د. محمد المختار جيي (*)
المسيحية من الديانات التي لها تأثيرها وتواجدها في السنغال .. لكن هذا التواجد والتأثير لم يتم تناوله بشكل واسع ، خاصة في الكتاباتالعربية، لذلك سنحاول خلال هذا المقال إلقاء بعض الأضواء علي تاريخ المسيحية وانتشارها في السنغال أملا في التعمق فيها ودراسة جوانبها الأخرى.
المسيحية والتنصير في السنغال؛
منذ القرن الخامس عشر الميلادي ومع بروز البرتغال عرفت البلاد السنغالية الديانة المسيحية وتم هذا في المناطق التي كان يقيم فيها البرتغاليون مثل جزيرة غوري (Gore ) ، وسين لوبس (saint Louis ) ، وانتشرت المسيحية خاصة في المناطق التي لم يكن الإسلام قد وصل اليها مثل المناطق السريرية في سين (sine ) ، إقليم فاتيك حاليا وفي مناطق الجولا بكازمانس (casamance).
التطور المسيحي ومهمة التنصير في السنيغال :
ظلت الديانة المسيحية في السنغال تنتشر ببطء ودون أن نحقق نجاحا كبيرا وذلك لعدة عوامل منها :
1-ان الشخصيات المسيحية ظلت لفترة شخصيات أوربية اجنبية.
2-كان السنغاليون يعتبرون هذه الديانة غريبة عليهم.
3-مقاومة بعض الدعاة والشيوخ لهذه الديانة.
ومنذ القرن السابع عشر الميلادي أخذ الفاتيكان ، بروما ، علي عاتقه نشر المسيحية في السنغال مباشرة وتنصير أبنائها، ونتيجة لذلك أرسلت الفاتيكان منصرين من أروبا لنشر المسيحية وبناء الكنائس وتقديم مساعدات مادية للشعوب السنغالية الفقيرة المحتاجة.
البعثات التنصيرية في البلاد السنغالية :
كان من بين المناطق السنغالية الأكثر تأثرا وخضوعا للديانة المسيحية منطقة كازمانس (casamance ) وقامت فيها اول بعثة مسيحية رسمية عام 1886 م ، وتمكنت المسيحية من خلالها تنصير أعداد كبيرة من سكانها. ومنذ تنازل البرتغاليين عن هذه المنطقة لصالح فرنسا تزايدت البعثات التنصيرية في كل من بيجونا ( bignona ) ، واسوي (oussouy ) (1).
وازدادت حركات التنصير في السنغال منذ مجيء الاستعمار الفرنسي وكان أول مجهود لدخول البعثات عام 1850م علي امتداد نهر السنغال إلي بأكل (bakel ) (2).
ومنذ عام 1880م فإن حضور المنصرين تطور في ثلاثة مراكز: جوال ( doial) ، وفاجوت (fadiout ) , وبوبانغبن ( popanguine ).
ثم ان أول دخول المسيحية في سين (sine) كان عام 1888م انطلاقا من تبس( thies ) ، إلي مناطق نون (non ) وفاندين (fanden ) و مناطق اندوت ( ndout ) .كما وصلت إلي كارابان ( carabane ) وسيجو( sediou ) وفونجي( fogny ) ومناطق زيغنشور (ziguinchor).
مرحلة أخري لدخول المسيحية في السنغال في سنوات 1930م وانتشارها في مناطق السيرير وجولا نحو قبائل مانجاك و مانكاج وبالانت. ، وقبيل الحرب العالمية الثانية تم تنصير 50000 شخص في السنغال.
وتم فتح عهد جديد للمنصرين المحليين ، وكان من أهم المنصرين في هذه المرحلة كوبس ( kobes ) الذي وجه دعوته إلي المناطق النائية كما أنشأ مطبعة جديدة لمحو الأمية وترجمة الانجيل إلي اللغات المحلية ، وكان هذا المنصر منظما ومخططا ونجح في تنصير كثير من المناطق السنغالية.
وقد ازدادت حركة التنصير عندما شعرت الكنيسة بأن الإسلام تزداد شعلته في السنغال يوما بعد يوم . وقبل الاستقلال تم تنصير أكبر عدد ممكن من الشعب السنغالي. كما تم تنصيب أول رئيس مسيحي نصراني للبلاد وذلك بعد ما صنعته فرنسا وباركه الفاتيكان وهو ليووبولد سيدار سنغور (Leopold sedar sengor ).
توظيف المسيحيين السنغاليين في البعثات المسيحية:
كما كان عام 1818م عاما مهما للبعثات التنصيرية في السنغال ففي هذا العام حضر وفد كبير من رجال الدين المسيحي ومن بينهم مؤسسة الجمعية الدينية لأخوات “القدبس جوزيف (saint Joseph)”.
وفي فرنسا سنة 1840 م كان هناك ثلاثة من الشباب السنغاليين من سين لويس ( saint Louis ) أول عاصمة للسنغال تم ترقيتهم إلي درجة القساوسة و هؤلاء هم “دافيد بوالات” ، “الأب موسي”، و”فريد ولي” ، وقد استقروا في جزيرة غوري وسين لوبس للدعاية كما فتحوا مدارس للتعليم المسيحي باللغة المحلية.
زعماء التنصير في السنغال:
من أكبر الشخصيات المسحيين السنيغاليين الذين قدموا نفوسهم و نفائسهم في التنصير
1- ليووبولد سيدار سنغور (sengor ): أول رئيس للسنغال بعد الاستقلال عام 1960م ، كان مسيحيا ومنصرا نصبته فرنسا بمباركة الفاتيكان وكانت له أدوار كبيرة وخفية باسم ومعاونة زوجته المسيحية وكان سنغور ينفق علي المسيحيين و يساعدهم في بناء المدارس وحفر الآبار الارتوازية وإعطاء الشباب المسيحيين منحا دراسية إلي الخارج.
2- مارسيل لفيفر ( Marcel lefevre ) : كبير المنصرين في السنغال ، وفي عام 1945م عين اسقفا بدكار وكان هذا المنصر من أكبر الشخصيات المسيحية الذين ساهموا مساهمة كبيرة في نشر الدين المسيحي في السنغال ، وقد بني أكثر من 20 كنيسة ومعبدا ، كما كان مسيحيا متعصبا ي، ويكره الإسلام أشد الكره ويؤمن بفكرة ان الإنسان لا بد ان يكون مسيحيا. ولإخلاصه وتفانيه في المسيحية تم تعيينه رسولا موفدا مسيحيا لأفريقيا السوداء الفرنكفونية ، كما عين في منصب رئيس الأساقفة وكان من أهم أولوياته التعليم وتربية الشباب في الديانة المسيحية.
3-هياسين تياندوم (hyacine thiandoum ): أول كاردينال في السنغال و صل إلي رئاسة الكنيسة الكاثوليكية في السنغال عام 1962م وبعد تكوينه الدراسي في الدين المسيحي بين بوبانغين( popanguine ) وبلده الأصلي انغازوبيل (nguazoubil ) تم تعيينه اسقفا عام 1949م ، وحصل تياندوم (thiandoum ) علي الدكتوراة في أصول الدين بجامعة بوتنفكال ( pontifical ) بروما في بداية السبعينيات وعين كاردينالا عام 1974م من قبل البابا بفاتيكان.
وفي الهرمية الكاثوليكية كان عضوا في العديد من المنظمات المسيحية وكان يحتل سكرتير ثم رئيس المؤتمر الاسقفي لأفريقيا الغربية.
4- تيودور ادريين سار( Theodore adrene sarr ) : ولد في فاجوت (fadiout ) كبري معاقل المسيحية في السنغال عام 1936م، وبدأ دراساته الأولي في السميتير (seminaire ) الصغير بغازوبيل (guazoubil ) ثم في سبيكوتان (sebikotane ) حيث تعلم الفلسفة وعلم اللاهوت. ترقي إلي درجة الأسقف عام 1964م وتابع دراساته في جامعة داكار حيث تحصل علي الإجازة في الآداب القديمة عام 1967م . ومنذ عام 2000م أصبح رئيس الأساقفة بدكار ، وتم تعيينه كاردينالا.
تميزت أعماله في المجال الاجتماعي الإنساني فأسس جمعية (كاريتاس)الخيرية السنغالية ، وهي منظمة مسيحية غير حكومية .وفي المجال التنصير ساهم في تنظيم رحلات الحج إلي الأماكن المقدسة المسيحية – التي يسيطر عليها الكيان الصهيوني – في فلسطين وروما. كما كان يسعي إلي إيجاد الحوار الإسلامي -المسيحي وخلق علاقات طيبة مع زعماء الطرق الصوفية في السنغال.
أماكن الحج المسيحية المقدسة بالسنغال :
للمسحيين السنغاليين أماكن مقدسة لديهم في السنغال يحجون اليها سنويا مشيا على الأقدام ، ويعني ذلك عندهم ان التقدم الروحي يجب أن يرافق التقدم الجسماني، ومن أشهر الأماكن المقدسة :
1- بوبانغين ( popanguine ) الواقع في إقليم تيس thies وهو أكبر مكان مسيحي “مقدس” بحج إليه السنغاليون المسيحيون سنويا وذلك في الاثنين من بانتاكوت pentacote ، ومنذ قرون وخاصة لدي زيارة البابا يوحنا الثاني عام 1992م أصبح هذا المكان قداسا دوليا يزوره الحجاج المسيحيون الوافدون من الدول المجاورة من مالي غينيا وغينيا بيساوو وغامبيا وموريتانيا .
2-قدس الاقداس بمونت رولات ( mont Rolland ) الواقع أيضا في إقليم تيس thies , يتوجه المسيحيون إلي هذا المكان في يوم الأحد الأول من شهر صيام المسيحيين ، وفي هذا اليوم يقف الزوار وخاصة المنتمون إلي معبد (diocese ) بتيس علي الجبل للابتهال وإقامة الصلوات.
3- قدس الاقداس لمريم العذراء بجافات ( ndiafat ) في معبد ( diocese ) كاولاك ، وهو حديث عهد لكنه عرف نجاحا كبيرا في السنوات الأخيرة ويبلغ عدد زواره أكثر من ألف حاج ، ويكون الحج في هذ المكان يوم الأحد الاقرب من عيد القلب المقدس ( scare Coeur ) وفي هذا المكان دفن أحد المرتدين عن الإسلام ويدعى سليمان جالو أحد كبار التجار السنغاليين المشهورين.
4-قدس الاقداس لمريم العذراء بغولومبو( gouloumbou ) , وتم تشييده عام 1997م في موقع جنب نهر غامبيا علي بعد 35 كلم من جنوب إقليم تامبا كوندا ( tamba kounda ) ، ويكون الحج فيه يوم الاحد الموافق الثامن من شهر سبتمبر عيد (immacule conception ).
5-مكان الحج لمعبد ( diocese ) كولدا (إقليم كولدا) وهو مشترك بين مسيحيي كولدا ( kolda ) و مسيحيي زيغنشور ( ziguinchor ) ، ويتم الحج فيه في ثالث يوم الأحد من شهر الصيام المسيحي.
وهناك مراكز أخري مقدسة غير أماكن الحج تجذب مجموعات تأتي في مناسبات كبيرة للقيام بالعبادة والابتهال كالرباطات مثلا.
التعليم المسيحي في السنيغال:
من أكبر الآليات او الاستراتيجيات التي تبناها المسيحيون لنشر دينهم في البلاد السنغالية استراتيجية التعليم . وبدأ التعليم المسيحي منذ وصول الاستعمار إلي سين لويس بالسنغال.
وكان جاندرد (jean dard ) أول من قام بفتح مدرسة لتعليم اللغة الفرنسية ولكن هذه المدرسة لم تمكث مدة طويلة . وبتأييد من الإدارة الاستعمارية فإن الأب دافيد بوالات ( David boilet ) ، فتح أول معهد ثانوي عام 1843م ، ولكن منذ 1841م فإن أخوة بلويرمت وصلوا إلي سين لويس وفتحوا مدرسة ابتدائية وضعت تحت الإدارة الفرنسية الاستعمارية . وقد وحد منصروا القلب المقدس ترحابا من قبل السلطة المحلية بدكار لفتح مدرسة عام 1847م للذكور.
ومنذ وصولهم في 1848م في البلاد فإن أخوات المالكي كونسبسيون ( immacule conception ) قمن بفتح مركز صحي ومدرسة وقد تطورت هذه الأخيرة تطورا ملحوظا في الاوساط السنغالية.كما عرفت مدرسة انغازوبيل نجاحا كبيرا حيث بلغ عدد تلاميذها 125 تلميذا عام 1865م.
ويبدو أن المدرسة المسيحية في السنغال عرفت نجاحا كبيرا قبل الاستقلال نتيجة لدعم السلطات الاستعمارية . (3)
ديناميكية التمدرس المسيحي من الناحية الكمية والكيفية:
من الناحية الكمية:
استفاد المنصرون من ثقة الحكومة التي واصلت في وضع المؤسسات التعليمية تحت حوزتهم وذلك لإدارتها، وقد امتدت المدارس التنصيرية في كل أنحاء البلاد السنغالية وساعدت الفاتيكان المنصرين علي توسيع دائرة التعليم وفتح باب التعلم للجميع و تم إنشاء مدارس ابتدائية ومعاهد ثانوية بل وجامعات مسيحية وتعتبر الجامعة المسيحية لأفريقيا الغربية (ucao) من أكبر جامعات البلاد وأكثرها تنظيما. ويزدحم تلاميذ وطلاب المسلمين تلاميذ وطلاب المسحيين في مدارسهم وثانوياتهم وجامعاتهم.
من الناحية الكيفية:
أعطي التعليم المسيحي اهتماما كبيرا للجانب الكيفي للتعليم، فعين معلمين و اساتذة اكفاء لهم شهادات وخبرات في التعليم كما أسست الكنيسة جمعية معترفة تحت اسم “الجمعية الوطنية للتعليم المسيحي في السنغال” وتتميز بالتنظيم والجدية والتكوين البداغوجي و إصدار برامج ومناهج تعليمية رفيعة المستوي. وتدعم الحكومة السنغالية دعما قويا هذه الجمعية ومؤسساتها التعليمة، ونتيجة لهذا خرجت المدارس المسيحية رجالا بارزين وشخصيات كبري في ميادين السياسة والاقتصاد والتعليم، ومن بين هؤلاء أول رئيس للجمهورية السنيغالية ليووبولد سدار سنغور ، واندري سونكو وزير التعليم الأسبق، وروبير سانجا وزير ووائل زيغنشور ، والراهب جاماكون سنغور زعيم حركة المتمردين في كازمانس وليوون شارل سيسي المدير الأسبق لشبكة الهواتف( sonatel ) ،وغير هؤلاء.
وتعطي الحكومة السنغالية اهتماما كبيرا للمسيحية والمسيحيين ويري بعض الملاحظين ان نظام الدولة السنغالية نظام مسيحي وأن كان مجتمعها مجتمعا مسلما. ولا تمر حكومة إلا وفيها وزراء مسيحيون ويحتل دائما كبير الأساقفة منصب وزير الشؤون الدينية.
المنظمات الخيرية المسيحية في السنغال :
اهتمت المسيحية في السنغال اهتماما كبيرا بالجانب الخيري والاجتماعي لجذب قلوب الشعب السنغالي إلي النصرانية ويبدو انها حققت نجاحا في ذلك اذ أن ثلاثة بالمائة من الشعب السنغالي مسيحيون.
كاريتاس السنيغالية : اول منظمة خيرية كاثوليكية سنغالية ظهرت منذ عام 1954م وأجرت معاهدة مع الحكومة السنغالية للتدخل في كامل التراب السنيغالي، ومهمتها تجسيد القرارات وتوجيهات الكنيسة المتعلقة بالأعمال الخيرية في أرض الواقع وعلي هذا كان من مهامها:
تقديم المعونات للمحتاجين والقيام بإغاثة الملهوفين. وأما ما يتعلق بتمويل المنظمة فيأتي غالبا من الكنيسة و المحسنين المسيحيين والدولة. وقامت هذه المنظمة بتدخلات عديدة في السنغال في إعانة الفقراء وحفر الآبار الارتوازية وتقديم غذاء ومنتوجات وبناء كنائس وكذلك مراكز صحية. وللمنظمة فروع في جميع أنحاء البلاد .
ولهذه المنظمة الخيرية قيم معلنة تحدد رؤيتها وهويتها ومن بين هذه القيم :
الحفاظ علي الشخصية الإنسانية
محاربة الفقر
العدالة الاجتماعية
التضامن
حماية البيئة
وتعتبر هذه المنظمة أكبر منظمة خيرية مسيحية في السنغال وكان لها دور كبير في تنصير الشعب السنغالي.
الخاتمة:
من خلال هذا البحث لاحظنا أن المسيحية في السنغال عرفت ثلاثة عهود :
1-عهد المستكشفين مع البرتغاليين المسيحيين 1440- 1840م ويؤكد ذلك قول الأب بوالات ان البرتغاليين هم بدون منازع أول من بعثوا قساوسة علي السواحل التي احتلتها في ذلك الوقت (4).
2-عهد المنصرين البيض 1840-1960 وذلك مع الاستعمار الفرنسي وفي هذا العهد ازدادت حركة التنصير ونشر المسيحية في أكثر البلاد .
3-عهد المنصرين المحليين 1960 إلي يومنا هذا وقد وصل بعض السنيغاليين المسيحيين إلي درجة القساوسة الكاردينال أعظم درجات في الهرم المسيحي.
وقد نجح التنصير في السنغال وذلك لعدة عوامل من بينها:
– وجود سلطة مركزية واحدة تراقب أعمال التنصير وتوجهها وهي الفاتيكان.
– تكوين رجال التنصير واعدادهم دينيا وماديا وافرقة اطارات الكنيسة .
– إنشاء مئات من المراكز المهنية يعمل فيها آلاف من أبناء السنيغاليين المسيحيين .
– تحمل مشقات المغامرة من قبل المنصرين في المناطق النائية و القاحلة
– الاهتمام بالشبان والشابات وتكوين فرق رياضية ونوادي ثقافية مع إنشاء حركات كشفية ينتسب إليها الشباب المسيحي.
– تأسيس منظمات خيرية واجتماعية لجذب قلوب الفقراء والمحتاجين .
ويبدو أن المسيحية نجحت إلي حد كبير في الاوساط السنغالية ونصرت كثيرا من أبناء الشعب السنيغالي.
الإحالات والهوامش :
(*) أكاديمي سنغالي ، ورئيس التجمع الوطني للثقافة الإسلامية في السنغال.
1- Joseph -Roger de benoist :historie de l’eglise catholique au Senegal p 66
2- theodor ndiaye:le catholicisme au Senegal
3- abbe Raphael monsigneur Marcel lefevre un grand batisseur de l’eglise de Senegal p 44.
4- ibid