تمهيد:
مضى على اللغة العربية وآدابها في إفريقيا أكثر من ثلاثة عشر قرنا، دخلت مع الإسلام، وتتطور بتوغله في مناطقها، ذلك لأنها لغة تعليمه وتعلمه، إلى أن تحولت إلى لغة الثقافة والحضارة التي أقبل عليها الأفارقة بنهم وشغف بالغين، وقامت على آثار مجهوداتهم الممالك والمدراس والجامعات والمؤلفات بجانب الإنتاجات الشعرية التي نحن بصدد دراستها في هذه الصفحات، ونتيجة تراجع الحضارة الإسلامية العربية بدايةً بالقرن السابع عشر الميلادي بدأ الاستعمار الأروبي يتسلل إلى الدول الإسلامية وبما فيها المناطق الإفريقية طمعا في الثروة والسلطة والإطاحة بالإسلام، وقد أضفى مؤتمر برلين الطابع الرسمي على الاستعمار الأروبي لإفريقيا عام 1885م، حيث احتلتها سبع دول وهي تحمل أنظمة حضارية أروبية مركزة على الآداب والثقافات والسياسات محاولة طمس معالم الإسلام واللغة العربية وتغييرهما بالمسيحية واللغات الأروبية. وبين ضعف الحضارة الإسلامية وطموحات الاستعمار واصل الشعر العربي الإفريقي زحفه مناضلا نحو السمو والتقدم والتطلع للمستقبل الباهر البهيج.
أطلق الباحثون الرواد على الشعر الإفريقي المكتوب باللغة العربية (الشعرَ العربي الإفريقي) نظرا إلى أن الثقافة العربية الإسلامية هي صاحبة بصمة واضحة في إنتاجه وإبداعه، ولم تكن لثقافة أخرى – سواء كانت محلية أو غيرها- وجود في صياغته شكلا ومضمونا، بقدر حضور الثقافة العربية ومن هؤلاء الباحثين الدكتور علي أبوبكر والأستاذ الدكتور شيخو أحمد سعيد غلادنثي، والدكتور عامر صمب، وجاء بعض الباحثين من بعدهم متشبعين بالثقافة الغربية بجانب الثقافة العربية، وراجعوا النصوص الأدبية القديمة والحديثة التي بين أيديهم، وأدركوا بأن النصوص الشعرية الحديثة لا تمثل الأدب العربي لكونها تنتمي إلى البيئة الإفريقية لا إلى البيئة العربية، وأطلقوا عليها (الشعر الإفريقي المكتوب باللغة العربية) على غرار تسمية الباحثين المستفرقين الأدب الإفريقي باللغات الأروبية، فاصطدم عراك علمي بين الجانبين مما أنتج اتجاها ثالثا وهو قيد الترويج وهو شعر المستعربين في إفريقيا، بناء على هذا المنطلق ستناقش هذه الدراسة هذه الاتجاهات بناء على المعايير المنطقية مع إيراد الشواهد الشعرية المثبتة أو المنفية لهذه الاتجاهات من خلال الوقوف على المفاهيم ومحدداتها عبر عناصر هذا الشعر وسماته ولغته لمحاولة الكشف عن اتباعيته للثقافة العربية وانتمائيته للثقافة الإفريقية، أو وسطيته بين الطرفين. وستتمحور الورقة حول النقاط التالية:
-تمهيد
-خلفيات عن الشعر الإفريقي العربي
-مفاهيم عن الشعر الإفريقي العربي
-محددات الشعر الإفريقي العربي (عناصر وسمات)
-لغة الشعر الإفريقي العربي واستدعاء التراث الإفريقي
-الخاتمة
-المصادر والمراجع
خلفيات عن الشعر الإفريقي العربي:
ترافق اللغة العربية الإسلام في حله وترحاله، لكونها لغة شعائره وممارساته، وتتوسع متعمقةً في حلقات التعليم والتعلم، وتعمّ منتشرةً عندما تدخل مجال صناعة الحضارة الإنسانية، ولم تكن مناطق إفريقيا بمنعزلة عن هذه الخطوات، لهذا لا يمكن الجزم بأن الشعر بدأ فور دخول الإسلام إليها، لأن الشعر يتصل بمجال التعليم وصناعة الحضارة، بناءً على هذا لم يكن الشعر الإفريقي العربي معروف البداية على وجه التحديد، بل ظهر ناضجا، كما هو الحال مع الشعر العربي الجاهلي، هذا، وقد ذكر المؤرخون بعض المحطات التي انطلق منها الشعر وتبلور وازدهر من خلالها، وإن شعلة الشعر الإفريقي العربي بدأ تستضيئ بالقرن الثامن الميلادي في دولة غانا القديمة حيث يوجد بها اثنا عشر مدرسة ومجموعة من المترجمين العرب في بلاط الملوك، بجانب التجار العرب والبربر المسلمين[1]، وفي القرن الحادي عشر الميلادي اكتظت حواضر ماسينا وجيني وأغادير وشنقيط وولاتا في منطقة الصحراء وحوض النيجر بالعلماء والطلاب لدراسة العلوم الإسلامية العربية، وعلى الرغم من أن المؤرخين لم يروا لنا أبياتا شعرية في هذه الفترة ما يؤكد هذه الدعوى، لكن لا يمكن أن تمر هذه الفترات دون وجود أي محاولة لقول الشعر، وبناء على هذا فقد صادفنا في القرن الثاني عشر الميلادي شعرا تكاملت فيه الجزالة والقوة من خلال ما روي عن أبي اسحاق إبراهيم بن يعقوب الكانمي وهو يمدح السلطان يوسف بن تاشافين[2]:
أزال حجابه عني وعيني تراه من المهابة في حجاب
وقربني تفضله ولكن بَعُدت مهابة عند اقتراب
ويعلق عن شعره ياقوت الحموي مشيدا به، ومؤكدا لما ذهبنا إليه “إن الكانمي يُعرب عن شعر فصيح، ولفظ صحيح، ووزن مستقيم، ومعنى قويم” وفي القرن الثالث عشر الميلادي ازدهر هذا الشعر بعدد من الشعراء ومتذوقيه، من خلال ما قام به ملك إمبراطورية مالي منسا موسى، فترة عوته من الحج ومعه العلماء العرب منهم أبو إسحاق إبراهيم الساحلي الغرناطي ويحي عبد الرحمن الأندلسي، حيث ازهرت مدينة تنبكتو بالأدب والشعر حتى القرن السادس عشر الميلادي عصر احتلال المغاربة للمدينة.[3] ومن هنا يمكن القول بأن الشعر الإفريقي العربي قد نشأ قبيل القرن الثامن الميلادي، لكنه ازدهر في القرن الحادي عشر الميلادي. وفي أوائل القرن السادس عشر الميلادي أخذ العلماء من شمال إفريقيا ومن شرقها ومن الشرق الأوسط يفدون إلى إفريقيا جنوب الصحراء عامة وغربها خاصة منهم الشيخ عبد الكريم المغيلي التلمساني والإمام عبد الرحمن السيوطي والشيخ أحمد بابا التمبكتي، وبالمقابل وفد علماء المنطقة إلى البلاد المقدسة طلبا للزيادة في العلم ورغبة في اللقاء بالعلماء، وبين هذه الفترة هاجر كثير من علماء مملكة سنغاي متوزعين بين مناطق غرب إفريقيا نتيجة انهيارها على يد المغاربة، وفي القرن التاسع عشر الميلادي تأسست دولة الشيخ عثمان بن فودي بهدف تجديد الإسلام وعلومه، ونالت علوم اللغة العربية ومنها الشعر رواجا، حيث كان جل قادة هذه الدولة شعراء، وكتبوا في موضوعات وأغراض الشعر.
وبهذا الاعتبار أن الشعر العربي في إفريقيا هو أحد مظاهر الثقافة العربية الإسلامية، وحيويته إحدى مظاهر حيوية اللغة العربية، وقد جعل الإسلام اللغة العربية لغة المسلمين جميعا لا العرب وحدهم، وأن الاعتزاز باللغة العربية يشترك فيه كل المسلمين، ومن هذا المبدأ تعتبر اللغة العربية إحدى اللغات الإفريقية، بل اللغة الإفريقية الأولى، إذ أن حوالي 45% من العرب أفارقة، وحوالي 28% من الأفارقة عرب، وأن ما يزيد عن 75% من مساحة الأقطار العربية تقع في إفريقيا.[4] هذا ما جعل هذا الشعر ينشأ في بيئة علماء الدين، لأنهم طبقة مثقة ومتحضرة وعندما يودّ الإفريقي أن يكون شاعرا في اللغة العربية فلا بد له أن يمر بمراحل متدرجة، يبدأ من الكتاتيب التي يتم فيها تعلم الحروف الهجائية وحذقها إلى حد تعلم قراءة الكلمات والجمل، ثم يبدأ بدراسة علوم اللغة العربية بجانب العلوم الإسلامية، مثل متن الآجرومية في النحو، وعلم العروض والقافية ويدرس المعلقات السبع ومقامات الحريري، ثم يتوسع إلى أمهات الكتب[5]. وفي هذه الفترة بالذات يرتبط الأدب العربي الإفريقي بالإسلام في وعائه اللغوي والمعنوي على أثر العوامل التي ساعدت على ظهوره في إفريقيا، ومنها صب الإنتاجات الأدبية بأشكالها في قالب شعري فني من جانب، ومحاولة كسر النمطية الالتزامية للعلماء من جانب آخر. وقد عده الباحثون غزيرا جيدا جديرا بالعناية والاهتمام جمعا وتحقيقا ونشرا ودراسة، وهو يدور حول أغراض الشعر المعروفة من مدح وفخر ورثاء وغزل ووصف، وقد برع الشعراء الأفارقة في الشعر الصوفي خاصة والشعر الديني عامة. لكن مع غزارة هذا الشعر وجودته لم يهتم به العرب.
وفي فترة الاستعمار الأروبي تراجع الشعر الإفريقي العربي نتيجة انتكاسة وشلل للمسيرة القومية القائمة على الخيار الذاتي والانطباع الفطري في التصرف، وكبح حرية الإنسان لتقدمه، ومحاولة إيقاف زحف المناطق التي اختار شعوبها الإسلام وتعاليمه دينا ونمطا لنظام حياتها الاجتماعية والثقافية، وفي هذه الفترة اهتم الاستعمار بالآداب الإفريقية المكتوبة باللغات الأروبية واللغات الإفريقية، مما أنتج مفاهيم وتوجّهات عن هذه الآداب، وأخيرا انقلب السحر على الساحر حيث استغل الأفارقة هذا الأدب الذي عُرف بدخول الاستعمار لإشعال نيران الثورة ضده والإلحاح عليه للخروج من مناطقها، وقد شارك الشعر الإفريقي العربي في هذه الثورة مشاركة لا يستهان بها، إلى حين خروج الاستعمار منها في ستينيات القرن العشرين، حيث عاد الشعر الإفريقي العربي على الطاولة من جديد وهو متأثر بالتوجهات الشعرية الجديدة التي أوردها الاستعمار. ومنذ تلك الفترة ما زال الشعر الإفريقي العربي، يتصاعد تدريجيا بداية بالرواد ما بعد الاستقلال مثل الوزير جنيد والقاضي عمر إبراهيم، ومحمدو يوسف، والشيخ إبراهيم، وغيرهم من خلال ازدياد المدراس العربية في إفريقيا والبعثات التعليمية إلى الدول العربية فأخذ يزداد عدد الشعراء من أواخر القرن العشرين إلى اليوم، حيث تأسست تحت هذا الشعر جمعيات ومنتديات ونواد، ينتظم الشباب فيها ويرتقون بالشعر ويترقى بهم.
وخلاصة القول: إن الشعر الإفريقي العربي نشأ مبكرا بفضل انتشار الإسلام في إفريقيا، كما نشأ في بيئة العلماء واعتز هذا الشعر بانتمائه إلى لغة القرآن والإسلام، لغة الحضارة والثقافة، ومر بمراحل ومحطات حسب التحولات التي مرت عليها القارة الإفريقية، ويقوم على الفنية والجودة العاليتين، مما جعل بعض المؤرخين يهتمون به أكثر من اهتمام باحثي ودارسي الشعر من العرب بها، هذا ما جعل كثيرا من الشعراء الأفارقة قديما يلهثون وراء هذا الاعتراف مما جعل البيئة الإفريقية شبه معدومة في كثير من إنتاجاتهم الأدبية بجانب اقتصار هذا الشعر على الشعر الوجداني دون الشعر القصصي والملحمي، وقد حمل إلينا أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين نسائم شعرية يمكن لها أن تصل إلى الغاية التي ينشد له بعض الدارسين من إفريقيا.
مفاهيم عن الشعر الإفريقي العربي:
يرتبط الشعر الإفريقي العربي بكثير من المفاهيم المتداخلة التي تحتاج إلى وقفة طويلة لمناقشتها مناقشة بناءة حتى نتمكن من إنصاف هذا الشعر، على هذا الأساس لم يكن عرب شرق إفريقيا وشمالها منعزلين عن الأفارقة السمر القاطنين بإفريقيا جنوب الصحراء بفضل الإسلام وثقافته والعلاقات التجارية حتى القرن التاسع عشر الميلادي حال سيطرة الاستعمار عليها، وسموها بتسميات تشير إلى الغاية التي يصبو إليه الاستعمار، وهي إفريقيا جنوب الصحراء وإفريقيا السوداء، وإفريقيا الزنجية، وإفريقيا الوثنية، حيث حاول قطع رابطة هذا الاتصال، وكادت أن تعود المنطقة تتقوقع على نفسها فقط لولا وقوف شعب إفريقيا ضد الاستعمار، بناء على هذا استصاغ الاستعمار مفهوم الأدب الإفريقي للانفصال الثقافي الحضاري بين أدب إفريقيا شمال الصحراء الكبرى، وأدب إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى[6]. بناء على الدين واللون واللغات والجغرافيا، لكن المستشرق الألماني يان هاينزلان يرى أن المصطلح جاء على أساس جغرافيا فقط نظرا للعلاقات القائمة بين مناطق إفريقيا قبل قدوم الاستعمار.
هذا الخلاف أفرز مفاهيم حول الأدب المنتسب إلى إفريقيا عموما فقالوا الأدب العربي شمال الصحراء والأدب الإفريقي شمال الصحراء في مقابل الأدب الإفريقي جنوب الصحراء، والأدب الإفريقي خارج حزام اللغة العربية أو خارج مجال العربية،[7] وتم إدراج الأدب العربي جنوب الصحراء الكبرى في طي التجاهل عمدا رغم حضوره القوي منذ أكثر من عشرة قرون قبل الآداب الأروبية الوافدة إلى المنطقة، ولقد أصرّ بعض الباحثين الغرب على إخراج شمال إفريقيا من هذا المفهوم، ليتم تجاهل وجود الأدب العربي في إفريقيا جنوب الصحراء، مع أنهم يعترفون بالأدب الأمريكي الشمالي والجنوبي والأدب الآسيوي والأدب الأروبي بناء على منطق بحثه. وبالرغم من أن “يان” يختلف إلى حد كبير مع المنطق السابق ويعادي الجغرافيا العنصرية التي فصلت بين شطري القارة فصلا تعسفيا، لكنه ينكر ضمنا حضور الثقافة الإسلامية التي انتشرت في السودان وتنزانيا شرقا ثم انتقلت إلى تشاد في الوسط، وتوسعت في مالي والسنغال ونيجيريا غربا وأنشأت منذ القرن الحادي عشر الميلادي عددا من الممالك والإمبراطوريات في تلك المناطق[8].
وبعد مناقشة طويلة استطاع علي شلش التعريف بالأدب الإفريقي قائلا: هو “المعبر عن الكتلة الأرضية بثقافاتها ولغاتها المتعددة”[9]. ويدخل الأدب الإفريقي باللغة العربية في هذا التعريف لكونه يعبر عن الثقافة الإسلامية وهذه الثقافة متجذرة في إفريقيا جنوب الصحراء، ولا يمكن فصلها عنها، ومن هذا المنطلق وسع أديب جنوب إفريقيا مازيسي كونيني هذا المفهوم، قائلا بأن الأدب الإفريقي هو”الأدب الذي يصور واقعا أفريقيا بجميع أبعاده وهذه الأبعاد لا تضم ألوان النزاع مع القوى صاحبة السيطرة السابقة على القارة فحسب، وإنما تضم النزاعات داخل القارة الإفريقية”[10]، وهو بهذا المفهوم قد أحال الأدب الإفريقي إلى أدب الثورة ضد الاستعمار والصراع الداخلي، وعرض الشاعر النيجيري كريستوفر أوكيجبو مفهومه عن الأدب الإفريقي قائلا: “هو الأدب الموجود في إفريقيا، ومن السخف أن نتصور نمطا خاصا ذات سمات لها طابعها الإفريقي الخاص أو ذا قيم خاصة مرتبطة بالحضارة الإفريقية… لا يوجد أدب إفريقي بل يوجد أدب جيد وأدب ردئ ولا شيء غير ذلك”[11].
وكأن كريستوفر يرد على المغالين في أنه لا بد أن تتجلى الثقافة الإفريقية في الأعمال الأدبية بالأشكال التي تجعل الأدب إفريقيا، دون أن يتجاهل أهمية حضور إفريقيا في الأدب الإفريقي، على هذا الأساس علق دور تيجاني الأوغندي عن هذا المفهوم ضمنيا من “أنه توجد ثقافات إفريقية عديدة لا مجرد ثقافة واحدة، ومن ثمة توجد أنواع مختلفة من الأدب ذات مجموعة متنوعة من الأساليب والأشكال والمعاني والقيم”[12] وبالتالي يجب أن يفهم الأدب الإفريقي على أنه أدب قبل كل شيء يعبر عن ضمير فرد أو مجتمع أو إقليم أو قارة، ويفهم من كلام كريستوفر ضمنيا، أن الأدب الإفريقي أدب أولا، ثم يشدد على إفريقته[13]، وبناء على هذا يعلق تشينو أتشيبي أنه “لا يمكن أن تحشر الأدب الإفريقي في تعريف صغير محكم.. فأنا لا أرى الأدب الإفريقي كوحدة واحدة، وإنما أراه كمجموعة من الوحدات المرتبطة بالمجموع الكلي للآداب القومية والعرقية في إفريقيا”[14].
بهذا يُدرك بأن الأدب الإفريقي المكتوب باللغات الأروبية نشأ في أحضان الشعور بالوطنية والقومية في ظل النضال التحرري من الاستعمار بينما الأدب الإفريقي باللغة العربية نشأ أول نشأته في أحضان الشعور بالانتماء الديني والحضاري والتنافسي وإثبات الذات داخل الحضارة الإسلامية. ويحدد يان – متناقضا مع نفسه – أبعاد الأدب الإفريقي المكتوب باللغات بأنه انطلق من منطقة التشابك بين ثلاث ثقافات هي الإفريقية والعربية الإسلامية والغربية وأما الأدب الذي صدر من المنطقة التي اشتبكت فيها الثقافتان الإفريقية والعربية الإسلامية فإنه الأدب الأفروعربي، وأما الذي جاء من الإفريقية والغربية فإنه الأدب الجديد[15]، وقد يتشابك الأدب بين هذه الروافد الثلاث في كثير من مناطق إفريقيا جنوب الصحراء وخاصة بعد فترة الاستقلال إلى اليوم هذا، فماذا يمكن تسميته على حد مفاهيم يان!؟، فالأديب الشاعر مثل نحل فإنه يقتات من متعدد الثقافات ليخرج في النهاية بعسل مصفى سائغ للشاربين.
وكل ما قلناه ينطبق على الشعر دون مآربة، لأنه من قسيم الأدب ذو أهمية بالغة، وأما عن المفاهيم الثلاثة فعلينا مناقشتها واحدا تلو آخر، الشعر العربي الإفريقي، أو الشعر الإفريقي العربي، لا فرق بينهما، وإن ثمة هناك فرق فلا يعدو على الترتيب دون المعنى، حسب تصريح كبا عمران، لكن إذا كان الباحث لسانيا فإنه لا يستهين بأي جديد يطرأ على التركيبين، لأن للتقديم والتأخير مغزاهما اللغوي وبالتالي تتدلى الدلالة، وقد عرف كبا الشعر العربي الإفريقي بقوله “هو الشعر الذي نظمه الأديب الإفريقي بمنطقة السودان الغربي على نسق أوزان الشعر العربي الأصيل للتعبير عن رؤيته الخاصة في الحياة كي يتأثر بها الآخرون”[16] ولعل الباحث من هنا سيقتصر على غرب إفريقيا عامة ونيجيريا خاصة حسب توافر المصادر والمراجع عنده، وإن لم يسلم هذا المفهوم من الفضفاضية فإنه قدم لنا رؤية جزئية ممكن أن تقودنا إلى رؤية كلية متمثلة في التزام الشعر الإفريقي العربي بالأوزان الخليلية واعتماده على الرؤية الذاتية تتأثر في المتلقي.
ولراجي رؤية تخالف ما ذهب إليه كبا في صدد حديثه عن الفرق بين مفهوم الشعر العربي الإفريقي والشعر الإفريقي باللغة العربية، حيث استهل حديثه بتقسيم الحياة العربية عبر العصور وتصنيفها على ثلاثة مناهج اعتمادا على طبيعة الأدب نفسه، وهي: المنهج الجاهلي (منهج الجاهلية ينتهي 610م) والمنهج الإسلامي (710-1798م) ومنهج القومية العربية الحديث (1878م إلى اليوم) وقد تعلقت حياة الأدب العربي النيجيري القديم بالمنهج الإسلامي، لأنه أدب فني يصور الحياة القديمة المنهج، والشعر العربي النيجيري هو الأدب العربي الإسلامي الذي كان يصور الحياة العربية الإسلامية القائمة في نيجيريا وغيرها من العالم الإسلامي الإسلامي والعجمي سواء بسواء[17]. بناء على ما قاله يانْ. وأما عن الشعر الإفريقي باللغة العربية فقد أطلق عليه راجي منهج القومية الحديث لأنه “وليد الأدب العربي النيجيري القديم وتجدده بتجدد الحياة الإسلامية التي كانت يصورها الأدب العربي وتحولها إلى الحياة القومية النيجيرية الحديثة القائمة على منهج القومية النيجيرية الذي تقوض عنه المنهج الإسلامي”[18] ويعلق أمين على هذه العبارة بأن الأدب النيجيري في اللغة العربية يمثل المرحلة المتطورة من الأدب العربي النيجيري ويقوم بتصوير الحياة النيجيرية ويتميز بمحاكاة أسلوب الآداب الحديثة لا سيما الأدب الإنجليزي والعربي الحديث، ويمثل صدى لمحاولات النيجيريين المثقفين باللغة العربية في صناعة أدب محلي يخدم الوطن ويصور حياة قومه تصويرا فنيا”[19].
وأما عن مصطلح شعر المستعربين الأفارقة فهو مصطلح بدأ يتبلور من خلال بعض بحوث الباحثين الأفارقة منهم كبا عمران ويوسو منكيلا ويحي الفلاني وغيرهم، إلا أن المصطلح لم تتجل معالمه بقدر ما تجلى رواجه، والخطير منه أنه يسعى لتغيير مسار الأدب العربي الإفريقي إلى محاكاة حاملي الثقافة الغربية في إنتاجاتهم الشعرية دون النظر للأسباب التي أدت إلى نشوء كل من الأدب الإفريقي في اللغة العربية والأدب الإفريقي في اللغة الإنجليزية، ومجمل هذا التفكير يتمثل في بلورة الإفريقية بعاداتها وتقاليدها لترويجها لدى الغير، ويفرقون بين التعبير عن القضايا الإفريقية التي يمكن لكل شاعر ولو لم يكن إفريقيا أن يعبر عنها وبين إظهار هذه التقاليد التي تجسد تفكير الإنسان الإفريقي[20]. ولعل محاولة رواج هذا الفكر بهذه الجسارة يقنع المتلقي بأن الأدب العربي الإفريقي خال من كل القيم الإفريقية ولا يعبر عن الانتمائية جملة وتفصيلا، وكأنه ما زال نسخة طبق الأصل للبيئة العربية الصرفة، كما أن أصحاب هذا الاتجاه يحكمون على جزئية يسيرة من هذا الشعر وهو الشعر الوجداني – رغم أن فيه بعض القيم الإفريقية التي يتحدثون عنها- دون أن يتطرقوا إلى الشعر القصصي والملحمي الذيْن بدأ بالظهور وخاصة الشعر القصصي.
وخلاصة القول: لا يهم الباحث تعددية هذه المصطلحات والمفاهيم ولا تضاربها مع بعضها البعض، والذي يهمه في الدرجة الأولى، أن تعبر هذه المفاهيم عن الشعر الإفريقي باللغة العربية ؟ وما مدى تجاوبها مع هذا الشعر؟ وهل يمكن أن تتوحد في ضوء مفاهيم الشعر الإفريقي؟
قبل مناقشة هذه المفاهيم يجب أن نتفق بأن الشعر عموما تعبير أدبي والتعبير الأدبي هو نشاط من النشاط الإنساني، وأداة هذا النشاط هو اللغة، والأدب مرتبط باللغة، وليس معنى تغلغل اللغة العربية خارج نطاقها التقليدي، أن تضيف ألوان الأدب في نيجيريا مثلا بمنعزل عن الإنجليزية، ولا أن ندرس الأدب في لغة الهوسا بمنعزل عن العربية كمؤثر خارجي، وبالمقابل لا يمكن للشعر الإفريقي باللغة العربية من القرن العشرين إلى اليوم أن يكون بمنعزل عن التقاليد الإفريقية والثقافات العالمية وخاصة في ظل العولمة، بناء على هذا يجب أن نعترف بأن الأدب بما فيه الشعر مشترك إنساني، وقد يختلف في بعض عناصره نظرا للبيئات والتقاليد والتركيبية الفكرية وغيرها، لهذا فإن البحث عن قسمات إفريقيا في الأدب الإفريقي العربي يجب أن يكون بدفة وتريّث لا بالعجالة التي تتجلى في بعض الأعمال.
وقديما قيل لا مشاحة في الاصطلاح، لكن مفهوم الشعر الإفريقي العربي أشمل لأبعاد تاريخ هذا الأدب شعرا ونثرا، وأدق في الحديث عن نشأته ودوافعه ومنجزاته قديما وحديثا، وأن مفهوم الشعر العربي الإفريقي جعل كثيرا من الباحثين يحسون بميل هذا الشعر إلى البيئة العربية أكثر من البيئة الإفريقية، وأن لخصائص الحضارة الإسلامية ما يجعلها تستوعب كل مستجدات الحياة الإنسانية دون الذوبان ولا الانغلاق. وأما مفهوم الشعر الإفريقي في اللغة العربية فلا خلاف في تأثر هذا الاتجاه بالمؤثرات الاستعمارية نتيجة الثورة عليه، فهو يثير إشكاليات حتى بين المستفرقين والباحثين الأروبيين فبالتالي أن مقولة راجي يخفها كثير من الغموض من حيث الموضوعية والمنهجية، وأما مفهوم شعر المستعربين الأفارقة فإنه مفهوم يحمل شعلة الأفرقانية اعتزازا وانتماءا ويدعو إلى تطويع العربية لخدمة عادات وتقاليد إفريقيا فإنه مفهوم نظري أكثر منه عملي تطبيقي، فإنه بحاجة إلى تكريس الجهود في ترجمة الآداب الإفريقية إلى اللغة العربية ودراسة مقارنة بين الأدب الإفريقي في اللغة العربية وباللغات الأروبية لبلورة حدوده، ولتقديم مادة دسمة أمام المبدعين من الشعراء والكتاب.
محددات الشعر الإفريقي العربي (عناصر وسمات):
لم يترك الشعر الإفريقي العربي موضوعا من الموضوعات الإنسانية والاجتماعية والفكرية والوطنية والدولية ولا قضية من القضايا الإفريقية منذ دخول الاستعمار إليها إلى حد خروجه منها، ولا حدث من أحداث ما بعد الاستعمار إلى اليوم إلا وتطرق إليه، وما يؤكد هذه الحقيقة، ما قام به الباحث الدكتور كبا عمران في بحثه، حيث استطاع أن يجمع شتات أشعار الشعراء الأفارقة – رغم أن هناك الكثير منها لم تصل يده إليها- من نيجيريا والسنغال ومالي ونيجر وغنيا وغانا وغمبيا وبنين وغينيا بسو وبركينا فاسو وساحل العاج وتوغو، حيث أحصى ثلاث مئة وثلاثة وثلاثين شاعرا (333) وجمع مئة وواحدا وثلاثين ديوانا – ما عدا القصائد – (131)، وخمسة ألاف وخمس مئة وستة قصيدة (5506) وبلغ عدد الأبيات (163,497)[21]. تصديقا لهذا يقول الشاعر شيخ تجان غاي
وقصيدتي هذي تعبر عن مدى *** تأثيرها بكيانها الإفريقي
يركز الشعر العربي الإفريقي على الجانب الوجداني المختص بالعواطف والمشاعر، ولا يقتصر على الجانب المادي من الوصف بل يدخل في صميم المشاعر، لأن جله نشأ في ظل أغراض دينية، كما يركز على الجانب الغنائي. والعناصر هو جمع عنصر وهو الأصل والحسب والجنس، والسمات جمع سمة وهي العلامة والطبيعة والصفة لشيء ما[22]، تندرج السمات تحت العناصر، لهذا سيركز البحث على العناصر والسمات معا للإيجاز.
لا تختلف عناصر الشعر الإفريقي العربي وسماته عن العناصر الشعرية العامة، كما لا يجتمع هذا الشعر في عناصره وسماته مع وحدة القارة، وأكبر ما يهمنا هنا هو بلورة القسمات الإفريقية وملامحها من أوجه هذه الأعمال الشعرية من خلال الفكرة والعاطفة والخيال والأسلوب على النحو التالي:
الفكرة من حيث كونها معنى فهي أمر ثانوي فى الشعر خلاف النثر “والشاعر ليس شاعرا لما فكر فيه أو أحسه، ولكنه شاعر لما يقوله شعرا…فعبقريته تكمن كلها فى إبداعه اللغوي”[23] إذًا إن حسن استغلال أنساق اللغة والانحراف بها من الرموز الهامدة إلى رموز حية لتحمل الانفعالات العاطفية والأحاسيس الوجدانية هو الذى يجعل الشعر شعرا، ومعنى الشعر ينبثق من هذه اللوحات والوشائج. والشعر الإفريقي العربي لا شك أنه بدأ شعرا تقليديا لكنه بمرور الزمن استطاع أن يأتي بعجائب في الطرافة والابتكار من خلال الأغراض والموضوعات التي تناولها، فقد استطاع أن يأتي بأفكار طريفة في المديح النبوي والتصوف والزهد وفي بعض القضايا الإفريقية، اسمع إلى الشاعر محمد الأمين جابي وهو يحدّثنا عما وصلت إليه الهوية الإفريقية في استيعاب التراث العلمي والأدبي للثقافة العربية الإسلامية:
وسطوا على العقد الفريد فلم يعد عقدا فريدا بل عقودا تكثر
وسطوا على سجع الكلام وأُولعوا بجناسه، فأتوا بما هو أكثر
نسجوا على نسج ابن مالك وارتقوا مرقى الحرير عنه لم يتأخروا
وتطلعوا شوقا على مرقى الغزا لي صاحب الإحياء ثمت أبحروا
بل زاحموا الياقوت في بلدانه فتفننوا وتعمقوا وتبخروا
رغم الصعوبة في التنقل أصبحوا يتواصلون، وليس ثمت معبر[24]
وأما عن ابتكار الأفكار والمعاني فقد وصل الشعراء المحدثون إلى مرتقى يعترف بأشعارهم النقاد العرب، حتى أخلعوا على محمد الأمين جوب السنغالي ثوب شاعرية التفرد، اسمع إلى هذه الأفكار المبدعة (من طين إفريقيا)
بالكاد تخنقني يا عازفا وتره دُخّنتُ بالصبر كي لا أرتدي خطرهْ
بالكاد تندلع النيران في مدن العقل الطبيعي على الرؤيا على النضره
سلالم وارتفاعات مشكلّة تهزّني، ولما الأجواء معتَكره
كل الطرائق نحو الورد آنستي مشبوهة، بوْصلات الحزن منتشره
سمعت وقع نعال الروح يهتف بي من أين يعرفني؟ لم يدركوا خبره
وقفت خلف زماني لست مكترثا إذ الأهلة بالأتراح محتكره[25]
وأما العاطفة فهي “الحالة التى تتشبع فيها نفس الأديب بموضوع ما تنفعل به نفسه ويتأثر به كيانه ووجدانه”[26] وتتجلى هذه الحالة فى صور الانفعالات مثل الشوق والحنين، والحب والبغض، والسرور والحزن وغيرها. والعاطفة بهذا المعنى هي روح الشعر والمحرك الأساس لعملية خلق الشعر، وهى تلك الخلجات التى تتهيج فى النفس وتعبر عنها فى ضراوة حسب كمونها فى نفس الأديب وتتحول إلى العدوى الفنية للمتلقي، وكما هي إحساس عن فكرة القصيدة والشعور بها تجاه الفكرة، وتتسم عاطفة الشعر الإفريقي العربي بالصدق غالبا والقوة والعمق والسمو والتنوع ويتراوح بين الثبات والاستمراية، والشاعر الإفريقي العربي يعيش في مواجهة التحديات من كل حدب وصوب، ما جعله كثير الانفعال وكثير التعبير وصادق الطوية، والشاعر أحمد جي السنغالي يحزن لزيارة البابا نيجيريا، ويُغير على قطعة من أراضي إفريقيا وينفعل ليقول هذه الكلمات الدفاقة:
فانهض من القبر وانظر ما دهى البلد عثمان دانْفُوجُو، إن الشرك قد وُلدا
أتى لنيجيريا البابا يبشرها بالكاثلوكيةْ يغوي كل من وجدا
هذي مظاهر إغراء وتفرقة للمسلمين ونتصير بها قصدا
وأين أحمد بلو في شهامته أو قل تَفَاوَا بَلِيوَا حينما شهدا
ويا غابونُ إليك الحبر متجه وأنت منفى لبَمْبَا حينما اضطُهدا
يا بولس الثاني، دعْ إفريقيا لذويــــــــــــــــها، وارجعنْ لأروبا، هديها نفدا[27]
وإذا كانت العاطفة قوية احتاجت إلى خيال قوي يعين على إظهار لوحاتها الفنية ويزيد من درجة تأثيرها، وإن ضعفها يؤدي إلى ضعف اللوحة بحيث تكون جثة هامدة، والخيال هو”القدرة على النظرة إلى الأشياء نظرا قويا عميقا بحيث تتمثل له تلك الأشياء فى صور وظلال”[28]، لقد تعددت تجليات صور صدور الأخيلة في الشعر الإفريقي العربي، ليتجلى في صور التشبيهات والاستعارات والمجازات والكنايات والإيحاءات، ومن الأخيلة البارعة ما جسّد بها الشاعر الوزير جنيد ألوان الطيور التي يحاورها كناية عن الأخبار المأساوية التي ترد إليه حول سيطرة المستعمر البريطاني على دولة سوكوتو، وتجلت صورة التشبيه ببراعة عالية التقطتها ذاكرته من الثراث الإفريقي في رقص القيان أيام المناسبات، ويقول[29]:
لما لا أنادي في الطلول وهذه الأطيــار فوق غصونـهن شواد
ألوانـها ما بين أبيض ناصع أو أحمر أو مشرب بسواد
تشدو وترقص في حلى أرياشها رقصَ القيان بحلة الأعياد
وبالرجوع إلى أشعار الأفارقة المحدثين ستتعجب من صدور الأخيلة عن شعور مرهف بحيث تتحول القصيدة إلى رخام خيالي يتدلى متسقا وملتحما مع أجزائه على عنق الفكرة الشعرية ومن ذلك قول الشاعر بكري عمر من مالي حيث تَوّج قصيدته بالحرف الشعري النابع عن الشعور النابض:[30]
أشدو على رئة الأفكار يتبعني ظلي الذي في كمان الشعر ملتجأ
لي أن أضم إلى المعنى خصوبته لا اللفظ تحت رداء الجدب يختبئ
يحي القوامس في أشعارنا سبق التجديد من بعدما قد سدّه القفأ
ما زلت أركض خلف الوزن معترضا حتى يجيئ خليل وهو يرتمئ
هذا الفتى لغوي في معاجمه كل الورى خبري وهو مبتدأ
والأسلوب من أخطر عناصر الشعر، وهو قالب تتشكل فيه رموز لغوية إلى لغة شعرية من عاطفة وخيال ومعنى، ومن خلاله تتجلى مهارة الشاعر أو إخفاقه وهو” كالمركب الكيماوي الذي تنحل فيه عناصر متعددة لتعطي شيئا واحدا ليس فيه أجزاء متلاصقة أو أقسام متمايزة، بل فيه صورة جديدة تولدت من جماع ذلك كله”[31]، ولكل مبدع أسلوبه لذلك قيل “الأسلوب هو الكاتب”[32]. والأسلوب الفني يعتمد على تجاوب العلاقات الإيحائية مع العلاقات السياقية بحيث يكون جو النص متماسكا متراصا تتضافر فيه الجمالية الشعرية، وعلى ضوء هذه المعايير يخوض الباحث غمار نص الشعر الإفريقي العربي. ويتسم هذا الشعر بسمات منها ما تعود إلى امتداد الجمل طولا وقصرا وبين خبريتها وإنشائيتها والتوكيدية ومنها ما تعود إلى الوضوح والغموض، ومنها ما تعود إلى المحسنات والإيقاع بنوعيه الداخلي والخارجي. وأما عن الجمل في الشعر الإفريقي العربي وإن نسب الطول والقصر تختلف من شاعر إلى شاعر لكن يمكن ملاحظة أن جل الشعراء القدامي يعتمدون على الفقرات القصيرة خلاف ما كان بين الشعراء المحدثين فإنهم يميلون إلى الجمل والفقرات الطويلة لكن مع ذلك يلتقون في فكرة وحدة البيت الشعري، اللهم إلا ما يرد قليلا ومن ذلك يقول الشاعر أحمد التجاني سهْ عن سر بقائه في الحياة وهو يستحضر جمال إفريقيا الطبيعي[33].
ولولا خفيف المورقات بروضها وشجو حمام الأيك إذ جاوب التربا
ورقص مياه المجريين إذا أتى يصفّف أعلاها من الريح ما هبا
وبعض ابتسامات النجوم التي بها يؤانس من لم يلق أنسا ولا حبا
وسر جمال الكائنات بأسرها وما في جمال الكائنات إذا جبا
لمُتُّ كما قد مات سقراط عامدا وغادرت دارا لا أرى كسبها كسبا
وأما عن وضوح الألفاظ وغموضها، فإن الشعر القديم يتسم بغموض الألفاظ والضعف في تأليفها خلاف الشعر الحديث اليوم فإن أكثره واضح الألفاظ وغامض الفكرة غالبا، إلا لمن تعرف على مصادر الفكرة وتابعه على صورته الكلية ومن ذلك قول علي مصطفى لون أحد فرسان مسابقة أمير الشعراء[34].
كَطَائِرٍ في حَنَايَا شَهْقَةٍ عَثرَا ** أمْشِي، وفَانُوسُ بَوْحٍ في فَمِي انْكَسَرا
كحَيْرَةٍ فِي رَبيعِ اليُتْمِ جَائعَةٍ ** تُهَدْهِدُ الغَيْمَ، كَيْ يُرْخِي لهَا شَجَرَا
كَشَارِعٍ فِي زَوايَا بلْدَةٍ، جَلَسَتْ ** شُمُوعُهَا في لَيَالٍ، تَشْرَبُ السَّهَرَا
أمْشِي إِلَى وجْهَةٍ ثَكْلَى هُنَاك، مَعِي ** مِنَ المَواعِيدِ حَقْلٌ يَشْتَهِي المَطَرا
عَلَى المَقَاهِي تَفِيضُ الأغْنِيَاتُ رُؤًى ** لمْ يَحْتَسِ الَّليْلُ مِن أقْدَاحِها الوَتَرَا
وأما عن الإيقاع الداخلي والخارجي، فقد وقف جل الشعراء الأفارقة على الأوزان الشعرية القديمة، واختاروا أكثرها صلة بالإيقاع الأخاذ منها على سبيل المثال البسيط والطويل والكامل والرجز والمتقارب والمتدارك، ولم يلتفتوا كثيرا إلى الشعر الحر ولا إلى شعر التفعلة إلا قليلا، وفي القوافي فقد تحدّوا مفردات اللغة لتوظيف أصعب القوافي منها الضاد والصاد على سبيل المثال، ما كتب محمد الأمين جوب سنغالي، وبكري عمر سيسي مالي[35]
لمحت فيه نقاط الضعف أمزجني نهر قديم وغصن غُصّ في الغَضّ
لأنه ككتاب الأرض أقرأه مضنى الجوى فيميل السقط للنهض
*************************
يوم تغنى وغنوا بعده قصصا هذا النهار على أكتافهم رقصا
والعَرف إذ ما يضاهي الوقت شرعته فالشعر يكمل في الأنغام ما نقص
لغة الشعر الإفريقي العربي واستدعاء الموروثات الإفريقية:
اللغة نسق من العلامات والرموز، تشكل أداة من أدوات التواصل والتفاهم والاحتكاك بين المجتمعات والشعوب في جميع ميادين الحياة، وترتبط اللغة بالتفكير، وأفكار الإنسان تصاغ في قالب لغوي للتعبير بها، حتى في حال التفكير الباطني، بناء على هذا، تجمع اللغة بين التفكير العاطفي والعقلاني والمنطقي، ومن أهم خصائصها الإنتاجية والتكرارية والإزدواجية، وتعتمد لغة الشعر على الإنتاجية[36]. وعلاقة الشاعر باللغة تختلف عن علاقة الأكاديمي والصحافي والروائي بها، لأنهم يوظفون التراكيب اللغوية لخدمة الفكرة، ويحاول الشاعر أن يفك هذه التراكيب ويعيد بنائها من جديد على مزاجه، مما يتوافق مع رؤيته للكون وإحساسه المفرط بكل شيء، فتصير اللغة نفسها الفكرة عن اللغة والشعر[37].
فاللغة العربية عند الشاعر الإفريقي ليست مادة ثانوية يستعيرها كلما ورد إليه الإلهام الشعري، بل هي فعل خلق متكرر، فهي في كل قصيدة كائن جديد يختلف عما قبله إلا على المستوى الشكلي، إذًا فلا يمكن تصنيف الأدب على أساس اللغة فقط من حيث الانتماء، لأنه لا يمكن سلخ الشاعر عن اللغة وثقافتها التي يكتب بها، لتأتي الإجابة عن سؤال مطروح: ماذا – بعد اللغة – سيحتاج إليه الشعر العربي الإفريقي من العربية!؟. وتتمثل الإجابة في كون الشعر الإفريقي العربي يتشابك مع اللغة العربية ليس في حدود الثقافة فقط بل تمتد إلى أبعدَ من هذا تعليما وحضارة، على هذا الأساس فإن هذا التشابك هو الذي يصوّغ الفكرة الشعرية المجردة لدى الشاعر الإفريقي في قالب خيالي مثقّل بالعاطفة التي أنتجها هذا التشابك، ليبقى ما على الشعر الإفريقي هو التميّز بخصائصه الأسلوبية وأنماطه التعبيرية وإنتاج بعض الصور الفنية من القالب الإفريقي، لأننا كما ذكرنا، وكما هو معلوم أن هذا الشعر نشأ في أحضان الثقافة العربية الإسلامية العميقة مع كل الاعتزاز بالانتمائية بناء على الدين قبل كل شيء، وهو سجل تاريخي وثقافي وحضاري لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء، ويقول الشاعر عبد السلام صالح من نيجيريا
أراك يا شعر من أوعى سجلات ** لكل حادثة مأوى المهمات
سجلت آلاف تاريخ منافعها ** كالماء تنفع مرات ومرات
وكم وقائع قد ماتت مآثرها ** ولست تنسى لها وقتا وعلات[38]
انطلاقا من هذا التمهيد، ستقف الدراسة على بعض الموروثات الإفريقية في الشعر الإفريقي العربي للتعرف عليها وعلى أساليبها وأنماطها التعبيرية والنزعات التي أنتجتهاعلى النحو التالي:
اللغة واستدعاء التراث الشعبي:
يستدعى الشعراء الأفارقة التراث الشعبي الإفريقي في رسم الصورة الفنية في مواقف متعددة، وهذه المواقف من شأنها أن تجلي صور إفريقيا حسب رؤيا شعرائها ومن ذلك، استحضار تراث الحرباء الذي يرمز إلى تقلبات وتحولات قد تؤدي إلى التشائم، والحمامة المنبئة، وكذلك تراث الرقصة الشعبية من خلال قصيدة الشاعر الوزير جنيد[39].
أقوت فلست ترى سوى الحـ** ــرباء لآئذة على الأعواد
قامت تخاطبني فعز كلامها ** فلكم سـكوت معلن بمراد
وتدير عينيها تشير بذاك دور** الدهر غيّر ما ترى في النادي
فتلونّتْ ففهمت منه تلون الأحـ**ــوال في الدنيا فعز رقادي
لما لا أنادي في الطلول وهذه **الأطيــار فوق غصونـهم شواد
ألوانـها ما بين أبيض ناصع **أو أحمر أو مشرب بسواد
تشدو وترقص في حلى أرياشها **رقص القيان بحلة الأعياد
وكما يستدعي شاعر نيجيري جميل عبد الله، تراث أهرامات نيجيريا من خلال وصف أهرامات مصر التي تعد أيضا تراثا إفريقيا في الدرجة الأولى، ويقول:[40]
فأول ما شاهدتُ أهرام جيزة ** وشيّدها قوم عمالقة أسد
مثلثة تكسو المشاهد روعة ** قباب مدى الأزمان آياتها خلد
وإن تك أهرام بكانو لفُستق ** فهذيَ من أحجار تحملها جهد
جثى بين أيديها أبو الهول قاطبا**كليث جثى دون العرين لمن يبدو
استدعاء الحياة الاجتماعية الإفريقية:
يستدعي الشعر الإفريقي العربي كثيرا من أبعاد الحياة الاجتماعية الإفريقية منصهرا معها، ومن ذلك انصهار هذا الشعر مع تعدد الزوجات ليعكس فكرته داخل المجتمع الإفريقي يقول الشاعر أحمد حيدر[41]
سوف أعيش مع الواحدة وكيف الحياة مع الجمرتين
ولكن إذا ما تعدَّتْ عَليّا فسوف أزيد على الاثنتين
أراني أميل إلى الثالثة عساها تقبلني القبلتين
وتغسل عني هموم الحياة فأقضي ليالي في جنتين
وفي شعر قصصي ينسج محمد الأمين عاج عادات الزواج التي دخلت على إفريقيا مؤخرة نتيجة طغيان المادة على القيم الروحية، وكان المال عاملا أساسيا في عقد الزواج أو رفضه، ويقول:
بينا أساومها، وهن يبعنها ** فإذا بصاحب (مرسديسْ) قد جاءها
هَبّوا على رنّاتها وهديرها ** مستقبلين ومعجبين بحسنها
ورأيت أم البنت ترقص فرحة ** بالمال لا بالضيف خاطب بنتها
وسمعت والدها يقول لصهره ** همسا: تفضّلْ، فهي داخل بيتها
فبقيتُ منسيا أفكر حائرا ** في حرص والدها وحيلة أمها
وخيانة البنت التي قد رضَّخَتْ ** وخرجت ألعنها وألعن أهلها
وعجبتُ من بيع الفتاة بمبلغ ** يعطيه طالب جسمها لا قلبها
يقول محمد عاج، وهو يصف عيده في المغرب وقد انسلت ذاكرته الشعرية في عادات الأفارقة في أعيادهم، من أكل وشرب ومرح وتوزيع الطعام واللحوم خلاف ما صادفه في المغرب فجعله ذلك ينقد عادات المغرب ويشيد بعادات وتقاليد إفريقيا[42]
عيد بمغرب لا تحكيه أعياد ** ولا يُرى مثله، في العمر، أفراد
فالعيد بشر وأنغام وأطعمة** يرضي القلوب وتزهو فيه أجساد
لكن عيدي بهذا العام مهزلة ** ترديديها لذوي الإحساس إجهاد
أُضحيتي قهوة صفراء بريدة ** وخبزة، بعض أصحابي بها زادوا
والأَنف يجذب ريح اللحم في شغف ** لكن جيراننا – للحم- ما نادوا
قد قربوا قطع الأكباد مشوية ** في حين تحرق – بالأحزان- أكباد
من الصباح لوقت العصر ما شبعت ** بطون إخواننا في مثل مااعتادوا
استدعاء فلسفة الأسماء والمسميات في إفريقيا:
يحتدم الصراع بين من يرون وجوب تخليد الأسماء والألقاب الإفريقية وعدم الانجراف وراء التسميات التي دخلت من خلال الإسلام ويقول أحمد جي السنغالي[43]:
قال المعارض لي (استَعْرَبْتَ) مذ زمن ** وأنت عرّبتَ هذا النشئَ مذ حين
سميْت أهلك بالأسماء من عرب ** محمد وعلي مثل مأمون
ألم يكن (كورةْ) أو (ذونْكُو) بموطننا ** أو سامْبا أو دمْبا أسماء الميامين
فقلت ياذا اتق الرحمنَ في كلمٍ ** وجّهتها ليَ في لوم وتأمين
أطلقتُ أسماء من أهوى بقدوتهم ** على معاشر أولادي ليرضوني
أما الأصالة فالإسلام أنفع لي **منها وما كل أصل أهل تمتين
استدعاء ثقافة التدواي بالأعشاب:
يقول محمد البشير جاو من مالي:
شجرات الشفاء فاطبح وتشرب ماءها شرب من ينال يقينا
قد ترى إن لزمت ذاك معافى بارئا فالتزم دواء سنينا
نبذ التقاليد الخارجة على المجتمع ومحاربتها:
خلف المستعمر عادات وتقاليد غربية تناقض منظومة الموروثات الإفريفية التي جعلت المرأة الإفريقية تثور عليها، وتعشق الحرية، وتنادي بحقوقها، وتحاول مسايرة المستعمر تاركة قيم الحجاب والاحتشام والعفاف، لتدخل في معترك الحياة الماجنة، يقول الشاعر محمد الأمين عاج في قصيدة “بنت الزمان”[44]
بنت الزمان جلبتِ العار للعين لما خرجتِ على التقليد والدين
هتكتِ سترك في ثوب خرجت به عريانة الصدر والساقين قل (مِينِي)
غدوتِ في ذلك الفستان كاشفةً ما كان مختبئا من غير تخمين
فتاة يومي غدت ولا احتشام بها ولا التعفف عن شرب وتدخين
تبدي مفاتنها للناس مغرية حمقى الخنافس والمعدود في الدون
لها شقيق ضعيف لا يحاسبها بل إنها منه تلقي كل تمرين
والخال والعم خافا من وقاحتها وفضّلا الصمت عن بنت المساكين
تعينها عمها – في أسر – فاسقة تقول لا تلبسي هذا خذي (المِينِي)
وبنطلونك عندي إن أدرت فذا لبس الزمان ومختار العناوين
في كل يوم لها حفل ستشهده والليل للرقص يوما دون تعيين
استدعاء التراث الحضاري:
سعى الشعراء الأفارقة في أشعارهم باللغة العربية لإظهار المنظومة الحضارية التي جعلت إفريقيا جنوب الصحراء شامة على جبين الدول الإسلامية لدورها الفعلي في المشاركة في بناء الصرح الحضاري الذي اعتز به العالم الإسلامي والعالم أجمع، ولم تكن كما كانت اليوم في الركود الحضاري ولم تعد تسهم في شيء، بل هي في مصاف دول العالم الثالث، لهذا أخذ الشعراء يتغنون بهذا التاريخ التراثي ويتشوقون إليه، ويحركون مشاعر الشعوب للنهوض لإرجاعه، ومن أروع ما كتب في هذا الصدد قصيدة الشاعر نافع أبوبكر العفاسي بعنوان (أطلال مسكونة) حيث استطاع الشاعر بها أن يجسّد ماضي إفريقيا بإشراقه ولمعانه ولينقله إلى حاضرنا، لنغير مستقبلنا ومنها:
أهدهد الحرف حيث الحب لا يبلى حيث الأراجيح من مأساتنا تُحلى
حيث القصيد دم (الكاوكاو) منهمر فيرتوي القلب من أشجانه الأغلى
حيث الطبيعة سمراء تحمّرها يد السياسة إذ تستكثر القتلى
وحيث لا وحدة في النفس تربطها إلا الأماجيد من أسلافنا الأعلى
معي من الزاد ملح البوح أجلبه من جيب (تمبكتو) حيث النكبة الحُبلى
هناك يجلس في التاريخ أزمنة مطْلِيّة بالحضارات التي تتُلى
أمشي وأشرب حزني كلما ظمِأتْ عيني لـ(غان)ا وأشدو شعر (لا حول)
أمشي و(مالي) تناديني ويحسبها التاريخ تحت سطور الأمة الأولى
هناك تعرق (كانمْ) ليس في يدها إلا فُتاتٌ من الأخبار تُستملى
أغوص في لجج المخطوط تُدهشني لآلئٌ سُجنتْ في قعرها قتلى
الخاتمة:
قامت هذه الدراسة بعنوان “الشعر الإفريقي العربي بين الاتباع والانتماء :مفاهيم ومحددات” على تمهيد تاريخي مع عرض أبعاد الدراسة من خلال الانطلاق من خلفيات عن الشعر الإفريقي العربي، كما قمت بمناقشة مفاهيمه، ومحدداته من (عناصر وسمات) وأخيرا لغته واستدعاء التراث الإفريقي، مع عرض نماذج وأمثلة من خلال أشعار شعراء غرب إفريقيا للوقوف على ما تعرضت له الدراسة للإجابة عن إشكاليات تثار ضد الشعر الإفريقي العربي. هذا، وقد توصلت الدراسة إلى أهم النتائج وهي على النحو التالي:
-أن نشأة الشعر الإفريقي العربي في إفريقيا جنوب الصحراء تختلف عن نشأة الشعر الإفريقي في اللغات الأروبية.
-وأن الثقاقة العربية الإسلامية من أهم العوامل التي أسهمت في بلورة هذا الشعر، بينما الشعر الإفريقي في اللغات الأروبية قامت من أجل الثورة ضد الاستعمار.
-أن هناك مفاهيم متعددة حول مصطلح تسمية هذا الشعر منها الشعر الإفريقي العربي – فهو الذي اختاره الباحث – والشعر الإفريقي في اللغة العربية، وشعر المستعربين الأفارقة.
-قد تبين للباحث اضطراب المفهومين الأخيرين في وضع إطار للمفاهيم وتحديد أبعاد الغايات التي يصبو إليها.
-وعلى الرغم من اشتراك الشعر الإفريقي العربي مع الشعر العربي في عناصر وسمات لكنه يختلف عنه في معالجة القضايا الأفريقية وبلورتها من خلال بعض العادات والتقاليد والمنظومة الفكرية.
-للغة العربية حضور جدا مع الشعر الإفريقي العربي، وينفصل عنها بعض الشيء في رسم بعض الأساليب وأنماطها التعبيرية وخاصة في بلورة إفريقية هذا الشعر.
-وعلى الدراسة أن تعترف بوجود هذه الإفريقية في الشعر الإفريقي العربي بنسب ضئيلة 40% مثلا، لكن هذه الإفريقية تتصاعد مع الشعراء المحدثين، وأكبر ما يساعدهم هو ترجمة الأعمال الأدبية من اللغات المحلية والأروبية – التي تمثل إفريقيا – إلى اللغة العربية بمنهجية هادفة.
الهوامش والمراجع:
[1] . انظر: أ،د، كبا عمران، واقع الأدب العربي في الغرب الإفريقي، أعمال المؤتمر الدولي السابع للغة العربية، ص:161
[2] . انظر:محمد شريف، إبراهيم الكانمي، أنموذج مبكر للتواصل الثقافي بين المغرب، منشروات معهد الدراسات الإفريقية بالرباط، ص: 12
[3] . انظر: آدم عبد الله الألوري، الإسلام في نيجيريا والشيخ عثمان بن فوديو، ط:2، 1971م، ص:23 وما بعدها،
[4] . انظر: الدكتور: عبد اللطيف عبيد، حول ديوان الشعر العربي في إفريقيا، موقع www.startimes.com بتاريخ18/4/2010م
[5] . انظر:الدكتور: يوسو منكيلا، دور الشعر العربي في النهوض بالفصحى في إفريقيا، مقال على موقع مجلة قراءات إفريقية، qiaatafrin.com بتاريخ30/12/2018م
[6] . انظر الدكتور، علي شلش، سلسلة عالم العرفة عدد 112، 1993م ص: 11
[7] . المرجع نفسه 14
[8] . المرجع نفسه: 12
[9] . المرجع نفسه:ص: 13
[10] . المرجع نفسه 15
[11] . المرجع نفسه 16
[12] . المرجع نفسه 16
[13] . المرجع نفسه 13
[14] المرجع نفسه 14
[15] . المرجع نفسه 17
[16] . الدكتور كبا عمران، الشعر العربي الإفريقي، خلال القرن العشرين الميلادي، مشورات المنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة، إسيسكو، المغرب، 2011م، ص:59
[17] . الأستاذ الدكتور: مسعود راجي، الأدب النيجيري في اللغة العربية، كتاب جماعي بعنوان (من مظاهر اللغة العربية وآدابها في نيجيريا) مقالات أكاديمية جمعت ونقحت ونشرت إكراما للشيخ البروفيسور الراحل علي نائبي سويد، ص: 20-23
[18] . المرجع نفسه ص:24
[19] . الدكتور أبوبكر أمين، الأجب العربي النيجيري أو الأدب النيجيريفي اللغة العربية: قراءة في أزمة التسمية والمصطلحية، مقال منشور على موقع: www.researchgate.net 2016م ص: 6
[20] . مقولة الدكتور مرتضى الحقيقي على مجموعة منبر الإبداع بتاريخ 24/3/2022م بتصرف
[21] . انظر: الدكتور كبا عمران، الشعر العربي الإفريقي، خلال القرن العشرين الميلادي، ص: 89
[22] . مجمع اللغة العربية، القاهرة
[23] . عبد الله الغذامي، الخطيئة والتكفير،من البنيوية إلى التشريحية نظرية وتطبيقا، مرجع سابق:20
[24] . الشعر العربي الإفريقي: ص:221
[25] . ديوان كأغنية لم تكتمل،
[26] . أ،د، طه عبد الرحيم عبد البر، مقاييس نقد الأدب ومناهجه (د،م،ن) ص:7
[27] . الشعر الإفريقي: 245
[28] . حنا الفاخوري،تاريخ الأدب العربي،(الأدب القديم) دار الجيل، بيروت، 2005،ص: 16
[29] . ديوان قصائد الوزير جنيد (محطوط) ص: 10
[30] . قصيدة بعنوان: ارتماء على جسر الوزن
[31] . قدور، د. أحمد محمد مبادئ السانيات، دار الفكر، بيروت، لبنان ط:1999 ص:228
[32] . حنا الفاخوري،تاريخ الأدب العربي،(الأدب القديم) مرجع سابق:ص:19
[33] . الشعر العربي الإفريقي، ص:385
[34] . قصيدة دمعة تتآكل في شفة الرمل
[35] . انظر: قصيدة كتاب الأرض لجوب، ورقصة شاعر داخل القصيدة لبكري
[36] . انظر موقع www.wikipedia.org
[37] . انظر: حسن المقداد، عن اللغة والشعر، 18/كانون الأول/2017م على موقع: www.almayadeen.net
[38] . الدكتور كبا عمران، الشعر العربي الإفريقي، خلال القرن العشرين الميلادي، ص 213
[39] . المرحع نفسه 245
[40] . الشعر الإفريقي: 220
[41] . الشعر الإفريقي 166-167
[42] . الشعر الإفريقي: 284
[43] . المرجع نفسه: 234
[44] . المرجع نفسه: 160 وما بعدها