بقلم: إدغار جنانسونو*
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
إن الأزمة التي اندلعت من الاستبدال المتوقع لفرنك سِيفا بعملة إيكو مِن قِبَل منظمة التعاون الاقتصادي ليست غائرة؛ حيث من الممكن التوصُّل إلى حلّ للخروج من المأزق النقدي على مستوى CEDEAO (الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا).
وفي الاجتماع المنعقد في تاريخ 23 يونيو 2020م بين رؤساء دول المنطقة النقدية لغرب إفريقيا (WAMZ)، أعرب الرئيس النيجيري محمدو بوخاري عن رفضه الشديد لإنشاء عملة إيكو بديلاً لفرنك سِيفا من 1 يوليو 2020م، داعيًا إلى تأجيل الموعد النهائي.
وموقفه ذاك قريب من الموقف الذي تم التعبير عنه أيضًا من جانب غينيا كوناكري؛ مما يوحي باستيفاء شروط اندلاع الأزمة داخل الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا بين البلدان التي تستخدم فرنك سِيفا سابقًا من جهة وبين جيرانها السبعة داخل المجتمع الإقليمي من جهة أخرى.
وفي هذا التباين بين المواقف، فإن نيجيريا على حق؛ حيث إن UEMOA (الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا)، عند تبنّيها اسم إيكو، أظهرت عدم الاحترام تجاه الدول السبع الأخرى في الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، وخاصة تجاه نيجيريا، والتي تمثل أكثر من نصف السكان وحوالي 70٪ من الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة غرب إفريقيا. وبالإضافة إلى ذلك؛ فإن شروط تحقيق هذا الانتقال تثير تساؤلات حول دور فرنسا وطموحاتها الحقيقية في المنطقة دون الإقليمية.
الانتقال إلى إيكو/ نيرة؟
ولكن من ناحية أخرى، لم تُظهر أبوجا في السنوات الأخيرة رغبةً حقيقيةً في التحرُّك نحو عملة موحدة دون إقليمية؛ حيث إنَّ نيجيريا -على سبيل المثال- لم تفعل شيئًا لتطوير التضامن لرفع احتياطيات النقد الأجنبي داخل ZMAO (المنطقة النقدية لغرب إفريقيا).
كما أن هناك عددًا من الأسباب التي يفتقر إليها أول اقتصاد في القارة لدعم إنشاء العملة الموحدة لغرب إفريقيا. وجدير بالذكر أن نيجيريا قد شرعت بشكل شرعيّ في بناء اقتصاد وطنيّ متنوع، مستخدمة عملتها الوطنية، النيرة، كأداة لتعديل الاقتصاد الكلي، ولا سيّما لمواجهة تطورات عائدات النفط بالدولار الأمريكي.
غير أنه في السياق الحالي لا يمكن إنشاء عملة شبه إقليمية واحدة تضم نيجيريا في إطار معايير التقارب التي اعتمدتها الجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا؛ حيث إنَّ البلاد بالفعل في حاجة إلى المزيد من الوقت لتنويع اقتصادها والخروج من دورة “سعر النفط/ تعادل العملة”.
وسيكون الحل المنطقي هو التوجه نحو إيكو/نيرة؛ أي عملة يكون تذبذب سعر صرفها وفقًا لاحتياجات الاقتصاد السائد في المنطقة دون الإقليمية؛ أي وفق الاقتصاد النيجيري وتبعًا لتحرك سعر النفط؛ لكن من الصعب تصوُّر هذا الخيار؛ نظرًا لأنّ معظم الدول الأربع عشرة الأخرى في المنطقة ليست مصدّرة للنفط الخام.
الفيدرالية شبه الإقليمية على ثلاث مراحل:
وفي مواجهة هذا المأزق الاستراتيجي يجب أن يتشكل مسارٌ آخر مدفوعًا برأي إقليمي يجب التعبئة عليه: “إيجاد فيدرالية شبه إقليمية على ثلاث مراحل”.
وستتمثل المرحلة الأولى في تحرير UEMOA (الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا) فعليًّا من الإشراف الفرنسي، ويمكن لهذه المنطقة الاقتصادية التي تتمتع بالفعل بمزايا وجود بنك مركزي مشترك أن تشكل أساسًا للفدرالية.
لكن يجب على الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا ومصرفه المركزي الاستقلال التام عن فرنسا وإنشاء الآليات اللازمة لتأمين التجارة الدولية مع جميع الشركاء الدوليين. وسيتعين على BCEAO (البنك المركزي لدول غرب إفريقيا) التحرير الكامل من قبضة فرنسا، وأن يبرم أولاً اتفاقية مباشرة مع البنك المركزي الأوروبي، ثم ينتقل بعد ذلك إلى سعر صرف عائم.
اتحاد ساحلي-غيني:
وفي المرحلة الثانية يتم بناء اتحاد ساحلي-غيني بعد تحرير UEMOA (الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا)، وسيجمع 14 دولة في غرب إفريقيا مع مساحة سياسية واقتصادية متماسكة يمكنها الاعتماد على سوق داخلية ذات حجمٍ كافٍ لدعم التصنيع الحقيقي.
وسيكون لهذا الاتحاد عملة جديدة -إيكو- كما سيستفيد من تجربة BCEAO (البنك المركزي لدول غرب إفريقيا) المستقل والمحدّث، مع احتفاظ كل ولاية من الولايات الفدرالية الأربعة عشر بالسيادة على مواردها الطبيعية، لكنَّ الحكومة الفيدرالية ستضمن استغلال هذه الموارد واستخدامها لصالح شعب الاتحاد، على أن يكون الحكم الديمقراطي واحترام سيادة القانون هما المسيطرين على كامل نطاق الاتحاد.
وفي المرحلة الثالثة، يطلق هذا الاتحاد مع جمهورية نيجيريا الاتحادية ديناميكية جديدة لتحقيق تكامل إقليمي أكثر فاعلية؛ لأنه يشمل شريكين لهما وزن اقتصادي وسياسي أقل توازنًا.
ويمكن في البداية أن يتخذ ذلك شكل اتحاد كونفدرالي من شأنه بناء مرحلة تجريبية في توافق الآراء مع إمكانية تجاوز الحدود المؤسسية الحالية للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا.
على أن يكون الهدف النهائي هو تحقيق Fedeao (اتحاد دول غرب إفريقيا(، ولكن سيستغرق الأمر بعض الوقت لنيجيريا لتنويع اقتصادها بنجاح، ولكي يتمكن اتحاد الساحلي-الغيني من بناء الأسس الراسخة لتصنيعها على شاكلة ما تنجزه نيجيريا وبالشراكة الوثيقة معها.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* إدغارد جنانسونو: من جمهورية بنين، وحامل جنسية سويسرية، ومتخصص في قضايا الطاقة، وأستاذ في البوليتكنيك الفيدرالي في لوزان، ومؤلف كتاب “الانتهاء من فرنك المستعمرات الفرنسية في إفريقيا آرماتان /الدراسات الإفريقية، 2012م.
رابط المقال: