بقلم/ لويس كونساك
ترجمة/ سيدي.م.ويدراوغو
نشرت منظمة “إعلان بيرن “(D B) السويسرية في جريدة (SOLIDAIRE ) العدد رقم242 – سبتمبر 2015م ملفا خاصا يجدر الاطلاع عليه ونقاشه من البوركينيين…فما هو؟
“إعلان بيرن “منظمة سويسرية تعمل في ترويج العلاقة الشفافة والعادلة بين دول الجنوب ودول الشمال ، وذلك من خلال حملات منظمة ؛ لتسلط الضوء على الظلم والغش ، والجرائم الاقتصادية التي تسود التبادل التجاري بين الدول الغنية وبين الدول المسلوبة التي يسمونها بالفقيرة.
وتنشط كذلك في إجراء ،وتتبنى مواقف لإيجاد آليات سياسية واقتصادية وقضائية للضغط على المؤسسات المتعددة الجنسيات ؛لمراعاة الحقوق الأساسية تجاه الدول التي تستغلها في العالم.
وفي هذا الإطار يدخل ضمن اهتماماتها التحقيقات التي أجرتها حول الذهب البوركيني في فبراير ، حيث تطرقت إلى إحصائيات تصدير الذهب إلى سويسرا،وتوصلت التحريات إلى أن سويسرا استوردت 1,3 طن ذهب في فترة شهر يناير 2014م من توجو.
غير أن المحققين على دراية مسبقة عن ضآلة إنتاج توجو في المجال ،أثار الأمر اهتمامهم للبحث عن مصدر الذهب المستورد من توجو إلى سويسرا ؛فقرروا متابعة السلسة.
عكف المحققون على ملف خاص وقاموا بفحصه بعناية لمدة 10 أشهر قاموا من خلاله بإجراء 45 مقابلة في ثلاث دول ، وزيارة 5 مناجم بدائية في بوركينافاسو .
وتلك التحريات أظهرت بأن ” الذهب التوجولي، بوركيني الأصل “وإنما يصل إلى توجو من المناجم البدائية من بوركينافاسو ثم يهرب إلى سويسرا من خلال مجموعات المهربين.
وإلى جانب ” الظروف القاسية للعمل في المناجم ” كشفت التحقيقات عن ” فقدان ملايين الفرنكات السويسرية من إيرادات الخزينة العامة البوركينية ” ، بالإضافة إلى ” تباين كبير بين ما تعلنها مصافي الذهب السويسرية وبين الوقائع ” و” الأنشطة تلك ، لا تخضع لرقابة السلطة السويسرية ” ناهيك عن السلطات البوركينية والتوجولية.
لكن المعاناة وقسوة الظروف التي تسود المناجم معروفة و مسجلة في الملفات : توظيف الأولاد ، العمليات الإجرامية ،وبيع الامتيازات ،وتهريب الذهب ، إضافة إلى الأضرار الجسيمة التي يلحقونها بالبيئة باستخدام المواد الكيماوية ،وتخريب المساحات من الاكتظاظ الديموغرافي على المناجم ذاتها.
ودوافع الشباب إلى المناجم ناتجة إما عن الاضطرار أو اليأس ،وتدفع بهم إلى المناجم على حساب صحتهم تارة وحتى حياتهم تارة أخرى.غير أن الذهب الذين يستخرجونه لا يعود لهم بالنفع لا لأنفسهم ، ولا للدولة المنهوبة والمخربة مواردها.
ما هي الأطراف الفاعلة ؟
هي تلك التي تمنح امتيازات التنقيب ،والتجار النظاميون وغير النظاميين في مجال الذهب،وكبار المهربين وصغارهم بهذا الخصوص.
وكيف تنفلت كمية تقدر ب (7)أطنان من الذهب البوركيني عام 2014م عن رقابة الجمارك والجهات المختصة (حسب تقريرDB ) إلى توجو، وبدون رسوم جمركية للدولة البوركينية …وذلك على الرغم من معرفة الحكومة للأطراف الفاعلة في مثلث تجارة الذهب البوركيني ؟!
الجانب المتعلق ببوركينافاسو
وإلى جانب المناجم البدائية ومهربيها، هناك(SOMIKA) ” شركة آدم كندو للمناجم “، وهي معروفة بصلتها بنظام بليز كمبوري (المخلوع)، ولها صلة بغينيا كوناكري أيضا.
والشركة المذكورة كانت بحيازتها 289 امتياز تنقيب لوحدها، وذلك في تناقض صريح مع العدد الرسمي المعلن ،حيث يشير إلى أن 97% من الذهب البوركيني تنتجه 3 شركات أساسية.
ولا بد أن(SOMIKA) تحظى بمعاملة خاصة من الجهات الحكومية التي ، بدون تورطها، لا يمكن ازدهار عملية التهريب.
وخير دليل على ذلك عدم اهتمام وزير الاقتصاد بفقدان الخزانة العامة لإيرادات الضرائب نتيجة التهريب إلى توجو حيث اعترف ” لا يوجد تصدير نظامي للذهب بين بوركينافاسو وتوجو ” على الرغم ” أن الذهب التوجولي يأتي من عملاء بوركينيين المهربين والمنفلتين عن الضرائب “.
الانتاج الصناعي الإجمالي لعام 2014 م بلغ 36 طنا بينما تم تهريب 7 أطنان ذهب إلى توجو ؛لتصديره إلى سويسرا ،وذلك يشكل 20% من الإنتاج الصناعي للدولة ، وخسارة قرابة أربع مليارات فرنك من إيراد الضرائب لعام 2014 م ،ويعادل ذلك 24,32% من مجموع المساعدات السويسرية لبوركينافاسو (حسب أرقام DDC2014) للعام ذاته.
وعملية التهريب تلك لا تتم إلا بشراكة رجال السياسة و الإداريين الفاسدين الذين يتقاسمون الغنيمة (الضرائب المنفلتة) بينهم وبين المهربين بلا عقاب…وهكذا يتم خصخصة موارد الدولة لصالحهم .
على أن مجموعة عمار التي يمتلكها لبنانيون ،تعمل بتنسيق مع عملاء مثل (SOMIKA) لتصدير الذهب البوركيني عبر لومي(توجو) للاستفادة من ضآلة الضرائب على الذهب حيث لا تتعدى 45فرنك سيفا/جرام ذهب في توجو ،مقابل 500فرنك سيفا/جرام في بوركينا.
وهذه العملية على مستوى التهريب عبر توجو فحسب بغض النظر عن الطرق الأخرى المشابهة في التهريب.
توجو
وتشكل الحلقة الثانية من مثلث التهريب وذلك عن طريق مجموعة عمار ،وبسلاكة (WAFEX) التي تهرب الذهب البوركيني إلى سويسرا .وقد أظهرت التحقيقات عن إلمام السلطات التوجولية بالموضوع ،حيث يستحيل لشركة كبيرة استيراد الذهب من بوركينافاسو ثم تصديرها إلى سويسرا بدون مباركة من السلطات.
وتتم عملية التهريب من مجموعة عمار إحدى حلقات سلسلة تهريب الذهب البوركيني.
سويسرا
شركة ( M.M Multitrade ) تعمل كمستوردة وحيد للذهب البوركيني من توجو عن طريق (WAFEX) في لومي .
وتحكم مجموعة عمار السيطرة على سلسلة تهريب الذهب البوركيني (المهربون داخل بوركينا فاسو، الاستيراد من بوركينا إلى توجو ،و التصدير إلى سويسرا).والسبعة أطنان من الذهب البوركيني التي اشترتها مصفاة ذهب (WALKAMBI)من مجموعة عمار ،عبرت من القناة ذاتها. وإلى جانب تلك المصفاة الوحيدة التي تشتري الذهب المعني، هناك أطراف أخرى ومنها البنك العربي.
حيث كل التحويلات المصرفية تمر عبر( ARAB BANK).ويبدو كل هذه المجموعات كأنها ملتزمة بالقوانين ذات العلاقة؛ والجمارك السويسرية هي الأخرى طرف في التهريب ؛لعدم البحث عن المصادر الأصلية للذهب بل تكتفي بإعلان (M.M Multitrade) لتصادق على صحة المصدر.
على اية حال ، ليس على السلطات السويسرية القيام بمهام نظيراتها البوكينية والتوجولية العاجزة عن منع تهريب مواردها بدون الضرائب.سويسرا تستورد الذهب من جميع أنحاء العالم دون الاهتمام عن مصادرها ؛ إلا بضغط من المنظمات غير الحكومية والأوساط المدنية ،أو السياسية،وهذه التحقيقات انطلقت من إحصائيات استيراد سويسرا للذهب عام 2014م.
على أن هذه التحريات بدأت في أكتوبر 2014 م بعد الإطاحة بنظام كمبوري ،وكان يتوقع من الحكومة الانتقالية الاهتمام بالموضوع ،ولم يحدث ذلك إلى أن تولى روك مارك كرستيان كبوري عمقاليد الحكم.
ومع ذلك لم يحظ الموضوع باهتمام من وسائل الإعلام ،لا في سويسرا ولا في بوركينا، غير تناوله في الصحيفتين (Mutations ; Le Reporter).
لكن يجب على السلطات الجديدة ‘وعلى رأسها رئيس كبوري ،السعي لاستعادة أموال الدولة من المهربين بتورط بعض الموظفين والسياسيين الفاسدين.
مربك للغاية مشاهدة زعماء دول تشتكي الفقر ،ويتفنن زعماؤها في التذلل والخنوع لكسب المساعدات بينما يعجزون عن الحيلولة دون انسياب الموارد القليلة التي يملكونها.
وإضافة إلى الخسائر في الضريبة تقوم الحكومة بإعفاء الضرائب عن المؤسسات العاملة في المناجم في معزل عن رأي العام.
ولكن لن نرضى بمزيد من انسياب مواردنا – بمباركة من حكوماتنا – إلى بلدان مثل سويسرا التي تعمل على تعزيز فقر دولة مثل بوركينافاسوو تدعي مساعدتها.
ومن ثم نستكين إلى عدم الإلمام بالموضوع ، ونظل على نشتكي من فقرنا ونتستر به على مشاكلنا البنيوية والتخلف.
وعلى أية حال ،فلن تسعى سويسرا لوضع حد للنهب الذي تستفيد منه رغم محاولة المنظمات غير الحكومية مثل (DB) لإلقاء الضوء على الطبيعة الإجرامية وغير العادلة في التبادل التجاري ،الذي لا يفيد غير الدول الغنية.
ومن هنا نعير عناية السلطات البوركينية الجديدة التي راجت ” لا شيء سيكون مثل السابق ” ، ولكن هذا الأمر لا يتحقق إلا بقوة الإرادة السياسية نظرا لكثرة التحديات التي تنتظر كبوري،وحكومة ما بعد كمبوري.
ونظرا إلى أن الذهب من الموارد القليلة التي تصدرها الدولة وذي تأثير الكبير على الاقتصاد؛لذا يتعين متابعته عن كثب.
وبعد نشر هذه التحقيقات ، يمكن للسلطات الجديدة إجراء تحريات بخصوص تهريب الذهب ؛لإنارة الرأي العام حول المشكلة ثم تأخذ تدابير المناسبة للحيلولة دون انسياب إيراد الضريبة التي تساهم في تنمية الدولة.
يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من خلال الرابط التالي:
Lemondealenversblog.com/2016/14/enquete-comment-la-suisse-vole-lor-du-burkina-faso-via-le-togo-video/