بقلم: كريستوف بوا بوفيه (*)
ترجمة: سيدي.م.ويدراوغو
إن ضآلة الفارق في الأصوات تحُول دون إيجاد التوافق والإجماع على نتائج الانتخابات …تعرف على الحلفاء المُعلنين وغير المعلنين لكل من المرشحين.
ومن جانبه شرع كل من علي بنغو أوديمبا وجان بينغ في التسابق لكسب المؤيدين الأجانب على غرار الانتخابات المتنازع عليها في 2009م حيث حشد بنغو المجتمع الدولي لصالحه بدعم من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ، في وقت كان “جان بينغ” رئيسا على الاتحاد الإفريقي والذي عارض إرسال بعثة الاتحاد إلى ليبرفيل.
غير أن معايير القوى لم تعد بالنسبة لبنغو كما كانت وذلك لضآلة الفارق في النتائج بين المرشحين إضافة إلى كثرة الضحايا التي سقطت في أعمال العنف التي أعقبت الانتخابات، وعلى الرغم من ذلك تمكن من تلافي وفد الاتحاد الإفريقي تحت قيادة إدريس ديبي الرئيس الدوري الحالي للاتحاد الإفريقي؛ لكنه سيضطر إلى استقبال الوفد حال عدم احتواء الشارع.
تباينات مواقف الرؤساء الأفارقة
أي من المرشحين يحظى بتأييد الدول الثلاث المجاورة لجابون؟ في هذا السياق صرح مستشارABO (علي عمر بنغو) عن ثقته بدعم الكاميروني بول بيا” حيث صرح قائلا : “نحن على ثقة بأن أخانا الكبير في ياوندي عند حسن ظننا دائما”، وكان الأخير من أوائل من هنَّأ بنغو بفوزه في انتخابات 2009م إثر إعلان النتائج، وأجرى اتصالا هاتفيا مع المعارض كازميرأويمبا لإقناعه بسحب ترشيحه.
لكن مع هذا فإن مستشار بنغو يعي تماما أن الوضع مختلف فيما يخص الجارين الآخرين: تيودورو اوبيانج نجوما مباسوغو-غينيا الاستوائية-والكونغولي دنيس ساسونجيسو حيث اعترف في قوله “نحن على دراية بأنهما يؤيدان بينغ”.
وتجدر الإشارة إلى أن رئيس غينيا الاستوائية وقف إلى جانب المعارضة وقدم لها كل الدعم ، حتى أن بنغو طلب من ساركوزي التدخل في الأمر فقام الأخير بإرسال آلان جويانديه وهو أحد أعضاء حكومته إلى مالابو للحد من تدخل اوبيانج في الشأن السياسي للجابون.
فما موقف ساسونجيسو؟
العلاقة التي تربط عاصمتي برازفيل وليبرفيل لا تخلو من الشوائب حيث تعثرت في مارس 2009م إثر رحيل إديث لوسي بونغو ابنة رئيس الكونغو برازفيل وعقيلة عمر بنغو، وتبعات الخلاف الذي نشأ بين الدولتين حول قضية إدارة جنازتها تظل قائمة في الذاكرة ، على الرغم من استقبال بنغو في أويو(معقل الرئيس الكونغولي) في شهر يونيو الماضي إلا أن جان بينغ يتمتع بعلاقة جيدة مع ساسنجيسو.
ويشار إلى أن أحد المقربين من ساسنجيسو صرح بالقول” انسحبنا من بعثة الاتحاد الإفريقي إلى ليبرفيل في 7 سبتمبر عند ما بلغنا خبر رفض علي بنغو إعادة الفرز” وهذا التصريح العلني يوحي إلى أن ساسنجيسو التزم موقف حذِر داعيا الطرفين إلى الحكمة وضبط النفس.
ومن جانبه التزم إدريس ديبي موقف عدم الانحياز وقد دعا الطرفين إثر صدور النتائج الأولية للانتخابات في أول سبتمبر إلى ضبط النفس والتعامل باعتدال مع الموقف ، تحاشيا لإظهار التحيز لطرف على حساب آخر.
ومن المستبعد أن يقوم ديبي بالمطالبة بالشفافية ويدعم حشد المعارضة الغابونية حول هذا المطلب ، نظرا لتأثير هذا الموقف عليه حيث سيطاله سهامها ، في ظل الانتخابات الرئاسية التي أجريت في بلاده أبريل الماضي وقد فاز فيها وأثارت هذه الانتخابات جدلا واسعا ، الأمر الذي دعا أحد الدبلوماسيين الفرنسيين للقول ” لا أعتقد أن شخصية مثل إدريس ديبي تتجرأ على إعطاء درس عن الشفافية مخافة انعكاس التيار ضده”.
يشار إلى أن عدد حلفاء كل من المتنافسين قلة في غرب إفريقيا وقد أبدى بنغو الابن مخاوفه من احتمال تخلي الحسن وتارا عن دعمه لصالح منافسه ، غير أن إعفاء واتارا لمستشاره ممادي دِياني – مؤيد جان بينغ- عن منصبه إثر فضيحة المكالمة الهاتفية ، كانت خطوة مطمئنة لبنغو.
على أن فوريه جناسينجبي ، رئيس توجو، الذي ورث الحكم عن والده على غرار علي بنغو يظل حليفا أساسيا غير ان الأمر مختلف فيما يخص ما كي سال – المنتخب بشكل ديمقراطي-حيث يتوقع منه التأرجح في الموقف بين بنغو ومنافسيه.
ومن جانبه دعا روك مارك كريستيان كبوري رئيس بوركينافاسو الاتحاد الإفريقي والمجتمع الدولي إلى تناول القضية الغابونية واحتواء الأزمة في ظل احترام اختيار الشعب. ويذكر أن ثمة علاقة تربط الأخير ب جِي انزو اندما حيث تراس كل منهما برلمان بلده مما أتاح لهما الفرص في مشاركة اجتماعات البرلمانية على مستوى الفرنكوفونية.
الموقف الفرنسي الحذر
تجدر الإشارة إلى أن فرانسوا هولاند –في اول الأمر- لم يؤيد بنغو كما فعل سلفه ساركوزي وذلك اعتقادا منه أن بنغو الابن يشكل امتدادا لفرنس أفريك غير أن حجم الجالية الفرنسية – البالغ عددها 12000شخصا- المتواجدة في جابون إضافة إلى الكم الهائل من الشركات الفرنسية كل تلك المصالح أجبرته إلى التودد إلى نظيره الجابوني.
والموقف الذي تبناه الحزب الشيوعي الفرنسي في 28 أغطس تأييدا لبينغ كان يترجم ما يخفيه هولاند غير أنه تم ضبط الوضع، وقد دعا هولاند علي بنغو إثر اندلاع أعمال العنف التي أعقبت إعلان نتائج الانتخابات الأولية عشية 31 اغطس إلى ضبط النفس وذلك بلهجة ودية.
ثم أعقب ذلك إعلان آخر من الرئيس الفرنسي أشار فيه إلى ” أن تهدئة الوضع تتطلب إيجاد عملية تكفل شفافية نتائج الاقتراع” ، وذهب وزير خارجيته إلى الأبعد حيث أبدى الشكوك حول النتائج الأولية مطالبا في الوقت ذاته إعادة فرز الأصوات.
على أن تلك الخطوات توحي أن باريس تميل إلى بينغ لكن بحذر ” لم يتخل هولاند عن بنغو كليا وذلك لاعتقاده بأن في مقدوره الفوز في نهاية المطاف مما يتعين تحاشي الإساءة إليه” على حد قول دبلوماسي فرنسي.
تراجع عدد حلفاء عليّ بنغو مقارنة بعام 2009م
إن الرئيس الفرنسي يتوخى الحذر والحيطة في موقفه متواريا خلف المراقبين التابعين للاتحاد الأوروبي الذين أشاروا إلى حدوث مخالفات واضحة في النتائج الأولية في محافظة أوجوي –العليا ويأملون من الاتحاد الإفريقي ممارسة الضغوطات على المحكمة الدستورية لتعديل الوضع” هناك بصيص أمل بأن تنتصر الديمقراطية وسنظل في المتابعة” على حد قول المقربين منه.
والاعتبارات المذكورة تترجم حرج موقف هولاند والذي اضطر إلى سحب الشرطة الفرنسية خُلسة من هيئة أركان الجيش الغابونية –والتي كانت تعمل في إطار التعاون العسكري بين البلدين-إلى العمل بجانب الشرطة المحلية في السفارة الفرنسية في ليبرفيل في زي مدني.
وعلى الرغم من تراجع عدد حلفاء علي بنغو مقارنة بعام 2009م غير أن بمقدوره وضع ثقته في العاهل المغربي محمد السادس والرئيس الروندي بول كاغامي إضافة على إفريقيا الناطقة بالإنجليزية والتي تراقب بعين الريبة التدخل الفرنسي السافر في شئون الجابون الداخلية، لكن جان بينغ بدوره يتمتع بكثرة المعارف.
يشار إلى أن نيكولا ساركوزي اجتمع بجان بينغ، في سرية تامة، قبل أربعة أشهر بواسطة المحامي اللبناني-الفرنسي روبرت بورقي مما قد تشكل إشارة إلى التراجع عن تأييده لعلي بنغو، والسؤال المطروح هو: من الذي سيعارض على إعادة فرز الأصوات؟ وذلك في ظل التحولات…
(*) يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا