توفي المحارب المخضرم المناهض للفصل العنصري, أحمد كاثرادا، وذلك بعد مرض طويل في سنّ 87 عاما. وقد عمل كاترادا بعد عام 1994 مستشارا برلمانيا في مكتب الرئيس نيلسون مانديلا.
وبحسب مؤسسة كاثرادا الخيرية, سيتم دفن الزعيم الجنوب أفريقي وفقا للشريعة الاسلامية.
ولد أحمد كاثرادا في بلدة شمال غرب شويزر-رينيكه في 21 أغسطس 1929. وانخرط في السلك السياسي في وقت مبكر عندما كان في مدرسة جوهانسبرج الهندية العليا. وانضم إلى رابطة الشباب الشيوعية في جنوب أفريقيا حيث قام في البداية بتوزيع الكتيبات والأوراق في زوايا الشوارع.
حُكم على كاثرادا بالسجن 18 عاما بسبب مشاركته في حملة المقاومة التي نظمها المؤتمر الهندي الجنوب أفريقي. وبعد ذلك بوقت قصير، التقى للمرة الأولى مع اثنين من زعماء حزب المؤتمر الوطني الافريقي :وهما والتر سيسولو و نيلسون مانديلا. وألغي بعد عقد من الزمن الحكم الصادر بحقهم (والتر سيسولو, نيلسون مانديلا, وأحمد كاثرادا) بسبب تنظيم حملة مقاومة ضد قوانين الفصل العنصري. وتمت تبرئتهم في ذلك الوقت ولكنه فرض على كاترادا الإقامة الجبرية حتى هروبه واختفائه.
بعد دراسة موجزة في جامعة ويتواترسراند (ويتس)، تم اختيار كاثرادا لقيادة وفد الشباب الجنوب أفريقي إلى الاتحاد العالمي للشباب الديمقراطي، الذي عقد في برلين في عام 1951. وقد وسع المؤتمر رؤيته العالمية وصعّد من صحوته السياسية. واغتنم كاثرادا تلك الفرصة لقضاء بعض الوقت مع مختلف منظمات الشباب الشيوعية في المجر وبولندا قبل عودته إلى جنوب أفريقيا لمواصلة نشاطه.
في تموز / يوليو 1963، انقضت الشرطة على مزرعة ليليسليف في ريفونيا، وهي ضاحية جوهانسبرغ، حيث يجتمع “الأشخاص المحظورون”. وأدى ذلك إلى محاكمة ريفونيا الشهيرة، حيث سجن مانديلا وسيسولو وكاثرادا وخمسة آخرين في السنة التالية.
في مدحه لمانديلا بعد وفاته في عام 2013، كشف كاترادا عن طبيعة علاقته مع الشخصيتين من قادة حزب المؤتمر الوطني الأفريقي. وفي إشارة إلى سيسولو، كتب كاترادا: “بالنسبة لي، على مر السنين أصبح الأب الذي فقدته في عام 1944. كنت أستطيع، وأتوجه إليه للحصول على المشورة الشخصية. والآن فقدتك يا أخي الأكبر، ورفيقي والزعيم”.
ويعني وفاة كاثرادا أنه بقي شخصان فقط على قيد الحياة من عدد ثمانية أشخاص المحاكَمين في ريفونيا – وهما أندرو ملانجيني و دينيس غولدبرغ. كما أن كاثرادا قضى 26 عاما و 3 أشهر في السجن، 18 منها في جزيرة روبن.
أثناء وجوده في السجن، أكمل دراسته الجامعية، وحصل على درجة البكالوريوس في علم الجريمة والتاريخ، وجوائز الشرف في التاريخ والسياسة الأفريقية. كما حصل كاثرادا على أربع درجات فخرية من بينها “ويتس” وجامعة ميسوري بالولايات المتحدة.
كتب سيسولو عن كاثرادا بمودة واحترام كبير عن وقتهم المشترك في جزيرة روبن: “كان كاثي (لقب كاثرادا) برج القوة ومصدر إلهام لكثير من السجناء، الصغار والكبار”.
قبل أقل من ستة أشهر من رفع حظر حزب المؤتمر الوطني الافريقي, اُنتخب كاثرادا (بعد إطلاق سراحه في اكتوبر 1989) عضوا في اللجنة التنفيذية الوطنية للحزب في أول مؤتمر وطني رسمي في عام 1991. وترأس إدارة الاتصالات والعلاقات العامة في المؤتمر الوطني الأفريقي حتى عام 1994، عندما انتخب عضوا في البرلمان في أول حكومة ديمقراطية في جنوب أفريقيا في ظل أول انتخاب ديمقراطي في البلاد برئاسة نيلسون مانديلا. وكان كاترادا أيضا مستشارا برلمانيا في مكتب الرئيس.
بين عامي 1995 و 2006، كان كاثرادا رئيس مجلس متحف جزيرة روبن. وبصفته شخصا سُجن في الجزيرة، قام بقيادة الحملة من أجل الحفاظ على التاريخ الهام والمؤلم لسجن الجزيرة.
تقاعد كاثرادا رسميا من الحياة السياسية في عام 1999. وكتب عدة كتب عن حياته وتاريخ النضال ضد الفصل العنصري. كان عمله الأكثر عمقا مجموعة من الكتابات حول وقته في السجن، بعنوان حرية بسيطة (A Simple Freedom)، نشر في عام 2013.
ومن الجوائز التي حصل عليها كاثرادا في حياته، جائزة الاستحقاق من حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لخدمته وحياته للحزب والبلاد. وجائزة حرية جوهانسبرغ، وهي أمر رئاسي لخدمة جدارة (الذهب), وجائزة برافاسي بهاراتيا سمان الهندية.
وقال لالو “ايسو” شيبا زميل كاترادا في جزيرة روبن, إنه كان شخصية أخلاقية لحركة مناهضة الفصل العنصري.
“لقد كان قوتي في السجن، دليلي في الحياة السياسية وركيزة القوة في أصعب لحظات حياتي. إنه رحل الآن,” يقول شيبا (89 عاما) في بيان.
وفى العام الماضي حث كاترادا الرئيس جاكوب زوما على الاستقالة بعد أن اعتبرت المحكمة العليا في جنوب أفريقيا أن الرئيس قد انتهك يمين منصبه برفضه دفع الأموال العامة التي أنفقت لترقية منزله الريفى.
“أعرف أنني لو كنت في أحذية الرئيس، سأقدم استقالتي بشكل فوري,” يقول كاترادا, “أعتقد أن هذا هو الذي من شأنه أن يساعد البلاد على إيجاد طريقها للخروج من طريقٍ لم يتصور أنه سيكون فيه، ولكنه طريق يجب الخروج منه قريبا.”