د. محمد حمد كنان ميغا(*)
كانت مملكة سنغاي أهم الممالك الإسلاميّة التي عرفت في غرب إفريقيا, وخاصة عند ما تولى الأساكي مقاليد السلطة، حيث تحولت بعض المدن إلى مراكز علمية، وقام العلماء بدور كبير في نشر الثقافة الإسلامية العربية فيها، عبر المساجد والمدارس والمجالس العلمية السلطانية، وتميزت هذه المراكز بمناهجها التعليمية وموادها الدراسية والإجازات والدرجات التي تمنحها لطلاب العلم، وقد انتشرت لذلك الكتب والمكتبات، وكان لها كبير الأثر في نشر الثقافة الإسلامية العربية في عهد الأساكي.
تمهـيد: نبذة عن المراكز العلمية في مملكة سنغاي في عهد الأساكي:
أولاً: تنبكـتو: وكانت من أهم مدن السودان الغربي، أُسـست على يد الطوارق الملثمين في أواخر القرن الخامس الهجري على نهر النيجر، وتذكر بعض الروايات التاريخية أنها أُسست عام 1100م (1)، وكانت مدينة إسلامية منذ نشأتها، قال السعدي(2): (ما دنستها عبادة الأوثان، وما سُجد على أديمها قط لغير الرحمن)(3).
قامت مدينة تنبكتو بدور ثقافي بارز في السودان الغربي في عهد الأساكي، ونفـقت فيها أسواق العلوم، فكانت محط رحال العلماء وطلبة العلم، وكانوا يأتونها من كل مكان, من داخل البلد وخارجه، قال الألوري: (ولمّا ارتكز العلم بمدينة تنبكتو رجع الناس إليها في طلب العلم؛ إذ إنها أقرب إليهم من غيرها، فارتادوا ديار العلم بها حتى نبغ فيهم عدد كبير من أهل العلم، وعند ذلك اكتفوا بما في بلادهم، وصاروا لا يطلبون العلم إلى سواها، ولا يحتاجون إلى غير مؤلفات علمائها الراسخين في العلم)(4).
يظهر مما تقدم مكانة تنبكتو حيث كانت مركزاً علمياً فريداً في المنطقة آنذاك، ويزيد ذلك جلاء ما ذكره صاحب الفتاش؛ أن مدارس تعلّم القرآن للصبيان الذين يقرؤون في تنبكتو قد بلغت مائة وخمسين, كما اشتهرت تنبكتو بجامعتها العريقة, والمتمثّلة في جامع سنكوري الذي كان يضاهي جامع القرويين بفاس، وزيتونة بتونس، والأزهر بمصر، وقد تخرج من جامعة تنبكتو علماء شهد لهم التاريخ بالصدارة في شتى فنون العلم، إلى جانب التدين، سيأتي ذكرهم إن شاء الله تعالى.
ثانياً: جـنّي: وكانت من أهم المراكز العلمية في السودان الغربي، تأسست في القرن الثالث الهجري، وقد أسلم أهلها مع ملكهم المسمّى كـنبر، في القرن السادس الهجري، وكان إسلام السلطان المذكور أمام أربعة آلاف ومائتي عالم، ولما أسلم خرّب دار السلطنة وحولها إلى مسجد لله تعالى، وهو الجامع في جنّي، وأنشأ داراً أخرى لسكناه بجوار المسجد(5).
اشتهر أمر مدينة جـنّي بعد ذلك، ونفقت فيها أسواق العلوم والمعارف، ورحل الناس إليها من كل مكان، ويؤكّد ذلك قول السعدي: (وقد ساق الله – تعالى – لهذه المدينة المباركة سكاناً من العلماء والصالحين؛ من غير أهله من قبائل شتى وبلاد شتى)(6).
وقد اعتنى الأساكي بمدينة جنّي اعتناءً كبيراً، فبنوا فيها المساجد ومساكن لطلاب العلم، وأغدقوا عليهم وعلى أساتذتهم الأرزاق، فاحتلّت مدينة جـنّي بذلك الدرجة الثانية في الميدان الثقافي بعد مدينة تنبكتو، وكان السلطان أسكيا محمد الكبير أوّل من عيّن القضاة في جـنّي للفصل بين الناس وفـق الشريعة الإسلاميّة(7).
ثالثاً: غـاوو: وقد كانت عاصمة مملكة سنغاي، تذكر بعض الروايات التاريخية أنها تأسست في أواسط القرن الثاني من الهجرة، وانتشر الإسلام فيها عند تمام القرن السادس الهجري(8).
وكانت غاوو أقلّ من تنبكتو وجنّي من حيث انتشار العلم، ربما كان سبب ذلك كونها العاصمة السياسية، ولا يعني ذلك أنها كانت أقلّ كثافة سكانية منهما، حيث تذكر بعض الروايات التاريخية أنها كانت مدينة كبيرة، بلغ عدد الدور فيها 7626 داراً, بخلاف البيوت المتواضعة من الأكواخ الكثيرة، في عهد أسكيا محمد الكبير، وعلاوة على ذلك أنّ التجار كانوا يقصدونها من المغرب وغيرها، ويدل على ذلك قول أحمد بابا معبّراً عن شوقه إلى تنبكتو في أثناء وجوده بالمغرب:
أيا قاصـداً كاغو(9) فعرج نحو بلدتي وزمز لهـم باسـمي وبلغ أحبّتي
سلاماً عـطيراً من غريب وشـائق إلى وطن الأحباب رهطي وجيرتي(10)
وقد شملت حركة تأسيس المدارس والمعاهد والمساجد في عهد أسكيا محمد الكبير مدينة غاوو، وأوقف الحكام والأثرياء الأوقاف الكثيرة على المساجد والأئمة والمؤذنين والخطباء والمدرسين في مدينة غاوو(11).
وكانت المجالس العلمية تعقد ويحضرها الحكام، ومنهم أسكيا داود, وهناك مجلس الجمعة في كل أسبوع بعد صلاة الجمعة، علاوة على المكتبات العامة التي كانت تتوفر في مدينة غاوو للبحث والمطالعة، ومن أشهر هذه المكتبات: مكتبة أسكيا داود، ومكتبة أسكيا محمد الأوّل، ومكتبة أسكيا محمد بان بن أسكيا داود(12).
ويظهر مما تقدم دور مدينة غاوو الثقافي والعلمي، وهو ما جعلها مركزاً علمياً ثقافياً إلى جانب كونها العاصمة السياسية، وإن كان النشاط العلمي والثقافي في تنبكتو وجـنّي أكثر منها.
المبحث الأول: دور العلماء(13) في نشر الثقافة الإسلامية العربية في تنبكتو وجنّي وغاوو:
لا يمكن الجزم بتحديد تاريخ دخول الإسلام في السودان الغربي، غير أنّه من المعلوم تاريخياً أنّ الإسلام قد وصل إلى المنطقة في وقت مبكّر؛ بسبب تردّد التجار إليها من المشرق والمغرب، وقد تغلغل الإسلام في أعماق بلاد السودان الغربي في عهد الأساكي انطلاقاً من المراكز المذكورة سابقاً، وذلك بواسطة جهود سلاطين سنغاي (الأساكي) الذين قاموا بدور بارز في تشجيع العلماء، بتأسيس المساجد والمدارس ومساكن الطلاب، والنهوض بأعبائها مادياً ومعنوياً، حيث أغدقوا على العلماء وطلبة العلم وأنفقوا عليهم بسخاء، وأعفوهم من كل وظائف السلطنة.
ولا شك أنّ هذا الاعتناء من الأساكي قد هيّأ للعلماء ومهّـد لهم الطريق لنشر الثقافة الإسلامية العربية، فنصبوا أنفسهم لنشر العلم في المساجد والمدارس وفي بيوتهم، وتفرغوا لتدريس العلوم بشتى فنونها، وخاصة الدينية منها واللغوية، حيث ظلت العلوم الشرعية واللغوية تحتل مركز الصدارة في السودان الغربي، فظهرت مؤلفات وحواش وشروح في مختلف المجالات، وخاصة في الجانب الفقهي، فقد اعتنوا اعتناءً كبيراً بأمهات كتب المذهب المالكي، فأجادوا وأفادوا.
وقد استطاع العلماء في عهد الأساكي أن يضعوا للحكام قواعد يسيّرون على وفقها شؤون البلاد(14)، مراعين في ذلك مقاصد الشريعة وأعراف الناس في البلاد، وبفضل صبر العلماء ومثابرتهم على التدريس ليل نهار؛ استطاعوا أن ينهضوا بمستوى الوعي الديني في أوساط شعب سنغاي إلى أعلى مستواه، مما جعلهم يحظون – وبخاصة علماء الشريعة – باحترام منقطع النظير، ربما وصل إلى حد التقديس المحرم(15), يؤكّد هذا قول الحسن الوزان: (إن تنبكتو وقت زيارته لها كانت مليئة بالعلماء والفقهاء والأئمة، وأنّ هؤلاء يتمتّعون برواتب سخية، ويعاملون باحترام وتعظيم)(16).
مراتب العلماء:
– الأشراف: وهـم الذين ينتسـبون إلى أهل بيت النبي صلى الله عليه وسـلم، وهؤلاء أغلبهم، إن لم يكن كلهم، كانوا من الوافدين على البلاد وخاصة تنبكتو، وقد نالوا احتراماً منقطع النظير من قبل الأساكي والأهالي(17).
– أهل بيوت العلم من سكان البلاد: ويأتي بعد الأشراف أهل بيوت العلم من سكان البلاد الذين توارثوا العلم، ومن هؤلاء: أسرة آقـيت، فقد تعدد فيهم العلماء والقضاة، وتوارثوا رئاسة العلماء مدة طويلة تقرب من مائتي سنة، ومنهم كان الأساكي يختارون القضاة في تنبكتو وجنّي وغاوو(18)، وهذه الأسرة هي أسرة أحمد بابا التنبكتي الذي طبقـت شهرته الآفاق.
– أسرة اندغ محمد: وإلى جانب الأسرة السابقة كانت هناك أسرة اندغ محمد، وهي أيضاً أسرة علم وصلاح، توارثوا مراكز مهمة في البلاد، كالقضاء، والإمامة، والتدريس(19).
وهؤلاء العلماء المشار إلى أسرهم ومناصبهم؛ منهم من كان بارعاً في علوم الشريعة أصولها وفروعها، ومنهم من كان بارعاً في اللغة وفقهها، والنحو، وأسرار البيان، ومنهم من جمع بين هذه العلوم كلها إلى جانب مشاركته في الطب، والهندسة، والحساب، والتنجيم وغيرها.
وفيما يلي نعرض جملة من علماء هذه المراكز الثلاثة (تنبكتو، وجنّي، وغاوو) الوافدين منهم والمحليين:
أولاً: الوافدون، ومنهم:
1 – الإمام محمد بن عبد الكريم المغيلي التواتي التلمساني: ولد بتوات في حي كان يسكنه اليهود، طلب العلم في صباه، ثم انتقل إلى فاس للتعمق في الدراسة، وهناك جمع كثيراً من العلم، وقد اشتهر أمره كداعية إسلامي متمسكاً بالسنّة، بعيداً عن البدعة.
وفي أثناء وجوده بفاس جرى بينه وبين علماء فاس خلاف، ثم رحل إلى تونس، ومنها إلى بلاد السودان الغربي، فوصل إلى كانو، وغاوو(20), وكان ذهابه إلى غاوو باستدعاء من الحاج أسكيا محمد الكبير، وأقام في المدينة مدة يمارس التدريس والتأليف، وألف لأسكيا محمد كتاباً أجاب فيه عن عدد من المسائل، وكتاباً آخر أجاب فيه عما يجب على الحاكم نحو المحكومين(21).
2 – صالح بن محمد أندى عمر المعروف بالشيخ العمري: كان من أهل العلم والفضل، وكان كلامه مسموعاً لدى السلاطين، له شرح على مختصر خليل(22).
3 – أبو القاسم التواتي: وصل إلى تنبكتو مع جماعة من علماء وشرفاء تافليلالت، وسكن بالقرب من المسجد الأعظم، وكان يستقبل الطلبة في داره، وكان أسكيا محمد يصلي وراءه ويطلب دعاءه، وحينما توفي في تنبكتو عام 1516م كان يوجد بتنبكتو خمسون عالماً من توات(23).
4 – الإمام سيدي يحيى المغربي: إمام مسجد سيدي يحيى الذي كان في قلب مدينة تنبكتو، توفي هذا العالم سنة 1463م(24).
ثانياً: العلماء المحليون، ومنهم:
1 – محمود بن عمر بن محمد آقـيت: ولد في تنبكتو عام 1463م، وكان يدرس أمهات الكتب المالكية، وألفية ابن مالك، سافر إلى الحج عام 1509م, وفي طريقه مر بمصر فحصل بينه وبين علماء مصر مناقشات علمية، من هؤلاء العلماء: إبراهيم المقدسي، والقلقشندي, ولما عاد إلى تنبكتو لازم التدريس وانتفع به بشر كثير(25).
2 – عبد الله بن عمر بن محمد آقيت: كان أستاذاً في ولاتة وتنبكتو، متضلعاً في العلوم الشرعية، قوي الحافظة، وكان مهيب الجانب لورعه وزهده(26).
3 – الحاج أحمد بن عمر بن محمد آقيت: كان أكبر الإخوة الذين عُرفوا بالعلم في تنبكتو، وصفه أحمد بابا بأنه كان فقيهاً نحوياً لغوياً عروضياً، محصلاً بارعاً حافظاً، معتنياً بتحصيل العلم، وأنه نسخ كـتبه. كتب عدة دواوين، وجمع كثيراً من الفوائد والتعاليق، عمل في القضاء بولاية وتنبكتو، ثم ارتحل للمشرق برسم الدراسة والحج، وجلس للتدريس بعد عودته، حتى مات سنة 1536م(27).
4 – محمد بن محمود بن عمر آقيت: وصفه أحمد بابا بأنه كان ثاقب الذهن صافي الفهم، ومن دهاة العلماء، تولى القضاء بعد أبيه، وكان أستاذاً للمنطق والبيان، وله تآليف على رجز المغيلي في المنطق، توفي سنة 1565م(28).
5 – أحمد بن أحمد بن عمر آقيت: أخذ العلم عن أبيه وجده، وقد برع في الحديث والفلك والهندسة، وكان جمّاعاً للكتب، أتى بقدر منها من مصر عام 1549م، وترك سبعة تآليف، بعضها في الأدب والحديث، كان يدرّس في المسجد في غاوو، توفي سنة 1583م في غاوو(29).
6 – العاقب بن محمود بن عمر آقيت: أخذ العلم عن أبيه وعمه، ورحل إلى مصر حيث تلقى العلم في مجلس الإمام أبي الحسن البكري، ثم رجع إلى تنبكتو فتصدر للقضاء والتدريس حتى توفي سنة 1602م(30).
7 – محمد بن محمود بن أبي بكر الونكري التنبكتي، المعروف ببغيوغو: وقد عُدّ هذا العالم حجة الإسلام في السودان الغربي، قال عنه أحمد بابا: (كان طويل الروح في التعليم، لا يأنف من مبتدئ ولا من بليد … درس على أبيه العلوم العربية والفقه، ثم ارتحل إلى المشرق وحضر مجالس العلم بمصر حيث تتلمذ على أشهر العلماء، من أمثال الناصر اللقاني، والتاجوري، والبكري. وبعد الحج رجع إلى تنبكتو بعلم كثير، ثم تابع دراسته وتخصصه في الفقه والحديث والبيان والمنطق)(31)، وقال عنه أيضاً: (حتى صار في آخرة الحال شيخ وقته في الفنون، لا نظير له، لازمته أكثر من عشر سنين)(32).
8 – أحمد بابا التنبكتي المتوفى سنة 1036هـ: صاحب التصانيف الكثيرة، قد اشتهر شهرة تغني عن تعريفه، قال عن نفسه: (ألفت عدة كتب تزيد على الأربعين تأليفاً)(33).
9 – أبو عبد الله اندغ محمد بن الفقيه المختار النحوي: كان إماماً في سنكوري، درّس فيه الشفا للقاضي عياض(34).
10 – أبو العباس الفقيه أحمد بن اندغ محمد بن محمود: كان بارعاً في اللغة(35).
فهؤلاء العلماء كانوا من أبرز العلماء الذين ساهموا في نشر الثقافة الإسلامية العربية في تنبكتو وغاوو وجنّي، وفي ذكرهم كفاية لبيان الغرض.
المبحث الثاني: دور المساجد والمدارس والمجالس العلمية السلطانية في نشر الثقافة الإسلامية العربية في عهد الأساكي:
أولاً: المساجد:
من المعلوم في تاريخ المساجد في الإسلام، أنّ المسجد كان يؤدي دوره الديني والاجتماعي والتربوي، والسياسي، فكانت القرارات الحاسمة تُـتخذ في المسجد، إلى جانب الكراسي العلمية في جميع صنوف المعرفة، واستمر المسجد يؤدي هذه الأدوار حتّى ابتلي العالم الإسلامي بالاستعمار الغربي الذي حاول بكل قواه أن يحجّر دور المسجد، ويقصر نطاق مهامه على الصلوات المفروضة.
وقد كانت المساجد في عهد الأساكي تقوم بدورها الديني والتربوي والتعليمي، وذلك بفضل عناية هؤلاء الأساكي بها، حيث خصّصوا رواتب للعلماء الذين يدرّسون فيها، وللأئمة والخطباء والوعاظ.
ومن أهم المساجد التي اشتهرت بنشر الثقافة الإسلامية العربية، ما يأتي:
1 – مسجد جنغراي بير: وهو أول مسجد أُسـس في تنبكتو، وذلك في عهد سلطان مالي المسمى (مانسا موسى) 1325م(36).
2 – مسجد سنكوري: ويقع هذا المسجد في حي سنكوري في تنبكتو، وكان من أشهر المساجد في المدينة، بل في السودان الغربي لكثرة طلبة العلم فيه(37).
3 – مسجد سيدي يحيى: وهذا المسجد أسسه حاكم تنبكتو محمد نض، في زمن حكم الطوارق، ولما استولى سوني علي بير على المدينة جعل سيدي يحيى المغربي المتوفى سنة 1463م إماماً ومدرّساً فيه(38).
4 – مسجد التواتيين في تنبكتو: وكان من أشهر أئمته الفقيه محمود بن محمد الزاغاني النحوي، المتوفى سنة 1602م(39).
5 – مسجد جـنّي: ويرجع تاريخ بنائه إلى نهاية القرن السادس الهجري, بناه سلطان جنّي كوي كنبير بعد إسلامه، وقد ظل هذا المسجد يؤدي دوره في نشر العلم والثقافة الإسلامية إلى سقوط دولة سنغاي(40).
6 – المسجد الكبير في غاوو: وهو من المساجد التي أقامها مانسا موسى بعد عودته من الحج سنة 1325م(41).
ثانياً: المدارس(42):
لقد انتشرت المدارس في مملكة سنغاي في عهد الأساكي بشكل كبير، بسبب اعتناء الملوك بنشر الثقافة الإسلامية العربية، حيث كان الأساكي أنفسهم علماء يزاحمون طلاب العلم في المجالس العلمية.
ويمكن أن نشير هنا إلى أهم المدارس وأشهرها في عهد الأساكي:
1 – معهد سنكوري أو جامعة سنكوري إن صح التعبير: وكان هذا المعهد يقع في حي سنكوري إلى جانب المسجد الكبير، حيث ألحقت حجرات المعهد الدراسية بالمسجد، ويرجع تاريخ هذا المعهد إلى القرن الثامن الهجري، في عهد مانسا موسى.
2 – مدرسة محمود عمر قاضي تنبكتو المتوفى سنة 955هـ: وقد تخرج فيها معظم مشاهير علماء تنبكتو.
3 – مدرسة كلسخ؛ أي منبع العلم: وكانت تدرس فيها العلوم الدينية، وتقع في وسط مدينة تنبكتو.
4 – مدرسة الفقيه أبي بكر أحمد آقيت التنبكتي المتوفى سنة 991هـ: اشتهرت هذه المدرسة بالنحو واللغة، ومن أشهر من تخرج فيها: العالم الكبير أحمد بابا التنبكتي.
5 – مدرسة القاضي مودبو محمد الكابري: تقع في حي سنكوري بتنبكتو، وكان طلاب العلم يأتونها من جميع أنحاء بلاد سنغاي وخارجها، تخرج فيها علماء مجتهدون عُـرفوا بالعلم والصلاح، مثل الفقـيه عمر بن محمد آقيت، والسيد يحيى التادلي الشاعر المشهور في زمانه.
6 – مدرسة الفغ محمود بن الحاج المتوكل: وهي مدرسة متخصصة في السيرة والتاريخ الإسلامي، وصاحبها كانت له دراية بتاريخ سنغاي ومل، تخرج فيها صفوة من العلماء، ولعل صاحب الفتاش منهم.
7 – مدرسة أبي زيد عبد الرحمن بن محمود: اشتهرت بكثرة طلابها، وكان صاحبها جامعاً بين التدريس والوعظ.
8 – معهـد جـنّي: وهو معهد جامع لكل فـنون العلم والمعرفة، تدرس فيه العلوم الدينية، والرياضية، والطبية، والاجتماعية، وكان يدرس فيه نحو ألف طالب.
وإلى جانب المدارس كانت هنالك كتاتيب منتشرة بشكل كبير، لتعليم الصبيان القراءة والكتابة، كما وجدت في تنبكتو مدارس مهنية لتعليم الخياطة وصناعة النسيج.
ثالثاً: المجالس العلمية في قصور السلاطين(43):
لقد كان أسكيا محمد الكبير هو أول من بدأ بعقد المجالس العلمية في قصره من بين سلاطين سنغاي، وكان يستدعي العلماء من خارج البلاد لإحياء هذه المجالس العلمية، إلى جانب استعانته بعلماء بلاد سنغاي المحليين، وقد أثبت التاريخ مراسلته مع الإمام المغيلي الذي استدعاه في النهاية إلى غاوو، فأكرم وفادته, وأحله محل شوراه، ونهج طريقه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وقد واصل سنّـته أبناؤه الذين حكموا البلاد من بعده، وأبرزهم أسكيا داود الذي اشتهر بحبه للعلم والعلماء، وإلى جانب هذه المجالس العلمية السلطانية كان بعض الأغنياء يتخذون في بيوتهم مجالس علمية خاصة، ويدعون إليها كبار العلماء والقضاة والمربين، كما أنّ العلماء أنفسهم كانت لهم مجالس خاصة في بيوتهم، مما يدل على أنّهم كانوا قد حبسوا أنفسهم على نشر العلم والثقافة الإسلامية العربية.
المبحث الثالث: مناهج التعليم والمواد الدراسية(44):
لقد تأثرت مناهج التعليم في السودان الغربي عموماً بمنهج المغـرب، حيث كان العرف الجاري في التعليم أن يبدأ التلميذ بالكتّاب فيتعلم القراءة فقط في أوّل أمره، فإذا وصل إلى مرحلة يستطيع فيها أن يميز بين الحروف ويستطيع أن يقرأ باجتهاده الشخصي؛ بدأ المؤدّب يعلّمه الكتابة، وهذه هي مرحلة التعليم الأولي، وفيها يحفظ التلميذ القرآن كله أو نصفه، حسب قدرته وذكائه، وقد يتعلم فيها بعض المبادئ الفقهية.
ثم تأتي المرحلة العالية، وتكون الدراسة في هذه المرحلة في الجوامع والمدارس، ففي الجوامع يجلس الطلبة على شكل نصف دائرة حول الشيخ، ويكون من بينهم من يقرأ ويتولى الأستاذ الشرح، وكان هذا الطالب القارئ يُسمى (المسرد), ويمكن لغير طلبة المجلس أن يحضروا لسماع الدرس بلا مانع، بينما تكون المدارس خاصة للمتعلمين.
وفي هذه المرحلة يتعلم الطالب النحو، واللغة، والفقه، وسائر علوم الشريعة، ثم يتدرّج في تعلم العلوم الأخرى حسب ميله، ومعالم نهاية هذه المرحلة غير محددة ولا واضحة، وإنما ذلك راجع إلى الأستاذ، فهو الذي يجيز من يجيز من طلبته، إما إجازة عامة أو خاصة.
وهذا الشيخ أحمد بابا يشير لنا هنا إلى طريقة الأخذ في هذه المرحلة في حديثه عن ملازمته لشيخه محمد بغيوغو، فيقول: (لازمته أكثر من عشر سنين فقرأت عليه بلفظي مختصر خليل، وابن الحاجب قراءة بحث وتحقيق وتحرير ختمتها عليه، أما خليل فمراراً عديدة نحو عشر مرات أو ثمان بقراءتي وقراءة غيري، وحضرت عليه التوضيح كذلك، وختمت عليه الموطأ قراءة تفهم، وحضرته كثيراً في المنتقى والمدونة بشرح المحلى ثلاث مرات، وألفـية العراقي في علم الحديث مع شرحها، وحضرتهما عليه مرة أخرى.
وختمت عليه تلخيص المفتاح مرتين بمختصر السعد، وصغرى السنوسي ومع شرح زروق عليه، ونظم ابن مقرعة، والهاشمية في التنجيم مع شرحها ومقدمة التاجوري فيه، ورجز المغيلي في المنطق، والخزرجية في العروض بشرح الشريف، والدماميني، وكثيراً من تحفة الحكام لابن عاصم في الأحكام مع شرح ولده عليه.
وسمعت بقراءته هو كثيراً من البخاري, ودولاً من مدخل ابن الحاج بقراءة غيري، ودروساً من الرسالة والألفية وغيرهما، وسمعت بلفظه جامع معيار الونشريسي كاملاً… وباحثته كثيراً في المشكلات، وراجعته طويلاً في المهمات… وهو شيخي وأستاذي، ما انتفعت بأحد انتفاعي به وبكتبه… وأجازني جميع ما يجوز له ومنه، وكتب لي بخطه في ذلك)(45).
فهذا الكلام المنقول يوضح لنا منهج الأخذ والتعلم في المرحلة العالية، كما استفدنا منه نوع الكتب التي كانت تدرّس في مدارس مملكة سنغاي ومساجدها آنذاك، ونوع العلوم والفنون التي كانت سائدة وقتـئذ، فقد كفانا عرض الكتب والفنون التي كانت مقررة والحمد لله.
وأما الإجازة التي تحـدّث عنها أحمد بابا هنا، فهي مثل شهادة التخرج اليوم، وهي إقرار الأستاذ بأهلية الطالب وتحصيله التام لفـن من الفـنون، قال محمد الغربي: (ولقد وجدت في الواقع ثلاث درجات للإجازة، وهي:
1 – شهادة السماع: وتعني أنّ الطالب تتبع أقوال العالم وحفظها.
2 – وشهادة العرض: أي سرد الطالب على أستاذه مع استذكاره للنصوص ومعرفته بشروحها.
3 – ثم الإجازة الكاملة: وهي أن يصل الطالب إلى المرحلة التي يستطيع معها ذكر الأسانيد وإرجاعها لمصدرها الأول وذكر الفوارق في الروايات بعد الإلمام بفـن معين من الفنون، ولكن هذه الإجازة لا تعطى إلا في أحوال نادرة، فلكي تعطى لا بدّ أن يطمئن الأستاذ إلى بلوغ الطالب مرحلة التعليق والمناقشة والاجتهاد، وقد يكون على المُجاز أن يُلقي درساً بمحضر أستاذه؛ لتحصل لديه القناعة بالحكم الذي سيصدره والشهادة التي سيشهد بها)(46).
المبحث الرابع: الكتب والمكتبات وأثرها في نشر الثقافة الإسلامية العربية في عهد الأساكي:
لقد كان من أهم العوامل التي ساعدت على نشاط الحركة العلمية في مملكة سنغاي توفر الكتب والمكتبات العامة والخاصة، حيث اعتنى أهل سنغاي باقتناء الكتب واستنساخها، واستوى في ذلك العلماء والملوك والتجار(47)، فقد كان التجار يجلبونها من جميع الأماكن, قال الحسن ابن الوزان: (إن تجارة الكتب في هذه البلاد كانت تدر أرباحاً طائلة، بحيث فاقت الأرباح الناتجة عن العمل في أي تجارة أخرى)(48).
وقد كانت معظم هذه الكتب ترد بلاد السودان الغربي من بلاد البربر، وكان حكام سنغاي يشجعون على تحصيل العلوم الإسلامية العربية، كما كانوا يشجعون على اتخاذ المكتبات واقتناء الكتب، ولا سيما أسكيا داود الذي يبدو أنّه كان أول من اهتم بإنشاء المكتبات العامة من بين الأساكي، فكانت له مكتبة ضخمة رفيعة الشأن، وكان من عادته شراء نسخ من المخطوطات والكتب التي تصل إلى بلاد السودان الغربي، واتخذ مجموعة كبيرة من الكتّاب والنساخ، مهمتهم نسخ هذه المخطوطات والكتب, ثم توزيعها على المعلمين وكبار العلماء والطلاب والمكتبات العامة، وكان يقوم هو نفسه بتوزيعها(49).
وفي اهتمام أسكيا داود بالكتب والمكتبات قال محمود كعت: (كان أسكيا داود سلطاناً مهيباً فصيحاً خليقاً للرئاسة، كريماً جواداً… وهو أول من اتخذ خزائن المال، حتّى خزائن الكتب، وله نسّاخ ينسخون له كتباً، وربما يهادي به العلماء)(50).
ومن الأساكي الذين اهتموا بالكتب والمكتبات أسكيا محمد بان، كانت له مكتبة خاصة, وكان له نسّاخ يرأسهم العالم أحمد بن دنبسل الفلاتي المتوفى سنة 995هـ(51).
وقد كان من أهم المكتبات في السودان الغربي تلك التي امتلكتها آل آقيت, وعلى رأسهم أحمد بن عمر بن محمد آقيت، ثم ابنه أحمد بن أحمد بن عمر بن محمد آقيت, قال أحمد بابا : (أنا أقل عشيرتي كتباً، وقد نصب لي ست عشرة مائة مجـلد)(52).
ومن أهم المكتبات أيضاً خزانة العالم الفقيه محمد بن محمود بن أبي بكر الونكري، وكانت خزانته عظيمة، تحتوي على كل غريب ونفيس, قال أحمد بابا: (إنه بذل نفائس الكتب الغريبة الغزيرة لأهل العـلم)(53).
ومن مميزات هذه الخزانة أنّ صاحبها كان يعـير الكتب لطلبة العلم من غير قيد ولا شرط، وإن لم يكن يعرف الطالب، إيثاراً لوجه الله تعالى، قال أحمد بابا: (جئت يوماً أطلب منه كتب نحو, ففتش في داره, فأعطاني كلّ ما ظفر به منها)(54).
هكذا كان حال العلماء في عهد الأساكي، من حيث الجمع بين العلم والورع والتقوى والإيثار، فانتعـش بذلك العلم, وازدادت الحركة العلمية، كما تصدى علماء تنبكتو لشرح أمهات الكتب والتعليق عليها، كما قاموا بالتأليف في جميع المجالات العلمية: في التاريخ, والرحلات، والتراجم، والنحو، واللغة، والفقه، وغيرها، وكانت لأسرة آقيت من ذلك نصيب الأسد.
هذا، ونذيل حديثنا عن اهتمام أهل سنغاي بالكتب والمكتبات بعرض بعض المؤلفات لعلماء السودان الغربي:
1 – تاريخ الفتاش في أخبار البلدان والجيوش وأكابر الناس وذكر وقائع التكرور وعظائم الأمور وتفريق أنساب العبيد من الأحرار, للمؤرخ الكبير محمود كعت، ولد في عام 1548م في منطقة غورما غرب غاوو وراء النهر، وقد عاصر هذا المؤرخ أسكيا الحاج محمد الكبير في بدء شبابه، ثم انتقل إلى تنبكتو لطلب العلم, توفي سنة 1593م(55).
2 – تاريخ السودان, للشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن عمران بن عامر السعدي، ولد عام 1596م، تلقى العلم في تنبكتو، واهتم بالتاريخ منذ شبابه, قال في كتابه هذا: (ولما رأيت انقراض ذلك العلم ودروسه، وذهاب ديناره وفلوسه، وإنه كبير الفوائد، كثير الفرائد؛ لما فيه من معرفة المرء بأخبار وطنه وأسلافه وطبقاتهم وتواريخهم ووفياتهم، فاستعنت بالله – سبحانه – في كتب ما رويت عن ذكر ملوك أهل سغي)(56).
3 – تذكرة النسيان في أخبار ملوك السودان, لمؤلف مجهول، كان يعيش في تنبكتو، وبها تعلم العلم، كـلّفه الباشا أبو بكر بوضع كتاب في تاريخ السودان يكمل به عمل السعدي، وقد فرغ من تأليفه في 19 يوليو عام 1751م(57).
4 – نيل الابتهاج بتطريز الديباج, لأحمد بابا التنبكتي، وهو هامش على كتاب الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، لبرهان الدين إبراهيم بن فرحون، وقد جاء هذا الهامش أكبر من الكتاب نفسه، بدأ أحمد بابا تأليفه في تنبكتو, وأتمه في مراكش، ثم وضع له تكملة سماها (تكملة الديباج) في ثمانية عشر جزءاً، اشتملت على تراجم أئمة المذهب المالكي، ثم جعل لتلك التكملة ذيلاً سمّاه (كفاية المحتاج لمعرفة من ليس بالديباج) أو (ذيل الابتهاج بالذيل على الديباج)(58).
وقد فاقت مؤلفات أحمد بابا الأربعين، أضف إليها مؤلفات سائر أفراد أسرته, ومؤلفات شيخه محمد بن محمود بن أبي بكر الونكري المعروف ببغيوغو.
خاتـمة:
توصلنا من خلال هذا العرض المتواضع لمظاهر الثقافة الإسلامية العربية في تنبكتو وغاوو وجنّي في عهد الأساكي إلى النتائج الآتية:
أولاً: أهمية تنبكتو وغاوو وجنّي، حيث كانت مراكز دينية وثقافية, انطلقت منها الثقافة الإسلامية العربية في السودان الغربي، وهو ما تشهد له دلائل تاريخية عديدة.
ثانياً: الكشف عن جهابذة من علماء سنغاي وغيرهم ممن وردوا على السودان الغربي، وساهموا مساهمة فعالة في رفع مستوى الوعي الديني والثقافي تحت عناية الأساكي، كما ساهموا في إثراء المكتبات الإسلامية بأفكارهم النيرة، وأقلامهم السيالة، فكانت بيوتهم محط رحال العلماء وطلاب العلم الذين أتوا إليهم من كل مكان.
ثالثاً: بيان الدور الرئيس الذي كانت المساجد والمدارس تؤديه في التربية والتعليم، فاشتهرت من المساجد مسجد سنكوري، ومسجد جتغراي بير في تنبكتو، ومسجد جنّي، والمسجد الكبير في غاوو, اشتهرت هذه المساجد كجامعات إسلامية عالمية، ولا سيما جامع سنكوري الذي قل من لم يدرس فيه من مشاهير علماء تنبكتو من أسرة آقيت، وأسرة اندغ محمد.
رابعاً: الكشف عن المناهج التعليمية, والمواد الدراسية, والكتب السائدة آنذاك، ابتداء من مرحلة تعليم القراءة والكتابة, إلى مرحلة البحث والنظر والمناقشة، كما تطرق البحث إلى كيفية الإجازة ودرجاتها، فوجد أنها كانت تنحصر في ثلاث درجات:
1 – شهادة السماع.
2 – شهادة العرض.
3 – الإجازة الكاملة.
خامساً: بيان أثر الكتب والمكتبات في نشر الثقافة الإسلامية العربية في عهد الأساكي، حيث كثرت المكتبات العامة والخاصة في كل من تنبكتو وغاوو ذجنّي، بفضل تشجيع الأساكي على ذلك، ولا سيما أسكيا داود الذي كلن مولعاً بشراء الكتب ونسخها وتوزيعها على العلماء والمكتبات، وكذلك أسكيا محمد بان الذي سار على نهج أسكيا داود في اقتناء الكتب واستنساخها، فانتعشت تجارة الكتب في هذه المراكز الثقافية، ونفقت فيها أسواقها، حيث كانت الكتب تدر الأرباح على التجار أكثر من كل بضاعة أخرى.
كما تطرق العرض إلى بعض مؤلفات السودان، كتاريخ الفتاش للمؤرخ الكبير محمود كعت، وتاريخ السودان لعبد الرحمن السعدي، (وتذكرة النسيان في أخبار ملوك السودان) لمؤلف مجهول من أهل تنبكتو، وبعض مؤلفات العالم الكبير أحمد بابا التنبكتي كالنيل والتكملة.
سادساً: بيان دور الأساكي في نشر الثقافة العربية الإسلامية في السودان الغربي؛ وذلك أنهم كانوا علماء، فأحبوا العلم وأهله، وأعفوا العلماء من كل وظائف السلطنة، كما استعانوا بالعلماء من كل مكان لتأسيس دولتهم على العلم والإيمان، حيث كانوا يحكمون بالكتاب والسنّة، ففتح الله على أيديهم قلوب العباد قبل أبواب البلاد.
وأخيراً، فقد توصلنا إلى نتيجة جديرة بالذكر، وهي أنّ شعب سنغاي رغم تمكن الإسلام في قلوبهم، واستماتتهم في الدفاع عن القرآن ولغته، لم تستطع اللغة العربية أن تسيطر على لغتهم، فقد ظلوا متمسكين بلغتهم الأم، فتجد الواحد منهم يستطيع أن يقرأ القرآن أو غيره ويفسره بلغته المحلية حسبما تلقاه عن شيخه, ولكنّه لا يجيد التحدّث باللغة العربية, فالحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.
المصادر والمراجع:
1 – بداية الحكم المغربي في السودان الغربي, لمحمد الغربي.
2 – تاريخ السودان, للشيخ عبد الرحمن السعدي.
3 – تاريخ الفتاش، للمؤرخ الكبير محمود كعت.
4 – الحياة العلمية في دولة سنغاي خلال الفترة 842 – 100هـ / 1464 – 1591م – رسالة ماجستير، نوقشت في جامعة أم القرى بمكة المكرمة سنة 1413 هـ / 1993م، إعداد محمد ألفا جالو.
5 – العلاقات بين المغرب الأقصى والسودان الغربي في عهد السلطنتين الإسلاميتين؛ مالي وسنغاي، للشيخ الأمين محمد عوض الله.
6 – نيل الابتهاج بتطريز الديباج, لأحمد بابا التنبكتي.
الإحالات والهوامش:
(*) أستاذ الفقه وأصوله ومقاصد الشريعة بكلية البنات – الجامعة الإسلامية بالنيجر.
(1) الشيخ الأمين عوض الله، العلاقات بين المغرب الأقصى والسودان الغربي في عهد السلكنتين الإسلاميّتين مالي وسنغاي، ص 136، 211.
(2) هو الشيخ عبد الرحمن بن عبدالله السعدى ( 1596-1655 م ) ولد في مدينه تمبكتو في مالي من عائله ماليه سودانيه، شغل منصب القضاء و الامامه في مدينه جني التي كانت مركزاً علمياً اسلامياً مزدهراً ، صاحب كتاب تاريخ السودان.
(3) عبد الرحمن السعدي، تاريخ السودان، ص 21.
(4) آدم الألوري، بواسطة الأمين عوض الله، ص 212.
(5) السعدي، ص 11 – 12 ، بتصرف.
(6) المصدر السابق، ص 16.
(7) محمد ألفا جالو، الحياة العلميّة في دولة سنعاي خلال الفترة 842 – 1000 هـ ، رسالة ماجستير نوقشت في جامعة أم القرى سنة 1413 هـ / 1993 م، ص 109 – 110.
(8) الأمين عوض الله ، ص 138 – 140.
(9) اسم من أسماء غاوو.
(10) الأمين عوض الله، ص 139 – 140.
(11) محمد ألفا جالو، ص 118.
(12) المرجع السابق، ص 118.
(13) للمزيد انظر: السعدي، تاريخ السودان, ص 27 – 48.
(14) محمد ألفا جالو، الحياة العلمية في دولة سنغاي خلال الفترة 842 – 1000، ص 49.
(15) المرجع السابق، ص 50.
(16) الحسن الوزان، وصف إفريقيا، 2 / 167.
(17) محمد ألفا جالو، ص 51 , بتصرف.
(18) المرجع السابق, ص52.
(19) نفسه, ص 53.
(20) محمد الغربي، بداية الحكم المغربي في السودان الغربي, ص 514.
(21) محمد ألفا جالو، مرجع سابق, ص 119 – 120.
(22) محمد الغربي, ص 515.
(23) المرجع السابق, ص 515 – 516.
(24) محمد ألفا جالو, ص 153 – 154.
(25) محمد الغربي, ص 516.
(26) المرجع السابق, ص 516.
(27) نفسه, ص 517.
(28) نفسه, ص 517.
(29) نفسه, ص 518.
(30) نفسه, ص 518.
(31) أحمد بابا، نيل الابتهاج, ص 602.
(32) المرجع السابق, ص 602.
(33) محمد الغربي, 539 – 540.
(34) محمد ألفا جالو, ص 250.
(35) المرجع السابق, ص 250.
(36) نفسه, ص 152.
(37) نفسه, ص 153.
(38) نفسه, ص 153.
(39) نفسه, ص 154.
(40) نفسه, ص 155.
(41) نفسه, ص 155.
(42) نفسه, ص 168 – 175.
(43) نفسه, ص 188.
(44) محمد الغربي, ص 549 – 554.
(45) أحمد بابا التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج, ص 602، والسعدي، تاريخ السودان, ص 46.
(46) محمد الغربي, ص 554.
(47) المرجع السابق, ص 556.
(48) الحسن بن الوزان، وصف إفريقيا, 2 / 167.
(49) محمد ألفا جالو, ص 72 – 75.
(50) محمود كعت، تاريخ الفتاش، ص 94.
(51) محمد ألفا جالو, ص 75.
(52) المرجع السابق, ص 76.
(53) أحمد بابا، نيل الابتهاج, ص 600.
(54) المصدر السابق, ص 600.
(55) محمد الغربي, ص 531.
(56) السعدي، تاريخ السودان, ص 2.
(57) محمد الغربي, ص 536.
(58) نفسه, ص 540 – 541.