إعداد/ إيف شتراوس (*)
ترجمة/ عبدالحكيم نجم الدين
على مدى الـ35 عاما الماضية، ارتفعت نسبة الأفارقة الذين يعيشون في المناطق الحضرية من 27٪ إلى 40٪. ومن المتوقع ارتفاع هذا العدد إلى 50٪ بحلول عام 2035، وبين عامي 2020 و 2050، ستكون أفريقيا المنطقة الأسرع نموا حضريا في العالم، وفقا لأرقام الأمم المتحدة.
ومن أكبر المدن في أفريقيا، والتي تشمل لاغوس، أبيدجان، كانو, جوهانسبرغ وكيب تاون، ثلاثة منها فقط – القاهرة، لاغوس وكينشاسا – تقع حاليا في فئة “المدن الكبرى”، والتي هي المدن التي يبلغ عدد سكانها 10 ملايين أو أكثر.
المدن الكبرى هي موطن لواحد من كل ثمانية من سكان المناطق الحضرية في العالم، وهذا العدد يتزايد. وفقا لتقرير آفاق التحضر في العالم لعام 2014، في عام 1990 كان هناك فقط 10 مدن في العالم مع أكثر من 10 مليون نسمة. وإلى الآن، تضاعف هذا العدد ثلاث مرات تقريبا.
من خلال الجمع بين النمو السكاني الطبيعي والهجرة من الريف إلى الحضر، ستضيف أفريقيا إلى هذا العدد في العقود المقبلة. ومن المدن التي تستعد لاختراق فئة المدن الضخمة هي دار السلام، الدار البيضاء ونيروبي والخرطوم.
معدلات التحضر
في حين أن دول شمال أفريقيا بما فيها المغرب والسودان تتحضر ببطء نسبيا – مع متوسط معدلات التغير من 0.9٪ و 0.4٪ على التوالي خلال الفترة 2010-2015 – شهدت شرق أفريقيا؛ تنزانيا وكينيا تغيرا أسرع بكثير، مع متوسط معدلات التغير السنوي بـ 2.3٪ و 1.7٪. في كل دول منطقة البحيرات الكبرى، وقد لعبت ملكية الهواتف النقالة والخدمات المصرفية عبر الهاتف المحمول دورا هاما في خلق فرص اقتصادية جديدة.
في تقريره حول التوقعات الاقتصادية الأفريقية لعام 2016، صنف البنك الأفريقي للتنمية, تنزانيا وكينيا والسودان كـ”متأخرات عن التحضر” – وهي الدول التي يغلب عليها الطابع الريفي في الوقت الحاضر، ولكنها بدأت عمليات التحضر، والخصوبة الانتقالية (السيطرة على معدلات الخصوبة) والتحول الهيكلي.
في كينيا وتنزانيا، كان التحضر أقل من ثلث السكان حاليا. وربع مواطني كينيا يعيشون في المناطق الحضرية اعتبارا من عام 2014، و 31٪ في تنزانيا. وفي السودان، كان العدد هو 34٪. وسكان المغرب، من ناحية أخرى، هم بالفعل من أغلبية سكان المناطق الحضرية، بنسبة 60٪.
البنية التحتية والتنويع
تشمل التحديات الرئيسية التي تواجه الدول المتحضرة بسرعة، وفقا لبنك التنمية الأفريقي، تحسين البنية التحتية – وخاصة وسائل النقل التي تربط بين مراكز النمو الحضرية المختلفة – واقتحام خدمات التصنيع والقيمة المرتفعة. “تطوير شبكة من المدن المتوسطة يمكنه دعم التحضر السريع الذي يجري حاليا”, يشير التقرير.
هناك مشاريع معينة للبنية التحتية الرئيسية والتي تصب في توقعات النمو وتوفير الفرص لمزيد من التوسع في المدن الكبرى المزدهرة بأفريقيا. فهناك مشروع سكة حديد مومباسا-نيروبي (بتمويل من بنك التصدير والاستيراد من الصين) من المقرر الانتهاء منه في عام 2017، في حين يساعد البنك الأفريقي للتنمية للحصول على تمويل من المستثمرين بقدر 7 مليار دولار لتمويل خطوط السكك الحديدية بين دار السلام والدول النامية غير الساحلية المجاورة.
ومع ذلك, يقع المغرب في فئة “المنوعات”، وفقا لتقرير البنك الإفريقي للتنمية: هي الدول التي كانت في المرحلة المتقدمة من التحضر، والانتقال الديموغرافي والتحول الهيكلي. كانت أهدافها زيادة الإنتاجية والتعقيدات الاقتصادية (مقياس خصائص الإنتاج للبلد).
النمو الشامل
يقيس مؤشر ماستركارد لنمو المدن الأفريقية 2015, المدنَ من حيث النمو في الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد، ومستويات المعيشة والسوق والحصول على الموارد. ويقيّم مستويات الفساد وقوة البيئة التنظيمية.
ووفقا لهذه القياسات، فإن للدار البيضاء، ودار السلام ونيروبي بعضٌ من أقوى احتمالات النمو الشامل في القارة.
تقع جميع المدن الثلاث في مجموعة “متوسطة – عالية”، وفي المرتبة الثانية، الخامسة والتاسعة على التوالي، من فئة “المدن الكبرى” (ذوات أكثر من 1,000,000 نسمة). نجحت الخرطوم بشكل أقل، ومع ذلك، سجلت إمكانات النمو المنخفضة المتوسطة وتأتي في المركز الـ36 – وكانت فوق كيب تاون التي احتلت المرتبة الـ39 ولكنها – أي الخرطوم – أقل من جوهانسبرغ، التي كانت في الـ28.
ومن جانبها، تركزت الخرطوم – والتي لديها جسر مترابط مع المدن الشقيقة, الخرطوم بحري وأم درمان – على إدارة ضغوط التحضر؛ التمدد العمراني غير المخطط له؛ تقديم الخدمات لتدفق المهاجرين من المناطق الريفية المحيطة بها؛ تخصيص الأموال للمياه وتحديث البنية التحتية للسكك الحديدية.
وفي الوقت نفسه, للدار البيضاء خطط لميناء وصال الدار البيضاء – وهو مشروع سيطور ميناء الصيد الجديد وبناء السفن ورفع مستوى البنية التحتية القائمة.
التحضر يعني أن المدن الأفريقية تتزايد كمراكز الاستهلاك، ويجتذب الدخل المتاح للسكان, المستثمرين الأجانب. وتمثل المناطق الحضرية في أفريقيا أكثر من 55٪ من الناتج المحلي الإجمالي للقارة، وفقا لبنك التنمية الأفريقي. وبالإضافة إلى الناتج المحلي الإجمالي، فإن الاستهلاك الخاص في جميع أنحاء القارة قريبا من الضعف تقريبا (من 1.6٪ إلى 2.7٪) في 2014-2015، وهو ما يمثل 73٪ من إجمالي نمو الناتج المحلي الإجمالي في العام الماضي.
(*) يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا