مجلة أفريكان بيزنيس[1]
أومي أودو، تشعر بالخوف والهلع بمجرد التفكير في زيارة المنشأة الصحية الخاصة بقريتها في ولاية كانو بشمال نيجيريا، وذلك كلما تعرضت لوعكة صحية؛ حيث تقول أدو، 20 عامًا، متحدثة بلغة الهوسا الشائعة في شمال البلاد: “في بعض الأحيان يجب عليك الانتظار لوقت طويل جدًّا قبل أن يكشف عليك الطبيب”.
فاعتماد نظام المعلومات الطبي في البلاد على الوثائق الورقية للسجلات الطبية للمرضى أدَّى إلى إطالة أمد الانتظار للمرضى، كما أسفر عن عمليات تأخير في نقل سجلات الصحة لهم، كما أدَّى إلى إبطاء عملية صنع القرار في المؤسسات الطبية.
ومن هنا ظهرت شركة InStrat للحلول الطبية، وهي شركة مزوّدة خدمة طبية على الهواتف المحمولة، وتهدف إلى تغيير ذلك الوضع المزري في البلاد.
فقد أنشئت هذه الشركة عام 2010م على يد أوكي أوكوزو، المدير السابق للاستراتيجيات والابتكار في شركة نوفاآرتس الدوائية السويسرية العملاقة، والتي كانت قد قدمت برنامجًا رقميًّا يعمل على الحاسوب والأجهزة النقالة لتمكين موظفي القطاع الصحي من الوصول إلى التاريخ المرضي لكل مريض وكذلك مختلف خيارات العلاج، وذلك باستخدام برنامج يسمى CliniPAK، والذي يعمل عبر تقنية الأقمار الصناعية.
فعن طريق ذلك البرنامج يتم إرسال البيانات الطبية التي يتم جمعها في نقاط الرعاية إلى خادم مركزي، مما يتيح للسلطات الصحة العامة اتخاذ قرارات أفضل بناءً على بيانات دقيقة، وهذا التطبيق يستجيب لأحد التحديات الكثيرة التي تواجه قطاع الرعاية الصحية في نيجيريا، والذي يعاني من نقص التمويل والبنية التحتية المتدهورة ونقص المعدات الحديثة.
في عام 2018م، كانت ميزانية الحكومة الفيدرالية للصحة 3.9٪ فقط من إجمالي النفقات لهذا العام، بانخفاض عن 4.16٪ في عام 2017م.
ولا يرقى ذلك إلى إعلان أبوجا بشأن التمويل الصحي، الذي وافقت عليه دول الاتحاد الإفريقي عام 2001م، والذي قرَّر أن تُخصِّص البلدان ما لا يقل عن 15٪ من إنفاقها السنوي على القطاع الصحي. لقد جاءت أقرب نيجيريا لتحقيق هذا الهدف بنسبة 5.95 ٪ في عام 2012م.
ولكن هذا الموقف المتكاسل المتعلق بالتمويل الصحي له عواقب وخيمة.
فنيجيريا تتمتع بأحد أكبر معدلات وفيات الأمهات في العالم؛ حيث تمثل 19٪ على مستوى العالم؛ حيث تموت 800 امرأة على الأقل من بين كل 100000 مولود حي، وفقًا لتقرير مشترك صادر عن منظمة الصحة العالمية وشركائها.
في الوقت نفسه، انتقل الآلاف من الأطباء إلى الخارج بحثًا عن ظروف عمل أفضل – يعتقد أن ما لا يقل عن 10 آلاف من الأطباء المدربين من نيجيريا يعملون في المملكة المتحدة والولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وكندا- وينفق النيجيريون ما يقدر بنحو مليار دولار سنويًّا، طلبًا للعلاج الطبي في الخارج.
ومع ذلك، يسعى روّاد الأعمال النيجيريون تدريجيًّا لسدّ الفجوة من خلال تقديم خدمات الصحة الرقمية؛ فإلى جانب Instrat، هناك LifeBank، وهي شركة توزيع طبي مقرّها لاجوس تم إطلاقها في عام 2016م؛ حيث تقوم بإجراء حملات التبرع بالدم وتركز بشكل أساسي على توصيل بنوك الدم للمستشفيات باستخدام تطبيق ومنصة على شبكة الإنترنت؛ حيث يحتفظ بالدم في نظام سلسلة التبريد ويقوم بتوظيف موظفين لإرساله في صناديق لا يمكن فتحها إلا بواسطة المستلم باستخدام اتصال Bluetooth.
في العام الماضي، أطلقت LifeBank نظام SmartBag، وهو نظام دم يعمل بنظام برمجة blockchain، والذي يمكِّن المرضى ومقدمي الخدمات الصحية من معرفة سجلات سلامة الدم ومنتجات والدم، بالإضافة إلى AirBank، وهي خدمة توصيل الأكسجين الطبي الطارئ عند الطلب.
تشمل الشركات الناشئة الأخرى للصحة الإلكترونية Omomi، التي تساعد الآباء على مراقبة صحة أطفالهم؛ Find-a-med، وهي منصة تُمَكِّن المستخدمين من العثور على أقرب مرفق صحي وتقدم دليلًا حول كيفية الوصول إلى هناك، وتطبيق GenRx لإظهار مواقع الصيدليات على الإنترنت.
يقول جويل أوجونسولا: “ساعد نمو الشركات الناشئة في مجال الصحة على تخفيف العبء الناشئ عن نقص العمالة الماهرة في قطاع الرعاية الصحية، مثل الأطباء والممرضين وخبراء المختبرات، وما إلى ذلك، وبالتالي أدَّى إلى توفر نِسَب الأطباء مقارنة بعدد المرضى”، وجويل أوجونسولا هو مؤسِّس مشارك لـ Tech4Dev المحلي غير الربحي، والذي يستخدم التكنولوجيا لحل المشكلات في التعليم والصحة والمشاركة المدنية.
إنَّ المشهد التكنولوجي في نيجيريا يتوسع بسرعة؛ حيث يجذب الاهتمام من برامج التسريع، وشركات رأس المال الاستثماري، والمستثمرين المُلّاك.
وفقًا لآخر تقرير حول تمويل الشركات الناشئة في إفريقيا، من بوابة أخبار التكنولوجيا، Disrupt Africa، كانت نيجيريا الوجهة الرائدة لاستثمارات الشركات الناشئة في إفريقيا في عام 2018م؛ حيث سجّلت حوالي 95 مليون دولار من الصفقات.
لكنَّ تمويل الشركات الناشئة للصحة ليس قويًّا بنفس القدر الذي تتمتع به تمويلات التجارة الإلكترونية وغيرها من القطاعات. فلا يزال التمويل لشركات الصحة الإلكترونية “متفرقًا”، وفقًا لتقرير صادر عن TechCabal، وهو منشور على شبكة الإنترنت للشركة التي مقرها لاغوس، والذي يركز على التكنولوجيا والشركات الناشئة والابتكار في إفريقيا.
حيث يشير التقرير، الذي يقدّر أن هناك 50 إلى 100 شركة ناشئة للصحة المحلية، إن أكثر من نصف هذه الشركات الناشئة في مجال الصحة الرقمية فتحت بين عامي 2016 و2017م، في سنوات ازدهار قطاع التكنولوجيا الصحية النيجيرية.
في عام 2017م، جمعت الشركة الناشئة في مجال الاستثمار التقني النيجيرية 19.5 مليون دولار، مقارنة بـ 3.7 مليون دولار للشركات الناشئة الصحية، وفقًا للتقرير. بشكل عام، تلقت الشركات الناشئة فقط 7.9 مليون دولار حتى الآن.
“عند مقارنة الضجيج حول قطاعات مثل مجال الاستثمار التقني، والتجارة الإلكترونية والتقنية الزراعية؛ فإن الضجيج حول التطبيقات الصحية يتضاءل”.
يقول أولان رواجو أودونوو من شركة TechCabal لإفريقيا بزنس: “إننا نجد الشيء نفسه بالنسبة لإفريقيا رغم أن الأمور تتحسن بسرعة”.
من بين ما وجدناه، فإن المهنيين الصحيين بشكل رئيسي، سواء من خلال العاطفة أو الضرورة، هم الذين بدأوا شركات التكنولوجيا الصحية هذه.
ما يقرب من 60٪ من المؤسسين في الفضاء لديهم خلفية العلوم الصحية أو البيولوجية.
على الرغم من الإمكانات، فإن الحواجز تُعطّل التوسُّع، بما في ذلك معدل الإلمام بالقراءة والكتابة الرقمي، والبنية التحتية الرقمية السيئة، والقدرة على تحمُّل التكاليف للعملاء، والتأخير البيروقراطي في الحصول على موافقة الجهات التنظيمية، وضعف أنظمة التأمين على الرعاية الصحية.
تحديات يجب مخاطبتها:
يقول أوجونسولا من شركة Tech4Dev: “يجب مواجهة بعض التحديات لضمان تبنّي التكنولوجيا بنجاح، مثل توفر البنية التحتية الرئيسية وترجمة اللغات لمحتوى الرعاية الصحية لضمان التبنّي الناجح في مختلف المجتمعات الريفية النائية وضواحيها للمساعدة في مواجهة تحديات البنية الأساسية الرقمية ومحو الأمية الرقمية كنتيجة لذلك”.
لتكون قادرة على توسيع الوصول إلى الخدمات الصحية الرقمية لتصبح أكثر ربحية لأصحاب المصلحة، يعتقد أودونوا أنه يجب على الشركات الناشئة الاستفادة من الفرص التي توفّرها الهواتف المحمولة.
ويوضّح قائلاً: “إفريقيا هي قارة تعتمد على الهاتف أولاً، لذلك بالتأكيد تُعدّ خدمات الصحة المعتمدة على تلك الأجهزة فرصة كبيرة”.
“المزيد من الشركات الناشئة تحتاج إلى الاستفادة من قوة الهاتف المحمول. أنا أفكر في تقنية USSD والرسائل النصية القصيرة في الغالب؛ لأنها بالفعل في أيدي ملايين النيجيريين”.
تدعو أوجونسايا من ناحيتها إلى مزيد من “الشراكات الاستراتيجية” مع شركات الاتصالات، وإضفاء الطابع المحلي على اللغة في مختلف المجتمعات، بالإضافة إلى التعاون مع الحكومة والخبراء والمؤسسات الطبية.
“إن اعتماد خدمات الرعاية الصحية الرقمية على نطاق واسع سيساعد بدوره على ضمان ربحية مقدمي الحلول وأصحاب المصلحة- مما يخلق مستقبلًا صحيًّا ومربحًا ومستدامًا للجميع”.
[1] على الرابط التالي: https://africanbusinessmagazine.com/sectors/technology/digital-startups-take-on-nigerias-healthcare-headaches/