بقلم /هارون معروف (*)
ترجمة عبدالحكيم نجم الدين
من الأماكن التي لن تذرف الدموع – بالإضافة لـ”ميامي” – على موت فيدل كاسترو, هي الصومال، حيث ترك فيها تدخله العسكري علامة فارقة في تاريخ هذا البلد.
في منتصف السبعينات، احتفل كاسترو وقادة الاتحاد السوفيتي السابق بما يشبه ظهور قيادة اشتراكية أخرى في أعقاب صعود نظام ديرغ في إثيوبيا. وقد سبق ذلك إعلان الصومال دولة اشتراكية واستضافت عدد كبير من المستشارين والمدربين العسكريين السوفيات والكوبيين.
في أوائل عام 1977، دعا كاسترو قادة الصومال وإثيوبيا وجنوب اليمن معا لإيجاد دول اتحادية اشتراكية في المنطقة. وكان الجنرال محمد نور جلال نائب وزير الدفاع السابق في الصومال هو النقطة المحورية في التواصل العسكري الصومالي مع كوبا في ذلك الوقت. وكان حاضرا في الاجتماع الذي عقد في عدن مارس 1977.
رؤية كاسترو
يقول جلال تعليقا على ذلك الاجتماع “إن (كاسترو) كان يمثل الاتحاد السوفياتي، على الرغم من أنه لم يقل ذلك في الاجتماع. وقال بأن على الصومال وإثيوبيا الانضمام مع بعضهما البعض، وأن اليمن ستنضم إليهما أيضا”.
ووفقا لجلال, أوضح كاسترو لهم أن الاندماج من شأنه أن يخلق تحالفا استراتيجيا يسيطر على البحر الأحمر، قناة السويس، الخليج العربي والمحيط الهندي.
وأضاف جلال: “قلنا له أن هذا سيعود تقرير مصيره للشعب، وإذا كان هذا الاتحاد سيوحيد الصوماليين، فنحن مستعدون لذلك”.
وانتهى الاجتماع دون إحراز تقدم. في ذلك الوقت، كانت الصومال بالفعل في مرحلة متقدمة من التعزيزات العسكرية لاستعادة إقليم أوغادين، الذي تعتبره الحكومة الصومالية كأرض “محتلة” من قبل إثيوبيا.
لقاء مع محمد سياد بري:
عندما علم كاسترو بخطط الصومال، توجّه إلى مقديشو والتقى نظيره “الدكتاتور” محمد سياد برّي.
بعد الاجتماع، ذكر كاسترو أن “برّي” أطلعه على الأراضي التي اعتبرها جزءا من “الصومال الكبير”، بما في ذلك شمال شرق كينيا، أوغادين وجيبوتي، التي كانت لا تزال تحت السيطرة الفرنسية.
الرئيس الصومال السابق محمد سيد بري
وورد أن كاسترو وصف “برّي” بأنه “شوفيني … وشخص يعتقد أنه هو في قمة الحكمة.”
بعد شهرين من زيارة كاسترو إلى مقديشو، كانت الدبابات الصومالية تقصف مواقع الدفاع العسكرية الإثيوبية.
سيطرت القوات الصومالية على أوغادين وانتقلت إلى وسط إثيوبيا. فأرسل الاتحاد السوفيتي مستشارين عسكريين وقدم المساعدة التقنية إلى إثيوبيا.
وأشار جلال إلى أن لدى كوبا أعضاء من نظام الدفاع المدني في الصومال، وأمرتْهم بالذهاب إلى إثيوبيا. كما بعث كاسترو آلاف الجنود أيضا إلى إثيوبيا.
صدّ الصوماليين:
وبحلول مارس عام 1978، عانت القوات الصومالية من هزائم ثقيلة وطُرِدُوا – مرة أخرى – إلى حيث بدأوا الهجوم ضد إثيوبيا.
وفي الشهر التالي، قام أعضاء من ضباط الجيش الصومالي المحبطين بمحاولة انقلاب في مقديشو. نجح بري في إفشال المحاولة، ولكن الضباط الذين نجوا من بطشه فروا إلى إثيوبيا لإعداد المتمردين المسلحين الذين أطاحوا به بعد 13 عاما، في يناير عام 1991. ولم تتعافَ الصومال حتى اليوم من الانهيار الذي أعقب ذلك.
“قرأت كتابا كتبه كاسترو, قائلا بأنه جعل الصومال تجثو على ركبتيها. .. كان رجلا سيئا كره الصوماليين”، يقول جلال.
(*) يمكن الاطلاع على المادة الأصلية للمقال من هنا