بقلم: ماتيو مايار
ترجمة :سيدي .م.ويدراوغو
مرحبا بكم في وادي سيلكونSilicon Valley” “هي تلك العبارة الملتصقة على سلة صغيرة على باب المطبخ . المكان خال من الأجهزة الكبيرة كما لا يوجد فيها مساحة واسعة مكتظة بالحواسيب ؛ بل مكتب بسيط ومؤلف من غرفتين منتظمة بعناية في ضواحي دكار، ويحتوي على طاولتين عليهما ثلاثة حواسيب محمولة .
(Silicon Valle )هي حالة نفسية قبل كل شيء ، وهذا المقاول البالغ من العمر 30 عاما يسعى لغرس ذاك التصور على مستواه.
ومحمد درامي من الشباب الرواد في تكنولوجيا الحديثة في العملية التربوية السنغالية حيث أسس( مدرسة التكنولوجية الرقمية الحديثة)، وهي المؤسسة الوحيدة في المنطقة والمتخصصة في تنفيذ برامج تربوية ، ومنصة التدريب عن بعد في الجامعات .
على أن أهم هوايته منذ الصغر : الحاسب الآلي وأمريكا، وذلك لإعجابه بنضال مارتن لوثركينغ ومالكوم إكس وما أحدثه بيل جيت ، واستيف جوبس من التطوير التكنولوجي ” كنت معجبا بنظام التعليم الأمريكي الذي يولي الاهتمام على الكفاءة(الكفاية)أكثر من النظرية، كنت أحلم بالاختراع ، وكنت أتصور بأن أرض أمريكا هي الوحيدة التي تمنح تلك الفرصة …وعلى رغم من أن البعض كانوا يعتبرونني مجنونا ،لكنني كنت أعتقد بأنني قد أجد مجانين مثلي هناك “.
النظام التجريبي
نشأ محمد درامي في أبيدجان في عائلة كانت كثيرة التنقل ، وبعد حصوله على الشهادة الثانوية في دولة بنين ، كان همه الوحيد الالتحاق بالجامعات الأمريكية .ولكن تكاليف الدراسة الباهظة أجبرته إلى العدول عن الفكرة.
وفرنسا كانت خياره الثاني غير أن التكاليف أيضا لم تكن في متناول أسرته التي كانت تفضل أن يبحث عن الوظيفة أو يفتح محلا تجاريا ، كما فعل السبعة من إخوانه الكبار ، ويدعمون العائلة ماديا “كنت أريد أن أثبت لهم بأن من مقدور المرء النجاح في المقاولة أيضا “.
لكنه قرر السفر إلى السنغال حيث يرى أنه الوسيلة للوصول إلى أمريكا ،حيث أكمل مشواره الأكاديمي في دكار، كان التعليم ذا جودة عالية ، و”نظام ملائم” حسب تعبيره.
ثم التحق بالمعهد العالي للتجارة (CESAC )في دكار، لكنه استغرب من البيروقراطية القديمة عند أراد أن يسجل في إحدى الجامعات الأوروبية أو الأمريكية ، تتم الاجراءات عبر الخط ، وعندنا في إفريقيا يتطلب تعبئة مجموعة كبيرة من الملفات يدويا : وهي مكلفة وقد تضيع أحيانا “.
إنه استياء قاده إلى اكتشاف ” كيف يفتقر نظام تعليمي متقدم على غرار النظام السنغالي إلى التكنولوجيا المعلوماتية؟ فكرت في أن ذلك يشكل ثغرة يمكنني علاجها”.
وفي إطار تسهيل عملية الاندماج الوظيفي لحملة الشهادات ، قام بإنشاء شبكة اجتماعية لمعهده وسماها “ASEMA “حيث يتيح للطلاب الفرصة لإيجاد ملتقى و الاطلاع على فرص الوظائف المتاحة.
وتم انجاز ذاك المشروع خلال سنتين مستغلا الفيس بوك ؛ فأتاح له ذلك الحصول على أهم وظائفه الأولى ، وهي وظيفة المدير المالي في شركة إقليمية لتكنولوجيا المعلوماتية والاتصالات .
ميكروسوفت ، جوجل، و أوباما.
و في عام 2011 م طرح (ويب كورنير )حيث يعتبر أول منتدى للتكنولوجيا التطبيقية الحديثة للتعليم في السنغال . وبعد التبادل مع الكبار في المجال مثل ميكروسوفت ، سامسونج ، أوركل و إنترنت سوسيتي ، تبين له أن تلك المؤسسات ترغب في بلورة الحلول المعلوماتية الحديثة في مجال التعليم في إفريقيا ، ولكنها لا تجد مؤسسة تتعاون معها لتطبيق البرامج في المدارس.
“عندئذ قررت إنشاء Digital School Technology ؛ فكان انطلاقا للتقنية الحديثة وجسرا بين الناشرين وعالم التعليم ،وتتيح للمدارس السنغالية الدخول في العصر الرقمي “.
وفي 2013 م حصل على أول عقد له مع ميكروسوفت ؛ لتنفيذ برنامجه التعليمي في ثلاثة معاهد السنغالية.
وهكذا ذاع صيته عند مندوب جوجل الذي رغب في مقابلته في مكتبه ” لم نكن (أنا وشريكي)نملك مكتبا : فأعطيتهم عنوان مسكني ، وبعد يومين حولت غرفتي في السكن الطلابي إلى محل عمل “.
وأبرم ممثل الشركة الأمريكية معه عقد طلب لقيمة 25000 دولار ،وذلك لتنفيذ شبكة تعليمية في عشر جامعات سنغالية.
واستمر النجاح بعد جوجل حيث فاز في “Hackathon “وهي منافسة تنظم بين متطوري البرامج لاختراع تطبيقات على المحمول لمحاربة وباء إيبولا.
وفي 2014 م تم اختياره ضمن 500 شاب إفريقي نابغ بين 50000 متسابق ؛ للمشاركة في برنامج منظم من باراك أوباما (The Mandela Washington Fellowship ) .
” بينما كنت أكافح وأنا في الثانية عشر من عمري للسفر إلى أمريكا بدون جدوى ؛ فها يد المقادير قادتهم إلي “.
وقد التحق بدورة تدريبية مكثفة في جامعة “نوتر دام دي لاك” في ولاية إنديانا، وزار مقر كل من ( IBM , Google , Oracle) .
“لقد أعطانا البرنامج مزيد الثقة في أنفسنا ، والإيمان بمشاريعنا ، وقدرتنا على إحداث التغيير…كنت أقصر عملي على إدارة سلامة الموارد المالية ، وبعد عودتي إلى السنغال قدمت استقالتي . وأعتقد أن القرار كان صائبا حيث تضاعف دخلي خمس مرات بعد سنة “.
إنتاج إفريقي بالامتياز
وكونه الوحيد في الأسرة الذي التحق بالجامعة يدرك أهمية النجاح الذي حققه وحريص على استفادة بقية أفراد الأسرة ” أنا فخور لكوني دفعت بعض تكاليف دراستي من الأعمال الجانية ، وعانيت من بعض الصعوبات أحيانا حتى اضطررت إلى مغادرة السكن ؛ لعدم توفر مبلغ الإيجار ولكني أتولى حاليا دفع تكاليف دراسية أربعة من أبناء إخوتي”.
ثم أنشأ (Africa School )حيث تمنح الحواسيب والألواح الرقمية للشباب ، “ويدربون على الأساسيات المعلوماتية والبرمجة لغة المستقبل ، والتي لا تكاد تدرس في إفريقيا “حسب تعبيره.
ويطمح في إيجاد نمط حديث من المعاهد حيث يتعلم فيها الطالب – بعد الشهادة الثانوية – المهن ولمدة قصيرة ” أنا مستاء عندما أرى مهندسين قضوا سنين طوال في تعلم المعلوماتية ثم يعجزون عن إبداع شيء ملموس ؛ لكون النظام التعليمي لا يهتم بجانب الإبداع “.
وله تصورات كبيرة حيث وجد مدارس و طلاب في كل من نيجر، وبوركينافاسو، وكاميرون ثم فتح فرعا في موطنه ساحل العاج “لا أريد إنشاء شركة لدولة واحدة …حيث لا تكفي دولة للتجارة في مجال التعليم ؛ لأنك لن تجد فيها غير عشرات المدارس والجامعات القادرة للاستثمار في تطوير التكنولوجيا الحديثة”.
وهل سيجاوز طموحه إلى ما وراء البحار ؟ ” أعطتني إفريقيا تعليما نوعيا ، ووظيفة رائعة، وفرصا جيدة. وأتطلع إلى مستقبل عالمي لمشاريعي ، ولكن لا أريد العيش في أمريكا او أوروبا ؛ فأنا إفريقي وسأظل إنتاج إفريقيا بالامتياز “.
يمكن الاطلاع على رابط المقال الأصلي من هنا