مورجان وينسور ـ إنترناشيونال بيزنيس إنسايدر(*)
ترجمة: قراءات إفريقية
حصل الرئيس النيجيري محمد بخاري على تقييمات متفاوتة عن أدائه في المائة يوم الأولى من حكمه بعدما مثلت رئاسته أول حالة من انتقال السلطة بصورة ديموقراطية في تاريخ البلاد. وبخاري البالغ من العمر 72 عامًا قد اتخذ خطوات للقضاء على الفساد الإداري في البلاد بالإضافة إلى ملاحقة عناصر تنظيم بوكو حرام التي شنت عمليات تمرد منذ 6 سنوات، ولكنه لم يضع حتى الآن خطة لتعافي الاقتصاد المتدهور في البلاد كما يقول خبراء ومحللون.
فيقول روناك جوبالداز المحلل ببنك راند التجاري بجنوب إفريقيا أن “جهود بخاري لمكافحة الفساد لم تكن على المستوى المطلوب حيث كان متوقعًا منه أن يكون قائدا أكثر حسمًا من سلفه، فكرئيس شن حملته تحت شعار التغيير، وخاصة في النواحي الأمنية والاقتصادية، إلا أن المعضلة الكبيرة والتي يراها الجميع تظل هي الاقتصاد والتي تفتقد البلاد الشفافية والوضوح لمعالجته”.
وقد انخفضت العملية النيجيرية أمام الدولار في بداية سبتمبر وصعدت السوق الموازية وسط طلب متزايد على العملة الأمريكية في البلاد، وارتفعت أسعار السلع بسبب تباطؤ الاقتصاد الصيني وهو ما دفع أسعار المواد الخام مثل النحاس والنفط إلى الهاوية. وقد فقدت العملة المحلية “النايرا” حوالي 15% من قيمتها على مر العام الماضي، مما أدى إلى تفاقم التضخم بالرغم من إنفاق البنك المركزي المليارات لدفع العملة والحفاظ على سعرها.
وقد أعلن مركز الإحصاءات النيجيري أن النمو السنوي للبلاد قد انخفض في الربع الثاني بنهاية أغسطس إلى 2.35% مقارنة بـ 6.54% في الفترة ذاتها من العام الماضي، كما أن اعتماد البلاد على النفط وحده وضع الاقتصاد على المحك في أعقاب الانخفاض العالمي للأسعار وتوقعات تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، التي تعد ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم. كما انخفضت العائدات الفيدرالية النيجيرية أيضًا بمقدار 30% حيث تمثل صادرات النفط والغاز 90% من إجمالي الحاصلات النيجيرية من العملة الأجنبية و70% من عائدات الحكومة ككل. وتحاول الحكومة النيجيرية بالتدريج تنويع اعتماد اقتصادها على النفط لتصبح أكثر اعتمادًا على الخدمات عن طريق تجارة التجزئة والجملة والعقارات وتقنية المعلومات والاتصالات. ولكن يظل النفط هو المصدر الأساسي للدخل لذلك يجب على بخاري أن يطور رؤية شاملة بشأن سياساته الاقتصادية.
وقال نائب الرئيس يمي أوسينابجو أن اقتصاد بلاده في أسوأ حالاته منذ 55 عامًا منذ استقلال البلاد ويتوقع أن يصل الدين إلى 60 مليار دولار. وقد ألقى بخاري بلائمة ذلك على سلفه وعلى فساد قطاع النفط، كما اتهم الرئيس السابق جودلاك جوناثان بترك خزانة البلاد خاوية على عروشها، مما أجبر موظفي الحكومة على البقاء بدون رواتب لعدة أشهر لهذا العام.
وبخاري الذي عمل في السابق كوزير للنفط أقال كل مجلس إدارة ومجلس المدراء التنفيذيين لشركة النفط النيجيرية التي تدير القطاع في البلاد وهي “شركة النفط الوطنية النيجيرية”، وعين محام تلقى تعليمه في جامعة هارفارد كمدير إداري جديد لقيادة عملية الإصلاح. وقد كشف تقرير أمريكي عن حجم الفساد في قطاع النفط حيث قال أن شركة النفط الوطنية حصلت على 12.3 مليار دولار من مبيعات 10 مليون برميل نفط على مر 10 سنوات، ولم يختر بخاري وزيرا للنفط حتى مطلع سبتمبر وهي الوظيفة الأهم التي ظلت شاغرة في الحكومة حتى كتابة هذه السطور.
ويقول أليكساندر جيليس مدير البرنامج الحكومي بعهد المصادر الطبيعية النيجري أن “الوزير يعد محوريا في أي أجندة إصلاح للقطاع النفطي، فسوء إدارة القطاع النفطي وصل إلى مستويات حرجة لذلك يجب عمل الكثير من أجل إصلاحه، فهذا القطاع الهام بحاجة إلى إعادة هيكلة وهذا يتطلب رؤية واضحة يجب أن تتم انطلاقا من داخل وزارة النفط ذاتها”.
وقد زار بخاري وإدارته واشنطن العاصمة بنهاية يوليو الماضي والتقوا بالرئيس باراك أوباما في البيت الأبيض لمناقشة مواضيع مختلفة بما في ذلك الاقتصاد النيجيري، ومحاربة الفساد ومكافحة جماعة بوكو حرام الإرهابية، ويقال أن أوباما قد أعطى للرئيس بخاري أسماء لصوص النفط النيجيري والذين سرقوا أموال البلاد وكدسوها في البنوك الغربية، وذلك طلقا لصحيفة ذي بانش النيجيرية والتي نقلت تلك المعلومات عن مصادر داخل الحكومة النيجيرية.
ومنذ تولي بخاري منصبه في مايو الماضي فإنه قد بذل جهودا لإعادة إحياء الحملة الحكومية ضد بوكو حرام واستعاد الجيش النيجيري أراض من الجماعة المتطرفة كات قد استولت عليها، وقد التقى بخاري بنظرائه في تشاد والنيجر ومؤخرا الكاميرون، وهي الدول الثلاث المجاورة والتي عانت أيضًا من هجمات الجماعات المسلحة وذلك من أجل حشد الجهود لمواجهتها. وقد صرح الجيش النيجيري أن قواته قد استعادت جامبورو نجالا من جماعة بوكوحرام، وهي مدينة محورية على الحدود مع الكاميرون.
وتم اختير القائد النيجيري الجنرال إليا أبا في يوليو الاضي ليقود قوة متعددة الجنسيات قوامها 8700 جندي تشتمل على جنود من بنين والكاميرون وتشاد والنيجر ونيجيريا، وتلك القوة الإقليمية من المتوقع أن يتم نشرها في المعارك قريبا، بالرغم من أن الحكومة لم تحدد موعد بعد لأسباب تكتيكية.
وفي يونيو لماضي أعاد بخاري قيادة مركز القيادة النيجيري إلى مايدوجوري وهي عاصمة ولاية بورنو الشمالية، والتي كانت معقلا لعمليات بوكوحرام. كما استبدل أيضًا كبار قادة الجيش في أغسطس الماضي في حاولة لاقتاع بوكوحرام في غضون ثلاثة أشهر. ولكن يقول أندرو نوكس منسق شبكة المحللين الأمنيين النيجيريين أن ذلك شبه مستحيل، ولكن يقول أيضًا أن الرئيس قد حقق تقدمًا كبيرًا.
وأضاف أن الرئيس “استطاع في وقت قليل أن يحقق نجاحات كبيرة بالتركيز على الأسباب المهيئة للتمرد ليس فقط أعراضه، كما قام بترقية ضباط جدد في أعلى المناصب في الجيش وأعاد تقسيم القياد العسكرية في شمال شرق البلاد، ولذلك يجب أن ننتظر لنرى إذا ما كانت تلك التغيرات سوف تؤتي أكلها أم لا”.
(*) يمكن الاطلاع على المقال الأصلي من هنا