بقلم: إيساك غووين *
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
يتعين على حكومة بوركينا فاسو، في إطار مواجهة الأزمة، تقديم خطة انتعاش تتماشى مع خطة الاستجابة التي تم تحديدها في مارس 2020م، مع الطموح الاقتصادي والهيكلي.
على الرغم من انتشار نوع دلتا في القارة الإفريقية إلا أن الإصابات في بوركينا فاسو ما زالت ضئيلة؛ حيث سجلت WHO (منظمة الصحة العالمية) 169 حالة وفاة في يوليو الماضي ناتجة عن إصابة 13559 حالة مؤكدة؛ فضلاً عن تأخير حصول الدولة على لقاح جونسون & جونسون، بالإضافة إلى لقاحات استرازنيكا المستمدة من آلية كوفاكس في اقتصاد يسيطر عليه القطاع غير الرسمي بنسبة 80٪، حيث يجد صغار التجار أنفسهم مُهمَّشين بعد إغلاق الحدود البرية. وبالإمكان ملاحظة انكماش النشاط التجاري في داكولا، وهي بلدة على الحدود مع غانا؛ حيث يتباطأ بها النشاط التجاري. وإن إعادة فتح الحدود بالتشاور مع الدول الأعضاء الأخرى في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا من شأنه أن يُخفّف العرض بتكلفة أقل لأسواق بوركينا فاسو.
يتطلب التأثير الاقتصادي للجائحة استجابة سريعة وفعالة:
تسببت إجراءات التباعد الاجتماعي وتقييد الحركة نتيجة إغلاق الحدود في خَلْق أضرار على اقتصاد بوركينا فاسو، ووفقًا للتوقعات الاقتصادية لعام 2021م (BAD) بنك التنمية الإفريقي؛ فقد عانى اقتصاد بوركينا فاسو من تباطؤ في التجارة والنقل والسياحة؛ نتيجة الإجراءات المتَّخذة لاحتواء انتشار كوفيد-19 تسببت هذه الإجراءات في انكماش الناتج المحلي الإجمالي الفعلي بنسبة 0.2٪ في عام 2020م مقابل زيادة قدرها 5.7٪ في عام 2019م.
وارتفع معدل التضخم 4.6 نقطة إلى 1.2٪ في عام 2020م؛ نتيجة ارتفاع أسعار المواد الغذائية كما أدَّت زيادة الإنفاق العام، إلى جانب تراجع الإيرادات، إلى تدهور عجز الموازنة من 3.5٪ من الناتج المحلي الإجمالي عام 2019م إلى 5.4٪ عام 2020م.
وفي مواجهة هذه الأزمة الاقتصادية المُعقَّدة، يتعيَّن على الحكومة تقديم خطة إنعاش تتماشى مع خطة الاستجابة التي تم تحديدها في مارس 2020م بطموح اقتصادي وهيكلي، ومن شأن برنامج قائم على التمويل المبتكر أن يُوفّر دعمًا كبيرًا للاقتصاد الوطني.
وستقوم هذه الخطة على ثلاثة محاور رئيسية: الاستثمار في الجهاز الإنتاجي للقطاع الزراعي، ومحاربة البطالة من خلال تشجيع ريادة الأعمال وتوسيع القاعدة الضريبية من خلال زيادة تعبئة الموارد المحلية بهدف ضمان التقدم الاجتماعي والاقتصادي على الرغم من الوباء.
الأمل في خفض سعر الفائدة الرئيسي من البنك المركزي:
منذ 24 يونيو 2020م، ظلت مستويات الحد الأدنى لسعر الفائدة على عمليات مناقصة ضخّ السيولة وسعر الفائدة الهامشي لنافذة الإقراض دون تغيير عند 2٪ و4٪ على التوالي. وإذا كان الخفض في سعر الفائدة الرئيسي للبنك المركزي لدول غرب إفريقيا، أي المعدلات التي تقترض بها البنوك التجارية من البنك المركزي لدول غرب إفريقيا، يبدو غير مرجّح في الوقت الحالي؛ فإن مثل هذا الإجراء سيكون حاسمًا في الحفاظ على الاستثمار.
معدلات منخفضة كطرق تمويل جديدة واعدة:
مع توقُّع الدَّيْن عند 43٪ من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020م و43.3٪ في عام 2021م، لا تزال ديون البلاد معتدلة وفقًا لبنك التنمية الإفريقي يبحث المستثمرون، في سياق دولي يتميز بأسعار فائدة منخفضة للغاية، عن أسواق مربحة.
وعلى غرار البلدان المجاورة مثل دولة بنين، التي نجحت في جمع 1 مليار يورو في سندات اليوروبوندز (حشد 700 مليون يورو على مدى 11 عامًا بمعدل 4.875٪ من ناحية، ومن ناحية أخرى 300 مليون يورو أكثر من 31 عامًا بمعدل 6.875٪) يمكن لبوركينا فاسو إصدار سندات دولية بشرط طمأنة السوق على الوضع الأمني في البلاد. ويمكن أن تستفيد الدولة أيضًا من تخصيص جديد لـDTS (حقوق السحب الخاصة) من احتياطيات النقد الأجنبي لصندوق النقد الدولي (183 مليون يورو التي تحتفظ بها بوركينا فاسو).
وتتمثل ميزة حقوق السحب الخاصة المعنية في أنها تتيح الحصول على العملة الصعبة دون الحاجة إلى دفع أسعار فائدة كبيرة. واليوم، يبلغ سعر الفائدة على حقوق السحب الخاصة 0.05٪، بينما هو أعلى بكثير في الأسواق التقليدية. وتوغو، التي اقترضت على مدى 10 سنوات، تتحمل معدل 6.15٪. وبالتالي فإن معدل حقوق السحب الخاصة يمثل ميزة حقيقية، وسيتم ضخ المبالغ التي تم جمعها تلقائيًّا في القطاعات الاستراتيجية، ولا سيما ريادة الأعمال الشبابية.
تظل تعبئة المؤسسات المالية أمرًا أساسيًّا:
يجب أن تعتمد حكومة بوركينا فاسو على تعبئة المؤسسات المالية على غرار البنوك ومؤسسات القروض المصغَّرة؛ لتنفيذ تأجيل سداد القروض للشركات وإلغاء العقوبات والتكاليف الإضافية لتأجيل القروض.
وفي هذا السياق، سيحصل CDC-BF (صندوق الودائع والأمانات – بوركينافاسو) الذي تشرف عليه لجنة رقابة برلمانية، من تخصيص أولي قدره 20 مليار فرنك سِيفا، وسيكون لديه موارد مدخرات طويلة الأجل (لا سيما تلك الموجودة على مستوى صناديق التقاعد ومكتب بريد بوركينا فاسو). ومن شأن هذه المكاسب المالية غير المتوقعة أن تُعزّز القدرة على التدخل في القطاعات الرئيسية للاقتصاد مثل الزراعة والصناعة. وفي هذه الحالة، تُشكّل المدخرات رافعة مهمة لتمويل الاستثمار في النسيج الاقتصادي.
لكن بوركينا فاسو، في وقت الانتعاش الاقتصادي الراهن، تحتاج إلى جميع قواها الحيوية لمواجهة الأزمة العالمية. وعلى الرغم من ارتفاع الضغط المالي إلى 15.9٪ في عام 2020م، وفقًا للتقرير السنوي للجنة UEMOA (الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا)؛ فإن هذه الأزمة تُمثّل، أكثر من أي وقت مضى، فرصةً للبلاد لإعادة التفكير في اقتصادها بطريقة أكثر فعالية.
____________________________
* خبير في العلوم الاقتصادية والمالية: