أعلن “تنظيم الدولة الإسلامية” تعيين زعيم جديد لفرعها في غرب أفريقيا، والذي يعرف باسم جماعة بوكو حرام المتمركزة في شمال شرق نيجيريا. وكان هذا الزعيم الجديد هو المتحدث السابق باسم الجماعة، ليحلّ محلّ “أبو بكر شيكاو”، الذي أصبح زعيم جماعة بوكو حرام في عام 2009 بعد وفاة مؤسّسها.
أسباب إقالة شيكاو
وحول أسباب إقالة شيكاو أشارت صحيفة ” فاينانشال تايمز” البريطانية أن سبب الإقالة يعود إلى خلاف بين داعش وجماعة بوكو حرام النيجيرية والذي خرج مؤخرا للعلن ، حيث قالت الصحيفة: إن تداعيات اختيار تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروف إعلاميا بـ “داعش” زعيمًا جديدًا لجماعة بوكو حرام المسلحة في نيجيريا والتي أعلنت مبايعتها للتنظيم في العام الماضي، قد تكون خطيرة.
وذكرت الصحيفة في سياق تقريرها المنشور على نسختها الإلكترونية أن إقدام “داعش” على تنصيب أبو مصعب البرناوي زعيما لـ”بو كو حرام” من شأنه أن يعجل بانقلاب الجماعة الواقعة غربي إفريقيا على التنظيم المتشدد الأخطر في العالم.
وأضاف التقرير أن الخلاف بين أبو بكر شيكاو قائد ” بوكو حرام” وتنظيم الدولة الإسلامية قد خرج للعلن في أعقاب قيام الأخير بتعيين البرناوي قائدًا جديدًا لـ”بوكو حرام”.
وحسب موقع الجزيرة نت ، فقد ظهر -بُعيد إعلان تعيين البرناوي وفي نفس اليوم- تسجيل صوتي مدته عشر دقائق منسوب إلى شيكاو يقول فيه إنه “يجب أن يعرف الناس أننا ما زلنا موجودين. لن نُوقِع فتنة بين الناس، وسنسير وفق أحكام سنة النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن..، هذا هو موقفنا، وما زلنا نحن جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”.
أبو مصعب البرناوي:
لم يُعرف عن البرناوي الكثير, سوى أن اسمه “البرناوي” يبدو وكأنه نسبة إلى بورنو, إحدى ولايات نيجيريا التأريخية. كما أن هناك من يشير إلى أنه ابن مؤسّس “بوكو حرام” محمد يوسف, حيث البرناوي هو الابن الوحيد الذي لا يزال على قيد الحياة.
كان البرناوي متحدثا باسم بوكو حرام إلى حين انشقاقه هو وأعضاء آخربن لتشكيل طليعة حماية المسلمين في الأراضي السوداء (والتي تعرف باسم جماعة “أنصارو/الأنصار”) في عام 2013 – حتى وإن كانت عامة الناس لا يكادون يفرقون بين الجماعتين “بوكو حرام” و”أنصارو”. إضافة إلى ذلك, فإن هذه الجماعة المنشقة تؤدي نشاطاتها أيضا في شمال شرق نيجيريا، لكنها – على عكس “بوكو حرام” – لا تقوم بمهاجمة المسلمين المدنيين ولا تجبر النساء والأطفال للقيام بمهمات التفجير والانتحار، وإنما ترى ضرورة التركيز على محاربة الجيش النيجيري بدلا من مهاجمة الأهداف المدنية.
وعلى الرغم من انشقاق (أنصارو) عن بوكو حرام، إلا أن الجماعتين تتعاونان معًا في المنطقة الحدودية بين نيجيريا والكاميرون، حيث تتبادلان الأدوات والموارد والمسلّحين لتحقيق “هدف مشترك”.
ولعلّ ما سبق ذكره يفسر أسباب ظهور البرناوي في يناير عام 2015 في الفيديو الذي نشرته بوكو حرام وهو فيه متحدث باسم الجماعة. وبعد بضعة أشهر، أصدرت بوكو حرام شريط فيديو جديد بظهور “أبو بكر شيكاو”. ومع ذلك، فإن سوء جودة لقطات الفيديو أثارت الشكوك على صحته. كما أنه منشور فقط على موقع يوتيوب دون الحسابات الموالية أو التابعة لجماعة بوكو حرام على تويتر.
ويشير مراقبون إلى أن انشقاق البرناوي كان مدعوما من قيادة تنظيم الدولة حيث ينظر إليه التنظيم على أساس أنه “أمير الجماعة الشرعي”.
وأوضح ديفيد أوتو، الرئيس التنفيذي لشركة غلوبال سكيوريتي بروفايدر, لـ”أي بي تايمز”, أن البرناوي دائما ما يشيد بأنشطة “تنظيم الدولة الإسلامية”، مثل إشادته الهجوم على المجلة الفرنسية “شارلي ابدو” في باريس في يناير كانون الثاني عام 2015. وعلى الرغم من أن (أنصارو) – خلافا لبوكو حرام – كانت حليفا لتنظيم القاعدة، إلا أنها سعت نحو الحصول لمزيد من التعاون مع “تنظيم الدولة الإسلامية”.
ويضيف أوتو” يتواصل البرناوي مؤخرا مع تنظيم الدولة الإسلامية بعد أن تسبب التدخل العسكري الفرنسي بقطع علاقات جماعة أنصارو مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي. وفي الآونة الأخيرة, يستخدم البرناوي حساب بوكو حرام الجديد على تويتر، al – Urhwa al Wutqha – ولكن اللافت أنه لم يذكر شيكاو في التغريدات على الإطلاق”.
وأوضح :” كان حساب أنصارو الذي في كثير من الأحيان يروج له أنصار تنيظيم الدولة الإسلامية الرؤساء، مثل شيبة الحمد. ويشير إلى بوكو حرام بـ” الدولة الإسلامية في غرب أفريقيا” وفي حال صدور شريط فيديو من الجماعة, فإن الحساب يستخدم عنوان “رسالة من مجاهد”، وهو نفس العنوان المستخدم في سلسلة فيديوهات تنظيم الدولة الإسلامية، وكل ذلك يشير إلى أن هذا الفصيل لم يعد يعتبر نفسه جزءا من تنظيم القاعدة”.
أفكار البرناوي:
مع أنه – في الوقت الحالي – لا يمكن استيعاب شخصية البرناوي لقلة المعلومات عنه, إلا أنه حسب ظهوره في مرئية بوكو حرام كمتحدثها, كان يتحدث بلغة الهاوسا بأسلوب هادئ, على عكس أبوبكر شيكاو الذي كان غالبا ما يتحدث باللغة العربية ويُصوَر في الهواء الطلق، محاطا بمقاتلين، ويتحدث بصوت عال عن انتصارات وتهديدات.
وفي بيانه مع مجلة تنظيم الدولة الإسلامية – وفق “بي بي سي”, حذّر البرناوي من أن البلدات التي قاومت جماعة بوكو حرام في مهمتها لإنشاء دولة إسلامية، سيتم تسويتها بالأرض, مؤكّدا رفضه للديمقراطية والتعليم الغربي.
وأشار إلى التزامه باستخدام اسم بوكو حرام، والذي كان في الأساس اسما أطلقه السكان المحليون على جماعته، وهذا الاسم يعني بلغة الهاوسا “التعليم الغربي حرام”, مضيفا إلى أن بوكو حرام التي تعتبر فرعا لتنظيم الدولة الإسلامية, لا تزال قوية في المنطقة، متعهّدا بمواصلة القتال ضد الحكومات والدول التي تحاربها.
ويرى محللون أن تعيين البرناوي يمثل نجاحا لفصيل “الأنصار” داخل جماعة بوكو حرام الذي كان يأخذ على شيكاو قتل المدنيين، ويفضل شن هجمات موجهة بدقة أكبر ضد الأهداف الحكومية.
ويصفون البرناوي بأنه “معبر وواضح جدا” في ما يتعلق بالالتزام بسياسة تنظيم الدولة وأهدافه، ولذلك أرادت قيادة التنظيم أن يكون بديلا عن شيكاو لـ”تبييض سمعة بوكو حرام بين الجهاديين”.