بقلم: إبراهيم بايو جنيور
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
أكد نداء ألفا كوندي أمام المغتربين الغينيين في الولايات المتحدة رغبته في الشروع في ولاية ثالثة. وإذا كانت الرغبة في الحصول على السلطة تفسّر جزئيًّا إرادة الأستاذ الرئيس، فليس من المستبعَد أن يستلهم الرئيس الغيني من بعض نظرائه الذين تمكنوا من تجاوز الحد الدستوري، أو رؤساء الدول الإفريقية الآخرين الذين يرون أن بالإمكان تجديد عقد الإيجار لوقت إضافي في القصر.
في نادي رؤساء الدول الإفريقية الذين يرغبون في انتهاك صرامة الحد الدستوري للاستمرار في الحكم، هناك من لجأ إلى اللعب ببعض التفاصيل الدقيقة للحصول على التمديد، وبول كاجامي من رواندا، وإدغار لونجو من زامبيا، وفوري جناسينغبي من توغو؛ جزءٌ من هذه المجموعة (اقرأ الجزء الأول).
على حافة التردد والاستطلاع غير الرسمي في اتجاه الرأي العام، يوجد أيضًا معسكر لأولئك الذين يعتقد الكثيرون بأن لهم طموحات في البقاء أو العودة إلى راحة الكرسي ومزخرفات القصر، بينما بعض المؤشرات تعزّز مواقف مناوئيهم.
ألفا كوندي: مستأجر في نهاية الإقامة ويبحث عن التمديد
كانت الشكوك تطفو منذ تعيين ألفا كوندي في عام 2017م، الرئيس الحالي للاتحاد الإفريقي؛ ففي كل خطاب له يقدّم أعضاء حرسه الشخصي إلى إطلاق بالونات اختبار لمعرفة اتجاهات الرأي العام الغيني.
وفي هذا السياق، لزم ألفا كوندي الصمت في قصر سيكو توريا؛ لكنه كان يبحث عن الاستعراض بلا شك حتى اليوم، 22 سبتمبر 2019م. وفي أروقة السفارة الغينية في واشنطن، كان الرئيس يتحدث مع أعضاء من المغتربين، على هامش زيارته، التي أرادها اقتصادية للغاية.
“اطلب منكم التنظيم والاستعداد للاستفتاء والانتخابات. هذا يعني أن أولئك الذين ليس لديهم بطاقات الناخبين يجب أن يبدأوا في التسجيل”، على حد قول رئيس غينيا.
لكن التصفيق وتلك الهتافات قُوبلت بالتجهّم من البعض بعد انتشار الفيديو على الشبكات الاجتماعية في غينيا.
بالنسبة للمتشككين، هذا يشكّل دليلاً على أنَّ الرئيس ألفا كوندي المنتخَب في عام 2010م، ثم تمَّ إعادة انتخابه في عام 2015م، لا ينوي مغادرة القصر في نهاية فترة ولايته الثانية؛ كما هو مطلوب بموجب المادتين 27 و154 من الدستور الحالي اللتين تنصَّان بكل وضوح وشفافية على قيد عدد فترات الرئاسة.
للتحايل على المأزق أمام عدم رغبته في تسليم مفاتيح القصر الرئاسي، قام المعارض السابق بتوكيل إبراهيم كاسوري فوفانا، رئيس وزرائه، مهمة إجراء مشاورات لأخذ نبض الشعب، ثم استدعاء الأخير كالحَكَم النهائي في هذه المغامرة.
ويبدو أن رئيس غينيا الذي تقترب ولايته على الانتهاء، بصفته مدافعًا عن التلاعب الدستوري، قد تبنَّى أسلوب أولئك الذين حاربهم سياسيًّا منذ أكثر من ربع قرن.
ولا يهتم الرئيس الغيني بضغط الولايات المتحدة، ولا ضغط الشارع، ناهيك عن ضغط المعارضة المصمِّمة لخوض معركة مع المشروع الرئاسي.
ومما لا شك فيه أن المظالم التي تراكمت خلال الفترتين الرئاسيتين المنصرمتين قد شحذت العشيرة الحاكمة من أجل تمديد فترة الولاية.
وإذا أراد أن يبقى في السلطة، فسيتعين على ألفا كوندي تحويل غينيا إلى جمهورية جديدة. لإقناع القوى الأجنبية التي ما زالت مترددة في تغيير الدستور.
وقد يوظّف ألفا كوندي ورقة تنويع الشركاء (الصين، روسيا) في القطاعات الاستراتيجية المحورية للمناجم على غرار الألومينا، الذهب، الحديد والغاز.. ولكن هل يكفي ذلك لحصول المستأجر على مهلة إضافية من المغادرة؟
جوزيف كابيلا: وداعا لبوتين الإفريقي:
في نهاية صباح يوم 26 يناير 2001م في كينشاسا؛ حيث يؤدي اليمين واضعًا يده على مرسوم القانون الذي كتبه والده الراحل قبل ثلاثة أيام، لا أحد يفسّر صمت هذا الشاب الذي يبلغ من العمر 29 عامًا والذي يأتي لتولّي زمام بلد ضخم، كما هو استراتيجي.
فالرئيس الذي تم تنصيبه في 24 يناير بعد جنازة البطريرك، جوزيف كابيلا، يأتي إلى السلطة على خلفية مأساة في هرم الدولة.
فقبل ذلك بأسبوع، شهد القصر الرخامي في كينشاسا مسرحًا “لقِتْلَة” مؤثرة؛ فبينما كان في اجتماع بأحد المستشارين تعرّض لوران ديزيريه كابيلا لوابل ثلاث رصاصات مِن قِبَل “kadogo” ، وهو واحد من جنوده الذين رافقوا دخوله المنتصر إلى العاصمة بعد سقوط المارشال موبوتو سيسيكو.
وفي الاجتماع الذي أعقب الأزمات المتتالية قبل عملية الاغتيال يطرح بيير فيكتور مبويو، الرجل الثري لجمهورية الكونغو الديمقراطية، اسم جوزيف كابيلا الذي كان متحصنًا في معسكر تشاشي. وقد رفض الرجل الثاني في النظام اقتراح أن يكون خلفًا له، وذلك لعدم الرغبة في تحمل مسؤولية تصفية ابن عمه، اِمْزي غيتان كاكودجي، وإدي كابند.
وقد تم تعيين جوزيف كابيلا للمرحلة الانتقالية المؤقتة، وتوقعت العواصم الغربية من باريس إلى بروكسل عبر واشنطن، التي غيرت مواقفها من أن هذا الشاب الصغير الذي يتعثر في خطبه، سيكون رضوخه أكثر سهولة؛ لكن الأخير بدأ بالمجاملة في البداية، ولم يعقب ذلك شيء.
لقد تم انتخاب جوزيف كابيلا في عام 2006م، وأعيد انتخابه عام 2011م، وفي كل مرة كان يلعب مع تقسيم المعارضة، وأيضًا مع الدستور، دون أي معارضة قوية.
وعلى الرغم من النهاية الرسمية لفترة ولايته الثانية، بقي أصغر رئيس دولة في إفريقيا عامين آخرين في القصر، وهو ما وصفه الكونغوليون بـ”التسلل”.
وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2018م، تعرضت هذه التقنية لضغوط من المجتمع الدولي؛ ففي فترة ما، تخيل جوزيف كابيلا لعبة الكراسي الموسيقية الروسية من خلال وضعه على الكرسي أحد الموالين له لفترة معينة قبل العودة إلى السلطة.
وأخيرًا سلّم السلطة إلى فيليكس تشيسكيدي خلال أول انتقال ديمقراطي سلمي في جمهورية الكونغو الديمقراطية، لكن الكنيسة دعمت اتهامات قلب نتائج صناديق الاقتراع لصالح معارض تمثيلي.
وقال الرئيس الكونغولي لنظرائه في قمة سادك الأخيرة التي حضرها: “أُفَضّل ألا أقول وداعًا، بل سأراكم قريبًا”، كما أشار في وقت سابق إلى أن الدستور الكونغولي يسمح بالمأموريات المتقطعة. وبأغلبية ساحقة في البرلمان وفي المديرين التنفيذيين في المقاطعات وتحت مظلة أعضاء مجلس الشيوخ مدى الحياة؛ فإن “الرئيس الفخري” لجمهورية الكونغو الديمقراطية تحت مظلة أعضاء مجلس الشيوخ مدى الحياة، يتنزه في مزرعته في انتظار الانتخابات الرئاسية لعام 2023، فـ”بوتين إفريقيا” لم يقل بعد وداعًا. إنه يعتزم العودة.
الانتخابات القادمة في غرب إفريقيا، قنبلة مؤقتة عالية الخطورة
تقع غرب إفريقيا على برميل بارود من الانتخابات يشكل خطرًا كبيرًا قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في أكثر مناطق القارة تكاملاً.
ففي غينيا بيساو، تفي الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في أواخر نوفمبر بجميع المعايير اللازمة لانفجار أزمة سياسية غير متوقعة في هذا البلد المعروفة بعدم الاستقرار السياسي. كما هو الحال في كوناكري، الجارة، يمكن التضحية بالموعد الرئاسي لعام 2020م على مذبح الاستفتاء أو تغيير الدستور الذي أقره النواب.
كما سيكون من الضروري -في عام 2020 في كوت ديفوار- تسوية حسابات الأزمة التي أعقبت الانتخابات في عام 2010م، وكذلك بعض المظالم الدفينة التي تعود إلى الصراع حول خلافة هوفويت بوانيي.
في العام نفسه في توغو، سعى فور غناسينغبي إلى إدامة إرث والده، بعد حصوله على أغلبية مريحة في البرلمان الذي أعاد عدَّاد عدد ولايته في السر.
على خلاف مع حزبه السابق، قرر أداما بارو من غامبيا إلغاء وعده بالبقاء في السلطة لمدة 3 سنوات فقط قبل وضع كرسيه في اللعب، ويبدو أن “الموعد في 2021” حسب تطلعات هازم يحيى جامع. وفي نفس السياق، وبعد التخلي عن خطته لولاية واحدة، لم يصرح باتريس تالون من بنين أيضًا ما إذا كان ينوي التوقف عند 5 سنوات من التأجير في قصر المارينا.
الحسن واتارا وماكي سال: غموض وضبابية:
في خضم الفوران السياسي لغرب إفريقيا تبدو أن أكثر الحالات التي يكتنفها الغموض هي حال الحسن واتارا في ساحل العاج، وماكي سال في السنغال.
إنه لأول مرة تزاحم الأجندة السياسية على ضمان التقاعد السلمي: إلغاء التحالف مع الحزب الديمقراطي لكوت ديفوار لهنري كونان بِيدِي، مشادة تجاه غيوم سورو الذي أيد وصوله إلى السلطة، عفو عن سيموني غباغبو، وتأخير تبرئة لوران غابغو، عدوه السياسي التقليدي.
ومنذ شهور، بدأت حملة ما قبل الانتخابات تلوح على الأفق في العملاق الاقتصادي لغرب إفريقيا. وبعد إطلاق آلة RHDP (التجمع الهوفيويون من أجل التنمية والسلام)، بدأ الرئيس الإيفواري المنتهية ولايته عرضًا تقديميًّا في البلاد وبدون أدنى تردد في الصيد في معاقل منافسيه المحتملين. وبعد وصوله إلى السلطة في عام 2010م، لم ينته الحسن درامان واتارا (ADO) من فترة ولايته الثانية؛ لأنه قام بالفعل بمراجعة الدستور الذي أدخل كوت ديفوار إلى “الجمهورية الثالثة“.
في خضم النزاع القانوني الذي يمر بكوت ديفوار، هل سيكون من مقدورADO الترشح لولاية ثالثة؟ إنه يتردد، واغتنم الشكوك بين رغبته في تمرير العصا إلى جيل جديد ورغبته في تهدئة البلاد من خلال قيادة انتقال سلمي ضد شهية أباطرة الانتقام السياسي.
لكن خاتمة هذا المسلسل الدرامي من طراز المؤامرة الإيفوارية غير معروفة بعدُ؛ لأن قلة التصريحات لا تسمح بالتسرب؛ وذلك لإخفاء المسارات. لكن إلى متى؟
في السنغال، حسم ماكي سال الجدل بإعلانه احترام الفترتين، الحد الأقصى المسموح به. ولا يبدو أن رئيس الدولة السنغالي يريد تكرار سابقة عبدالله واد الذي ترشح لولاية ثالثة في انتخابات عام 2012م التي هُزِمَ فيها. وهو نفس العام الذي وصل فيه خليفته إلى السلطة وبعد سبع سنوات، ثم أعيد انتخابه في عام 2019م لمدة خمس سنوات.
في غضون ذلك، خفَّض التعديل الدستوري لعام 2016م مدة المأمورية إلى 5 سنوات. وهل يتم اعتبار الفترة الرئاسية في القانون الأساسي الجديد؟ لكن المعارضة ملأت فراغ التوضيح الرئاسي بشائعات عن ولاية ثالثة.
لا تزال الانتخابات الرئاسية القادمة المقرَّر إجراؤها في عام 2024م بعيدة، لكنَّ الرادارات تكتشف بالفعل مؤشرات عن فترة ثالثة لماكي سال، وقد تم إطلاق المسار عندما طرح موقع الرئاسة، في ممارسة قصيرة لتعميم الوظيفة الرئاسية، سؤالًا ثم يندسّ هذه الجملة الكاملة بعض الشيء “ولاية رئيس الجمهورية خمس سنوات قابلة للتجديد مرة واحدة”.
وكلاسيكية هذه الدقة تبلور الشكوك “لا يمكن مراجعة هذه المادة إلا من خلال قانون الاستفتاء أو اعتماد دستور جديد”، يكمل الموقع.
في الوقت الذي لم يتم فيه تعيين خلَف مؤكّد في معسكر السلطة، أصبحت مسألة الدخول الجديد في إدارة ماكي سال لتجنُّب تفكيك حزبه أكثر من مجرد إثارة. في الدفاع عن سيد قصر الجمهورية، فإن إطلاق سراح المعارضين أو إعادتهم يغير الوضع السياسي لولاية ثالثة؛ غير أن هذا لا يُقنع المتشككين حتى الآن. لكن لا يزال أمام ماكي سال 5 سنوات للإجابة عن التساؤلات المطروحة.
رابط المقال:
https://afrique.latribune.fr/politique/2019-10-04/presidents-africains-le-club-des-mandats-au-dela-de-la-limite-constitutionnelle-2-2-829221.html