زكريا صادق الرفاعي (*)
شهدت القارة الإفريقية العديد من المتغيّرات في أعقاب الحرب العالمية الثانية، فبدت موحية بالثقة في أعين كثير من المراقبين، خصوصاً في أعقاب انخراط الكثير من أبنائها في الحرب تحت راية الحلفاء (1)، كما تسارعت وتيرة خطى حركات التحرر الوطني والمضي قُدماً في تصفية الاستعمار، فحصلت غانا على استقلالها في مارس 1957م (2)، ثم شهد مطلع 1960م الذي عُرف باسم (عام إفريقيا) انضمام اثنتين وعشرين دولة إفريقية للأمم المتحدة (3).
وقد بدا واضحاً للعيان الأهمية الاستراتيجية لإفريقيا لموقعها الجغرافي، فضلاً عن مواردها الاقتصادية، ومن ثمّ كان منطقياً سعي الولايات المتحدة لصياغة رؤية سياسية لأهدافها ومصالحها في إفريقيا جنوب الصحراء؛ في ظلّ متغيرات إقليمية ودولية مهمّة ألقت بظلالها على الجميع، في مقدمتها مناخ الحرب الباردة، والمدّ المتصاعد للحركة القومية.
وتسعى هذه الدراسة لإلقاء الضوء على جملة السياسات التي تبنّتها الإدارة الأمريكية في ظلّ الإدارة الثانية للرئيس أيزنهاور (1957م – 1961م) تجاه إفريقيا جنوب الصحراء، في محاولةٍ لتفسير إشكالية المدّ والجزر التي انتابت السياسة الأمريكية خلال تلك الفترة.
وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه الدراسة تستخدم مصطلح (إفريقيا جنوب الصحراء) (4) في إطار وظيفي في المقام الأول؛ بحسب رؤية الدبلوماسية الأمريكية الرسمية كما تجلّت في وثائقها آنذاك.
وقد أفادت الدراسة من جملة الوثائق الأمريكية المتاحة على تنوّعها، مثل: وثائق الخارجية الأمريكية، ومجلس الأمن القومي، والبيت الأبيض، إضافة إلى الدراسات التي تعرضت لفترة الدراسة من زوايا مختلفة.
في البحث عن إطار سياسي:
يمكن القول بأنّ توجهات الولايات المتحدة صوب إفريقيا جنوب الصحراء كانت محكومة بأمرين:
1 – اعتبارات حماية الأمن القومي الأمريكي الذي اتسع مفهومه بعد الحرب العالمية الثانية.
2 – مراعاة المصالح الاقتصادية، ولا سيما ضمان السيطرة على الموارد الأولية، وكسب أسواق جديدة.
وقد لاحظ البعض أنّ اهتمامات الولايات المتحدة بإفريقيا أخذ ينمو تدريجياً منذ اجتياح ألمانيا لبلجيكا في مايو 1940م، حيث صارت (مستعمرة الكونغو) بالتبعية جزءاً من مسرح الحرب العالمية الثانية، وقد سارع الرئيس الأمريكي في غضون ذلك بتأسيس The State Department Africa Desk لمراقبة الأمور في إفريقيا عن قرب (5).
وخلال فترة زمنية وجيزة أفاضت العديد من الوكالات الحكومية، ورئاسة الأركان، في إبراز الأهمية الاقتصادية والاستراتيجية لإفريقيا، وبخاصة الثروات المعدنية المهمّة كاليورانيوم، وحرصت الإدارة الأمريكية منذ وقت مبكر – وهي تخوض معركة كسب القلوب والعقول – على أن تكون إحدى رسائلها المهمّة في مختلف وسائل الإعلام: «إنّ الولايات المتحدة تمدّ يد الصداقة لإفريقيا» (6).
إفريقيا خلال الفترة الأولى من عهد أيزنهاور:
في 1953م قام البيت الأبيض بإجراء دراسات لتبنّي الاستراتيجية الأكثر فعالية لإدارة الحرب الباردة في مطلع الخمسينيات، ومنها (Project Solarium)، وقد أسفر هذا المشروع عن تبنّي إدارة أيزنهاور: (النهج الجديد New Look)؛ على نحو ما بدا في وثيقة مجلس الأمن القومي رقم (NSC 162/2) التي مثّلت في جانبٍ منها رؤية أيزنهاور تجاه إفريقيا، وكان قوامها تبنّي الاتجاه المحافظ مع الاستمرار في التقارب الوثيق مع الحلفاء الأوروبيين، وبخاصة: (بريطانيا وفرنسا وبلجيكا)، ومواجهة الاتحاد السوفييتي بأسلحة غير تقليدية؛ دون إضعافٍ للاقتصاد الأمريكي والقيم المؤسسية ونهج الحياة الأمريكي.
كما اعترفت وثيقة الأمن القومي – السابقة – بأهمية العالم الثالث ودوره في ظلّ متغيرات الحرب الباردة، كما تطرّقت إلى مشكلات الوجود الاستعماري الكبيرة في القارة، والذي صار في رأيها عبئاً على الطرفين، وقد عبّر وزير الخارجية (دالاس) عن ذلك بقوله: إننا «نسير على حبل مشدود بين حلفائنا الأوروبيين من ناحية، والمستعمرات الإفريقية التي في طريقها إلى الاستقلال من ناحية أخرى، ونسعى لمدّ يد الصداقة للطرفين» (7)، ومن ثم أيدت المستعمرات في تطلعها للاستقلال ومصالح القوى الاستعمارية معاً (8).
وفي 1954م، ومن خلال أوراق عمل قُدّمت إليها، أكدت وزارة الدفاع الأمريكية النهج السابق؛ معتبرة أنّ الأهداف الرئيسة للولايات المتحدة في إفريقيا تتمثّل في نقاط ثلاث:
أولها: استمرار حالة الاستقرار؛ مع دمج الدول الجديدة ضمن منظومة العالم الحرّ في المستقبل.
وثانياً: تأكيد ضمان استمرار وصول المواد الأولية والسلع الاستراتيجية إلى أمريكا وأوروبا؛ وحرمان الاتحاد السوفييتي في الوقت نفسه منها، مع السعي لتقليل الآثار الاستعمارية من خلال آليات الأمم المتحدة وشراكتها في حلف الناتو.
وأخيراً: بثّ الثقة لدى الشعوب الإفريقية بالسياسات الأمريكية، ودعمها لحركة الاستقلال الذاتي (9).
أشار البعض إلى أنّ الرئيس أيزنهاور قد تأثّر في نظرته للحركة القومية في إفريقيا برؤية وزير خارجيته (جون فوستر دالاس John Foster Dulles) الذي اعتقد أنّ حركة الاستقلال الإفريقية لم تكن في نهاية المطاف سوى ذيلٍ تابعٍ لموسكو، وليست نتاجاً طبيعياً للرغبة في التخلّص من الاستعمار، وافترض دالاس أنّ تـأييد الاتحاد السوفييتي للحركة القومية في إفريقيا كان بهدف أن يحلّ محلّ القوى الأوروبية في القارة عقب رحيلها، ومن ثم فضّلت الولايات المتحدة تعزيز علاقاتها مع حلفائها، وصارت سياستها الخارجية تجاه إفريقيا مرهونة ببوصلة العواصم الأوروبية، وعلى رأسها: (لندن وباريس وبروكسل) (10).
وباتت هناك قناعة راسخة لدى الإدارة الأمريكية بأنّ إفريقيا غير مؤهلة بعدُ للحكم الذاتي، ومن ثمّ فهي بحاجة إلى أوروبا للأخذ بيدها إلى طريق التنمية (11)، وقد عبّر مساعد وزير الخارجية الأمريكي للشرق الأدنى وجنوب آسيا والشؤون الإفريقية (هنري أ بايرود Henry A Byroade ) بوضوح عن عدم ارتياح الولايات المتحدة لارتفاع وتيرة الاستقلال في إفريقيا، معتبراً أنّ استقلال الدول الإفريقية قبل أن تكون مهيأة لذلك يمثّل خطورة كبيرة؛ ربما أدت إلى وقوعها في الفضاء السوفييتي، ومن ثمّ يجب إعطاء الأولوية للتطور الاقتصادي والاجتماعي قبل أي نقاش حول الاستقلال، مقترحاً أنّ الحلّ هو كبح جماح حركات التحرر الوطني داخل القارة، مع حثّ العواصم الأوروبية على إيجاد ارتباط أوثق بمستعمراتها (12).
وقد حذّر مجلس الأمن القومي في نقاشه لتقدير موقف رقم (NIE 83) من العقبات المحتملة التي قد تواجه السياسة الخارجية، وقد اهتم في تقريره على نحو خاص بتأثير الحركة القومية في غانا (ساحل الذهب) باعتبارها عقبة رئيسة ونموذجاً مشجّعاً لغيرها على السعي للاستقلال.
وأبرز التقرير أسباباً التخوف من تلك الحركات، هي:
– عدم تدفق السلع والمواد الخام إلى الأسواق الدولية.
– وفقدان السيطرة على حركة التجارة.
– وما سينجم عن ذلك من تداعيات سلبية على حلفاء الولايات المتحدة في أوروبا على المستوى الاقتصادي.
كما أشار التقرير – مجدّداً – إلى أنّ الحاجة متبادلة بين أوروبا وإفريقيا، وعلى الولايات المتحدة أن تمارس دور الوسيط بينهما (13).
ومن الأهمية بمكان الإشارة إلى أنّ الإدارة الأمريكية خلال فترة أيزنهاور الأولى كانت تعاني شحّاً في المعلومات عن إفريقيا، وعلى حدّ قول البعض: فإنّ أيزنهاور ووزير خارجيته (جون فوستر دالاس) كانا من رجال أوروبا ولا يعرفان سوى القليل عن العالم الثالث والحركات القومية بداخله، وكان منطقياً – عشية وصولهم إلى البيت الأبيض- أن تكون الحرب الباردة في أوروبا وآسيا هي محور اهتمامهم في المقام الأول، ولم يكن لإفريقيا نصيب من الاهتمام، كما أنّ (إدارة الشؤون الإفريقية) بالخارجية الأمريكية لم تكن قد أسست بعدُ حتى عام 1958م، ومن ثمّ لم يكن متاحاً أمامها سوى المصادر والدراسات الأوروبية، والتى كانت بدورها منحازة (14).
ومن بين المفارقات المثيرة خطأ وزير الخارجية (دالاس) وخلطه بين تونس وإندونيسيا! كما لم تفرّق الخارجية الأمريكية بين النيجر ونيجيريا! وفي مناقشة لمجلس الأمن القومي حول بحث تسليح إثيوبيا؛ أشار وزير الدفاع الأمريكي متهكماً إلى أنه يفضل شخصياً تزويدها بالرماح (15)!
وقد سعت بعض المؤسسات الأمريكية الخاصة إلى تقديم صورة أقرب إلى الواقع في إفريقيا، ومن بينها (لجنة أمريكا في إفريقيا) التي ظهرت عام 1953م، وضمّت الكثير من دعاة حقوق الإنسان والأكاديميين البارزين، وعقدت عديداً من الندوات والمؤتمرات، كما أصدرت مجلة (إفريقيا الآن) (16)، وقدّمت للرأي العام الأمريكي – الذي شاع بينه اسم (القارة المظلمة) – صورة تصحيحية عبر المقالات والأفلام الوثائقية (17).
إفريقيا خلال الفترة الثانية لأيزنهاور:
خلال الفترة الثانية لأيزنهاور (1957م – 1961م)، ومع تنامي المصالح الأمريكية، برز دور الرأي العام الأمريكي، وبخاصة الصحافة والإعلام، لمتابعة حركات التحرر الوطني في إفريقيا، وأُرسل العديد من الباحثين والصحافيين لتوثيق الأحداث التاريخية، كما قام الأمريكيون من الأصول الإفريقية بدورٍ مهم، وبخاصة العاملون منهم في الجامعات والمراكز البحثية، وكان حصاد ذلك ظهور العديد من التقارير والدراسات التي حملت في طياتها كثيراً من التوصيات للإدارة الأمريكية للتعامل مع إفريقيا مستقبلاً (18).
وكان لانعقاد (مؤتمر باندونج) في أبريل 1955م أثرٌ واضحٌ في مبادرة إدارة أيزنهاور لتجديد رؤيتها تجاه إفريقيا خشيةً من توسّع النفوذ السوفييتي، خصوصاً أنّ الخارجية الأمريكية رأت في دعوة (باندونج) للحياد قناعاً تتخفى وراءه الشيوعية.
وقصارى القول: أنً الإطار العام الذي تبنّته إدارة أيزنهاور تمثّل في التأييد الحذر لفكرة الاستقلال الذاتي بإفريقيا؛ مع تحاشي الانغماس السياسي المباشر وإثارة ريبة الحلفاء الأوروبيين، وممارسة دور الوسيط بين الطرفين، والالتزام بتقديم الدعم الاقتصادي المتاح.
الرحلات الدبلوماسية والرؤية عن قرب:
كانت الرحلات الدبلوماسية إحدى الوسائل التي اعتمدتها إدارة أيزنهاور لرؤية إفريقيا جنوب الصحراء عن قرب.
1 – رحلة مساعد وزير الخارجية (هولمز) عام 1957م:
في 1957م أرسل وزير الخارجية (دالاس) مساعده الخاص (هولمز) للقيام بجولة إفريقية لبضعة أسابيع، وقدّم هولمز تقريراً أوليّاً؛ أشار فيه إلى التنوّع والتباين الذي تمتاز به القارة الإفريقية، فضلاً عن اتساع مساحتها، وتباين أوضاع دولها، ومن ثمّ فليس هناك سياسة واحدة يمكن اتباعها، أما القضية الرئيسة التي وضعها في الاعتبار ورآها ماثلة في كلّ مكان فهي الرفض لبقاء الاستعمار.
وكشأن معظم القائمين على الإدارة الأمريكية آنذاك؛ أوصى هولمز بالتعامل عن قرب مع القوى الأوروبية، مضيفاً أنّ ذلك ربما ليس التوجّه الأفضل، لكنه الخيار المتاح في الوقت الراهن، كما أوصى بسرعة إطلاق البرامج المعدة سلفاً وتطويرها، وضرورة تأسيس سفارات جديدة، وتعزيز عمل البعثات الدبلوماسية، وفي ختام التقرير أشار إلى أنّ «الأمور تتحرك سريعاً في إفريقيا، ومن ثمّ يجب المضي قدماً في خططنا دون مخاطرة غير محسوبة، مع تجنّب أية معوقات» (19).
2 – زيارة نائب الرئيس الأمريكي (نيكسون) عام 1957م:
وفي السياق نفسه جاءت زيارة نائب الرئيس الأمريكي (نيكسون) إلى إفريقيا (من 28 فبراير إلى 21 مارس 1957م) لتمثّل محطة هامة، حيث شارك في احتفالات غانا بالاستقلال باعتباره الحدث الأبرز في إفريقيا جنوب الصحراء منذ 1950م، ثم زار عدداً من الدول: (مراكش – غانا – ليبيريا – تونس – السودان – ليبيا – إثيوبيا – أوغندا).
وبطبيعة الحال؛ كانت زيارة نيكسون ولقاءاته في جوهرها استكشافية (20)، وكان حذراً في ردوده حول طلب المساعدات الاقتصادية، وكان أبرز القادة الذين قابلهم (كوامي نكروما) رئيس وزراء غانا، الذي بدأت الولايات المتحدة تنظر إليه باعتباره نقطة ارتكاز لها داخل القارة الإفريقية (21).
وقد ناقش نيكسون مع نكروما مشكلات غانا بعد الاستقلال، ولا سيما اعتمادها على محصول واحد، وهو الكوكا الذي انحدرت أسعاره، كما تساءل عن مدى الالتزام بحرية العقيدة والرأي والصحافة واتباع سياسة التسامح، فأكد نكروما أنّ بلاده تسير على النهج الديمقراطي، وقد أثار نكروما حاجة بلاده للتمويل في تنفيذ مشروع نهر الفولتا، وكان ردّ نيكسون أنّ المشروع بحاجة لمزيد من البحث من جانب الشركات البريطانية والكندية، وأنّ الإدارة الأمريكية ستظل تراقب الوضع بعناية (22).
والواقع أنّ نكروما كان مقتنعاً بفكرة مشروع سدّ نهر الفولتا منذ دراسته بأمريكا خلال الثلاثينيات، وكثيراً ما وصف المشروع بأنه بمثابة «وليده»، ومن جهة أخرى فقد بدا مشروع نهر الفولتا مؤشراً مهمّاً على تقدير الولايات المتحدة للاعتبارات الجيوبوليتكية لإفريقيا، فخشية الإدارة الأمريكية من القروض والمساعدات السوفييتية لغانا، وانسحابها من تمويل مشروع السدّ العالى في مصر سابقاً، جعلا الإدارة تسارع في تأييدها لمشروع نهر الفولتا، ودعا نيكسون الولايات المتحدة لإقامة علاقات دبلوماسية من خلال سفارة لها بغانا، مشدّداً على أهمية العلاقات والمساعدات الفنية والتكنولوجية، معتبراً «أنّ النجاح أو الفشل سيكون له آثاره في هذا الجزء من إفريقيا في المستقبل» (23).
وتطرّق (تقرير نيكسون) إلى ضرورة إسهام وزارة الدفاع ووكالات التعاون الدولي بصورة أكبر في مجال المساعدات، كما أشار إلى أهمية إرسال موظفين وخبراء على مستوى عالٍ، لأنّ الروس يرسلون أفضل ما لديهم من كفاءات إلى إفريقيا، كما دعا إلى موافقة الكونجرس على إقرار الدعم المالي الكافي، مشدّداً على وجوب إعادة الولايات المتحدة النظر في معلوماتها عن إفريقيا، وألا تظلّ أسيرة التعامل بهواجس الحرب الباردة ومحاربة الشيوعية (24)، وطالب في ختام تقريره بأن تسعى واشنطن للتعرف عن قرب على القادة الأفارقة لمعرفة أهدافهم وبرامجهم بصورة أفضل، مشيراً إلى إمكانية الاعتماد على الجوانب التعليمية والثقافية بديلاً للتحالفات العسكرية (25)، كما أوصى نائب الرئيس بوجوب إنشاء إدارة مستقلة لإفريقيا في وزارة الخارجية (26).
3 – رحلة المساعد الخاص للرئيس أيزنهاور (كلارنس رندال) عام 1958م:
ولم تفتر همّة الإدارة الأمريكية، بل أخذت دبلوماسية الرحلات دفعة كبيرة من خلال رحلة (كلارنس رندال Clarence Randall)، زار خلالها خمس دول إفريقية ما بين شهري مارس وأبريل 1958م، وقد نبعت أهميتها من أنه كان مساعداً خاصاً لأيزنهاور، كما كان في الوقت نفسه رئيساً لمجلس السياسات الاقتصادية بوزارة الخارجية، وقد التقى في رحلته العديد من القادة والدبلوماسيين، وعلى غرار (تقرير نيكسون) السابق صارت (توصيات رندال) جزءاً من وثيقة الأمن القومي رقم (5719)، كما حظي تقريره بتقدير الرئيس، ومناقشة موسّعة من مجلس الأمن القومي (27).
في بداية تقريره؛ كرّر رندال صعوبة تبنّي سياسة موحّدة بإزاء إفريقيا على وجه الإجمال، ودعا مجلس العمليات والتعاون الاقتصادي إلى إعداد خطة لكلّ دولة على حدة؛ لتغيّر الأوضاع من دولة لأخرى، وكان تبنّي رندال مدخلاً إقليميّاً – في رأي البعض – بداية جديدة للسياسة الأمريكية في إفريقيا، أخذت دفعتها على نحو فعّال في إدارة كيندي لاحقاً (28).
ومن جهته؛ رأى رندال أنّ المدخل الملائم الذي يجب أن تتبناه الإدارة الأمريكية ينطلق أولاً من البعد الاقتصادي، ثم تليه الترتيبات العسكرية، كما حدّد بوضوح جوانب الضعف الاقتصادي في القارة، وبخاصة الملكية الزراعية التي «غلب عليها غياب الملكية الفردية وسيادة النظام المشاعي، والاعتماد على محصول واحد، كما هو الحال في غانا ونيجيريا، مطالباً بتقديم الدعم لصغار المزارعين، خاصة الجوانب الفنية والتكنولوجية» (29).
كما تطرّق إلى الثروات الطبيعية الضخمة التي تحظى بها إفريقيا جنوب الصحراء، ومع ذلك فهي معدمة وفقيرة، وقدّم التقرير عرضاً وافياً للمشروعات الواعدة في مجال الطاقة، كما تضمّن قائمة بالسدود التي في طور البناء والتخطيط، داعياً القطاع الخاص في الولايات المتحدة إلى المشاركة والتحالف مع الرأسمالية المحلية التي ستوفر له غطاءً سياسيّاً من دعاة القومية في المستقبل(30)، وفيما يبدو أنّ الدعوة للشراكة التي أشار إليها رندال كانت إحدى الآليات التي اعتمدتها الإدارات الأمريكية المتعاقبة، وبالطبع فإنّ نموّ الرأسمالية الإفريقية المحلية وتضخّمها تحت مظلّة رأس المال الأمريكي سيؤدي في المدى البعيد إلى التبعية الاقتصادية بما يصحبها من تداعيات سلبية.
وأوضح رندال أنّ العقبة التي تواجه الولايات المتحدة في الوقت الراهن تتمثّل في «نظرة الشك والريبة من جانب الدول الأوروبية الرافضة لتقديم أية مساعدات اقتصادية للمستعمرات التابعة لها، ومن جهة أخرى فإنّ الدول الإفريقية المتطلعة للاستقلال تصرّ في الوقت نفسه على معرفة موقف الولايات المتحدة بوضوح من قضية الاستعمار» (31).
وقد ذهب البعض إلى أنّ جزءاً من معضلة السياسة الأمريكية في إفريقيا جنوب الصحراء قد نبعت من نظرة الإدارة الأمريكية للحركة القومية في إفريقيا بصورة سلبية، ودلّل على ذلك بحديث نيكسون نائب الرنيس بقوله: «إنّ معظم الدول الإفريقية المستقلة حديثاً لا تعرف كيف تدير أمورها» (32).
الأهداف الأمريكية في إفريقيا:
نجحت الرحلات الدبلوماسية المتتالية التي أوفدتها الإدارة الأمريكية في ملامسة الواقع الإفريقي إلى حدٍّ كبير، ومن جهتها انخرطت دوائر صنع القرار في إدارة أيزنهاور، وبخاصة مجلس الأمن القومي ومجلس التخطيط بوزارة الخارجية، في مناقشات مكثفة للاقتراب من تحديد الأهداف الأمريكية وصياغتها.
اجتماع مجلس الأمن القومي عام 1958م بحضور الرئيس:
في 7 أغسطس 1958م عقد مجلس الأمن القومي اجتماعاً بحضور الرئيس، وكانت قضية المساعدات التي طالب بها مجلس التخطيط الاقتصادي حاضرة بقوة، فتساءل الرئيس في البداية عن «السبب في توجيه مساعدات أكثر للمستعمرات البريطانية والفرنسية عن نظيرتها البرتغالية والبلجيكية؟»، وأجاب رندال رئيس مجلس التخطيط بأنّ «تلك المستعمرات على وشك أن تنال استقلالها وتصبح دولاً جديدة، ونحن بحاجة إلى أن تكون وجهتها الجديدة إلى الولايات المتحدة»، والواقع أنّ رندال بحكم تبنّيه المدخل الاقتصادي كان على قناعة تامّة بأهمية ربط اقتصاديات إفريقيا بالولايات المتحدة في المستقبل المنظور.
وقد تحدّث الجنرال وايتWhite رئيس الأركان عن ملامح الاستراتيجية العسكرية للولايات المتحدة في إفريقيا، فقدّم عرضاً حول مخاطر التوجّه السوفييتي في الشرق الأدنى وإفريقيا، وأضاف أنه «في حال إقرار ترتيبات عسكرية؛ فسيكون مفيداً وجود قواعد عسكرية بحرية وجوية خاصة في إفريقيا جنوب الصحراء؛ رغم تكلفتها المادية الباهظة»، وأوضح الرئيس موافقته على الرؤية العامّة التي طرحها وايت، إلا أنه رأى أنّ «الترتيبات العسكرية يجب أن تظلّ كخطوة تالية، ويجب بذل الجهد أولاً في المجالات الثقافية والتعليمية، وعندها قد تطلب الدول الإفريقية منّا المساعدات العسكرية»، وأوجز: «إننا يجب أن نفوز بإفريقيا، ولكن ليس بالعمل العسكري وحده؛ وإنما برضا الشعوب».
وذهب نائب الرئيس (نيكسون) إلى وجوب دعم ما أسماه (الاستقلال المحايد)، واستقطاب الحركات الوطنية للسير على نهج هذا الحياد، محبذاً دعم الروابط الثقافية والتعليمية لإفريقيا جنوب الصحراء مع الدول الأوروبية (33).
الجلسة التالية لمجلس الأمن القومي:
وفي جلسة تالية لمجلس الأمن القومي تمّت بلورة الأهداف الأمريكية وصياغتها، فأقرّ الحضورُ بأنّ مشكلات إفريقيا جنوب الصحراء تحتاج إلى مدى زمني كبير، ربما أكثر من جيل لمواجهتها، وهناك وعي عالمي متزايد بأهمية القارة الإفريقية وتأثيرها في الأحداث الدولية، وبخاصة الدول التي في طريقها للاستقلال، وذكر أنّ موقف الولايات المتحدة هو «تجنّب الدخول في عداء مع الحركات القومية والاستقلالية، لا سيما وأنها تضمّ عناصر شيوعية، كما تسعى أيضاً لعدم حرمان أسواقها من الموارد الإفريقية المهمّة».
وعلى الصعيد الاقتصادي؛ ذهب تقرير المجلس إلى أنّ «المصالح الأمريكية في إفريقيا هامّة وإن كانت لا تُقارن بمناطق أخرى في العالم… ويصل حجم التبادل التجاري بين الولايات المتحدة وإفريقيا جنوب الصحراء لنحو بليون دولار سنويّاً، والأمل معقود على تعزيز هذا التعاون الاقتصادي في المستقبل».
ومن منظور الحرب الباردة؛ عبّر الحضور عن خشيتهم من إمكانية سيطرة الشيوعية على إفريقيا جنوب الصحراء من خلال قواعد عسكرية، وهو ما يمثّل تهديداً للملاحة في الأطلنطي والمحيط الهندي والبحر الأحمر، وخطراً على الاستراتيجية الأمريكية في شمال إفريقيا والبحر المتوسط، ومن ثمّ فإنّ الأولوية القصوى في هذا الشأن هو إبعاد النفوذ الشيوعي عن القارة.
كما لفت التقرير الانتباه إلى أنّ «الكثير من القادة والزعماء في إفريقيا يتطلعون إلينا لدعم حكمهم الداخلي، وفي الوقت نفسه فإنّ الدول المستعمرة ترغب في أن نؤيد سياساتها، وفي النهاية فإنّ لدينا مصالح حقيقية، ويجب تقييم الأوضاع السياسية بواقعية» (34).
وقد أجمل التقرير حزمة من التوصيات وآليات تنفيذها على النحو الآتي:
أولاً: الترحيب والدعم السياسي للدول المستقلة حديثاً، مثل غانا، بحسب ظهورها.
ثانياً: تقديم الدعم الاقتصادي والتكنولوجي.
ثالثاً: العمل بشكل مباشر مع القوى الاجتماعية النافذة؛ من خلال تقديم القروض لتنفيذ المشروعات داخل إفريقيا، والمشاركة في المؤتمرات الدولية لبحث أية قضايا، وتبادل وجهات النظر بصورة دورية.
رابعاً: العمل من خلال المنظمات التابعة للأمم المتحدة باعتبارها محلّ ثقة.
خامساً: دعم حركات الاستقلال والدعاوى الإصلاحية داخل المستعمرات وتشجيعها، وإعداد زيارات لبعض الشخصيات الأمريكية البارزة لإفريقيا، وإظهار عطف الولايات المتحدة على استقلال الشعوب.
سادساً: فتح المزيد من السفارات والقنصليات وزيادة التعاون في البرامج التعليمية والتبادل الثقافي.
سابعاً: تأكيد أنّ سياسة الولايات المتحدة تجاه إفريقيا جنوب الصحراء تعتمد على مدى زمني طويل، كما أنّ الاتجاهات السياسية للقارة سوف تتوقف – ربما – على القادة والشعوب، ومدى قناعتهم بما يخدم مصالحهم، ويجب أن تكون سياستنا مبنية على إقناع الأفارقة بأنّ الولايات المتحدة ترغب في مساعدتهم وتحقيق أهدافهم دون سعي منها للدخول في صراع الشرق والغرب (35).
كما عرض التقرير للقضايا الآنية الرئيسة من وجهة نظره، وكيفية التعامل معها، وهي:
أولاً: القومية:
اعتبرها التقرير قضية اللحظة الحالية التي لا يمكن تجاهلها، كما أنها قضية معقدة ولا توجد إجابة جاهزة لها، فالدول الاستعمارية تتبع سياسات متباينة، كما أنّ الشعوب المستعمَرة بدورها متباينة التاريخ والثقافة والتطور، وهناك ضغوط في كلّ مكان لإيجاد حكم ذاتي مستقل، و «ارتفاع مؤشّر النزعة الاستقلالية قد يكون مؤذياً لمصالحنا في المستقبل، ومن ثمّ يجب على السياسة الأمريكية إعلان تأييدها من حيث المبدأ للحكم الذاتي، حتى يمكن الحكم على أهدافها في المستقبل، مع التأكيد على أنّ الحكم الذاتي يتضمن مسؤوليات يجب أن تكون الشعوب مهيأة لها، إضافة إلى دعم القوى صاحبة التأثير، والتي تقود دعوة الحكم الذاتي»، ودعا التقرير – على المستوى الدعائي- إلى التحذير في جميع وسائل الإعلام من الدور الاستعماري للإمبراطورية السوفييتية، وسعيها لأن تحلّ محلّ القوى الغربية في إفريقيا (36).
ثانياً: العنصرية:
أشار التقرير إلى أنها واحدة من القضايا المرتبطة بالوجود الاستعماري، وأنّ تأثير الولايات المتحدة في هذه القضية يبدو محدوداً؛ نظراً لصورتها السلبية في نظر الأفارقة في معالجة تلك القضية داخل الولايات المتحدة نفسها، ومن ثمّ يجب إبراز التقدّم الذي أحرزته الحكومة في هذا المجال بوسائل الإعلام، وتشجيع ممارسات النهج الليبرالي داخل القارة.
ثالثاً: الشيوعية:
أوضح التقرير أنّ الشيوعية لا تشكّل مشكلة جوهرية في إفريقيا جنوب الصحراء حتى الآن، إلا أنّ نفوذها قد يتنامى في المستقبل، ومصدر هذا النفوذ المجموعات السياسية ذات الأصول الهندية في اتحاد جنوب إفريقيا، واتحادات العمال في غرب إفريقيا، والطلبة الأفارقة في أوروبا، وتعزف الدعاية السوفييتية على وتر الترويج بأنّ الاتحاد السوفييتي مناهض للسياسات الاستعمارية الغربية، وكان لذلك صداه في غانا وليبيريا، ومن ثمّ يجب دعم الجماعات والمنظمات المحلية المناهضة للشيوعية، ومقاومة الدول التي قد تكون ممثلة للكتلة السوفييتية، وتعزيز التعاون مع حلفائنا في حلف الناتو، والدعوة لتبنّي النمط الرأسمالي الغربي وحرية التجارة (37).
وواضح من السياق السابق أنّ التغيير في السياسة الأمريكية ربما بدا محدوداً، فأجهدت الإدارة الأمريكية نفسها لإقناع حلفائها الأوروبيين بأنها لا تنافسهم على إفريقيا، بل معنية بتقديم المساعدات، وراغبة في أن يقوم الأوروبيون بدورهم الأساسي تجاه مستعمراتهم، ومن ثمّ فخلاصة رؤية أيزنهاور هي: (قيام شركاء حلف الناتو بواجباتهم) (38).
وفيما يتعلق بالوجود الروسي في القارة؛ ذكر مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية بواقعية: «إننا غير قادرين على مقاومة التغلغل الاقتصادي للاتحاد السوفييتي في أرجاء القارة، ولكن مهمتنا جعل ذلك النفوذ محصوراً في حدود معقولة» (39).
وذكر البعض أنّ البيروقراطية التنفيذية في الإدارة الأمريكية، وبخاصة وزارة الخارجية، تأثّرت إلى حدٍّ كبير، وتبنّت النهج الذي أوصى به رندال، وهو نهج التطوير التدريجي والاستقرار لا التغيير الجذري(40)، ومن جهة ثانية فإنّ دوائر صنع القرار الأمريكية قد صمّت أذنيها عن الرؤى والمطالب الإفريقية، فقد سعى رئيس وزراء غانا (كوامي نكروما) المقرّب من الولايات المتحدة جاهداً لإقناعها بتبنّي سياسة مستقلة عن أوروبا باسم (المدخل الأمريكي American approach)، تُراعى فيها مصالح الطرفين بعيداً عن لعبة الاستقطاب ومناخ الحرب الباردة، وكان نكروما يأمل أن تتفهم الإدارة الأمريكية أنّ عدم انحياز الدول الإفريقية لا يعني العداء مع الغرب – دون جدوى- (41).
توصيات اللجنة الرئاسية للمعلومات:
كان عمل تلك اللجنة وتوصياتها حلقة من حلقات اهتمام إدارة أيزنهاور الثانية بمراجعة سياستها صوب إفريقيا جنوب الصحراء وتقييمها، وكانت (اللجنة الرئاسية للمعلومات) قد ظهرت في 1953م، وهي معنية بالجوانب الدعائية والحرب النفسية بالدرجة الأولى، وكانت برئاسة وليم جاكسون، وساهمت بنصيب في السياسة الخارجية لإدارة أيزنهاور، فكانت وراء إنشاء بعض الوكالات المهمّة لاحقاً، مثل: مجلس العمليات، والوكالة الأمريكية للمعلومات (42).
وفي 1959م طلب أيزنهاور من اللجنة استكمال مهامها بعد إعادة هيكلتها، وعلى مدار تسعة أشهر انخرطت في إعداد (تقريرٍ مفصّل) للرئيس، ونظراً لقرب الانتخابات الرئاسية لم يخرج تقرير اللجنة إلى العلانية، بل ظهرت بعض مقتطفات منه، وظلّ قيد السريّة نحو أربعين عاماً (43).
تضمّن (التقرير العام) تقارير منفصلة وفرعية لرصد معدلات النجاح والإخفاق الذي رافق البرامج والسياسات التي مارستها المنظمات والوكالات الحكومية والخاصة في مناطق عديدة من العالم، وبحكم نشأتها كان الاهتمام منصبّاً على فحص البرامج المتعلقة بالتبادل الطلابي، وتعليم الإنجليزية بالخارج، والبرامج الدعائية في الشبكات الإذاعية، كصوت أمريكا وراديو أوروبا الحرّة، للوقوف على مدى فاعلية تلك البرامج، ومدى ما حقّقته من أهداف (44).
التقرير الذي حمل عنوان (إفريقيا):
كان من بين تلك التقارير تقريرٌ بعنوان (إفريقيا)، لم يُضف التقرير جديداً بشأن الأهداف الأمريكية، لكنه اهتم برصد نشاط البعثات السوفييتية والصينية المتزايد، خصوصاً في: (غانا وغينيا والسودان)، من عروض للتسليح وقروض ائتمانية بشروط ميّسرة (45)، ومن حصاد هذا النشاط تشكيل هيئتي الصداقة: السوفييتية – الإفريقية، والصينية – الإفريقية، إضافة إلى الترتيبات للإعداد للزيارة المرتقبة التي سيقوم بها الزعيم السوفييتي خرشوف إلى إفريقيا في أكتوبر عام 1960م (46).
وتتبع التقرير الطلاب الأفارقة بأوروبا، وقدّرهم بنحو 9000 طالب، وأشار إلى أنهم معرّضون للتأثّر بالدعاية الشيوعية، ولسوء الحظ فإنّ المعطيات تشير إلى تفضيل الشيوعية، فالاتحاد العالمي للشباب الديمقراطي (الذراع التنفيذي لمجلس الشباب الشيوعي) صار له مقر في (أكرا) بغانا، كما كان من المقرر أن يُعقد المؤتمر الثاني لاتحاد الشعوب الأفرو-آسيوية في (كوناكري) في أبريل 1960م.
وحثّ التقرير على زيادة الموازنة لبعض الوكالات العاملة، مثل وكالة الاستعلامات (USIA)، لزيادة تغطيتها للبرامج الإذاعية، مثل صوت أمريكا في كل الدول الإفريقية، وكانت ميزانية وكالة الاستعلامات قد بلغت 3.8 ملايين دولار عام 1960م، وكانت معنية بإقامة جسور التقارب بين القيادات الإفريقية الصاعدة والإدارة الأمريكية، واعتمدت على: الأفلام الوثائقية والشبكات الإعلامية والمراكز الثقافية والمعارض الفنية، كما أدى العاملون بها دوراً مهمّاً في إقامة علاقات وثيقة وشخصية مع الصحافة والإعلام الإفريقي المحلي، وطالب التقرير بالمزيد من الدعم لقطاعات التدريب في مجال الإدارة والصحة والتعليم، والتنسيق مع وكالة المخابرات المركزية ووزارة الدفاع والخارجية (47).
وأشار إلى المعوقات البيروقراطية، خصوصاً في قطاعات الموازنة، وألمح إلى حتمية الاستعانة بالمؤسسات والجمعيات الخاصة الخيرية لجمع التبرعات، مثل (مؤسسة فورد) التي سيكون لها وقعٌ أفضل في إبراز مزايا الارتباط والشراكة مع الولايات المتحدة.
ويمكن القول بأنّ أهم توصيات اللجنة الرئاسية: إعادة النظر في طرق جمع المعلومات، ومراجعة التقديرات والخطط المتعلقة بإفريقيا، وبخاصة القطاع التعليمي والثقافي.
لكن لم يكن أمام الرئيس أيزنهاور الوقت الكافي لتطبيق توصيات اللجنة الرئاسية، وسرعان ما قامت إدارة كيندي بتطبيق جانب منها، وبخاصة ما سُمّي بـ (الدبلوماسية الثقافية) (48).
وظلّ التوجّه العملي للسياسة الخارجية الأمريكية – بالرغم من إجراءات التقييم والمراجعة – أسيراً لهاجسها الرئيس، وهو: التعامل مع إفريقيا بحسابات الحرب الباردة ومنطقها.
وقبيل نهاية الفترة الثانية لأيزنهاور؛ ناقش مجلس الأمن القومي في 14 أبريل 1960م ورقة قُدّمت من مجلس التخطيط، وقد أعلن نائب الرئيس (نيكسون) أنّ الفترة القصيرة المتبقية للإدارة الأمريكية لا تسمح برسم سياسة جديدة، وأنه من الأوفق ترك المجال أمام الإدارة القادمة (49).
من خلال ما سبق؛ يمكن القول بأنّ الفترة الثانية لإدارة أيزنهاور قد شهدت حراكاً واسعاً، وعبر وسائل عديدة، في محاولةٍ لفهم حقيقة الأوضاع في إفريقيا، وكيفية التعامل معها بما يحقّق أهدافها.
برجماتية سياسة الإدارة الأمريكية في إفريقيا:
تعددت الآراء حول (الإطار العام الذي صاغ توجهات السياسة الأمريكية في إفريقيا)، فرأى البعض أنّ الحرب الباردة لم تكن هي العامل الحاسم في العلاقات الأمريكية الإفريقية، بل كانت عملية إنهاء الاستعمار Decolonization(50) هي المحرك الأول، كما أنّ السياسة الخارجية الأمريكية لم تفعل الكثير لمواجهة انتشار الشيوعية، بل كانت حريصة على تأسيس (الاستعمار الجديد) وتكريسه، وصارت الدول الإفريقية حديثة الاستقلال ضحية لكلّ أشكال الهيمنة، وأنّ الولايات المتحدة اتخذت من علاقاتها مع غانا منصّة لحماية الهيمنة الغربية في القارة (51).
وعلى نقيض الرؤية السابقة؛ رأى آخرون أنّ الحرب الباردة كانت حجر الزاوية في العلاقات الأمريكية الإفريقية (52).
بينما ذهب نفرٌ ثالث إلى أنّ مفهوم (العِرق الأبيض) كان وراء سياسات إدارة أيزنهاور، فبعد الحرب العالمية الثانية كان العرق الأبيض مسيطراً على النصيب الأكبر من ثروة العالم، وقد رأى في دعاوى إلغاء الاستعمار واستقلال إفريقيا تهديداً لهذا الوضع، وفي الحرب الباردة عمل جاهداً للحفاظ على استمرار تفوّق (العنصر الأبيض) خلال سنوات التحوّل الحرجة في العالم منذ بداية الخمسينيات (53).
والواقع أنّ الاعتبارات السابقة لا تخلو من الصحة في مجملها، فالاستراتيجية الأمريكية قامت على أساس حسابات المصالح، وكان جزءاً منها مراعاة البعد الاستراتيجي لإفريقيا في مواجهتها للشيوعية، فضلاً عن مصالحها الاقتصادية المتنامية، ويمكن القول بإيجاز أنّ السياسة الأمريكية قد اتسمّت بالمرونة والبرجماتية، وكيّفت نفسها دوماً مع ما يحقّق أهدافها.
وقد تجسدت برجماتية السياسة الأمريكية على نحو واضح في (أزمة الكونغو)، فقد مثّلت الكونغو أهمية كبيرة في الاستراتيجية الأمريكية لمساحتها الكبيرة ومواردها المهمّة، وبخاصة اليورنيوام (54).
ولجأت الولايات المتحدة إلى كوامي نكروما للتوسط بين صديقه الشخصي لومومبا والغرب (55)، ومن جهته كان نكروما على قناعة بأنّ لومومبا يريد الحفاظ على بلاده من هيمنة الغرب ولم يكن متأثراً بأجواء الحرب الباردة، بينما رأت أمريكا أنه قام بالانحياز للكتلة السوفييتية (56)، وعندما طالب نكروما بخروج القوات البلجيكية أولاً حتى تستقر الأمور؛ أدركت أمريكا وحلفاؤها أنّ الوساطة قد وصلت لطريق مسدود (57).
وكما هو معروف؛ ضغطت الولايات المتحدة على كبار المسؤولين الكنغوليين لإبعاد لومومبا، واستجاب الرئيس الكنغولي kasavubu Josephالموالي للغرب للضغوط، وعزل لومومبا في 5 سبتمبر 1960م (58)، واستغل جوزيف موبوتو الذي كان يشغل منصب رئيس الأركان – آنذاك – الفوضى السائدة، واستولى على السلطة بإيعاز من CIA، وتمّ إلقاء القبض على لومومبا واثنين من رفاقه، وتمّت تصفيتهم، والمهم في هذا الصدد هو موافقة أيزنهاور قبل مغادرته البيت الأبيض على اغتيال رئيس وزراء الكونغو باتريس لومومبا بالتعاون والتنسيق مع الحكومة البلجيكية (59).
وكان من بين النتائج المهمّة لأزمة الكنغو: توصية دوائر الخارجية الأمريكية بالعمل على بناء نيجيريا، وتصعيدها لتكون قوةً منافسةً بديلاً عن غانا – نكروما؛ للتعاون في إنجاز ما تقرّره الإدارة الأمريكية من ترتيبات إقليمية، وقد استقبل أيزنهاور رئيس الوزراء النيجيري في البيت الأبيض في 8 أكتوبر 1960م (60).
ومرة أخرى؛ سجّلت الوثائق المتاحة بروز هذا النهج العملي وإقراره كآلية عمل اعتمدتها إدارة أيزنهاور، وتوارت – في كثير من الأحيان- دعوات الديمقراطية وشعاراتها التي تحثّ الدول الإفريقية حديثة الاستقلال على تبنيها، ففي اجتماع لمجلس الأمن القومي أشار (نيكسون) نائب الرئيس بوضوحٍ تامٍّ إلى أنه «يجب الإقرار – وإن كنّا لا نشير لذلك علناً – بأننا بحاجة إلى الرجال الأقوياء في إفريقيا ليكونوا في صفّنا على غرار النماذج الدكتاتورية القائمة في أمريكا الجنوبية، وعلّق أيزنهاور موافقاً على ذلك بأنه من المرغوب فيه البحث عن الرجال الأقوياء في إفريقيا (61).
وفيما بعد صار (التكيف مع النُّظم الاستبدادية) سياسة رسمية (62)، كما بدا في وثيقة مجلس الأمن القومي رقم (NSC 6005)، والتي أقرت أنّ الولايات المتحدة تتبنّى سياسة التسامح مع الحكومات الاستبدادية في إفريقيا ما دامت تحافظ على الاستقرار (63)!
ويمكن القول بأنّ الإدارة الثانية لأيزنهاور حافظت على الأهداف الرئيسة للولايات المتحدة، واعتبر أيزنهاور أنّ الحركة القومية في إفريقيا أمر مرغوب فيه؛ لكن بما لا يشكّل تهديداً لعلاقته مع حلفائه الأوروبيين(64)، وبرغم ملامسة الإدارة للمعضلات الرئيسة التي عانتها القارة(65)؛ فإنها لم تُصغِ إلى الرؤية المحلية للزعماء الأفارقة، وبخاصة كوامي نكروما، وغلّبت الإدارة الأمريكية العامل الاستراتيجي، ربما بحكم الخلفية العسكرية للرئيس أيزنهاور، فظلّت الكثير من البرامج والسياسات حبيسة الإطار النظري والتعقيد البيروقراطي دون فاعلية كبيرة، وظلّت النظرة السائدة هي: اعتبار القارة جزءاً من ساحات الحرب الباردة.
الإحالات والهوامش:
(*) أستاذ التاريخ الحديث المشارك – كلية التربية / جامعة المنصورة.
(1) Medeiros Jennifer Anne. The Challenge Of Addressing The Congo As Nation State: American Approaches To Sub-Saharan Africa Policy 1957-1961. Saint Louis University. 2009. p. 4.
(2) Richard Yidana, Socio-nationalism In Ghana: History Insight Lessons For Africa, Journal of Third World Studies, Spring, 2012, 29, pp, 108-109.
(3) أطلق رالف جونسون Ralph Johnson بالخارجية الأمريكية على عام 1960م (عام إفريقيا)؛ في خطاب له بقسم التاريخ بكلية Wellesley في فبراير 1960م، وكان من بين الدول المستقلة: (الكاميرون – توجو – السنغال – نيجيريا – مالي – الصومال – زائير).
(4) تجب الإشارة إلى أنّ استخدام مصطلح (إفريقيا جنوب الصحراء) قد يكون مثيراً للجدل في كثير من الأحيان، وفي الأغلب الأعمّ فإنّ المصطلح في العادة يشير جغرافياً إلى المنطقة الواقعة جنوب الصحراء، كما يُطلق عليها في بعض الأحيان (إفريقيا السوداء)، واعتبر البعض أنّ المصطلح قد شاع من خلال بعض المستعمرين الأوائل ومن حذا حذوهم من الرحالة والجغرافيين، كما تلقفه بعض الدارسين في أوروبا وأمريكا من خلال نظرة عنصرية قسّموا إفريقيا من خلالها إلى قسمين محاولين (بلقنة) إفريقيا، كما تجدر الإشارة إلى إطلاق الكتاب والرحالة العرب في العصور الوسطى على هذا الجزء من القارة جنوب الصحراء اسم (بلاد السودان)، للمزيد راجع:
Davidson, Basil, The Africa Genius, An Introduction to African ,Social and Cultural History, Boston.1969. pp. 168-170.
(5) Dived N.Gibbs, Poltical Economy of Third World: Intervention,Mines,Money,and U.S Policy in The Congo Crisis.1991. pp. 149-152.
(6) Jamie Elizabeth Hickner, History Will One Day Have its Say: Patrice Lumumba and The Black Freedom Movement ,Purdue University ,2011. pp.129-130.
(7) Ibid، والجدير بالذكر أنّ إدارة ترومان قد حثّت مبكراً على ضرورة الإعداد والتخطيط مسبقاً للتحوّل الذي تمر به إفريقيا صوب الاستقلال، وحذرت من التداعيات في غياب ذلك لا سيما الاختراق الروسي للدول حديثة العهد بالاستقلال، راجع:
Borstelmann, Thomas, The Cold War and The Color Line, Harvard University Press, 2001, pp, 67-68.
(8) McNeil, Brian Edward. A new Look For Ghana: United States Diplomacy Toward West Africa 1953-1961, Mississippi State University. 2007. pp. 41-44.
(9) Muehlenbeck.Phiplip.Emil, Betting On The Dark Horses :Join Kennedy’s Courting Of Africa Nationalist Leaders. The George Washington University. 2007. pp. 19-20.
(10) Ibid, pp, 18-19.
(11) Ibid, p,24.
(12) Address By The Assistant Secretary Of State For Near Eastern And South Asian And African Affairs, October 31,1953, FRUS,1952-1954, Vol XI Africa And south Asia, pp, 54-57.
(13) National Intelligence Estimate, 83. December 22,1953, FRUS, 1952-1954, Vol, XI Africa And South Asia, p, 78.
(14) Medeiros, Op, Cit. pp, 6-7
(15) Yiesha.L, Thompson,African American And United States Policy Toward African :An Analysis Of The Influence Of Trans Africa, Howard University. 2009, pp, 12-23.
(16) Medeiros. Op. Cit, p. 163.
(17) Ibid, pp, 169-170.
(18) George, Houser, Metting Africa’s Challenge: The Story of The American Committee on Africa, journal of Opinion. N.6.1976.
وكان من بين الشخصيات التي أسهمت في هذا المجال، وأحد الخبراء في إفريقيا والعالم الثالث Chester bowels ، وكان قد حقّق ثروة من العمل في مجال الإعلانات، وصار سفيراً في إدارة ترومان في الهند، وأكسبه ذلك خبرة واسعة في مجال العلاقات الدولية، وأصدر في عام 1956م كتاب Africa’s challenge to America، كما كان عضواً بلجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس ما بين (1959م -1961م)، وصار مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الإفريقية في إدارة كيندي، ودعا الولايات المتحدة لإطلاق آليات لتطوير الأوضاع الاقتصادية، واعتقد أنّ تجربة استقلال الفلبين عن الولايات المتحدة يمكن أن تكون نموذجاً في إفريقيا حينما أعلنت الولايات المتحدة خروجها من الفلبين عام 1934م بعد عشر سنوات، وتمّ ذلك واستقرت الأوضاع بها.
(19) Memorandum From The Secretary of State’s Special Assistant (Holmes) To Secretary of State Dulles February 6,1958. Department of State.Central Files. 770.00/2-658.
(20) صارت توصيات نيكسون جزءاً من وثيقة الأمن القومي رقم (5719) حول سياسة الولايات المتحدة صوب إفريقيا جنوب الصحراء، راجع: Mediros, Op, Cit, p, 212
(21) Mcneil. Op. Cit. p. 86، وكان نكروما من أبرز المؤيدين لفكرة الجامعة الإفريقية Pan Africanism ، كما كان أحد الزعماء القلائل اللذين كانت لهم مكانة دولية بارزة، راجع:
David,Rooney,Kwame Nkrumah: The Political Kingdom in The Third World , New York, 1988.
(22) Memorandum of a Conversation, Accra, March 4,1957 FRUS 1955-1957 Vol, XVIII, Africa, Washington, 1989, p, 375.
كان المشروع من المشروعات الواعدة، وقد قدّر نيكسون في تقريره أنّ تكلفة المشروع تقارب المليار دولار، وقد سعى نكروما لتمويل المشروع من بريطانيا التي قدرت تكلفته بنحو 231.3 مليون جنيه إسترليني، واعتبرتها باهظة، واقترحت تمويله من الولايات المتحدة والبنك الدولي.
(23) Medeiros, Op, Cit. pp,213-214.
(24) ibid, p, 214.
(25) FRUS 1958-1960, Vol, xiv, Africa, Washington, 1992, p, 23
(26) في 20 من أغسطس أعلنت الخارجية الأمريكية عن إنشاء إدارة للشؤون الإفريقية، وكانت معنية بشمال إفريقيا ووسطها وجنوبها، بينما ظلت مصر والسودان تابعتان لإدارة الشرق الأدنى وجنوب آسيا، أما الجزائر فظلّت ضمن إدارة الشؤون الأوروبية، وتم تعيين Joseph.C.satterthwaite مساعداً لوزير الخارجية للشؤون الإفريقية في 23 أغسطس 1958م، كما أُنشئت لجنة فرعية خاصة بإفريقيا عن لجنة الشؤون الخارجية بالكونجرس عام 1959م.
(27) Department of State Central Files ,770.5-MSP/51958.
(28) Medeiros, Op, Cit, pp, 223-224.
(29) FRUS 1958-1960, Vol,xiv,Africa, Washington,1992, p,14.
(30) Ibid, pp, 14-15.
(31) Ibid, pp, 15-16. ، كما تطرق رندال إلى ممارسات الفصل العنصري باعتبارها إحدى العقبات، وضرب مثالاً بممارسات بعض الشركات الأمريكية في ليبيريا، مثل شركة فايرستون.
(32) Mcneil, Op, Cit, pp,115-116.
(33) Ibid.
(34) National Security Council Report.Department Of State’s/P -NSC Files.
(35) Ibid.
(36) Ibid.
(37) Ibid.
(38) McNeil. Op. Cit. p.117.
(39) Memorandum From The Assistant of State for African Affairs (Satterwhaite) to The Deputy Coordinator for Mutual Security (Bell) June 30. 1960.
(40) Mederios, Op, cit, pp, 26-27
(41) Ibid. pp.118-119.
(42) Scope and Content Note, US. President’s Committee on Information Activities Abroad (Sprague Committee) Records.1959-1961. DDE Library.
(43) Shawn Parry, Giles The Rhetorical Presidency Propaganda and The Cold War, 1945-1955. New York. 2002. p. 181.
(44) Scope and Content Note, US.President’s Committee on Information Activities Abroad (Sprague Committee) Records.1959-1961. DDE Library.
(45) وصل إجمالى التصدير السوفييتي لغانا إلى 17.4 مليون دولار في عام 1957م، بمقدار 11.4%؛ مقابل 2.4% عام 1956م، كما نشطت زيارات الوفود الاقتصادية لغانا مع الاتحاد السوفييتي والصين، راجع:
Report By The Operations Coordinating Board. April 23.1958 Eisenhower Library. Whitman File. NSC. 5719/1
(46) Mederios, Op. Cit. p. 241.
(47) Scope and Content Note, US.President’s Committee on Information Activities Abroad (Sprague Committee) Records.1959-1961. DDE Library
(48) Ibid.
(49) Memorandum of Conversation of The National Security Council April, 14,1960, FRUS,1958-1960, pp, 126-127.
(50) صار المصطلح ذائعاً عقب (مؤتمر الشعوب الإفريقية الآسيوية) الذي عُقد بالقاهرة عام 1961م.
(51) Ebere Nwaubani,Decolonization In West Africa.1950-1960. New York University Press. 2001. pp.22-23.
(52) Mary E. Montgomery, The Eyes Of The World Were Watching Ghana ,Great Britain And The United States.1957-1966.University Of Maryland.2004. pp. 231-232
(53) George White, Holding The Line :Race, Racism And American Foreign Policy Towards Africa ,1953-1961. New York.2005. p.5
(54) NSC 6001. January 19, 1960.
(55) Telegram From The Department of State to The Embassy in Ghana April 28,1960.
ومن المعروف أنّ العلاقة بين نكروما ولومومبا كانت تتسم بالثقة والودّ والإعجاب المتبادل بين الشخصين، وقد اتفقا سرّاً على اتحاد بلديهما معاً ليكونا نواةً للولايات المتحدة الإفريقية، وظلّ ذلك الاتفاق سرّاً إلى عام 1966م عقب حدوث انقلاب عسكري ضد نكروما، راجع:
Thomas,Kanza,The Rise and Fall of Patrice Lumumba:Coflict in The Congo,Cambridge, 979, p,252.
(56) McNeil, Brian Edward, Op, Cit,p.128.
(57) Telegram From The Embassy in Ghana to The Department of State, August 6,1960.
(58) McNeil. Brian Edward.Op.Cit.pp.121-123.
(59) Ibid.p132.، وأضاف أنّ هناك اعتقاداً أنّ تصفية لومومبا قد تمّت في 17 يناير 1961م قبل ثلاثة أيام من وصول كيندي إلى البيت الأبيض.
(60) Telegram From The Department of State to The Embassy in Ghana, October, 13,1960.
(61) Memorandum Of Discussion At 432nd Meeting Of The National Security Council, Jan.14,1960
(62) من الأمثلة الشائعة على تأييد الولايات المتحدة للنُّظم الاستبدادية استبدالها بالزعماء الوطنيين كمانديلا ونكروما أمثال موبوتو.
Yiesha.L,Thompson,African American And United States Policy Toward African :An Analysis Of The Influence Of Trans Africa, Howard University.2009,p,23
(63) NSC, 6005/1, April,9,1960.
(64) بينما كان كيندي ينظر إلى البعد القومي في العالم الثالث كعنصر مهم في الحرب الباردة، راجع:
Muehlenbeck.Phiplip.Emil, Betting On The Dark Horses :Join Kennedy’s Courting Of Africa Nationalist Leaders. The George Washington University. 2007. PP. 4-5.
وانظر أيضاً:
Steven,Metz, American Attitudes Toward Decolonization In Africa, Political Science Quarterly.99.3.1984. p. 515.
(65) من أهم المعضلات في إفريقيا: وجود الدولة قبل الأمّة في ظل الحدود التي رسمها الاستعمار، وأيضاً تعدد ولاء الفرد لمؤسسات أخرى؛ منها الأسرة والقبيلة، راجع:
Thomas,Darry&Mazrui,Ali, Africa’s Post-Cold War Demilitarization: Domestic And Global causes, Journal of International Affairs, 46,1,1992, pp,159-160.