بقلم: آدم.ك. ابيبي
ترجمة: سيدي.م.ويدرغواو
الحسن واتارا في ساحل العاج، وألفا كوندي في غينيا، ويويري موسيفيني في أوغندا، وفوري غناسينغبي في توغو.. هم كثيرون ممن يرغبون في البقاء في السلطة.
فقد أكَّد الرئيس الإيفواري الحسن واتارا (78 عامًا) أخيرًا في 20 أغسطس 2020م أنه سيسعى لولاية ثالثة، وقبل ذلك بأيام قلائل، طلب الحزب الحاكم في غينيا من الرئيس ألفا كوندي (82 عامًا) الترشُّح للمرة الثالثة.
وإجراءات من هذا القبيل تُظْهِر أنَّ إفريقيا لم تنتهِ بعدُ من الحقبة الكارثية لرؤساء مدى الحياة، علمًا بأن الوضع بدأ منذ أعقاب الاستقلال، واستمر حتى نهاية التسعينيات، وقد سبَّب آثارًا ضارة على الاستقرار والديمقراطية والتنمية الاجتماعية والاقتصادية في القارة.
وعلى مدَى العقدين الماضيين طوَّر الاتحاد الإفريقي (AU) وسائل فعَّالة نسبيًّا لمواجهة الانقلابات غير الدستورية ضد الحكومات، ومع ذلك لا يزال الاتحاد الإفريقي عاجزًا عن حلّ قضية الرئاسات ذات الطابع الإمبراطوري، ونتيجة لهذا التقاعس يُنظر إلى المنظمة كنادٍ خاصّ للقادة الحاليين.
والمفارقة أنَّ سبعة من الرؤساء العشرة الأطول بقاءً في السلطة على هذا الكوكب هم أفارقة، ومن بين هؤلاء الكاميروني بول بيا، الذي حكم البلاد منذ عام 1982م، وتيودورو أوبيانغ نغويما مباسوغو الذي تربَّع على رأس غينيا الاستوائية منذ عام 1979م؛ وغالبًا ما يتم تعريف أنظمتهم بعدم الاستقرار وغياب الحريات المدنية وكذلك السياسية، فضلاً عن انتشار الوراثة والفساد.
التحايل على تحديد عدد المأموريات لفترتين:
جاء ألفا كوندي من صفوف المعارضة، وتولَّى السلطة في عام 2010م بعد فوزه في أول انتخابات تعددية نُظِّمت في غينيا بعد وفاة لانسانا كونتي، في عام 2008م، بعد أربعة وعشرين عامًا قضاها على رأس البلاد بعد وصوله إليه عن طريق انقلاب عسكري، ثم أعقب ذلك تشكيل حكومة انتقالية عام 2010م تم فيها اعتماد دستور جديد وانتخابات جديدة.
كان ألفا كوندي معارضًا شرسًا لـ”لانسانا كونتي” كما عارض بشكل خاصّ التعديل الدستوري لعام 2003م الذي يسمح لخصمه بالترشح لولاية ثالثة؛ لكن بمجرد تولّيه القيادة، في عام 2010م، عزّز ألفا كوندي سلطته بسرعة من خلال هيمنة حزبه “تجمّع الشعب الغيني” قبل إعادة انتخابه في عام 2015م، وفي عام 2019م أعلنت حكومته عزمها على اعتماد دستور جديد يهدف إلى التحايل على بندٍ يَحْظُر تعديل الحدّ بفترتين رئاسيتين.
لكنَّ المعارضة انتقدت الخطوة قائلة بأنها تنتهك جوهر دستور 2010م الذي يعارض الفترات غير محدودة للمأموريات الرئاسية، ومن شهر أكتوبر اندلعت الاحتجاجات في كوناكري وبقية البلاد، ممَّا أجبر السلطات على تأجيل الاستفتاء على الدستور الذي أُجري أخيرًا في 31 مارس، وأسفر عن اعتماد الدستور الجديد. وفي حين أنَّ الدستور الأخير يَحتفظ بحدّ التفويضين؛ فإنه لا يتعرَّض للمأمورية التي تم قضاؤها قبل دخول التعديلات الأخيرة حيّز التنفيذ؛ مما يترك للرئيس إمكانية البحث عن تفويضين جديدين، والبقاء على رأس البلاد حتى عام 2032م.
إساءة استخدام السلطة:
وعلى الرغم من القيود الناجمة عن الجائحة كوفيد-19؛ فقد استمرت الاحتجاجات التي أوْدَتْ بحياة العديد من الأشخاص على أيدي قوات الأمن، ومن المفترَض أن تُجْرَى الانتخابات في 18 أكتوبر، ويتّجه ألفا كوندي نحو ترشيح نفسه لولاية ثالثة، ولا يزال يتعيَّن على الأحزاب المعارضة تسمية مرشحيها.
وفي ضوء قبضة الرئيس الخانقة على لجنة الانتخابات وموارد الدولة والإدارة وقوات الأمن، فضلاً عن القيود المفروضة على الأحزاب المعارضة، فمن المرجَّح أن تكون الانتخابات غير حرَّة ولا عادلة، وسوف تضمن النصر للحزب الحاكم مع مخاطر مقاطعتها من المعارضة، كما فعلت في الاستفتاء والانتخابات البرلمانية في مارس.
لقد أدَّى التشريع الخاص بتحديد الفترات الرئاسية ببعض الزعماء الأفارقة إلى إجراء بعض التغييرات الديمقراطية، ومن بين أحدث الأمثلة: جمهورية الكونغو الديمقراطية (2019م)، وسيراليون (2018م)، وليبيريا (2017م)، وفي جميع البلدان الثلاثة فازت المعارضة في الانتخابات التي اتَّسمت بمنافسة قوية.
لكنَّ العديد من الرؤساء الآخرين عدَّلوا دساتير بلادهم لتمديد ولايتهم، وتشمل هذه القائمة توغو (2002م)، والجابون (2003م)، وساحل العاج وغينيا مؤخرًا، غير أن سوء الاستغلال الأخير للسلطة يُثبت أنَّ القضاء على هذه الممارسة لا يزال بعيد المنال، وهناك عددٌ من التدابير التي يتعين اتخاذها على وجه السرعة.
النموذج الغامبي:
من أجل سدّ هذه الثغرات، يجب التأكّد من أن الدساتير المعتمدة حديثًا تأخذ في الاعتبار الفترات الرئاسية التي نُفِّذَتْ مسبقًا؛ فمشروع الدستور لا يضع حدًّا لفترتين فحسب، بل يحسب تلك التي نُفِّذَتْ قبل اعتماده، ومِن ثَمَّ يُعدُّ نموذجًا للقارة.
الحَظْر القَارّيّ:
يجب على الاتحاد الإفريقي أن يستأنف جهوده لفرض حدّ لفترتين رئاسيتين على مستوى القارة. وفي هذا السياق، قامت أوغندا بحملة ضد اعتماد بند من مشروع الميثاق الإفريقي بشأن الديمقراطية والانتخابات والحكم الرشيد الذي كان من المتوقع تنفيذه في عام 2007م؛ مما أدَّى إلى إسقاطه، علمًا بأنَّ الرئيس الأوغندي يويري موسيفيني قد أزال بالفعل هذا القيد في بلاده في عام 2005م.
وفي السياق نفسه، يُذْكَر بأنَّ الرغبة التي أبدتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (ECOWAS) في وَضْع حَدّ لفترتين قد قُوبِلَتْ في عام 2015م بمعارضة غامبيا إبَّان ديكتاتورية يحيى جامي، وتوغو، التي لا تحتوي دساتيرها على حدودٍ زمنيةٍ معيَّنةٍ.
ويتعين على الاتحاد الإفريقي والجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا والمنظمات الإقليمية مضاعفة جهودها لفرض عدد الفترات الرئاسية؛ حيث إن الحظر القاريّ هو السبيل الوحيد الذي بإمكانه مَنْع المناورات القانونية المحلية، ودفن شبح الرؤساء مدى الحياة. وبمجرد تأكيد هذا القيد سيكون بمقدور الاتحاد الإفريقي معاقبة أو حتى إبعاد الدول التي لا تلتزم بذلك.
وعلى أيّ حال، فالمسألة بمثابة تحصيل حاصل بالنسبة للمنظمات؛ حيث إنَّ في القارة خمس دول فقط لديها نظام رئاسي غير مقيَّد بعدد فترات الولاية على غرار إريتريا والصومال والكاميرون وجنوب السودان وجيبوتي. وقد تراجع معظم الذين حذفوه مثل أوغندا التي أعاد برلمانها تحديد عدد المأموريات الرئاسية في عام 2017م، ومع ذلك، فإن يويري موسيفيني، الذي كان في السلطة منذ 34 عامًا يمكن أن يُعيد ترشيح نفسه.
وعلى الرغم من أن توجو فعلت الشيء نفسه في عام 2019م؛ إلا أن الرئيس المنتهية ولايته، فور غناسينغبي، والذي على رأس البلاد منذ عام 2005م سيكون بمقدوره الترشُّح في الانتخابات المقبلة كما يمكنه البقاء في السلطة حتى عام 2030. ولكن وبدون جهود متضافرة على مستوى القارة فمن المحتمل أن يكون مصير إفريقيا العيش مع شبح الرؤساء مدى الحياة.
رابط المقال: