سيباستيان ستيرل ، روبرت بريشا([1])
إينيرجي ريبورترز([2])
منذ وقت ليس ببعيد كانت فكرة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح لا تزال محل نقاش محتدم؛ حيث اعتاد المنتقدون الإشارة إلى القيود على مصادر الطاقة المتجددة؛ فالشمس لا تُشرق دائمًا ولا تهب الرياح بصورة متواصلة. ولكن في الوقت الحاضر أصبح ممكنًا على نطاق واسع توفير شبكات الكهرباء في العديد من البلدان بواسطة الطاقة المتجددة. ولكن لا يزال التَّحدّي هو توفير أنظمة إمدادات طاقة مَرِنَة يُعتَمَد عليها، وبأسعار مناسبة من الطاقة المتجددة في الظروف المختلفة، وفي المناطق المختلفة كذلك؛ فالمسؤولون عن تخطيط مصادر الطاقة المتجددة وتوسيع نطاقها يجب أن يضعوا في حسبانهم الموارد المحلية للبلدان وبِنْيتها التحتية، لا سيما بالنسبة للدُّوَل غير النفطية في إفريقيا جنوب الصحراء.
إحدى التقنيات التي تتمتع بالمرونة لاستكمال إنتاج الطاقة الشمسية وطاقة الرياح هي الطاقة المائية؛ حيث يمكن استخدامها كمصدر ثابت للكهرباء، ولكنّها أيضًا تتعرّض للتقلبات مثل المصادر الأخرى، ومِن ثَم فهي كذلك بحاجة إلى التخطيط والإدارة بشكل صحيح حتى تكون مستدامة. ونظرًا لأن البنية التحتية لتوليد الطاقة تستمر من 30 إلى 50 عامًا؛ فإن القرارات المتَّخذة اليوم ستحدِّد إلى حدّ كبير ما إذا كان بإمكان الحكومات تحقيق أهدافها المناخية في العقود القادمة. ففي جميع أنحاء غرب إفريقيا، تُواجه العديد من البلدان التحدّي المُتمثّل في ارتفاع الطلب على الكهرباء، وفي الوقت نفسه، فإنَّ تأثيرات تغيُّر المناخ -التي تحدث في الغالب نتيجة لاحتراق الوقود الأحفوري- لها تأثير كبير على أنماط الطقس في المنطقة والمحاصيل الزراعية المحتملة.
ومن هنا يبرز السؤال: هل يمكن مواءمة زيادة توليد الكهرباء مع أهداف تغيُّر المناخ؟
تُظهر الدراسات أن الجمع بين محطات الطاقة الكهرومائية المُدَارَة بشكل مستدام مع مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الجديدة يُعدّ خيارًا واعدًا لمنطقة غرب إفريقيا؛ حيث يمكن أن تُقلّل من استخدام الوقود الأحفوري وتأثيراته السَّلبية على تغيُّر المناخ؛ حيث تسعى المنطقة إلى توسيع الوصول إلى الكهرباء بأسعار معقولة.
تجمُّع الطاقة في غرب إفريقيا:
تمتلك دول غرب إفريقيا إمكانيات مختلفة في مجال الطاقة المتجددة؛ حيث توجد إمكانات الطاقة الشمسية في كل مكان تقريبًا في حين تكون إمكانات الرياح أقوى على طول المناطق الساحلية وفي الجزء الشمالي الأكثر جفافًا من المنطقة، كما تتركز إمكانات الطاقة الكهرومائية في الغالب في الجزء الجنوبي من المنطقة، الذي يَستقبل معظم هطول الأمطار. وبالفعل تَستخدم العديد من البلدان محطات كبيرة للطاقة الكهرومائية، مثل سد أكوسومبو في غانا، وهناك العديد من السدود الجديدة قَيْد التخطيط، في حين تُعدّ الطاقة الشمسية وطاقة الرياح من الإضافات الحديثة في هذا المجال.
هذا، ويمكن لتجارة الكهرباء عبر الحدود أن تَستفيد بشكل أفضل من كلّ هذه الطاقة الكهرومائية، إلى جانب الطاقة الشمسية وطاقة الرياح؛ فوفقًا للأبحاث، يمكن للتجمُّع الإقليمي للطاقة المشتركة، الذي يسمح للبلدان بمشاركة مواردها، أن يزيد من إمدادات الطاقة المتجددة الموثوقة بنسبة تصل إلى 60٪، ويوضح الرسم البياني أدناه، استنادًا إلى بحثنا، مثالاً لمساهمات البلدان المحتملة في تجمُّع الطاقة.
حيث يمكن لكل دولة في غرب إفريقيا أن تساهم في تجمُّع الطاقة المشترك لغرب إفريقيا لتوليد الكهرباء وتبادلها؛ بناءً على مواردها المتاحة على الصعيد الوطني؛ حيث يمكن أن تتعاون دول غرب إفريقيا بالفعل في تبادل الكهرباء، ولكن في الغالب من خلال العقود الثنائية. كما تُخطّط شركة West African Power Pool -وهي وكالة إقليمية- لدمج أنظمة الطاقة الوطنية في سوق موحّد للكهرباء على نطاق أوسع، كما يُظهر بحثنا كيف يمكن تبسيط هذه الجهود مع نموّ مصادر الكهرباء المتجددة. ومن ناحية أخرى، تُبْذَل جهودٌ مماثلة في أجزاء أخرى من العالم، مثل الاتحاد الأوروبي؛ حيث من المتوقع أيضًا أن يصبح التعاون عبر الحدود أكثر أهمية لتوسيع نطاق توليد الكهرباء المتجددة.
العوائد الصحية والاقتصادية والبيئية:
في ورقتنا البحثية، نَستخدم نموذجًا جديدًا لفحص أوجه التعاون بين توليد الطاقة الكهرومائية المستدامة مع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح في غرب إفريقيا؛ حيث يوضّح النموذج كيفية إدارة هذه المصادر معًا؛ حيث تظهر الأبحاث أن المنطقة يمكن أن تَستخدم الطاقة الكهرومائية، بدلاً من محطات الغاز الطبيعي؛ لضمان موثوقية الشبكة مع زيادة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. غالبًا ما يُوصَف الغاز الطبيعي بأنه مَعْبَر للتحوّل إلى الطاقة المستدامة. لكن يجب أن تكون الانبعاثات العالمية حوالي الصفر بحلول منتصف القرن وفقًا لاتفاقية باريس. وبالتالي، فإن بناء المزيد من البنية التحتية للغاز قد لا يَخدم الأهداف المناخية.
كما أن الآثار السلبية على الصحة من تلوث الهواء الناتج عن حرق الوقود الأحفوري معروفة جيدًا، ومِن ثَم يمكن تجنُّب ذلك من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة. وتجادل الدراسة بأن تكلفة الكهرباء المتجددة على مدى عمر التوليد من المرجَّح أن تصبح قريبًا أرخص بكثير من تكلفة الوقود الأحفوري، وهذا يرجع في المقام الأول إلى الانخفاض في تكاليف الطاقة الشمسية الكهروضوئية بمرور الوقت.
الطريق إلى الأمام:
تُظهر ورقتنا إحدى الطرق لبدء التحوُّل لأنظمة الطاقة المتجددة في غرب إفريقيا؛ من خلال تحسين استخدام موارد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح والمياه المحلية، مع مراقبة معايير الاستدامة. على سبيل المثال، تضمن منهجيتنا أن تظل مستويات منسوب الطاقة الكهرومائية وتدفقات الأنهار في اتجاه مجرى النهر ضمن الحدود المقبولة. كما تؤكّد على إمكانية استبدال محطات الطاقة الكهرومائية المستقبلية بالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، وسيؤدي ذلك إلى زيادة الاستدامة البيئية الشاملة لتوليد الطاقة المتجددة. كما ستساعد هذه التدابير مجتمعةً على تمهيد الطريق لانتقال طويل الأجل نحو أنظمة الطاقة القائمة على الطاقة الشمسية الكهروضوئية، بدعم من طاقة الرياح والطاقة المائية وتخزين البطاريات.
كما لا يقتصر إطار دراستنا على غرب إفريقيا؛ حيث يمكن استخدامها في المناطق الأخرى التي تعتمد بشكل كبير على الطاقة الكهرومائية، وتسعى أيضًا إلى زيادة توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وحتى الآن لا تحتوي دول غرب إفريقيا على بنية تحتية كبيرة ومتكاملة لشبكات الطاقة المتجددة؛ حيث إنَّ البنية الحالية مصمَّمة للمحطات التي تعمل بالوقود الأحفوري، كما هو الحال في أوروبا وأمريكا الشمالية. ومِن ثَمَّ يمكن للمنطقة التخطيط لشبكاتها المستقبلية حول مصادر الطاقة المتجددة من الصفر، وتعد تلك الخطوة فرصةً مهمَّة لتخطّي التقنيات القديمة والاستفادة من تقنيات جديدة لم تمتلكها بعدُ أجزاء أخرى من العالم.
[1]– سيباستيان ستيرل، باحث، خدمات المناخ للطاقة المتجددة، جامعة فريجي في بروكسل وروبرت بريشا، أستاذ بجامعة دايتون.
[2]– على الرابط التالي: https://www.energy-reporters.com/opinion/how-west-africa-can-expand-power-supply-and-meet-climate-goals/