يروم هذا المقال الإجابة عن سؤالٍ جوهريٍّ عن اللغة العربيَّة بإفريقيا جنوب الصَّحراء: تُرى ماذا يُتوقَّع أن تؤول إليه اللُّغة العربيَّة بإفريقيا في ظلِّ رهانات الحاضر؟ أو: ما مستقبل اللُّغة العربيَّة بإفريقيا جنوب الصَّحراء؟
وهذا سؤالٌ وجيه؛ بوصف اللغة كائناً حيّاً غير منفكٍّ عن عوارض الصِّحة والسَّقم، والنُّمو والاضمحلال، والتَّمدُّد والانكماش، والقوَّة والضَّعف، بل الموت والاندثار.
طرح السُّؤال السَّابق عن اللُّغة العربيَّة عدَّة دراسات في سياقات متنوعة، بما فيه السِّياق العربي نفسه، أي: مستقبل اللُّغة العربيَّة في عُقر ديارها، كما طُرح في سياق لغاتٍ أخرى كالإنجليزيَّة والفرنسيَّة، وغيرهما من اللُّغات(1).
والسؤال مهمٌّ للغاية إذا استصحبنا ظرف العولمة التي تهدِّد اللُّغات والثَّقافات في وجودها، ولم تبالغ بعض الدِّراسات في وصفها العولمة بمرض عُضال.. «إنَّ العالَم يعاني من مرض عضال: العولمة، إنَّ ديناميَّة الأخذ والعطاء في العولمة قد أدَّت بالدُّول الإفريقية إلى أن تعطي أكثر من أن تأخذ: لغاتها، وثقافتها، وهويَّتها»(2)، ولم يبالغ آخرون إذ أطلقوا على اللُّغة الإنجليزيَّة واللُّغات الأوروبيَّة – وهي صاحبة الحظوة في مشروع العولمة – لقب (Glottophagous, Killer Languages) أي اللُّغات القاتلة(3)، كما أطلقوا على العمليَّة التي تقوم بها تلك اللُّغات مصطلح (linguicide)، أي: إبادة لغويَّة.
في هذا السِّياق إذن؛ كان لا بدَّ لهذا المقال – في سبيل النَّظر في مستقبل العربيَّة بإفريقيا – من الانطلاق من رؤية عامَّة في واقع اللُّغات الإفريقية نفسها، ورؤية مماثلة من استقراء حاضر اللُّغة العربيَّة ببُعدَيه الدَّاخلي والخارجي، أي في الوطن العربيِّ وخارجه، خصوصاً في إفريقيا، ومن ثمَّ النَّظر فيما يمكن أن يتمَّ بين اللُّغة العربيَّة وبين اللُّغات الإفريقية من تبادُل وأخذ وعطاءٍ في ظلِّ هذا العصر المشحون بتحدِّياتٍ كُثيرة، تهدِّد الشُّعوب ومقوِّمات بقائها؛ من عقيدة ودين ولغة وثقافة وفن.
وبناءً على كلِّ ذلك؛ من المكتسبات التَّاريخيَّة، وحقائق الواقع العربي بإفريقيا، يمكن الوصول إلى تكهُّن مقبول لما يُحتمل أن تصير إليه العربيَّة بإفريقيا، ومحاولة التَّدخُّل في هذا المصير المحتمل من خلال تعديل مسار العربيَّة في الحاضر، وتوجيهها الوجهة التي يُراد لها أن تؤول إليه بإفريقيا.
تجدر الإشارة إلى أنَّ مقالنا هذا تعوِزه الدِّراسات الميدانية الحديثة، لاستطلاع آراء الأفارقة ومواقفهم حول اللُّغة العربيَّة، بمختلف شرائح المجتمع وطبقاته وعقائده، من أجل تكوين تصوُّر عامٍّ، واستكمال الصُّورة الكليَّة لوضع اللُّغة العربيَّة بإفريقيا في حاضرها، وما يمكن أن يتمخَّض عنه هذا الوضع في مستقبلها.
أوَّلا: اللُّغات الإفريقية: ملامح وإشكالات:
تحكم اللُّغات الإفريقية ظروف متشابهة ومتماثلة في ظلِّ احتكاكها باللُّغات الأخرى، وتدخُّل عوامل اجتماعيَّة وسياسيَّة عدَّة في مسار تلك اللُّغات.. إنَّ معرفة العوامل المؤثِّرة في اللُّغات الإفريقية، والتَّحديات المحدقة بها، ضروريَّة في مشروع الأخذ والعطاء، والشراكة المأمولة بين اللُّغة العربيَّة وبين اللُّغات الإفريقية في الحاضر والمستقبل.
وفيما يأتي تحديدٌ لبعض تلك العوامل والظُّروف والتَّحدِّيات المتلبِّسة باللُّغات الإفريقية:
أ – لغاتٌ وافرة العدد:
تُعدُّ إفريقيا أوفر القارات في التَّنوُّع اللُّغوي؛ إذ تفيد الإحصاءات أنَّ لغات العالم تبلغ حوالي (6700) لغة، وأنَّ بإفريقيا – وحدها – أكثر من (2000) لغة، أي أنَّ حوالي (30%) من لغات العالم موجودة بإفريقيا(4)، ويحوز الغرب الإفريقي نصيب الأسد في هذا التَّوزيع اللُّغوي؛ إذ يبلغ عدد اللُّغات به حوالي (1200) لغة، كذلك، فإنَّ أهمَّ (130) لغة بهذه المنطقة، أي تلك التي يربو المتحدِّثون بها على (200,000) نسمة، تضمُّ أكثر من (80%) من سكان المنطقة، بالإضافة إلى أنَّ أكبر خمس لغات من بين تلك اللُّغات الكبرى المائة والثَّلاثين (هوسا، ويوربا، وفولاني، وإيبو، ومادينغ)، يفوق المتحدِّثون بها – مجتمعين – (120) مليون نسمة، هذا، وتظهر أهميَّة هذا الإحصاء إذا عُلم أنَّ تعداد سكان غرب إفريقيا هو (308,700) مليون نسمة.
مثالٌ آخر، وهو المثال النِّيجيري؛ إذ توجد بها ما بين (400 – 500) إثنيَّة لغويَّة؛ لكنَّ اللُّغات الثَّلاث الكبرى بها (هوسا، ويوربا، وإيبو)، تمثِّل نسبة (65%) من عدد اللُّغات بنيجيريا(5).
والدول الإفريقية أحاديَّة اللُّغة، أو ذات بضع لغاتٍ فحسب، قليلة نادرة، وربَّما شاذة عن قاعدة التَّعدُّد اللُّغوي، كحال الصُّومال، وبها لغة واحدة، ومدغشقر (الملاجاشية)، وجزر القمر، وبها السواحليَّة والقمريَّة (ينظر الجدول رقم 1).
ب – لغاتٌ ذوات اتِّساع ديموغرافي كبير:
خلافاً لما قد يوهم القول بكثرة اللُّغات بإفريقيا من احتمال تخبُّط وخروج عن الانضباط، وفوضى في المستوى التواصلي، فإنَّ ثمة حقيقة تحد من هذا الاحتمال، هي أن بين تلك اللُّغات لغات «عملاقة» كاللُّغات الخمس المذكورة آنفاً، وتبعاً للواقع الدِّيموغرافي للشُّعوب الإفريقية الذي لا يخضع – البتَّة – للتَّوزيعات القطرية الحديثة؛ فإنَّ أكثريَّة اللُّغات الإفريقية أيضاً لا تعترف بالحدود السِّياسيَّة الوهميَّة العشوائيَّة، وهذا المحدد – بالذَّات – هو الذي اعتمدته الأكاديميَّة الإفريقية للغات(6) في تصنيفها للغات الإفريقية، وهي بهذا الاعتبار ثلاثة أصناف:
1 – لغات غالبة عابرة للحدود: وهي اللُّغات التي يُتحدَّث بها في أكثر من قطر إفريقي، ولها متحدِّثون كُثر نسبيّاً في معظم تلك الدُّول التي تعدُّ الموطن الأصل لتلك اللُّغات، ومن تلك اللغات: لغة الهوسا، والفُلفدي، والمادينغ (في غرب إفريقيا)، ولغة لينْغالا، وبيتي فانْغ (Beti – Fang)، (في وسط إفريقيا)، ولغة شيشْوَا، وسيشْوانا (Sishewa, Setswana) (في الجنوب الإفريقي)، والسواحلية (في الشرق الإفريقي).
2 – لغات غالبة عابرة الحدود محدودة: وهي اللُّغات التي يُتحدَّث بها بشكل محدود في دولَتَين أو أكثر، أو هي لغة غالبة في دولة واحدة، ومحدودة في دولة أخرى، ومن نماذجها: لغة يوربا، ولغة سيشوانا، فالأولى يَتَحدَّث بها في نيجيريا حوالي (20,3)، ولكنَّها في جمهوريَّة بنين لغة أقليَّة، أمَّا لغة سيشوانا فهي غالبة في بوتسوانا (80%)، وهي في الوقت نفسه لغة محدودة في جنوب إفريقيا.
3 – لغاتٌ غالبة غير عابرة للحدود: وهي اللغات التي يتحدَّث بها السَّواد الأعظم في دولة إفريقية واحدة، وليس لها وجودٌ معْتَبر في دولة أخرى، ومن نماذجها: اللغة الأمهريَّة في الحبشة، ولغة كيكوكو في كينيا، ولغة الزُّولو في جمهوريَّة جنوب إفريقيا، والولوف في السنغال.
وكما سبق تقريره؛ فإنَّ العلاقة بين الحدود السِّياسيَّة المفتعلة، وبين اللُّغات المنضوية في حيز تلك الحدود، علاقة سالبة؛ لذلك فإنَّ التَّقسيمات السابقة ليست ثابتة؛ إذ قد تكون اللُّغة منتشرةً في أكثر من دولة إفريقية، ولكنَّها غير غالبة في واحدة منها، وقد أشار الباحث إيبونوس في هذا المقام إلى وجود حوالي (45) لغة مشتركة بين نيجيريا وبين جاراتها(7).
ج – لغات مهدَّدة بالاضمحلال أو الاندثار:
في ظلِّ تسارُع وتيرة التَّهديد الذي تمثِّله «اللُّغات القاتلة» ضدَّ اللُّغات الأقلِّ مناعةً في عصر العولمة والمعلوماتيَّة، فإنَّ كلَّ لغة بإفريقيا هي مهدَّدة بشكلٍ من الأشكال.
على سبيل المثال؛ تذهب الدِّراسات إلى أنَّ عدد اللُّغات في العالَم في عصر ما قبل التَّاريخ، كان بين (31,000 – 600,000) لغة، وقد تقلَّص هذا العدد اليوم إلى حوالي (6 – 7) آلاف لغة، وإذا ما امتدَّت الحال على ما هي عليه الآن فإنَّ الباحثين يذهبون إلى الاعتقاد أنَّه بنهاية القرن الأوَّل من الألفيَّة الحاليَّة (2100م) سوف تندثر نسبة (50%) من اللُّغات العالميَّة، بل إنَّ بعض المتشائمين يرفعون هذه النِّسبة إلى حوالي (90%)(8)، أمَّا في إفريقيا؛ فإنَّ الباحث رولاند بريتون أكثر تشاؤماً؛ إذ توقَّع أن التَّحوُّل الكامل من اللُّغات الإفريقية إلى اللُّغات الاستعماريَّة سوف يتمُّ في غضون ثلاثة أجيالٍ من الآن(9).
في هذا السِّياق، تذهب الدِّراسات إلى أنَّ اللُّغات الإفريقية هي الأكثر عرضة للاندثار في هذا العصر، وفي إحصاءاتٍ منذ عام 1991م، للباحث ماتْياسْ وزميلَيه، تبيَّن أنَّ (54) لغة إفريقية قد اندثَرَت في غضون عقد من الزَّمن، وأنَّ (49) كانت تحتضر آنذاك(10)، ومن الأمثلة القريبة الأكثر وروداً بهذا الصَّدد حال أسرة اللُّغات الخويْسانيَّة (Koisan)، فقد وجد الباحث توم غولدمان وزميله ورايْنير فاسينْ Tom Guldman & Rainer Vassen أنَّ لغات هذه المجموعة كانت تربو على المائة قُبَيل الاستعمار، ولكنَّها تقلَّصت في غضون قرن فحسب إلى حوالي الثُّلث، أي (35) لغة(11).
د – لغاتٌ تشكو غُربة في مواطنها:
لقد مُنيت اللُّغات الإفريقية بغربة بائسة في مواطنها على الرُّغم من أنَّ بعض تلك اللُّغات تحظى برمزيَّة عميقة للهويَّة الوطنيَّة للدَّولة / الدُّوَل التي تتحدَّث بها في تاريخها واجتماعها وثقافتها، كالأمهريَّة في إثيوبيا، والصوماليَّة، ولغة شُوانا في بوتسوانا وفي ج. جنوب إفريقيا، والتِّغريتيَّة في إريتريا، ولغة مادينغ في مالي وغينيا، وهوسا في نيجيريا وكاميرون وغانا.
مثال ما سبق؛ أنَّ اللُّغات المحليَّة في دول إفريقيا جنوب الصَّحراء (48 دولة)، لا يُعترف بها في أيٍّ من تلك الدُّول بوصفها لغةً رسميَّة، اللَّهم إلاَّ في تسع عشرة دولة فحسب (جدول رقم 1)، وإنَّما العبرة باللُّغات الاستعماريَّة التي لا تمثِّل – في أحسن أحوالها – إلا نسبةً ضئيلةً بين (10 – 15%) من السُّكان(12)، وهذه النِّسبة الضئيلة هي نخبة المثقَّفين، ومعلوم أنَّ اللُّغات الاستعماريَّة تلك ليست لغةً أمٍّ لهذه النُّخبة المثقَّفة(13).
حتى إذا وردت الإشارة إلى اللُّغات المحليَّة في الدُّستور في بعض البلاد الإفريقية، فإنَّما هي إشارة خجولة كما في دستور ساحل العاج (2000م)، الذي ينصُّ على وجود «لغاتٍ وطنيَّة» دون ذكر أيٍّ منها، بينما تنصُّ المادَّة الأولى من الدُّستور على أنَّ لغة الدَّولة الرَّسميَّة هي الفرنسية(14).
ويتبدَّى عمق الإشكال في كون اللُّغات الاستعماريَّة الوافدة في كلٍّ من الدُّول، هي لغة التَّعليم في المراحل التَّعليميَّة كلِّها، أمَّا اللُّغات المحليَّة فلا تتجاوز رسميَّتها – في الغالب – السَّماح باستعمالها في المجالس البرلمانيَّة، وفي المحاكم، وفي الدَّوائر الحكوميَّة، وفي بعض البرامج الإعلاميَّة، وكلُّ ذلك في حيزٍ ضيِّق، وربَّما في حال الضَّرورة، فاللُّغة الاستعماريَّة الوافدة هي – في الواقع العملي – صاحبة الحظوة، فوصْفُ اللُّغة المحليَّة بأنَّها رسميَّة لا يعني شيئاً ذا بال في حقيقة الأمر، بل إنَّها قد تكون حجر عثرة أمام المتحدِّث بها في السِّياقات والمواقف المذكورة.
أيضاً؛ فإنَّ اللغة الاستعماريَّة، وإن لم تكن ضمن اللُّغات الرَّسمية بالدَّولة الإفريقية، فإنها تحظى بالاختيار في السِّياسات اللُّغويَّة على حساب اللُّغات القوميَّة المحليَّة، ومن مظاهر ذلك – مثلاً – اعتماد بعض الدُّول (المستعمرة الإنجليزيَّة) اللُّغةَ الفرنسيَّةَ بوصفها لغة ثانية في المراحل المتوسِّطة أو الثَّانويَّة من التَّعليم، مع وجود لغة أو لغاتٍ محليَّة يُدَّعى أنَّها «رسميَّة»، ولكنَّها لا تُعْتَمَد في التَّعليم! وفوق ذلك، نجد ندرة حادَّةً في معلمي اللغة الفرنسيَّة في تلك البلاد، وربَّما نفرة وعزوفاً من قِبَل الدَّارسين في تعلُّم الفرنسيَّة، ولكنْ على الرُّغم من ذلك كلِّه، فإنَّ الفرنسيَّة أو الإنجليزيَّة تُعتمد في التَّعليم، وتبذل الدَّولة الجهود غير العاديَّة في سبيل تدريسها، وفوق ذلك تلجأ بعض الدُّول إلى اختيار أكثر من لغة استعماريَّة بوصفها لغةً رسميَّة متجاهلة عشرات اللُّغات المحليَّة، كالكاميرون، وموريشيوس، وغينيا الاستوائيَّة (الجدول رقم 2).
هـ – لغاتٌ غير مكتوبة:
يرد وصف إفريقيا في بعض الدِّراسات بأنَّها «القارَّة الشَّفاهيَّة» إشارة إلى أنَّ تاريخها وثقافتها ومعارفها إنَّما هي شفاهيَّة غير مدوَّنة، أو أنَّ لغاتها على كثرتها لم تعرف أنظمة كتابيَّة، هذا الوصف صحيح في ذاته، وإن لم يكن ذلك يعني تفضيلاً للمجتمعات الكتابيَّة على الشفاهيَّة، فاللُّغات المكتوبة بإفريقيا قليلة، وهي حديثة باستثناء كتابة الأمهريَّة، ومن نماذجها: ألفبائيَّة بامون (Bamun) وضعها السلطان إبراهيما انْجويا في الكاميرون في أواخر القرن التَّاسع عشر الميلادي، وألفبائيَّة لغة فايْ (Vai)، وهي من فروع المادينغ في ليبيريا وسيراليون، وضعها (Momolu Douwalou Boukele) عام 1833م، وألفبائيَّة ماسابا (Masaba) للبَمبارا بمنطقة كآرْتا في مالي اخترعت عام 1930م على يد (Woyo Couloubayi)، وألفبائيَّات لوما (Loma)، وكبيلي (Kpelle) وغورو (Guro) وإبيبيو (Ibibio)، وألفبائيَّة انْكو وضعها الشَّيخ سليمان كانتيه 1949م(15).
لذلك، استثنى الباحث رولاند بريتون، حين ذهب إلى التَّنبُّؤ باندثارٍ وشيكٍ للُّغات الإفريقية، لغات في الشَّرق الإفريقي من ذلك، وبخاصَّة: الأمهريَّة، والتغريتيَّة، والصُّوماليَّة والسواحليَّة، وكينيارواندا، وكيرونْدي، وملاجاشي؛ لكونها لغاتٍ مكتوبةً ومستخدمةً في الإدارة والإعلام(16).
بالإجمال؛ فإنَّ اللُّغات الإفريقية تعاني تهديداً حقيقيّاً في مواطنها، وذلك جراء إقصائها في السِّياسات اللُّغويَّة الحكوميَّة عن المشاركة الحقيقيَّة في مشروع التَّنمية؛ على الرُّغم من أنَّ تلك اللُّغات تضطلع بخصائص وإمكاناتٍ عدَّة ترشِّحها – بل تجعل مشاركتها ضروريَّة – للنُّهوض بإفريقيا، وتأكيد استقلالها الثَّقافي والفكري.
ثانياً: اللُّغة العربيَّة حضورها ومكانتها بإفريقيا:
إنَّ نظرةً عجلى في الخريطة اللُّغويَّة بإفريقيا تضع أناملنا على الوضع الحقيقي للُّغة العربيَّة بالقارة الإفريقية، وتكشف عن العلاقات المتشابكة بين اللُّغات الإفريقية وبين العربيَّة.
يتمظهر هذا أوَّلاً في العلاقة العضويَّة(17) بين اللُّغة العربيَّة وبين مجموعة كبيرة من اللُّغات الإفريقية؛ إذ إنَّ العربيَّة تقع ضمن المجموعة السَّاميَّة التي هي تفرُّع من أسرة اللُّغات الأفروآسيويَّة (عددها 371)، أمَّا بقيَّة الأسر اللُّغويَّة الإفريقية الثَّلاث، فهي: أسرة اللُّغات النيجركونغويَّة (1,436)، والنيليَّة الصَّحراويَّة (196)، الخويسانْ (35)(18).
والملاحظة السَّريعة فيما سبق؛ أنَّ اللُّغة العربيَّة تقع ضمن الأسرة الثَّانية من حيث الكثرة، وفوق ذلك تعدُّ العربيَّة أكثر اللُّغات الأفروآسيويَّة الأكثر انتشاراً؛ حيث يبلغ عدد المتحدِّثين بها أكثر من (150) مليون نسمة(19)، ومعظمهم بإفريقيا الشَّماليَّة، أمَّا عن انتشارها بإفريقيا تحديداً؛ فتفيد الإحصاءات أنَّ من بين (1030) مليون نسمة بإفريقيا، بحسب إحصاءات عام 2011م، تتحدَّث بالعربيَّة نسبة تقارب (17%) من هذا العدد(20)، بينما لا يتحدَّث بالسواحليَّة إلاَّ حوالي (10%)، والهوسا (5%)، وهما اللُّغتان الأكثر انتشاراً بالقارة، فالعربيَّة – بلغة الأرقام – هي أكثر لغات القارة الإفريقية انتشاراً.
كذلك، فإنَّ للغة العربيَّة علاقاتٍ وظيفيَّة بلغاتٍ إفريقية كثيرة في الأسر الأخرى، من ذلك: علاقتها مع لغات الأسرة النِّيليَّة الصَّحراويَّة (كانوري، كانيمبو، زغاوة…)، واللغات النيجريَّة الكونغويَّة (بمبارا، جولا، سوسو، سوننكي، كبيلي، ولوف، فلفلدي، تمني، بساري…).
إنَّ للغة العربيَّة علاقاتٍ تاريخيَّة عميقة بهذه اللُّغات وتأثيراً واضحاً فيها(21)، وهو تأثيرٌ وصفه الباحث سلاوُو في مستوى الاقتراض بأنَّه (flood of words)؛ أي: «طوفان» من المفردات العربيَّة في اللُّغات الإفريقية(22).
بالإضافة إلى تلك الإحصاءات المؤكِّدة للحضور العربيِّ بإفريقيا، فإنَّ حضور اللُّغة العربيَّة بالقارَّة، من ناحية تاريخيَّة، حضورٌ قديم، سبق ظهور الإسلام بها، وذلك في مناطق الشَّرق الإفريقي، وبالتَّحديد: منطقة القرن الإفريقي، أمَّا في المناطق الدَّاخليَّة الأخرى فإنَّ الحضور العربيَّ بها قد رافق الحضور الإسلاميَّ في حدود القرن الثاني الهجري (الثَّامن الميلادي).
أيضاً، تظهر مكانة العربيَّة بإفريقيا باعتمادها على مستوى سياسيٍّ رفيع؛ لتكون لغةً رسميَّة بمنظَّمة الوحدة الإفريقية، وذلك مع اللُّغات الاستعماريَّة الثَّلاث (الإنجليزيَّة والفرنسيَّة والبرتغاليَّة) المعتبرة «لغات عمل» (working paper) رسميَّة بالمنظمة، وبذلك فإنَّ اللُّغة العربيَّة والسواحليَّة هما اللُّغتان غير الاستعماريَّتين المعترف بهما بهذه المنظَّمة، ومنذ عام 1986م ارتأت المنظَّمة اعتماد لغاتٍ إفريقية كبرى بوصفها لغات عمل رسميَّة بالمنظمة، ولكن هذا المشروع لم يتحقَّق في الواقع(23)، هذا من جانب.
من جانبٍ آخر؛ فإنَّ حضور اللُّغة العربيَّة في بلدان إفريقيا بوصفها لغةً رسميَّة حضورٌ ضعيف، فهي رسميَّة – وحدها – في السُّودان، وموريتانيا، وجاء الاعتراف بها بموريتانيا عن طريقٍ عسيرٍ عبر احتجاجاتٍ واضطراباتٍ بين مناصري الفرنكوفونيَّة ومناصري العربيَّة(24)، كما أنَّ اللُّغة العربيَّة رسميَّةٌ إلى جانب الإنجليزيَّة والفرنسيَّة في كلٍّ من: تشاد، وجنوب السودان، وجزر القمر، وجيبوتي، أو إلى جانب لغة وطنيَّة، في: إريتريا، والصُّومال، فالحاصل أنَّ العربيَّة رسميَّة في ثماني دُوَلٍ إفريقية ما عدا الدُّول المغاربيَّة (جدول رقم 1).
بناءً على المعطيات المذكورة وغيرها من الاعتبارات؛ فإنَّ مجموعةً من المفكِّرين الأفارقة، سواء داخل القارَّة أو خارجها من أفارقة الشَّتات في الكاريبي وأمريكا، حين ظهرت الحاجَّة إلى اعتماد لغةٍ إفريقية مشتركة إبّان استقلال الدُّول الإفريقية، قد رشَّحوا اللُّغة العربيَّة لأن تكون اللُّغة المشتركة الجامعة للدُّول الإفريقية الحديثة.
في هذا السِّياق؛ فإنَّ من أبرز المفكِّرين في تلك الحقبة المؤرِّخ إدوارد بليدن (1852م – 1912م) Edward W. Bleyden, ، وقد ذهب إلى ترشيح اللُّغة العربيَّة بوصفها لغة مشتركة لحركة إفريقيا الكبرى (Panafricanism)، وحركة النِّيغرتود (Negritude)، ودعا إلى تعميمها بوصفها لغة غير غريبة على القارَّة، وغير حاملة للأوزار التي تنوء بها اللُّغات الاستعماريَّة.. يقول: «إنَّ لَممَّا يؤسى له في حال الإنجليزيَّة، وغيرها من اللُّغات الأوروبيَّة في هذا الجزء من إفريقيا، أنَّها قد أتت إلى شعوب إفريقيا وهي مقرونةٌ بالفُرقة والقهر، وخالية من أيِّ محتوى روحيٍّ، بينما ينظر الأفارقة إلى العربية بوصفها لغة دين وإعمار، وأنَّها لغة روحيَّة»(25)، وتظهر أهميَّة هذا الموقف من لدُن بليدن لكونه مسيحيّاً، ليس له في موقفه المنصف من العربيَّة والإسلام أدنى مصلحة شخصيَّة، كذلك، فإنَّ شيخ أنتا ديوبْ كان من أحلامه الكبيرة إيجاد لغة إفريقية مشتركة غير استعماريَّة، لكنَّه لم ينصَّ على العربيَّة تحديداً بوصفها لغة مشتركة لإفريقيا(26).
موقفٌ أكثر تأكيداً في الإعلان عن الهويَّة الإفريقية، وتحديدها بالإسلام، نجده عند المفكر علي المزروعي؛ إذ ذهب إلى الإعلان عن فكرة «إفريقيا الكبرى» Greater Africa ، يدَّعي فيها أنَّ الجزيرة العربيَّة جزءٌ من إفريقيا، وإنَّما تمَّ فصلها عن إفريقيا على يد الإمبرياليِّين في مؤتمر برلين عام 1888م، حتى يفصلوا بين بعض العرب عن بعضهم الآخر، وينزعوا الإسلام عن الهويَّة الإفريقية(27).
بالعكس؛ نجد موقفاً متصلِّباً – لعلَّ عدائيّاً – ضدَّ اللغة العربيَّة والإسلام من لدن طائفة من الكُتَّاب والمفكرين الأفارقة، نذكر منهم هنا الروائي وول سوينكا Wole Soyinka حامل نوبل في الأدب؛ إذ يقول: «الإسلام ليس ديانةً إفريقية، وإنَّه ليس إلا مثل المسيحيَّة.. عندنا في القارة الأمِّ الإسلام ليس إلاَّ محطَّة لا بدَّ لنا من العبور منها قبل الحصول على الرُّوح الحقيقيَّة للسُّود»(28)، ومن المفارقة أن يدعو سوينكا إلى اعتماد اللُّغة السواحليَّة لغة مشتركة لإفريقيا، والظَّاهر أنَّه قد ألجِئ إلى حيلة المغلوب؛ فما كان منه إلا ترشيح السواحليَّة فراراً من شبح العربيَّة ولغة الهوسا القريبة منه بنيجيريا.
ثالثاً: اللُّغة العربيَّة وتحدِّيات مستجدَّة:
على الرُّغم من المقوِّمات الذَّاتية التي تتمتَّع بها اللُّغة العربيَّة بوصفها لغةً قويَّة ثابتة، مؤثِّرة في غيرها، حاوية لزخمٍ روحيٍّ كبير، فإنّها تعاني تحدِّياتٍ كبيرة في ظلِّ الظُّروف الجديدة التي تفرضها العوْلمة وعصر المعلوماتيَّة، وغيرها من مستجدَّات العصر.
ونستعرض بعض تلك التَّحدِّيات في الفقرات أدناه:
أ – ضعف الحضور المحليِّ والعالمي:
ما سبقت الإشارة إليه من غربة للُّغات الإفريقية داخل أوطانها يكاد يصدُق في اللُّغة العربيَّة في الوطن العربيِّ، فالمجتمعات العربيَّة تعاني «غزو» اللُّغات الأجنبيَّة لها في مختلف الميادين: في الإعلام، وفي المؤسَّسات التَّعليميَّة، وفي السُّوق والشَّارع.
أمَّا ضعف الحضور العربي في المستوى الدُّولي؛ فإنَّ له علاقة بالنَّظرة الدُّونية لمتحدِّثي العربية إلى أنفسهم، وقد لاحظ الكثير من الدِّبلوماسيِّين أنَّ حضور اللُّغة العربيَّة مثلاً في اجتماعات الأمم المتحدة إنَّما هو في إلقاء الخطب وترجمتها، أمَّا في أروقة الاجتماع، وفي المحافل المصاحبة، فإنَّ العرب أنفسَهُم يتخاطبون فيما بينهم بالإنجليزيَّة أو الفرنسيَّة، وإذا خاطَبَهم غيرهم بالعربيَّة فكثيراً ما يردُّون عليه بالإنجليزيَّة أو بلغة أجنبيَّة!
ب – مزاحمة اللَّهجات القُطريَّة للفصحى:
تعاني اللُّغة العربيَّة الفصحى «تسوُّساً» وهجمة داخليَّة من لدن دعاة العاميات القطريَّة في كلِّ بلدٍ عربيٍّ، وتتجاوز هذه الدَّعوة استخدام اللَّهجات المحليَّة في المستوى المحكي اليوميِّ إلى استخدامها في مستوى الكتابة والتأليف والتَّربية والتَّعليم، ومن مخاطر هذه الدَّعوة أنها تفضي إلى تقويض مقوِّمة أساسيَّة في اللُّغة العربيَّة، قلَّما حظيت بها لغة أخرى من اللُّغات البشريَّة الحاليَّة، ألا وهي خاصيَّة الثَّبات والرُّسوخ التي لزمت اللُّغة العربيَّة منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام؛ إذ لم يطرأ عليها تغيير جذريٌّ في أيِّ مستوى من مستوياتها اللُّغويَّة تفضي إلى تفكيكها إلى لهجات أو – حتى – لغاتٍ متباينة كما الحال في اللاَّتينيَّة مثلاً.
إنَّ وجود اللَّهجات في أيَّة لغة ظاهرةٌ طبيعيَّة في التَّنوع المودَع في الآفاق والأنفس واللُّغات، وتلك ظاهرةٌ ماثلة الآن بشكل متفشٍّ في الإنجليزيَّة والفرنسيَّة تحديداً، فهناك إنجليزيَّة أمريكيَّة، وبريطانيَّة، وأستراليَّة، وهنديَّة… وفرنسيَّة بلجيكيَّة، وكنديَّة، وفرنسيَّات إفريقية؛ لذلك وجدت مبادرات في الإنجليزيَّة مثلاً، لمحاولة الحدِّ من «انزياح» الإنجليزيَّات وتباعُدها، بل محاولة توحيد الأشكال الإنجليزيَّة المتجذّرة في شكل لغويٍّ نموذجي مشترك؛ وبخاصَّة الإنجليزيَّة البريطانيَّة، والأمريكيَّة، والأستراليَّة(29).
عليه؛ فإنَّ تشجيع العاميَّات لا يخدم تقوية اللُّغة العربيَّة على صعيدٍ عالَميٍّ، خصوصاً في هذا العصر الذي هي أحوَج ما تكون فيه إلى التَّكتُّل وجمع الشَّتات في مواجهة غيرها من اللُّغات التي تعتمد على استراتيجيَّة التَّجمُّع، واستقواء بعضها ببعض.
ج – تهميشها في التَّعليم الجامعي والبحث العلمي:
من التَّحدِّيات التي تواجه اللُّغة العربيَّة تهميشها في التَّعليم الجامعي، فهي يوماً بعد يوم تفقد بعضاً من المساحات والمساقات الدِّراسيَّة المخصَّصة لها تقليديّاً في الجامعات والمؤسَّسات التَّعليميَّة العربيَّة، بالمقابل تتَّسع دائرة اعتماد اللُّغة الإنجليزيَّة في أروقة الجامعات، وقد كان ذلك في العقود الماضية مقتصراً على المواد الطَّبيعيَّة في الطب والهندسة وغيرهما، ولم تفلح جهود التَّعريب في مواجهة هذا التَّحدي، وفي الوقت الحالي اتَّسع الإشكال وتعقَّد، فأصبحت الإنجليزيَّة تطغى على لغة الدِّراسة في الإنسانيَّات.
بُعدٌ آخر من التَّحدِّي يكمن في مجال النَّشر والبحث العلمي؛ إذ لا يُعترف باللُّغة العربيَّة في النَّشر العلمي بالمجلات العالميَّة، فالباحث والأستاذ الجامعي في اللُّغة العربيَّة مثلاً لا مجال له للتَّرقِّي العلميِّ في بعض الجامعات العربيَّة إلاَّ عبر النَّشر باللُّغة الإنجليزيَّة أو غيرها من اللُّغات العالَميَّة.
د – عزوف الجيل الجديد عن تعلُّمها:
عزوف الجيل الجديد عن تعلُّم اللُّغة العربيَّة ظاهرةٌ مسجَّلة في دراساتٍ عدَّة، وله أسبابٌ كثيرة، لعل أبرزها: ضيق فرص التَّوظيف أمام خريجي تخصُّص العربيَّة، والنَّظرة الدُّونية الشَّعبيَّة إلى مدرِّسيها، وشكوى الدَّارسين من صعوبتها، يستوي في ذلك العرب وغيرهم، وهذه الإشكالات وأمثالها ليست بنيويَّة في اللُّغة العربيَّة نفسها، وإنَّما هي إفرازاتٌ لأوضاع خارجة عن طبيعة العربيَّة، فالقول بصعوبة العربيَّة – مثلاً – ألصقُ بطرق التَّدريس منه باللُّغة نفسها، فطرق التَّدريس الضَّعيفة هي المسؤولة عن تقديم العربيَّة للدَّارسين مشحونةً بالقواعد والآجروميَّات الملغزة، والمسمَّيات الوظيفيَّة العميقة، والأمر أشدُّ إذا كان الدَّارسون من غير العرب، بينما نجد اللُّغات الأخرى (الأوروبيَّة خاصَّة) قد قطعت في تدريس لغاتها مسافاتٍ شاسعة، وركَّزت في تدريسها وتقديم قواعدها على الأشكال النَّمطيَّة المحكيَّة، أو ما يصطلَح عليه بالطَّريقة المباشرة (Direct Method) في تدريس اللُّغات.
هـ – تأثرها الواضح بالمعلوماتيَّة:
أدى شيوع شبكة الإنترنت واتنشار استعمال الشَّباب لها إلى تأثيرٍ واضحٍ في اللُّغة العربيَّة الحديثة، وقد أطلق بعض الباحثين على هذا النَّمط من العربيَّة (e – Arab)، «عربيَّة إلكترونيَّة»، وهي العربية المستعملة في الإنترنت والرَّسائل القصيرة في الهواتف النَّقالة.
ومن بعض ملامح هذه العربيَّة:
– اقتراض المفردات الكثيرة من الإنجليزيَّة والفرنسيَّة خاصَّة، اقتراضاً غير مسوّغ في معظم الأحيان(30)، ومن نماذج تلك المفردات: كوبي (copy)، كليك (cliquer / click)، فورمات (format).
– التَّحوُّل اللُّغوي من العربيَّة إلى الإنجليزيَّة والمزج بينهما.
– استعمال الأرقام اللاَّتينيَّة؛ للتعويض عن أصوات عربيَّة، مثل (3rabi, 7abibi, 6ayib, 9iyam).
– استعمال الحرف اللاَّتيني لكتابة النُّصوص العربيَّة.
– عدم الانصياع للقواعد اللُّغويَّة الإلزاميَّة في العربيَّة.
وفي هذا تقول الباحثة أنيسة داودي: «إنَّ أهمَّ سمة للعربيَّة الإلكترونيَّة هي مسخ اللُّغة»(31)، وحتى في المستوى الأدبي من الذَّوق والخيال والتَّشبيه، فإنَّ ثمَّ تحوُّلاً واضحاً في العربيَّة، كما في المثال الآتي: «المواطن معطَّل، لا يوجد عليه اي شي، فلا بد من الفرمتة من الفيروسات حتى يرجع مخُّه جديد ونظيف كما كان»(32)، فاللُّغة هنا ممسوخةٌ حقّاً في مستوى المفردات والتَّراكيب والخيال.
رابعاً: فُرصٌ وإجراءات لنجاحات مستقبليَّة:
على الرُّغم من الإشكالات الكثيرة المحفوفة باللُّغات الإفريقية، والتَّحدِّيات التي تعترض اللُّغة العربيَّة في إفريقيا وفي الوطن العربيِّ، فإنَّ ثمة فرصاً موجودة يفضي استغلالها إلى مستقبلٍ حقيقيٍّ للغة العربيَّة بإفريقيا.
وفي الفقرات الآتية عرضٌ لبعض تلك الفُرص والإمكانات:
أ – بعث العربيَّة بوظائفها المتعدِّدة:
تمتاز اللُّغة العربيَّة بإفريقيا جنوب الصَّحراء بكونها متعدِّدة الوظائف، وقد يبدو ذلك بدهيّاً وعامَّاً بين جميع اللُّغات البشريَّة؛ لكنَّ هذه الميزة في اللغة العربيَّة تنفرد بظهورها بقوَّة على جميع مستوياتها وأبعادها متزامنةً، فهي لغة التِّجارة والسِّياسة والدِّين والثَّقافة في الوقت نفسه.
عليه؛ فإنَّ مستقبل اللُّغة العربيَّة مرهونٌ بمدى نجاحها في الظهور في مختلف الصُّعد، خصوصاً في المجالات التي يتميَّز بها عصر المعلوماتيَّة، فإذا أثبت متحدِّثو العربيَّة أنَّها جديرةٌ بالاستخدام في ميادين الاتِّصال، والمعاملات التِّجاريَّة، والبثِّ الإعلاميِّ، فإنَّ تبنّي مجتمعات إفريقية أو غيرها من المجتمعات للغة العربيَّة في تلك المناشط الحياتيَّة سوف يكون سلساً.
تجدر الإشارة إلى أنَّ اختزال العربيَّة في المجال الدِّيني بإفريقيا خاصَّة قد وقع في عصور الضَّعف الكليِّ للأمَّة الإسلاميَّة، وليس الوضع الرَّاهن إلاَّ نتيجة لهذا الضَّعف، فإفريقيا اليوم لا يعوزها حفظة المقامات، ولا الشُّعراء الفطاحل، ولا النَّحويُّون الجهابذة، مع أهمية ذلك، ولكنَّهم – حتى في هذا المجال – لا يزالون يعيشون في القوالب المستهلكة؛ لا يبدعون وإنَّما يجترُّون.
والتَّحدِّي القائم هو: كيف نخرج بالعربيَّة بإفريقيا من لغة «محنَّطة» إلى كائنٍ حيٍّ نشط منتج فعَّال؟ على سبيل المثال؛ فإنَّ لغة السواحلية التي نشأت من رحمٍ عربيٍّ، وانتشرت على امتداد السَّواحل الشَّرقيَّة الإفريقية وفي وسطها، حين أثبتت وجودها وجدارتها، بوصفها لغة تجارة بامتياز، فإنَّ الدُّول الحديثة في شرق إفريقيا، إبّان استقلالها، لم تر غضاضة في اختيار هذه اللُّغة لغةً رسميَّة بشكلٍ من الأشكال، بدأ ذلك بالزَّعيم نيريري (Julius Nyerere) الذي اتَّخذ قراراً سياسيّاً شُجاعاً بترسيم السواحلية لغةً وطنيَّة لتنزانيا، أما كينيا ويوغندا وبورندي ورواندا وكونغو – كينشاسا (زائير سابقاً)؛ فقد اعتمدت السواحلية لغة وطنيَّة إلى جانب الإنجليزيَّة الاستعماريَّة (الجدول رقم 1).
ب – توظيف العربيَّة في جميع فروع العلم والمعرفة:
تقدَّم في استعراض سمات اللُّغات الإفريقية وخصائصها أنَّها لغات كثيرة كثرةً قد توصف بأنَّها فاحشة، لكن من بين تلك اللُّغات لغات عملاقة، إنَّ هذه السِّمة يمكن استثمارها في علاقة اللُّغة العربيَّة بتلك اللُّغات؛ إذ قد ثبت أيضاً أنَّ اللُّغات العظمى بالقارة هي ذات علاقة قويَّة بالعربيَّة: إما عضويَّة بكونها في مجموعة أسريَّة واحدة مع العربيَّة، أو وظيفيَّة بسبب طول احتكاك تلك اللُّغات بالعربيَّة وتأثُّرها بها.
في هذا الجانب؛ فإنَّ اللغة العربية قد تضع لنفسها قدماً ثابتة بإفريقيا إذا وظّفت نفسها في فروع المعرفة المعاصرة، وسوف ينتج عن ذلك اقتراض اللُّغات الإفريقية الكبرى من العربيَّة في تلك المجالات الحديثة، بل سوف يتعدَّى التَّأثير من الاقتراض المحض إلى تأثُّر تلك اللُّغات بالعربيَّة في المستويات اللُّغويَّة الخطابيّة الأخرى، وسيمهِّد لهذا التَّأثر ويسهِّله العلاقة العضويَّة القائمة بين العربيَّة وبين اللُّغات الإفريقية.
ج – دعم اللُّغات ذوات العلاقة بالعربيَّة:
في هذا العالَم ذي الصِّبغة الكتليَّة لا يمكن لأيِّ عنصر من عناصره الظُّهور والهيمنة وحده إلاَّ من خلال الاستقواء بغيره، بل إنَّ قانون هذا العالم الكتلي يرفض الانزواء، ويهدِّد كلَّ عنصرٍ منعزل فيه بالاندثار والزَّوال، وهكذا، فإنَّ اللغة العربيَّة، أو غيرها من اللُّغات، لا يمكنها أن تبقى في المعترك اللُّغويِّ الرَّاهن، أو أن تتبوّأ مكانة لنفسها، وهي منعزلة، وإنَّما يتحقَّق ذلك عبر شراكة و «تحالفات لغويَّة» كبيرة.
هذا، ولا شكَّ أنَّ دعم أيَّة لغةٍ إفريقية كبرى، لَهو دعمٌ غير مباشر للغة العربيَّة؛ لما قد سبق بيانه من علاقةٍ عضويَّة بين معظم تلك اللُّغات وبين العربيَّة، على سبيل المثال؛ فقد تنبَّه بعض الباحثين إلى أنَّ الارتقاء باللُّغة السواحليَّة بوصفها لغة وطنيَّة بتنزانيا وكينيا قد أدَّى إلى ترك الكثير من المفردات المقترضة من الإنجليزيَّة واستعمال مفردات عربيَّة مكانها، أي أنَّ هناك تحوُّلاً «سُفليّاً» من الإنجليزيَّة إلى العربيَّة عن طريق السواحليَّة، وهذا في مجال الإدارة والعلوم والتِّجارة والإعلام خاصَّة، فالكلمة (ripoti) أي: تقرير، قد غُيّرت إلى (taarifu) تعريفة، وكلمة (korti) المقترضة من الإنجليزيةَّ (court)، غُيّرت إلى (mahkama)، وكذلك كلمة (jaji) المقترضة من كلمة (judge) غُيّرت إلى العربية (hakimu)، وكلمتا (elimujamii, elimunafsi) قد اقتُرِضتا من العربيَّة وطُرحت الإنجليزيَّة (sosholojia, saikoloji) (33).
د – الاستثمار في الفُصحى بإفريقيا:
إذا كانت العربيَّة واللُّغات الإفريقية كلتاهما مهدَّدتَين بالإنجليزيَّة الساكسونيَّة، فإنَّ العربيَّة تنفرد بأنَّها مهدَّدة بالعاميَّات القطريَّة، كما تنفرد اللُّغات الإفريقية بأنَّها مهدَّدة باللُّغات الاستعماريَّة الأخرى، حتى أضعف تلك اللُّغات، أي: الإسبانيَّة التي لا وجود لها إلاَّ في دولةٍ واحدة (غينيا الاستوائية).
وعلى الرغم من ذلك فإنَّ كلاًّ من العربيَّة واللُّغات الإفريقية لها الكثير من فُرص العطاء والأخذ في هذا السِّياق، ويظهر هذا فيما يأتي:
– أنَّ وضع العربيَّة بإفريقيا – عامَّة – وضعٌ جيِّد، بل إنَّ النَّظرة إليها في المجتمعات المسلمة ما زالت تقديسيَّة، عليه، فإنَّ العربيَّة ليست أمامها عقبة في «استمالة» الأفارقة إلى نفسها، وينبغي أن يبدأ ذلك في مستوى شعبيٍّ جماهيريٍّ، وإذا ما تحقَّق ذلك فإنَّ الاعتراف الرَّسميَّ باللُّغة العربيَّة سيكون تحصيلاً للحاصل.
– أنَّ إفريقيا مرشَّحة بأن تكون أرضيَّة خصبةً لمواجهة الهجمة العاميَّة ضد الفصحى؛ ما دام أنَّها منطقة «محايدة»، أو أرض «فطرة لغويَّة»، لم تشُبْها شائبة العاميَّات القطريَّة.
هذا، ومن الإجراءات الممكنة القريبة المنال في هذا الوقت استثمار الدُّول العربيَّة في الجامعات الإسلاميَّة / العربيَّة الحديثة التي بدأت تشيع في الدُّول الإفريقية، ونعني بـ «الاستثمار» معناه العلمي الدَّقيق الذي يُراد به إعطاء القليل وأخذ الكثير.
هـ – عولمة الحرف العربي:
سبقت الإشارة إلى أنَّ من إشكالات اللُّغات الإفريقية أنَّها ما زالت في طور الشفاهيَّة، وقد يكون هذا الإشكال يكون مدخلاً مهمّاً، وبوَّابةً مفتوحة أمام العربيَّة؛ لإسداء خدمة تاريخيَّة إلى اللُّغات الإفريقية، ويتحقَّق ذلك بوضع نظامٍ كتابيٍّ للُّغات الإفريقية بالحرف العربيِّ، ولا شكَّ أنَّ ذلك يعود على اللُّغة العربيَّة نفسها بالنَّفع الكثير في العصر الرَّقمي الذي نحن فيه.
تجدر الإشارة إلى أنَّ العربيَّة قد سبقت إلى إمداد بعض اللُّغات الإفريقية بنظامها الكتابي الأوَّل قبل الحضور الأوروبي إلى القارة وعُرِف بــ «العَجَمي»؛ لذلك حين وفدت تلك اللُّغات الاستعماريَّة إلى إفريقيا؛ فإنَّ أوَّل ما قامت به إزاحة الحرف العربيِّ عن تلك اللُّغات واستبدلت به الحرف اللاَّتيني، حدث ذلك في السواحليَّة، والهوسا، واليوربا، والفلفلدي، والمانديغ، وغيرها من الكتابات(34)، كما حدث في غير إفريقيا في إندونيسيا وتركيا.
لكن هذه المبادرة كانت من أصحاب تلك اللُّغات أنفسهم، ومحصورة في نطاق تواصليٍّ ضيِّق (دعوة ومراسلات، وتدوين مذكرات)؛ لذلك، فإنَّ السِّمة الغالبة في تلك «العجميَّات» أنَّها غير مُمَنْهجة، وغير ثابتة في الإملاء؛ حيث يختلف هجاء الأصوات والكلمات بين منطقة وأخرى، ومن شخصٍ لآخر(35)، وطبقاً لإحصاءات اليونسكو فإنَّ أكثر من (50%) من الرَّاشدين بمنطقة سنيغامبيا (السنغال، وغينيا بيساوْ، وغامبيا)، من قبائل ماندينْكا، يكتبون بالعجمي بشكلٍ من الأشكال، وهذا رأسمال مهمٌّ في مشروع تطوير «العجميَّة» بإفريقيا جنوب الصَّحراء.
إذن، توجد فُرصٌ كبيرة بحوزة العربيَّة لوضع نظامٍ كتابيٍّ شاملٍ للُّغات الإفريقية، والمشاركة في برنامج موسَّع لمحو الأميَّة، ولعلَّ المهمَّة أسهل من ذي قبلُ بتقدُّم الوسائل التكنولوجيَّة، ووفرة الدِّراسات اللِّسانيَّة عن لغات إفريقيا، ووجود حَمَلة شهادات عليا في الدِّراسات العربية في كلِّ بلدٍ إفريقي.
أيضاً، تجدر الإشارة إلى أنَّ منظمة «إيسيسكو» ISESCO ، قد بادرت بمشروعاتٍ مشكورة في هذا المجال، غير أنَّها محصورة باللُّغات الكبرى التي سبق وجود «عجميَّات» بها، كما نحتْ منحى تجزيئيّاً للُّغات، وكان الأجدر – في رأينا – توحيد الجهود في جهدٍ شامل جبَّار يغطي كبريات لغات القارة.
خاتمة:
من خلال استنطاق واقع كلٍّ من اللُّغات في إفريقيا واللُّغة العربيَّة في الوطن العربيِّ؛ تبيَّنت جملة استنتاجاتٍ على النَّحو الآتي:
– أنَّ إفريقيا مجال خصبٌ لتفاعُل اللُّغات وتلاقحها، وأخذ بعضها من بعض، وقد تحقَّق ذلك في القديم بين العربيَّة واللُّغات الإفريقية الكبرى.
– أنَّ اللُّغات الإفريقية تشهد تهديداً حقيقيّاً، وهجمةً شرسة من لدن اللُّغات الاستعماريَّة (الإنجليزيَّة الساكسونيَّة خاصَّة)، هجمة تهدِّد وجود اللُّغات الإفريقية.
– أنَّ العلاقة بين اللُّغة العربيَّة وبين إفريقيا علاقةٌ جدُّ وثيقة، عميقة الجذور متشابكة الخيوط؛ بكون العربيَّة جزءاً في فصيلة اللُّغات الإفريقية – الآسيويَّة، وأخذ الكثير من اللُّغات الإفريقية عناصر كثيرة من العربيَّة.
انطلاقاً من المعطيات المذكورة، يجيب هذا المقال عن السُّؤال المطروح في مستهلِّ المقال: ما مستقبل اللُّغة العربيَّة في إفريقيا جنوب الصَّحراء؟ بالقول: إنَّ فُرص النَّجاح في المستقبل مفتوحة على مصراعيها أمام العربيَّة بإفريقيا، غير أنَّ هذا النَّجاح منوطٌ بمستلزمات ومقدِّمات، منها:
– حسن توظيف الفُرص التي يتيحها عصر العولَمة من تكثيف في التَّواصل والأخذ والعطاء بين الثَّقافات، وسرعة في نشر المعلومات، وشيوع الوسائل التكنولوجية.
– دعم اللُّغات الإفريقية الكبرى القريبة من العربيَّة، كالسواحليَّة، والهوسا، والصُّوماليَّة.
– تقديم العربيَّة إلى إفريقيا في صورتها الكليَّة المستوعبة للوعاء الحضاريِّ، والاستثمار الحقيقي في وسائل التَّواصل الرَّقمي بالعربيَّة في إفريقيا.
إنَّ اللُّغة العربيَّة لفي موقعٍ متميِّزٍ للوفاء بمستلزمات النَّجاح المنشود بإفريقيا واستحقاقاته؛ بما تحويه العربيَّة من طاقات ذاتيَّة وروحيَّة؛ لتخطِّي عقبات المستقبل وتحدِّياته.
الجداول:
جدول (1): اللغات الوطنية الرسمية بالدول الإفريقية
الدولة | اللُّغة الرَّسميَّة | لغات محليَّة | |
استعمارية | وطنيَّة قوميَّة | ||
إثيوبيا | إنجليزيَّة | أمهريَّة | عفر، أرومو، سيدامو، صومالية، تغرينيَّة |
إريتريا | عربيَّة | إنجليزيَّة، إيطالية، تغر، عفر، كونما، أمهريَّة | |
بوتسوانا | إنجليزيَّة | سيشُوانا | كالانْغا |
بوروندي | فرنسيَّة | كيروندي | سواحلي |
تانزانيا | إنجليزيَّة | سواحليَّة | عربية، سوكوما |
تشاد | فرنسيَّة | عربية (تُرك) | كانوري، سارا |
ج. السودان | إنجليزيَّة | عربيَّة | دينكا، نوير، باري، زانْدي، شلك |
جزر القمر | فرنسيَّة | عربيَّة | القمريَّة |
جنوب إفريقيا | إنجليزيَّة | (9 لغات) | زولو، اندبِيلي، سوسا |
جيبوتي | فرنسيَّة | عربيَّة | عفر، صومالية |
رواندا | فرنسية | كينيا رواندا | سواحليَّة |
سوازيلاند | إنجليزيَّة | سيسْواتي | سيسوتو، نيانْجا، لوزي، تونْغا |
السودان | عربيَّة | ||
الصومال | عربيَّة، صوماليَّة | إنجليزيَّة، إيطاليَّة | |
كينيا | إنجليزيَّة | سواحلية | كيكويو، كامبا، ليو، أرومو، لويا |
ليسوتو | إنجليزيَّة | سيسوتو | سوسا، زولو |
مدغشقر | فرنسيَّة | ملاجاشي | |
موريتانيا | عربيَّة | ولوف، سوننكي، بولارْ | |
نيجيريا | إنجليزيَّة | هوسا، يوربا، إيبو | فولاني، إبيبيو |
جدول (2) اللغات الاستعماريَّة الرَّسمية بالدُّول الإفريقية (36)
الدَّولة | الدُّول |
إنجليزية | بوتسوانا، ليسوتو، ملاوي، ناميبيا، ج. إفريقيا، سوازيلاند، زامبيا، زيمبابويإثيوبيا، كينيا، جنوب السودان، تنزانيا، يوغندا، كاميرون، غامبيا، غانا، ليبيريا، سيراليون، نيجيريا، موريشيوس، سيشل |
فرنسيَّة | بوروندي، جيبوتي، رواندا، كاميرون، ج. وسط إفريقيا، كونغو – برازفيل، كونغو الديمقراطية، إفريقيا الوسطى، غابون، توغو، بنين، بوركينا فاسو، ساحل العاج، غينيا، مالي، نيجر، السنغال، جزر القمر، مدغشقر، موريشيوس، غينيا الاستوائية |
برتغالية | أنغولا، موزامبيق، ساو تومي، كاب فيردْ، غينيا بيساو |
إسبانيَّة | غينيا الاستوائيَّة |
الهوامش والإحالات:
(1) من تلك الدراسات على سبيل المثال: أحمد بن النعمان، مستقبل اللغة العربية بين محاربة الأعداء وإرادة السماء، دار الأمة، 2008م، ومحمد الصالح صديق، مستقبل اللغة العربية بأقلام كبار العلماء والأدباء والكتاب في القرن العشرين، دار هومة، 2007م، وكتاب: اللغة العربية: أسئلة التطور الذاتي والمستقبل، مركز دراسات الوحدة العربية، 2005م، وكتاب: مستقبل اللغة العربية في أمريكا: دراسة لغوية اجتماعية، 1985م.
(2) انظر: Azadeh Shafaei, Mehran Nejati. Global Practices of language teaching, 10.
(3) انظر: Cecile B. Vigouroux, Salikoko S. Mufwene. Globalization and Language Vitality : Perspectives from Africa, 171.
(4) انظر: Heine and Nurse (ed). African Languages: An Introduction, (Cambridge Unv. Press, 2002), 1.
(5) انظر: Akintunde, Oyetade. Ethno-Linguistic competition in the Giant of Africa, in: Andrew Simpson, Language Vitality in Africa, 172 – 198.
(6) الأكاديمية الإفريقية للغات African Academy of Languages, ACALAN ، أنشئت عام 2001م، ومقرها جمهورية مالي، وهي مؤسسة قاريَّة تعنى بدراسة اللغات الإفريقية وسبل تطويرها، ووضع الخطط والسياسات اللغوية، وحماية اللغات المهددة بالاندثار.
(7) انظر: Simpson, Andrew. Language Vitality in Africa, Op. cit. 172 – 198.
(8) انظر: Zaline Makini, Roy-Campbell. The State of African Languages and the Globalization Language Politics, 36th Annual Conference on African Languistics, 2006 Sumerville, 21.
(9) انظر: Roland J. L. Breton. Language in a Globalizing World, 214.
(10) انظر: Bamgbose Ayo. African Languages Today: The Challenge, 3
(11) انظر: Heine and Nurse, op. cit. 99
(12) انظر: Azadeh Shafaei, Mehran Nejati. Global Practices of Language Teaching: Proceedings of the 2008 International Conference.
(13) من الأمثلة في ذلك أن لغة ولوفْ بالسينغال يتحدَّث بها أكثر من (90%) من السكان، بينما لا يتجاوز متحدثو الفرنسية (15%)؛ لكن الفرنسية هي اللغة الرسمية، ولم تعدَّ لغة ولوف بعدُ لغة رسمية إلى جانب الفرنسية، ينظر: Colonization, Globalization: Language vitality in Africa, 13.
(14) انظر: Language and National Identity in Africa, 163
(15) انظر:Gerard Galtier. Un Example d’Ecriture Traditionnelle Mandingue : Le «masaba» des Bambara-Masasi du Mali, Journal des Africanistes, Vol.57, No.1-2, (1987), 255 – 266.
(16) انظر: Roland J. L. Breton. Op. cit. 214.
(17) العلاقة العضويَّة: تعني أوجه شَبَه وتماثُل كثيرة في المفردات، والاشتقاقات، ونظام الجمل، وغيرها من عناصر اللُّغة.
(18) انظر: R. Blench. Archeology, Language, and the African Past, (Rowman Altamina, 2006), 91.
(19) انظر: Bernard Comri (ed), The Major Language of South Asia, The Middle East and Africa, in: Cornelis H. M. Versteegh, 226.
(20) قد لا تكون هذه المقولة دقيقة؛ لكون هذا الإحصاء يشمل دول إفريقيا الشمالية، لكن حتى بطرح تلك الدول من الإحصاء فإن للعربيَّة بإفريقيا جنوب الصحراء حضوراً لا بأس به، غير أننا لا نملك إحصاءً عن ذلك.
(21) انظر: Batibo, Herman. Language Decline and Death in Africa: Causes Consequences and Challenges, (Multilingual Matters), 1 – 15.
(22) انظر: Adewuni Salawu. “The Spread of Revealed Religions in West Africa and Its implications for the Development of Translation”, Journal of Translation, Vol.3, No.2, 2007, 30.
(23) Bamgbose Ayo. African Languages Today: The Challenge, 11.
(24) خلف، عبد الرحمن: اللسان العربي بين الانتشار والانحسار، سلسلة دعوة الحق (عدد 101)، مكة: رابطة العالم الإسلامي، ص 83.
(25) انظر: Bleyden, (1994, 70), quoted in: Mazrui, Alamin M. English in Africa: After the Cold War, (Clevedon: Multilingual Matters, 2004), 66.
(26) انظر: Cecile B. Vigouroux. Globalization and Language Vitality, op. cit. 184.
(27) انظر: Newell, Stephanie. West African Literatures: Ways of Reading, 47.
(28) انظر: Op. Cit. 48.
(29) انظر: Miriam A. Locher, Jurg Strassler, Standard and Norms in the English Language, in: Crystal, David. English as a Global Language, (Cambridge University Press, 1997), 48.
(30) انظر: Daoudi, Anissa. Globalization and E-Arabic: The Emergency of a New Language at the Literal and Figurative Levels, in: Rodopi, (ed), Language Contact in Times of Globalization, (N.Y: Editions Rodopi, 2011), 61 – 76.
(31) انظر: Daoudi, Anissa. Op. cit.
(32) انظر: Daoudi, Op. cit. 73.
(33) انظر: Versteegh, Cornelis H. M., Versteegh Kees V. The Arabic Language, (Edingurgh University Press, 2001), 230.
(34) انظر: Jacques Maurais, Michael A. Morris. Language in a Globalizing World, (Cambridge University Press, 2005).
(35) انظر: Vydrin, Valentin. The Arabic Script in Africa: Usage Diversity and Dynamics of a Writing System, A Workshop, University of Cologne, April 06-7, 2010.
(36) انظر: Adapted from: Africa Institute of South Africa. Africa at a Glance: Facts and Figures, 15th Edition, http:site.ebrary.com/id/10574658