المصدر: لو بونيي أفريك
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
يتفق جميع المراقبين على الانتخابات التشريعية في بنين في بداية العام 2023 هي أكثر شمولاً نتيجة السماح بأحزاب المعارضة للمشاركة، ولأول مرة منذ عام 2016 في المنافسة.فهل نحن بصدد رؤية انعكاس ديمقراطي يحظى بالأهمية لدى الشعب البيني؟
سوف يتجه الناخبون في دولة بنين للإدلاء بأصواتهم لاختيار نوابهم اليوم الأحد 8 يناير 2023 في انتخابات تميَّزت بعودة المعارضة الساعية إلى التموضع في البرلمان، بعد أربع سنوات من منعها من المشاركة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وهنا يجب أن نتذكر أن انتخابات 2019 تميزت بقمع مميت، وإقبال منخفض بشكل قياسي إلى جانب القطع الكامل للإنترنت، وأحداث نادرة للغاية في بنين، البلد الذي كان يُعرف سابقًا بأنه نموذج للديمقراطية.
وإذا كان صحيحًا أن غالبية المعارضين الرئيسيين اليوم إما في المنفى أو خلف القضبان، فقد سُمح لسبعة أحزاب سياسية، ثلاثة منها من المعارضة، بالمشاركة في الانتخابات في 8 يناير.
ومن بين الموضوعات المطروحة خلال الحملة الانتخابية، برزت قضية إطلاق سراح الشخصيات المسجونة، وتقييم إنجازات الرئيس باتريس تالون أو حتى بشكل أكثر شمولاً الغلاء المعيشي.
الشمولية، القضية الرئيسية في الانتخابات التشريعية :
وقبيل التصويت، انتشرت ملصقات الحملة الانتخابية من مختلف الأحزاب في دوارات وتقاطعات كوتونو، العاصمة الاقتصادية, ومن الإمكان ملاحظة خروج مجموعات ضئيلة من النشطاء على دراجات نارية، عند زاوية شارع، حاملةً لافتات تحمل صور مرشحيهم.
ومن جانبه صرّح ساليو أكاديري، مدير الحملة الوطنية للديمقراطيين، حزب المعارضة الرئيسي عند انطلاق حملته يوم الخميس في كوتونو “ندعو شعب بنين إلى التصويت بسلام وبدون عنف حتى يكون لدينا برلمان يمثل الشعب”، على حد تعبيره.
فيما أكد وزير الخارجية السابق “سنبذل قصارى جهدنا لضمان إطلاق سراح رفاقنا في السجن بفضل قانون العفو الذي سنقترحه حتى يتسنى لرفاقنا في المنفى بالعودة إلى وطنهم الأصلي”.
لكن لا يزال اثنان من المعارضين الرئيسيين للرئيس باتريس تالون – الدستوري جويل آيفو ووزير العدل السابق ريكيا مادوغو – مسجونين بعد الحكم عليهما بأحكام قاسية.
ففي عام 2019، مُنعت المعارضة من المشاركة في الانتخابات وتعرّض أنصارها، الذين نزلوا إلى الشوارع في وسط البلاد، معقل الرئيس السابق توماس بوني يايي، للقمع العنيف. علما أنه لم يُصرّح بالمشاركة في هذه الانتخابات لغير التشكيلين السياسيين المحسوبين على الرئيس باتريس تالون UP (الاتحاد التقدمي) و BR (الكتلة الجمهورية) فضلا عن غياب أي نائب معارض في البرلمان منذ أربع سنوات نتيجة فشل قادة المعارضة الرئيسيين في المشاركة في الانتخابات الرئاسية عام 2021.
ومن جانبه، صرّح المعارض كومي كوتشيه، وزير المالية السابق في المنفى في الولايات المتحدة جراء الحكم عليه غيابيا بالسجن 20 عاما بتهمة الاختلاس، بأنه “واثق” من حزب الديمقراطيين، وهو حزب يدعمه في الانتخابات التشريعية، خلال مكالمة فيديو تم نقلها على الهواء مباشرة من المؤتمر الصحفي في كوتونو, وقال مبتسما “آمل أن نلتقي فعليا مرة أخرى قريبًا وليس افتراضيًا”.
وللتذكير، لن تشارك شخصيات معارضة أخرى في المنفى في هذه الانتخابات على غرار سيباستيان أجافون(الذي جاء في المركز الثالث في الانتخابات الرئاسية لعام 2016 وحُكم عليه غيابيًا بالسجن 25 عامًا)، فـ “هؤلاء الأشخاص هم أنفسهم الذين كانوا في المشهد منذ عام 1990 وشعب بنين متعطش لوجوه جديدة من أجل التغيير”، وفقاً لتصريح المتحدث باسم حركة التحرير الشعبية ، غفارو رادجي لوكالة فرانس برس، وهو من المعارضة أيضًا.
نقلة نوعية أم انتكاسة ديمقراطية؟:
تم انتخاب رجل الأعمال الثري، باتريس تالون، في عام 2016 وأعيد انتخابه في عام 2021, وقام الأخير بإطلاق إصلاحات سياسية واقتصادية شاملة بهدف وضع بلاده على طريق التنمية، لكن هذا التحديث صاحبته أيضا انتكاسة ديمقراطية كبيرة، وفقًا للمعارضة.
من الجانب الحكومي، يصر ديستل أموسو ، الأمين العام للكتلة الجمهورية، على “النقلة النوعية” التي تم إحرازها منذ تولي الرئيس تالون السلطة. ويعترف لوكالة فرانس برس “نتفق على انه لا يوجد عمل بشري مثالي ويمكن تحسين هذه الإصلاحات”، مضيفا” لكن بدون الإقناع بالبدائل المطروحة لا نعتزم إفساح المجال للمناوئين المقبلين على الانتخابات على قاعدة واحدة: مناهضة التالونية، وهي ليست برنامجًا تنمويًا” على حد تعبيره.
كما سيحاول الحزب المعارض الآخر FCBE (قوى كوريس من أجل بنين الناشئة) الحصول على بعض المقاعد الـ 109 المتاحة لاسيما أن مشاركة المعارضة في الانتخابات التشريعية ساهمت في “تهدئة” العملية الانتخابية، مما جعلها “أكثر إثارة للاهتمام” وفقاً لإكسبديت أولوغو، الخبير السياسي من دولة بنين، مضيفا “من الواضح أن هناك المزيد من الحماس على المستوى الاجتماعي وهذا بالتأكيد سيرفع معدل المشاركة” على حد تعبيره. لكن جزءًا من السكان فقدوا الثقة في مصداقية الاقتراع حيث يعتقدون أن النتائج محسومة مسبقا. وخلال الانتخابات التشريعية لعام 2019، تجاوز معدل الامتناع عن التصويت 70%، وهي نسبة قياسية في الارتفاع.
مكانة المرأة في المعادلة:
هناك سؤال مهم آخر والذي يتمثل في مكانة المرأة في الانتخابات. ويقتضي قانون الانتخابات الجديد انتخاب امرأة واحدة لكل دائرة انتخابية، أو ما لا يقل عن 24 نائبا. في الولاية السابقة، كانوا 6 فقط من أصل 83 نائباً. وبعد الانتخابات، كما يوضح مدير مركز الأبحاث CiAAF (الأكاديمية المدنية لمستقبل إفريقيا) سنكون قادرين على قياس “الفجوة بين ما يتم تقديمه تلقائيًا وما ينتج عن النضال السياسي من قبل النساء وأحزابهن”.
وللتذكير، سيختار الناخبون أعضاء الجمعية الوطنية البالغ عددهم 109 لمدة ثلاث سنوات حتى إجراء الانتخابات العامة في عام 2026.
رابط المقال: