بقلم: لوريان نمروت
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
استضاف الرئيس الأمريكي جو بايدن، بدءًا من 11 ديسمبر الجاري ولمدة ثلاثة أيام، قمة أمريكية-إفريقية في واشنطن, وشارك الزعماء الأفارقة في هذه الجهود من أجل تنشيط العلاقات الأمريكية مع القارة في ظل مواجهة الولايات المتحدة منافسة شرسة من جانب الصين وروسيا.
وأعلنت قمة واشنطن عن استثمارات جديدة بين الولايات المتحدة والبلدان الإفريقية. وفي المقابل توجد تحديات كبيرة تعاني منها إفريقيا حاليًا، ومن بين أهم هذه التحديات: ضعف الأمن الغذائي ونقص الغذاء الذي تفاقم جراء الحرب في أوكرانيا وتغيُّر المناخ، عطفًا على قضايا الديمقراطية والحكم الرشيد.
ولكن هذه القمة قد تكون في المقام الأول مناسبة لإثبات أن الولايات المتحدة لا تزال تهتم بإفريقيا، وهي الأولى من نوعها بعد ثماني سنوات من القمة الأخيرة التي عُقدت عام 2014م في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما.
بايدن يخالف إهمال ترامب لإفريقيا:
لم يكن الرئيس السابق دونالد ترامب يُخفي عدم اهتمامه بالقارة الإفريقية، بينما يعتزم جو بايدن، إعادة إفريقيا في قلب الدبلوماسية العالمية.
كما أعرب مستشار رئاسي عن دعمه لمقعد إفريقي في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة. وفي الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر الماضي كان جو بايدن يؤيد أيضًا المطالبة بمقعد دائم في مجلس الأمن لإفريقيا وأمريكا اللاتينية.
نحو دمج الاتحاد الإفريقي في مجموعة العشرين :
كما دافع جو بايدن في هذه القمة عن فكرة دمج الاتحاد الإفريقي في مجموعة العشرين؛ علمًا بأن المجموعة تضم حتى الآن 19 دولة من أكثر الاقتصادات تقدمًا في العالم بالإضافة إلى الاتحاد الأوروبي. كما أعلن البيت الأبيض عن رغبته في تعزيز دور القارة؛ حيث صرح جود ديفرمونت بأنه قد “آن الأوان أكثر من أي وقت مضى أن تكون لإفريقيا مقاعد دائمة على منصات المنظمات والمبادرات الدولية”، مضيفًا: “نحن في حاجة إلى المزيد من الأصوات الإفريقية في الحوارات الدولية بشأن الاقتصاد العالمي والديمقراطية والحكم الرشيد وتغيّر المناخ والصحة والأمن”؛ على حد تعبيره.
كما أشار إلى أن الولايات المتحدة ناقشت دور الاتحاد الإفريقي مع الهند في رئاسة مجموعة العشرين في عام 2023م؛ علمًا بأن جنوب إفريقيا أصبحت الدولة الإفريقية الوحيدة التي التحقت بعضوية مجموعة العشرين التي نشأت في شكلها الحالي أثناء الأزمة المالية في عام 2008م.
روسيا والصين: استراتيجية بايدن في إفريقيا
وتأتي القمة في أعقاب كشف النقاب عن استراتيجية أمريكية جديدة خلال الصيف الماضي، تتضمن هذه الاستراتيجية التي يتبناها جو بايدن إعادة صياغة السياسة الأمريكية في بلدان جنوب الصحراء الكبرى في إفريقيا؛ لمواجهة الوجود الصيني الروسي. ففي جولة قام بها وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين إلى إفريقيا خلال صيف عام 2022م دعا إلى تأسيس “شراكة حقيقية” مع إفريقيا.
وتأتي هذه التصريحات ردًّا على تزايد الاستثمارات الصينية والروسية في القارة الإفريقية في الأعوام الأخيرة. والصين هي أكبر دائن عالمي للبلدان الفقيرة والنامية، وتستثمر بكثافة في القارة الإفريقية الغنية بالموارد الطبيعية. وعلى نحو مماثل عملت روسيا على زيادة وجودها بشكل كبير بما في ذلك إرسال المرتزقة وتعزيز العلاقات الوثيقة مع بعض العواصم، وخاصة تلك التي قررت في أوائل مارس عدم الإدلاء بأصواتها في قرار الأمم المتحدة لإدانة غزو أوكرانيا الذي كان بمثابة نقطة توتر خطير مع الولايات المتحدة.
ما البلدان الإفريقية التي تشارك في هذه القمة؟
دعت الولايات المتحدة جميع البلدان الأعضاء في الاتحاد الإفريقي إلى حضور مؤتمر القمة هذا الذي دام ثلاثة أيام، وتم استثناء إريتريا وبوركينا فاسو وغينيا ومالي والسودان، علمًا بأن هذه الدول تقيم علاقات دبلوماسية مع واشنطن باستثناء إريتريا.
وحضر كذلك رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد، بعد أكثر من شهر من التوقيع على اتفاق سلام مع المتمردين من تيغراي، ورؤساء رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية في خضم الصراع الدائر في شرق البلاد ضد تمرد حركة 23 مارس، بالإضافة إلى الرئيسين: عبد الفتاح السيسي والتونسي قيس سعيد، وكذلك رئيس غينيا الاستوائية، تيودورو أوبيانج نجويما مباسوجو، بعد أيام قليلة من وصف الولايات المتحدة إعادة انتخابه بأنها “شكلية”. وكان الغائب البارز الوحيد هو الرئيس الجنوب إفريقي سيريل رامافوسا الذي يواجه صعوبات في بلاده نتيجة اتهامات بالفساد.
تطلعات كبيرة:
تقول مولي فاي المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “من الواضح أننا نتعرض لانتقادات مِن قِبَل أولئك الذين يتساءلون عن حقيقة معرفة سبب دعوة هذه الحكومة أو تلك التي لدينا مخاوف معها”، مضيفة: “لكنها تعكس رغبة الرئيس بايدن ووزير الخارجية بلينكين في إجراء مناقشات محترمة بما في ذلك مع أولئك الذين لدينا خلافات معهم”؛ على حد تعبيرها.
ولقد أعربت الدبلوماسية الكبيرة على وجه الخصوص عن عقد “مناقشة قوية” حول قانون “النمو في إفريقيا” الذي تم إقراره في عام 2000م، والذي ربط بين رفع الرسوم الجمركية والتقدم الديمقراطي في الدول الإفريقية، وتنتهي صلاحية هذا القانون في عام 2025م.
لكن السؤال المطروح هو: هل ستتغير الأوضاع فعلاً نظرًا لضخامة التطلعات؟
وفقًا لمفيمبا بيزو ديزوليلي، الذي يرأس برنامج إفريقيا في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن العاصمة فإن “هناك فرصًا حقيقية، ولكن أيضًا مخاطر معينة”، مضيفًا: “هذه فرصة لإظهار أن الولايات المتحدة الأمريكية حقًّا تستمع إلى إفريقيا”، وخلص إلى القول: “لكن السؤال المطروح هو: هل ستتغير الأوضاع فعلاً؛ نظرًا لضخامة التطلعات؟”؛ على حد تعبيره.
________________________
رابط المقال: