سوفي لانجلوا (*)
ترجمة :سيدي .م. ويدراوغو
بعد عامين من احتجاز بوكو حرام 276 رهينة من طالبات شيبوك في شمال نيجيريا لم يزل مصير معظم هؤلاء الأسرى مجهولا ،وتقدر منظمة العفو الدولية أن حوالي 2000 امرأة وطفل احتجزوا كرهائن منذ عام 2012 م.
وعلى الرغم من عدم توفر المعلومات الدقيقة عن واقع الطالبات المحتجزة منذ أبريل 2014 م غير أن ما يتعرضن له من بوكو حرام ورد في شهادات التي أدلت بها الرهائن المحررة أثناء المقابلات التي أجرتها معهن المنظمات الحقوقية.
فقد تعرضت بعضهن للاغتصاب وأجبرت بعضهن على الزواج الإجباري من الخاطفين ، كما تعرضن لمحاولات غسل الأدمغة من خلال تدريس الفكر الإرهابي لهن وتدريبهن على استخدام السلاح .وقد أجبرت البعض على تنفيذ هجمات والتي لا تتمثل تقتل.
ملاحقة ووصمة العار الدائمة
على أن وصمة العار تلاحق الرهائن اللاتي تم تحريرهن حيث يطلق عليهن ” سبايا بوكو حرام” وفي معسكرات النازحين أو في القرى يتعرضن للكراهية والتمييز حيث يلتصق بهن تبعيتهن لبوكو حرام.
لكن أطفال الذين أسفروا عن الاغتصاب هم أسوأ حالا حيث يعتبرهم المجتمع بذور الإرهاب بالامتياز لانحدارهم من “دماء الأشرار”.
وحسب إفادات الشهود التي سجلها يونسيف ، فإن نساء المجتمع تمنع المحررات من بوكو حرام من الشرب من مناهل المياه ومن دخول العيادات الصحية العامة مما يجبرهن إلى العزلة داخل المعسكر ، ولا يمكنهن الخروج منها.
إن ثمة مخاوف منهن وسوء الظن يسطر على نظرة الناس لهن ، لذلك فإن الكثير من الناس يتهربون منهن ولا يرغبون في إيوائهن .على حد قول لوران ديفيلي الناطق الرسمي ليونسيف غرب ووسط إفريقيا.
ويضيف ديفيلي : تصوروا معاناة تلك البنات…فهن ضحايا من نواح ثلاث : ناحية الاحتجاز ، وناحية استخدامهن سبايا لأشهر عدة ومن ناحية المضايقات اللاتي يتعرضن لها في المعسكرات أو في قراهن بعد التحرير.
كما عبر الكثيرون عن مخاوفهم من الرهائن المحررة نتيجة اعتقادهم باحتمال تعرضهن لغسيل مخ من بوكو حرام وذلك لتجنيد نسوة أخرى لصالحها ، كما يخشى الجميع من إمكانية قيامهن بعمليات إرهابية داخل المعسكرات أو خارجها.
وبعض تلك المخاوف مبررة حيث فجرت امرأتان نفسيهما في فبراير الماضي داخل إحدى معسكرات النازحين في ديكواني شمال شرق نيجيريا ، مما اسفر عن مقتل 58 شخصا.
ورصد تقرير أعدته (Long War Journal ) حوالي 105 امرأة انتحارية في نيجيريا وفي الدول المجاورة منذ يونيو 2014 م وكانت أقلهن سنا دون العاشرة من عمرها.
إستراتيجية استغلال الأطفال
لقد ازدادت الاعتداءات الانتحارية التي نفذتها حركة بوكو حرام في العام المنصرم وتضاعف استخدام الأولاد فيها إلى 11 مرة.
وتفيد المعطيات المتوفرة لدى يونسيف إلى أن قرابة 20 % من العمليات الانتحارية من يناير 2014 م تم تنفيذها من الأولاد حيث ثلاثة أرباع منها من البنات.
وحسب قول ديفيلي: فإن “الأولاد ليسوا مدبرين ولا مخططين للعمليات الانتحارية إنما هم ضحايا بكل ما تعنيها الكلمة من معنى “.
كما نزح ما يقارب 1,3 مليون طفل نتيجة الحرب بين بوكو حرام وبين الحكومة النيجيرية وهؤلاء يصبحون لقمة سائغة للتجنيد في صفوف الجماعة المسلحة نتيجة لابتعادهم عن ذويهم وبيئتهم الأصلية.
ويضيف لوران ديفلي : يتيح استغلال الأولاد الفرصة لبوكو حرام لتعزيز ضرباتها من خلال التمويه، فمن الذي يتوخى الحذر عن الأطفال والفتيات الصغيرات؟.
ويتابع الناطق الرسمي ليونسيف: إنه استغلال أنقى صور الطفولة للاقتراب من المجتمع ثم إلحاقه بضربة قاسية في صميم فؤاده وذلك لإصابة أكبر قدر ممكن من الضحايا…إنه أسوء استخدام لبراءة الطفولة!
تقدم عسكري ملموس على الساحة
ومنذ تولى محمد بخاري مقاليد الحكم قبل عام تمكن الجيش من استعادة كثير من المناطق التي كانت خاضعة تحت سيطرة بوكو حرام وخاصة في معقلها في شرق نيجيريا.
وكما تغيرت معايير القوى لصالح الجيش النظامي مما دفع عناصر بوكوحرام إلى تغيير استراتيجيتهم ؛ فبدلا من توسيع رقعة النفوذ اعتمدوا على أسلوب الكر والفر.
وترسل بوكو حرام مراهقين إلى تنفيذ عمليات انتحارية في الأماكن العامة وخاصة في كاميرون التي تعرضت لـ (39 ) عمليات انتحارية في عام 2015 م حيث تم تسجيل العدد الأكبر من استخدام الأولاد في تلك العمليات ، ومن الصعوبة بمكان ضبط تحركات السكان في تلك المنطقة السهلة الاختراق ، ويتركز الجيش على الأماكن التي يصنع فيها العبوات الناسفة المستخدمة في العمليات الانتحارية.
ويقول سيدريك جورد ، الأستاذ في كلية العلوم السياسية من جامعة أوتاوا” يتعين على الحكومة النيجيرية التوجه إلى مرحلة إعادة التعمير حيث أدت العمليات العسكرية إلى تخريب كثير من المناطق ما دفع منظمات حقوق الإنسان بإلقاء اللوم على الأسلوب المتبع من الجيش النيجري في عملياته ” .
ويضيف جورد : يجب إعادة تعمير المناطق المتضررة وتبني استراتيجية مغايرة تختلف عن المنطق الأمني البحت…وتتمثل الخطة في أن تعطي نيجيريا انطباعا بأن في مقدورها التدخل بشكل إيجابي “.
(*) يمكن الاطلاع على الرابط الأصلي للمقال من هنا