مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب(*)
ترجمة : قراءات إفريقية
نظـرة عامة:
1 – إفريقيا هدف مهم للسياسة الخارجية الطموحة للرئيس الإيراني أحمدي نجاد؛ ففي الشهور الأخيرة أبدت إيران اهتماماً متزايداً بإفريقيا، حيث زار أحمدي نجاد في فبراير 2009م العديد من دول شرق إفريقيا (منها جزر القمر وجيبوتي وكينيا)، وخلال زياراته أكَّدَ إرادة إيران مساعدة الدول الإفريقية على تقوية استقلالها وتكوين جبهة متحدة ضد النفوذ الغربي. العديد من الرموز الإيرانية تكلمت مراراً عن مسـتقبل علاقات إيران السياسية بالدول، وعن الفرص الاقتصادية والسياسية التي قد تنتج عن هذه العلاقات.
2 – تهتم إيران أساساً بتكوين علاقات بدول شرق إفريقيا، وبخاصة الدول الموجودة في القرن الإفريقي على طول ساحل البحر الأحمر وخصوصاً السودان, تنظر إيران لشرق إفريقيا بوصفه تربة خصبة لنشاطاتها السياسية والعسكرية والاقتصادية، شـرق إفريقيا جزء من الاستراتيجية الشاملة لإيران الذي يخضع لسيطرة قوى رئيسة ونفوذها في الشرق الأوسط.
في الواقع؛ فإن استراتيجية إيران في شرق إفريقيا والقرن الإفريقي والدول المجاورة والتي تقع على البحر الأحمر؛ تسعى إلى تحقيق الأهداف الآتية:
أ – ترسيخ نفوذها السياسي كجزء من المحور المعادي للغرب الذي تسعى إلى إنشائه في دول العالم الثالث، فهي تحاول أن تنمو لتقـلل من النفوذ الغربي – وبخاصة الأمريكي.
ب – تحقيق مصالحها الاقتصادية في ضوء العقوبات التي تضر إيران في القارات الأخرى.
ج – تصدير الثورة الإسلامية من خلال المؤسسات الإيرانية أو المراكز الثقافية التي تنشر الفكر الشيعي، وتعزيز نفوذها من خلال نشر جهودها في البلاد الإسلامية والمجتمعات الإسلامية التي تعيش في شرق إفريقيا.
د – تأسيس وجود إيراني مادي على الأرض وفي البحر، في البلدان والموانئ التي قد تهدد ممرات البحر الحيوية خلال الأزمات، وبخاصةً عند مدخل البحر الأحمر.
هـ – صنع ممرات بحرية وبرية تقود إلى الميادين التنافسية ذات طابع المواجهة لإيران في الشرق الأوسط، والتي قد تستخدم لتهريب الأسلحة والعمليات الإرهابية، والدولة المهمة لإيران هي السودان خصوصاً، والتي قد تستخدم كوسيط لنقل المعدات العسكرية خلال مصر إلى حركة حماس في غزة «المحاصرة».
3 – الأدوات المهمة لإيران لتحقيق تأثير سياسي هي توسيع العلاقات الاقتصادية ودبلوماسية النفط، حيث تحاول إيران عمل علاقات اقتصادية بشرق إفريقيا (وإفريقيا عموماً)، وتعرض مشاريع متنوعة في مجالي الزراعة والطاقة؛ وبناء السدود والطرق والإسكان … إلخ.
4 – البحر عنصر مهم في سياسـة إيران؛ فمن ناحـية المدخل الجنوبي للبحـر الأحمر – المهم من الناحية الاستراتيجية لإيران – تسعى لتقوية علاقاتها البحرية باليمن، ففي يونيو 2009م عقدت اتفاقية تسمح للأساطيل الإيرانية أن ترسو في ميناء عدن كجزء من مهمة إيران في محاربة القراصنة الصوماليين، ومن المتوقع أن تنضم للبوارج الحربية السـت الإيرانية المستقرة في المياه الصومالية لحماية السفن التجارية الإيرانية.
وتجتهد طهران أيضاً في تقوية علاقاتها بالدول الإفريقية التي تطل على البحر الأحمر، من بينها السودان وإريتريا وجيبوتي (انظر: الخريطة الآتية)، لتعينها على تأسيس وجود بحري فعَّال في البحر الأحمر يقود لخليج «إيلات» وقناة السويس.
5 – تحتوي هذه الدراسة على العناصر الآتية:
أولاً: وصف عام لسياسـة أحمـدي نجاد الإفريقية.
ثانيـاً: السودان.
ثالثـاً: كينيا.
رابعاً: إريتريا.
خامساً: الصومال.
سادساً: جزر القمر، جيبوتي، وتنزانيا.
أولاً: وصـف عام لسياسـة أحمـدي نجاد الإفريقية:
6 – كان من المقترح للرئيس الإيراني أحمدي نجاد، الذي تم انتخابه في 12 يونيو لفترة رئاسية ثانية في انتخابات تحوم حولها الشكوك، أن يحضر مؤتمر منظمة الوحدة الإفريقية الذي عقد مؤخراً في ليبيا، وكان متوقعاً أن يكونَ هذا أوَّل ظهور له في مؤتمر سياسي خارج إيران (باستثناء زيارة قصيرة له لروسيا بعد الانتخابات، تم التخطيط لها قبل ذلك)، لكن تم إلغاؤه في النهاية.
وكان سيطرح أمام أعضاء المنظمة قناعاته السياسية، وذلك فيما يتعلق بضرورة انضمام الدول الإفريقية كافة إلى الجبهة الموحدة بقيادة إيران ضد «الإمبريالية العالمية»، والتي ما زالت تستنزف موارد إفريقيا الطبيعية، وأن يُقحِم إفريقيا في سياسته الخارجية الطموحة التي تهدف إلى صنع بديل إسلامي للغرب.
7 – استخدم أحمدي نجاد سياسته الخارجية التي تتعدى أهدافها الشرق الأوسط في حملته الانتخابية الأخيرة، وشكلت إحدى العناصر الأساسية في أجندته السياسية، وقد انتقده خصومه بسبب توسعه في السياسة الخارجية، كما انتقدوا طريقته المستفزة في ممارستها على حساب الشعب الإيراني.
وعلى الجانب الآخر بعد الانتخابات مباشرةً؛ ذكر نجاد أنَّه في دورته الرئاسية ستكون سياسته الخارجية أكثر حزماً فيما يتعلق بدعوته إلى تشكيل جبهة مضادة للإمبريالية، ففي منتصف يوليو 2009م ألقى خطاباً في مدينة مشهد مستخدماً مصطلحاته الدينية العاطفية عند الحديث عن سياسته الخارجية قائلاً إنَّ «هذا هو موعد ظهور المهدي مرة أخرى (الإمام الثاني عشر في اعتقاد الشيعة).. يجب أن نعمل جنباً إلى جنب لبناء إيران، ولإنجاز مهمتنا الثورية العالمية.. خلال التدخل القوي في الشؤون العالمية».
9 – بالإضافة للتوجهات الأيديولوجية السياسية الأمنية؛ فإيران لها أيضاً اهتمامات اقتصادية في شرق إفريقيا وفي إفريقيا عامةً، فقد طلب نائب وزير الخارجية الإيراني للشؤون الإفريقية محمد رضا باقري من القطاع الخاص في إيران زيادة التعاون مع إفريقيا قائلاً إنَّ هذا سيكون مميزاً للشركات الإيرانية، «إيران لها خطط شاملة سياسية واقتصادية وثقافية مكثفة في إفريقيا … وهذا أيضاً سبب بقاء القوى العظمى طامعة في هذه القارة»(1)، وفي منحى مشابه ذكر وزير الخارجية الإيراني أنَّ إفريقيا في قمة أولويات السياسة الخارجية الإيرانية. وأطلق الرئيس الإيراني على إفريقيا (أغني قارة في العالم)، ولذلك كما يقول.. يجب على إيران أن تزيد تعاونها معها(2).
10 – وفي ندوة «تعاون إيران – إفريقيا» التي تم عقدها خلال شهر مايو 2009م ذكر حسين حسيني – مدير منظمة تنمية التجارة مع العرب والدول الإفريقية – أنَّ إيران صاغت برنامجاً من 48 مشروعاً لتوسيع علاقاتها بالدول الإفريقية، وبين المشروعات خطوط جوية ونقل وتأسيس بنوك مشتركة، وبخاصة كينيا التي تعدها إيران بوابة للدول الإفريقية الأخرى(3)، كما عقدت إيران في 12 نوفمبر 2007م مؤتمراً مماثلاً للبحث في العلاقات التجارية الإيرانية الإفريقية الممكنة، وشارك فيها ممثلون عن كينيا والسودان أيضاً.
ثانيـاً: السودان:
11 – ترى إيران للسودان أهمية خاصة بسبب موقعها الجيو استراتيجي، فهي قريبة من العالم العربي وبخاصة مصر، ويمكن أن تكون البوابة الخلفية لإفريقيا السوداء وشمال إفريقيا …
معالم العلاقات المتبادلة:
13 – صارت هناك روابط سياسية وأمنية بين إيران والسودان منذ استيلاء عمر البشير على السلطة في 1989م، حيث استلم السلطة عن طريق جزء من ثورة إسلامية متأثرة بالثورة في إيران قبلها بعشر سنوات، وكان خلف الثورة السودانية حسن الترابي الذي أراد أولاً أن يؤسس في السودان ثم في شرق إفريقيا نموذجاً سنيّاً للثورة الشيعية الراديكالية في إيران، وأن يمارس دور الخميني الإقليمي، وكان الترابي المحرك الروحي وراء تأسيس العلاقات السودانية الإيرانية.
كادت إيران أن تستعيد عافيتها في هذا الوقت بسبب ثماني سنوات من الحرب ضد العراق، وحاولت أن تبحث عن حليف عربي لم يؤيد صدّام حسين في الحرب، فوجدته في السودان التي كانت ولم تزل إلى الآن تشارك إيران في أيديولوجيتها المعادية لأمريكا وإسرائيل.
وبقي هذا التحالف الذي بدأ منذ 1980م بين البلدين؛ على الرغم من الانشقاق بين سلطة البشير وحسن الترابي في نهاية عام 1990م.
14 – وكبادرة حسن نية زار أكبر هاشمي رافسنجاني الرئيس الإيراني في عام 1991م في هذا الوقت السودان مع وفد يتكون من أكثر من 150 عضواً، وعقدت الدولتان عدداً من الاتفاقيات.
15 – في أكتوبر 2004م قام محمد خاتمي الرئيس الإيراني في هذا الوقت بزيارة السودان.
وانتقدت إيران في عام 2009م المذكرة الدولية التي أصدرتها محكمة الجرائم الدولية للقبض على الرئيس السوداني عمر البشير ووصفتها بأنها «ظلم، وتحركها اعتبارات سياسية»(4)، وفي المقابل دعم الرئيس السوداني حـق إيران في امتلاك الطاقة النووية، وفي مارس 2009م وبعد وقت قصير من دفاع إيران عن عمر البشير؛ قام رئيس مجلس الشورى الإيراني «علي لاريجاني» بزيارة السودان والتقى البشير، وأدهش بزيارته الجميع حتى أعضاء لجنة السياسة الخارجية والأمن الوطني في المجلس الإيراني(5).
16 – في يناير 2007م زار وزير الدفاع السوداني إيران، وفي سبتمبر 2007م قال إنَّ إيران كانت من المزودين الرئيسيين للسودان بالسلاح، وفي 5 مارس 2008م رأس وزير الدفاع الإيراني وفداً عالي المستوى إلى الخرطوم، وقابل الوزير السوداني الذي وصف علاقات إيران ببلاده بأنها مثالية. وعند لقائه برئيس البرلمان السوداني قال وزير الدفاع الإيراني بأنه راضٍ جداً عن الأشكال المتنوعة للتعاون العسكري المتبادل بين إيران والسودان سواء كانت إقليمية أو دولية، وأنه في العقد الأخير عمل التعاون العسكري بين الدولتين على تقوية الروابط بينهما(6). وانتقـد الفساد والمواقف المتغطرسة للقوى العظمى (الغرب والولايات المتحدة) التي تنشر الاضطراب والفوضى في جميع أنحاء العالم(7), وخلال زيارته عقدت الدولتان معاهدة تعاون عسكري.
17 – أصبحت السودان على مر السنين جاذبةً للمنظمات الإسلامية الراديكالية، من مصر ومن دول أخرى في شمال إفريقيا، التي وصلت إلى السودان للاجتماع مع جهات استخبارية إيرانية ومع الحرس الثوري.
18 – كما يوجد هناك فرع للمركز الثقافي الإيراني يعمل في الخرطوم، يُستخدم مقـراً لاجتماع الشبكات الإسلامية، ومركزاً لنشر ثقافة إيران والأدب الشـيعي.
ثالثـاً: كينيا:
العلاقات المتبادلة:
22 – منذ انتخاب أحمدي نجاد حدث تقارب واضح بين إيران وكينيا، حيث زار رئيس الوزراء الكيني «رايلا أودينجا» طهران في 2008م، وأعلن في الزيارة أنَّ كينيا تستطيع أن تستفيد من خبرة إيران في الطاقة النووية، وأنَّ كينيا كانت تبحث عن مصادر بديلة للطاقة لمواجهة حاجة البلد إلى الكهرباء.
23 – زيارة أحمدي نجاد لكينيا من 24 – 25 فبراير 2009م عندما كان يرأس وفداً من مائة شخص هي مثال آخر للعلاقات المتزايدة والمتقاربة بين البلدين، كانت الزيارة الأولى لرئيس إيراني إلى كينيا منذ 1996م، التقى أحمدي نجاد في الزيارة الرئيس الكيني «مواي كيباكي» ورئيس الوزراء، وتم توقيع عدد من مذكرات التفاهم. واستغل أحمدي نجاد الفرصة ليدعو البلاد الإفريقية إلى تجاهل الانتقادات الموجهة لإيران على الساحة الدولية، وإلى العمل على تحسين علاقاتهم بها.
استغل نجاد الزيارة أيضاً ليُشهِّر بالغرب، فقال في مومباسا: «يجب على الحكومات الإفريقية ألا تسمح للقوى العظمى الظالمة أن تسرق ثرواتها مرة أخرى»(8)، كما أضاف أنَّ «هناك دولاً تدَّعي أنها أمم عظمى! وعلى مرِّ السنين تظلم وتستغل الدول النامية وتنهب ثرواتها الطبيعية وتسلبها حريتها، لقد حان الوقت للدول النامية في آسيا وإفريقيا أن تنهض وترفض الديكتاتورية»(9)، على الرغم من ذلك أعلنت كينيا أن علاقاتها بإيران ليست على حساب علاقاتها بالولايات المتحدة.
24 – وافقت إيران وكينيا على تأسيس خطوط بحرية بين بندر عباس ومومباسا، وبناء مركز تجاري إيراني في نيروبي. وعقب خطاب الرئيس الكيني أذاع الإعلام الكيني أن إيران ربما تساعد كينيا على بناء مفاعل نووي لتوليد الكهرباء، وقال «جوشوا ميوسييمي» الذي يرأس مشروع تنمية الطاقة في وزارة التخطيط الكينية إنَّ كينيا كانت تبحث عن شريك لإمدادها بالخبرة الضرورية لتنمية الطاقة النووية.
في الوقت الحالي شاركت إيران في مشاريع طاقة عديدة في كينيا، وقامت الحكومة الكينية من قبل بالاستعانة بشركة إيرانية لبناء مفاعل طاقة هيدروكهربائية شمال نيروبي, ومحطة لتوليد الطاقة يدار بالغاز بالقرب من مومباسا.
25 – كما ستقوم إيران أيضاً بإمداد كينيا بـ 4 ملايين طن من البترول الخام (تقريباً 80 ألف برميل يومياً).
قال مسؤول في وزارة الخارجية الكينية إنَّ «إيران تريد إرسال شركاتها إلى كينيا لبناء طرق وسدود ولتنمية الصناعات الدوائية». كان الوفد الإيراني الذي رافق أحمدي نجاد يضم أيضاً رجال أعمال من القطاع الخاص، وطبقاً للاتفاقيات التي وقعت خلال زيارة أحمدي نجاد أقرضت إيران كينيا 10 ملايين دولار(10).
26 – في مايو 2009م قام رئيس الوزراء الكيني «رايلا أودينجا» بزيارة لإيران، وأخبر أحمدي نجاد أنَّ مذكرة التفاهم التي تم توقيعها عندما كان أحمدي نجاد في كينيا تمَّ التصديق عليها، وأنها ستضع كينيا على الطريق السريع للتنمية والصناعة، وأضاف أنَّ كلا البلدين وافق على زيادة التعاون في التعليم والمجال البحثي ومجال الاقتصاد والصحة، بالإضافة إلى ذلك عُقدت اتفاقيات عديدة ستسمح للشركات الإيرانية ببناء إسكان رخيص. كما اتفقت الدولتان على تكوين فرق عمل لتنفيذ الاتفاقيات التي أُبرمت بينهما في مجال الاقتصاد والتجارة والأعمال المصرفية والزراعة والتعليم والطاقة والبترول والصناعة، وأيضاً اتفاقيات التعاون السياسية والثقافية وفي مجال الصحة والإسكان.
27 – في الشهر نفسه زار نائب الرئيس الإيراني كينيا، وقال إنَّ أهم قضية في أجندة إيران هي بناء علاقات دبلوماسية بالدول الإفريقية وبخاصة كينيا.. كما أن إيران مستعدة أن تمد نشاطها في كينيا بطريقة تتماشى مع مصالح البلدين، كما أنها مستعدة لدعم كينيا في مجال الزراعة والبترول والإسـكان وبناء محطات توليد الكهرباء.
النشاط الثقافي والديني:
29 – إيران لها مكتب ثقافي كبير في كينيا يعمل إلى جانب سفارتها، وهو مسؤول عن النشاط الثقافي والديني، وأيضاً عن تحديث المعلومات عن الأحداث في إيران. وهناك فرع لـ «منظمة العلاقات والثقافة الإسلامية» في كينيا، وهو واحد من بين كثير من المراكز في كينيا.
في نهاية يونيو 2009م نظّمت «رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية» الإيرانية «ICRO» أسبوعاً للصداقة الإيرانية الكينية، وبدأ في يونيو أيضاً أسبوع الصداقة بين أطفال إيران وكينيا، وتم إحضار 211 من كتب الأطفال لنيروبي وأفلام وبرامج حاسوب وصور، كما أن موقع الـ «ICRO» على الشبكة العنكبوتية أعلن دعوات لمسابقات عديدة لحفظ القرآن الكريم ونشاطات ثقافية أخرى؛ تهدف إلى زيادة جاذبية المذهب الشيعي لدى المسلمين الكينيين.
ثالثا: إريتريا:
30 – تهتم إيران بتوثيق العلاقات بإريتريا، في نطاق الأهمية التي توليها للبلاد الإسلامية المطلة على البحر الأحمر، ومثلت زيارة الرئيس الإرتيري أسياس أفورقي لإيران في مايو 2008م ولقاؤه بأحمدي نجاد أحد معالم العلاقات بين البلدين.
31 – وفي زيارته عُقدت اتفاقيات لتقوية التعاون بين البلدين في مجالات التجارة والاستثمار, ووقَّعَها وزير الخارجية الإيراني «منوشهر متكي» ووزيرا الاقتصاد والزراعة في إريتريا، وشارك في الزيارة أيضاً عدد من رجال الأعمال الإيرانيين(11).
وقال الرئيس الإيراني إنَّ «(بلدينا) يملكان خططاً للنهوض سريعاً، ومقاومة الغطرسة الغربية», كما أنَّ إيران عرضت مساعدة إريتريا في مجال الطاقة والصناعة والزراعة(12).
32 – في أثناء زيارة الرئيس الإرتيري إلى إيران حضر أيضاً رئيس البرلمان السنغالي ووزير الخارجية الغاني في إيران. ومتابعةً لحضورهم قامت صحيفة «سياستى روز» ذات الاتجاه المحافظ بنشر مقال عن هذا الاهتمام الإيراني بالدول الإفريقية، وقالت إنَّ زيارات شخصيات إفريقية رفيعة المستوى لإيران تشير إلى الأهمية الكبرى التي توليها إيران لتقوية علاقاتها بالدول الإفريقية؛ لأن هناك العديد من البلاد الإسلامية في إفريقيا ذات إمكانيات اقتصادية كبيرة تجاهلتها القوى الغربية.
ذكرت الصحيفة أيضاً أنَّ «منظمة الاتحاد الإفريقي» بواسطة بعض أعضائها؛ يمكن أن تكون مفيـدة بوصفها حليفاً لإيران في ميدان التنافس الدولي.
33 – صور أخرى لتطور العلاقات الإيرانية الإرتيرية كانت: توقيع وزيرا مالية الدولتين مذكرة تفاهم لتشجيع الاستثمارات الأجنبية(13)، وقال الوزير الإيراني إنَّ إيران مستعدة للسماح لإريتريا بالاستفادة من خبرتها وإنجازاتها في مجال الزراعة والتعدين. كما منح «البنك الإيراني لتنمية الصادرات» إريتريا مبلغ 35 مليون دولار سلفة للعمل على تقوية العلاقات التجارية بين البلدين.
وقد أعرب وزير الخارجية الإرتيري عن تأييده لبرنامج إيران النووي عند لقائه سفير إيران في الأمم المتحدة(14)، وقد أشار الحزب الديمقراطي الإرتيري المعارض إلى أن الرئيس يلعب بالنار في تعاملاته مع إيران، وربما يؤدي هذا إلى «عواقب دولية وخيمة».
34 – وفي الشهور الأخيرة سُـلطت الأضواء على علاقات إيران – إريتريا، وذلك في أعقاب تقارير غير مؤكدة من مصادر المعارضة في إريتريا؛ حول وصول بوارج وغواصات إيرانية إلى مدينة «أشعب» ذات الموقع الاستراتيجي على البحر الأحمر، واستناداً إلى تلك المصادر نصبت إيران في ذلك المكان جنوداً وصواريخ بعيدة المدى من أجل الدفاع عن منشأة لتقطير النفط، وقد نفت السلطات الإرتيرية هذه التقارير.
رابعا الصومال:
35 – تعد الصومال نقطة اتصال أخرى لإيران، تدعم التأثير والوجود الإيراني في القرن الإفريقي عند مدخل البحر الأحمر.
انضمت إيران أيضاً لقائمة الدول المهددة في حركتها البحرية من القراصنة الذين يعملون عند الساحل الشمالي، في 21 أغسطس 2008م استولى القراصنة على سفينة شحن إيرانية في طريقها من الصين إلى هولندا، كانت محملة بـ 400 ألف طن من الحديد(15)، حدثت عملية السطو في أوج الاتصالات بين إيران والصومال، ومع تعيين سفير صومالي جديد في إيران؛ قال نجاد في هذه المناسبة إنَّ إيران تعرف الشعب الصومالي، ولن تتخلى عن دورها في الدفاع عن الشعب الصومالي المظلوم(16).
36 – في ضوء قضية تهديد القراصنة؛ أرسل السفير الإيراني في الأمم المتحدة رسالة إلى السكرتير العام للأمم المتحدة «بان كي مون»، تذكر أنَّ إيران سترسل سفينتين حربيتين إيرانيتين لحماية الساحل الصومالي وخليج عدن لمدة خمسة أشهر، وذلك لمحاربة القراصنة الذين يعملون في المنطقة ولحماية سفن الشحن الإيرانية(17).
وجود الأسطول البحري الإيراني بالقرب من الصومال سيجعل إيران قادرة على تحقيق حرية تنقل أوسع في المنطقة، وليس على حماية سفنها فقط.
37 – أخبر وزير الخارجية الإيراني مثيله الصومالي أنَّ موقع الصومال الاستراتيجي ومواردها الطبيعية الكثيرة ما زالت مستغلة من «القوى العظمى المتغطرسة»، وأنَّ تدخلاتهم هي المسؤولة عن أزمات الصومال وعدم استقرارها، قال الوزير أيضاً إنَّ إيران مستعدة لتقديم كل العون الضروري لحل الأزمة الصومالية.
ومع ذلك يبدو أنَّ الحركة الأصولية السنّية التي يقودها «شباب المجاهدين» ستكون عائقاً في تقدم العلاقات بين الصومال وإيران الشيعية.
خامساً: جزر القمر، جيبوتي، وتنزانيا:
1 – جزر القمر:
38 – في يونيو 2008م التقى الرئيس أحمدي نجاد السفير الجديد لجزر القمر في طهران أحمد نجم المرزوقي, واستغل نجاد الفرصة للدعوة إلى عمل علاقات مكثـفة بين البلدين(18).
39 – وكانت جزر القمر المحطة الأولى لأحمدي نجاد في زيارته الإفريقية عام 2009م، وقد استغل الفرصة لعقد وثيقة تفاهم لتوسيع الروابط السياسية، وإسراع التنمية ومشاريع التطوير في الجزر, وقابل شخصيات رفيعة المستوى, ووعد بالمساعدة لعمل مشاريع متنوعة.
ومن جزر القمر ذهب إلى جيبوتي في أول زيارة لرئيس إيراني لهذا البلد.
2 – جيبوتي:
40 – جيبوتي مهمة لإيران بسبب موقعها الاستراتيجي في القرن الإفريقي، والعلاقات باليمن وجيبوتي أعطت إيران وجوداً استراتيجياً في كلا جانبي مدخل البحر الأحمر وممراته البحرية التجارية.
في سبتمبر 2006م قام إسماعيل عمر جيلة رئيس جيبوتي بزيارة إلى إيران، وفي مؤتمر صحافي عُقِدَ أثناء الزيارة قال أحمدي نجاد إنَّ العلاقات بين البلدين ما زالت في أولها؛ لأنهما «ليس لديهما تاريخ مشترك»، ومع ذلك قال إنهما وقَّعا اتفاقيات للاستثمار المشترك في مشاريع عديدة وتعاون في مجال الطاقة(19).
41 – زار أحمدي نجاد جيبوتي في جولة في شرق إفريقيا في فبراير 2009م، واقترح الوفد الإيراني الذي رافقه تقديم معونة في المجال العلمي والصناعي والهندسي لجيبوتي؛ للعمل على تطوير مشاريع مختلفة. وإضافة إلى ذلك منحت إيران جيبوتي قرضاً وساعدتها على تأسيس مركز للتدريب المهني.
3 – تنزانيا:
42 – سعت إيران أيضاً إلى تقوية علاقتها بتنزانيا لكونها بلداً شرق إفريقي ومهماً من الناحية الاستراتيجية، في أكتوبر 2008م زار وزير الخارجية التنزاني طهران والتقى وزير الخارجية الإيراني «منوشهر متكي». عقدت الدولتان خلال الزيارة وثيقة تفاهم هدفها تقوية الروابط بينهما. وأبدت إيران استعدادها لمساعدة تنزانيا وبخاصةً في مجالي الاقتصاد والزراعة(20)، وقال أحمدي نجاد إنَّ إيران وتنزانيا تربطهما علاقات تاريخية، وأنَّه يرحّبَ بتقوية إيران لعلاقتها بإفريقيا(21).
43 – في يناير 2009م وقَّعَ وزير الدفاع الإيراني ونظيره التنزاني اتفاقية للتعاون المشترك في المجالات الأمنية، وأكَّدَ وزير الدفاع الإيراني استعداد إيران للمشاركة بالخبرة الأمنية مع تنزانيا(22).
44 – وزار نائب الرئيس الإيراني «برويز داودي» في مايو 2009م تنزانيا، والتقى الرئيس التنزاني «جاكايا مريشو»، وتباحثا في سبل تقوية العلاقات بين البلدين، وخلال زيارته تم عقد اتفاقيات في مجالي التجارة والزراعة والعلاقات الثنائية بينهما. وقال داودي إن إيران وتنزانيا سبق أن حققـتا إنجازات عظيمة في توسـيع العلاقات بينهما، وبخاصةً المجال الاقتصادي(23).
الإحالات والهوامش:
(*) مركز المعلومات حول الاستخبارات والإرهاب: هذا الموقع تمَّ تخصيصه بناءاً علي العرض المقدم من الآباء المؤسسين للجمهورية (الولايات المتحدة الأمريكية ). وهم ينتقدون العلاقات الرسمية المستمرة بين الحكومة الأمريكية والحكومات الدكتاتورية والمستبدة حول العالم . الهدف الاستراتيجي – كما يزعمون – هو عمل معهد عالمي علي وعي باللعبة السياسية . العاملون بهذا المركز أبرزهم : توماس جيفرسون ، جيمس ماديسون ، ويندل فليبس ، فيدور ديستوفيكسي ، روبرت ستييل .
يمكن الاطلاع على رابط المقال الأصلي من هنا
(1) وكالة أخبار فارس، 17 مايو 2009م.
(2) وكالة أخبار الجمهورية الإسلامية، إيران، 12 نوفمبر 2007م.
(3) وكالة الأنباء إيسنا، 29 مايو 2009م.
(4) وكالة إبرنا، 9 مارس 2009م.
(5) اعتمادي – ملي، 30 مارس 2009م.
(6) وكالة إيرنا، 5 مارس 2008م.
(7) وكالة الأنباء إبرنا، 8 مارس 2008م.
(8) وكالة أنباء مِهر الإيرانية، 26 فبراير 2009م.
(9) التلفزيون الكيني 25 فبراير 2009م.
(10) وكالة أنباء فارس الإيرانية، 6 مارس 2009م.
(11) موقع وزارة الخارجية الإرتيرية على الشبكة العنكبوتية، في مايو 2008م.
(12) موقع تلفزيون برس على الشبكة العنكبوتية، في 20 مايو 2009م.
(13) طهران تايمز، 16 سبتمبر 2008م.
(14) موقع الشبكة العنكبوتية لإيران مانيا، 28 نوفمبر 2008م.
(15) وكالة أنباء فارس، إيران، 22 أغسطس 2008م.
(16) وكالة إيرنا الإيرانية 31 يوليو 2008م.
(17) وكالة إيرنا الإيرانية 14 مايو 2009م.
(18) طهران تايمز، 11 يونيو 2009م.
(19) وكالة أنباء فارس، إيران، 5 سبتمبر 2009م.
(20) الجارديان، 21 أكتوبر 2008م.
(21) إيران تايمز، 20 أكتوبر 2008م.
(22) وكالة أنباء فارس، 20 يناير 2009م.
(23) وكالة أنباء إرنا, 12 مايو 2009م.