أ.د. عبد العزيز بن راشد العبيدي (*)
يرجع أول اتصال بين المسلمين في المغرب والسودان الغربي إلى عهد الوالي عبيد الله بن الحبحاب (1), فقد أرسل هذا الوالي حملة عسكرية إلى بلاد السودان الغربي بقيادة عبد الرحمن بن حبيب الفهري (2) سنة (116هـ/734م) (3).
كان من نتائج تلك الحملة تأمين الطريق بين المغرب والسودان، وإطلاع المسلمين على أحوال تلك البلاد، وبقيت آثار ابن حبيب في إصلاح الطريق باقية مدة طويلة من الزمن، وبخاصة الآبار التي يستقي منها المسافرون بين المنطقتين (4)
وكان من نتائج هذه الاتصالات انتشار الإسلام في ممالك السودان الغربي؛ بحيث تحولت هذه الممالك بعد ذلك إلى الإسلام، وأصبحت ترتبط بالدول الإسلامية الأخرى بروابط متعددة ومتنوعة، وتبادلت هذه الممالك مع بلاد المغرب الوفود والمراسلات لتدعيم هذه العلاقات.
أولاً: تطور العلاقات السياسية في تلك الفترة:
كانت العلاقات في عصر الموحدين (524-668هـ) مع بلاد السودان الغربي مزدهرة، وبخاصة التبادل التجاري، وحرص حكام الموحدين على دعمها والحفاظ عليها، على أنّ عصر الازدهار في العلاقات بين المغرب الأقصى والسودان الغربي قد بلغ ذروته في عصر دولتين متعاصرتين في الإقليمين، هما: دولة بني مرين في المغرب، ودولة مالي في السودان المغربي.
أ – دولة بني مرين:
قامت دولة بني مرين على أنقاض دولة الموحدين في المغرب، وتتابع على حكمها عددٌ من السلاطين، ووصلت قمّة ازدهارها في عهد السلطان أبي الحسن علي بن عثمان بن يعقوب (731-749هـ/1331-1348م)، حيث عدّه بعض المؤرخين «أفخم ملوك بني مرين دولةً، وأضخمهم ملكاً، وأبعدهم صيتاً، وأعظمهم أبهةً، وأكثرهم آثاراً بالمغربين والأندلس» (5).
وقد سار على نهج جدّه يعقوب في توسيع رقعة الدولة والجهاد في الأندلس (6), فافتتح مدينة تلمسان في رمضان سنة (737هـ/1337م)، وقضى على دولة بني عبد الواد (7), وارتبطت دولة بني مرين في عهده بروابط وعلاقات متنوعة مع كثيرٍ من القوى والدول المعاصرة له، وتبودلت الوفود والرسل والمكاتبات والهدايا بينه وبينهم (8).
وحكم من بعده ابنه أبو عنان فارس المتوكل (749-795هـ/1348-1358م)، فكان مثل والده، ازدادت الدولة في عهده اتساعاً وازدهاراً وارتباطاً بالدول المجاورة والبعيدة (9), ويعدّ أبو عنان آخر الحكام العظام في الدولة المرينية، ذلك لأنّ مَن حَكَم بعده وقع تحت تأثير الوزراء والحجّاب، وأصبح ألعوبة في أيديهم لصغر سنّ الكثير منهم، وكثرة المطالبين بالحكم والمنافسين لهم (10).
ب – دولة مالي الإسلامية:
أما دولة مالي الإسلامية؛ فقد أشارت إليها المصادر باسم: (مملكة مالي، أو مملكة التكرور) (11), وعدّها المؤرخون إحدى الدول الكبرى في العالم الإسلامي.
ويُعدّ الملك سندياتا الملقب باسم: (ماري جاطة) (12) (628-653هـ/1230-1255م) المؤسّس الحقيقي لدولة مالي، وقد حَكَم من بعده مجموعة من الملوك الذين اتخذوا لقب: (مَنْسَا) – أي السلطان بلغتهم -، فحَكَم ابنه منسا ولي، وكان من أعظم ملوك مالي، وحجّ في عهد السلطان الظاهر بيبرس (13) (658هـ-676هـ/1259-1277م)، وأصبحت هذه سُنّة لكثيرٍ من ملوكهم، يؤدّون فريضة الحجّ، ويمرون على المغرب ومصر؛ ما أدى إلى تدعيم العلاقات مع الدول الإسلامية القائمة فيها؛ كدولة بني مرين ودولة المماليك.
وبلغت دولة مالي أقصى اتساعها وقوتها وازدهارها في عهد منسا موسى (712-738هـ/1312م-1337م)، الذي أطنب المؤرخون في ذكر صفاته ومآثره، وكان لفتوحات هذا السلطان وحجّه أعظم الأثر في تدعيم علاقاته الخارجية؛؛ خصوصاً مع دولة بني مرين في المغرب.
فقد استطاع بفتوحاته أن يوحّد إقليم السودان الغربي في دولةٍ واحدةٍ، وأصبحت حدود هذه الدولة تمتد من المحيط غرباً إلى تَكِدة (14) وغدامس (15) شرقاً، ومن حدود مراكش شمالاً إلى الغابات الاستوائية ومناجم الذهب جنوباً، حيث ضمّت أربعة عشر إقليماً (16),
على أنّ شهرة السلطان منسا موسى وبلاد مالي جاءت بعد أدائه فريضة الحجّ سنة (724هـ/1234م)، حيث كان من أهم آثار هذه الحجّة أن عرف العالَم دولة مالي، وزادت شهرتها حتى وصلت إلى أوروبا (17), كما أنها دعمت العلاقات المتنوعة مع البلاد الإسلامية، وبخاصة المماليك في مصر والشام، وبنو مرين في المغرب، وكان لها آثارٌ عظيمةٌ في الدعوة وازدهار الحضارة الإسلامية في بلاد السودان الغربي.
ولقد حكم دولة مالي بعد منسا موسى عددٌ من الملوك، أولهم ابنه منسا مُغا (738-741هـ/137-1341م) (18), ثم تولّى بعده عمّه منسا سليمان (741-760هـ/1341-1361م) الذي وصفه القلقشنديّ بأنه: «بنى المساجد والجوامع والمنارات، وأقام الجمع والجماعات والأذان، وجلب إلى بلاده الفقهاء من مذهب الإمام مالك» (19), وفي عهده وصل الرحالة ابن بطوطة إلى دولة مالي -كما سيأتي-.
ثانياً: العلاقة بين دولة مالي وبلاد المغرب العربي:
ترجع العلاقة بين دولة مالي وبلاد المغرب العربي إلى بداية انتشار الإسلام في تلك البلاد، فالمعروف أنّ ملوك دولة مالي قد أسلموا على يد داعيةٍ مسلمٍ (20) من بلاد المغرب (21).
ولمّا ورثت دولة مالي دولة غانة واستولت على عاصمتها؛ حرص حكام المغرب على استمرار الصلات بها، وذلك حفاظاً على المصالح التجارية المتبادلة بين المنطقتين، وضماناً لاستمرار تدفق الذهب من تلك البلاد.
وكان أهل مالي حكّاماً ومحكومين ينظرون إلى بلاد المغرب بوصفها مصدر تأثيرٍ دينيٍّ وعلمي؛ ولذا كانت تحتل مكانة عالية في نفوسهم؛ فمنها يأتي العلماء والدعاة، وإليها يذهب طلاب العلم من السودانيين.
وكانت المراسلات والهدايا تُدعّم هذه العلاقات وتقويها؛ ولذا كان حكام السودان يحرصون على إرسال الوفود والرسل محمّلين بالهدايا، وبخاصة ما يثير إعجاب المغاربة من طرائف السودان وحيواناته (22).
أول تبادل للسفارات:
وصلنا خبر أول تبادل للسفارات والهدايا في عهد حاكمَيْن من أشهر حكّام الدولتين، وهما: أبو الحسن المريني ومنسا موسى اللذَين طبقت شهرتهما الآفاق، ولقد كانت بينهما مواصلة ومهاداة؛ سُفّرت فيها الأعلام من رجال الدولتَين، واستمرت هذه المواصلة في أعقابهما (23).
كانت أول سفارة وصلنا خبرها: سفارة من منسا موسى إلى أبي الحسن المريني، أما سببها: فكان التهنئة بدخوله تلمسان في رمضان سنة (737هـ/1337م)، حيث كان له دويٌّ في المغرب وإفريقيا، فقد سقطت دولة بني عبد الواد، وقُتل آخر حكامها أبو تاشفين عبدالرحمن بن موسى (718-737هـ)، ووصلت الأخبار بذلك لدولة مالي، فعزم منسا موسى على تهنئة أبي الحسن المريني بالنصر والظفر، وتدعيم العلاقة معه، فأرسل وفداً من كبار رجال دولته، وحرص على أن يكون معهم مترجمٌ يستطيع التعبير عن مشاعر منسا موسى تجاه أبي الحسن، ووصلت السفارة إلى المغرب، فتلقاها السلطان أبو الحسن بالقبول، «فأكرم وفادتهم، وأحسن مثواهم ومنقلبهم» (24).
كان أثر هذه السفارة وما حملته من هدايا عظيماً على السلطان أبي الحسن، ولا شك أنّ أبا الحسن المريني يدرك مدى ثراء هذه الدولة وقوتها، وذلك من خلال معرفته بتاريخ العلاقة بين منطقتي المغرب والسودان.
ولعل من المناسب أن نشير إلى أنه ليست هذه المرة الأولى التي يتلقى فيها السلطان أبو الحسن هدايا السودان وطرائفه؛ حيث ورد في بعض المصادر أنّ أبا إسحاق الساحلي الشاعر والمهندس الأندلسي الذي صحب منسا موسى في رحلة عودته من الحجاز، واستوطن بلاد مالي، وَفَدَ على أبي الحسن وقدّم له هدية تشتمل على طُرَفٍ من بلاد السودان، ومدحه بقصيدةٍ من شعره، أثنى فيها على قوّته، وتمنّى له النصر، فكافأه السلطان أبو الحسن على ذلك، وتوطدت العلاقة بينهما (25), ومن هنا فلا يُستبعد أن يكون هذا الشاعر حلقة وصل بين ملوك المغرب وملوك مالي، ومن عوامل ازدهار العلاقة وتشجيعها بين الدولتين، وأن يكون من ضمن الأعلام الذين سُفّروا لتحقيق المواصلة والمهاداة بينهما؛ كما يقول ابن خلدون (26).
كان جواب السلطان أبي الحسن على رسالة منسا موسى وسفارته عاجلاً؛ ما يدلّ على مدى اهتمامه وحرصه على استمرار العلاقة الودّية بينهما، وبلغ من اهتمامه بهذه السفارة أن كلّف الأعرابَ القاطنين في الصحراء بحمايتهم في ذهابهم ومجيئهم (27).
هدية السلطان أبي الحسن ردّاً على تهنئة السلطان منسا موسى:
أما الهدية التي حملها هذا الوفد من السلطان أبي الحسن إلى السلطان منسا موسى؛ فقد كانت قيّمة وعظيمة، وقد وصفها ابن مرزوق التلمساني بأنها تفوق هديته للسلطان المملوكي الناصر محمد بن قلاوون (28) (693-741هـ/1293-1340م)، وذكر عن هديته للسلطان الناصر أنها اشتملت على أحجار كريمة، وعلى الثياب والفرش المخروزة بالذهب والفضة، ومما حوته أيضاً: آلات الركوب والعدد، كالسيوف والسروج والمضارب (الأخبية والمساكن)، كما ضمّت: الخيول والبزاة والبغال والجمال، ومع عظم هذه الهدية؛ فإنّ هديته «لسلطان مالي تزيد في الذخائر على هذه» (29), وأما ابن خلدون فقد وصفها بأنها منتخبة «من متاع المغرب وماعونه، من ذخيرة داره وأسناها» (30).
وصلت سفارة أبي الحسن المريني وهديته صحبة سفارة منسا موسى العائدة إلى مالي، وكان منسا موسى قد توفي؛ فتسلمها ابنه منسا مغا (738- 741هـ/1337-1341م).
وقد جانب الصواب المؤرخين الذين ذكروا أنّ منسا سليمان هو الذي تسلّم الرسالة والهدية (31), وربما كان ذلك بسبب أنّ ابن خلدون نفسه أخطأ في اسم ابن منسا موسى، فسمّاه: (منسا سليمان بن موسى) (32), ومعروف أنّ ابنه هو منسا مغا، أما سليمان فهو أخوه، وقد كان الملك الذي حَكَم بعد منسا موسى هو ابنه الذي حكم أربع سنين (737-741هـ)، فلمّا مات انتقل الحكم إلى عمّه سليمان (33).
لقي الوفد المغربي الحفاوة والتكريم من سلطان مالي، «فأحسن مبرّتهم، وأعظم موصلهم، وكرّم وفادتهم ومنقلبهم» (34), وبادر السلطان منسا مُغا بإجابة هذه السفارة بوفدٍ من كبار رجال دولته عاد مع وفد أبي الحسن، وقد وصلت هذه السفارة واستقبلها أبو الحسن المريني؛ بدليل ما ذكره ابن خلدون من أنّ سفراء أبي الحسن «عادوا إلى مرسلهم في وفدٍ من كبار مالي يعظّمون سلطانه، ويوجبون حقّه، ويؤدّون من خضوع مرسلهم وقيامه بحقّ السلطان واعتماله في مرضاته ما استُوصوا به، فأدّوا رسالتهم» (35).
وعلى هذا نستطيع القول بأنّ أبا الحسن المريني حقّق ما كان يصبو إليه من تحسين العلاقات مع دولة مالي، والحصول على نفوذٍ لدولته في السودان الغربي، واعترافٍ بنوعٍ من التبعية من قِبل ملك مالي (36).
وبعد هذه السفارة تصمت المصادر عن الإشارة إلى أيّ اتصالٍ بين دولة بني مرين ودولة مالي خلال عصر أبي الحسن المريني، إلا أنّ ذلك لا يعني أنّ السفارات قد توقفت؛ حيث وردت معلومة عارضة في رحلة ابن بطوطة؛ ذكرها كاتب الرحلة ابن جُزيّ في أثناء حديثه عن عادة أهل مالي في التحية، حيث يقول: «إنه لمّا قدم الحاج موسى الونجراتي رسولاً عن منسا سليمان إلى مولانا أبي الحسن – رضي الله عنه – كان إذا دخل المجلس الكريم حمل بعض ناسه معه قفّة تراب، فَيُترّب – أي يضع التراب على رأسه – مهما قال له مولانا كلاماً حسناً كما يفعل ببلاده» (37).
فهذا النصّ يثبت وجود سفارة من منسا سليمان ملك مالي إلى السلطان أبي الحسن المريني، وكان الرسول هو موسى الونجراتي ومعه وفد بلاد مالي، ويُفهم من النصّ أنهم أقاموا في المغرب فترة من الزمن، وكانوا يحضرون مجلس السلطان أبي الحسن، ويؤيد هذا ما ذكره ابن خلدون من وجود وفدٍ من أهل السودان مرسل من ملك مالي إلى أبي الحسن في آخر أيامه؛ يهنئه بفتح إفريقيا، ولم يحدد ابن جُزي تاريخ هذه السفارة، غير أنّ ابن خلدون ذكر أنّ الاضطرابات على أبي الحسن كانت سنة (749هـ/1348م)، وكان الوفد المالي موجوداً تلك السنة، وهي السنة التي مات فيها أبو الحسن (38).
وتأتي هذه السفارة في سياق الاتصال المستمر بين حكام الدولتين؛ ما يؤكد حرص كلٍّ منهما على ازدهار العلاقات وتوطّدها لما له من آثارٍ إيجابيةٍ على المنطقتين، خصوصاً أنّ منسا سليمان قد سار على نهج أخيه منسا موسى من حبّه للعرب، وحرصه على توطيد العلاقة مع البلاد الإسلامية، كما أنه اشتهر بتديّنه وأدائه فريضة الحجّ (39), ما يعني مروره بأراضي الدول المعاصرة له في المغرب ومصر.
كانت هذه آخر السفارات المتبادلة بين بني مرين ودولة مالي في عهد السلطان أبي الحسن المريني؛ ولذا تأخّر الردّ على هذه السفارة إلى عهد أبي عنان فارس المتوكل (749-759هـ/1348-1358م).
رحلة ابن بطوطة، وعلاقتها بالاتصال بين المغرب والسودان:
كان أول اتصال بين المغرب والسودان في عهد أبي عنان فارس المتوكل عن طريق الرحالة أبي عبد الله محمد بن إبراهيم اللواتي المشهور بابن بطوطة سنة (753هـ/1352م).
والحقيقة أنّ ابن بطوطة قدّم معلومات قيّمة جدّاً عن السودان الغربيّ بشكلٍ عامٍ، ودولة مالي بشكلٍ خاص، وما يهمنا هنا هو إجابة هذا السؤال: هل هذه الرحلة كانت بأمرٍ وتوجيهٍ من السلطان المريني في نسق السفارات المتبادلة بين الجانبين، أو هي مبادرة شخصية؛ دفعه للقيام بها حبّه للرحلة والسفر؟ لقد اختلف الباحثون في الإجابة عن هذا التساؤل، غير أنّ ما تضمّنته الرحلة نفسها من نصوصٍ يُوحي بترجيح الاحتمال الأول.
فابن بطوطة يذكر في رحلته أنه سار من مراكش صحبة الركاب العالي «ركاب مولانا أيّده الله» إلى فاس، «فوادعت بها مولانا أيّده الله، وتوجهت برسم السفر إلى بلاد السودان» (40), ولا شك أنّ مسيره في ركاب السلطان ووداعه له يدلّ على أنّ سفره كان بعلمٍ وتوجيهٍ من السلطان أبي عنان، ويؤيد ذلك ما ورد في نهاية الرحلة من أنّ أمر العودة صدَرَ من السلطان لابن بطوطة، حيث يضع عنواناً نصّه: «ذِكْر وصول الأمر الكريم إليّ»، ويقول: «ولمّا عدت إلى تكدّا؛ وصل غلام الحاج محمد بن سعيد السجلماسي بأمر مولانا أمير المؤمنين وناصر الدين المتوكل على ربّ العالمين آمراً لي بالوصول إلى حضرته العلية، فقبّلته وامتثلته على الفور» (41), فهل يصدر هذا الأمر والتوجيه لو لم يكن ابن بطوطة في مهمّة رسمية، ولا شك أنّ السلطان كان على علمٍ بتحركاته؛ ولذا نراه يرسل الأمر إلى تكدّا التي وصلها ابن بطوطة فعلاً، ومنها انطلق عائداً إلى فاس، «فوَصَلْت إلى حضرة فاس، حضرة مولانا أمير المؤمنين أيّده الله، فقبّلت يده الكريمة، وتيمنت بمشاهدة وجهه المبارك، وأقمت في كنف إحسانه بعد طول الرحلة» (42).
وشيءٌ آخر يؤيد ما سبق؛ وهو أمر السلطان أبي فارس المتوكل بتقييد هذه الرحلة، فإنه بعدما سمع من ابن بطوطة نتائج مهمّّته أمر محمد بن محمد بن جُزي الكلبي بكتابتها (43).
وفي مالي العاصمة استقر ابن بطوطة ثمانية أشهر (من جمادى الأولى 753هـ إلى محرم 754هـ/ يوليو 1352 إلى فبراير 1353م)، فأكرمه السلطان منسا سليمان، وأنزله بدار خاصّة به، وأجرى عليه النفقة مدة إقامته، وحضر مجلسه الذي أقامه برسم عزاء السلطان أبي الحسن المريني (44), وهكذا كانت معاملة ابن بطوطة باعتباره سفيراً يمثّل الدولة المرينية، وليس شخصاً عاديّاً يهوى الرحلة والتجوال.
ومما يُلاحظ على خطّ سير الرحلة في بلاد السودان، وكذلك المعلومات التي قدمتها أنها تهتم بالجانب الاقتصادي، وتركز على النواحي التجارية؛ فالمدن التي زارها تمثّل مراكز تجارية تعجّ بالأسواق المليئة بمتاجر السودان، وقد أورد معلومات قيّمة عن معادن السودان، كالملح والذهب والنحاس، وتحدث عن جلب الأرقاء والخدم، وأوضح طرق المعاملة وأساليب التجارة، كما أشاد بالأمن والاستقرار الذي تنعم به دولة مالي (45), وهذا ما يجعل الباحث يربط بين هذه الرحلة وبين اهتمام السلطان أبي عنان فارس المتوكل بالتجارة، وبخاصة مع بلاد السودان؛ حيث كانت بلاده في تلك الفترة تعاني أزمة تجارية خانقة نتيجة الأمراض والاضطرابات (46)؛ فلا يُستبعد أن يكون هذا السلطان قد أوفد ابن بطوطة رغبةً منه في معرفة أسواق السودان وأوضاعها الاقتصادية، وتقوية العلاقة معها في هذا الجانب.
ومما يؤيد هذا الرأي – وهو مجيء رحلة ابن بطوطة في سياق السفارات المتبادلة بين دولة بني مرين ودولة مالي- أنّ منسا سليمان أجاب على هذه السفارة بسفارة وهدية، لكن المنية عاجلته سنة (760هـ/1361م) قبل وصولها للمغرب، كما أنّ أبا عنان فارس المتوكل قد مات قبله بعام سنة (759هـ/1358م)؛ ولذا بقي هذا الوفد معه الهدية في الصحراء انتظاراً لما ستؤول له الأحوال في الدولتين (47).
هدية ملك مالي إلى ملك بني مرين:
اضطربت الأمور في دولة بين مرين بعد مقتل أبي عنان، وتنازع أبناؤه على الحكم، حتى آلت الأمور إلى المستعين بالله أبي سالم إبراهيم بن السلطان أبي الحسن المريني (760-762هـ/1359-1361م) (48).
وأما في دولة مالي؛ فقد خلف السلطان قنبا بن سليمان والده، ولم يستمر سوى تسعة أشهر، فخلفه ماري جاطة بن منسا موسى، وعلى الرغم مما وصفه به المؤرخون من الظلم والجور والفساد؛ فإنه استمر يحكم حتى أصيب بمرض النوم، وظل كذلك مدة سنتين حتى مات سنة (775هـ/1373م) (49), وقد تميزت فترة حكمه بازدهار العلاقات مع دولة بني مرين، ذلك أنه ما أن علم بوجود السفارة المرسلة من عمّه منسا سليمان في الصحراء؛ حتى استدعى أعضاء الوفد، واختار هدية سنية، وضمّ لها حيوان الزرافة، وأرسلها إلا بلاط بني مرين، وقد اشتهر أمر هذه السفارة، وأطنب المؤرخون في وصفها، وجذبت انتباه الأدباء والشعراء لاحتوائها على هذا الحيوان الغريب الذي لا عهد للمغاربة به، ووصلت الهدية إلى فاس في شهر صفر سنة (762هـ/1361م).
وكان المترجم ينقل للسلطان كلامهم، وقد حيّوا السلطان بعادتهم في التحية، وهي التتريب (أي وضع التراب على الرأس)، وأكرمهم السلطان، والغريب أنهم قد شهدوا مقتل هذا السلطان، غير أنهم قد حازوا التكريم والإجلال من خلَفه (50), وقد عاد الوفد المالي إلى مراكش، ومنها إلى بلادهم (51).
كانت هذه السفارة دليلاً على حسن العلاقة بين الدولتين، كما أنها زادت من ازدهار هذه العلاقة ورسوخها، وأثبتت للمرينيين أنّ دولة مالي قد استقرت أمورها وتحسنت أحوالها بعد الأزمة التي مرت بها على إثر وفاة منسا سليمان، وإضافة لذلك ثبت للوفد المالي أنّ سياسة بني مرين الودية تجاه دولتهم مالي مستمرة بالرغم من تبدّل الحكام واختلافهم فيما بينهم، وهذا كله سيكون دافعاً وداعماً للتبادل الثقافي والتجاري بين البلدين.
حظيت هدية ملك مالي، وبخاصة الزرافة، باهتمام الملك وحاشيته من الشعراء، فأنشدوا بين يديه القصائد في وصفها، وكان ابن خلدون ممن حضر ذلك الاحتفال، وعلى الرغم من عدم إجادته نظم الشعر؛ فقد جادت قريحته بقصيدة (52), ومن أبياتها في وصف الزرافة:
ورقيمةِ الأعطـاف حـاليـةٍ مَوشـيّة بوشـائج البــرد
وحشيّة الأنسـاب ما أَنِسـت في موحش البيـداء بالقـوْد
تسمو بجيـد بالـغ صعـداً شرفَ الصّروح بغير ما جهد
كانت هذه السفارة هي آخر سفارة تصل إلينا أخبارها بين الدولتين، فقد انشغل حكام بني مرين بالخلافات والمنازعة على الحكم بعد مقتل السلطان أبي سالم سنة (762هـ/1361م) (53), كما أنّ دولة مالي ضعفت واختل الأمن فيها، وبخاصة حينما استقلت مملكة سنغاي، وبدأت تتوسع على حسابها (54), إلا أنّ ذلك لا يعني توقف الاتصالات بين البلدين، فقد استمرت القوافل التجارية تتردد بين الدولتين، واستمرت العلاقات ودية بينهما، بدليل سفر السلطان عبد الحميد بن السلطان عمر بن السلطان عثمان بن يعقوب المريني إلى دولة مالي بعد تنازله عن الحكم لأخيه عبد المؤمن سنة (764هـ/1362م)، ومن مالي سار في ركاب الحجاج الماليين إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج، ومرّ بمصر فأكرمه الأمير يلبغا الخاصكي (55), وأنزله وأعانه على طريق الحج، ولما عاد توفي في مصر قرب الإسكندرية سنة (766هـ/1364م) (56), وكان هذا آخر اتصال بين ملوك مالي وسلاطين بني مرين يصلنا خبره في المصادر التاريخية التي بين أيدينا.
ثالثاً: أثر السفارات في تطوير العلاقات بين المغرب والسودان الغربي:
كان لهذه السفارات والوفود أثرٌ كبيرٌ في ازدهار العلاقات بين المغرب والسودان الغربي، وشملت جميع المجالات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية.
أثرها في الجانب العلمي:
بدأ تأثير بلاد المغرب في الجانب العلمي مبكراً، حيث كان إسلام ملوك مالي على يد داعيةٍ مسلمٍ من المغرب، ومن ثمّ انتشر المذهب المالكي في مالي؛ ما أدى إلى تدعيم العلاقات الثقافية بين المنطقتين.
واتخذت هذه العلاقات أشكالاً متعددة؛ حيث حرص ملوك مالي، وبخاصة منسا موسى، ومنسا سليمان، على تشجيع العلماء للقدوم إلى بلادهم، وقد ذكر ابن بطوطة جملة من هؤلاء العلماء، ومنهم:
– محمد بن الفقيه الجزولي: كبير المهاجرين البيض في مدينة مالي، وصهر ملك مالي منسا سليمان، وكذلك صهره الفقيه المقرئ عبد الواحد.
– ابن شيخ اللبن، وابنه: من أهل تلمسان، أكرمه السلطان منسا موسى وأغدق عليه، وابنه: كان يُعلِّم القرآن بمالي، ولقيه ابن بطوطة (57).
– الفقيه أبي العباس الدكّالي: كان من البيضان وتولى القضاء لمنسا موسى (58).
– أبو عبد الله محمد بن وانسول: من العلماء الذين وفدوا على دولة مالي من المغرب، وأصله من سجلماسة، تولى القضاء في دولة مالي، وقد لقيه ابن خلدون سنة (776هـ/1374م)، ونقل عنه كثيراً من أخبار ملوك دولة مالي (59).
ولعل من أشهر الوافدين الذين كان لهم أعظم الأثر في بلاد السودان الغربي أبو إسحاق الساحلي الغرناطي (60), الذي قدم مع السلطان منسا موسى من الحجاز، وقد كان لهذا العالم الفذّ والمهندس البارع والشاعر المفلق أثرٌ كبيرٌ أيضاً في تقوية العلاقات مع بلاد المغرب نظراً لصلاته القوية بملوك بني مرين، والتأثير في السلطان منسا موسى لتشجيع المغاربة للقدوم إلى دولته وإكرامهم (61).
ويشبّه أحد الباحثين (62) أثر الساحلي في الحياة الثقافية والاجتماعية لدولة مالي بأثر زرياب (63) في الحياة الأندلسية، وربما كانت تلك التقاليد الملكية التي وصفها ابن بطوطة حينما زار دولة مالي بتدبير الساحلي، بل ربما كان لباس ملوك مالي الذي وصفه هذا الرحالة، وهي الثياب البيض الحسان (64), من أثر هذا الشاعر؛ ذلك أنه هو لباس المغاربة والأندلسيين.
كان العلماء المغاربة ينتشرون في مدن السودان الغربي كافة، ففي مدينة جنّي (65) كان هناك أكثر من أربعة آلاف عالم خلال القرن السادس الهجري، ولا يُستبعد أن يكون من بينهم عددٌ من المهاجرين المغاربة (66).
أما مدينة تنبكت؛ فقد كانت تعجّ بالعلماء الوافدين إليها من كلّ أنحاء العالم الإسلامي، وبخاصة المغرب؛ ذلك أنها شهدت في دولة مالي نهضة علمية مزدهرة، فقد اهتم بها السلطان منسا موسى وبنى فيها الجامع الكبير سنة (730هـ/1330م)، وجدّد جامع سنكري (67), وسرعان ما تحوّل هذان المسجدان إلى جامعتين إسلاميتين تدرّسان العلوم الإسلامية والعربية، وأصبح جامع سنكري يحاكي الأزهر في تراثه ومكانته العلمية، وتحولت هذه المدينة إلى مركزٍ للحياة العلمية، واجتمع فيها العلماء من كلّ جنسٍ ولون، فكان فيها المغاربة والأندلسيون والمصريون والحجازيون، ومن كلّ مناطق غرب إفريقيا (68).
ومن أوجه العلاقات العلمية بين المنطقتين حرص حكام مالي على إيفاد الطلبة السودانيين للمراكز الثقافية في المغرب على نفقتهم الخاصّة؛ ولذا وفد كثيرٌ من الفقهاء والطلاب السودانيين على مدينة فاس للالتحاق بحلقات العلم (69).
ومن هؤلاء العلماء عالم اسمه عبد الرحمن التميمي، قَدِم مع السلطان منسا موسى من أرض الحجاز وسكن تنبكت، فوجدها حافلة بالعلماء السودانيين الذين فاقوه في العلم؛ فذهب إلى فاس يستزيد من علمائها، وعاد إلى تنبكت، وكان من أولاده وأحفاده قضاة وعلماء (70).
ومن هؤلاء العلماء الذين درسوا في فاس كاتب موسى الذي أرسله منسا موسى لتلقي العلم، فلمّا عاد تولى الإمامة والقضاء في تنبكت، واستمر إماماً أربعين سنة (71).
وعلى الرغم من ذلك؛ فإنّ المصادر المغربية تجاهلت أمثال هؤلاء فلم تترجم لهم، وربما يعود ذلك إلى قلتهم، ولكونهم لم يرتقوا إلى منزلة فقهاء وعلماء المغرب المريني؛ ذلك أنهم في أثناء دراستهم كانوا في طور التكوين، ولم يشتهروا إلا بعد تخرجهم وعودتهم إلى بلادهم (72)؛ ولذا نجد تراجم لبعض العلماء الذي تعدت شهرتهم العلمية بلاد السودان الغربي إلى المغرب والأندلس، فالنباهي المالقي الأندلسي يورد ترجمة لأحد قضاة دولة مالي، وهو القاضي أبو عمرو عثمان بن موسى الجاني، والذي يصفه بأنه من أهل الفضل والعدل والقيام على العلم والصرامة في الحكم (73), وقد لقيه ابن خلدون سنة (799هـ/1396م) بمصر وهو في طريقه للحجّ، ولقّبه بـ: فقيه أهل غانية وكبيرهم علماً وديناً وشهرة (74).
مظاهر التأثير المغربي في الثقافة السودانية:
برزت مظاهر التأثير المغربي في الثقافة السودانية بشكلٍ واضحٍ وجليٍّ في اللغة، وطريقة الكتابة؛ فقد سادت اللغة العربية، وأصبحت لغة العلم والثقافة، بل إنّ الدولة استخدمت اللغة العربية في المكاتبات الدبلوماسية، وكان السلاطين يجيدونها ويستطيعون التحدث بها، وقد ذكر ابن فضل الله العُمري وصول كتابٍ من السلطان منسا موسى إلى السلطان المملوكي؛ كُتب بالخطّ المغربي (75).
ولقد انتشرت الكتب العربية، وبخاصة الدينية، في بلاد السودان الغربي، فإلى جانب كتب التفسير، وكتب الحديث كالصحيحين، اشتهرت مجموعة من المؤلفات التي كانت تُدَرَّس في مدن السودان الغربي ويقتنيها العلماء، مثل الموطأ للإمام مالك، والمدونة للإمام سحنون، والرسالة لأبي زيد القيرواني، والشفاء للقاضي عياض، وغيرها.
أثر السفارات في تدعيم العلاقات التجارية:
وكان للسفارات والوفود المتبادلة بين المرينيين وملوك مالي أثرٌ في تدعيم العلاقات التجارية بين المنطقتين، ومعروفٌ أنّ المنطقتين ترتبطان بعلاقةٍ تجاريةٍ قديمة؛ غير أنها تدعّمت وازدهرت في عهد دولة مالي نتيجة عوامل متعددة، وعلى رأسها الاستقرار والأمن الذي ساد الطرق التجارية، فقد حرص حكام دولة مالي على سلامة التجار والمسافرين، بل إنهم أنشؤوا فرقاً عسكرية مهمتها حفظ الطرق بين دولتهم وبلاد المغرب (76), وأشاد ابن بطوطة بأمن دولة مالي فلا يخاف المسافر فيها ولا المقيم من سارقٍ ولا غاصب، وكذلك فهم لا يتعرضون لأموال مَن يموت ببلادهم من التجّار البيض، ولو كانت كبيرة جدّاً، بل يتركونها عند مَن يثقون به منهم حتى يأخذها مستحقها (77), ولقد سافر ابن بطوطة من أيوالاتن إلى مالي مسيرة أربعة وعشرين يوماً، ليس معه إلا دليلٌ وثلاثةٌ من أصحابه «إذْ لا حاجة إلى السفر في رفقة لأمن تلك الطريق» (78).
ونتيجة لذلك تدفق التجّار من المغرب على بلاد السودان، يقول ابن خلدون عن ملوك مالي إنهم: «قد اعتز سلطانهم، وهابتهم أمم السودان، وارتحل إلى بلادهم التجّار من بلاد المغرب وإفريقية» (79).
وقد جذبت الثروات الطبيعية الموجودة في السودان الغربي تجار المغرب، وبخاصة الذهب الذي وُجد بكمياتٍ كبيرة، حتى إنّ الجغرافيين المسلمين الأوائل أطلقوا على تلك البلاد: (بلاد التِّبر) (80), وظنوا أنه لكثرته ينبت نباتاً كما ينبت الجزر (81).
وكانت القوافل التجارية تأتي من المغرب محمّلة بما يحتاج إليه أهل السودان، وبخاصة الملح الذي لا يوجد في بلادهم، ويُحمل من الصحراء، حيث يتم إنتاجه في مدينة تغازة (82) الواقعة في جنوب المغرب، ويقوم باستخراجه عبيد قبيلة مسّوفة البربرية، وتمرّ بهم القوافل في كلّ سنة مرّة، فتحمل الملح إلى بلاد السودان (83), وشاهد ابن بطوطة هذه المدينة وسمّاها: (تغازى)، وذكر أنها على حقارتها فإنه يُتعامل فيها بالقناطير المقنطرة من التِّبر، ومنها سار في قافلة تجارية للسودان (84).
وهكذا كانت القوافل السودانية تخترق الصحراء شمالاً، لكنها لا تصل إلى المراكز المغربية كسجلماسة مثلاً، في حين كانت القوافل المغربية تصل إلى مدن السودان الغربي، وبخاصة مالي وتنبكت.
ولقد بلغ الازدهار التجاري المتبادل بين المغرب ومالي ذروته بقيام الشركات التجارية المتخصصة في تصدير سلع السودان الغربي إلى المغرب والأندلس، ثم إلى الأسواق العالمية، وكانت عائلة المقَّري المغربية إحدى الأسر التي نشطت في هذا المجال.
أثر السفارات في ازدهار العلاقات الاجتماعية:
وإلى جانب ازدهار العلاقات العلمية والثقافية والتجارية كانت هناك علاقاتٌ اجتماعية، تمثلت في الهجرة والمصاهرة، حيث كانت مدن السودان الغربي تزخر بالمهاجرين البيض من المغرب بشكلٍ خاص.
ففي مالي العاصمة هناك حيٌ كاملٌ للبيضان (85), وفي قرية زاغري الواقعة بين ولاته ومالي يسكن جماعة من البيضان (86), وفي جاو (كوكو) حارةٌ للبيضان، يسكنها جماعة من المغرب، مثل محمد بن عمر من أهل مكناسة، ومحمد الوجدي التازي، والفقيه محمد الفيلالي إمام مسجد البيضان (87).
وكان هؤلاء المهاجرون يندمجون في المجتمع السوداني، بل يصاهرون الأفارقة ويتزوجون منهم ويزوجونهم، ومما ذُكر عن أبي إسحاق الساحلي أنه تزوج منهم وأنجب أولاداً سوداً (88), وفي المقابل استقرت أعدادٌ كبيرةٌ من السودان في مدن المغرب، واتخذ بعض الملوك من بني مرين إماء من تلك البلاد فأنجبن لهم أولاداً ارتقى بعضهم عرش الحكم في الدولة المرينية، مثل الواثق بالله محمد بن أبي الفضل بن أبي الحسن المريني الذي تولى حكم الدولة المرينية في شهر شوال سنة (789هـ/1387م)، وكان أسود اللون وأمّه مولّدة اسمها: (عسيلة) (89).
الخاتمة:
وختاماً؛ فإنه من الممكن أن نجمل عدداً من النتائج التي توصل لها البحث، ومنها:
– الارتباط القوي بين بلاد المغرب وبلاد السودان الغربي في جميع المجالات الدينية والعلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية، حيث عاشت المنطقتان فترة تاريخية زاهرة خلال حكم كلٍّ من المرينيين وملوك دولة مالي.
– اتجه حكام الدولتين لانتهاج وسيلة إرسال السفارات فيما بينهم، وذلك لتقوية العلاقات ودعمها في جميع المجالات؛ لإدراكهم أهمية ذلك.
– رصد البحث كلّ ما أوردته المصادر التاريخية عن السفارات المتبادلة وآثارها، كما أنه صحّح بعض الأخطاء التي وردت لدى بعض الباحثين حولها.
– أعطى البحث صورة واضحة عن ازدهار العلاقات العلمية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية بين الدولتين، وذلك بفضل السفارات المحمّلة بالهدايا والاتصالات المتبادلة (التبادل الدبلوماسي).
وأخيراً: لعل هذا البحث يكون إضافة مفيدة في تاريخ منطقة السودان الغربي، خصوصاً في المجال الحضاري.
الهوامش والاحالات:
(*) الأستاذ بقسم التاريخ والحضارة – كلية العلوم الاجتماعية – جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض – عميد القبول والتسجيل سابقاً بالجامعة.
(1) هو عبيد الله بن الحبحاب مولى بني سلول، كان رئيساً نبيلاً وأميراً جليلاً وكاتباً بليغاً، بدأ كاتباً في مصر ثم والياً لإفريقية، وذلك سنة (116هـ/734م)، وهو الذي بنى الجامع ودار الصناعة بتونس، وأغزى عبدالرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة للمغرب والسودان، وأنشأ أسطولاً غزا به صقلية، ثار عليه البربر وعزلوه سنة (123هـ/740م)، (الرقيق القيرواني: تاريخ إفريقية والمغرب، ت: محمد زينهم محمد عزب، القاهرة، دار الفرجاني، ط1 (1414هـ/1994م)، ص 66).
(2) هو عبد الرحمن بن حبيب بن أبي عبيدة بن عقبة بن نافع الفهري، قائد عسكريٌّ فذّ، شارك والده في غزوة صقلية، كما أن أكثر المصادر تنسب له قيادة الجيش الذي اتجه للسودان الغربي، تولى إفريقية سنة (127هـ/744م)، وظل والياً عليها بعد سقوط الدولة الأموية حتى قُتل سنة (138هـ/755م)، (الرقيق القيرواني: تاريخ إفريقية والمغرب، ص 72 وما بعدها).
(3)خليفة بن خياط: تاريخ خليفة، ت: أكرم ضياء العمري، الرياض، دار طيبة، الطبعة الثانية، ص 347.
(4)البكري، أبو عبيد عبد الله بن عبد العزيز: المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، نشر البارون دي سلان، الجزائر (1857م)، نسخة مصورة، القاهرة، دار الكتاب الإسلامي، ص 157.
(5) الناصري، أبو العباس أحمد بن خالد: الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق وتعليق جعفر الناصري ومحمد الناصري، الدار البيضاء، دار الكتاب (1954م)، (3 / 118).
(6) ابن الخطيب، لسان الدين محمد بن عبد الله: اللمحة البدرية في الدولة النصرية، بيروت، دار الآفاق الجديدة، الطبعة الثالثة، (1400هـ/1980م)، ص (94 – 105).
(7) ابن مرزوق، محمد التلمساني: المسند الصحيح الحسن في مآثر ومحاسن مولانا أبي الحسن، دراسة وتحقيق: ماريا خيسوسبيغيرا، الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع (1401هـ/1981م)، ص 265، ابن خلدون: العبر، (7 / 257).
(8) ابن مرزوق: المسند الصحيح الحسن، ص (452 ، 453).
(9) ابن الأحمر: روضة النسرين، ص 11، ابن خلدون: العبر، (7 – 280).
(10) لسان الدين بن الخطيب: اللمحة البدرية، ص (117 ، 126) الناصري: الاستقصاء لأخبار دول المغرب الأقصى، (4 / 3).
(11) العُمري، أحمد بن يحي بن فضل الله: مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، من الباب الثامن إلى الباب الرابع عشر، تحقيق: مصطفى أبو حنيف أحمد، ط1 سنة (1409هـ/1988م)، ص (60).
(12) يفسّر ابن خلدون هذا اللقب بقوله: «معنى ماري عندهم: الأمير الذي يكون من نسل السلطان، وجاطه: الأسد»، العبر، (6 / 200).
(13) المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي: الذهب المسبوك في ذكر من حجّ من الخلفاء والملوك، تحقيق: جمال الدين الشيال، القاهرة، مكتبة الخانجي (1955م)، ص 110.
(14) تَكدّة: مدينة في الصحراء شرق السودان الغربي، تقع على الطريق التجاري المتجه إلى مصر، اشتهرت بمعدن النحاس الذي يستخرج من أرضها، ورد ذكرها في مصادر القرن الثامن الهجري، (العمري: مسالك الأبصار، ص 74، ابن بطوطة: الرحلة، ص 696).
(15) غدامس: مدينة قديمة تقع في الصحراء الليبية على طريق القوافل القادمة من المغرب والسودان إلى مصر والمشرق، تشتهر بصناعة الجلود المنسوبة لها. (الحميري: الروض المعطار في خبر الأقطار، ص 427).
(16) ابن فضل الله العمري: مسالك الأبصار، ص 60.
(17) إبراهيم طرخان: دولة مالي الإسلامية، القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، سنة (1973م)، ص 87.
(18)ابن خلدون: العبر، (6 / 201).
(19) صبح الأعشى، (5 / 297).
(20)البكري: المغرب في ذكر بلاد إفريقية والمغرب، ص 178.
(21)وقد استقرت أسرته في مالي، وأدرك ابنُ بطوطة أحدَ أحفاده في العاصمة مالي حينما زارها في رحلته وسمّاه: «مدرك بن فقوص»، انظر: الرحلة، ص 689.
(22)ابن عذاري، أحمد بن محمد المراكشي: البيان المغرب في أخبار الأندلس والمغرب، تحقيق: ج. س. كولان وليفي بروفنسال، بيروت، دار الثقافة، (1 / 275).
(23)ابن خلدون: العبر، (6 / 201).
(24)ابن خلدون: العبر، (7 / 266)، الناصري: الاستقصاء (3 / 151)، عبد الهادي التازي: التاريخ الدبلوماسي للمغرب، الرباط (1988م)، ص 40.
(25) لسان الدين بن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، (1 / 329)، ابن الأحمر: نثير فرائد الجمان، ص 309.
(26) العبر، (6 / 201).
(27) ابن خلدون: العبر، (7 / 266)، الناصري: الاستقصاء (3 / 151 – 152).
(28) المسند الصحيح الحسن، ص 454.
(29) المصدر السابق، ص (453 – 454).
(30) العبر، (7 / 266).
(31) الناصري: الاستقصاء، (3 / 152)، عبد الهادي التازي: التاريخ الدبلوماسي للمغرب، (7 / 41).
(32) العبر، (7 / 266).
(33) المصدر السابق، (6 / 201)، المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي، درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة: تحقيق: محمود الجليلي، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط1، (1423هـ/ 2002م)، (3 / 498).
(34) ابن خلدون: العبر، (7 / 266).
(35) العبر، (7 / 266).
(36) المصدر السابق، (7 / 266).
(37) رحلة ابن بطوطة، ص 685.
(38) العبر، (6 / 362).
(39) القلقشندي: صبح الأعشى في صناعة الإنشاء، (5 / 297).
(40) الرحلة، ص 673.
(41) الرحلة، ص 699.
(42) الرحلة، ص 700.
(43) الرحلة، ص 12.
(44) الرحلة، ص (682 – 683).
(45) الرحلة، ص (674 ، 678 ، 688 ، 697).
(46) مصطفى نشاط: البعد التجاري في رحلة ابن بطوطة إلى السودان الغربي، سلسلة منشورات مدرسة الملك فهد العليا للترجمة، طنجة، مطبعة الطبرس سنة 1996م، ص 255، وما بعدها.
(47) ابن خلدون: العبر، (7 / 310).
(48) ابن الأحمر، أبو الوليد إسماعيل بن يوسف بن محمد، النفحة النسرينية واللمحة المرينية: نشر عدنان الطعمة، دمشق (1413هـ/1992م)، ص 11.
(49) ابن خلدون: العبر، (6 / 202)، القلقشندي: صبح الأعشى، (5 / 297)، المقريزي: درر العقود الفريدة (3 / 498).
(50) وهو السلطان تاشفين بن علي بن عثمان (ذي القعدة 762- صفر 763هـ/1361- 1362م)، ابن خلدون: العبر، (7 / 311)، الناصري: الاستقصاء، (4 / 35)، ابن الأحمر: النفحة النسرينية، ص 12.
(51) ابن خلدون: العبر، (7 / 311).
(52) وهي طويلة تقع في سبعة وثلاثين بيتاً، انظر: ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد الحضرمي: التعريف بابن خلدون ورحلاته شرقاً وغرباً، بيروت، دار الكتاب اللبناني (1979م)، ص (76 ، 77 ، 78) لسان الدين بن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، (3 / 511) وما بعدها.
(53) لسان الدين بن الخطيب: اللمحة البدرية في الدولة النصرية، ص (117 ، 118).
(54) إبراهيم طرخان: دولة مالي الإسلامية، ص 106، عبد القادر زيادية: مملكة سنغاي في عهد الأسيقيين، الجزائر، الشركة الوطنية للنشر والتوزيع، ص 25.
(55) هو الأمير يلبغا بن عبد الله الخاصكي الناصري، تأمّر في عصر السلطان المملوكي الناصر حسن، وتولى أتابك للسلطان محمد بن حاجي وللسلطان الأشرف شعبان، تلقب باسم: (نظام الملك)، وكان له الأمر والنهي في دولتيهما، قُتل سنة (768هـ/1366م) على يد مماليكه. (ابن حجر، شهاب الدين أحمد العسقلاني: الدرر الكامنة في أعيان المائة الثامنة، تحقيق: محمد سيد جاد الحق، القاهرة، دار الكتب الحديثة، (5 / 213 ، 214 ، 215).
(56) ابن خلدون: العبر، (7 / 320)، المقريزي، تقي الدين أحمد بن علي: السلوك لمعرفة دول الملوك، تحقيق: سعيد عاشور، القاهرة، مطبعة دار الكتب (1970م)، (3 / ق1 / 100)، درر العقود، (2 / 220 ، 221).
(57) القلقشندي: صبح الأعشى، (5 / 297).
(58) ابن بطوطة: الرحلة، ص 692.
(59) العبر، (6 / 202).
(60) هو أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن إبراهيم الساحلي الغرناطي المعروف بالطويجن، وُلد بغرناطة وبها نشأ وتعلم، وقد رحل من غرناطة إلى مصر ثم إلى الشام والعراق، وفي سنة (724هـ/1325م) حج والتقى بالسلطان منسا موسى ملك التكرور بمكة المكرمة، فأنس به واصطحبه معه في رحلة العودة إلى بلاده، وأقام عنده حتى وفاته سنة نيف وأربعين وسبعمائة، وقد كان للساحلي أثرٌ كبيرٌ في بلاد السودان في كلّ المجالات السياسية والثقافية والعمرانية، حيث كان له الفضل في إدخال أساليب العمارة الأندلسية وعناصرها إلى بلاد السودان الغربي، وشيّد لملك مالي كثيراً من العمائر الدينية والمدنية. (لسان الدين بن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، (1 / 329)، وما بعدها، ابن الأحمر، أبو الوليد إسماعيل: نثير فرائد الجمان في نظم فحول الزمان، تحقيق محمد رضوان الداية، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى (1396هـ)، ص 309، المقّري: نفح الطيب، (3 / 10)، محمد بن شريفة: من أعلام التواصل بين بلاد المغرب وبلاد السودان، الرباط، جامعة محمد الخامس، منشورات معهد الدراسات الإفريقية، ط1 (1999م)، ص 80، وما بعدها).
(61) لسان الدين بن الخطيب: الإحاطة، (1 / 329)، محمد بن شريفة: من أعلام التواصل بين المغرب وبلاد السودان، ص 98.
(62) محمد بن شريفة: المرجع نفسه، ص 97.
(63) زرياب: اسمه علي بن نافع مولى الخليفة العباسي المهدي، وتلميذ إبراهيم الموصلي، كان شاعراً مطبوعاً حسن الصوت، اشتهر بالغناء وبرع فيه، وقد انتقل إلى الأندلس، وسبقته إليها شهرته، فتلقاه عبد الرحمن بن الحكم بنفسه سنة ست ومائتين، وأقام بقرطبة، وبها توفي، ونقل صناعة الغناء للأندلس، وكان له تأثير عظيم في الحياة الاجتماعية في الأندلس في اللباس والأكل والآنية والزينة. (ابن خلدون: المقدمة، ص 357، المقّري: نفح الطيب، (4 / 217) وما بعدها).
(64) الرحلة، ص 686.
(65) جنّي: وردت عند محمود كعت جن بدون ياء (الفتاش، ص 88)، أما عند الحسن الوزان فوردت: (جنة)، (وصف إفريقيا، ص 537)، تعد المركز الثاني في السودان الغربي، وتقع على نهر باني أحد فروع نهر النيجر، إلى الجنوب من تنبكت، على بعد (200) ميل، وقد بناها تجّار صنهاجة لتكون مركزاً تجارياً يلتقي فيه تجار الملح بتجار الذهب. (السعدي: تاريخ السودان، ص 12).
(66) عبد الرحمن السعدي: تاريخ السودان، ص 12.
(67) عبد الرحمن السعدي: تاريخ السودان، ص 56، عبد الرحمن زكي: تاريخ الدول الإسلامية السودانية بإفريقيا الغربية، القاهرة، المؤسسة العربية الحديثة (1961م)، ص 110.
(68) حسن أحمد محمود: الإسلام والثقافة العربية في إفريقيا، القاهرة، دار الفكر العربي، ط3 (1986م)، ص 248.
(69) أحمد الشكري: الإسلام والمجتمع السوداني، إمبراطورية مالي، أبو ظبي، منشورات المجمع الثقافي، ص 221.
(70) البرتلي، أبو عبد الله محمد بن أبي بكر الولاتي: فتح الشكور في معرفة أعيان العلماء التكرور، تحقيق: محمد الكتاني ومحمد حجي، بيروت، دار الغرب الإسلامي (1401هـ/1981م)، ص 179.
(71) عبد الرحمن السعدي: تاريخ السودان، ص 57.
(72) أحمد الشكري: الإسلام والمجتمع السوداني، ص 223.
(73) النباهي، أبو الحسن بن عبد الله بن الحسن: المرقبة العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا، بيروت، دار الآفاق الجديدة (1400هـ/1980م)، ص 168.
(74) العبر، (6 / 200).
(75) مسالك الأبصار في ممالك الأمصار، ص 74.
(76) إبراهيم طرخان: دولة مالي الإسلامية، ص 133.
(77) الرحلة، ص 690.
(78) المصدر السابق، ص 678.
(79) العبر، (6 / 200).
(80) ابن حوقل، أبو القاسم النصيبي: صورة الأرض، بيروت، دار صادر، نسخة مصورة عن طبعة ليدن (1989م)، ص 102، الإدريسي: نزهة المشتاق في اختراق الآفاق، (1 / 23)، القزويني، زكريا بن محمد بن محمود: آثار البلاد وأخبار العباد، بيروت، دار صادر، ص 18.
(81) الهمذاني، أبو بكر أحمد بن محمد المعروف بابن الفقيه: مختصر كتاب البلدان، ليدن، مطبعة بريل، (1302هـ/885م)، ص 87.
(82) تغازة: تقع هذه البلدة جنوب المغرب في الصحراء، على الطريق إلى بلاد السودان الغربي، اشتهرت بإنتاج الملح، وسمّاها ابن سعيد: (حصن الملح)، (الجغرافيا، ص 113)، وعُرفت بعد ذلك باسم: (تغازة أو تغازى)، وبيوتها مبنية من الملح، وأرضها سبخة، ومنها يُحمل الملح إلى بلاد السودان (القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد، ص 18)، وقد مرّ بها ابن بطوطة أثناء رحلته إلى بلاد السودان، وذكر أنها على مسيرة خمسة وعشرين يوماً من سجلماسة، وقدّم لنا وصفاً قيّماً لهذه البلدة، (الرحلة، ص 674)، وقد ظلت تغازة مصدراً للملح بعد دولة مالي، حيث مرّ بها الحسن الوزان في النصف الأول من القرن العاشر الهجري ووصفها، (وصف إفريقيا، ص 526).
(83) القزويني: آثار البلاد وأخبار العباد، ص (26 – 27)، وقد سمع هذه المعلومات من فقيه سمّاه: (علي، رأى المدينة ووصفها.
(84) الرحلة: ص 674.
(85) بن بطوطة، الرحلة، ص 681.
(86) المصدر السابق، ص 680.
(87) المصدر السابق، ص 695.
(88) لسان الدين بن الخطيب: الإحاطة في أخبار غرناطة، (1 / 341).
(89) ابن الأحمر: النفحة النسرينية واللمحة المرينية، ص (14 – 15).