المصدر: لوبوبيان أفريك
ترجمة :سيدي.م.ويدراوغو
ستكون نكهة شهر رمضان هذه المرَّة مغايرةً عن نظيراتها بالنسبة للمسلمين الأفارقة، وخاصة في ظل الحجر الصحي الصارم والأزمة الاقتصادية جراء تفشّي فيروس كورونا.
لن يكون لشهر رمضان هذا العام النكهة المألوفة لدى المسلمين الأفارقة على اختلاف أماكن وجودهم في القارة؛ حيث تم إصدار أمر إلى المسلمين في جنوب إفريقيا بعدم التجمع، وأداء الصوم مع احترام التباعد الاجتماعي، وإذا أمكن، في المنازل.
عودة الهدوء إلى النيجر:
ساد الهدوء في أول صيام في رمضان في نيامي بعد أعمال شغب احتجاجًا على حظر التجول وحظر الصلوات الجماعية الناجمة عن الإجراءات الاحترازية لمحاربة انتشار الفيروس التاجي.
في منطقة لازاريت الشعبية الكبيرة، بؤرة أعمال الشغب، تسارع الناس للوصول إلى منازلهم قبل الإفطار في الساعة 7:10 مساءً بالتوقيت المحلي (6:1 مساءً بتوقيت جرينتش)، بينما ظل بائعو الماء الساخن التقليدي أو الآيس كريم والكسكس أو التمر في الشارع. وكما هو الحال منذ بداية الأزمة، كان عدد قليل من الناس يلبسون قناعًا الذي يعتبر مكلفًا للغاية بالنسبة لدَخْل البعض، ولكنه إلزاميّ في نيامي منذ 10 أبريل.
كانت الشرطة حَذِرةً بعد أعمال الشغب التي اندلعت بين 17 و19 أبريل في العاصمة بعد احتجاجات مماثلة في بقية أنحاء البلاد وتم اعتقال أكثر من 200 شخص.
وقد خفّفت السلطات الإجراءات؛ من خلال تغيير وقت حظر التجول الساري من الساعة 9 مساءً إلى 5 صباحًا (8 مساءً و4 صباحًا بتوقيت جرينتش) بدلاً من 7 مساءً حتى 6 صباحًا، وبالتالي إعطاء فسحة زمنية تسمح بالإفطار قبل دخول وقت حظر التجوّل.
“نحن نعلم أنه من المستحيل رفع حظر التجوّل بشكل كامل، لكننا نحمد لله على التخفيف الذي طرأ عليه”. وعلى أية حال، يشتري الناس ما يكفي لتناول الإفطار قبل حلول الظلام خلال شهر رمضان، لذا فإن إعطاء الفرصة للبيع حتى الساعة 9 مساءً أمر جيد بالفعل” على حد قول إيدي موسى، الجزار في لازاريت.
والنيجر سجلّت 671 حالة فيروس كورونا مع 24 حالة وفاة، وفقًا لتقرير رسمي، وقد أعلنت الدولة بالفعل حالة الطوارئ وإغلاق الحدود ودور العبادة والمدارس، كما تم عزل العاصمة عن بقية البلاد.
دعوة إلى الأعمال الخيرية:
“في باماكو، مقديشو، انجامينا، دار السلام، القاهرة وكيب تاون، خلال هذا الشهر سيصوم المسلمون من الفجر إلى الغروب، ويكثرون من العبادات والإحسان، كما أن رمضان فرصة للتفكير في قيم التواضع والبساطة والتضحية والتضامن”؛ على حد تعبير الرئيس سيريل رامافوزا، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي.
مضيفًا إن “رمضان هذا العام لن يكون -مع الأسف- كما كان في العام الماضي؛ حيث إننا في ظل حالة طوارئ عالمية للصحة العامة، وليس في العالم منطقة في العالم في معزل عن الفيروس كورونا”.
مؤكدًا أنَّ “عددًا من الدول فرضت إجراءات لاحتواء انتشار الفيروس؛ مما يعني أن العديد من تقاليد رمضان مثل الصلاة في المسجد والعمرة، وزيارة العائلة والأصدقاء لن تتم “.
أضاف رامافوزا: “إذا أردنا مكافحة هذا الوباء، يتعين علينا البقاء متّحدين، ونحترم التدابير المعمول بها لحماية صحتنا وصحة الآخرين. ففي الوقت الذي يواجه فيه الملايين من الناس الجوع والعوز والبؤس، فإن الأعمال الخيرية التي تتم خلال شهر رمضان أصبحت ضرورية أكثر من أيّ وقت مضى.. وسيكون طريق استعادة مجتمعنا طويلاً وصعبًا”، مشيرًا إلى أن روح العطاء والإحسان ستبقى ضرورية لفترة طويلة.
وكأفارقة، سوف نخرج من هذه المحنة بوعي جديد، وسوف نفهم، وربما أكثر من أي وقت مضى، واجبنا الكبير في مساعدة ودعم أولئك الذين هم أقل حظًّا، كما ورد في القرآن الكريم بأن من أنقذ حياة شخص كأنه أنقذ البشرية جمعاء {ومَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا}؛ إننا نرجو أن يكون هذا الشهر المبارك وقتًا نعزّز فيه أواصر التضامن الموجودة بيننا نحن الأفارقة”.
منظمة الصحة العالمية تنشر سلسلة من التوصيات لشهر رمضان:
تجبر القيود المفروضة في معظم البلدان المساجد على البقاء مغلقة، وعدم المشاركة الجماعية في تناول وجبة “الإفطار” اليومية، وهي عادة ودية أو احتفالية؛ كما هو معتاد مع العائلة أو بين الجيران. وقد طلبت منظمة الصحة العالمية من البلدان “منع تجمُّع أعداد كبيرة من الناس في أماكن مرتبطة بأنشطة رمضان، مثل أماكن الترفيه، والأسواق والمحلات التجارية”.
إذا كان الحجر الصحي يمنع الأعياد، فإنه لا يُعفي المسلمين الذين يتمتعون “بصحة جيدة” من الصيام “كما في السنوات السابقة” حسب ما أشارت إليه منظمة الصحة العالمية.
وأضافت المنظمة، من ناحية أخرى، بأنه يُطلَب من المرضى المصابين بـ Covid-19 استشارة أطبائهم بشأن ممارسة الصيام “كما يفعلون مع أيّ مرض آخر”.
المغرب يفرض حظر تجوُّل ليليٍّ في رمضان:
ابتداءً من السبت 25 أبريل، أول أيام رمضان في المغرب “تمّ منع المواطنين رسميًّا من التنقل خارج منازلهم أو على الطريق العام” بين الساعة 7 مساءً و5 صباحًا بالتوقيت المحلي، حسب وزير الداخلية.
ويضيف الإشعار “ستحرص السلطات المحلية والأجهزة الأمنية على تطبيق إجراءات رقابية صارمة”.
وتقليديًّا، خلال شهر رمضان، يخرج المغاربة في حشودٍ في الشوارع بعد أن يفطروا للذهاب إلى المسجد، أو تناول القهوة أو المشي في الشوارع.
وفي السياق نفسه، أصدر مجلس العلماء، المؤسسة الدينية الرسمية، فتوى تطالب باحترام الحجر الصحي في رمضان “الحفاظ على الحياة ضد جميع الأخطار مقدَّمٌ من وجهة نظر الشريعة على أيّ عمل آخر، بما في ذلك الاجتماع للصلاة “.
وقد تم القبض على أكثر من 61.000 شخص خلال ممارسة الأجهزة الأمنية المراقبة اليوميَّة وفقًا لأحدث تقرير رسمي. ويُعاقب على عدم الامتثال لقيود التنقل من شهر إلى ثلاثة أشهر في السجن أو غرامة تعادل 115 يورو.
تخفيف الحجر الصحي في كانو بنيجيريا عشية رمضان:
وفي السياق المتصل، تم السماح لسكان كانو، وهي مدينة كبرى في شمال نيجيريا والعاصمة الألفية للإسلام، بالخروج لشراء الطعام نتيجة تخفيف الحجر الصحي القائم ضد الفيروس التاجي في اليوم الأول من رمضان.
وكانت السلطات قد أصدرت قرارًا بالحجر الصحي التام في هذه المدينة التي يزيد عدد سكانها عن 4 ملايين نسمة اعتبارًا من 16 أبريل؛ وذلك لمنع انتشار مرض “كوفيد 19” مما أثار جدلاً حول إغلاق المساجد وحظر صلاة الجماعة.
في اللحظة الأخيرة، قررت الحكومة المحلية تعليق الحجر الصحي يومًا واحدًا، من الساعة 6 صباحًا حتى منتصف الليل، للسماح للسكان بتخزين الطعام قبل أسابيع الصيام.
ومع ذلك، لا تزال المساجد الرئيسية في مدينة كانو مغلقة؛ حيث تتكون الغالبية العظمى من السكان من مسلمين ملتزمين، وحيث الشريعة الإسلامية سارية المفعول.
ويستغرب عثمان ساني بينما هو جالس تحت شجرة أمام منزله “لم أكن أتخيل أبدًا تعليق صلاة الجمعة لمدة أسبوعين متتاليين في مدينة كانو”.
وقد تحدّى المصلون الأسبوع الماضي الحجر الصحي، وذهبوا إلى المساجد التي رفضت تعليق صلاة الجمعة فيها، وأشار هارونا عبد الله المتحدث باسم الشرطة إلى أن 15 إمامًا اعتُقِلُوا منذ ذلك الحين.
وقد سجلت نيجيريا ما يقرب من 1000 حالة معلن عنها رسميًّا لعدوى الفيروس التاجي، و31 حالة وفاة، ولكن تم رفع العديد من الأصوات للتنديد بالعدد الضئيل من الاختبارات التي أُجريت في أكثر الدول اكتظاظًا بالسكان في إفريقيا حيث يبلغ عدد سكانها 200 مليون نسمة.
تخفيف حظر التجوّل في ليبيا وتونس والجزائر:
أعلنت الجزائر وتونس وليبيا عن إدخال تخفيف خلال شهر رمضان للمسلمين بعد حظر التجوّل بسبب وباء كوفيد 19. وفي ليبيا، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عن استبدال الحجر الصحي بمنع التجوّل من الساعة 6 مساءً حتى الساعة 6 صباحًا بالتوقيت المحلي لمدة عشرة أيام. وحتى ذلك الحين، لم يكن سكان هذا البلد الذي في حالة حرب يحترمون الحجر الصحي المفروض منذ أسبوع.
ومن جانبها اختصرت السلطات التونسية ساعتين من حظر التجول الليلي المفروض منذ 22 مارس ويبدأ الآن الساعة 8 مساءً بالتوقيت المحلي، 7 مساءً بتوقيت غرينتش.
وفي الجزائر، تم رفع الحجر الصحي عن ولاية (البليدة) بالقرب من الجزائر العاصمة التي تم فيها تسجيل الحالات الأولى لفيروس كورونا، مما أفسح المجال لحظر التجوّل من الساعة 2 إلى 7 مساءً بالتوقيت المحلي، وفي الولايات التسع الأكثر تضررًا من الوباء، بما في ذلك العاصمة، تم تخفيف حظر التجول لمدة ساعتين.
توقُّع تخفيف الحجر الصحي في جنوب إفريقيا في شهر مايو:
أعلن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوسا أن بلاده ستبدأ تدريجيًّا في تخفيف إجراءات الاحتواء اعتباراً من 1 مايو، مشيرًا إلى أن الحكومة حددت الإجراءات التي سيتعين اتخاذها بناء على الوضع الوبائي في البلاد.
وفي إطار هذه الخطة، ستخضع البلاد لمقياس يتراوح بين درجة 1 إلى 5 درجات؛ علمًا بأن جنوب إفريقيا تتربع اليوم في الدرجة 5، ويعني ذلك أعلى مستوى، الأمر الذي يتطلب جهدًا وطنيًّا مكثفًا لإبطاء انتشار فيروس كورونا. واعتبارًا من 1 مايو، سننتقل إلى المستوى 4 مما يعني أنه سيتم السماح ببعض الأنشطة مع احترام التدابير الاحترازية القصوى.
وخلال الرجوع إلى المستوى 4، وفقًا للرئيس رامافوسا، ستبقى الحدود مغلقة. ستواصل وسائل النقل العام العمل تحت قيود، ولن يُسمح بأيّ انتقال بين المقاطعات باستثناء نقل البضائع وفي ظروف استثنائية مثل الجنازات.
وصرح الرئيس “لقد اخترنا هذه الخطة لأنه لا يزال هناك الكثير من المجهول حول معدل انتشار الفيروس، وكيفية انتشاره بين سكاننا”، مضيفًا أن العلماء حذّروا من أن “إعادة فتح الاقتصاد بلا قيود” يمكن أن يسبب عودة كبيرة للعدوى”. وسيحدد الوزراء المجالات الاقتصادية التي ستُعاد فتحها في مايو، وكيف سيتم هذه المرحلة الجديدة من الاحتواء.
موريشيوس تستعدّ لعملية تدريجية نحو رفع الحجر الصحي:
بعد استقرار عدد المصابين بالفيروس التاجي المستجد، ستدخل جمهورية موريشيوس في عملية رفع الحجر الصحي تدريجيًّا؛ حيث أعلن رئيس الوزراء برافيند جوغناوث، بأن هذا الحجر الصحي يجب أن ينتهي في 4 مايو.
وأوضح في مؤتمر صحفي أن الإجراءات التي اتخذتها السلطات قد أثمرت بمقارنة معدل المتعافين الذي يتجاوز بكثير عدد الحالات النشطة مع Covid-19.
وقال رئيس الحكومة: إن عدد الوفيات لا يزال تسعة، في حين أن العدد الإجمالي للأشخاص الذين أصيبوا بالفيروس هو 331، وهذا الانتشار أملى ضرورة تطبيق مختلف التدابير الصحية في أماكن العمل، على حد تعبير رئيس وزراء موريشيوس، محذّرًا من أن “الأمور سارت حتى الآن على ما يرام، ولكن يجب أن نظل يَقِظِين”.
وتابع بالقول: “هذا هو السبب الذي سيجعل استمرار الوصول إلى متاجر المواد الغذائية بالترتيب الأبجدي وبنفس المعايير الصحية”. وبالإضافة إلى ذلك، ستبقى المطاعم والحانات والوجبات الخفيفة وأماكن الترفيه الأخرى مغلقة في الوقت الحالي. ستخضع المدارس أيضًا لنفس هذه التدابير. وخلص إلى أن من أولويات الانتعاش التصويت على قانون كوفيد 19 الذي سينظم الحياة في الأرخبيل في المستقبل”؛ على حد قوله.
رابط المقال:
https://www.lepoint.fr/afrique/afrique-un-mois-de-ramadan-sous-le-signe-du-coronavirus-25-04-2020-2372833_3826.php