ماكس بيراك ـ واشنطن بوست
ترجمة قراءات إفريقية
طبقًا للمتحدثين العسكريين لقوات المتمردين؛ فإن أكبر فصيلين يقاتلان الحكومة الإثيوبية قد انضما إلى بعضهما البعض في جبهة واحدة على بعد 370كم فقط شمال العاصمة أديس أبابا.
وقد صرَّح كلاهما أن الحلول السلمية لم تَعُدْ مطروحة على الطاولة، بعدما اقتراب الصراع من دخول عامه الأول.
ومع اشتداد القتال، أعلنت الحكومة الإثيوبية يوم الأربعاء بتوقيت أديس أبابا فرض حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر، كما حثَّ المسؤولون المحليون سُكان العاصمة البالغ عددهم خمسة ملايين بحمل أسلحتهم والاستعداد للدفاع عن أحيائهم السكنية.
وصرَّح وزير العدل الإثيوبي جيديون تيموثي في تصريح صحفي نقلته وكالة رويترز قائلاً: “إن بلادنا تُواجه خطرًا جسيمًا يهدِّد وجودها وسيادتها ووحدتها، ولا يمكننا درء هذا الخطر بالقانون الطبيعي ونظام تطبيقه وإجراءاته المعتادة”.
وكان رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد قد أصدر دعوة عامَّة لحمل السلاح يوم الأحد الماضي، قائلاً: إنه واجب على كل مواطن أن يساهم في المجهود الحربي والنصر الموعود. وقد عكست تصريحاته دعوة عامة مشابهة لجلب المقاتلين والموارد من حكومة أمهرة المحلية شمال العاصمة؛ حيث تم حشد المقاتلين في الأسابيع الماضية.
وقد زعمت قوات من إقليم التيجراي وكذلك مقاتلون من جيش تحرير أورومو أنهم قد استولوا على مدن استراتيجية مهمة في منطقة الأمهرة على طول الطريق السريع المؤدي إلى أديس أبابا في غضون الأيام القليلة الماضية، بالرغم من نفي مسؤولين حكوميين في التلفاز الرسمي للدولة فقدان أيّ أراضٍ، ولكنَّهم رفضوا التعليق على تلك الأخبار الأخيرة.
وقد صرَّح أودا تاربي المتحدث باسم جيش تحرير أورومو قائلاً: “إننا نتقدم للأمام باستراتيجية عسكرية موحدة ومتناسقة من أجل إنهاء تلك الحرب في أسرع وقت لكي نتجنَّب مزيدًا من حمامات الدماء، وهذا سيتضح في الأسابيع القادمة”.
في حين لم يصرح هو أو جيتاشو ريدا المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيجراي ما إذا كانوا سيتقدمون نحو العاصمة أم لا؛ حيث تأوي أديس أبابا قوات الاتحاد الإفريقي، كجزء من استراتيجيتهم لانتزاع السيطرة على حكومة العاصمة، ولكن صرح جيتاشو “لا نستطيع استبعاد السير نحو العاصمة معًا”.
ومن ناحيتها فقد وضعت الحكومة الإثيوبية معايير صارمة على دخول الصحفيين، مما يجعل التأكد من صحة استيلاء المعارضة على الأراض عملية صعبة، كما فرض إقليم التيجراي شمال البلاد تعتيمًا شاملاً منذ بدء الحرب مما يقرب من عام، كما تم عزلها عن العالم الخارجي، كما حذرت الوكالات الإنسانية التي تعمل في التيجراي من أن مجاعة واسعة النطاق على وشك الحدوث، كما قالت الأمم المتحدة: إن الإمدادات والمساعدات لم تدخل الإقليم منذ 18 أكتوبر الماضي.
وقد دفعت الحرب الحكومة الإثيوبية والقوات المتحالفة معها مثل تلك القادمة من إريتريا المجاورة، بالإضافة إلى المليشيات من إقليم أمهرة، إلى الدخول في صراع ضد مقاتلي التيجراي وحلفائهم، مثل جيش تحرير تيجراي الذي تشكل كجيش من العصابات للقتال ضد النظام الشيوعي السابق في إثيوبيا، وبعد انتصاره قام بتعزيز سلطته وسيطرته على البلاد لنحو ثلاثة عقود بالقمع الوحشي لمعارضيه.
وقد أصبح آبي أحمد رئيسًا للوزراء منذ 2018م، وقد وعد بتقسيم عادل للسلطة بين أكبر جماعات عرقية في البلاد، بالإضافة إلى الانتقال نحو هوية إثيوبية موحدة بدلاً من الفيدرالية العرقية التي تُفضلها جبهة تحرير شعب تيجراي، كما أنه عقد اتفاقية سلام مع إريتريا والتي ترى الجبهة أنها عدُّوها اللدود بعد الحرب الدامية التي نشبت بين البلدين عام 1998م.
وتزعم الحكومة أنها استُدْرِجَتْ إلى الصراع الحالي بسبب تمرُّد الجبهة والتي كانت تغذي الصراع العرقي حول البلاد لتقويض حكم آبي أحمد.
وبعد عقود في السلطة تمكنت جبهة تحرير شعب تيجراي من ترسيخ أقدامها في الجيش الإثيوبية، وباتت تُشكّل نسبة كبيرة منه، وبخاصة في الرتب العليا، وقد أدَّى ذلك الشقاق إلى زعزعة استقرار الجيش الإثيوبي.
ولقد منحت تلك القوة العسكرية لأهالي تيجراي نفوذاً هائلاً، على الرغم من أنهم يشكلون حوالي 6 في المائة فقط من سكان إثيوبيا. كما تشير مزاعم التنسيق بين جيش تحرير أورومو، الجناح المسلح لواحد من أكبر أحزاب المعارضة، والذي يدعي أنه يمثل مصالح إقليم أورومو، أكبر مجموعة عرقية في البلاد مع التيجراي سيمثل تحالفًا تاريخيًّا بين عرقيتين كانتا متنافستين في السابق.
وكانت الحكومة الإثيوبية قد صنَّفت كلاً من جبهة تحرير تيجراي وجيش تحرير أورومو على أنهما منظمتان إرهابيتان، بعد بدء الحرب بوقت قصير.
وزعم أودا ، المتحدث باسم جبهة تحرير أورومو، أن الجماعة قد سيطرت في الأسابيع الأخيرة على بلدات في وسط وجنوب أورومو، ومعظم ريف أورومو الغربي، وثلاث بلدات في منطقة أمهرة بالقرب من خط المواجهة؛ حيث كانت قوات تيجراي تتقدم جنوبًا باتجاه أديس أبابا. وقال أيضًا: إن جيش تحرير أورومو تمكَّن من تجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين في الأشهر الأخيرة.
وقد وُجِّهت اتهامات لجميع أطراف النزاع -بما في ذلك الجيش الإثيوبي والجيش الإريتري وميليشيات تيجراي والأمهرة وأورومو- بارتكاب فظائع، بما في ذلك قتل المدنيين.
ووُجِّهَت بعض أخطر الاتهامات بالاغتصاب الجماعي والإعدام من منزل إلى منزل ضد الإريتريين.
في حين قال تحقيق مشترك أجرته الأمم المتحدة وإثيوبيا: إن جميع الأطراف المتقاتلة في الحرب ارتكبت انتهاكات قد ترقى إلى جرائم حرب.
ويتهم التقرير كافة الأطراف بتعذيب وقتل المدنيين واغتصاب جماعي واعتقالات على أساس الانتماء العِرْقِيّ.
وأُجري التحقيق مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة واللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان التي عيّنتها الدولة. ويغطّي التقرير الفترة من نوفمبر إلى يونيو خلال الصراع الذي استمر لمدة عام.
وقالت ميشيل باشيليت، مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان: “لدينا أسباب معقولة للاعتقاد بأنه خلال هذه الفترة، ارتكبت جميع أطراف نزاع تيجراي انتهاكات لحقوق الإنسان الدولية والقانون الإنساني وقانون اللاجئين. إن بعض هذه الجرائم قد ترقى إلى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية”.
ولم تُحدِّد نسبة الجرائم مِن قِبَل كُلّ جانب، قائلة: إن المحققين لا يمكنهم إعداد قائمة شاملة. في حين أن حصيلة الصراع غير معروفة، قدّرها المسؤولون بعشرات الآلاف.
وقد اتَّهمت الحكومة يوم الاثنين الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي بـ”إعدام أكثر من 100 شاب” في كومبولتشا، إحدى البلدات التي زعمت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي أنها استولت عليها مؤخرًا، لكنَّها لم تقدّم أيّ تفاصيل عن عمليات القتل، بينما نفت أيضًا أن البلدة قد تم الاستيلاء عليها، في حين رفض جيتاتشو ، المتحدث باسم جبهة تحرير تيجراي ، تلك المزاعم، وقال: إن الجبهة ستستمر في التقدم إلى أن يتم “رفع الحصار القاتل عن تيجراي”.
ويعتمد الملايين من سكان تيجراي على المساعدات الغذائية، والتي قيَّدت الحكومة المركزية أيضًا توصيلها بشكل صارم؛ حيث اتهمت في بعض الأحيان منظمات الإغاثة بمساعدة الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، وقد نزح مئات الآلاف إما داخل تيجراي أو فرّوا إلى السودان المجاور.
ومع انتشار القتال خارج الإقليم نزح مئات الآلاف إلى إقليمي أمهرة وعفر المجاورين.
وفي الشهر الماضي، وبعد إحدى الضربات الجوية العديدة التي شنتها الحكومة الإثيوبية على عاصمة تيجراي ميكيلي، والتي تزامنت تقريبًا مع هبوط طائرة مساعدات إنسانية، قامت الأمم المتحدة بتعليق رحلاتها إلى المنطقة إلى أجل غير مسمى. وتقول الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي: إن الضربات الجوية قتلت العديد من المدنيين، وهو ما تنفيه الحكومة.
كما أدى الحد من الاستجابة الإنسانية والاستهداف الواضح لغير المقاتلين طوال الصراع إلى إدانة مستمرة من القوى الغربية التي اعتقدت في السابق أن آبي أحمد له تأثير ديمقراطي على إثيوبيا والمنطقة.
وقد حصل آبي أحمد على جائزة نوبل للسلام لعام 2019م لمبادراته تجاه إريتريا. في وقت لاحق، قال مسؤول غربي: إن اتفاق السلام “ربما كان بداية حقبة حرب في المنطقة”.
وقد فرضت الحكومة الأمريكية عقوبات على التأشيرات ضد المسؤولين المدنيين والعسكريين الإثيوبيين والإريتريين، ووسعت مؤخرًا سياسة “رفض التراخيص والموافقات الأخرى لتصدير المواد الدفاعية والخدمات الدفاعية” إلى إثيوبيا.
كما أعلن الرئيس جو بايدن يوم الثلاثاء أن إثيوبيا ستفقد ميزة الوصول إلى الأسواق الأمريكية بدون رسوم جمركية بموجب اتفاقية تجارية سابقة، مشيرًا إلى “الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دوليًّا”.
وقد صرح جيفري فيلتمان، المبعوث الأمريكي الخاص إلى المنطقة، يوم الثلاثاء بأن “الوضع يزداد سوءًا، وبصراحة نحن قلقون”، مضيفًا: إن وقف إطلاق النار أو غيره من أشكال التهدئة “لا يبدو قريبًا”.
رابط المقال: