بقلم: جان لوك مارتينو(*)
ترجمة: سيدي.م. ويدراوغو
على الرغم من أن المتاجرة بالقواعد العسكرية التي تمارسها جيبوتي بمثابة فرصة للدولة للانفراد بمصير فريد؛ لاحتضانها -منذ عام 2017م- القواعد العسكرية لأهم القوات العسكرية على وجه الأرض؛ إلا أن تلك الخطوة قد تُشَكِّل خطرًا على البلاد وخاصة في ظل نسبية المردود المادي الناتج عن إيجار الأماكن لإنشاء تلك القواعد، عطفًا على احتمال تعرُّض سيادة البلاد للتشويه.
ومع أن سلطات البلاد تحتفظ بحق طرد المستأجرين؛ إلا أنه من الناحية العملية تظل هذه السلطة الجبرية صعبة التنفيذ، لكن بإمكان سلطات البلاد إثارة التنافس بين المستأجرين، أو استقطاب دول أخرى لمزيد من الضغط على الدول الموجودة على الساحة.
الإيرادات الناتجة عن المتاجرة بالقواعد العسكرية يتوقع منها الاحتفاظ بالعوامل المواتية:
الإيرادات الناتجة عن المتاجرة بالقواعد العسكرية متعدِّدة وضرورية في تنمية البلاد، ومن وجهة نظر البلدان المستأجرة لإنشاء تلك القواعد فهي ترى أن ظروف استقبال جيبوتي للقواعد ملائمة على ما يبدو.
جيبوتي أمام الفخ الاستراتيجي وانتكاسات المتاجرة بالقواعد العسكرية
في ظل وجود القواعد العسكرية الأجنبية على أراضيها تمارس دولة جيبوتي سيادتها بجيومتر متغير وباستراتيجية سياسية، وعلى الرغم من تشويه سيادتها تحتفظ دولة جيبوتي بمفاتيح القواعد العسكرية.
يشار إلى أن القواعد العسكرية تُشَكِّل عنصرًا تجاريًّا حقيقيًّا ودبلوماسيًّا في نفس الوقت، والواقع أن هناك سوقًا تنافسية لإقامة قواعد عسكرية بشكل دائم، وكثيرًا ما تتنافس الدول الأقل تطورًا فيما بينها لجذب القوات العسكرية الأجنبية والتي تبحث، في المقابل، عن أفضل العروض التجارية لتطوير أنشطتها، وهكذا يصبح الاتفاق الثنائي المتعلق بإقامة القاعدة العسكرية تبادلاً تجاريًّا بين البلد المضيف والدولة المستأجرة.
وكما هو المألوف في الصفقات التجارية، يكون الاتفاق الثنائي أيضًا على سلعة معينة وطرف مقابِل عطفًا على مستند قانوني، وقد تمحورت هذه الصفقة حول تزويد الطرف الآخر، ليس بالأصول المادية فحسب، وإنما أيضًا توفير المناخ الآمن والقابل لتطوير العمليات العسكرية. ومردود هذه الاتفاقيات ليس مقتصرًا على الجانب المادي، بل يشمل أنواعًا أخرى (الضمانات العسكرية، والدعم المادي، وإنشاء البنى التحتية، وغيرها…)، ودعامة هذه الصفقة التجارية تعتمد على الأداة الدبلوماسية كمعاهدة، أو اتفاقيات مبسَّطة.
ثمة دول أخرى في القرن الإفريقي تحتضن القواعد العسكرية غير جيبوتي
إنَّ ازدهار المتاجرة بالقواعد العسكرية في منطقة القرن الإفريقي (1) أدَّى إلى درجة أن عسكرة المنطقة وصلت إلى حدٍّ مثير للقلق؛ حيث إن تعايش القواعد العسكرية لقوات تابعة لمختلف الدول ذات المصالح المتباينة يشكل خطرًا محتملاً على استقرار المنطقة، وقد أضحى القرن الإفريقي -أكثر من أي وقت مضى- في قلب مسرح تنافس الدول العظمى، ودولة جيبوتي تُشكِّل الورقة المحورية في لعب القوات الموجودة في المنطقة. تلك الدولة الصغيرة ذات 818000 نسمة (2015م) أصبحت بمثابة دولة “حامية عسكرية”، والتي جعلت من المتاجرة بالقواعد العسكرية عنصرًا أساسيًّا في تنمية ذاتها، وتحسين مكانتها على المستوى الدولي؛ وبالتالي أصبحت دولة جيبوتي، بعد أربعة عقود من الاستقلال، من العناصر الاستراتيجية على مستوى القارة.
وتلك القواعد العسكرية صاحبت مصير البلاد؛ حيث إن التواجد العسكري الفرنسي في جيبوتي يرجع إلى عهد استقلال البلاد عام 1977م، ويُقدّر عدد عناصر القوات الفرنسية المتمركزة في جيبوتي اليوم بحوالي 1450جندي (2)، متوزعة في عشر ثكنات في مساحة 400 هكتار. ومنذ 2003م تستضيف جيبوتي أكبر قاعدة عسكرية أمريكية على مستوى القارة، وتنشر الولايات المتحدة الأمريكية حوالي 3200 جندي في جيبوتي (مع إمكانية إرسال كتيبة إلى الشرق الأوسط، ويوجد الفريق العاشر من القوات البحرية الخاصة التي يمكن استخدامها في العمليات السرية)، وأكثر من 3000 مدني في قاعدة مساحتها 200هكتار (3).
وأما اليابان فقاعدتها العسكرية صغيرة الحجم، ومكونة من 180 جنديًّا بمدرعات خفيفة في قاعدة عسكرية لا تتجاوز مساحتها 20 هكتارًا(4)، وشأنها في ذلك شأن إسبانيا التي تحتفظ بوحدة متواضعة ومكونة من 50 جنديًّا، ومتمركزة في القاعدة الفرنسية، ودورها الأساسي تسيير طائرات المراقبة البحرية في إطار العملية الأوروبية أتالانتا(5).
ومنذ عام 2014م تمتلك إسبانيا قاعدة عسكرية متواضعة لدعم العمليات الأوروبية في المنطقة(6) والمهمات المشتركة فيما يخص تدريب الشرطة الجيبوتية التي انتهت في نهاية عام 2017م، وتلك القاعدة المتواضعة وذات الـ 300 عنصر على مساحة 10 هكتارات في منطقة المطار داخل العاصمة (انظر الخريطة رقم 1). وأما القاعدة الصينية فهي ستستضيف في المرحلة الأولى 400 جندي، ثم استقبال الآلاف في المراحل اللاحقة (7).
ومن جانبها تستعد السعودية لإنشاء قاعدة عسكرية دائمة في جيبوتي في إطار التعاون الاستراتيجي الذي تم الاتفاق عليه مؤخرًا، والمتعلق باتفاقية التعاون في المجال الأمني بين دولة جيبوتي والمملكة العربية السعودية والموقَّعة في 17مايو 2016م.
الخريطة رقم 1-القاعدة العسكرية في التجمع السكني في جيبوتي
بعدسة: س. بيانتوني، رايمس 2018م
وهكذا أصبحت هذه الدولة الصغيرة في القرن الإفريقي بمثابة “محمية عسكرية” فريدة من نوعها في العالم؛ لاستضافتها ما لا يقل عن 6 قوات عسكرية أجنبية (أو 7 إذا ما أخذنا بعين الاعتبار القوات الألمانية مع محدودية عددها وكونها من الخبراء الألمان الذين يتناوبون في جيبوتي في إطار عملية أتالانتا).
وتهدف هذه الدراسة إلى التطرق إلى التداعيات المباشرة والهيكلية لهذا النوع من المتاجرة بالقواعد العسكرية؛ حيث إن إنشاء قاعدة عسكرية يفترض عرض قطعة أرض من أراضي دولة ما من جهةٍ، وطلب قوة عسكرية لدولة أجنبية لإنشاء قاعدة عسكرية من جهةٍ أخرى، غير أن طبيعة صفقات القواعد العسكرية تتسم بالتضليل.
وعلى الرغم من أن الدولة المضيفة تستفيد ماديًّا مقابل الأراضي التي توفِّرها إلا أن تلك الإيرادات المادية نسبية، والاتفاقيات من هذا القبيل بين الدولة المضيفة والدولة الأجنبية لا تخلو من عدم التكافؤ؛ حيث قد تحتوي على التزامات غير عادلة على أحد الطرفين، عطفًا على ذلك لا تكون -بالضرورة- أرباح الدولة الأجنبية متساوية بالعائدات السنوية للدولة المضيفة؛ لأنه يجب التقليل من تلك الإيرادات، أو إعادة تقييمها نتيجة التداعيات السياسية والاقتصادية الناتجة من صفقات القواعد المعنية. ولذا تظل مسألة الربحية متغيِّرة أو غير مؤكَّدة في صفقات إيجار الأراضي لدى الأطراف المعنية (الدولة المضيفة والدولة الأجنبية) الموقِّعة على الاتفاقيات بهذا الخصوص.
وبقدر ما يمكن أن تُعزِّز هذه الصفقات سيادة الدول يمكن في الوقت نفسه أن يكون لها انتكاسات على مستقبلها الاستراتيجي، وبذلك تكون جيبوتي قد أقدمت على رهان حافل بالمخاطر؛ حيث إنها تواجه فكرة أن المردود المادي لصفقات القواعد العسكرية مرهونة لاستقرار العوامل بشكل إيجابي، ويتعين على جيبوتي مواجهة الخطر الاستراتيجي والتداعيات التي تصاحب صفقات القواعد العسكرية(8).
الإيرادات الناجمة عن صفقات القواعد العسكرية مرهونة باستقرار العوامل الإيجابية
تعتبر دولة جيبوتي ممرًّا إجباريًّا لوقوعها على منفذ البحر الأحمر بين أوروبا وآسيا، وفي عهد الرئيس الجديد الذي وصل إلى سُدَّة الحكم إثر انتخابه رئيسًا للبلاد عام 1999م تم استثمار ميزة هذا الموقع الاستراتيجي بعد أن أقدمت سلطات البلاد إلى تحويله إلى مصدر دخل؛ مستغلة الظروف الاستراتيجية الإيجابية؛ حيث إن أحداث 11سبتمبر أعطت فرصة للدولة، من عام 2002م، لتكوين نقطة دعم للعمليات الأمريكية في الشرق الأوسط.
المصالح الناجمة عن صفقات القواعد العسكرية متعدِّدة وأساسية لتنمية البلاد
هذه القواعد العسكرية الأجنبية (الرسم البياني 2) تشكِّل مصدر دخل مباشر وأساسي؛ حيث تؤجر الدولة –بأسعار متفاوتة وباهظة نسبيًّا- الأراضي لإقامة القواعد العسكرية؛ فبينما بلغت الإيرادات السنوية للقاعدة العسكرية اليابانية حوالي 3 مليارات يورو؛ إلا أنَّ إيرادات نظيرتها الصينية بحوالي 17مليون يورو فحسب، والإيطالية بحوالي 22مليون يورو، و30 مليون يورو للقاعدة الفرنسية، و 56مليون يورو، الضعف تقريبًا، للقاعدة الأمريكية في حين أن المملكة العربية السعودية ستدفع ما لا يقل عن 125 مليون يورو مقابل إنشاء قاعدتها العسكرية.
الرسم البياني 2- القواعد العسكرية
القواعد العسكرية |
تاريخ الإنشاء |
المساحة بالهكتار |
عدد العناصر العسكرية |
الإيجار (بالمليون يورو ) |
فترات الإيجار (بالعام) |
الولايات المتحدة |
2002 |
200 |
3000 |
56 |
20 |
فرنسا |
1969 |
418 |
1400 |
30 |
10 |
إسبانيا |
2008 |
داخل القاعدة الفرنسية |
50 |
مدرجة داخل تكلفة الإيجار الفرنسي |
|
إيطاليا |
2012 |
10 |
90 |
22 |
2 |
الصين |
2017 |
36 |
400 (حسب التقديرات) |
17 |
10 |
اليابان |
2011 |
12 |
180 |
3 |
1 |
جان-لوك مارتينو-المصادر: وسائل الإعلام والتقارير الرسمية
* صفقة التمركز المتجددة من خلال اتفاق ضمني
وتشكل الإيرادات الناجمة عن القواعد العسكرية ما يعادل 3% من الناتج القومي المحلي، وهي أعلى من صادرات البلد التي تُقدَّر بالكاد بحوالي 104مليون يورو سنويًّا(9)، إذاً تظل التجارة بالقواعد العسكرية مسألة أساسية (10)؛ حيث تحقق العائدات المتعددة وغير المباشرة؛ حيث وُظِّف المئات من العاملين المحليين في خدمات القواعد العسكرية، وتأتي القاعدة العسكرية في المرتبة الثالثة من حيث توظيف العمال. ومع ذلك فإن تسيير تشغيل هذه القاعدة يعتمد بشكل أساسي على بعض شركات المقاولات الأمريكية على عكس القواعد العسكرية الصينية التي لا تُوظِّف العمال المحليين، بل وشارك أكثر من 1000عامل صيني في إنشاء القاعدة المذكورة، واعتماد تشغيل تلك القواعد العسكرية على سواعد رعايا تلك البلاد ذاتها من الأشياء التي لا تخدم الاقتصاد المحلي. وعلى الرغم من إثارة السلطات الجيبوتية إلى احتمال إلغاء إعفاء الضرائب الجمركية التي كانت تستفيد منه تلك القواعد العسكرية، والذي يقتضي إعادة التفاوض بشأن الاتفاقيات المتعلقة بإنشاء القواعد العسكرية في تلك البلاد(11)؛ إلا أن احتمال فرض الضرائب الجمركية على القواعد العسكرية على أرض الواقع يظل ضئيلاً.
عطفًا على تلك الإيرادات هناك إعانات عينية مهمة تهدف منها دول تأجير القواعد العسكرية إلى التأكد من أمن بيئتها والاستفادة من البنى التحتية الملائمة، ولا سيما فيما يتعلق بتكييف العمليات اللوجستية العسكري.
ويبلغ مجموع الدعم الأمريكي السنوي لجيبوتي 70 مليون دولار أمريكي، مما يُشكِّل صفقة رابحة للولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث إن التعويضات الممنوحة مقابل وجود قواعدها العسكرية في الفليبين بلغت، في عام 1979م، حوالي 100مليون دولار أمريكي سنويًّا و 500 مليون دولار في عام 1983م سنويًّا ((COOLEY, SPRUYT, 2009, P 120).
وفي هذا السياق، تُموِّل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية هيكلة المشاريع في البلد، وتمتلك المستودع الإقليمي لحفظ الودائع، وتقوم الكتيبة 490 للشئون المدنية في الجيش الأمريكي بمشاريع ذات تأثير مباشر، مثل توزيع الأدوات المدرسية في المناطق القريبة من القواعد العسكرية الأمريكية، وعطفًا على ذلك تدعم الولايات المتحدة طلبات جيبوتي في المؤسسات المالية الدولية.
وفرنسا ليست في معزل فيما يخص المساعدات غير المباشرة والتي تنفذها الوكالة الفرنسية للتنمية (AFD) التي تنشر فريقًا مكوَّنًا من حوالي عشرة خبراء بشكل يسهم في تفعيل الآليات المالية لتمويل هيكلة المشاريع على غرار مشاريع تثبيت الكابلات المغمورة، ومرافق الصرف الصحي، وغيرها.
ومع ذلك، فإن الصين أصبحت اللاعب الأساسي في تنمية جيبوتي، وتُمثِّل حصة الصين 77% من ديونها الخارجية عبر الديون الممنوحة (والتي تُقدَّر بأكثر من 1,5 مليار دولار على شكل قروض حسب ضوابط السوق عبر إكسيم بنك(12) إلى دولة جيبوتي؛ وذلك لإنشاء البنى التحتية الأساسية؛ وقد تم إنجاز مشروع إمدادات المياه من إثيوبيا لتلبية الاحتياجات الزراعية واستهلاك الصرف الصحي (الشكل 3). وتم كذلك تحديث مسار السكك الحديدية بين جيبوتي وأديس أبابا -والتي تعتبر بمثابة الحبل السري لإثيوبيا- واستغرقت فترة أعمال التحديث أربع سنوات (2013-2017م)، وبتمويل من قروضٍ بلغت قيمتها 600 مليون دولار من EXIM BANK (13).
ووجود هذه القواعد العسكرية تُعزِّز قدرات القوات المسلحة الجيبوتية لاستفادتها من التدريبات العسكرية المتنوعة التي تُنظَّم لصالحها عطفًا على حصولها على الدعم بالمعدات العسكرية (حصلت جيبوتي على سفينتين من اليابان عام 2015م)، وإلى جانب ذلك، يسهم الوجود العسكري الأجنبي للبلد المضيف في الاستفادة من المردودات ذات الطابع الأمني والسياسي.
وباستضافة القواعد العسكرية على أراضيها يُفتَرض أن تكون جيبوتي قادرة على ضمان أمْنِها وحتى وجودها، وخاصة أنها إقليم متنازَع عليه من دول الجوار؛ حيث إن البلد يقع في قلب منطقة يتخللها -بشكل أو بآخر- تدويل النزاعات (اليمن، النزاع الإثيوبي-الإريتري، وعدم الاستقرار الصومالي).
تجدر الإشارة إلى أن ثمة نزاعًا حدوديًّا نشب بين جمهورية جيبوتي وبين جارتها إريتريا في الشمال التي لم يكتمل رسم حدوده كليًّا بعدُ (شكل 3) (14) – (IMBER-VIER, 2011, P.248-249)، وفي عام 2008م أفضى النزاع إلى مواجهة عسكرية استمرت مدة قصيرة بين البلدين، وقامت قطر بالوساطة بينهما ساعدت في نزع فتيلة الأزمة واحتوائها (15)، وعلى الرغم من أنه يتعين على جيبوتي حماية نفسها من التهديدات الإرهابية التي قد تأتيها من الشرق (نتيجة الأزمة اليمنية) أو من الجنوب من الناحية الصومالية(16) إلا أن تلك الحماية تظل رهن الاحتمالات. وإبَّان المواجهة العسكرية التي اندلعت بين القوات الجيبوتية وبين القوات الإريترية عام 2008م لم تلقَ جيبوتي مساندة عسكرية لا من القوات الأمريكية (رغم وجود قاعدتها ليمونيير) ولا من الجيش الفرنسي، بل اكتفت فرنسا بمنح الدعم اللوجستي والاستخباراتي.
لكن غياب رد فعل عسكري واسع النطاق لدى فرنسا منذ سنوات عديدة كان له انعكاسات على العلاقات بين البلدين، وخاصة في مجال التعاون العسكري، وعطفًا على ذلك فإن التحفُّظ الذي ساد موقف فرنسا في توظيف الوسائل العسكرية لصالح مصالح دولة جيبوتي كان له وزنه في مفاوضات اتفاقيات تمركُّز القوات الأجنبية في البلاد. وقد بذلت جيبوتي جهودًا كبيرة لاستضافة العديد من القواعد العسكرية الجديدة على أراضيها كما أبرمت عقود إيجار طويل الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية والصين؛ لكن هل تلك الاحتياطات كافية لضمان أمن المنطقة؛ حيث عدم الاستقرار فيها في ازدياد مستمر؟
وأخيرًا، يتعين توخي الحَذَر من هذه النقطة، رغم احتمال الاتفاقيات الدفاعية لكون الدول المؤجَّرة تميل إلى ضمان حماية الدول الممولة، وخاصة عندما تكون مصالحهم الخاصة على المحك. علاوة على ذلك فإن تواجُد القواعد العسكرية ليس كفيلاً مطلقًا بضمان الأمن، بل -على العكس- يمكن أن يثير الأعمال الإرهابية؛ حيث قامت حركة الشباب بهجوم انتحاري في جيبوتي، مايو 2014م، أسفر عن مقتل شخص واحد وجرح عشرين آخرين، وذلك كرد فعل على وجود تلك القواعد. (17(
ومن وجهة النظر السياسية، تكسب جيبوتي مزيدًا من البروز على الصعيد الدولي؛ من خلال وجود القواعد العسكرية على أراضيها؛ مما يعطي حُكّامها حرية عمل جديدة غير متوقعة. ولذا تم تعديل الدستور في عام 2010م، وإعادة انتخاب الرئيس (وقد جاورت نسبة التصويت في بعض المناطق 100%) (18) بدون معارضة تُذْكَر من المجتمع الدولي، فضلاً عن ذلك؛ فإن الاتحاد الأوروبي الذي دأب على إرسال بعثات ضخمة لمراقبة الانتخابات في إفريقيا؛ إلا أنه لم يُوفِد بعثات مشابهة إلى هذا البلد، كما لم يُدْعَ الاتحاد الأوروبي إلى الإشراف على الانتخابات الرئاسية الأخيرة، عام 2016م، على الرغم من أن التوصيات الصادرة من بعثات المراقبة التابعة للاتحاد الإفريقي كثيرة ومثيرة للقلق(19).
ويبدو من الواضح أن المصلحة الاستراتيجية مع جيبوتي -في منظور الدول التي تحتضن جيبوتي قواعدها العسكرية- أهم بكثير، ولا يمكن الموازنة بينها وبين مقتضيات سيادة القانون، أو المطالبات بالحكم الديمقراطي، وبالتالي لم يتضمن قرار الاتحاد الأوروبي بتاريخ 12مايو 2012م والذي أعقب الانتخابات الرئاسية في أبريل 2016م غير أنه يُوصِي ببساطة المفوضية الأوروبية بـ “متابعة” الوضع في البلاد مع تهديدات غير محددة حول الاستمرار بالتعاون التنموي مع البلد(20). غير أن هذا التساهل غير المألوف من الاتحاد الأوروبي ذو دلالة كبيرة على العلاقة الخاصة التي تربط جيبوتي ببقية العالم. وعلى الرغم من عدم تناسب المزايا التي تستفيد منها جيبوتي عبر القواعد العسكرية بحجم البلد أو طبيعة نموها الاقتصادي إلا أن المصلحة الاستراتيجية لهذا البلد تظل ثابتة.
جيبوتي توفر ظروف استقبال مواتية حسب وجهة نظر الدول المستضيفة
تُمثِّل جيبوتي مصلحة مزدوجة من الناحية الاستراتيجية؛ حيث إنها من جهة، تسمح بمراقبة مضيق باب المندب؛ حيث يعبر منه حوالي 9% من الحركة البحرية العالمية، وتلتقي ما بين 25000 ناقلة النفط وأكثر من 6000 ناقلة الحاويات سنويًّا على قبالة جيبوتي، ويشكِّل المضيق حلقة وصل حيوية بين آسيا وأوروبا وبين شبه القارة الهندية كما يعتبر عقدة ربط الكابلات المغمورة بين أوروبا وبين شبه القارة الهندية وبين شرق إفريقيا والجزيرة العربية؛ ومن جهة أخرى، تشكل جيبوتي مرصدًا مثاليًّا للمراقبة والوصول بسهولة إلى الشرق الأوسط وإلى شرق إفريقيا وإلى آسيا الوسطى.
إن للاستقرار السياسي الملحوظ رصيدًا كبيرًا للبلد الذي لم يَعرف غير رئيسين منذ استقلاله: حسن جوليد أبتيدون (1977-1999م)، وإسماعيل عمر جيله (1999-….) لذا فإن المناخ السياسي ملائم لاستدامة الأنشطة العسكرية للقوات الأجنبية المتمركزة في جيبوتي؛ كما أشار إليه فليبس هوغون بأنه “في إفريقيا القوى الخارجية تُفضِّل استقرار المسئولين القائمين عن مجهولين من تجديدات الجيل، ولا سيما في سياق الإرهاب” (HUGON, 2016, P.83)(21). إن التناوب السياسي يثير القلق لدى الولايات المتحدة الأمريكية التي أُجْبِرَت في السابق على إغلاق قواعدها العسكرية في فرنسا (1966م)، وفي الفلبين (1992م)، وفي ايسلندا (2006م)، وفي الإكوادور (2014م).
غير أنه يجب عدم التقليل من عوامل الهشاشة الداخلية للبلاد التي يمكن على المدى البعيد أن تفرز انتكاسات سلبية على استقرارها أولاً، ومن ثَمَّ على وجود القواعد العسكرية فضلاً عن أن الظروف الاقتصادية في البلد مثيرة للقلق؛ حيث إن الاستثمارات مُموَّلة من القروض حسب شروط السوق المالية التي تؤدِّي إلى زيادة الديون. وكون افتقار البلاد إلى مصادر الإيرادات المساوية لتلك الناتجة من إيرادات صفقات القواعد العسكرية كان الرهان على احتمال أن الاستثمارات ستوفر إيرادات لتسديد الديون غير أن الرهان المعني يعتمد على ازدهار عولمة التجارة الدولية، غير أن الأخيرة في تقلُّب مستمر. فضلاً عن لك، فإن تنفيذ تلك الاستثمارات يكون على حساب النفقات الجارية للبلد مما أدَّى إلى تجميد التوظيف ورواتب الموظفين على الرغم من أن استقرار البلد يرتكز على تخفيض معدل الفقر الذي بلغ 22% ومؤشرات التنمية المستدامة مثيرة للقلق ومتوسط العمر بالكاد يصل 63عامًا للرجال(22).
ومن جهة أخرى، تجدر الإشارة إلى أن جيبوتي تقع في قلب منطقة غير مستقرة، وعلى الرغم من مواردها المحدودة فإنه يتعين عليها مواجهة عواقب الصراعات المجاورة؛ حيث تحتضن أكثر من 27000 لاجئ على أراضيها (ما يعادل 3% من السكان البلاد) (23)، ولا يزال اللاجئون يَفِدون إلى بلد هي بنفسها تعاني من الانكسار. وفي الواقع، تتسم جيبوتي بالمنافسات السياسية الداخلية والانقسامات الإثنية (60% من السكان ينتمي إلى عشيرة إيساس وكلا الرئيسين اللذين تعاقبا على سُدة الحكم ينتميان إلى تلك القبيلة)، وتلك الانقسامات تتجلى -على وجه الخصوص- من خلال إصرار استمرارية التنشيط على الحدود الشمالية للبلاد من الجبهة من أجل إعادة الوحدة والديمقراطية (FRUD) والتي يقوم بمعظمها الأفَارْس(24).
وثمة شخصيات سياسية أمريكية طرحت على الطاولة فكرة إحالة قواتها في جيبوتي إلى داكار بعد إدراكها بهشاشة الوضع الداخلي في البلاد، ومع ذلك فمن المرجَّح أن جيبوتي ستواصل الحفاظ بصفتها شريكة استراتيجية للولايات المتحدة الأمريكية في القرن الإفريقي، ويبدو أن زيارة وزير الدولة لشئون الدفاع جيم ماتس، في أبريل 2017م، ستسهم في إطالة أمد بقاء القوات الأمريكية في البلاد(25).
كما أن تعيين السفير الأسبق للولايات المتحدة الأمريكية في جيبوتي عام 2017م (م دونالد ياماموتو) في منصب مساعد وزير الخارجية للشؤون الإفريقية يكشف أيضًا عن النوايا الدبلوماسية الأمريكية، وقد اعترف مجلس الشيوخ بالأهمية الاستراتيجية للقاعدة العسكرية الأمريكية في جيبوتي أثناء المداولات حول ميزانية عام 2018م (26).
وبالتالي فإن قرار رئيس الجمهورية بشأن تأميم ميناء الحاويات في دوراليه (27)؛ حيث يعبر الشحن الأمريكي العسكري والإنساني -قد يشكِّل هذا القرار مقدمة لشراء الميناء من الصين-، وكذلك قرار عام 2018م القاضي بحظر الطيران المضاد على القوات الأمريكية -بعد عدة حوادث تحطّم الطائرات- لا يكفي لإثناء إرادة الولايات المتحدة عن إبقاء قاعدتها العسكرية في جيبوتي. علمًا بأن جيبوتي تشكل قاعدة بحرية عسكرية بالامتياز لأقوى قوة عسكرية في العالم؛ حيث بإمكانها القيام من هناك بغارات جوية أو الشروع في عمليات برية في الشرق الأوسط أو في القرن الإفريقي.
الخريطة 3- جمهورية جيبوتي : الشبكات والتهديدات
الإنجاز: س. بييانتوني، ريمس، 2018م
جيبوتي أمام الفخ الاستراتيجي ولعنة صفقات القواعد العسكرية
إن صفقات القواعد العسكرية تُشَوِّه طبيعة سيادة الأراضي الجيبوتية، وتقترن بلعنة وتعطل إمكانية تحقيق التنمية المستدامة غير أن هذه القواعد في نهاية المطاف ممتلكات الدولة التي بمقدورها أن تطرد -بسهولة نسبية- ساكنيها.
دولة جيبوتي تمارس السيادة ذات الطبيعة المتغيرة في ظل الوجود العسكري الأجنبي
إن عسكرة جيبوتي ليست خالية من التداعيات على تنميتها السياسية والاقتصادية والسيادية، لكن تأثيرات هذا التطور متفاوتة، وفي الواقع، يفتح توسيع القواعد العسكرية آفاقًا جديدة لجيبوتي؛ حيث إن استقلال اقتصادها ودبلوماسيتها وأمنها معزَّزة -ولو شكليًّا- بالوجود العسكري الأجنبي. وبالتأكيد، فإن هذا الحشد من القواعد العسكرية يصبُّ في مصلحة اعتماد جيبوتي على الدول المؤجِّرة، وتعزز استقلالها على المستولى الدولي، ويمكن لهذه الدولة الصغيرة في القرن الإفريقي استغلال وضع تنافس شركائها، وتعزيز قدرتها على أخذ القرار. وفي ظلال هذه القواعد العسكرية تطور السلطات الجيبوتية مواقف دبلوماسية فريدة، وتبرز إرادة امتلاك العتاد العسكري الملائم.
وخلاصة القول: إن وجود هذا الكمّ الهائل من القواعد العسكرية الأجنبية على أراضٍ صغيرة من شأنه أن يتسبب في تأثيرات عكسية؛ فمن جهة، هذا الحشد الكبير من المفارز القواعد العسكرية الأجنبية يقلل من الاستقلال السياسي للبلد المضيف، ومن جهة أخرى، وبشكل متناقض يبدو أنه يصبُّ في مصلحة استقلال الدول المضيفة. والاختلاف في المصالح بين الدول المؤجَّرة في صالح الاستقلال الاستراتيجي للدول المضيفة.
الاستراتيجية الدبلوماسية الجيبوتية
وهذه التناقضات تتجلى أثناء مراجعات استراتيجية الدبلوماسية للبلاد؛ حيث -من الوهلة الأولى- يبدو من المنطقي أن المتاجرة بالقواعد العسكرية بين دولة مصنَّفة في المرتبة 171 من حيث PIB (الناتج المحلي الإجمالي)، وبين الدول العظمى من شأنها أن تؤدي إلى تنوع علاقات الاعتماد. لذا فعلاقة العمالة بين “دولة شفيعة كجيبوتي” وبين “دول العظمى كعملاء” من شأنها أن تُشوِّه الانسجام الذي يسود علاقة جيبوتي بشركائها (بدي، 2017، ص 39).
وكلما تعمقنا في هذه التحليلات تراودنا تساؤلات مفادها هل لا تنجرُّ جيبوتي نفسها -رغمًا عنها- إلى إحلال هوة دائمة إما لإرضاء المتطلبات أو عدم إغاظة شركائها من الدول ذات القواعد العسكرية؟ لكن هذا الاحتمال ليس مؤكدًا لا سيما في ظل وجود القواعد العسكرية لبلدان متباينة المصالح، وحتى متناقضة، بل يمكن أن يسهم ذلك في إضفاء دور فريد لجيبوتي على الصعيد الدولي.
ومن هذا المنظور يمكن لجيبوتي تطوير علاقاتها الدبلوماسية، مستغلةً غياب الانسجام في الأيديولوجيات بين الدول المؤجِّرة، ويبدو أن ذلك هو الاحتمال الأقرب. وفي هذا السياق، اتخذت جيبوتي مبادرة الاعتراف -في اصطدام مع الدول الغربية- بحقوق الفلسطينيين (بناء على القرار الأممي رقم 71/20 بتاريخ 30 نوفمبر 2016م) في الجمعية العامة للأمم المتحدة ودون الانحياز إلى معسكر الدول الغربية. ونادرًا ما تُصوِّت جيبوتي انسجامًا مع الدول الغربية، وعلى سبيل المثال (القرار الأممي رقم 71/202 بتاريخ 19ديسمبر 2016م الخاص بأوضاع حقوق الإنسان في جمهورية الشعبية الديمقراطية الكورية).
وعلى الرغم من أن القواعد العسكرية تفتح آفاقًا للتنمية لجلبها الاستثمارات المباشرة (مثل إنشاء القواعد)، وغير المباشرة IDE (الاستثمار المباشر الأجنبي المتَّجه إلى إفريقيا) إلا أنها تُشكِّل خطرًا على الاستقلال الاقتصادي للبلاد. لكن الصين تُولِي اهتمامًا خاصًّا بتواجدها العسكري في جيبوتي؛ حيث إنه يُشَكِّل عنصرًا أساسيًّا في استراتيجيتها “الحزام والطريق” الرامية إلى تحويلها إلى قوة دولية بدلاً من الإقليمية، وبالتالي تقوم بإنجاز استثمارات ضخمة في جيبوتي (28).
وفي هذا السياق منحت الحكومة الصينية لجيبوتي قروضًا -حسب شروط الأسواق المالية- مما قد يُشَكِّل تهديدًا على الاستقرار الاقتصادي للبلاد في المدى البعيد؛ لا سيما وأن جيبوتي تعاني من مديونية ضخمة؛ حيث ازدادت الديون 16نقطة في فترة ما بين 2014-2016م؛ حيث قفزت الديون من 52،5% إلى 65،7%.
ومع أن ذلك يعزز الاعتماد على الصين إلا أن الديون المعنية استُخدِمَتْ في إنشاء البنى التحتية الحديثة على غرار السكك الحديدية والموانئ والتي ستؤدي إلى تقليل اعتماد البلاد في نهاية المطاف. بَيْد أن تلك الاستثمارات لم تتمكن من تخفيض معدل البطالة الذي ظل مرتفعًا (39% في عام 2017م)، بينما 41% من السكان يعانون من الفقر(29)، وتأخير الدولة في مجال التعليم (في عام 2017 م أقل من 60% من الشباب هم الذين يجتازون المرحلة الابتدائية (30)) –حسب ما ورد في تقرير صندوق النقد الدولي 2017م- يسهم في تقليل توظيف المواطنين، وبالتالي تضطر الدولة إلى الاستعانة بالعمالة المؤهلة الأجنبية في معظم الأوقات(31).
ومن وجهة نظر الدفاع عن الوطن تُعتبر القواعد العسكرية الأجنبية في العادة “دروعًا وقائية” (الوزاني، 2016، ص216) باعتبار أن القوات العسكرية الموجودة في جيبوتي تمتلك وسائل استخباراتية وإمكانية التدخل الرادعة (32) لكن في الواقع تظل هذه الحماية نسبيَّة إلى حد كبير.
يُشار إلى أن اتفاقيات إنشاء القواعد العسكرية لم تتضمن في البداية بَنْدًا فيما يخص المجال الأمني إلا معاهدة التعاون في مجال الدفاع المبرمة بين فرنسا وجيبوتي في 21ديسمبر 2011م فهي التي اشتملت على مادة بهذا الخصوص، والذي يعتبر استثنائيًّا؛ حيث إن اتفاقيات التعاون الثنائي والدفاعي التي أُبرِمت في عهد الرئيس ساركوزي -الذي أراد تجديد العلاقات مع إفريقيا- لم تكن تتضمن فقرة من هذا القبيل(33). غير أن المادة الرابعة من هذه المعاهدة تنص على أن فرنسا ستوفر الحماية الأمنية، وسيادة البلاد مع إمكانية القيام بالعمل العسكري لاحترامهما إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك(34).
وبذلك تصبح فرنسا الحامية الرسمية والوحيدة على جمهورية جيبوتي، ومع ذلك – حسب ما ذكره مقرِّر مشورة لجنة الدفاع – فعملية الحماية لا تتم بشكل تلقائي؛ حيث لا تتمتع القوات العسكرية الفرنسية الصلاحية تلقائيًّا «التدخل الفرنسي لا يتم إلا بعد المشاورات مع الطرف الجيبوتي»، وتنحصر العملية على حماية الحدود الخارجية للبلاد فحسب(35)، ويجب على فرنسا، من الآن فصاعدًا، الأخذ بعين الاعتبار إرادة جيبوتي في الدفاع عن ذاتها، وتلك هي إرادة الرئيس عمر جيله الذي يعتزم في الوقت الراهن سيطرة بلاده على المجال البحري بشكل مشترك مع فرنسا(36).
وهي الإرادة التي تجسَّدت في اتفاق 1مارس 2017م بين فرنسا وجيبوتي بشأن التعاون في مجال الأمن البحري الجيبوتي في مياهها الإقليمية، ويهدف الاتفاق إلى تأمين النقل البحري في مياه جيبوتي مع التخطيط لتعزيز تبادل المعلومات بين القوات البحرية للبلدين بصفة خاصة؛ ومع ذلك، يبدو أن جيبوتي هي التي تتولى تأمين أمن أراضيها لوحدها؛ حيث حُظِرَ الطيران على القوات الجوية الفرنسية على المناطق المتاخمة لإريتريا.
وإذا ما ثبت فعلاً عزم جيبوتي على القيام بتأمين أراضيها بنفسها بشكل رسمي؛ فمن المرجَّح أن هدف السلطات في ذلك هو الاستغناء عن حماية فرنسا، وتعزيز الشراكة الأمنية مع الدول الأخرى، مثل الصين، وعلى أيّ حال تُدرك السلطات في جيبوتي أن بإمكانها الاعتماد على حليفها الإثيوبي الذي يسعى إلى ضمان استقرار البلد، والذي يُشَكِّل منفذًا أساسيًّا لها إلى البحر. والقواعد العسكرية الموجودة في البلد من الدول الأخرى ليس من مسئولياتها حماية البلاد، بل تتابع الأهداف العسكرية الخاصة بها، وقد يمكن أن تسهم في إضعاف البلد أو إعاقة دبلوماسيتها.
إلا أن الحرب الدائرة بين السعودية واليمن تسعى إلى تحقيق هدفين؛ قطع طريق الإمداد على الحوثيين، وفتح جبهة أخرى ضد الحوثيين، غير أن إنشاء القاعدة العسكرية السعودية أثارت –حسب بعض المصادر-(37) ردودًا غاضبة في مصر (التي تعتبر جيبوتي من عمقها الاستراتيجي)، وبالتالي قد تتحمل جيبوتي مخاطر اعتبارها طرفًا في الصراع اليمني. وقد ازدادت تلك المخاطر بعد رفض جيبوتي استقبال القواعد العسكرية الإيرانية (NUNES, MATTOS, 2017) فضلاً أن أنها قطعت علاقتها الدبلوماسية بإيران؛ لأنها عضو في الجامعة العربية، وهذا الرفض على الرغم من الوساطة الروسية تجعل جيبوتي منحازة إلى المعسكر العربي –الغربي النشط في مكافحة داعش في العراق وسوريا .
وفي سياق متصل يُشار إلى أن النوايا الصينية في القارة موضع تكهنات متفاوتة؛ حيث يعتقد البعض بأن بالإمكان ألا يقتصر دور تلك القواعد على المهمة الأساسية المنوطة بها، والتي تتمثل في أن تكون نقطة دعم لإجلاء رعاياها (البالغ عددهم مليون في إفريقيا) حال الضرورة (38) حسب تحليلات جوزيف براوْد من معهد أبحاث السياسات الخارجية، والتي تعتمد خاصة على المناورات التي يقوم بها الجيش الصيني في صحراء جوبي الساحة التي تجمع الساحل وشمال إفريقيا(39).
والتدريبات الأولى التي أُجرِيت على الساحة التابعة للقاعدة الصينية في جيبوتي في 2017-2018م تعزز تلك التحليلات، وخاصة أن الوسائل الدفاعية المستخدمة كانت حديثة(40)، عطفًا على ذلك؛ تم الاعتماد على قانون في 27 ديسمبر 2015م يسمح بموجبه -وللمرة الأولى- للقوات الصينية بالقيام بعمليات مكافحة الإرهاب في الخارج.
وتجدر الإشارة إلى أن القاعدة الصينية في جيبوتي ضمن خطة أكثر اتساعًا وتنوعًا، وذلك لما تتمتع بها الصين من تسهيلات في الموانئ لسفنها الحربية في كل من جزر الملديف وسيشيل. ويبدو أن طموحات الصين تكمن في الاستيلاء على سيطرة مساحات بحرية وبَرِّيَّة شاسعة تضمن استمرارية أنشطتها التجارية وإمداداتها من الأسواق (التبادل التجاري بين الصين وإفريقيا بلغ 160 مليار دولار أمريكي في عام 2013م)، كأن الصين تسعى إلى “بناء إمبراطورية جديدة في القرن الإفريقي” (41). وفي هذا السياق، ستشكل جيبوتي منفذًا في المستقبل إلى الصين، وفي الوقت نفسه وللمنتجات الصناعية من المصانع الصينية الجديدة في إثيوبيا والهيدروكربونات الصادرة من المنطقة. كما اكتشفت الشركة الصينية بولي-GCL احتياطات من الغاز والنفط في أوغادين في تزامن مع إنشاء خط أنابيب الغاز لأكثر من 700 كيلو متر من قِبَل الصينيين، عطفًا على احتمال ربط خط أنابيب البترول في جنوب السودان بأنابيب جيبوتي، كل هذه المشاريع تدخل في إطار استراتيجية طريق الحرير الجديد.
في الواقع يرغب الصينيون في تحويل جيبوتي إلى حلقة وصل أساسية في استراتيجية الصين الخارجية. وعلى الرغم من أن الاستراتيجية المعنية تقوم على أساس احترام مصالح الدول الأخرى أيضًا -حسب الخطاب الرسمي- إلا أن الرئيس شي جين بينغ حذّر قائلاً: “لا يحق لأحد التوقع من الصين أن تبتلع الثعابين على حساب مصالحها”(42).
منذ التوقع بأن تصبح جيبوتي معبرًا للثروات الإفريقية إلى الصين أضحى المسئولون الصينيون يعتبرون هذا البلد دولة محورية، ومع أنه من المؤكد أن الصين تعتزم خفض استهلاك الطاقة الأحفورية إلا أن جمهورية جيبوتي تربط مصيرها -في الوقت الراهن على الأقل- بدولة عظمى تعتمد تنميتها على إمدادات الطاقة. والوجود العسكري الصيني في البلاد يسمح بتأمين كل الاستثمارات التي أنجزتها في البلاد، والتي تقدَّر بـ 14مليار دولار(43). غير أنه يتعين على جيبوتي إذا ما أرادت الحفاظ على بعض الاستقلالية وتجنُّب الحوار الحصري وغير المتكافئ مع العملاق الصيني تكوين علاقات شراكة جديدة مع القوى الأجنبية العظمى، وما يترتب على ذلك من مخاطر تعزيز الإساءة إلى سمعتها واحتمال وقوعها في محور التنافس الإقليمي والدولي.
جيبوتي تحتفظ بمفاتيح القواعد العسكرية في نهاية المطاف رغم تشويه سيادتها
يمكن لجيبوتي -بموجب الاتفاقيات المبرمة- ممارسة المراقبة على القواعد العسكرية، كما تتمتع بصلاحية الطعن في وجود أية قاعدة عسكرية على أراضيها في أيّ وقت، لكنَّ شروط الاتفاقيات بإنشاء القواعد تُشجِّع الدول المستأجرة للاستفادة بشكل كامل من الفرص المتاحة من البلد، وتعزيز وجودها، ولا سيما أن العقود ليست هشَّة، وهي قابلة للتجديد.
ومعاهدة الشراكة الدفاعية بين فرنسا وجيبوتي تفرض متطلبات على فرنسا بعضها بسيطة؛ تتعلق بواجب الإفادة بالمعلومات، وعلى سبيل المثال، يتعين على فرنسا إحاطة السلطات الجيبوتية بعدد الجنود الموجودين على أراضيها مع هوياتهم، في حين أن بعض المتطلبات الأخرى تتعلق بآلية الحصول على إذن مسبق مثل إنشاء نظم الاتصالات.
وإلى جانب هذه المعاهدة التي تمتد لعشر سنوات وقابلة للتجديد ضِمنًا تحتوي في نفس الوقت شرط الانسحاب؛ حيث إنها تسمح لجيبوتي المطالبة برحيل القوات المسلحة؛ فقط تمنح مهلة 12شهرًا قبل تنفيذ المطالبة.
لكن المعاهدة المبرمة بين الولايات المتحدة الأمريكية وبين جيبوتي تمتد لمدة 10سنوات (حتى 2024م)، وقابلة للتمديد لعشر سنوات إضافية دون إعادة التفاوض بشأن الشروط التي سبق الاتفاق عليها في الأساس (أي: حتى عام 2044) بعد إعادة التفاوض بشأنها. وتنص المعاهدة على الإخطار المسبق لمدة 12شهرًا قبل تفكيك القواعد العسكرية الأمريكية، لكنها لا تُلْزِم الولايات المتحدة الأمريكية بإطلاع البلد المضيف على العدد الموجود أو الأنشطة الممارَسة في القواعد العسكرية.
لكن من الواضح أن الاتفاقيات في شكل تبادل المذكرات (44) بين اليابان وجيبوتي هي الأكثر تقييدًا للبلد المستأجر؛ حيث إن مدة التأجير 12شهرًا، ويتجدد تلقائيًّا، ولكن بعد فترة ستة أشهر من الإخطار المسبق يمكن إخضاعها للمساءلة.
ووفقًا لمصادر صينية رسمية متعددة (45) تتضمن الاتفاقيات المتعلقة بالقاعدة الصينية شروط التقييد وعلى وجه الخصوص لا يمكن للقاعدة استقبال أكثر من 10000جندي صيني، وأُبْرِم الاتفاق لمدة 10 سنوات، وينص على أن القاعدة ذات طابع لوجستي (46).
وفي الواقع تستقبل القاعدة وحدات من القوات البحرية (النخبة من قوات جيش التحرير الشعبي)، ومزوَّدَة بالأسلحة الثقيلة من الدبابات والمركبات المدرعة الحديثة (47)، لكن وجود المدرج بطول 400 متر وبرج المراقبة والمخازن المبنية كل ذلك يوحي بأن بإمكان القاعدة استقبال المروحيات والطائرات بدون طيار وطائرات ذات إقلاع عمودي في المستقبل والتي من المزمع دخولها في الخدمة في القوات الجوية الصينية في عام 2020م (48).
يُشَار إلى أن أشغال بناء الرصيف التي انطلقت من ربيع 2018م(49) تُعتَبر من المنشآت الجديدة التي ستسمح للسفن الضخمة بالإرساء على امتداد القاعدة العسكرية (50)؛ فعليه يبدو أن المغزى من القاعدة هو أقرب إلى تكوين نقطة ارتكاز تشغيلي استعدادًا للالتزامات المستقبلية في المنطقة أكثر منه مجرد منشأة لوجستية.
ومما لا يدع مجالاً للشك هو أن الاتفاقيات المبرمة بين جيبوتي وشركائها العسكريين لا تتسم بطبيعةٍ جائرةٍ على غرار الاتفاقيات في عهد الاستعمار حين كان يرجع نصيب الأسد للأقوى؛ لأنه لا يمكن للدول المستأجرة في جيبوتي ممارسة الصلاحية المطلقة على أراضي البلد المضيف كما هو الحال مع بعض الاتفاقيات التاريخية التي يجب التلميح إليها باختصار. على سبيل المثال تم إيجار موقع القاعدة العسكرية الأمريكية في غوانتانامو بهذه الصيغة “الإيجار لمدة لازمة لإنشاء قواعد عسكرية” أو بعبارة أخرى: “الاتفاقية التي تربط كوبا بالولايات المتحدة الأمريكية لا تُحدِّد مدة زمنية لإنشاء تلك القواعد”، وشأنها في ذلك شأن اتفاقية القواعد العسكرية البريطانية في قبرص التي لا تنص على إمكانية مطالبة قبرص باسترجاع الموقع، بل تنص ببساطة على أن الحكومة البريطانية تُسلِّم القواعد حال فقدانها مغزاها العسكري.
ومع أن الاتفاقيات الخاصة بالقواعد العسكرية لا تتسم بالتشدد إلا أن المطالبة بإغلاق القواعد العسكرية ستكون حساسة جدًّا بالنسبة للدولة؛ لأن الاستثمارات الضخمة التي قامت بها كلٌّ من الصين والولايات المتحدة الأمريكية عطفًا على البُعد الاستراتيجي لتلك القواعد من الاعتبارات التي تُعطِي طابع الاستمرارية لتلك القواعد العسكرية، وأخيرًا أصبح مصير جيبوتي مرتبطًا بمصير الدول التي تنتمي إليها تلك القواعد.
غير أن الطريقة الوحيدة في متناول البلد هي ممارسة الضغوط على الدولة المستأجرة المرهقة عبر استقبال قواعد أخرى مغايرة، وهي التي مارستها جيبوتي تجاه الولايات المتحدة الأمريكية، مع نجاحات متفاوتة، فحضور الصين على الساحة -إثر توقيع اتفاقيات استراتيجية معها- أجبر الولايات المتحدة على مراجعة سياساتها التي تُشَكِّل جزءًا من المقابل الذي يتعين عليها تقديمه مقابل وجود قاعدتها العسكرية لومونيير(51)، وبالتالي تعتزم منح مساعدات غير مشروطة، بينما الصين تُقدِّم قروضًا. لكن صفقات القواعد العسكرية تُدِرُّ مكاسب مادية، وتعزز مكانة جيبوتي على صعيد المجتمع الدولي، كما تُعتَبر وعدًا من جيبوتي بالسماح بالوصول إلى مصير فريد؛ وذلك لاستضافتها على أراضيها، منذ عام 2017م، أهم القوات العسكرية على الكرة الأرضية. وهذه فرصة لها أن تتحول إلى مختبر التعايش السلمي بين القوتين العظميين والمتنافستين.
إلا أن صفقات القواعد العسكرية يمكن ان تؤدي إلى خيبات أمل للبلد المضيف حيث إن الحماية التي تستفيد منها جيبوتي من خلال تواجد القواعد العسكرية على أراضيها تبدو نسبية أو وهمية كما برهنَتْ على ذلك المواجهة الحدودية في عام 2008م؛ فالحماية -في نهاية المطاف- تظل عالقة بالمصالح الخاصة للدول المستأجرة. وقد تتحول الصفقات في أسوأ الحالات إلى لعنة حقيقية؛ حيث إنها تنمِّي اللامساواة الاجتماعية، وتُوجِّه جهود التنمية نحو بناء المنشآت اللازمة لتطوير القواعد العسكرية غير الضرورية للبلاد.
وإلى جانب ذلك، قد تكون لهذه الصفقات تداعيات سلبية على استقلالها الاقتصادي والسياسي والدبلوماسي للبلاد، غير أنه يتعين على الدولة المضيفة تطوير التنافس بين الدول المستأجرة، أو استقبال دول أخرى، والهدف من هذه الاستراتيجية هو تحقيق حالة التوازن للحيلولة دون تحقيق طموحات الهيمنة من كل الدول الموجودة على الساحة، وتلك هي السياسة التي تُنفِّذها السلطات في جيبوتي؛ لكنه أمرٌ خطير لكونه يؤدِّي بالضرورة إلى تزايد عسكرة البلاد.
المصادر:
– وزارة الدفاع الأمريكية، المفتش العام، التعديلات المطلوبة في إدارة التغيرات على نطاق الإشراف على مشاريع البناء في القاعدة العسكرية ليمونير، جيبوتي، تقرير رقم DODIG-2016-141، 30سبتمبر 2016م، ص 50
– HTTPS://WWW.DEFENSE.GOUV.FR/EMA/FORCES-PREPOSITIONNEES/DJIBOUTI/DOSSIER/LES-FORCES-FRANCAISES-STATIONNEES-A-DJIBOUTI
– وزارة الدفاع إيطاليا http://cutt.us/pEGle
– عبد االله أو.2012″ الجيوسياسية جيبوتي: حيرة من الولادة إلى طموح سن البلوغ” جيبوتي كونتابوريان، ص 155.
– بديع بـ. 2017م، الدولة المستوردة، إط، فيارد، مجموعة بيليس، الطبعة الثانية، ص 338.
– بايس ن، 2013، إشعار باسم اللجنة الوطنية للدفاع والقوات المسلحة حول مشروع (رقم 425) الذي يسمح بتعديل معاهدة التعاون الدفاعي بين فرنسا وجمهورية جيبوتي، 16أبريل 2013م، ص 38.
– برتيل جنيور، 2016م “الصين في جيبوتي: قاعدة بالمواصفات الصينية؟ ” ليتر دي سنتر آزي IFRI، 25يوليو 2016م رقم 69، ص 4.
– بوكيت س، 2009م “الفضاء، الأراضي، المكان، من منظور الجيوسياسية: ازدهار الدولة في جيبوتي” الفضاء السياسي (النت)7، 2009-1.HTTP ://JOURNALS.OPENEDITION.ORG/ESPACEPOLITIQUE/1225.
– سيريو، إف إم ، 2015م “جيبوتي، التسوية الاستراتيجية الدولية” ملف الآراء، 137/2015م، المعهد الإسباني للدراسات الاستراتيجية 20 ديسمبر 2015م، ص 17.
– كولي ألكسندر، اسبريوت هاندريك، الدول المتعاقدة والتحويلات السيادية في العلاقات الدولية، ط، جامعة برنستون، 2009، ص 280.
– غاسكون أ. 2005م “جيبوتي: سنغافورة على البحر الأحمر ونثار الإمبراطور للتنين الإفريقي القادم” أووتر تير، ج 11، رقم 2، ص 451-466.
– غاسكون أ، 2013م “جيبوتي، ميناء بين القارة والمحيط المفتوح. قاعدة عسكرية، ميناء إثيوبيا، من شرق إفريقيا والمحيط الهندي” باريس، كارتالا، ص 121-142.
– هوغون، فليبس، إفريقيا بين القوة والضعف، ط، أرمان كولن، 2016م، ص 272.
– لو غورييليك س، 2016م “جيبوتي في اللعبة الدولية ” اسبريت، ج، أكتوبر، رقم: 2016،10م، ص 13-16.
– نونيس أ و ماتوس فـ، 2017م “المملكة العربية السعودية وجيبوتي: شراكة استراتيجية في القرن الإفريقي” معهد العسكرية نافا، النشرة الجغرافية الإدارية، رقم 61، سبتمبر 2017م.
– الوازني، شريف إسماعيل عمر جيليه، 2016م، قصة من جيبوتي، ط، جاغوار، ص 250.
– روسي أدريانا، 2017م “جيبوتي: بين القواعد الأجنبية والنزاعات الغربية” ERIS، 2 مايو 2017 م.
– HTTP ://WWW.ERIS-GEDES.ORG/SINGLE-POST/2017/05/02/YIBUTI-ENTRE-BASES-EXTRANJERAS-Y-CONFLICTOS-AJENOS
– سيد –شير أ، جيبوتي المعاصرة، ط، كارتالا، ص 353.
– وانغ م ” استراتيجية الصين في جيبوتي: خلط المصالح التجارية والعسكرية، مجلس الشئون الخارجية، 13أبريل 2018م.
– HTTPS ://WWW.CFR.ORG/BLOG/CHINAS-STRATEGY-DJIBOUTI-MIXING-COMMERCIAL-AND-MILITARY-INTERESTS
الإحالات :
(1) عطفًا على جيبوتي، هناك دول عديدة في القرن الإفريقي تستضيف القواعد العسكرية على أراضيها، وفي هذا السياق نذكر وجود قاعدة عسكرية إماراتية في إريتريا وفي صوملي لند، وتمتلك الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة عسكرية في الصومال، وإثيوبيا، ومصر وفي كينيا. وقد أنشأت تركيا قاعدة عسكرية في الصومال مع احتمال إنشاء قاعدة أخرى في السودان (شبه جزيرة سواكين) . ومنذ يناير2018م، تبوأت مصر في إريتريا بينما تعتزم روسيا إنشاء قاعدة في صوملي لند منذ 2018م.
(2) “القوات الفرنسية المتمركزة في جيبوتي، هيئة أركان الجيش”، هيئة أركان الجيش، 20سبتمبر2016م.
https ://www.defense.gouv.fr/ema/forces-prepositionnees/djibouti/dossier/les-forces-francaises-stationnees-a-djibouti
(3) وزارة الدفاع الأمريكية، المفتش العام، التعديلات المطلوبة في إدارة التغيرات على نطاق الإشراف على مشاريع البناء والقاعدة العسكرية ليمونير، جيبوتي، تقرير رقم DODIG-2016-141، 30سبتمبر 2016م، ص 50.
(4) نوبوهيرو كوبو، توسيع اليابان قواعدها العسكرية في جيبوتي لمواجهة النفوذ الصيني، رويترز، 13أكتوبر2016م.
(5) إنشاء عملية اتالانتا عام 2008م وتم تمديدها حتى نهاية شهر جون من عام 2018م. وتلك العملية من الاتحاد الأوروبي كانت تهدف توفير الحماية للسفن الإغاثية على سواحل الصومالية، وتعزيز إمكانيات دول المنطقة في مجال الأمن البحري
(6) إينفور اتالانتا إيكاب، الصومال، إيكاب صوماليا.
(7) جون فيي، “القاعدة العسكرية الخارجية للصين في جيبوتي: الملامح، الدوافع والتأثيرات السياسية المترتبة”، موجز الصين، ج17. 22سبتمبر 2017م.
(8) شاؤول شايي “العلاقات الاستراتيجية بين المملكة العربية السعودية وجيبوتي ” الدفاع الإسرائيلي، 9مايو 2017م.
(9) أرقام من مصادر متنوعة تشير إلى إعلان رئيس جيبوتي عن أرقام متطابقة عام 2018م (جان أفريك، 25أبريل 2018م) .
(10) أرقام من مصادر متنوعة تشير إلى إعلان رئيس جيبوتي عن أرقام متطابقة عام 2018م (جان أفريك، 25أبريل 2018م) .
(11) مقابلة صحفية مع الرئيس جيليه، جان أفريك، 25أبريل 2018م.
(12) تقرير صندوق النقل الدولي رقم : 17/87، 7 فبراير 2017م، ص2.
(13) “جيبوتي –إثيوبيا: لاستعدادات الأخيرة قبل تدشين مشروع خط السكة الحديدية الجديدة” شين هوا، 26-03-2013م.
(14) سيمون امبير-فير، تحديد الحدود في جيبوتي، ط، كارتالا، 2011،ص 248-249.
(15) في جون 2017م، سحبت قطر 450 جنديًّا كانوا في مهمة التدخل في شمال البلاد، وذلك احتجاجًا على انحياز جيبوتي إلى المملكة العربية السعودية وحلفائها”، سحبت قطر قواتها التي كانت في مهمة التدخل على الحدود بين جيبوتي واريتريا ” شين هوا، 15-03-2017م.
(16) راجع تحليلات عدن عمر عبد الله” جيبوتي والقرن الإفريقي مقابل الصومال لفارماجو” قرية الإنسانية رقم :31 ديسمبر 2017 https ://human-village.org/spip.php?article370#nh7
يتوقع المؤلف إلى احتمال صعود القومية الصومالية التي تم تحديدها مسبقًا عبر انتخاب الرئيس فارماجو 2017م. والتطورات السياسية الجارية في الصومال (عودة الدولة، صعود القومية) ستكون لها تداعيات على جيبوتي التي قد تؤدي بها إلى فقدان دورها الاستراتيجي في المنطقة.
(17) اعتداءات استهدفت مطعمًا يراوده الأجانب. وفي بيان لحركة الشباب أشارت الحركة إلى أن القوات الفرنسية هي المستهدفة (الصومال: الشباب يتبنى العمليات الانتحارية في جيبوتي التي تستهدف “حلفاء فرنسا”) ، جان أفريك، 27مايو2014م.
(18) إسماعيل جيلة يفوز بولاية رئاسية رابعة لجيبوتي “الجزيرة” 9أبريل 2016م.
(19) توصيات تقارير بعثة المراقبة التابعة للاتحاد الإفريقي في عام 2013م تضمنت وضع قوانين انتخابية، إنشاء هيئة مستقلة للإشراف على الانتخابات، والمراقبة المستمرة لقوائم الانتخابية، وكيفية التعامل مع صناديق الاقتراع المغلقة وغيرها…
(20) قرار البرلمان الأوروبي في 12مايو 2016م حول جيبوتي RSP(2016/ 2694(.
(21) فليبس هوغون، إفريقيا بين القوة والضعف، إيد أرمان كولن، 2016، ص 83.
(22) يونسيف, 2012.https://www.unicef.org/french/infobycountry/djibouti_statistics.html
(23) مفوضية الأمم المتحدة السامية لشئون اللاجئين، صحيفة الوقائع، أبريل 2018م.
http ://reporting.unhcr.org/sites/default/files/UNHCR%20Djibouti%20Fact%20Sheet-April%202018%20%5BENG%5D.pdf
(24) الجبهة لاستعادة الوحدة والديمقراطية (FRUD) تم إنشاها في عام 1991م، وهي مكونة من المقاتلين والنشطاء من قبائل أفارس.
(25) أشار الجنرال والدهاوشير في مناسبة أفريكوم إلى أن علاقات الولايات المتحدة مع جيبوتي “لها أهمية كبيرة بالنسبة لاستراتيجيتنا” دود نيوز، 24 أبريل 2017 ,https ://www.defense.gov/News/Article/Article/1160785/us-djiboutian-relationship-strong-and-strengthening-mattis-says/
(26) ” تواصل اللجنة في الاعتراف بأهمية جيبوتي بالنسبة للأمن الأمريكي وتوصي بتخصيص 9،000،000 دولار تحت بند ESF لتنفيذ برامج من أجل تنوع الفرص الاقتصادية وتعزيز الديمقراطية في جيبوتي بما في ذلك دعم المجتمع المدني”، تقرير مجلس الشيوخ 7سبتمبر 2017م.
(27) جاء هذا القرار على خلفية دخول القانون الجديد المتعلق بعقود البنى التحتية الاستراتيجية 8 نوفمبر2017م والذي ينص في المادة الأولى: يمكن للحكومة إعادة التفاوض أو إلغائها جزئيًّا أو كليًّا حسب المقتضيات كل العقود المتعلقة بتصميم وتنفيذ وإدارة أو تشغيل البنية التحتية الاستراتيجية إذا ثبت بأنها على عكس المصالح الأساسية لجمهورية جيبوتي”.
(28) تقرير صندوق النقد الدولي مشاورات عام 2016م الخاص بمنشور IV عن تحليل قابلية الديون، 7فبراير 2017م، ص 2.
(29) تقرير صندوق النقد الدولي Ibidem ص 5.
(30) الشراكة الدولية للتربية، البنك الدولي، يونيسكو. https ://www.globalpartnership.org/fr/country/djibouti
(31) تقرير صندوق النقد الدولي رقم .17/87، 17أبريل 2017، ص 2.
(32) الجهود الجيبوتية المبذولة في الدفاع ضئيلة. والميزانية المخصصة للدفاع في حدود 43 مليون يورو، والقوات المسلحة موزعة كالتالي: 4800 جنديًّا للقوات البرية، و140 للقوات الجوية 290 عنصرًا للقوات البحرية.
(33) جان-لوك مارتينو، “الجوانب القانونية لاتفاقيات الشراكة الدفاعية الجديدة في إفريقيا: استحالة التفاوض” المجلة الإدارية رقم 382،يوليو-أغسطس 2011م، ص 381-390.
(34) تتعهد فرنسا بالمساهمة في الدفاع عن سيادة الأراضي الجيبوتية: أ- في إطار علاقات البلدين الدفاعية يتبادل الطرفان بالاستمرارية وجهات النظر، والمعلومات الاستخباراتية المتعلقة بالمخاطر والتهديدات المحتملة ضد جمهورية جيبوتي. ب-وفي حال حدوث التهديدات ضد جمهورية جيبوتي يقوم الطرفان بتقييمها، ويتخذان التدابير الدبلوماسية والعسكرية المناسبة للاستباق وردع تلك التهديدات. جـ- وفي حال تعرُّض جيبوتي لاعتداء عسكري حسب ما نصَّت عليه المادة 51 من وثيقة الأمم المتحدة، يتشاور الطرفان معًا على وجه السرعة لتحديد التدابير المناسبة، حسب ما تمليها ضرورة الموقف للدفاع عن جمهورية جيبوتي”.
(35) الجمعية الوطنية، مشورة رقم 930، المسجلة في رئاسة الجمعية الوطنية في 16أبريل 2013م، المقرر، م نيكولاس بيس(برلماني) .
(36) مقابلة صحفية في جان أفريك، 4 أبريل 2017م.
(37) “إنشاء قاعدة عسكرية سعودية في جيبوتي: يثير الغضب المصري. جريدة لو تان الجزائرية، 30 نوفمبر 2016، “توتر بين مصر والسعودية حول القاعدة العسكرية في جيبوتي” ذي نيو عراب، 6ديسمبر 2016م.
(38) تحليلات بارتيل جيمس ” الصين في جيبوتي: قاعدة عسكرية ” ليتْر دي سنتر آزي رقم :69 بتاريخ 25 يوليو 2016م.
(39) شاينغ ونبيان، ليانغ جينفينغ و لي يوتاو ” البحرية الصينية، تدريب القوات البحرية الخاصة في غوبي ” التدريب العسكري الدولي،19يناير 2016م.
(40) هذه التدريبات تميزت بمناورات المدرعات البرمائية من الجيل الأخير (ZTL-11) .
(41) آنْ بايوير.” مستقبل جيبوتي مرتبط يالصين” لي إيكو،1مارس2017م.
(42) خطاب شي جين بينغ، في المؤتمر التاسع عشر للحزب الشيوعي، 18أكتوبر 2017م.
(43) Les Echos، 1مارس 2017م.
(44) http://www.mofa.go.jp/region/africa/djibouti/note0904-f.pdf
(45) “القاعدة العسكرية في جيبوتي ليست هيمنة عسكرية: بالا دايلي” جولبال تيمس، 25 أكتوبر 2016م: http://www.globaltimes.cn/content/1013599.shtml
(46) ” ومع ذلك، لا يمكنها إيواء أي سفينة حربية ولا تفي بالغرض ولا الوظيفة ولا الحجم مع كونها قاعدة عسكرية”، بابليس ليبيرشيون أرمي،(PLA) دايلي 25 أكتوبر 2016م.
47) الدبابات طراز ZTL-11 برمائية ومجهزة بمدافع 105مم، وقادرة على اختراق كافة أنواع الدروع وتدمير الطائرات على العلو المنخفض ” دايلان مالياسوف ” هيئة البحرية الصينية تستقبل سيارات 105 مم الهجومية الجديدة ” مدونة الدفاع، 14يناير2017.
(48) ” البحث عن أحدث سور الصين العظيم” استرافور، 26يوليو 2017م. .https://worldview.stratfor.com/article/looking-over-chinas-latest-great-wall مايك ييوو ” صور الأقمار الصناعية أدلة على نوايا الصين في جيبوتي “أخبار الدفاع، 8 نوفمبر 2017م https://www.defensenews.com/global/mideast-africa/2017/11/08/satellite-imagery-offers-clues-to-chinas-intentions-in-djibouti/
(49) ليو ينغ و ينن هان ” الصين تبني منشأة جديدة في قاعدة جيبوتي لعمليات مكافحة القرصنة”، جولبال تايمس، 31مايو 2018م.
(50) جيرمي بيني” بناء الصين الرصيف في جيبوتي “جانيس 360، 23 مايو 2018م.
(51) راجع بيان وكيل وزارة الخارجية الأمريكية للشؤون الإفريقية في أبريل 2018م، دونالد ياماموتو “نتفهم القلق الذي ينتابكم حول عدم تأثير القاعدة العسكرية لومونيير على اقتصاد جيبوتي بشكل ملحوظ، وسنتباحث حول الوسائل الكفيلة بعلاج الوضع اليوم”. لاناشيون، 26أبريل 2018م.
(*) يمكن الاطلاع على رابط المقال الأصلي من هنا