المصدر: لوبوني أفريك
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
تقوض الجائحة مكاسب إفريقيا في المجال الرئيسي المتمثل في تنقل الأفراد وفقًا لمؤشر فتح التأشيرات بعد أن كان يتطلع العديد إلى أن يشكّل 2020م عام تحقيق حلم إفريقيا بلا حدود؛ من خلال حرية التنقل سواء بالنسبة للسلع أو رؤوس الأموال والأفراد بعد سنوات من المفاوضات كان من المقرَّر أن يؤدي إلى تسريع التنفيذ الملموس لـZLECAf (منطقة التجارة الحرة الإفريقية)، وتم وضع جواز السفر الإفريقي المشترك في المدار؛ غير أن جائحة كوفيد-19، وإغلاق الحدود من الاعتبارات التي تسبَّبت في خلق عرقلة كبيرة على حرية تنقل الأشخاص، و”أصبحت بروتوكولات السلامة والنظافة بنفس أهمية وثائق السفر وإجراءات التأشيرات تحت هذا الوضع الجديد”؛ وفقًا لتلخيص التقرير الأخير لمؤشر فتح التأشيرات في إفريقيا الذي نشرته مفوضية الاتحاد الإفريقي وبنك التنمية الإفريقي. ومنذ عام 2016م، نشرت المؤسستان هذا المؤشر الذي يقيس انفتاح الدول الإفريقية على المسافرين من دول أخرى في القارة.
تغيير الوباء لجدول الأعمال الإفريقي:
تُظهر البيانات، وللمرة الأولى، انخفاضًا طفيفًا في مستويات الانفتاح في عام 2021م، ويرجع السبب في ذلك إلى بطء وتيرة استئناف حركة التنقل عقب إعادة فتح الحدود باعتبار أنه لا يتعين على المسافرين إثبات حالتهم الصحية فيما يتعلق بـ كوفيد-19 فحسب، وإنما يلزمهم أيضًا دفع تكاليف الاختبارات والإجراءات الأخرى.
وأوضح التقرير أن العديد من البلدان الإفريقية، لا سيما تلك الموجودة في شرق وغرب إفريقيا، أعادت تقديم متطلبات تأشيرة أكثر صرامة في مواجهة الهشاشة السياسية والاجتماعية، وكانت النتيجة هي أن “التعقيد الجديد للسفر دفع الكثير من الناس في القارة وحول العالم إلى البقاء في منازلهم. واليوم، يحتاج المسافرون الأفارقة إلى تأشيرات لدخول ما يزيد قليلاً عن نصف دول القارة.
الخبراء يدعون إلى مواصلة الجهود:
لكن خبراء من بنك التنمية الآسيوي واللجنة الاقتصادية للاتحاد الإفريقي يدعون إلى عدم الانحراف عن الأهداف، ومواصلة النضال من أجل فتح الحدود الإفريقية باعتبار أن من شأنه “تحفيز الاستثمار والانتعاش الاقتصادي”؛ حسب ما أكده تقرير 2021م.
ومن جانبه أشار خالد شريف، نائب رئيس مجموعة بنك التنمية الإفريقي للشؤون الإقليمية إلى أن “من الواضح أن الدول التي تسهّل إجراءات الدخول إلى أراضيها لرجال الأعمال والسياح والطلاب والعمال الأفارقة لديها فرصة جيدة لجذب المزيد من الاستثمارات والمواهب والتطوير والتكامل وتقديم خدمات الأعمال، ومن المتوقع أن تتعافى اقتصادات هذه البلدان بسرعة”؛ على حد قوله.
ووفقًا لما ذكرته نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، مونيك نسانزاباجانوا “فإن أزمة جائحة كوفيد-19 قد أبرزت شيئًا أساسيًّا واحدًا: يجب أن تكون إفريقيا أكثر اكتفاءً ذاتيًّا. ولتحقيق ذلك، نحتاج إلى تعزيز التجارة بين البلدان الإفريقية، مما يعني تقليل قيود التأشيرات. وقد أبلغ العديد من المسافرين أيضًا عن الرسوم الباهظة والتأخيرات في الحصول على التأشيرات، فضلاً عن أنه يتعين دفع متوسط 63 دولارًا لرسوم التأشيرة”.
“إن التزام الأفارقة بالسفر داخل قارتهم هو أولوية قصوى، وندعو الدول الأعضاء في الاتحاد الإفريقي، كجزء من تنفيذ خارطة الطريق لبروتوكول حرية تنقل الأشخاص، إلى البدء بتخفيف الشروط المرتبطة بالتأشيرات والسماح للمواطنين بالتنقل”؛ على حد قول مدير الشؤون السياسية بمفوضية الاتحاد الإفريقي.
مواجهة بعض الدول الوضع بحزم:
في هذا السياق من الركود العام، تمكنت بعض البلدان من تحقيق مكاسب كبيرة من حيث فتح التأشيرات. وفي عام 2021م، كانت بنين وغامبيا وسيشيل هي الأفضل أداءً؛ حيث “قدمت هذه الدول الثلاث إمكانية الوصول بدون تأشيرة لجميع الزائرين الأفارقة في عام 2021م على غرار ما قامت به في عام 2020م.
و”لكن ناميبيا والمغرب وتونس هي التي حققت أكبر قفزات، كما قررت ناميبيا ببساطة إصدار التأشيرة عند الوصول للسائحين/ الزائرين لمواطني 47 دولة حول العالم، بما في ذلك 27 دولة إفريقية. والدولة المشهورة بسياحتها تعفي أيضًا المسافرين من 12 دولة إفريقية من أيّ شرط للحصول على تأشيرة.
وفي الوقت نفسه، بدأت الحكومة في إصدار تصاريح عمل لمدة خمس سنوات للمستثمرين المحتملين والأشخاص ذوي المهارات والخبرات الأساسية؛ مما أدَّى إلى الوصول إلى النتائج الملموسة. وفي عام 2020م بلغ عدد الزائرين من البلدان الإفريقية الأخرى 75٪ من إجمالي زوار ناميبيا مقابل 72٪ في عام 2019م.
وفي هذا السياق، حصلت تونس على خمسة مراكز في 2021م محسّنة بذلك “درجتها” بنسبة 75٪ في خمس سنوات، علمًا بأن الجائحة تسببت في خسارة صناعة السياحة ما يقرب من نصف حصتها من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020م، لكن “القرار الذي اتخذته تونس بفتح حدودها أمام المسافرين الأفارقة والدوليين يجعل من الممكن تحقيق رؤية الحكومة لإعادة البناء وتنشيط قطاع السياحة لتحفيز تشغيل الشباب”؛ حسب إيضاحات محمد علي التومي، وزير السياحة.
والملاحظة الإيجابية الأخرى هي أن 24 دولة إفريقية أو 44٪ تقدم التأشيرة الإلكترونية مقابل تسعة في 2016م. والجانب السلبي، لا يوجد بلد في وسط إفريقيا حتى الآن من بين أكثر الدول انفتاحًا من حيث التأشيرات.
انتظار تنفيذ الحلول:
يوصي الخبراء على ضوء الحلول المطروحة في التقرير بتبسيط عملية إصدار التأشيرات للشباب الأفارقة كأولوية، وأكد التقرير “رغبة كل الشباب في أن يكونوا قادرين على التنقل بحرية في جميع أنحاء القارة وتلقي الدعم الذي يحتاجونه ليصبحوا رواد الأعمال الأفارقة وقادة الأعمال في الغد”.
وأشار جان غاي أفريكا، رئيس مكتب تنسيق التكامل الإقليمي في بنك التنمية الإفريقي، إلى أن “من خلال دعم حرية تنقل الأشخاص، فإننا نساعد الأفارقة على القيام بأعمال تجارية في إفريقيا”.
ويمكن لحرية تنقل الأشخاص، وخاصة العمال، أن تقلّل من فجوة المهارات مع السماح للبلدان بتصحيح عدم التطابق في أسواق العمل لديها. وتشمل الحلول أيضًا المزيد من التأشيرات الصادرة عند الوصول أو عدم وجود تأشيرات على الإطلاق، عطفًا على تقليل المستندات والرسوم والوقت المطلوب.
علاوة عليه، فإن الحكومات مدعوة إلى إعطاء الأولوية للتأشيرة الإلكترونية وتسريع تنفيذ جواز سفر الاتحاد الإفريقي لمواطني القارة.
___________________
رابط المقال: