بقلم:ي. الحاج امبا
ترجمة :سيدي.م. ويدراوغو
لقد تبنى رؤساء الدول الأعضاء في الاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب أفريقيا (UEMOA) أثناء القمة الاعتيادية في 8 يناير 2016 في كوتونو قرار عزل أعضاء محكمة العدل التابعة للاتحاد ، وذلك ردا على الحالة السائدة داخل تلك المحكمة .
ذاك القرار الذي تجسده الوثيقة الإضافية رقم 02/2016/CCEG/UEMOA والذي تم بموجبها إقصاء أعضاء محكمة العدل الإفريقية – كما كان متوقعا –أثار جدلا بين أعضاء المحكمة وفي الرأي العام.
لكن تعارض وعدم قانونية القرار واضح إلى حد طرح السؤال :كيف توصل الرؤساء إلى هذا ؟
والخطاب الموجه إلى المستهدفين يحمل في طياته تعارضا .وبالطبع ، قرر بعض كبار القضاة عدم الاكتفاء بالمشاهدة على ما اعتبروه ” جريمة على قمة الهرم “وبدأوا في اتخاذ الاجراءات المناسبة.
على أن الوثيقة الإضافية رقم 96/02 للنظام الأساسي لمحكمة (UEMOA )واضحة ودقيقة حول شروط بداية ونهاية وظيفة أعضاء المحكمة ، وحسب تلك النصوص ،تتكون المحكمة من أعضاء يتم تعيينهم ولمدة 6 سنوات ، و يتجدد أثناء مؤتمر رؤساء الدول والحكومات .
وقبل أن يقوم بمهام الوظيفة ، يؤدي المعني يمين القسم أمام الجمهور في المحكمة وبهذه الصيغة :” أقسم بإخلاص بان أقوم بأداء وظيفتي كعضو محكمة العدل للاتحاد الاقتصادي والنقدي لغرب إفريقيا ، بكل استقلالية وحيادية في نزاهة و أمانة ،محافظا على سرية نتائج المداولات “، وعند النهاية المهمة تنص المادة ” فما عدا التجديد الاعتيادي أو التناوب أو الوفاة ؛ فإن مهام الأعضاء ينتهي بشكل فردي إثر استقالة”
وأضافت المادة 12 :” لا يمكن إعفاء عضو المحكمة عن منصبه أو تبديله أو إقصائه عن حقوقه في المعاملة، وتعويضاته ، ومعاشه إلا بعد اجتماع عمومي حيث تثبت المحكمة بأن الأخير لا يلبي الاحتياجات الضرورية ، أو عاجز عن القيام بالواجبات المنوط بمهامه.ويتم الاستماع إليه شفهيا أو تحريريا ، ولكنه لا يحضر المداولات “، ويلاحظ أن النصوص لا تضمن الاستدعاء أو إعفاء عضو المحكمة ، وذلك يبرر تعارض قرار الرؤساء مع القانون وكذلك الفصل الإضافي 02/2016/CCEG/UEMOA الذي تضمن الاستدعاء من المحكمة والموقع عليه في 13 يونيو 2015 م من يايي بوني ، الرئيس الأسبق لمؤتمر الرؤساء.
أزمة مفتعلة
ولتبرير قرار العزل بالقوة ، ذكر رؤساء الدول في الوثيق الإضافية مبررات غير معقولة ومن ضمنها تأيد الوثيقة بأن الإعفاء استندت إلى ملاحظة ” استمرار الأزمة في محكمة العدل منذ 11 فبراير 2014 م رغم تعدد قرارات رؤساء الدول والحكومات ” وتشير إلى “الأزمة غير المسبوقة التي تسود في المحكمة ناتجة عن سوء تفاهم متفاقم بين الأعضاء ، وأدت إلى عرقلة سير لجنة المراقبة القضائية ، وذلك خارج إطار التوجيهات المقررة من مجلس رؤساء الدول والحكومات “.ولكن ما تلك الأزمة المعنية؟
وحسب ما تردد كثيرا في جريدة ليربورتر يفيد بأنه لم يحدث سوء تفاهم ” ولا أزمة متفاقمة بين أعضاء محكمة العدل UEMOA “.
إنها ليست أزمة بل اختلاق ضخم من الخارج بتأييد متآمرين من الداخل ؛ لعرقلة دور محكمة العدل ،وذلك للحيلولة دون التطرق إلى ملفات معينة. وعلى خلاف الاشاعات ، كان أعضاء المحكمة متواجدين ومطالبين تنفيذ المهام المنوط بهم ولكن بدون جدوى.وذلك بعرقلة من رئيس المحكمة دانيال لوبيز فريرا.
الأدلة
على أن دانيال فريرا (حسب النصوص التي تنظم سير المحكمة)هو المؤهل الوحيد للدعوة إلى عقد جلسة العمومية الداخلية حيث تتطرق المحكمة أثناءها إلى الملفات التي رفعت إليها. وتواطؤ فيريرا مع عاقب سوماري واضح ، وهو الذي قام ممارسات غير لائقة لا تتناسب والقسم الذي أداه قبل مباشرة وظيفته في المحكمة.
كما قام باحتجاز نظرائه وعرقل المحكمة وألحقها بالشلل نظرا لأنه لا يتم الاجتماع إلا بدعوة منه.وقد أدت تصرفاته إلى سحب نظرائه الثقة منه عام 2014 م وانتخبوا رئيسا جديد . لكن امتيازات وظيفته منحته وساطة نظرائه ومن ثم قرر احتجاز المحكمة ، وخاصة الملفات التي تورط شيخ عاقب سوماري ويايي بوني.
غير أن تاريخ الأحداث وتسلسل التطورات تكشف حقيقة الأوضاع ، ومن أكبر الدلائل على افتعال الأزمة وأن دانيال فييريرا هو الذي يعرقل عمل المحكمة ؛ ذاك الخطاب من بقية الأعضاء الموجه إليه مطالبين منه توجيه دعوة طارئة لعقد اجتماع داخلي للمحكمة .وذلك بعد انتظار ممل للدعوة من تلك اللجنة التابعة للمحكمة لعقد اجتماع داخلي ؛ فقام ستة من الأعضاء الثمانية بتوجيه خطاب جماعي إلى الرئيس بيريرا معبرين فيه عن بالغ أسفهم لتأخير عقد الاجتماع مطالبين منه توجيه دعوة طارئة لنقاش مغلق حول مجمل سير المحكمة.
كيف يدفع الجميع ثمن خطيئة فردية؟
إنه لم يرفض توجيه الدعوة إلى الاجتماع فحسب بل أزال مكتبين من مكاتب المحكمة وتركهما بلا عنوان ولم يسمح بأن ينوب عنهم أحد ؛ فظل مصير المحكمة معلقا بسبب ممارسات فرد واحد. وهذا الذي عبر عنه الرؤساء بالأزمة المتفاقمة ثم اعتمدوا عليها لتقويض محكمة العدل.
وإلى جانب تعارض القرار بالقانون ؛ فالسؤال الذي يطرح نفسه هو :هل يلزم على جميع أعضاء المحكمة دفع ثمن خطيئة فرد واحد ؟! ما نسميها بالأزمة في هذا السياق ليست غير نتيجة تصرف فرد.
فريرا وحده بصفته رئيسا للمحكمة، هو الذي قرر عرقلة سيرها ‘ بينما الآخرون كانوا يطالبون القيام بأداء مهامهم ،وأبعد من ذلك ؛فقد نبهه البعض بدون جدوى.وهل يعني أنه لا يلزم تحديد مسئولية تلك الأزمة المزعومة ؟ وهل سيضمن الإفلات من العقاب لبعض المسئولين رغم خطورة تبعات هذا الوضع ؟
غياب الموضوعية
إن قرار رؤساء الدول يفتقد للموضوعية والنزاهة حيث أن الفصل الإضافي يشير إلى ركيزة أخرى لقرارهم المتمثلة في دورة المجلس الاعتيادية 18 لمؤتمر رؤساء الدول والتي تم عقدها في 19 يناير 2015 م ،حيث نص بأن قرار المجلس لاستدعاء أعضاء المحكمة لمدة 6 أشهر تم اتخاذه في تلك المناسبة،لكن ذلك لا يطابق الحقيقة.
إذا كان من الواضح بأنه تم النقاش حول الموضوع المعني بين رؤساء الدول غير أنهم لم يتوصلوا إلى قرار صريح إزاءه.وذاك الذي يبرر اعتراضات بعض رؤساء الدول التي أثارتها الوثيقة الإضافية الموقعة من يايي بوني في 13 يونيو 2015 م والتي تستدعي القضاة إلى بلادهم.
والوثيقة وضعت الحالة الخاصة للقاضية العاجية زوزوفين سوزان توري وذلك لحداثة تعيينها في المحكمة وعدم تورطها في الأزمة .وضمنا أنها غير معنية بالعزل ؛ فهي الناجية الوحيدة من عاصفة كوتونو. ويتساءل المراقبون عن سبب تلك المعاملة الخاصة.
وفي خطاب اعتراض على الوثيقة الإضافية المتضمنة عزل القضاة ، لم يخف أحد الرؤساء عن دهشته من استثناء القاضية العاجية عن القرار “إن عدم استدعاء القاضية العاجية مثير للدهشة حيث إن ساحل العاج وقعت على الوثيقة الإضافية في 13 يونيو وهي طرف فيها “.
إضافة إلى ذلك، القاضية العاجية – بخلاف ما نص في المادة 6 من النظام الأساسي للمحكمة – لم تؤد يمين القسم بحضور الجمهور أمام المحكمة .
وباشرت الخدمة في لجنة UEMOA وذلك في انتهاك صريح لمبدأ الفصل بين السلطات ، وستستفيد بمعاملات خاصة في الرواتب والامتيازات ذات العلاقة.
استعدادات للردود
ثم إن الوثيقة الإضافية وفي مادتها الأخيرة تدخل قيد التنفيذ “ابتداء من تاريخ التوقيع ثم نشرها في نشرة رسمية للاتحاد ” ، ويعني ذلك بأنها دخلت قيد التنفيذ بعد نشرها من 8 يناير 2016م حيث وقع عليها ثمانية رؤساء في كوتونو.
والمادة 45 من معاهدة الاتحاد تفيد “الوثائق الإضافية ، والقوانين ،والتوجيهات ، والقرارات تنشر في منشور رسمي للاتحاد ، وتدخل قيد التنفيذ بعد نشرها في تاريخ يحدد له، ومن ثم يتم إبلاغ المعنيين ، وتصبح سارية المفعول “
واستنادا إلى هذا القانون ، نتساءل عن مصدر القانون الذي تعتمد عليه المادة الأخيرة للعزل. إنها جملة نقاط اعتمد عليها أعضاء المحكمة المستهدفين من الوثيقة الإضافية للهجوم على قرار عزلهم .
يمكن الاطلاع على رابط المقال الأصلي من هنا