، حتى صار المجتمع يفر ويخاف منهم على الرغم من أهمية تلك الوظيفة في مكافحة الفساد عن المجتمع الإنساني لو كانت تجرى على ما يرام.                                                                  

نعيب زماننا والعيب فينا         وما لزماننا عيب سوانا

 

أوجه الاختلاف بين العربية والهوسا:

تجدر الإشارة إلى أن هناك بعض المميزات التعبيرية بين العربية والهوسا. ويمكن إرجاع هذه المميزات إلى الفروق والإختلافات الموجودة فى المستويات الكلامية للغتين من الناحية الصوتية والتركبية والدلالية. ويرى الباحث أن هذه الفروق والمميزات من المشاكل التي يواجهها متعلموا اللغة العربية من الناطقين بغيرها في شمال نيجيريا، وخاصة المتكلمون بلغه هَوْسَا. وفيما يلى توضيح لنماذج من هذه المميزات التعبيرية بين اللغتين العربية والهوسا:-     

أ) المستوى الصوتي:

يقع الخطأ في توظيف بعض الحروف العربية غير الموجودة في لغة هوسا. وقد أحصاها الدكتور شيخو أحمد غلادنثى ثمانية وهي الثاء والحاء والخاء والدال والضاد والظاء والعين والصاد،(٢) فعدم وجود هذه الأحرف الثمانية، يؤدى إلى صعوبة النطق بها لعدم التعود بها في الكلام اليومي. 

                                       

وفيما يلى توضيح لهذه الحروف العربية غير الموجودة في لغة هوسا:

 

 

ب) المستو التركيبي

وفيما يتعلق بتركيب الجمل فى لغة الهوسا هناك قاعدة ثابتة لا يمكن مخالفتها "فيجب أن يسبق الفاعل الفعل، ثم يأتى المفعول بعدهما. ولا يصح أن يتقدم الفعل الفاعل أو المفعول على الفاعل"(٤)، وإذا كان الفاعل إسما ظاهرا، فيلزم أن يكون مصحوبا بضمير مطابق له قبل الفعل وذلك نحو قولك:                           

إِبْرَاهِيم يَا كَرَنْتَا       =     إبراهيم (هو) قرأ

إبراهيم يَنَا كَرَنْتَوَا     =     إبراهيم (هو) يقرأ

إبراهيم زَيْ كَرَنْتَا     =     إبراهيم (هو) سيقرأ

أما إذا كان التوظيف للفعل الأمر، فلا داعي إلى تكرار الضمير المنفصل، فيقال:

إبراهم كَرَنْتَا        =      إبراهيم إقرأ

وعلى الرغم من وجود الإختلاف بين اللغتين فى المستوى التركيبي للجمل، هناك بعض الكلمات المشابهة بين اللغتين فى البنية الصرفية، ويلمس وجود الزائد /M/ فى السوابق من كلي اللغتين عند صياغة اسم المكان واسم الفاعل واسم الآلة؛(٥)

كما سيتضح ذلك فيما يلي:

 

الهوسا

العربية

مَبُوطِي

مفتاح

مَيَاقِي

مجاهد

مُنَافِكِي

منافق

مَتَفِيِي

مسافر

مَسَاقَا

منسج

مَجــــمَا (بالجيم الممالة)

مدبغة

مَيَنْكَا

مجزرة

مَقَبَرْتَا

مقبرة

مَتَتَّرَا

مجتمع

مَرِنَا

مصبغة

مَسَلَّاثِى

مسجد

 

 

ث) المستوى الدلالي

فيما يتعلق بالجانب الدلالى، هناك بعض النظائر المشابهة بين اللغتين العربية والهوسا ويكون هناك تحريف بسيط وِفْقًا لمتطلباة النطق الهوساوي.

وفيما يلى نماذج لذلك:

تحريفها فى الهوسا

الكلمات العربية

لاَفِيَا

العافية

هَرَامٌ

الحرام

البَرْكَا

البركة

فِتِلاَ

فتيلة

فِتِنَا

فتنة

لَأَنَا

اللعنة

هَلَاكَ

الهلاك

أَلْوَلَا

الوضوء

هَيْلَا

الحيضة

مُتُوَا

الموت

قَبَرِى، كَبَرِى

القبر

اَلْقَلَمِي

القلم

أَلْبَسَا

البصل

جَرِيدَا

الجريدة

أَرْزِقِي، أَرْزِكِي

الرزق

زَامَنِى، زَامَانِي

الزمان

سَلاَّ

الصلاة

جُومَأَ

الجمعة

أَلْهَمِسْ

الخميس

لَارَبَا

الأربعاء

تَلَاتَا

الثلاثاء

لِيتِنِنْ

الإثنين

لَهَدِ

الأحد

أَسَبَرْ

السبت

لَادَانِ

المؤذن

إِيدِ

العيد

أَدَدِى

العدد

هَنْكَلِي

العقل

زَالُنْثِى

ظلم

لَرُورَا

ضرورة

دَوْلَا

دولة

فَلَلَا

فضل

إِلِمِي

علم

 

 

     ج) النماذج التطبيقية من الرواية:

لقد توصل الباحث إلى أن الأستاذ علي إسحاق نمدى كغيره من الروائيين النيجيرين تأثر باللغة الأم (لغة الهوسا) في بنية روايته "في قبضة العمال" من الناحية الشكلية والمضمونية. أما الجانب التأثرى الشكلي يتمثل أحيانا في توظيفه لبعض الكلمات الهوساوية لفظا ومعنى كما في قوله: "يَلَّا بَيْ أهلا بكم"(٦) فكلمة (iaballay) لفظ هوساوي يراد به السيد وقوله "يَوَّا شكرا"(٧) بمعنى جيد أشكرك. وفيما يلى إيراد لنماذج من هذه التعبيرات الممزوجة بين العربية والهوسا الواردة في الرواية:

 

رقم الصفة

معناه

التعبير

١٠

اصبر يا سيِّد

يَلَّابَىْ إصبر

١٧

أهلا بكم يا سيِّد

يَلَّابَىْ أهلا بكم

٢٥

كلمة تعجب

كَايْ!

٢٦

اسم مركب مزجي، بمعنى: يعنيك ويهمك كل شيء

كُومَي دَرُوَنْكَ

٣٦

جيد، أشكرك

يَوَّا، شكرا

٥٥

اسم= خديجة

هَدِيزَة

٧١

اسم= محمود

مُودِي

 

 

وفى بعض الأحايين يستخدم المثل الهوساوى بصيغة عربية كما يستنج ذلك من قوله"متى وجد الطمع سوف يتبعه الهوان وهذا موافق بالمثل الهوساوى:  inda kwadayi da wulakanci (8)

وقد يلجأ الروائى إلى توظيف تعبير كنائى هوساوي بألفاظ عربية كما فى قوله "أين اختفيت" ayub ak ani A ، يقال ذلك لمن طال الفراق بينك وبينه. ويلمس ذلك أيضا من قوله: "مودى كبار القوم" mudi manyan mutane.(10) يقال ذلك إجلالا لشأن المخاطب.

ومنه كذلك قول الروائى يحكى حالة امرأة  تحن إلى زوجها بعد أن حبسته رجال الشرطة، فقالت: "كيف أصنع بنفسى"(١١) Yaya zanyi da raina          /ina zan saka kaina

تعبير كنائى هوساوي يعبر به الذى أصابته كارثه. تخفيفا لنفسه من المأزق. ومن الأثر الدلالى للغة الأم فى الرواية إظهار اللفظ العربى مخالفا لدلالته المعروفة. وهذا ما يستنتج من قوله "أو لأنه يعطى الإحسان لرئيسهم"(١٢) فكلمة الإحسان هنا، يراد بها الرشوة فى التعبير الهوساوي المعاصر – وخاصة فيما يتعلق بتقديم الهدايا للموظفين وأصحاب الجاه -.                                                                     

ومن الجانب التركيبى، يُلمس من الروائي توظيف جملة استفهامية عربية على قالب هوساوي، وذلك فى قوله "ألا يستطيع هو  أن يحكم على طلابه؟"(١٣) فهو يخاطب العميد المتغافل عن تأديب طلابه لما ارتكبوا جريمة ضد زملائهم الطلبة. ففى توظيفه الضمير المنفصل بعد الفعل المضارع تعبير هوساوي لأن الدلالة تتم بدونه فى السياق العربى.                                                                                                

Domin وقد وقع الروائى فى مثل هذا الخلط اللغوى فى قوله "ولكي تكون هذه الوظيفة وظيفة نظيفة"(١٤). wannnan aiki ya kasance aiki ne mai kyau

ففى تكرار الكلمة (الوظيفة) أثر للغة الأم فى خطاب الروائي                                                  

ففى الخطاب العربى إذا تكرر اللفظ والمعنى جميعا فذلك هو الخدلان بعينه كما يعبر عنه ابن رشيق فى كتابه "العمدة فى محاسن الشعر"(١٤). 

                                                                              

الخاتمة:

لا مناص من الإعتراف بأن اللغة الأم تتأثر فى الإنتاج الأدبى العربى النيجيرى شعرا ونثرا. والمتتبع للروايات العربية النيجيرية يستنتج مدى أثر اللغة الثانية فيما يتعلق بالجوانب الصوتية والتركيبية والدلالية. وقد يتسرب هذا التداخل التعبيري بين اللغتين بدون شعور الأديب، بل يرد عفوا نتيجة لأثر البيئة التى عايشها الكاتب؛ فى حين أن القارئ يلمس فى بعض الأحايين أن لغة الكاتب الأم حاضرة فى أسلوبه بطريقة غير عفوية، بل إنه يميل إلى نقل نظام لغته إلى اللغة العربية كما اتضح ذلك من النماذج السالفة الذكر.                          

هذا، ولعل السبب فى ذلك يرجع إلى أن اكتساب مهارة أو عادة لغوية جديدة لا تتم بمعزل عن العادات اللغوية للغة الأم.                                                                                              

وتجدر الإشارة إلى أن معرفة أوجه الإختلاف بين اللغتين: اللغة الأجنبية واللغة الأم يسهم فى حل كير من الصعوبات  الناجمة عن اختلاف أنظمة اللغتين، وخاصة فيما يتعلق بتعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها. وقد توصل البحث إلى نتائج، منها مايلي:                                                                         

١- أن الروايات العربية النيجيرية تلعب دورا إيجابيا فعالا فى مكافحة الفساد الإجتماعى.

٢- تتأثر اللغة الأم فى الإنتاج العربى النيجيرى شعرا ونثرا عبر مستوياته الصوتية والتركيبية والدلالية.

٣- أن الكتشاف جوانب الإختلاف التعبيرية بين اللغتين الأم واللغة المتعلمة (العربية) يسهم فى حل     الصعوبات التى  يواجهها الدارسون للغة العربية من الناطقين بغيرها.                                           

وأخيرا، يوصى الباحث إخوته الدراسين بأن يشمروا عن سواعد الجدّ فى البحث والتنقيب عن انتاجات علماء هذه البلاد النيجيرية لرفع شأن وطننا وحماية ثقافنا.                                                            

الهوامش:

(*) قسم اللغة العربية, جامعة بايرو كنو.

(١) زاهران، البدراوي، في علم اللغة التقابلى، ط ١، دار الآفاق العربية، القاهرة، ٢٠٠٨م : ٤٢

(٢) غلادنثى، شيخو أحمد سعيد (الدكتور)، حركة اللغة العربية وآدابها فى نيجيريا، شركة العبيكان، الرياض، (ب ت): ١٩٠                                                                                               

(٣) نظق الراء الهوساوية غير المكررة بل تقع بين طرف اللسان وما يقابله من الحنك الأعلى وتسمى (edak-aR)  

(٤) غلادنثى، شيخو أحمد (الدكتور)، حركة اللغة العربية وآدابها في نيجيريا، مرجع سابق: ١٩٥

(٥) داود، الطاهر محمد (الدكتور) شعب الهوسا، مطبعة س. ك. أمود، كنو – نيجيريا، ٢٠٠١م: ٣٠

(٦) نمدى، علي إسحاق، في قبضة العمال، درا الثقافة، جوس – نيجيريا، ٢٠١٥م: ١٧

(٧) المصدر نفسه: ٣٦

(٨) المصدر نفسه: ٢٠

(٩) المصدر نفسه: ٧١

(١٠) المصدر نفسه: ٧١

(١١) المصدر نفسه: ٧٤

(١٢) المصدر نفسه: ٢٠

(١٣) المصدر نفسه: ١٦

(١٤) ابن رشيق، العمدة، المكتبة الشاملة، الإصدار الثالث جــ ١، : ١٣٤

كتاب الموقع