د. شيخ صمب*
مقدمة:
لإفريقيا خصوصية بتعدّد الأجناس البشرية واللغات الوطنية والأجنبية وتنوعها، ما جعلها بوتقة متوترة وملتهبة بألوان من الصراعات الفكرية والثقافية والحضارية، ومع هذا التنوع والتعدّد لم يعد ذلك الكمّ العظيم من اللغات واللهجات مستخدماً في التعبير الأدبي وأدبيات التعليم النظامي إلا ما يعد بالأصابع، كاللغة العربية والصومالية والسواحلية والهوسوية.. إلخ.
إلا أن تلك اللغات ساهمت بقسط مقدّر في عملية التعليم الإسلامي غير النظامي للجماهير من خلال تفسير القرآن والشروح الدينية واللغوية بصفة عامة من العربية إلى اللغات الوطنية، باستثناء العربية التي كانت تُعَدّ أولى لغة تستعمل وسيلة تعليم ومراسلات وإدارة وتأليف، بجانب استخدام حروفها بكتابة اللغات الوطنية لمحو الأمية في حدود معينة، وفيما بعد ظلّت اللغات الوافدة على إفريقيا هي القوالب والوسائط التعليمية النظامية في غالبية الدول الإفريقية، مثل الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية، على مدى قرون من الزمان.
ويثبت علماء اللغة أن أكثر لغات العالم موجودة في إفريقيا، الشيء الذي دفعهم إلى اعتبارها غابة من اللغات[1]، حيث يقدّر عددها بثمانيمائة لغة، بينما تقدّرها خريطة مدرسة اللغات الشرقية بجامعة لندن بنحو 1500 لغة، ومعنى ذلك أيضاً أن هناك لهجات عديدة وصعبة العدِّ[2]، ومن سمات اللهجات أن عدداً كبيراً منها يتحدث بها عدد قليل من السكان، وهذه الكثرة أدت إلى التداخل اللغوي في القارة الإفريقية.
أُسَر اللغات الإفريقية:
اللغات الإفريقية المحلية: هي مجموعة اللغات المحلية التي يتكلمها المواطنون في إفريقيا، وتختلف وتتنوع باختلاف وتنوع الجماعات البشرية في إفريقيا جنوب الصحراء وجنوبي شرقيها.
وتنقسم اللغات الإفريقية إلى أربع أسر لغوية، وهي:
أسرة اللغات الإفريقية الآسيوية: وهي واحدة من الأسر السبع عشرة التي تكون مجموع لغات العالم[3]، وتضم هذه الأسرة عدداً من الفروع وعدد لغاتها 241 لغة، وتوجد في الشرق الأوسط، وشمالي إفريقيا وشرقيها وحول بحيرة تشاد، ومن أهم لغاتها: العربية، وتليها في كثرة المتحدثين بها لغة هوسا في شمال نيجيريا وجنوب النيجر، ثم الأمهرية وأورمو في إثيوبيا، والعبرية في إسرائيل، والتمازيغية في شمال إفريقيا، والصومالية والتقراي والبجا في الصومال وإريتريا والسودان على التوالي، ومنها اللغة المصرية القديمة[4].
أسرة اللغات النيجر كردفانية: عدد لغاتها 1064 لغة، وتنتشر في وسط القارة الإفريقية وجنوبيها وغربيها، ومن أشهر لغاتها: الفولاني، والولوف وسيرير في السنغال، ويوربا وإيبو في نيجيريا، والسواحلي في شرقي إفريقيا، والماندنك وسونينكا وبامبرا في غربي إفريقيا، والبانتو وزولو في جنوب إفريقيا، وأشانتي في غانا، وإيوي في توغو، وزندي في جنوب السودان وفي الزائير (كونغو).
أسرة النيلية الصحراوية: وعدد لغاتها 138 لغة، وهي في وسط إفريقيا، ومن أشهر لغاتها: الكانوري في شمال شرق نيجيريا، والنوبة في السودان ومصر، والفور ودينكا وشلك في السودان، والسنغاي والماسي، وغيرها.
أسرة اللغات الخويسانية: وعدد لغاتها الحية 31 لغة، توجد في دول جنوب إفريقيا: ناميبيا، وأنغولا، وبتسوانا وتنزانيا، ومن أشهرها لغة ناما.
نماذج بعض اللغات المحلية:
ولصعوبة تناول جميع اللغات الإفريقية المحلية، برغم أهميتها ودورها البارز في تقديم التعليم الإسلامي لأبنائها ومتحدثيها بصفة عامة، فإن الباحث اختار بعض اللغات في مناطق جغرافية معينة لتمثل عينة لبقية لغات تلك المنطقة، وهي: (السواحلية والهوسا والصومالية والفولانية والولوفية والعربية)[5].
أولاً: اللغة السواحلية:
هي إحدى اللغات الرئيسة في العالم، ولفظ «السواحلي» لغةً: نسبة من «السواحل» جمع «ساحل»، بمعنى سكان السواحل، والمقصود بها السواحل الشرقية الإفريقية، وهم خليط من الإفريقيين والعرب[6] بحكم جوار القرن الإفريقي للمحيط الهندي والبحر الأحمر، وهي من اللغات البانتوية، وترجع أهميتها إلى عدد المتحدثين بها، إذ يقدّر بملايين من الناس، بين من يتحدث بها بوصفها اللغةً الأمّ؛ أو من يتحدث بها لغةً ثانيةً شأنها شأن بقية اللغات الإفريقية، وقد ازدادت أهميتها بعد الاستقلال، حيث أصبحت اللغة الرسمية لحكومة تنزانيا وكينيا، ويمتد توزيعها الجغرافي ليشمل رواندا وبوروندي وشرق الكونغو، أما على الساحل فتمتد من جنوب الصومال إلى شمالي موزمبيق[7].
كانت السواحلية تُكتب بالحرف العربي، إلى أن جاء الاستعمار فاستبدل به الحرف اللاتيني، وبقي استخدامه في أوساط الشيوخ والفقهاء للتعليم، وهي لغة التعليم في تنزانيا في جميع المراحل الدراسية، وتدرس كمادة لغوية في كلٍّ من كينيا ويوغندا، وكذلك تستعمل في جميع المجالات الفكرية والثقافية والإعلامية، حتى تدرس في عدد من المعاهد المتخصّصة والجامعات في أوروبا وآسيا وأمريكا.
ثانياً: اللغة الهوسوية:
لغة الهوسا من أهم اللغات في غربي إفريقيا، وهي في الأصل اسم قبيلة قبل أن تكون اسم لغة، ثم أصبحت فيما بعد علماً على معظم سكان شمال نيجيريا، وما جاورها من النيجر.
وقد انتشرت في نيجيريا والنيجر وغانا وغربي إفريقيا بفعل عوامل، منها عامل التجارة والزراعة والهجرة، لأجلها انتشرت لغتهم معهم أينما حلّوا[8]، وهي اللغة الأمّ لما بين 15 مليون نسمة فما فوق، بالإضافة إلى 15 مليوناً آخرين ليسوا من الهوسا[9]، وبجانب دورها في النشر والتأليف بالحرف العربي فهي لغة التعليم في شمال نيجيريا من المرحلة الابتدائية حتى الجامعية لمن أراد التخصّص فيها، فقد جاء في التقرير السنوي عن التعليم لعام 1934م بأن لغة التعليم في نيجيريا هي الهوسا في معظم المنطقة الشمالية.
وتبثّ بها العديد من المواد عبر محطات التلفازية والإذاعية، كما تصدر بها مئات الكتب، بعضها مترجمة من لغات أخرى، وبعضها مؤلفات المتحدثين بها في شتى فروع الأدب، وترجمت بها معاني القرآن الكريم، من إنجاز العالم أبوبكر جومي الذي حاز جائزة الملك فيصل رحمه الله، كما أن الهوسا تُدرس في بعض المعاهد المتخصّصة والجامعات في أوروبا وأمريكا وآسيا.
ثالثاً: اللغة الصومالية:
يتحدث بها حوالي 7784434 في الصومال، و 29207 في جيبوتي[10]، و 250000 في كينيا، وهي غنية بالآداب الشعبية، وبخاصة الشعر وما يتعلق به، وكانت تكتب بالحرف اللاتيني في السنوات الأخيرة، وقد اهتمت بها الدولة، حتى خطت في ذلك خطوات جادة، ما يؤكد هذا القول أن في عام 1979م صدر الدستور الصومالي، حيث نصّت المادة الثانية منه على أن اللغة الصومالية هي لغة الشعب الوحيدة التي يتفاهم بها الصوماليون، أما اللغة العربية فتربطهم بالأمة العربية، لذا فهما اللغتان الرسميتان لجمهور الصومال الديمقراطية[11].
وتُستعمل في جميع المجالات الإعلامية والتعليمية، وكانت العربية تنافسها في ذلك، ولكن الصومالية تبقى هي المسيطرة على غالبية المجالات العلمية والأدبية.
رابعاً: اللغة الفولانية:
لها انتشار واسع في غربي إفريقيا من السنغال مروراً بغامبيا وغينيا ومالي وبوركينافاسو والنيجر وشمال نيجيريا وتشاد والكاميرون، مع وجود جيوب لها في جنوب موريتانيا وشمال غانا والسودان حتى مرتفعات إثيوبيا.
والجدير بالذكر أن الخلافة الصكتيَّة التي كانت تحكم بالإسلام في جنوب الصحراء (1804م ــ 1903م) قامت على أكتاف الفولانيين، غير أنهم كانوا يستعملون لغة الهوسا في الغالب، ولها حضور واسع في مجال المنظومات الأدبية والدينية من علماء الخلافة الصكتيَّة وتلامذتهم فيما بعد، ولم تنل حظاً في مجال التعليم النظامي، ويذكر أنها تدرس في بعض المعاهد المتخصّصة في أوروبا وآسيا وأمريكا، وإن كان ذلك بصورة محدودة جداً.
خامساً: اللغة الولوفية:
يكاد ينحصر انتشار اللغة الولوفية في السنغال وغامبيا، مع وجود روافد لها في موريتانيا والدول المجاورة بحكم عامل التجارة والتنقّل، حيث لم يكن نظام الحزب الاشتراكي السابق برئاسة سنغور يشجعها، وما زالت تعاني سياسة التهميش برغم العناية التي وجدتها مؤخراً، وخصوصاً في حكومة عبد الله واد.
وفي الوقت الحاضر نالت حظاً وفيراً من الأجهزة الإعلامية الوطنية المختلفة من إذاعة وصحف وتلفاز، وتُستخدم بصورة أوسع في الأوساط الشعبية مع الحرف العربي وبخاصة أهل القرآن، وتمت ترجمة معاني القرآن الكريم بها بالحرف العربي (من شيخنا لوح)، وطبعته جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، بجانب أعمال أكاديمية، لإعداد معجم ثنائي (عربي – ولوفي)، قام بها دارسون سنغاليون من خريجي معهد الخرطوم الدولي على مستوى الماجستير.
كما نالت اهتماماً كبيراً في الدعايات الانتخابية والمجال الاقتصادي والثقافي والفكري، بجانب إصدار مؤلفات بالحرف اللاتيني والعربي، كما تدرس في بعض المعاهد الإعلامية المتخصّصة في جامعة دكار بصورة محدودة، غير أن هناك سياسة وطنية ترمي إلى نشرها وتعليمها ومحو الأمية بها في جميع ربوع البلاد، وهذه السياسة لم تقتصر على الولوفية فقط بل على كلّ اللغات الوطنية في السنغال، ولكن بطريقة متباطئة مع إرادة سياسية غير جادة.
سادساً: اللغة العربية:
وهي من اللغات الوطنية في إفريقيا، لخصوصيتها الدينية، ما أعطاها أهمية قصوى، يقول البروفيسور يوسف الخليفة أبوبكر الخبير اللغوي في معهد الخرطوم الدولي، قبل عقدين من الزمن: إن العربية يتكلمها كلغة أم حوالي 125 مليون نسمة، ما يعادل ربع سكان إفريقيا الذين كانوا 500 مليون نسمة وقتئذ، وهؤلاء هم سكان مصر والسودان وليبيا وتونس والجزائر والمغرب، ومجموعة من القبائل العربية التي تعيش في غربي إفريقيا، مثل قبيلة الشوا في نيجيريا، والحسانية في موريتانيا، وجزء من السنغال ومالي، وقبيلة وداي في تشاد، وإلى جانب هؤلاء هناك من يلوكها كلغة ثانية في إفريقيا الذين يقدّرون بـنسبة 10% من مجموع سكانها، وهي لغة رسمية في موريتانيا وتشاد وجيبوتي، وكما يُتحدث بها بصورة واسعة في شرقي إفريقيا، مثل الصومال وإثيوبيا وإريتريا وجمهورية إفريقيا الوسطى وزنجبار[12]، وهذا يشير إلى أن العربية قد انتشرت بفضل الإسلام في إفريقيا شمالاً وغرباً وشرقاً منذ القرن السابع الميلادي.
وانتهى الأمر إلى قيام عدد من الممالك والسلطنات الإسلامية، في شرقي وشمالي وغربي إفريقيا، التي اتخذت من العربية لغةً رسمية، ولهذا أشار الحسن الوزان في كتابه (وصف إفريقيا) إلى أن الكتب التي كانت تباع في السودان الغربي أكثر من التجارات الأخرى رواجاً، وهذا يعني أن حركة التأليف ومؤسسات العلم والتعليم وكثرة المؤلفين واستجلاب الكتب من الأقطار الإسلامية الأخرى كان نشطاً ومعلوماً ومشهوراً[13] وهكذا كانت – وما زالت – لغة التعليم والحضارة والاقتصاد والثقافة والسياسة، واستمر الحال حتى نهاية القرن الثامن عشر الميلادي، وجزء من القرن التاسع عشر الميلادي.
دور اللغة العربية في التعليم والدعوة:
وقد عرفت شعوب إفريقيا اللغة العربية نتيجة الاتصال التجاري بين العرب والأفارقة منذ عدة قرون، قبل ظهور الإسلام[14]، ثم جاء الفتح الإسلامي لشمالي إفريقيا، فساعد على انتشار اللغة العربية، بفضل العديد من العلماء والدعاة الذين صاحبوا الفتح الإسلامي يعلّمون الناس أمور دينهم، وكان الخلفاء في دار الخلافة يحرصون على إرسال الدعاة والعلماء إلى مناطق الفتح في شمال إفريقيا، فهذا عمر بن عبد العزيز يرسل عشرة من كبار التابعين ممن عُرفوا بالعلم والفضل إلى بلاد المغرب؛ لتعليم الناس أمور دينهم، ومنهم إسماعيل بن عبيد الأنصاري مؤسّس جامعة الزيتونة[15].
وبهذه البداية الناصعة انطلقت اللغة العربية بصحبة الإسلام حيثما حلّ، تاركةً آثاراً عميقة في نفوس الإفريقيين بفضل القرآن الكريم، حتى خلطوا بينهما في كثير من الأحيان، وقبلوها أيّما تقبل ولم يرفضوها كما رفضوا اللغات الأوروبية في بداية أمرها، حيث منحتهم حضارة عظيمة، تمثّلت في الممالك الإسلامية المنتشرة في أرجاء القارة، وأسلوب الحياة، وفيما بعد تمكّن علماء العرب بجانب العلماء الأفارقة من إقامة مساجد ملحقة بها زوايا لتعليم القرآن الكريم والثقافة الإسلامية واللغة العربية.
نذكر من أولئك العالم المغربي الشهير محمد بن عبد الكريم المغيلي التلمساني (ت 1504م) الذي وصل إلى كانو في عهد الملك محمد رُومفَا[16] على رأس نخبة من العلماء، كان لهم القدح المعلى في دفع عجلة الإسلام في منطقة غربي إفريقيا، ويقال إن المغيلي جاء بمجموعة من الكتب وأمر محمد رومفا ببناء مسجد لصلاة الجمعة، وبقطع الشجرة المقدسة وبناء مئذنة في مكانها.
وعندما تأسس الإسلام وتعدد الفقهاء وانتشر الدين الإسلامي في بلاد هوسا وما جاورها قفل المغيلي عائداً إلى مصر تاركاً وراءه (سيدي فرى) لكي ينوب عنه، الأمر الذي أدى إلى تبحر الأفارقة في العربية وفروعها من نحو وصرف وبلاغة، وفي فنونها من شعر ونثر بعد أن درسوا اللغة العربية وآدابها[17].
بفضل تلك الجهود انتشرت اللغة العربية لغة تعليم لملايين من مسلمي إفريقيا حتى الوقت الحاضر، إلى درجة أنه لا تخلو قرية أو مدينة في إفريقيا إلاّ وفيها سلسلة من المدارس العربية الإسلامية بجميع مراحلها من الأساس حتى الثانوية، حيث تنافس الفرنسية والإنجليزية في مجال التعليم والتربية في دول ذات الأغلبية المسلمة، وتُعَدّ الجامعات الإفريقية العربية والمؤسسات العلمية في إفريقيا من الروافد الكبرى للثقافة العربية.
وقد تبنّت اللغات الإفريقية الكبرى الحرف العربي، وأنتجت به في مختلف المعارف إنتاجاً رفيع المستوى، ومن الأفارقة علماء هم موضع اعتزاز للثقافة العربية والإسلامية، فإن الإسلام امتدّ في إخاء وتعاون، وقد ظلّت اللغة العربية، وهي أكبر اللغات الإفريقية وأقدمها كتابة، لغة العلم والثقافة لأكثر من ثمانية قرون[18].
لم تكن العربية وحدها قادرة على تقديم التعليم الإسلامي لعامة الناس، وبخاصة الأميّون الذين لا يتقنونها ولا يعرفون فنونها، ومن هنا جاء الدور الثاني للعلماء المحليين في استعمال الحرف العربي بواسطة اللغات المحلية لتعليم الناس التوحيد والفقه وجميع العبادات.
تناغم العربية واللغات الإفريقية في عملية التعليم الإسلامي:
كون اللغة العربية واحدة من اللغات الإفريقية، وسبقها اللغات الاستعمارية المنتشرة في القارة الإفريقية، وكونها الوعاء الأساسي للإسلام، والوسيلة العلمية والعملية لمعرفة تعاليمه، كلّ تلك الأمور أتاحت لها الفرصة المناسبة للتعايش بسلم مع اللغات الإفريقية، جنباً إلى جنب، ولذا فإن العربية تحتلّ مكانة محترمة بين مسلمي إفريقيا.
والعلاقة بين اللغة العربية وإفريقيا علاقة قديمة ترجع إلى الاشتراك في الأصل في بعض مناطق إفريقيا، وهي كذلك علاقة اتصال وتعامل في بعضها الآخر، فلم يدخل العرب إفريقيا غازين، وإنما تفاعلوا وامتزجوا وأسسوا دولاً مشتركة، ومنذ أن دخلت العربية مناطق إفريقيا الغربية، أصبحت لغة ثقافة وإدارة وتجارة ومراسلات ووسيلة للاتصالات الرسمية.
استفادت معظم لغات القارة الإفريقية كثيراً من الاندماج باللغة العربية المتمثل في كون الحرف العربي يمثل جانباً تراثياً إفريقياً، وما يزال متداولاً لدى كثير من مثقفي الأفارقة، ويتم التعامل به وكتابة المراسلات والمخطوطات الدينية والدواوين الشعرية، كما أن الحرف العربي أثبت جدارته وانسجامه مع اللغات المحلية، إذ كُتبت به أكثر مخطوطات العلماء والدواوين الشعرية منذ مئات السنين، لذا ما زال أغلب الشعوب الإفريقية متمسكة بالحرف العربي على الرغم من القرارات الواردة عن كتابة اللغات الإفريقية بالحروف اللاتينية، وتؤكد المادة (29) من ميثاق منظمة الوحدة الإفريقية أهمية الحرف العربي، حيث تنصّ على أن: «الحرف العربي تراث إفريقي، ينبغي أن يقدّم على أي حرف آخر لكتابة اللغات الإفريقية»[19].
وفي هذا السياق يشير سينغور رئيس جمهورية السنغال الأسبق – برغم مواقفه الداعمة للغة الفرنسية – قائلاً في محاضرة أمام الرئيس جمال عبد الناصر بمعهد الأزهر الشريف: «إن أهم عامل موحّد بين العرب والأفارقة هو اللغة العربية والدين الإسلامي»، وأجاب في زيارة للجمهورية التونسية عام 1970م – لمّا سُئل عن مستقبل العربية في السنغال -: «إن اللغة العربية لغة فرضت نفسها في إفريقيا السوداء».
أثر اللغة العربية في اللغات الإفريقية:
لقد أثرت اللغة العربية في اللغات الإفريقية المذكورة سابقاً بشكل واضح، وإن اختلف هذا الأثر من لغة إلى أخرى حجماً وعمقاً، وذلك بقدر تعلّق أهل تلك اللغات باللغة العربية تعلّماً وتحصيلاً، ودرجة تمسك أهلها بالتعاليم الإسلامية سلوكاً وعبادة.
أشار بعض علماء اللغة إلى أن تلك العلاقة قد ترجع إلى علاقة الاشتراك في أصل واحد، كما في الأسر اللغوية المذكورة سابقاً، أو علاقة الاتصال المباشر بين اللغتين، حيث يعيش المتحدثون بهما في مكان واحد، كما في عدد من الدول الإفريقية، حيث تعيش القبائل العربية والقبائل الإفريقية جنباً إلى جنب.
أما العلاقة غير المباشرة بين اللغتين؛ فتتمثّل في الكلمة المكتوبة، دون أن يعيش متحدثو هذه اللغات في مكان واحد تحت ظروف تسمح بالتأثر اللغوي المكثف[20].
انحصر أثر اللغة العربية في اللغات الإفريقية في معظم جوانبه في عملية الاقتراض، أي اقتراض الكلمات العربية وانتسابها إلى اللغات الإفريقية، وقد حدثت العملية في غالبية اللغات الإفريقية من بينها (السواحلية والصومالية والهوساوية والفولانية والولوفية وغيرها)، وهذه العملية كانت جدّ نشطة، وذلك من خلال أربعة قرون من الاتصال عن طريق الإسلام والأدب العربي والتجارة وبعض المناحي الأخرى للحياة، كانت تكفي للسماح لمعظم اللغات في غربي إفريقيا، كالهوسا والفولانية، باستيعاب كمية عظيمة من الكلمات والألفاظ والعبارات العربية من المصدرين الشفهي والتحريري.
كان هذا الاقتراض في أغلب الأحيان يحدث مباشرة من اللغة العربية، إلا أن هناك عدداً غير يسير منه وجد طريقه إلى الهوسا عبر لغات وسيطة، أهمها لغات البربر والكانوري والفولاني والسنغاي، وقد غطت هذه الكلمات بنسب متفاوتة عدداً كبيراً من الحقول الدلالية، أهمها: الدين الإسلامي، والأحوال الشخصية، التجارة، الأدوات المنزلية والملبوسات، نظام الحكم، الترقيم والتوقيت، والمقاييس والموازين، النحو والحساب، المنتجات العضوية والمحصولات النباتية، القراءة والكتابة، المعادن والأحجار الكريمة، أشياء مجردة وعامة[21].
لقد تكيفت الغالبية العظمى من هذه الكلمات العربية مع النظام الصوتي والصرفي لّلغة الهوسية الولوفية الفولانية، وتم استيعاب بعض تلك الكلمات كاملاً في هذه اللغات لدرجة يصعب معها على الشخص العادي أن يتبين أنها عربية الأصل، ومعظم الكلمات العربية المقترضة في تلك اللغات ما زالت محتفظة بمعانيها القاموسية الأصلية، ولكن هناك ما طرأ عليه بعض التغييرات الدلالية كوسيلة للتكيف مع البيئة الاجتماعية فيما يعرف بعلم اللغة الدلالي.
ومن الطرق التي كانت تتم بها عملية الاقتراض:
1 – علاقة التجاور والتصاهر: حيث تتجاور بطون من القبائل المتباينة في اللغات واللهجات وتتصاهر فيما بينها، ولا شك بأن ذلك سيترك أثراً قوياً في التداخل اللغوي.
2 – عامل التجارة: للتجار دور عظيم في نشر الإسلام من خلال القدوة الحسنة، وكذلك بواسطة تبادل المنتجات والمحصولات، وأدوات الوزن والمقياس، وأسماء البضائع التي ربما لا توجد لها مسميات في البلاد المستهلكة، فأدى ذلك إلى استعارة تلك الأسماء، وبمرور الأيام تتم عملية الاقتراض اللغوي.
3 – عامل التعليم: التعليم من العوامل المساعدة في عملية الاقتراض، وبخاصة التعليم الذي كان يتم – وما يزال – من العربية إلى اللغات الإفريقية، كأن يشرح الشيخ أو العالم الكلمات العربية من خلال اللغات المحلية، بما أن اللغة العربية من أغنى اللغات البشرية، فإن المدرس أو الخطيب في بعض الأحيان لا يجد الكلمة المقابلة باللغة المحلية؛ فتبقى الكلمة في هذه اللحظة كما هي بشكلها اللفظي والدلالي في اللغة المحلية، مع ملاحظة أن تلك الكلمات قد تلحقها تغييرات في دلالتها المعجمية إلى مفهوم أوسع، أو بالعكس، حيث تكتسب مفهوماً أضيق.
4 – النقل والترجمة: بدأت مرحلة النقل والترجمة في بداية القرن التاسع عشر، أي نقل المواد ذات الصلة المباشرة بعامة المجتمع والتي سبق أن كُتبت باللغة العربية نثراً، وترجمتها إلى اللغات المحلية في شكل منظومات[22]، ولكن بجانب النقل والترجمة كان الشيوخ يقومون خلال هذه الفترة أيضاً بتأليف المنظومات باللغات المحلية مباشرة، وبخاصة المواعظ، كلّ هذا كان بحكم الاحتفاظ بكثير من الألفاظ والعبارات العربية كما هي، غير مترجمة، مما أدى إلى مضاعفة الكلمات العربية المقترضة في لغة الهوسا.
ويرجع عدم ترجمة هذه الألفاظ إلى أسباب، منها أن بعض هذه الألفاظ ليس له مقابل في اللغات الإفريقية، وليس من السهل ترجمته مهما بلغت ثقافة المترجم، مثل كلمات «تعالى» و «جلّ» و «كرامة»، كما أن بعض الألفاظ لها مقابل في اللغات الإفريقية، إلا أن اللفظ العربي قد يكون أكثر دقة في التعبير، وبعض الكلمات العربية تستخدم لضرورة الوزن والقافية، وأحياناً تستخدم الكلمات العربية عمداً لتعكس مدى معرفة المؤلف بهذه اللغة وفصاحته فيها، ولكي تميز أسلوب الشعر عن الكلام العادي[23].
أثر اللغات الإفريقية في نشر التعليم الإسلامي:
استعمل علماء الدين والدعاة والمعلمون والكتاب اللغات الإفريقية في مجالات شتى، ومن أهمها التعليم والتربية، وذلك كوسائط تعليمية من العربية إلى المتلقين الناطقين بتلك اللغات، من وعظ وشرح شفهي، ولما كانت العديد من اللغات الإفريقية، كالهوسا والسواحلية والفولانية والولوفية وغيرها من اللغات في إفريقيا الغربية، دون حروف مكتوبة، ساهم الحرف العربي المدون بها بقسط كبير في التثقيف والتعليم بها فيما بعد.
ولولا وجود اللغة العربية لم يكن لأهل إفريقيا السمراء أن يتعلموا دينهم الإسلامي من منابعه الصافية، ولا أن ينعموا بنعمة التدوين والكتابة، وفي هذا يقول الدكتور علي عبد الله الخاتم: «يعتبر الحرف العربي من أكثر معطيات الحضارة الإسلامية إيجابية في حيز المنفعة بالنسبة لشعوب غربي إفريقيا، حيث فتح لهم الطريق لاستيعاب أساليب جديدة على حضارتهم التقليدية التي أثمرت نشاطاً فكرياً فاعلاً في كثير من أجزاء غربي إفريقيا في حقب تلت ذلك.
وبتعلم الإفريقيين الكتابة العربية انتقل تاريخ غربي إفريقيا من مرحلة الرواية الشفهية إلى مرحلة التدوين، كما وجدت اللغات القومية في الحرف العربي الأبجدية الحفيظة على تلك الألسن»[24].
كانت العربية لغة تعليم ونظم، وبلغ علماء إفريقيا شأواً عظيماً فيها، وكتبوا بها المئات من المؤلفات والمنظومات، إلاّ أن هذا النهج لا يفي بالمتطلبات المرحلية لهدفهم الأساسي وهو التغيير الاجتماعي، فالتغيير الذي يرومونه يستهدف عامة الناس ويتم بهم، ولا بد أن يبدأ بتغيير الفرد منهم وإعادة صياغته وإعداده وتهيئته للمرحلة القادمة، أي مرحلة التنفيذ، وهذا لا يتأتى إلا بتعليمه الأمور الأساسية في دينه، وبما أن العامة في المجتمع أميّون يجهلون اللغة العربية؛ فكان لزاماً على قادة الحركة الدعوية البحث عن وسيلة أخرى أكثر عملية لإيصال المعلومة إليهم، فما كان هناك طريق سوى اللجوء إلى اللغات المحلية.
مظاهر أثر اللغات الإفريقية في التعليم الإسلامي:
إن واقع الأمة الإسلامية اليوم لا يعكس صورة الإسلام الحقيقية، ما دام معدل الأمية يتراوح بين 60 و 70% من مجموع سكان البلدان الإسلامية التي إفريقيا جزء منها، بل يصل هذا المعدل إلى 80% في النساء، وخصوصاً في الأرياف والمناطق النائية[25]، وهذا سبب كاف لاستعمال اللغات المحلية في تعليم هؤلاء الأميين أمور دينهم ودنياهم.
أثر لغة الهوسا:
يجتهد العلماء والدعاة المسلمون في نيجيريا في نشر تعاليم الإسلام في أوساط المسلمين، وتدريسها للأفراد والعامّة، وذلك باستعمال لغة الهوسا في حلقات العلم، ومن بين الكتب التي تدرس كتب السنّة النبوية، وعلى قدر ما يملك الشيخ من المادة العلمية وما يستظهر من سائر فنون العلم والمعرفة يشرح لهم معاني الأحاديث المقروءة على التلاميذ، وهو في غالب الأحيان ما تلقاه هو أيضاً من شيخه، وتجد مفردات الترجمة تكاد تكون واحدة لا تتبدّل، وصيغ الجمل لا تتغير، إذ ترجمة تلك الكتب عندهم أمر يُتلقى شفهياً، وليست عن اجتهاد مجتهد، وقد يعتذر الشيخ لعدم تدريس كتاب ما لأنه لم يتلقه من شيخه في أثناء طلبه للعلم[26].
وقد أشار محمد الثاني بن عمر موسى إلى أن هناك كتباً حديثية يتم الاعتناء بها غالباً في الحلقات العلمية والدروس العامّة، ومن أشهرها:
– كتب السنّة، وهي: صحيح البخاري، وصحيح مسلم، وسنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي وسنن ابن ماجه، وقد اعتنى بها غير واحد من علماء هوسا تعلّماً وتعليماً، فمن هؤلاء الشيخ (مَالَمْ سابو زاغي) رحمه الله، ويقال إنه كان يحفظ هذه الكتب عن ظهر قلب، ويصحح قراءة تلاميذه من حفظه، وكان يدرّسها في حلقاته العلمية بلغة الهوسا، وقد خلفه ابنه في حلقته[27].
– كتاب الموطأ للإمام مالك: ولأهميته عند المالكية اهتم به علماء الهوسا لانتمائهم إلى المذهب نفسه، فكان من كتب الحديث التي اعتنوا بتدريسها لتلاميذهم ونقلها إليهم بلغة الهوسا، ومنهم الشيخ مالَمْ يحيى الضرير رحمه الله، عاش بمدينة كانو، وتوفي قبل ثلاثين عاماً تقريباً، ومنهم مَالَمْ الشيخ نوح في كانو.
– كتاب (الأربعون حديثاً للنووي): وقد درج العلماء في بلاد الهوسا على عدّ هذا الكتاب أول كتاب يدرسه التلميذ على شيخه في الحديث ويفقه معانيه بلغة الهوسا.
وهناك كتب أخرى، مثل كتاب (بلوغ المرامي من أدلة الأحكام) لابن حجر العسقلاني، وكتاب (رياض الصالحين) للنووي، وكتاب (لباب الحديث) للسيوطي[28]، وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، الذي يدرسه دعاة السلفية في بلاد الهوسا، وهناك مجموعة كتب أخرى تدرس لطلاب العلم وعامة الناس ليعرفوا أمور دينهم، بالإضافة إلى استخدام لغة الهوسا في الوعظ وتفسير القرآن والخطب الجمعية كما في بقية الدول الإفريقية.
ولأهمية اللغات المحلية في نشر الدعوة والتعليم الإسلامي أرسلت الجهات المسؤولة في الأزهر الشريف بعثة أزهرية من 10 دعاة إلى النيجر ليتعلموا لغة الهوسا في دورة نظمتها الندوة العالمية للشباب الإسلامي، لكي يتمكنوا من إيصال معاني الإسلام إلى الأهالي والسكان المحليين بلغتهم المحلية، وكذلك للعمل على كسر حاجز اللغة التي تعوق هؤلاء الدعاة للتواصل مع المسلمين المحليين[29].
أثر اللغة السواحلية:
للغة السواحلية دور كبير في عملية التواصل بين أفراد الشعوب القاطنة في القرن الإفريقي، حيث يتخاطب بها ملايين من البشر يعيشون في دول، مثل: تنزانيا، وكينيا، وأوغندا، وروندا، وبروندي، ولأجل هذا تمّت ترجمة معاني القرآن الكريم، حتى من أعداء الإسلام لتحريف المفاهيم المشرقة العميقة للقرآن الكريم، ولعلّ المرء يستغرب حين يسمع أن أول ترجمة كاملة لمعاني القرآن الكريم إلى اللغة السواحلية قام بها القسيس جود فري ديل، وهو رئيس المبعوثين الذين أرسلوا إلى جامعة إفريقيا الوسطى، وكان مقيماً في زنجبار (تنزانيا) في الفترة بين سنتي 1889م و 1897م، كممثل للجمعية التبشيرية المسيحية، كما ترجمت إلى السواحلية على يد مبلغ للقاديانية، وكذلك فرقة الأحمدية[30].
وفي وسط هذا الجو الملبّد بطمس الهوية والمفهومات الدينية؛ قامت منظمة الدعوة الإسلامية بطباعة 36.500 كتاب باللغة السواحلية لعدد 5 عناوين إسلامية، ويُذكر أن عدد المراكز التعليمية الدعوية بلغ حتى الآن أكثر من 1400 مركزاً، موزّعاً على 18 إقليم في القرن الإفريقي، كما يصل عدد المستفيدين في تلك المراكز إلى حوالي 70,000 دارس ودارسة، حيث يتم تدريس الكتب المترجمة إلى اللغة السواحلية في جميع فروع المعرفة الإسلامية[31].
وأقام المكتب التعاوني للدعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بشمال الرياض فصلاً دراسياً لتعليم المسلمين الجدد الناطقين باللغة السواحلية، رجالاً ونساء، وتشمل المواد المدروسة: القرآن الكريم، والعقيدة، والفقه، وما لا يسع المسلم جهله، ويقوم بتقديمها الشيخ الداعية ياسين طه حسن (تنزاني الجنسية)[32].
ومن العلماء البارزين في نقل العلوم الإسلامية وترجمتها إلى السواحلية عبد الله بن صالح الفارس الذي ولد في زنجبار (تنزانيا) بتاريخ 2/12/1912م، ونتيجة لتعليمه المزدوج استطاع – رحمه الله – أن ينهل من المصادر الإسلامية والغربية التي أهّلته لأن يحتلّ موقعاً فريداً ومتميزاً، مقارنة بالعلماء الآخرين في عصره، وأصبح أستاذاً في التفسير والفقه واللغة العربية والمنطق والفلك، قضى معظم أوقاته في قراءة أعمال السلف، وترجمتها إلى اللغة السواحلية، بجانب دوره في تصحيح كثير من المغالطات العقدية[33].
ومن هؤلاء العلماء الذين ترجموا النصوص الإسلامية إلى اللغة السواحلية الأمين المزروعي، وكذلك محسن برواني الذي ترجم تفسير المنتخب، وراجعت الترجمة وأقرتها البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف[34].
ومن خلال الاطلاع والتصفح لمواقع الشبكة العنكبوتية وجدت أن بعض العلماء في القرن الإفريقي يستغلون القنوات الفضائية والمحطات الإذاعية لإلقاء دروس إسلامية باللغة السواحلية، كما هي الحال في بقية الدول الإفريقية.
أثر اللغة الفولانية:
تعد اللغة الفولانية من أكثر اللغات الإفريقية انتشاراً في إفريقيا، حيث يمتد وطنهم من البحر الأحمر شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً, فهي لغة تخاطب أبناء الأمة الفولانية، بجانب القبائل المجاورة والمتزاوجة معهم في كثير من الدول الإفريقية.
وللعلماء الفولانيين دور في نشر الإسلام من غربي إفريقيا إلى شرقيها، أمثال الشيخ عمر الفوتي تال، والشيخ عثمان بن فوديو الذي ترك بصماته في خدمة الإسلام بلغة الهوسا، وغيرهما، ثم أبنائهم وأحفادهم فيما بعد[35].
ولقد قام العلماء الفولانيون بأعمال جليلة، وألّفوا في العلوم الإسلامية (التوحيد، والفقه، والعبادات، والجهاد، والمعاملات، والمواعظ) باللغة العربية، نثراً ونظماً بغية هداية المجتمع، ولكن اتضح لهؤلاء العلماء فيما بعد أن ما كانوا يكتبونه باللغة العربية وحدها لا يفي بغرضهم بالصورة المطلوبة، ذلك لأن المستهدفين بهذا العمل (الهوسا والفولانيين الرعاة) أميّون لا معرفة لهم باللغة العربية، لذلك بحثوا عن وسيلة أخرى أكثر فعالية، لتبليغ رسالتهم التعليمية، وهي اللجوء إلى اللغة الفولانية.
ومع بداية القرن التاسع عشر بدأت مرحلة نقل العلوم ذات الصلة المباشرة بعامة المجتمع، والتي سبق أن حرروها باللغة العربية، وبخاصة المواعظ، وقد كانت أسماء بنت الشيخ عثمان بن فودي هي التي تقوم بترجمة قصائد والدها من اللغة الفولانية إلى الهوسا[36].
ويظهر دور علماء الفولانيين في العالم الغيني الشهير (جيرن صمب مومييزا)، في مطلع القرن التاسع عشر، لما أقبل على ترجمة كتاب (مروج الذهب) للمسعودي إلى اللغة الفولانية، هذا ولمّا بدأ النقاد يحتقرونه بشأن هذا العمل المهم؛ أجابهم بقوله: «سواء كانت اللغة عربية، أو فولانية، أو أي لسان آخر، فإن كلّ لغة نبيلة، لأنها تعبّد طريق المعرفة الإنسانية»[37].
ويُذكر هنا أن الفولانيين كانوا مختلطين بالهوسا، وأن أكثر الأعمال العلمية الجليلة التي قام بها الفولانيون في ديار هوسا كانت بأيدي أمثال: عثمان بن فوديو وأولادهم ثم أحفادهم.
أثر اللغة الصومالية:
كانت اللغة الصومالية مكتوبة بالحرف العربي – شأن غالبية لغات الشعوب الإسلامية – لفترة ناهزت مائة سنة، كما ذكر الخبير اللغوي يوسف الخليفة أبو بكر، واستمر هذا الأمر إلى أن جاء الاستعمار الغربي، فاستبدل بالحرف العربي الحرف اللاتيني، ومنذ ذلك كتبت اللغة الصومالية بهذا الحرف الأخير.
تشتهر الصومال بالحلقات العلمية التي تُعَدّ جزءاً من العملية التربوية والتعليمية السائدة الهادفة إلى نشر الثقافة الإسلامية، وعلى الرغم من ظهور طرق جديدة للتعليم ونشر الثقافة؛ فإن تلك الحلقات لا تزال هي المفضلة لتعليم شريحة عريضة من طلبة العلم عامة[38].
وتعقد الحلقات العلمية في المساجد، وعلى الطالب أن يدرس أولاً كتاب (تعليم المتعلم) عن طريق شيخه كأول كتاب يعلّمه احترام الشيخ والعلم معاً، وكانت طريقة النقل والترجمة هي التي تسود في الحلقات العلمية، يقول الشيخ عبد الله علي جيله: «منذ مئات السنين كان علماؤنا يعتمدون على الترجمة من العربية إلى الصومالية لقصد البيان، بناء على الآية: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ…﴾ [إبراهيم : 4]، ونظام الترجمة عندهم لا يسير بالاعتباط، بل دقيق يراعي خصائص التراكيب العربية، مثل الإعراب وعلم البيان.. فعند قراءة النص تفهم مواضع الإضافة وعطف البيان والبدل، بحيث تقدر على الحكم على مدى معرفة المترجم باللغة وقواعدها من خلال ترجمته، وهذا يكتسب بالدربة والممارسة»[39].
أثر اللغة الولوفية:
وهي من اللغات ذات الأهمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية في غربي إفريقيا، وبخاصة منطقة سنغامبيا (السنغال وغامبيا)، ولها وجود في موريتانيا، وقد أجرى مركز اللسانيات التطبيقية التابع لجامعة دكار دراسة حول اللغات المحلية، فأشارت النتيجة إلى أن 83% من السنغاليين يتكلمون الولوفية، فهي بذلك أوسع انتشاراً من كل اللغات[40] المنطوقة في السنغال، لأنها لغة تعامل وتواصل بين أفراد المجتمع السنغالي، وليست لغة لقبيلة معينة، وبذلك تُعَدّ لغة قومية في السنغال.
ويظهر أثرها التثقيفي والتعليمي في أنها كانت من بين اللغات المحلية التي تُكتب بالحرف العربي، ويتبادل بها الأهالي رسائلهم وشعرهم الشعبي، وهذا النوع من الشعر هو أقدم تجربة للأفارقة، ثم لمّا تعلم بعض المثقفين نثر اللغة العربية وشعرها وأتقنوها بدؤوا يعبّرون بها[41].
ومن العلماء الذين كتبوا بالولوفية: الشيخ موسى كاه الشاعر العملاق الذي قدّم لأمته أعمالاً جليلة في زمانه، لمّا نقده بعض الناس في اتجاهه هذا قال: «العربية أو الولوفية، كلّ لغة جميلة، لأنها تعكس فضائل وعلوم بني الانسان»[42].
وقد ألّف العلماء السنغاليون في العقيدة والفقه والتفسير والأخلاق والتصوف، والتاريخ، وعلوم النجوم، والآداب باللغات الإفريقية (الهوسا، والفولانية، والولوفية)، بالإضافة إلى الأدب الشعبي والتاريخي الاجتماعي (كقصائد الشيخ محمد الهادي توري، والشيخ موسى كاه، والشيخ امباي جختي من السنغال)[43]، ولهذا قال شيخ الإسلام الحاج إبراهيم نياس السنغالي في مقالته: «اللغة الولوفية بالسنغال أصبحت بفضل القرآن أداة تثقيف وتربية، ثم يأتي الحرف العربي الذي اتخذه المسلم السنغالي مثل أخيه الإفريقي منذ قرون لتدوين ما يريد بلغته الولوفية»[44].
أما المساجد والجوامع وبيوت الشيوخ والمدرسين وظلال الأشجار، فقد كانت أماكن تتم فيها عملية تعليم الناس لدينهم الإسلامي، وخصوصاً في شهر رمضان الذي يفسر فيه العلماء القرآن الكريم والفقه الإسلامي، وخصوصاً على مذهب الإمام المالكي الأكثر انتشاراً في غربي إفريقيا، وإن كانت العقود الأخيرة من القرن العشرين شاركت فيها الجماعات الإسلامية السنّية والسلفية في ميدان التعليم والتربية، وساهمت مساهمة كبيرة في إحياء دور المساجد والجوامع في نشر الدعوة الإسلامية على نهج السلف الصالح، عبر الحلقات العلمية التي تدرس فيها أمهات الكتب في الحديث والتفسير، بجانب الخطب الدينية الجمعية، مثل حلقات الدكتور محمد أحمد لوح في كتب السنّة، والامام أبي بكر صال في السيرة والتفسير، وغيرهما، وكلّ ذلك كان يتم بالأخذ من الكتب الدينية المكتوبة باللغة العربية المفسّرة باللغات المحلية.
السياسة اللغوية في إفريقيا:
المقصود من السياسة اللغوية هنا الخطوات التي يجب أن تتخذها الدول الإفريقية في كيفية اتخاذ سياسة ورؤية واضحة نحو تطوير اللغات المحلية، من حيث تقعيدها وتنميط حروفها وأصواتها وقواميسها اللغوية، بالحرف العربي لما له من حضور أوسع في الاستعمال.
ولم تكن تلك الدول تتشجع في هذا المجال بعد الاستقلال حتى وقت قريب، كما كانت الحال في الهند، لأن مجالات التربية التي كانت اللغة الإنجليزية تغطيها بدأت تتراجع وتحل محلها اللغة الهندية وخصوصاً في مجال التعليم الابتدائي[45].
ويخالف الوضع الإفريقي وضع الهند مخالفة كبيرة، لأن الحكومات الإفريقية لم تشجّع اللغات الوطنية باعتبارها وسيلة للتعليم، وإن كانت بعض المحاولات في هذا الاتجاه نجحت في تنزانيا، بل إن التقدّم الذي حققته السياسة اللغوية في إفريقيا الشرقية أحسن كثيراً من التقدّم الذي أحرزته السياسة اللغوية في إفريقيا الغربية، وتكاد اللغة السواحلية تغطي على معظم إفريقيا الشرقية، وبخاصة في كينيا وتنزانيا، وكذلك اللغة الصومالية التي أصبحت لغة التعليم بشقيه الأدبي والعلمي، ولغة التقريني في إثيوبيا. فإن الشعور القومي اللغوي في إفريقيا بصفة عامة أقل مما يلاحظ في أماكن كماليزيا والهند وبنغلاديش. فإن الوضع الاقتصادي الإفريقي يتصف بالاستعمال المتزايد للغتين الإنجليزية والفرنسية بخلاف بعض الدول الإفريقية مثل: غانة ونيجيريا، حيث أدى انتشار التعليم إلى طلب متزايد على اللغة الإنجليزية في المرحلة الابتدائية.
وفي السنغال كان الوضع أسوأ، لأن سنغور أول رئيس لدولة السنغال كان من أكثر المدافعين عن استعمال اللغة الفرنسية ثقافة وحضارة؛ بوصفها لغة عالمية يمكن استعمالها من قبَل الذين كانوا تحت حكم فرنسا كوسيلة للمساهمة في الحضارة العالمية على نحو أوضح، إذ يقول: «في الواقع أن اللغة الفرنسية جعلت من الممكن لنا أن ننقل إلى إخواننا وإلى العالم أجمع تلك الرسالة التي لم يسمع بها أحد، والتي نحن فقط نستطيع أن نكتبها، لقد سمحت لنا أن نقدم مساهمة للحضارة العالمية، والتي بدونها ما كان لحضارة القرن العشرين أن تكون عالمية»[46].
إن اللغتين الإنجليزية والفرنسية لا تقدران على دفع التنمية الإفريقية الحديثة، وبالرغم من أنهما ربطتا إفريقيا بالثقافة العالمية فإنهما لا تساعدان بالضرورة على التغلب على أزمة الوحدة القومية التي تمثّل إحدى المعضلات السياسية الجوهرية التي تواجه الأقطار الإفريقية، بل هما لغتان للمثقفين فقط، أما لأغراض التفاهم بين الأجناس المختلفة على الصعيد المحلي للعامة فإن اللغات الأوروبية غير مؤهلة لذلك، الأمر الذي يدعو لليأس لمواجهة هذا التحدي الضخم.
ومما يدل على ذلك أنه لما أثار بعض المثقفين مسألة تبنّي لغة إفريقية لغة رسمية للاتحاد الإفريقي أمام أحد رؤساء القارة؛ ردّ هذا الأخير بانفعال قائلاً: إن تلك اللغة ليست لغة علم[47]، ففي السبعينيات من القرن الماضي فكّرت الحكومة السنغالية في كتابة اللغات المحلية، وحاولت استطلاع رأي الشعب، وفي ذلك صرح الوزير السنغالي السابق (الأمين جاك) أن معظم المواطنين يفضّلون كتابة اللغة المحلية بالحرف العربي، إلاّ أن السلطة السياسية في تلك الفترة تجاوزت الإرادة الشعبية، واتخذت من الحرف اللاتيني وسيلة لكتابة اللغات المحلية[48].
اللغات الأوروبية الوافدة على إفريقية:
دخل الأوروبيون القارة الإفريقية بثقافتهم ولغاتهم، وعلى رأسها الإنجليزية والفرنسية والبرتغالية، نتيجة لسياسات لغوية، فرضها المستعمر لتدعيم لغته في مستعمراته الإفريقية[49]، وقد ظلت تلك اللغات لغات التعليم الرسمي في العديد من الدول الإفريقية، مما أدى إلى مواجهة الدول الإفريقية صعوبات جمّة في تحديد هويتهم اللغوية، فهناك من يتحدث بها كلغة أولى، كما يتحدث بها آخرون كلغة ثانية، وتبيّن التقديرات أن المتحدثين بالبرتغالية يصلون إلى عشرين مليوناً، والفرنسية لا يقل عدد المتحدثين بها عن خمسين مليوناً، وأن الإنجليزية هي الأخرى يصل عدد المتحدثين بها إلى مائة مليون شخص[50].
كانت الفترة التي قضاها الاستعمار الغربي في إفريقيا فترة عمل تبشيري مكثّف، وإدخال مفاهيم إدارية واجتماعية واقتصادية وتربوية لغوية جديدة، مما أدى إلى فرض لغة أجنبية مضايقة للثقافة الإسلامية واللغة العربية، واللغات المحلية، إذ سلكت كلٌّ من السلطات الاستعمارية البريطانية والفرنسية سياسة خاصة بها إزاء التعليم الإسلامي والعربي، فقد حاول أول حاكم لغربي إفريقيا الفرنسية إكساب المدارس القرآنية الطابع الغربي وإدخال الفرنسية فيها كلغة دراسة، وذلك منذ 1857م، ولكن الشعب السنغالي رفض هذه المحاولة فكررت السلطة الفرنسية مساعيها سنة 1870م و 1896م و 1903م و 1905م، لكن هذه المحاولات أخفقت جميعها فابتعدت السلطة الفرنسية عن المدارس القرآنية وأنشأت مدارس عربية فرنسية في المدن الكبرى[51]، ونجحت في الأخيرة؛ لأنها تمكنت من سحق اللغات المحلية ومحاصرة اللغة العربية وفرض الفرنسية لغةً رسميةً للعديد من البلاد الناطقة بالفرنسية في إفريقية، والواقع شاهد على ذلك.
ووصل الأمر في مايو عام 1911م وسبتمبر من العام نفسه إلى إصدار وليام بونتي منشوره الخاص بمنع استعمال اللغة العربية، حتى في المحاكم الإسلامية، في كل من مدينة دكار وسانت لويس وغيرها من المدن[52]، بل كانت السلطات تشن حملات شرسة على اللغات المحلية والعربية مع وصف السكان بالسفاهة والخمول وفقدان الذاكرة، وقال: «ليقرأ الإفريقي نصّاً من القرآن الكريم قراءة صحيحة يلزمه على الأقل عشرون سنة من العمر المستمر، وثلاثون سنة من الجهد والدراسة لفهم النصوص وتحليلها تحليلاً سليماً، ثم إن التعليم الذي يقوم به زعماء الدين والدعاة ليس له أي فائدة عملية في حياة الطالب؛ لأنه يتوجه رأساً إلى العقول، بخلاف الفرنسية التي تعطي الإفريقي إمكانات واسعة للمحادثة والنقد والنطق بها، إذ يكفي ستة أشهر ليكون الفرد قادراً على التعبير وتفهّم مقاصده»[53]!
أما البريطانيون؛ فقد اتبعوا سياسة تمثّلت في إقامة تعليم إنجليزي صرف، وإنشاء مدارس في جميع المراحل الأساسية، مع إهمال التعليم العربي الإسلامي، فلا يتدخل في شأنه ولا تقدّم له معونة ولا تعطى لخرّجيه وظيفة أو عمل رسمي؛ باستثناء التعليم القرآني والقضاء الشرعي وخدمة بلاط الأمراء[54].
ويبقى السؤال الملحُّ والمطروح: متى ينتهج الأفارقة سياسية ناضجة وإرادة ذاتية نحو فكّ الخناق المطوّق للحرف العربي واللغات المحلية، لتأخذ سيرها الطبيعي من جديد، وتجدّد علاقتها العضوية باللغة العربية؟!
نتائج الدراسة:
1 – أن اللغات المحلية في إفريقيا متعدّدة وكثيرة، حتى اعتبرها علماء اللغة غابة من اللغات.
2 – وبرغم تعدّدها فإنها تختلف فيما بينها، لأنها تنتمي إلى أسر لغوية مختلفة، وكلّ واحدة منها تتفرع إلى فروع متباينة.
3 – وأن اللغة العربية لها دور في مجال التعليم والدعوة والتأليف، وعلاقتها باللغات الإفريقية واضحة في الكلمات العربية المقترضة في تلك اللغات.
4 – كما أكّدت الدراسة دور اللغات المحلية في نشر التعليم الإسلامي في أوساط المسلمين بواسطة الحلقات العلمية التي تُعقد عادة في المساجد في الأيام العادية، والدروس الرمضانية، والخطب الجمعية المفسّرة باللغات المحلية، بجانب بثّ تلك الدروس في الفضائيات المحلية ومحطات الموجات القصيرة، وتسجيلها في الأقراص الصوتية وأشرطة الفيديو.
5 – وأن اللغات الغربية لا تسطيع تحقيق التنمية الإفريقية الحديثة؛ لأنها لغات للنّخبة فقط.
توصيات البحث:
1 – ضرورة الاهتمام باللغات الوطنية بإفريقيا من قِبَل الحكومات الوطنية؛ بأن تكون هناك سياسة لغوية واضحة لدراستها دراسة علمية، ثم تقعيدها وكتابة معاجمها، واتخاذ القرارات اللازمة لاستعمالها رسمياً.
2 – إتاحة فرصة للمواطنين ليتعلموا بها بجانب اللغات الوافدة.
3 – العناية باللغة العربية بوصفها واحدة من لغاتنا الثقافية، لغة الإسلام، ولغة علمية كبقية اللغات العالمية.
4 – مواصلة إجراء مزيد من الدراسات ذات الصة بالموضوع لتعمّ الفائدة.
* أستاذ مساعد وباحث جامعي ومكوّن في كلية علوم وتقنيات التربية والتكوين بجامعة شيخ أنت جوب بكار.
[1] من هؤلاء (باسكوم وهرسكوفيث) حين يقولان: «إن إفريقيا من الناحية اللغوية من أشدّ المناطق تعقيداً في العالم، وقد لا ينافسها في ذلك سوى سكان أمريكا الجنوبية»، انظر: جامعة إفريقيا العالمية، المؤتمر الدولي، الإسلام في إفريقيا، الكتاب السابع، 2006م، ص 170.
[2] يرى اللغويون أن كلاً من اللغة واللهجة وسيلة تفاهم، غير أن الأولى لها قواعد إملاء ونحو وصرف، أما الثانية فتفتقر إليها، وإن كان لها نظام خاص لما يصحبها من تحوير أو تغيير في النظام اللغوي جراء تنقلات القبيلة أو بعض أفرادها من إقليم إلى آخر، ومن ثم لا توجد لغات دون لهجات في الغالب، وكلّ لغات العالم فيها لهجات متنوعة تبعاً لاختلاف الأقاليم، انظر: الإسلام في إفريقيا، أ.د. محمد عبد الغني سعودي: مكان اللغة العربية ومكانتها والتحديات التي تواجهها في إفريقيا.. نظرة استراتيجية، الكتاب السابع، ص 169.
[3] التداخل والتواصل في إفريقيا، أوراق المؤتمر العلمي, ملتقى الجامعات الإفريقية، د. الطاهر محمد داود، عشيرة اللغات الإفريقية الآسيوية، الكتاب الأول، جامعة إفريقيا العالمية، الخرطوم، يناير 2006م، ص 181.
[4] التداخل والتواصل في إفريقيا، المرجع السابق نفسه، ص 180.
[5] وهي جزء من اللغات التي اختيرت في الملتقى حول العلاقات بين اللغات الإفريقية واللغة العربية، المنعقد بداكار في شهر أبريل 1984م، حيث ركزت الأبحاث في اللغة العربية باعتبارها مستعملة في القارة الإفريقية غربيها وشرقيها شمالي الصحراء وجنوبيها، ولكنني سأنتقي بعضاً منها كنماذج لإبراز دور لغات إفريقيا في التعليم الإسلامي.
[6] محمد عبد الغني سعودي، مرجع سابق، ص 178.
[7] محمد عبد الغني، المرجع نفسه، ص 178.
[8] محمد عبد الغني، المرجع نفسه، ص 180.
[9] الإسلام في إفريقيا، أ.د. محمد عبد الغني سعودي، مرجع سابق، ص 181.
[10] محاضرات أ.د. أبومنقه الأمين، جامعة إفريقيا العالمية عام 1992م.
[11] جامعة إفريقيا العالمية، المؤتمر الدولي، الإسلام في إفريقيا، الكتاب الثالث، د. كمال محمد جاه الله، وضع اللغة العربية في (دول القرن الإفريقي) 2006م، ص 224.
[12] كمال محمد جاه الله، المرجع نفسه، ص 241 – 242.
[13] أ.د. عبد الحي عبد الحق: القرابة اللغوية أو العربية، 1997م، مرجع سابق، ص 8.
[14] كمال محمد جاه الله، مرجع سابق، ص 221.
[15] التعليم العربي والثقافة الإسلامية في إفريقيا جنوب الصحراء [الواقع والآفاق]، جمعية الدعوة الإسلامية العالمية، الطبعة الأولى، 2009م، ص 30.
[16] محمد رومفا (1463م – 1499م): من ملوك دولة (كانو)، وفي عصره شهدت الدولة حركة إصلاحية قوية، وصادف ذلك قدوم الفقيه المفسّر الجزائري (محمد عبد الكريم المغيلي التلمساني)، وكان كثير الترحال والتنقل في إفريقيا، وتعد كانو وكاتسينا في القرن 14م قلب بلاد الهوسا، فالأولى لكونها مركزاً للتجارة، والثانية لشهرتها بالعلم.
[17] دراسات إفريقية، مجلة بحوث نصف سنوية، مركز البحوث والترجمة – جامعة إفريقيا العالمية، ع 11 مايو 1994م، ص 143.
[18] المجلة العربية للدراسات اللغوية، مجلد 3 / ع 1 – ذو القعدة 1404هـ / أغسطس 1984م، ص 14.
[19] التعليم العربي والثقافة الإسلامية، المرجع نفسه، ص 144 – 145.
[20] دراسات إفريقية، مرجع سابق، ع 11 – مايو 1994م، ص 135.
[21] دراسات إفريقية، ع 11، المرجع نفسه، ص 14.
[22] دراسات إفريقية، ع 11، المرجع نفسه، ص 145.
[23] دراسات إفريقية، ع 11، مرجع سابق، ص 150.
[24] المجلة العربية اللغوية، المجلد الثالث – العدد الأول – ذو القعدة 1404هـ / أغسطس 1984م، ص 18.
[25] التقرير الدولي عن المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم 8/ 8/2013م.
[26] انظر: http//sh.rewayat2.com
[27] انظر: http://sh.rewayat2.com
[28] انظر: http://www.shamela.ws
[29] انظر: www.muslm.com1/82013
[30] انظر: imamreza.net/ar/imamreza php1/8/2013
[31] انظر: aldaawa.info7/8/2013
[32] انظر: www.muslm.com
[33] انظر: http://www.iumsolinenet 11/8/2013
[34] انظر: http://afrcainlongs.onlinegoo.com
[35] انظر: www.aljazeera.net/news8/82013
[36] انظر: http:/ vb.mediu.edu.my
[37] جورتي سيسي، السنغال والثقافة الإسلامية، دار شمس المعرفة 1989م، ص 20.
[38] انظر: www.aljazeera.net/ news 8/82013
[39] انظر: somaliatodaynet/8/82013
[40] الصراع اللغوي بين العربية والفرنسية في السنغال الواقع والمأمول، محمد كانجي، بحث مقدم لنيل شهادة الكفاءة لتدريس في المدارس الابتدائية، كلية علوم وتقنيات التربية والتكوين ــ جامعة دكا 2013م، ص 11.
[41] القاضي والشاعر (مجختي كَلَه) مود جختي، بحث لنيل شهادة (الكفاءة للتعليم الإعدادي)، كلية علوم وتقنيات التربية والتكوين 2007م – 2008م، ص 71.
[42] صمب، شيخ: مشكلات تعليم اللغة العربية في المدارس العربية الأهلية بالسنغال، رسالة الدكتوراه – غير منشورة، جامعة إفريقيا العالمية العالمية – الخرطوم، 2000م، ص 82.
[43] التعليم العربي والثقافة الإسلامية في إفريقيا جنوب الصحراء، مرجع سابق، ص 360.
[44] دراسات إفريقية، أبريل 1987م، ص 21.
[45] القومية والدول الجديدة في إفريقيا، الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 165.
[46] القومية والدول الجديدة، المرجع نفسه، ص 166.
[47] التعليم العربي والثقافة الإسلامية، مرجع سابق، ص 369.
[48] ندوة التعليم الإسلامي في إفريقيا، د. عبد الرحيم علي محمد، عبد القيوم عبد الحيم الحسن، جامعة إفريقيا العالمية 1988م، ص 145.
[49] الإسلام في إفريقيا، داود عبد القادر إيليغا، وضع اللغة العربية وخطط نشرها في إفريقيا، ص 115.
[50] امباي لو بشير، مرجع سابق، ص 17 – 18.
[51] المجلة العربية للدراسات اللغوية، مرجع سابق، ص 16.
[52] ندوة التعليم الإسلامي في إفريقيا 1988م، مرجع سابق، ص 227.
[53] مجلة الأمة، الإسلام في ظل المستعمرات الفرنسية في غربي إفريقيا.
[54] المجلة العربية للدراسات اللغوية، مرجع سابق، ص 16.