هيلاري ماتفيس
ترجمة راقب
بعد شهور من محاكاة مقاطع الفيديو والتكتيكات الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام المعروفة إعلامية باسم (داعش)، أعلنت جماعة بوكو حرام النيجيرية في 7 مارس الحالي بيعتها لتنظيم داعش عبر تسجيل صوتي. وتزامن الإعلان مع هجوم متجدد على مدينة مايدوجوري، حيث نفذت بوكو حرام أربع تفجيرات انتحارية.
واليوم، يبدو أن داعش قد قبل بيعة بوكو حرام. لا يزال مدى الشراكة بين بوكو حرام وداعش غير واضح، لكن الإعلان يسجل لحظة هامة في تطور تمرد بوكو حرام.
ما بدأت كطائفة منشقة محصورة في منطقة صغيرة بولاية بورنو أصبحت الآن قوة قوامها بين 4000 إلى 6000 مقاتل تتحكم في مساحة شاسعة من الأراضي النيجيرية، ونفذت هجمات إقليمية، وترعى الآن صلات “إرهابية” دولية. أظهرت البيانات ومقاطع الفيديو الأخيرة الصادرة عن بوكو حرام محاكاةً لأسلوب داعش في الدعاية، فمن ناحية الأسلوب، عزز بوكو حرام احترافه وتعقيده بل واستخدم نفس المقاطع الصوتية التي يستخدمها داعش في “افتتاحيات” أفلامه.
تلك الأنواع من المحاكاة قد تكتب أوراق اعتماد بوكو حرام دوليا، لكن مدى الدعم الذي قد يلقاه التنظيم داخل نيجيريا نتيجة نشر تلك المقاطع المصنوعة ببراعة سيأخذ وقتا أطول لمعرفته. يستخدم ثلث الشعب النيجيري تقريبا خدمات الإنترنت، رغم الزيادة السريعة لمعدل إنتشار خدمات الإنترنت في البلاد. ومن شبه المؤكد أن معدلات استخدام الإنترنت أقل في الشمال الشرقي للبلاد، حيث معقل بوكو حرام، لكن معرفة صلاته بداعش عبر منافذ أخرى سوف يضفي المزيد من الشرعية لبوكو حرام.
اعتمد التنظيمان خلال الأشهر الأخيرة على استراتيجيات تسعى إلى السيطرة على المزيد من الأراضي، بدلا من القيام بذلك النوع من الهجمات المثيرة التي تستهدف أهدافا غربية، وهو ما ميز القاعدة وتابعيها. وبينما اعتمد تتظيم القاعدة على تمويل المتبرعين، يعتمد داعش على بيع النفط في السوق السوداء والأنشطة غير الشرعية الأخرى لتمويل عملياته، وخلال الأشهر الأخيرة بدا تمويل بوكو حرام متصلا على نحو متزايد بـ”الشبكات الإجرامية” في منطقة الساحل، وتكمن قيمة بيعة داعش بالنسبة لبوكو حرام بشكل أقل في المساعدة العملياتية المحتملة وبشكل أكبر في تسهيل اجتذاب المزيد من المتطوعين عبر ذلك الاتفاق.
عبر تقديم البيعة، يقبل بوكو حرام سلطة وشرعية الخلافة التي أسسها تنظيم داعش. ومن المرجح أن يعزز ذلك الاتفاق شرعية وجاذبية بوكو حرام في نيجيريا وجميع أنحاء منطقة الساحل. وبينما ظهرت الكثير من المحاولات لتفسير جاذبية داعش وقدرته على جذب المتطوعين الخارجيين. أظهرت صحيفة “بوسطن جلوب” الأمريكية، توافقا مبدئيا على أن التنظيم تمكن من خلق “فكرة واضحة – وبالنسبة للبعض، مقنعة- عن المواطنة وبناء الدولة في منطقة محرومة بالكامل تقريبا من كلاهما”.
تجري نفس العملية في نيجيريا. ورغم عودة نيجيريا إلى الحكم الديمقراطي عام 1999، إلا أن ثقة المواطنين في الحكومة منخفضة. حيث تظهر بيانات إحصائية جمعها المشروع البحثي “أفرو باروميتر” أن 45 بالمئة من النيجيريين يصفون حكومتهم بأنها “سيئة للغاية” في إدارة الاقتصاد. وأوضح حوالي ربع المشاركين (24 بالمئة) أنهم لا يثقون في الرئيس، جودلاك جوناثان، مطلقا، وهي نسبة جديرة بالملاحظة عندما نضع في الاعتبار أن ذلك الإحصاء لا يمثل الرأي العام النيجيري أثناء تصاعد أزمة بوكو حرام في 2014. وتحديدا في معظم المناطق الشمالية من نيجيريا التي تعتبر متخلفة اقتصاديا نسبيا، ما سمح لبوكو حرام باجتذاب الدعم في سنواته الأولى على أساس رفض الحكم الجائر.
تظهر الإحصاءات المقارنة بين شمال وجنوب البلاد تباينا بين مستويات التنمية في كلاهما، حيث تبلغ نسبة الذين يستطيعون القراءة والكتابة في مدينة لاجوس الجنوبية 92 بالمئة، بينما تصل النسبة إلى 49 بالمئة في مدينة كانو، العاصمة التجارية الشمالية، وأقل من 15 بالمئة في بورنو، حيث تتمركز أزمة بوكو حرام. ومثلما يستخدم داعش الشعارات البلاغية والتاريخية التي تجتذب المجتمعات المسلمة على نطاق واسع، ليصف تحديدا القوة التاريخية لدول الخلافة الاسلامية، تمكن بوكو حرام من اجتذاب الدعم ضد الدولة النيجيرية على أساس وصف الدولة بعدم الكفاءة وكونها غير إسلامية.
دشنت دولتي نيجيريا وتشاد يوم الأحد 8 مارس هجوما على بوكو حرام في شمال البلاد، وبعد أربعة أيام، أعلنت الأمم المتحدة دعمها للقوة الإقليمية للاتحاد الأفريقي. ويناقش مراقبون دوليون حاليا حول هل تستدعي بيعة بوكو حرام لداعش تدخلا أمريكيا في الصراع. إلا أن تلك الاستجابات تتجاهل في النهاية جذور التمرد، مثلما فعل المراقبون الخارجيون منذ ظهور بوكو حرام.
يكمن الفهم الأعمق للجاذبية والنمو الفكري لبوكو حرام في مدى عدم كفاءة الدولة النيجيرية في مواجهة “الإرهاب” عبر ممارستها للعنف الخارج عن القانون وانتهاكات حقوق الإنسان ضد المدنيين في الشمال. أدت تلك الانتهاكات إلى تعزيز مزاعم المتمردين بأن الدولة فاقدة للشرعية. وبينما من غير المحتمل أن تغير البيعة من سمات التمرد النيجيري بشكل جذري، إلا أنها ستضخم تلك الرسالة الخطرة.
يمكن الإطلاع على المقال الأصلي من هنا