بقلم: بول نانتوليا
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
إنَّ نموذج الحزب-العسكري (المسلّح) الصيني، والناجم عن خضوع الجيش للحزب الواحد الحاكم، يتعارض مع الأنظمة الديمقراطية متعدِّدة الأحزاب التي تتبنَّاها معظم الدول الإفريقية؛ حيث يكون الجيش غير السياسي مسؤولاً أمام القادة المنتخبين.
وتجدر الإشارة إلى أن أحد ركائز نموذج الحكم الصيني هو مبدأ سيطرة الحزب المطلقة على الجيش؛ من منطلق احترام القاعدة الأساسية “الحزب هو مَن يحكم السلاح، ولا يحقّ للسلاح أن يكون قادرًا على قيادة الحزب“ 枪杆子 里面 出 政权 ) حسب تصريح مؤسِّس الحزب الشيوعي الصيني (CCP) ماو تسي تونغ.
وهذه المقولة تؤكد العلاقة بين الحزب الحاكم وجيش التحرير الشعبي الصيني، فضلاً عن سيطرة الحزب الصارمة على الحكومة الصينية، والتي غالبًا ما تُوصَف بأنها “حزب دولة ” dǎng guó ( 黨 國 ).
وعلى الرغم من أن الصين تُعزِّز علاقاتها مع الجيوش الإفريقية؛ من خلال تقديم برامج التدريب والتعليم إلا أن بكين تقدّم رؤيتها الخاصة للعلاقات العسكرية–الحزبية، وقد تنامت الاحتمالات المعتمدة لهذا الغرض بشكلٍ مطرد خلال العقد الماضي.
وعلى سبيل المثال، كجزء من خطة العمل الصينية الإفريقية 2018-2021م، تستقبل الصين 60 ألف طالب إفريقي سنويًّا –أي: أكثر من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة -، وتمنح 50000 فرصة تدريب مهني و50000 منحة حكومية للموظفين الأفارقة في الخدمة المدنية، فضلاً عن تخصيص حوالي 5000 منها للجنود المحترفين مقارنة بـ 2000 فرصة ممنوحة في خطة 2015-2018م.
ونموذج الحزب العسكري الصيني يميل أيضًا إلى تقوية شبكات النخبة والقيادات التي تحتل مكانًا مهمًّا في العلاقات السياسية الصينية، وغالبًا ما يكون بديلاً عن الإجراءات المؤسَّسية والدستورية.
وعلى الرغم أن مفهوم تَفوُّق الحزب على الجيش يتعارض مع مبدأ القوات المسلحة غير السياسية الذي يعتبر محوريًّا للأنظمة الديمقراطية متعدِّدة الأحزاب التي اعتمدتها جميع الدساتير الإفريقية تقريبًا منذ أوائل التسعينيات؛ إلا أن النموذج الصيني يُشكّل حافزًا مُغريًا لدى بعض قادة الأحزاب السياسية الإفريقية في السلطة والقوات المسلحة الذين يُقدِّرون إعادة تعريف دور الجيش؛ لضمان بقاء الحزب في السلطة، عطفًا على رغبتهم في تقوية شبكات النُّخَب والقيادات العليا التي تحتلّ مكانة مهمة في العلاقات السياسية الصينية، وغالبًا ما تحُلّ محلّ الإجراءات المؤسسية والدستورية.
نموذج الحزب المسلّح الصيني:
في أكتوبر 2013م، في بداية أحدث مرحلة من إعادة هيكلة الجيش الصيني؛ أوصَى المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب الشيوعي الصيني “جيش التحرير الشعبي” بضمان “طاعة صارمة لقيادة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني”، وهناك ثلاث آليات لتحقيق هذا الهدف:
أولاً: تمارس اللجنة العسكرية المركزية للحزب سيطرة عملية على القوات المسلحة تحت قيادة المكتب السياسي، وهو أعلى جهاز في الحزب الشيوعيّ الصينيّ ومقرّ اللجنة المعنيَّة فوق وزارة الدفاع التي لها دور استشاري.
ثانيًا: من خلال شبكة من المفوّضين السياسيين ( (zhengweiذوي نفس رتبة وسلطة القادة العسكريين من المستوى المتكافئ، ويدير قسم الشؤون السياسية مسألة التوعية السياسية والأيديولوجية في جميع القوات المسلحة. ومن جانبه يعمل قسم الشؤون السياسية بالتوازي مع هيئة الأركان العامة والإدارات الأخرى العاملة في مجالات الخدمات اللوجستية والتخطيط الاستراتيجي والتدريب.
ثالثًا: داخل جهاز الحزب الشيوعي الصيني يجلس كبار المسؤولين بالزي الرسمي في هيئات الحزب الحاكم والتنفيذي.
وما ينبثق عن هذا النموذج هو ما يسميه القادة الصينيون بالحزب-العسكري الذي تتمثل مهمته الرئيسية في بقاء الحزب الحاكم.
وبينما أثارت إعادة هيكلة القوات المسلحة الصينية بعض الجدل الداخلي بين الأصوليين الأيديولوجيين وأولئك الذين يدافعون عن تحويل جيش التحرير الشعبي إلى جيش وطني ((jundui guojiahua تم توجيه انتقادات ضد الخطوة الأخيرة في مقال ساخر تم نشره في (كيوشي) المجلة الرئيسية للحزب؛ حيث انتقد هذا المقال “بعض” الذين “انبهروا بشكل أعمى بـ”النماذج الغربية”؛ حيث تخدم القوات المسلحة أهدافًا وطنية وليس أهدافًا لأحزاب فردية”، وحذر المقال من أنه إذا اكتسبت هذه الأفكار أهمية فإن “جيش التحرير الشعبي سيفقد روحه، ثم قدرته على الدفاع عن الحزب”.
نموذج الحزب المسلّح الصيني في السياق الإفريقي:
يتعرَّض الطلاب الأفارقة لهذا النموذج الصيني للعلاقات الحزبية -العسكرية على ثلاثة مستويات مهنية عند المشاركة في التدريب المهني العسكري الصيني؛ حيث يتم إجراء الأول في الأكاديميات الإقليمية للطلاب الضباط وصغار الضباط على غرار أكاديمية نانجينغ العسكرية وأكاديمية داليان البحرية وجامعة طيران جيش التحرير الشعبي الصيني، ثم تأتي كليات الأركان مثل كليتي قيادة الجيش في نانجينغ وشيجياتشوانغ وكليات القيادة والأركان التابعة لفروع خدمات جيش التحرير الشعبي التي تُدَرِّب الضباط في منتصف الخدمة. يتم تدريب معظم الطلاب العسكريين الأفارقة على هذين المستويين وهو إرْثٌ من دور الصين في إنشاء قوات مسلَّحة جديدة في إفريقيا بعد الاستقلال.
كما تستقبل جامعة الدفاع الوطني والجامعة الوطنية لتكنولوجيا الدفاع في الصين، أكبر مؤسسات التدريب المهني العسكري في الصين، أكثر من 300 ضابط أجنبيّ سنويًّا معظمهم من البلدان النامية بما في ذلك عدد يقِلُّ عن 60٪ من الضباط الأفارقة.
كما يلتحق الضباط الأفارقة بالمدارس السياسية لجيش التحرير الشعبي، والتي تقدم تدريبات على الآليات التي يستخدمها الحزب الحاكم للسيطرة على القوات المسلحة بما في ذلك جهاز المفوّضين السياسيين.
وفي هذا السياق، اعتمدت عدة دول –منها: أنغولا والجزائر والرأس الأخضر وإثيوبيا وإريتريا وغينيا بيساو وموريتانيا وموزمبيق ورواندا وجنوب السودان وتنزانيا وزيمبابوي- أشكالًا مختلفة من هذا النموذج الماوي المتمثل في الدمج بين الحزب الحاكم والقوات المسلحة، كما تمنح المدارس السياسية لجيش التحرير الشعبي أيضًا ضبّاطًا عسكريين ومسؤولين مدنيين رفيعي المستوى الفرصة للتكيُّف مع مؤسساتهم العسكرية والتجربة الصينية في مجال التدريب السياسي والأيديولوجي.
ومن تلك المدارس أكاديمية كونمينغ الوطنية للتدريب التنفيذي وأكاديمية بودونغ التنفيذية وكلية نانجينغ السياسية لجيش التحرير الشعبي، فضلاً عن تدريب مئات “المسلحين” الموالين للحزب دون أيّ رتبة رسمية على التعامل مع الأسلحة في هذه المدارس.
وتستخدم العديد من الأحزاب السياسية مثل المجلس الوطني للدفاع عن الديمقراطية/ قوى الدفاع عن الديمقراطية في السلطة في بوروندي، نشطاء الحزب كجزء من أجهزتهم القمعية.
وتم تبنِّي نماذج من المدارس السياسية العسكرية الصينية في سياقات إفريقية مختلفة ممَّا يعكس تقليدًا مشتركًا مع العديد من حركات التحرر الإفريقية، وهناك -على سبيل المثال- أكاديمية أوليفر تامبو للقيادة في أوغندا، وهي مدرسة سياسية عسكرية أُنشِئت في القاعدة العسكرية السابقة للمؤتمر الوطني الإفريقي لجنوب إفريقيا (ANC) في جنوب إفريقيا خلال فترة الفصل العنصري والمدرسة السياسية الإثيوبية في تاتيك بإثيوبيا ومدرسة سوابو في ويندهوك والمدرسة السياسية لحزب المؤتمر الوطني الإفريقي في فينترسكرون.
وفي عام 2018م، قدم مكتب الاتصال الدولي التابع للحزب 45 مليون دولار لبناء أكاديمية مواليمو نيريري للقيادة (أكاديمية مواليمو نيريري للقيادة) في تنزانيا وهي مدرسة أيديولوجية على غرار أكاديمية بودونغ التنفيذية التي باشرت تدريب الكوادر المدنية والعسكرية لحركة تحرير الجنوب الإفريقي السابقة (FLMSA)، وتجتمع قادة حركات التحرير في أنغولا وبوتسوانا وموزمبيق وناميبيا وجنوب إفريقيا وتنزانيا وزامبيا وزيمبابوي في قمة كل ثلاث سنوات، وأولئك يستفيدون من اتفاقيات الشراكة التعاونية الاستراتيجية الشاملة مع الصين، وهي أعلى مستوى من الشراكة التي تقدّمها الصين للدول الأجنبية.
ويرفض العديد من كبار القادة العسكريين الأفارقة أيّ دور سياسي للقوات المسلحة الإفريقية المحترفة، وقد أشار العقيد الزامبي (المتقاعد) نايسون نغوما إلى أن تسييس الجيش أمر شائع في البلدان التي ترتبط فيها الهياكل العسكرية والدولة ارتباطًا وثيقًا بشكل غير عاديّ، فيما قدّم العقيد البوركينابي (المتقاعد) إميل ويدراوغو حجة مماثلة، واقترح “أن الاحتراف العسكري الحقيقي ينبغي أن يقوم على خضوع القوات المسلحة للسلطة المدنية الديمقراطية والولاء للدولة، عطفًا على الالتزام بالحيادية السياسية وثقافة الأخلاق المؤسسية”، كما ذهب العقيد الجنوب الإفريقي (المتقاعد) أبيل استرهوز إلى أن الإشراف المدني القوي والتعليم والتدريب في الأدوار والمسؤوليات الدستورية هي مكونات أساسية لتعزيز الاحتراف وضمان عدم تحوُّل الجيش إلى مسؤولين سياسيين.
تداعيات نموذج الحزب المسلح الصيني في إفريقيا:
تُظهر التجربة أن غرس النهج الصيني الذي يدمج القوات المسلحة في سياسة الحزب محفوفٌ بالمخاطر، وتلك هي حالة زمبابوي بشكلٍ خاصّ.
وفي 16 نوفمبر 2017م، حذّر قسطنطين تشيوينجا، وزير الدفاع في ذلك الوقت (نائب الرئيس الحالي) في حضور أكثر من 60 ضابطًا عسكريًّا في زيمبابوي، الاتحاد الوطني الإفريقي – الجبهة الوطنية الزيمبابوية (ZANU- PF) الحزب الحاكم ضد النزاعات الداخلية، مؤكدًا أنه “يجدر بنا التأكيد مرة أخرى أن قوات دفاع زيمبابوي تظل لاعبًا مركزيًّا في مكاسب النضال من أجل التحرير، وعندما تتعرض للتهديد فإننا ملزمون باتخاذ إجراءات تصحيحية”، وفي اليوم التالي سيطر الجيش على مؤسسات الدولة الرئيسية.
لكنَّ شيوينجا كان أكثر من مجرد قائد عسكري؛ حيث قد سبق له أن ترأَّس المفوضية السياسية لـ ZANU-PF على شاكلة كبار الضباط الزيمبابويين الآخرين ونظرائه الصينيين، وكان منغمسًا بعمق في أعمال الحزب. ويُعرَف هذا الترتيب المؤسسي في ZANU-PF باسم “ستظل السياسة توجِّه السلاح دائمًا”؛ مما يُبرهن على تبنّي الزيمبابويين للمعتقدات الأيديولوجية الصينية.
على أن القوة الحقيقية لـ ZANU-PF مستمدّة من مفوّضيتها السياسية التي يشغلها الجنرالات في الغالب، وقد اتهم الموالون لموغابي داخلَ الحزبِ الجيشَ بانتهاك مبادئ تأسيسه الماوية من خلال طاعة أوامر الحزب في جميع الأوقات. ومع تصاعد وتيرة النزاعات الداخلية بدا أن روبرت موغابي، الرئيس آنذاك، يدافع عن الفصيل الموالي لزوجته جريس، وهو ما رفضه العديد من الضباط العسكريين في الهيئات الحاكمة للحزب، وفي النهاية أطاحوا به، وعيّنوا خليفتهم المفضل الرئيس الحالي إيمرسون منانجاجوا.
وتتّجلّى هذه الدروس أيضًا في الأزمة داخل الحركة الشعبية لتحرير السودان، الحزب الحاكم في جنوب السودان، الذي تبنَّى العديد من التقاليد الماوية. واندلعت الحرب الأهلية في 15 ديسمبر 2013م بسبب الصراع على السلطة بين الرئيس سلفا كير ونائب الرئيس آنذاك ريك مشار.
على أن ثمة صراعًا داخليًّا دام عدة أشهر قبل انعقاد اجتماع 13 ديسمبر للمكتب السياسي، هيئة اتخاذ القرار الرئيسية في الحركة الشعبية / الجيش الشعبي لتحرير السودان، ثلثاهم جنود، ثم اتَّضح لاحقًا أن الصراع كان ساخنًا كما تبدّد العازل الهشّ بين الحزب والقوات المسلحة، مؤديًا إلى خلافٍ انقسمت على أساسه القوات المسلحة في 15 ديسمبر إلى فصائل.
كما تطوَّر النموذج الماوي للعلاقات بين الحزب والقوات المسلحة، وتم تنفيذه عبر القارة في أشكال مختلفة؛ ففي أنغولا -على سبيل المثال- لا تزال الحركة الشعبية لتحرير أنغولا تنظِّم “التربية الوطنية الأيديولوجية” على جميع مستويات القوات المسلحة لضمان الولاء للحزب، فضلاً عن أن جواو لورينسو، الرئيس الأنغولي، هو نفسه كان مفوّضًا سياسيًّا في السابق. وشأنه في ذلك شأن جواكيم شيسانو وأرماندو غويبوزا، الرئيسين الأسبقين لموزمبيق، والرئيس التنزاني الأسبق جاكايا كيكويتي.
كما أن كبار القادة بمن فيهم وزير الدفاع أعضاء في اللجنة المركزية لفرليمو والحزب الحاكم ودائرته المصغّرة التي تُشَكِّل اللجنة السياسية، ويستخدم فريليمو “ألوية” مكونة من قدامى المحاربين والعسكريين المخضرمين لتنظيم التعليم السياسي الشامل وضمان الولاء الحزبي في جميع أنحاء الدولة والحكومة.
وفي أوغندا، يشرف كبير المفوّضين السياسيين على المفوّضين السياسيين في القوات المسلحة، وقد وضّح المفوض الحالي، العميد هنري ماتسيكو، أن تميُّز القوات المسلحة الأوغندية يكمن في “الوضوح السياسي والأيديولوجي الذي يُسيِّر عمل هذه القوة الصارمة”.
وقام فريليمو بتوجيه وتدريب مؤسسي جيش حركة المقاومة الوطنية الأوغندية، الذين شارك معظمهم في حرب استقلال موزمبيق باستخدام الأساليب الماوية، كما ينعكس اعتماد الحكومة الأوغندية لهذه النماذج في العديد من النصوص الأساسية للتدريب المهني العسكري في أوغندا بما في ذلك كتاب “مهمّة نحو الحرية”، والفصول بعنوان “لماذا خُضنا حربًا شعبية طويلة الأمد؟”، و”جيش المقاومة الوطني والشعب”، و”ما هي مشكلة إفريقيا؟” -كلها كتبها الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني، الذي ذكر خلال زيارة في يونيو 2019م إلى مسقط رأس ماو تسي تونغ في هونان: “الثوار يَفِدون إلى هونان وفودَ الكاثوليك إلى روما”.
ضعف النموذج الصيني داخل الصين:
واجهت الصين أيضًا مزالق نموذجها؛ حيث إن المجموعة القيادية الصغيرة للحزب الشيوعي الصيني والمسؤولة عن الدفاع الوطني والإصلاح العسكري التي أشرفت على عملية إعادة هيكلة القوات المسلحة الصينية – قامت بوضع قائمة العوامل التي قوَّضت تماسك وفعالية جيش التحرير الشعبي بما في ذلك الفصائل والمحسوبية السياسية والفساد. وقد تسلَّلت هذه المشاكل إلى الحزب الشيوعي الصيني، وامتدت إلى الجيش نتيجة الاندماج الوثيق بين الحزب والقوات المسلحة.
وقد مكّن تسييس القطاع العسكري أيضًا “شي جين بينغ”، الأمين العام للحزب الشيوعي الصيني، تحت ستار مبادرات مكافحة الفساد من تعزيز هيمنته الشخصية على جيش التحرير الشعبي. لكن إعادة الهيكلة الهائلة لجيش التحرير الشعبي أدَّت إلى إزاحة أكثر من 100000 من مسؤولي الحزب و120 من كبار الضباط، عطفًا على اعتماد أحكام جديدة لحظر الجنود من إدارة الشركات وتمكين أيديولوجي الحزب بدلاً من الضباط لإدارة جيش التحرير الشعبي.
على الرغم من نقاط الضعف المذكورة يظل الفصل بين الحزب والقوات المسلحة والدولة أمرًا غير وارد على الإطلاق، وفي مستهلّ حديثه عن عملية إعادة الهيكلة صرّح الجنرال فانغ تشانجلونج، نائب رئيس اللجنة العسكرية المركزية الصينية، أنه يتعين على الجنود “دَحْض ورفض الآراء السياسية الخاطئة التي تفصل الجيش عن الحزب ونزع تسييس القوات المسلحة بوضعها تحت [سلطة] الدولة، “وشأنه في ذلك شأن الجنرال لي جيناي، المدير السابق للإدارة السياسية في جيش التحرير الشعبي الصيني، الذي انتقد فكرة نزع الصبغة السياسية عن جيش التحرير الشعبي، واصفًا إياها بأنها “محاولة لإسقاط الحزب مِنْ قِبَل قوى داخلية وأجنبية”.
الخلاصة:
دعمت جهود بكين لتشكيل معايير الحزب المسلّح في إفريقيا تلك العلاقات الأيديولوجية الوثيقة بين الصين وبعض الدول الإفريقية التي تعود إلى أيام دعمها لحركات الاستقلال، ويزعم بعض القادة الأفارقة أنه نظرًا إلى أن النماذج والقناعات الصينية كانت ذات أهمية حاسمة للحصول على الاستقلال، فهي ذات صلة بتلبية احتياجات إفريقيا المستقبلية.
ومع ذلك، فإن الإحساس بالأحقيّة في السلطة لدى العديد من حركات التحرُّر في إفريقيا ورغبتهم في إطالة أمدهم في السلطة من الاعتبارات التي تُشكِّل مصدرًا للعديد من الصراعات والأزمات السياسية والتحولات الديمقراطية التي تعوقها في إفريقيا.
وحتى الصين نفسها واجهت مشاكل نتجت عن العلاقة الوثيقة بين الحزب والجيش، وعلاوة على ذلك، تقول غالبية الدساتير والمدافعين عن الاحتراف العسكري: إن الجيوش المحترفة في إفريقيا لا يمكن تكوينها إلا من قوات مسلحة غير سياسية ملتزمة بخدمة احتياجات الأمة بدلاً من حزب سياسي واحد؛ لكن على أيّ حال، تم وضع الأُسس لتقديم أيديولوجي صيني لتعزيز نموذج الحزب المسلّح في إفريقيا.
_____________________
مصادر إضافية
• كويسي أنينج وجوزيف سيجل، “تقييم المواقف للجيل القادم من محترفي قطاع الأمن في إفريقيا”، تقرير التحليل رقم 7، مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أغسطس 2019م.
• جويل ووثنو “جيش الصين الآخر: الشرطة المسلحة الشعبية في عصر الإصلاح”، المنظور الاستراتيجي الصيني رقم 14، معهد الدراسات الاستراتيجية الوطنية، 16 أبريل 2019م.
• فيليب سي سوندرز، آرثر إس دينغ، أندرو سكوبل، أندرو إن دي يانغ وجويل ووثنو، “الرئيس شي يعيد تشكيل جيش التحرير الشعبي: تقييم الإصلاحات العسكرية الصينية“، (الرئيس شي يعيد تشكيل ALP: تقييم الإصلاحات العسكرية الصينية)، جامعة الدفاع الوطني 2019م.
• فيليب كارتر الثالث، والدكتور ريموند جيلبين وبول نانتوليا، “الصين في إفريقيا: الفرص والتحديات والخيارات”، في التأثير الصيني العالمي: وجهات نظر وتوصيات، دانيال ك. إينوي، مركز آسيا والمحيط الهادئ للدراسات الاستراتيجية، أكتوبر 2019م.
• بول نانتوليا، “أنشطة الصين الاستراتيجية المتنامية في إفريقيا لها تأثيرها على القوة الصينية الصلبة”، إكليراز، مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، 7 فبراير 2019م.
• جوزيف سيجل، “الأزمات السياسية والأمنية في بوروندي”، شهادة أمام لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي للشؤون الإفريقية وسياسة الصحة العالمية، 10 ديسمبر 2015م.
• شي جين بينغ، “تعزيز التعاون من أجل النهوض بتحويل نظام الحوكمة العالمي والتعزيز المشترك للمهمة السامية للسلام والتنمية للبشرية“، بقلم شينخوا في 28 سبتمبر 2016م.
• تشانغ ليهوا، “القيم الثقافية التقليدية والهوية الوطنية للصين”، نافذة على الصين، مركز كارنيجي تسينغهوا للسياسة العالمية، 21 نوفمبر 2013م.
• كريستوفر كلافام، “من حركة التحرير إلى الحكومة: الموروثات الماضية وتحدي الانتقال في إفريقيا”، كونراد أديناور ستيفتونغ، يناير 2013م.
____________________
رابط المقال:
https://africacenter.org/fr/spotlight/la-chine-promeut-son-modele-parti-armee-en-afrique/