فينست دوهيم – جون أفريك
ترجمة: سعيد وادغو
لوران جباجبو, الذي يبلغ من العمر سبعين ربيعا, ضجر في زنزانته التي لا تتجاوز مساحتها عشرة أمتار في سجن شيفينغن , بعد مضي أربع سنوات فيها بداية من 27نوفمبر 2011م,حيث نقل من محل إقامته الجبرية في مدينة كوروغو شمال ساحل العاج إلى مقر محكمة العدل الدولية.
وعلى الرغم من مرور السنين الأربع لم يزل مقتنعا بأن فتح ملف قضيته يوم الخميس 28 يناير2016م في لاهاي(هولندا) سيكون فرصة له لاستعادة حقوقه. فالذين عاينوه مرارا يقرون بأنه لا يدرك حتى الآن العلة المانعة لإعادة فرز وعد أصوات الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية والتي أجريت في 28 نوفمبر2010م, العملية التي, حسب زعمه, كانت ستحول دون نشوب الحرب.
وقد صرح أحد زواره بأنه يرى أن ’’ثقل التهم الموجهة إليه مهين ,و الادعاء مشين’’, لذا يعتقد بأن الإجراءات القانونية ستنصفه, وأنه يتجسد مانديلا ومارتن ليتركنغ.
وفي السجن يطالع أمهات الكتب ,ويؤلف كتابه ( للحقيقة والعدالة) بصحبة الصحفي الفرنسي فرانسوا ماتيي. كما قرأ كذلك مؤلفات عن المسيح ، وكتابات عن السياسة والتاريخ كالسيرة الذاتية للمشير (مارشال زوكوف) ,المستشار العسكري لاستالين ,ويعتبر زوكوف الحائز على أكثر الأوسمة في التاريخ الروسي.
و قرأ كذلك بعناية ودقة, مع محاميه إيمانويل ألتية, ملف النائب الذي تضمن أربع تهم رئيسة لارتكاب جرائم ضد الإنسانية .على أن محاميه – والذي كان قد دافع عن الممرضات البلغاريات في ليبيا- يقوم بزيارة جباجبو كل أسبوع منذ عام 2011م , وذلك مهَد أرضية لبناء علاقة وثقة متبادلة .
استعدادات فريق الدفاع
وعلى رغم من الضعف الذي لوحظ عليه في الجلسة التحضيرية 14 يناير إلا أنه عبر مرارا: جباجبو مستعد ” اتهامي يستدعي امتلاك الأدلة…وعند امتثالي أمام القضاء سأبرز أدلتي ثم تحكمون”.
وقد سبق أن قام ألتية (المحامي الفرنسي) بتحقيقات قبل بدء الإجراءات القانونية في المحكمة العدل الدولية ,حيث جمع وبدعم من كثير المحققين في أبيدجان ,مجموعة أدلة مدعومة بالصور والفيديوهات وكتابات على عكس الفريق المقابل , إذ لم يكن ملزما للحصول على إذن مسبق لإجراء تحقيقاته في ساحل العاج.
وبعد تمكن فريق الدفاع من تحويل جلسة إثبات التهم إلى المحاكمة من خلال إثارة الشكوك بين قضاة المحكمة ؛يأمل المدافعون عن جباجبو تغيير معايير القوى لصالحهم. لكن أحد القريبين من الملف صرح بأن العمل بين مستشاري جباجبو وبين المدافعين عن بيلي جودي معقد للغاية.
وبعد ضم الملفين في مارس 2015م التحق شارل بيلي جودي ذو 44 ربيعا بمرشده في لاهاى بعد عام ؛ لاتهامه بتهم مماثلة ,وذلك قلب سير الإجراءات رأسا على عقب حيث أن “العمل بين مستشاري جباجبو وبين بيلي جودي معقد للغاية لسبب تردي العلاقة” ، حسب ما جاء على لسان أحد المقربين من الملف.
ويمكن تفسير ذاك التعقيد بينهما على ضوء عاملين أساسيين: أولا- تدهور العلاقة بين الفريقين حيث إن المحامي الفرنسي ألتية و”الإسرائيلي” نيك كوفمان (الذي يتولى ملف بيلي جودي منذ نهاية عام 2014م) كل منهما يكن العداوة ضد الآخر بسبب خلافات سابقة بينهما.
والعامل الثاني يكمن في عدم وجود التصور الموحد تجاه الإجراءات بين فريق الدفاع عن جباجبو وبين بيلي جودي.
ففريق الدفاع عن جباجب ومجموعة من أقاربه بما فيها عقيلته الثانية ندي بامبا , وظفوا كل الوسائل لتأخير القضية بينما اختار مستشارو بيلي جودي التعجيل.
ومما يبرهن على فقدان التواصل بين الفريقين أيضا كون جودي لم يبلغ عن تأجيل الجلسة المقرر من اللجنة التحضيرية إلى بعد إعلانه من المحكمة ” بعد أن احتجز البعض تذاكر السفر إلى أوروبا ” حسب أحد محاميه.
الدعم و التأييد من كثير الرؤساء الأفارقة
إن أقارب جباجبو يعتقدون بأن القضية تحاك في أروقة القصور الرئاسية الإفريقية وفي كواليس البرلمان الأوروبي مما جعل أحد المحامين يصرح بأن “مهمة الدفاع تتمثل في إقناع السياسيين بأنهم لا يسعون لإطلاق سراح مجرم”.
ولذلك قام الاستشاريون القانونيون والمدافعون عن جباجبو بجولة دولية طيلة أربع سنوات لكسب التأييد والدفاع عن قضيته , وقد لقيت دعواتهم آذانا صاغية وتأييد كثر من رؤساء أفارقة قدامى خمسة منهم وجهوا رسائل إلى السلطات الأوروبية بهذا الخصوص.
وتبوببوكي ، الوسيط في الأزمة العاجية ، في اتصال دائم مع موالين وأصدقاء جباجبو ، ويتلقى الأخبار عن طريق مستشارته القانونية موزنكوغومي ، وكذلك الرئيس السابق لغانا جيري رولنقز ،وبدرجة أقل الرئيس الغاني جون كيفور ، والموزمبيكي زواكيم شيسانو وتيسيفور سوغولو .
وقد أكد أحد المقربين من غبايغو بأن الرئيس الأنغولي زوزي إدواردو دوسانتوس يعمل وراء الكواليس ، وأن نظيره من غينيا الاستوائية يتعاطف معهم .
كما صرح أحد أصدقاء جباجبو :”نعمل مع السياسيين ، وخاصة الأفارقة ، لتغيير وجهة نظرهم “.
نزاهة محكمة العدل الدولية على المحك
وفي المقابل, وضعت نزاهة النائب ومحكمة العدل الدولية على المحك. فعلى رغم من العمل الدؤوب لمكتب فاطمة بن سودة مدعية المحكمة لمجلس الأمن والمكون من عشرات المحققين منذ أربع سنوات والذي تناول حتى الأحداث التي سبقت الانتخابات ، عانت القاضية الجامبية لإقناع القضاة بواقعية التهم ، وذلك جعل فريق جباجبو يطمع في الحصول إطلاق السراح المؤقت لصالح الأخير.
وما يخص الفريق المقابل الحسن وتارا ، الرئيس الحالي لساحل العاج ، فتصله الأخبار عن طرف المحامين؛ جان بول بينوا ، والمحامي جان بير مينيارد ، ومن وزير العدل نياتيما كولوبالي ، ومن خلال مدير مكتبه الخاص مارشال أمون تانو، ومن مستشاره القانوني محمد دياني الذي أبدى عدم ارتياحه وقلقه تجاه بطء سير الإجراءات القضائية.
ويرى فرنك هيرمان إيكرا ، المستشار الأسبق لرئيس لجنة الحوار إظهار الحقائق والمصالحة (CDVR) ، أن لجان بن سودة لم تؤد العمل حسب المعطيات الضرورية لعدم معرفتها الجيدة بساحل العاج، وإلا كيف يمكن تفسير عدم اتخاذ مكتب مناوب في أبيدجان من طرف كاتب محكمة العدل الدولية إلا في أكتوبر عام 2014م أي بعد بدء التحقيقات بثلاث سنوات ؟! وبعد تعيين محامي المتضررين القاضي إيبيفان زورو- بي بصفة الخبير ؛ على رغم من قربه من الحزب الحاكم .
ولكن مصدر قرب من الرئيس الحالي يرى أن الملف متكاملا هذه المرة ، وسبق في عام 2013م أن تم الاعتراض على الملف ، وحيث صرح قائلا:” ليس مستغربا ، إنه فوضى ، وغير دقيق” … لكنه هذه المرة أكد المصدر ، لذي ساعد معاونوه مكتب النائب للحصول على بعض الأدلة، “أن الملف يتضمن الآن تقديما رائعا وخلاصة “.