د. أحمد عبد الدايم محمد حسين (*)
بعد أن تمّ اختراق أسرار الجغرافيا في إفريقيا، حيث جاء إليها عدد من المستكشفين والمغامرين والرحالة الأوروبيين، على حسابهم الخاص، أو بتمويل من قِبَل الجمعيات الجغرافية الخاصة، بدأ الاستغلال الاقتصادي للقارة الإفريقية على أشدّه.
فقد قامت الجمعيات الجغرافية بدور مهمٍّ في كشف أسرار القارة الداخلية، واكتشاف المزيد من مجاري الأنهار، وإجراء تقييم مهمٍّ للثروة المعدنية والزراعية فيها، ولعلّ جهود الرحالة والمستكشفين في نهر النيل والنيجر – فقط – تدلّل على هذا الدور الذي قاموا به وتشرحه، وربما كانت رحلاتهم لجنوب إفريقيا ووسطها، وتتبعهم لمسار نهر زمبيزي في الفترة من 1853م – 1856م، ومجرى نهر الكونغو العلوي عام 1871م، تُعَدّ من أبرز الجهود التي بذلوها في تقديم المعلومات الاقتصادية المطلوبة عن تلك المناطق، فقد أتاحت هذه المعلومات الفرصة أمام رجال الأعمال الأوروبيين والشركات للتجارة مع إفريقيا (1 ).
ولفهم الدور الذي مارسه هؤلاء الرحالة سنقوم بتقسيم الدراسة إلى ثلاثة محاور رئيسة.
المحور الأول: إرسال الرحالة والمستكشفين لجمع المعلومات عن الاقتصاد الإفريقي:
حينما نتحدث عن الاستكشاف الأوروبي لإفريقيا لا يكون حديثنا عن كشفٍ لقارة مجهولة تماماً، بل حديث عن قارة كانت معروفة على المستوى الإفريقي والعربي والإسلامي (2 )، لكن المعلومات عنها في العالم الأوروبي كانت قليلة، وفي هذا الإطار قامت بريطانيا بالدور الأكبر في فتح الطريق لاستكشاف مدى توافر مقومات التجارة مع أوروبا، ومن ثمّ مارست الدور الأهمّ في توجيه أنظار الأوروبيين إلى وجوب إرسال رحالة ومستكشفين لإفريقيا، تكون مهمتهم جمع المعلومات الاقتصادية، وفتح الطريق أمام التجارة الحرّة.
كان البحث عن التجارة أحد الأسباب الرئيسة لقيام العديد من المستكشفين الأوروبيين بالرحلات خلال القرن 19، فقد قامت رحلات مونجو بارك في النيجر 1795م و 1805م، وهنري بارث 1850م – 1856م في المنطقة نفسها، بدور مهمٍّ في وضع صورة اقتصادية لمجمل العلاقات والأنشطة الاقتصادية للمناطق المطلة على النهر (3 ).
وبرغم أنّ الكشف الجغرافي كان مهمّة فردية خلال القرون الأولى لاستكشاف إفريقيا اقتصادياً؛ فإنه في القرن الذي سبق الاستعمار صارت له جمعيات تنظّمه، وترعى الكاشفين في العصور المتأخرة، مثل (جمعية ترقية كشف الأجزاء الداخلية في إفريقياAssociation for Promoting the Discovery of the Interior Parts of Africa ) التي تأسّست في لندن عام 1788م.
واهتمت بعض الدول الأخرى أيضاً، مثل فرنسا وبلجيكا وإيطاليا والبرتغال، بالإضافة إلى بريطانيا، بالكشف الجغرافي لشيوعه وقتها وأهميته، حيث وجدت بعض الأسباب التي سوّغته، وجعلته يدخل ضمن اهتماماتها، فالموارد الطبيعية التي تحظى بها إفريقيا، سواء تلك التي تقع على سطحها أو في باطنها، قد جعلتها مقصداً للقوى المختلفة، لكن كان أغلب الكشافة من إنجلترا، حيث بلغ عددهم – بالإضافة للاسكتلنديين الأربعة – خمسة عشر كشافاً.
وتمثّلت الأهداف الكشفية في عمومها في خمسة:
1 – جلب الحجارة والمعادن النفيسة.
2 – التوسّع الإمبراطوري.
3 – نشر المعرفة العلمية.
4 – نشر الديانة المسيحية.
5 – جلب بعض المشتقات الحيوانية، مثل الجلود والصوف والعاج.. وخلافه.
وكانوا حريصين على معرفة جوانب خمسة:
1 – منابع الأنهار ومساراتها.
2 – كشف البحيرات وما حولها.
3 – السيطرة على مناطق وجود الذهب والمعادن النفيسة.
4 – إيجاد الطرق البحرية السهلة.
5 – السيطرة على المواقع المساعدة في التجارة الدولية.
وتطلّب تنفيذ تلك الأهداف قيام جمعيات كشفية عديدة، كان أولها (الجمعية الجغرافية ) في باريس عام 1821م، ثم (الجمعية الجغرافية الملكية ) في لندن عام 1830م، وقبلها (جمعية برلين ) عام 1828م، وبلغت الجمعيات الأوروبية مائة جمعية، انضم إليها حوالي 50 ألف عضو (4 ).
ولعلّ الإجابة عن سؤال: مَن الذي كان يهتم بكتابات الرحالة الأوروبيين عن إفريقيا؟ بأنّ وزارة المستعمرات البريطانية كانت على رأس المستفيدين من تقاريرهم؛ توضح لنا الفلسفة من وراء قيام تلك الحكومات بتمويلهم.
وإذا ما عرفنا أنّ زيارات هؤلاء الرحالة لإفريقيا لم تكن قصيرة وسريعة، فقد مكث بعضهم عدة سنوات، لأدركنا القوى الخفية التي كانت تقدّم لهم الرعاية والمؤونة، فالرحلات الجغرافية من قِبَل الرحالة جاءت فى سياق اهتمام القوى الكبرى، وفي إطار اهتمام الجمعيات الجغرافية الأوروبية بإفريقيا، وبخاصة البريطانية، لفتح السبيل أمام ما يُسمّى (التجارة المشروعة ).
ويمكننا القول بأنّ الفترة من 1850م – 1884م كانت فترة الذروة في مجال استكشاف الإمكانيات الاقتصادية لإفريقيا، فالدور الذي قامت به (الجمعية الجغرافية البريطانية ) خلال فترة جوزيف بانكس 1788م – 1820م كان مهمّاً وكبيراً، ففي غرب إفريقيا – على سبيل المثال – كان أحد أهم أهداف (الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية ) من تتبع نهر النيجر تنشيط الكشف الجغرافي، وإيجاد تجارة بين بريطانيا وغرب إفريقيا، فبعثت مونجو بارك سنة 1795م لتلك المهمة.
ولعلّ مقولة مونجو بارك بأنه «ينبغي أن أنقل جغرافية إفريقيا لتصبح معروفة لأهل بلدي، وأن أفتح أمام طموحاتهم وأمام صناعاتهم مصادر جديدة من الثروة، وقنوات جديدة من التجارة» (5 )؛ تكشف المهمة الرئيسة لهؤلاء الرحالة.
لقد تنوعت وظائف هؤلاء الرحالة، فكان منهم الطبيب، والمنصِّر، وعالم الطبيعة، والجغرافي، والصحافي، والأثري، والقائد والضابط العسكري، وصاحب الدعوات الإنسانية (6 )، وهو ما يعكس تكامل المعلومات والمهمّات التي قام بها هؤلاء.
وشارك الرحالة الفرنسيون بدور كبير في تلك الكشوف، خصوصاً في منطقة غرب إفريقيا ووسطها، ولعلّ استعراض أسماء مثل (جورج شفاينفورث، وجوستاف ناختيجال، وبول دو شيللو ) في غرب إفريقيا والجابون (7 )؛ يدلّل على الجهود التي بذلوها في تلك المناطق، وإجمالاً بحث الأوروبيون عن الطرق التجارية، وعن أعراف أخرى تصلح للتجارة الجديدة (القانونية ).
المحور الثاني: نماذج من الأدوار التي قام بها الرحالة في المجال الاقتصادي:
لو أخذنا ليفينجستون مثالاً للرحالة سنجد أنه قام بثلاث رحلات إلى إفريقيا:
الرحلة الأولى (1841م – 1858م ): اتخذ من كورومان مركزاً للانطلاق والتوغل داخل القارة، ثم عبر صحراء كلهاري، ونجح في الوصول إلى أراضي الباروتسي (في روديسيا الشمالية )، وتتبع مجرى نهر زمبيزي حتى مصبّه، مكتشفاً المساقط المائية التي تعترض مجرى النهر، وأطلق عليها (شلالات فيكتوريا ) نسبة إلى ملكة بريطانيا.
أما الرحلة الثانية (1859م – 1864م ): فقد استأنف فيها اكتشاف مجرى نهر زمبيزي، ووصل إلى نهر شيريه أحد فروعه، ثم وصل إلى بحيرة نياسا.
أما رحلته الثالثة (1866م – 1873م ): وهي الرحلة التي كلّفته بها (الجمعية الجغرافية الملكية ) في لندن، فقد كان الهدف منها حلّ لغز شبكة الأنهار في وسط إفريقيا، والتأكد من الأنهار والبحيرات فيها، وتأكيد اكتشافات غيره من المكتشفين (8 ).
ولمّا كان المستكشفون – في كثير من الحالات – قد أصبحوا هم رواد التجارة وتوسيع الإمبراطورية؛ فقد اجتاز ليفينجستون القارة من الغرب إلى الشرق، واكتشف الممرات المائية، كنهر زمبيزي ونهر شاري وشلالاته وبحيرة نياسا – كما سبق -، وكان من دعاة البعثات التجارية والمسيحية في وسط إفريقيا، وحينما عاد إلى بريطانيا في محاولة لحشد الدعم لأفكاره، ونَشَرَ كتاباً عن رحلاته التي جلبت له الشهرة، ركّز في توجيه الأنظار إلى العثور على طرق للتجارة في القارة الإفريقية، ومساعدة من رئيس (الجمعية الجغرافية الملكية ) البريطانية عيّن ليفينجستون قنصلاً لصاحبة الجلالة في الساحل الشرقي لإفريقيا (9 ).
وفي غرب إفريقيا:
كان لرحلات كلابرتون ولاندر سنة 1826م – 1827م، ورحلة الإخوة سنة 1830م، دور مهمٌّ في تقديم معلومات غاية في الأهمية حول التاريخ الاقتصادي لغرب إفريقيا، ولعلّ عمل لاندر مستشاراً للبعثة التجارية الأولى يشي بالمهمّة الرئيسة التي كان يقوم بها هؤلاء الرحالة، بل إنّ المعلومات الاقتصادية التي قدّموها ساعدت في ولوج الشركات التجارية من الساحل للداخل الإفريقي، كما تدور المعلومات الواردة في رحلة بارث 1849م – 1855م، عن الأراضي الخصبة والسهول والنقل النهري والثروة، في هذا الإطار وتشرحه (10 ).
وفي دلتا النيجر تمّ تشجيع التجارة في زيت النخيل والعاج لتحلّ محلّ تجارة الرقيق، بل قامت بريطانيا بإرسال حملة لكشف وسائل تنشيط التجارة عبر الصحراء للقضاء على تجارة الرقيق، وكانت رحلة هنريك بارث 1849م – 1856م تصبّ في هذا الإطار.
وفي سنة 1830م وصل كلابرتون ولاندر لنهر النيجر ودلتاه، وقابلا تجّاراً بريطانيين، حيث حلّت (التجارة المشروعة )، لكن لم يكن للتجار مزايا أو مستودعات لتجارتهم، حيث كانوا يبادلون زيت النخيل بالمنتجات الأوروبية، وعرضوا معاهدات على سلطان سوكوتو لتأمين الطريق من الداخل للمحيط، مقابل أن يتسلم ما يريده من سلع تجارية وبأسعار رخيصة عن تلك التي تأتي من الصحراء (11 ).
وفي عام 1827م وصل ملاح فرنسي يُدعى رنيه كاييه إلى تمبكتو قادماً من غينيا الفرنسية، ونجح في اختراق الصحراء والوصول إلى مراكش، فحقّقت رحلته نصراً لـ (الجمعية الجغرافية الفرنسية ) الناشئة.
وفي عام 1854م قام لاندر بتكليف من القنصل البريطاني بيكروفت بمحاولة لاكتشاف منطقة النيجر الأولى، للتأكد من أن نهر بنوي هو أقوى فروع النيجر، وأنه صالح للملاحة والتجارة وطريق مهمٌّ للمناطق الداخلية.
وفي الفترة ما بين 1852م – 1854م استطاع هنريك بارث اكتشاف المناطق الداخلية من النيجر، فوصل إلى بلاد الهوسا وبنوي وتمبكتو، وتابعت إنجلترا جهودها لاكتشاف المناطق المحيطة بالنيجر، فأرسلت عام 1857م بعثة للاتصال بالممالك الإسلامية الواقعة شمال سوكوتو، حيث أرادت تدعيم علاقتها بها تمهيداً للسيطرة عليها (12 ).
وفي شرق إفريقيا ووسطها:
كان للرحالة الألمان والبريطانيين (جون كرابف 1843م، وربمان 1848م، وبرتون وسبيك 1856م – 1859م، وسبيك وجرانت 1861م – 1863م، وبيكر 1863م ) دور مهمٌّ في إتاحة المعلومات الاقتصادية لبني جلدتهم.
وإذا ما نظرنا إلى حديثهم عن الثراء والتجارة والطرق والثروة والخيرات الاقتصادية؛ لتفهمنا دور هؤلاء الرحالة في جمع المعلومات الاقتصادية لدولهم وحكوماتهم، حتى إنّ دولاً أخرى حاولت الاستفادة من جهودهم، فالرحالة صمويل بيكر على سبيل المثال أرسله الخديوي إسماعيل لإقامة مراكز تجارية في أوغندا، وأسال حديث ليفينجستون وستانلي عن الثروات الكبيرة من نخيل الزيت والأخشاب لعاب الأوروبيين، فتكونت (الرابطة الدولية للكونغو ) (13 ).
ولعلّ المذكرات التي كتبها المسؤولون الفرنسيون عن الأهمية الاقتصادية لنهر الكونغو، والمناطق الداخلية، واستفادة الحكومة الفرنسية من تلك التقارير (14 )، تدلل على تكامل الأدوار بين الرحالة والمسؤولين الفرنسيين، وكانت الرحلات التي أُرسلت لأنهار النيل والكونغو والنيجر تمهيداً لاستخدامها طريقاً عامّاً للتجارة (15 ).
وحديث ليفينجستون عن الأنشطة الاقتصادية، ووصفه لتجارة شرق إفريقيا ووسطها، مما يؤكد هذا الأمر ويقطع به، فما أبرزه خلال تقاريره عن الجوانب الاقتصادية في تلك المناطق هو الذي جعل الكثيرين يولونها اهتمامهم، إلى أن جاءت كتابات ستانلي لتفجّر التنافس الاقتصادي داخل القارة (16 )، فقد أثارت تلك المعلومات الهيئات التجارية والعلمية، وحفزتها لاكتشاف أقاليم القارة الإفريقية أكثر من ذي قبل ومحاولة السيطرة عليها.
وقصة ذهاب الرحالة لشرق إفريقيا ووسطها تعود لتلك الرحلات التي قام بها البكباشي سليم قبطان وجون بتريك John Patherick الذي وضع مؤلفاً باسم (مصر والسودان ووسط إفريقيا ).
هذا، وقد أدى كشف ربمان وكراف الألمانيين لجبل كليمنجارو في كينيا إلى تزويد أوروبا بمعلومات عن البحيرات الكبرى في المنطقة، كما أشعل حماس المستكشفين الآخرين، ثم أرسلت (الجمعية الجغرافية البريطانية ) سبيك Speke في رحلة ثانية في عام 1860م وبصحبته الكابتن جرانت، فوصلا زنجبار عام 1861م، ومنها إلى تابورة، وكان الغرض الرئيس من الرحلة هو التحقّق من أنّ النيل يخرج من بحيرة فيكتوريا، وحقّقت الرحلة هدفها، وفي عام 1862م اتجهَا مع النهر حتى وصلا غندكرو، حيث التقيا صمويل بيكر الذي وفد من الخرطوم لمساعدتهما، هذا.. وقد واصل بيكر جهوده، ونجح في عام 1864م في اكتشاف بحيرة ألبرت وشلالات مرشيزونFalls Murchison، ثم كان له جولة أخرى في منابع النيل الاستوائية عام 1869م لإخضاع الأقاليم الواقعة جنوب غندكرو للإدارة المصرية (17 ).
وكانت (جمعية الإرساليات البريطانية ) هي التي أرسلت الألماني كراف إلى سواحل إفريقيا الشرقية، فاستطاع توجيه أنظار الدول الأوروبية إلى ضرورة التوغل في داخل القارة، كما زودها بمعلومات جغرافية عن إفريقيا الشرقية، وكان ذلك بداية لدخول البعثات التنصيرية إلى أوغندا، إذ أسفرت جهوده عن إنشاء عدة محطات للتنصير، كما أنه لفت الأنظار لوجود بحيرة عظيمة في أونيامويزي، وفي عام 1849م نجح في الكشف عن جبل الجون عند الحدود الشرقية لأوغندا، ومنها اتجه شمالاً إلى بلاد أتشولي ولانجو.
وكان سبيك Speke في أثناء رحلته قد سمع بالبحيرة الغربية الكبرى، والتي تُعرف الآن باسم (ألبرت نيانزا )، ولكنه لم يتمكن من الوصول إليها، وعند وصوله لغندكرو في فبراير 1863م قابله صمويل بيكر فأوصاه باكتشاف البحيرة التي أطلق عليها اسم (بحيرة ألبرت ).
وتُعَدّ بعثة ريتشارد برتون Richard Burton وسبيك Speke من أهم البعثات لمنطقة شرق إفريقيا ووسطها، فقد قام برتون بعدة رحلات إلى شرق إفريقيا بهدف الوصول إلى النيل، وفي عام 1856م أسندت إليه (الجمعية الجغرافية ) استكشاف ساحل إفريقيا الشرقي ومعه سبيك، وفي عام 1857م وصلا زنجبار ونزلا عند باجامايو، ومنها توجّهَا صوب الجنوب الغربي، ومنها إلى طابورة عام 1857م قرب بلدة أوجيجي، وعلمَا في طابورة بوجود ثلاث بحيرات عظمى، هي (نياسالاند، وفيكتوريا، وتنجانيقا )، ثم استأنفَا الرحلة، فوصلا أوجيجي عند بحيرة تنجانيقا، والتي تمّ اكتشافها عام 1858م، ثم عادَا إلى طابورة، وعلمَا أنّ هناك بحيرة شمالاً أعظم من تنجانيقا، فواصل سبيك الرحلة بمفرده بعد مرض برتون، ونجح في الوصول إلى البحيرة، وأطلق علهيا (فيكتوريا نيانزا ) عام 1858م (18 ).
هذا فيما يتعلق بخطوط تلك الرحلات وسيرها، أما أهم ما فيها فهو عرضهم لمختلف الأنشطة الاقتصادية والخيرات التي قابلوها في طريقهم.
ويرجع الفضل في اكتشاف نهر الكونغو إلى ستانلي، وهو من رحالة أيرلندا، عمل صحفياً لحساب صحيفة (نيويورك هيراليد ) الأمريكية، بدأ رحلته عام 1874م، وكان قد ذاع صيته بسبب الرحلة التي قام بها في 1869م للبحث عن ليفينجستون، وكان الهدف من رحلته الطواف حول بحيرتي فيكتوريا وتنجانيقا، والوصول إلى نهر اللوالابا، وفي أغسطس 1876م عبر ستانلي بحيرة تنجانيقا، ووصل إلى بلدة نيانجوي، ثم تقدّم ستانلي حتى وصل إلى المنطقة التي عُرفت باسم (شلالات ستانلي ) في يناير 1877م، وفي يوليو 1877م وصل قرب مصبّ نهر الكونغو.
ثم أرسلت فرنسا دي برازا في عدة رحلات إلى نهر الكونغو 1874م – 1879م، فاكتشف نهر أوجويه ووصل إلى منابعه، وأخيراً إلى مدينة فرانس فيل.
وعلى إثر ذلك راح الملك ليوبولد الثاني ملك بلجيكا يرسل البعثات الكشفية والمستكشفين لإفريقيا، بهدف الحصول على اعتراف بدولة (الكونغو الحرة )، ولذلك حاول إغراء رجال الأعمال البريطانيين بممارسة نشاطهم التجاري في المنطقة، وعمل على إقناعهم بأنّ تجارتهم ستكون أكثر أمناً تحت إدارته مما لو كانت تحت إدارة البرتغال أو فرنسا، كما حرص في الوقت نفسه على ضرورة إقناع بسمارك بالاعتراف بدولة (الكونغو الحرة ).
وكان للبعثات الكشفية التي أرسلتها بلجيكا إلى إفريقيا، بالإضافة إلى انعقاد مؤتمر بروكسل عام 1876م، والتقاء سبعة من أشهر المستكشفين، دور في إلقاء الضوء على الاكتشافات التي تمّت في القارة، كما كان لعودة ستانلي عام 1877م من رحلته الشهيرة من إفريقيا الاستوائية، وإعلان اكتشافاته في أعالي الكونغو، أثر كبير في القارة الإفريقية.
وأدى تسابق فرنسا وبلجيكا وتنافسهما على الكونغو إلى جذب أنظار الدول الأوروبية، وسعى بسمارك الوزير الألماني لعقد مؤتمر في برلين لحلّ مشكلة الكونغو، وعُقد المؤتمر بالفعل فيما بين 15 نوفمبر 1884م إلى 26 فبراير 1885م، وحضره أربع عشرة دولة، منها خمس دول كان لها النصيب الأكبر من الاهتمام بالقارة الإفريقية، وهي: (ألمانيا، بريطانيا، البرتغال، فرنسا، بلجيكا ) (19 ).
وفي جنوب إفريقيا:
قام أحد الرحالة بجمع عينات من الحيوانات التي شارفت على الانقراض، ودرس القبائل الإفريقية ونُظمها، وأماكن إقامتها، وطرق حكمها، بل أشار بعضهم إلى أنّ صناعة الذهب في ماشونالاند كانت في مراحلها الأولى، غير أنّ صعوبة استغلاله ترجع لصعوبة النقل، ولانتشار ذبابة (تسي تسي ) القاتلة، وكان للحصول على العينات ورسم خرائط طوبوغرافية لمناطق الثراء دور مهمٌّ في هذا الاندفاع الاقتصادي (20 ).
وقام الرحالة بدور كبير في كشف مناطق الجنوب الإفريقي أمام الاستغلال الأوروبي قبل أي منطقة أخرى في إفريقيا، فالرحالة الأفريكانرز، الذين احتلوا المنطقة منذ سنة 1652م، ساهموا في التوغل في الداخل، وتحدث الرحالة البريطانيون عن الخيرات والثراء الداخلي، وفتحو الطريق أمام التجارة مع الشركات.
وبعد احتلال البريطانيين للكيب سنة 1806م بدأت بريطانيا تقوم برحلات كشفية مهمة للشمال، فجون بارو رئيس (الجمعية الجغرافية البريطانية ) قام بنفسه برحلات في عامي 1801م – 1802م (أي خلال فترة الاحتلال البريطاني الأول للكيب ) لمناطق البتشوانا، وكتب عن الثراء الداخلي، ورحلات كلٍّ من وليم بورشل وجون كامبل وهنري فين والأب جاردينر كشفت آلية هذا الثراء، والإمكانيات التعدينية والزراعية الكبيرة في الداخل الإفريقي.
ومهدت رحلات كلٍّ من (وليم كورنوالز هاريز، ولويس تريشاردت، وأوذويل، وشابمان، وجالتون وأندرسون ) الطريق لرحلات ليفينجستون التي اخترقت المنطقة الشمالية في مناطق بحيرات فيكتوريا وأنهار الزمبيزي وغيرها، ووصف الخيرات التي أسالت لعاب الأوروبيين (21 )، والمعلومات التي جمعها الهولنديون والرحالة الإنجليز في جنوب إفريقيا عن خصوبة الأراضي جعلت الأوروبيين في الكيب يحسدون الشعوب المحلية، ولذلك كان الغزو هو الوسيلة الوحيدة التي مكّنت الأوروبيين من الاستيلاء على أراضيها.
المهم.. أنّ التجار والمنصّرين علموا الإمكانيات المتاحة للمسيحية والتجارة في الأراضي شمال نهر ليمبوبو بعد رحلة ليفينجستون الكبيرة من باروتس لاند إلى لواندا، ومن هناك عبروا لمصبّ نهر زمبيزي 1853م – 1856م، ومن ثمّ أدركت الحكومة البريطانية الأهمية الحيوية لطريق المبشرين بين جنوب إفريقيا والداخل (22 ).
فكتابات الرحالة الإنجليز والهولنديين، وتتابعها منذ القرن 17 حتى ثلاثينيات القرن 19، شكّلت محرّكاً أساسياً لهذا التدافع ناحية الشمال والشرق من الكيب، فرحلة سيمون فان دير ستيل في الفترة من 1685م – 1688م تحدثت عن بعض إمكانيات المنطقة الشمالية، من توافر الماء والعشب والأراضي الخصبة، فمحاولته – كحاكم للكيب – أن يُدخل حكومة (الشركة الهولندية ) المسيطرة على الكيب في اتفاقية للتجارة في المنتجات الإفريقية مع الأماكو (قبيلة تبعد عن الكيب بـ 75 ميلاً ) تدلل على أسبقية الهولنديين في استكشاف تلك المناطق، بل إنّ كتابات الرحالة كارل برنك عن بلاد الناماكو الكبرى، خلف نهر الأورنج، وثرائها بالماشية والأغنام والتربة السمراء والمياه والرعي، وغناها بسنّ الفيل (23 )، تعني أنّ المعلومات عن اقتصاد المنطقة الشمالية والغربية كانت متوفرة عبر كتابات هؤلاء الرحالة، وأنّ هجرة البوير التي تمّت في ثلاثينيات القرن 19 لم تكن لمناطق مجهولة – كما يشيعون -.
ولم يكن البوير بمفردهم هم المهتمون باستكشاف المناطق الشمالية والشرقية، بل شاركهم الإنجليز – قبل سيطرتهم النهائية على جنوب إفريقيا – في هذا الاهتمام، فرحلات جون بارو (ترأس الجمعية الجغرافية البريطانية فيما بعد ) للمنطقة حول نهر الأورنج، وحديثه عن الثروة الحيوانية، وكثافة السكان المرتفعة ومعيشتهم على الزراعة، خصوصاً زراعة الذرة واللوبيا والفاصوليا، شكّلت ملمحاً مهمّاً في عملية انتزاع الأرض، بل إنّ الفلاحين البوير المصاحبين لرحلته تعرفوا المنطقة جيداً (24 )، ومن ثمّ كانت من أكثر المناطق التي تمّت فيها عملية انتزاع أراضي الإفريقيين فيما بعد.
وهكذا، قدّمت لنا تقارير الرحالة ملمحاً مهمّاً لمحاصيل الإفريقيين وزراعاتهم في مناطق لم يصل إليها البيض إلا بعد سنة 1835م، فعلى سبيل المثال قدّمت رحلة وليم بورشال منطقة نهر الفال في أحسن صورة لهؤلاء الطامعين في المنطقة، في حين قدّم الرحالة جون كامبل منطقة نهر الهارتز (زارها سنة 1813م ) ومنطقة كورنيشن (قريبة من نهر ليمبوبو، وزارها سنة 1820م ) كمناطق شهيرة بالزراعة والغابات، وتجارة الأخشاب مع المناطق الشرقية البرتغالية، وبذرة الكافير، والقطن البري، حيث تحدث عن ملايين الأفدنة التي بلا صاحب، وأنّ المنطقة لها علاقات تجارية مع موزمبيق، وأنّ الأهالي يشتهرون بزراعة القمح، وأنهم يذهبون لقمم الجبال لجمع الفاكهة، وأنّ منطقتهم بها منجم للحديد واَخر للنحاس (25 ).
ونخرج من حصيلة كتابات الرحالة بأمور ستة:
1 – ثراء منطقة جنوب إفريقيا، ورواج تجارتها المحلية والخارجية مع مستوطنة موزمبيق البرتغالية.
2 – أنّ امتداد هجرات الأوروبيين إلى مناطق شمال جنوب إفريقيا ووسطها وشرقها لم يكن صدفة تاريخية قضى بها الربّ – كما يدّعون -.
3 – أنّ كتابات هؤلاء الرحالة تشكّل نقيضاً لكلّ ما تمّ ترويجه من قِبَل البوير والبريطانيين بأنهم كانوا هم السبب الرئيس في ازدهار الزراعة في جنوب إفريقيا (26 ).
4 – أنّ عملية استكشاف ثراء تلك المناطق ظلّت حتى بعد تمام الهجرة الكبرى، وخير مثال لذلك حديث الرحالة وليم كورنوالز هاريز إلى نهر الفال سنة 1838م عن كثرة الحيوانات والمجاري المائية والأعشاب والعاج (27 ).
5 – أنّ كتابات الرحالة قدّمت لنا صورة مغايرة تماماً عن الصورة النمطية عن الإفريقيين بأنهم ينتجون ليأكلون لا ليبيعون (28 ).
6 – أنّ تلك الرحلات تشير إلى أنّ منطقة جنوب إفريقيا قد توافرت معلومات كثيرة عن خيراتها وثرائها، وأنها لم تكن مجهولة بالنسبة للفلاحين للبوير الذين هاجروا إليها وانتزعوا أراضيها من الإفريقيين.
المحور الثالث: نتائج دور الرحالة والمستكشفين في المجال الاقتصادي:
عرفنا مما سبق الجهد الذي بذله الرحالة الأوروبيون في إفريقيا، حيث قاموا بدور مهمٍّ في مجال جمع المعلومات الاقتصادية تمهيداً لاستعمارها، وعرفنا أنه بعد المرور بمرحلة الكشف الساحلي أطل القرن 19 ومعه حلم الكشف عن أعماق القارة، وأنّ الجمعيات الجغرافية الأوروبية قد ساهمت بدور كبير في هذا الاتجاه، خصوصاً في الفترة من 1769م – 1873م، وتحولت لمرحلة الكشف السياسي برحلة ستانلي لوسط إفريقيا سنة 1873م، ليعمل بعدها لصالح الملك البلجيكي ليوبولد الثاني في الكونغو، وانتهت تلك المرحلة بتقسيم إفريقيا على الدول الاستعمارية (29 ).
ويمكن تلخيص تلك الجهود في تسعة أمور:
1 – توفير المعلومات عن المواد الأولية المهمة التي تتطلبها الثورة الصناعية في العالم الغربي.
2 – كشف آلية التجارة الداخلية، وأهم السلع التي يتاجرون فيها، ومدى قدرة إفريقيا لأن تصبح مجالاً للتصدير.
3 – نمو الطلب على زيت النخيل، وشحنات الفول السوداني، والدهون والزيوت، لتلبية حاجات الثورة الصناعية.
4 – تشجيع المنتجين، وتكوين نواة من الطبقة الوسطى ليكونوا وكلاء للشركات التجارية.
5 – مقاومة السياسات الاحتكارية.
6 – ارتياد المنطقة ومسحها وكشفها قبل بحث إمكانية التجارة معها.
7 – تقديم العروض للحكام الإفريقيين بالتجارة مع بريطانيا، مثلما فعل كلٌّ من (كلابرتون، ودنهام، وأودني ) مع حكام سوكوتو في شمال نيجيريا، ومثلما فعل البلجيك مع تيبوتيب في أعلى الكونغو، ومثلما فعل كلابرتون في رحلته الثانية، حينما عرض معاهدة صداقة على السلطان بللو حاكم سوكوتو، وذلك لتأمين الطريق لتسليم السلع التجارية حتى وصولها للمحيط الأطلسي.
8 – كانت مقدمة لِولوج الشركات التجارية الأوروبية وإرسال البعثات التجارية.
9 – استفادة وزارة المستعمرات من تقارير الرحالة.
ولعلّ الخرائط التي تحتفظ بها (الجمعية الجغرافية الملكية ) البريطانية، وتلك اللوحات التي تلخّص المشاهد الطبيعية لإفريقيا وخيراتها، كان لها الفضل الكبير في بلورة الأفكار الاستعمارية، وعقد مؤتمر برلين سنة 1885م، ويُعَدّ وجود العديد من الصور الفوتوغرافية للمناطق الداخلية الإفريقية، والرسوم التوضيحية والكتب المخطوطة (30 )، خير دليل على الدور الذي قام به الرحالة والمستكشفون في تقديم المعلومات الاقتصادية، ليس فقط للحكومات والتجار والشركات، بل في كتابة التاريخ الاقتصادي لإفريقيا في العصر الحديث بصفة عامّة.
ولعلّ حديث الرحالة باستفاضة عن الثروة الحيوانية، وإفرادهم صفحات طويلة عن عمليات الصيد، ووصفهم للفيلة والماعز والخراف والماشية.. وغيرها، يعطينا فكرة عن طبيعة المعلومات التي قدّموها، بل كان حديثهم عن النواحي الاقتصادية وعلاقتها بالنّظم السياسية، وانتقادهم لنُظم الحكم القائمة أحياناً، يشي بأنّ الاقتصاد والسياسة شَغَل صفحات كثيرة عبر كتاباتهم.
كما أنّ الحديث عن المشروعات العمرانية المختلفة، من أجل تنمية الزراعة والصناعة والتجارة في إفريقيا، تدلّل على أنّ تلك المشروعات قد جذبتهم، ووجدوها جديرة بالتدوين، ولعلّ الخطابات التي كان يرسلها جون بارو وأودني وكلابرتون والميجور دنهام لوزارة المستعمرات، يطلبون مساعدتهم بالمال، خلال الفترة من 1824م – 1825م، تقطع بالدور الذي قامت به الحكومات في تمويل تلك الرحلات (31 ).
من هنا؛ أدّت المعلومات التي قدّمها هؤلاء الرحالة دوراً مهمّاً في تسهيل مهمة المستعمرين الأوروبيين، فحتى سنة 1879م كان الإفريقيون يحكمون 90% من القارة، ولكن بحلول عام 1900م تغيّر تماماً هذا الأمر، فحكمها الأوروبيون باستثناء بعض المناطق، فالتحجّج بفرض (التجارة المشروعة ) تسبّب في قيام فرنسا بفرض حمايتها التجارية على السنغال وغينيا وساحل العاج وداهومي والجابون ومدغشقر منذ أربعينيات القرن 19، وبالمثل فرضت بريطانيا رسوماً جمركية على المنتجات البريطانية والأجنبية على السواء في كلّ مستعمراتها الإفريقية، لذا فإنّ تجار جميع الأمم كانوا يعملون في إفريقيا الساحلية، بل إنّ بريطانيا ظلّت لا تجد أسباباً تجارية تدفعها للاستيلاء على مساحات كبيرة من القارة ما دامت التجارة في القارة مستمرة ومتاحة للجميع (32 )، حيث دلّت الإحصاءات على أنّ النصف الأول من القرن 19 زادت فيه كمية الصادرات من زيت النخيل إلى 50 ألف طن، فعقدت إنجلترا اتفاقيات تجارية، وعدّتها (معاهدات حماية ) فيما بعد، في حين كانت الشركات معنية بالحصول على تجارة الداخل.
وتمكّن تجار جريئون من أن يتوغلوا في أعقاب المكتشفين، وينشئوا وكالات تجارية، وأدت هذه المزاحمة إلى تخفيض الأسعار على السلع المستوردة، كما سمح إلغاء الوسطاء بأن تشتري أوروبا كميات كبيرة من المنتجات الإفريقية.
نخلص من ذلك إلى أنّ عملية الكشف الجغرافي لم تستمر بعد مؤتمر برلين، الذي عُقد في الفترة من نوفمبر 1884م – فبراير 1885م، نظراً للحاجة إلى السوق الإنتاجي الإفريقي، وفي هذا الإطار كان لا بد من وجود قوة أوروبية لتتدخل لاستغلال الموارد الإفريقية (33 )، ففي هذا المؤتمر أقرّ حياد إقليم الكونغو، وحرية الملاحة والتجارة فيه، وأقرّت حرية الملاحة والتجارة في النيجر، وكان انعقاد المؤتمر بالأساس، بالإضافة لذلك، لوضع مبادئ عامّة لمنع اصطدام القوى الاستعمارية بعضها ببعض.
وبعد المؤتمر كان مجرد وصول التجار والإرساليات التبشيرية هو الخطوة الأولى عادة للاستعمار، يتبع ذلك تكوين شركات، ثم فرض حماية، أو فرض السيطرة السياسية، أو الاقتصادية، وكم من الحالات أدى فيها شره شركة، أو إقدام فرد، أو إصرار ضابط بحري أو برّي، إلى رفع العلم وتقرير مصير أقطار وأمم (34 )!
وفي العموم تمثّلت نتائج كشف إفريقيا في ثلاث:
أولها: صارت القارة الإفريقية مستعمرة من قِبَل فرنسا وبريطانيا وبلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وألمانيا والبرتغال.
ثانيها: استيطان عناصر أوروبية في بعض أجزاء إفريقيا، وبخاصة تلك التي تشبه أوروبا من حيث الخصائص الجغرافية الطبيعية، كمنطقة الكيب وموزمبيق وكينيا وروديسيا الجنوبية والشمالية وجزر المغرب.
ثالثها: تمّ استغلال كثير من الموارد الإفريقية من قِبَل الأوروبيين، حيث قامت صناعات بريطانية وفرنسية معتمدة على الخامات الإفريقية، وذلك بعد إدخال الزراعة العلمية الواسعة، والأساليب الحديثة للتنقيب عن المعادن (35 ).
الاحالات والهوامش:
(*) أستاذ مساعد التاريخ الحديث والمعاصر – جامعة القاهرة.
(1 ) Africa, India, and the New British Empire, 1750–1870, CHAPTER OUTLINE in Changes and Exchanges in Africa, pp 628, 629.
(2 ) يدل على ذلك كتابات الرحالة العرب والمسلمين، وهي منهجياً تُعد من أهم المصادر الأولية وأقدمها، وقد استفاد منها الأوروبيون كثيراً، ومنها مصنفات الجغرافيين العرب، كاليعقوبي وابن الفقيه والمسعودي وابن حوقل، خلال القرنين الثالث والرابع الهجريين.
ومن بعدهم الإدريسي، أحد كبار الجغرافيين المؤسسين لعلم الجغرافيا، استُخدمت مصوراته وخرائطه في سائر كشوف عصر النهضة الأوروبية؛ حيث قام بتحديد اتجاهات الأنهار والمرتفعات والبحيرات، وضمّنها أيضاً معلومات عن المدن الرئيسة، بالإضافة إلى حدود الدول، ويُعد الإدريسي من أول مَن رسموا خريطة للعالم تطابق الشكل الذي نعرفه اليوم.
وهناك ابن جبير الأندلسي، ولد في بلنسية (Valencia ) سنة 540ه / 1145م، ودوّن مشاهداته وملاحظاته في يوميات اشتهرت باسم (رحلة ابن جبير )، وسمّيت باسم (تذكرة بالأخبار عن اتفاقات الأسفار )، وكذلك محمد بن عبد الله بن محمد الطنجي، المعروف بابن بطوطة، وكتابه (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار ).
وغير من ذكر كثير، كأحمد بن فضلان البغدادي، والحسن الوزان الفاسي المشهور باسم (ليون الإفريقي )، اشتهر بتأليفه الجغرافي في عصر النهضة، وكتب قصة رحلاته في كتابه (وصف إفريقيا )، وانتهاءً ببعض المتأخرين، مثل محمد بن عمر التونسي في كتابه (تشحيذ الأذهان بسيرة بلاد العرب والسودان )، والرحالة العبودي ومجموعة كتبه عن إفريقيا، ومنها كتابه (في إفريقيا الخضراء ). (مجلة قراءات ).
(3 ) رونالد أوليفر، أنتوني اتمور: إفريقيا منذ عام 1800م، ترجمة فريد جورج بوري، المشروع القومي للترجمة، العدد 948، المجلس الأعلى للثقافة، القاهرة، 2005م، ص (91، 92، 145، 146 ).
(4 ) مصطفى محمد علي: الكشوف الجغرافية الأوروبية للقارة الإفريقية والتطلعات المعاصرة للسيطرة على مواردها، موقع التاريخ، 13 أبريل 2013م.
(5 ) جوزفين كام: المستكشفون في إفريقيا، ترجمة السيد يوسف نصر، دار المعارف، 1983م، ص (85 – 126 )، وكذلك انظر: شوقي الجمل: تاريخ كشف إفريقيا واستعمارها، مكتبة الأنجلو المصرية، 1971م، ص (73 – 106 ).
(6 ) جوزفين كام: المرجع السابق، ص (85 – 126 )، وكذلك انظر: شوقي الجمل: المرجع السابق، ص (73 – 106).
(7 ) http://www.search.com/reference/European_exploration_of_Africa
(8 ) إلهام محمد علي ذهني: بحوث ودراسات وثائقية في تاريخ إفريقيا الحديث، ط 1، مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة، 2009م، http://www.marefa.org/sources/index.php.
(9 ) http://en.wikipedia.org/wiki/David_Livingstone.
(10 ) جوزفين كام: المرجع السابق، ص (133 – 184 ).
(11 ) دونالد وايدنر: تاريخ إفريقيا جنوب الصحراء، الجزء الأول، ترجمة علي أحمد فخري وشوقي عطاالله الجمل، مؤسسة سجل العرب، ص 83.
(12 ) إلهام محمد علي ذهني، المرجع السابق.
(13 ) جوزفين كام: المرجع السابق، ص (261 – 282 ).
(14 ) إلهام ذهني: التوسع الفرنسي في إفريقيا الاستوائية، المجلة التاريخية، الجمعية المصرية للدراسات التاريخية، مجلد 34، القاهرة، 1987م، ص (164، 166 ).
(15 ) دونالد وايدنر: المرجع السابق، الجزء الأول، ص 83.
(16 ) نفسه، ص (180، 181 ).
(17 ) إلهام محمد علي ذهني: المرجع السابق.
(18 ) نفسه.
(19 ) نفسه.
(20 ) Fredrick Courteney Selous: Travel and Adventure in South –East Africa, Being the Narrative of the Last Eleven Years Spent by the Author on the Zambesi and its Tribtaries; With an Account of the Colonial of Mashunaland and the Progress of the Gold Industry in that Country, Third Ediion, Rowland Ward and CO, LIMITED London, 1893, PP vii-x.
(21 ) إريك إكسيلون: أشهر الرحلات في جنوب إفريقيا، ترجمة عبدالرحمن عبدالله الشيخ، الألف كتاب الثاني، عدد 286، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1998م، ص متفرقات.
(22 ) رونالد أوليفر، أنتوني اتمور: المرجع السابق، ص (131، 144 ).
(23 ) إريك إكسيلون: المرجع السابق، ص (41 – 47، 57، 59، 64 ).
(24 ) نفسه، ص (92, 98, 101، 110 ).
(25 ) نفسه, ص (137, 165, 172, 188, 194, 197، 201, 204, 205, 209 ).
(26 ) Cole, Monica: South Africa, Methuen and Co. Ltd. London, 1961. 95.
(27 ) إريك إكسيلون: المرجع سابق، ص (212، 213، 217، 218، 308، 309، 319 ).
(28 ) Kingsnorth, G.W: Africa South of the Sahara, Campridge University Press, London, 1966, PP 149,150.
(29 ) د. فيصل محمد موسى: موجز تاريخ إفريقيا الحديث والمعاصر، ص 107.
(30 ) FREDERICK COURTENEY SELOUS: Op, Ci t, PP vii-x.
(31 ) جوزفين كام: المرجع السابق، ص (133 – 184 ).
(32 ) رونالد أوليفر، أنتوني اتمور: المرجع السابق، ص (91، 92، 145، 146 ).
(33 ) جوزفين كام: المرجع السابق، ص 350.
(34 ) إلهام محمد علي ذهني، المرجع السابق.
(35 ) مصطفى محمد علي: المرجع السابق.