محمد العقيد
مدخل عام:
المرأة صِنْـوُ الرجل منذ بدء خَلْق الإنسان؛ وإنْ تمايز جنس كلٍّ منهما ببعض الخصائص، قال الله تعالى: ﴿خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾ [النساء : 1]، وقال تعالى: ﴿وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى﴾ [النجم : 45]، فمبدأ الخَلْق من نَفْسٍ واحدة يحسم جدالاً عقيماً حول طبيعة المرأة، ويُبطل كلّ إنكارٍ لكونها بشراً، أو تشكيكٍ في إنسانيتها وأنها مساوية للرجل في ذلك.
والزوجية تعني: تفرّد كلٍّ من الزوجين (الجنسَيْن) بخصائص نفسية وبيولوجية تناسب وظيفته ودوره في تناسلهما، ﴿وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء﴾ [النساء : 1]، كما تعني أنهما شريكان في حمل رسالة السماء، وعمارة الأرض بها، فالعمارة ليست وقفاً على التناسل والتكاثر، كما أنّ مسؤولية حمل الرسالة وعمارة الأرض بها ليست وقفاً على أحدهما دون الآخر، فالمساواة فيهما قائمة بين الذكر والأنثى، فالخطاب الإلهي وما يتضمّنه من تكليف ومسؤولية يشملهما معاً، ﴿وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ {35} فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ {36} فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ {37} قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ [البقرة : 35 – 38].
﴿قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى {123} وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى {124} قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنتُ بَصِيراً {125} قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى {126} وَكَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ أَسْرَفَ وَلَمْ يُؤْمِن بِآيَاتِ رَبِّهِ وَلَعَذَابُ الْآخِرَةِ أَشَدُّ وَأَبْقَى﴾ [طه : 123 – 127].
هذه الوضعية والوظيفية العامّة والخاصّة لكلٍّ من الذكر والأنثى، وما يترتّب عليها من التزامات وواجبات وحقوق لكلٍّ منهما، كانت موضع خلاف واختلاف، وبخاصة مكانة المرأة ودورها وحقوقها، في فكر الإنسان وفلسفاته، لاختلاف مرجعياته ومنطلقاته، تشكّلت على ضوئها الأعراف والتقاليد، وسُنّت القوانين، وترتبت عليها آثارٌ عملية في نُظُم الحياة العامّة، الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، في حضارات الأمم والشعوب، بمراحل التاريخ المختلفة.
وعانت المرأة بسبب ذلك المهانة في كلّ زمانٍ ومكانٍ – إلا قليلاً – منذ فجر الحضارات، حتى جاء الإسلام، فبوّأها منزلة الكرامة الإنسانية، وكَفَلَ لها حقوقها، وجعل النساء شقائق الرجال، وجعل الجنّة عند أقدام الأمهات.
إلا أنه بعد انتهاء عصر صدر الإسلام سرعان ما تغيّر الأمر بشأن المرأة ومكانتها وحقوقها، واحتدم الجدال بشأن دورها ومشاركتها في الحياة العامّة، وتقلّصت مساهماتها في عملية التنمية والنهوض بالمجتمعات.
لا مِرَاء في أنّ المرأة تمثّل واحدة من أهم شرائح المجتمع والقوى الفاعلة والمؤثرة في جوانب الحياة المختلفة والنهوض بها، تتباين مكانتها، ويختلف دورها بحسب بيئاتها، وما يحيط بها من عوامل، وبسبب ما طرأ على المجتمعات من متغيّرات وتطوّرات سياسية واجتماعية واقتصادية وغيرها.
في العصر الحديث أصبحت قضية المرأة مجالاً للبحوث والدراسات من منظورات مختلفة، تتقاذفها تيارات متباينة بدعاوى شتَّى، لا تكاد تميّز بين الطيب من الخبيث منها، وما هو على الحقّ وما هو باطل، والذي يقودها إلى الغيّ والضلال من الذي يهديها إلى سُبل الرشاد.
وفي هذه الدراسة حرص الباحث على التركيز في النقاط الجوهرية في قضية المرأة ومشاركتها في التنمية والنهوض بالمجتمعات في إفريقيا، استناداً إلى ما تتسم مرجعيته بالصدق والثبات، قياساً على مرتكزات سنّة الحياة في خَلْق الإنسان وفطرته، ووظيفته في عمارة الأرض، ودور كلٍّ من زوجيه الذكر والأنثى، وما أُودعه من خصائص وقدرات وإمكانيات مميزة لكلّ جنسٍ عن الآخر، ومكملة للزوجية القائمة بينهما تحت حقيقة الإنسانية والمساواة فيها.
أولاً: دور المرأة الإفريقية، ومحدداته في النهوض بالقارة وتنميتها:
المرأة بصورة عامّة، والإفريقية بصورة خاصّة، تتضاعف التعقيدات عند تناول قضاياها ودورها في الحياة من منظورٍ عادلٍ وموضوعيّ، وخصوصاً على مستوى الفهم والتحليل والتقييم، لخضوع الحقائق المتصلة بها للعديد من التشوّهات والتناقضات والتفسيرات القاصرة في كثيرٍ منها، وتباين المرجعيات التي يُستند إليها والمعايير التي يُقاس عليها، وعدم تجرّدها أحياناً من ناحية، واختلاف الواقع من بيئة لأخرى، ومن زمانٍ لآخر؛ من ناحية ثانية، وتعدّد العوامل المؤثرة في وضعية المرأة؛ من ناحية ثالثة.
أصبحت قضية المرأة اليوم ومكانتها ودورها في الحياة من أبرز قضايا صراع الحضارات وتجاذب الثقافات، إذ تكاد تتلاشى عندها خصوصية كلّ أمّة في بناء مجتمعاتها، وتحديد علاقاتها وفق معتقداتها وعاداتها وتقاليدها، فهنالك أكثر من منظورٍ لتصوير حياة النساء في إفريقيا، منها ما هو محلّي الطابع؛ كالمنظور الوثني، والمنظورات القبلية والطبقية والعرقية، ومنها ما هو وافدٌ على البيئة الإفريقية؛ كالمنظور الاستعماري ومنظور الليبرالية الغربية، وأخيراً العولمة، وهنالك ما هو مشترك، شهدته معظم الحضارات وتاريخ الأمم والشعوب، وأبرز ما يمثّل ذلك هيمنة الأديان وسيادتها.
إنّ أخطر ما يواجه المرأة اليوم أن تُبدّد طاقاتها أو أن تُوجّه مشاركاتها إلى ما يجعل منها وبالاً عليها وعلى مجتمعاتها، وهذا ما يؤكد ضرورة التركيز؛ ليس في أن تشارك بصورة مطلقة؛ وإنما في المشاركة الإيجابية والتنمية الحقيقية، وما ترتكز عليه من أُسس سليمة، وضوابط تحكمها وفق تلك الأسس، وذلك ما يدعو إلى النظر في طبيعة كلّ منظورٍ، ومدى اتساقه في منطلقاته ومفهوماته مع السنن الكونية المطلقة المتصلة بخَلْق الإنسان وفطرته وسويته النفسية، وفهمه لدوره ومسؤوليته في عمارة الأرض، وخصائصه العامّة المشتركة بين جنسَيْه (الذكر والأنثى)، وما يتميّز به كلٌّ منهما من خصائص وفروقات يتكامل بها مع الآخر في النهوض بحياة الإنسان واستدامتها، والقيام بوظائفها العامّة، ووظائفها الخاصّة (التناسلية)، وما يترتب عليها من وضعية مناسبة لكلٍّ منهما؛ لا تلغي مبدأ مساواتهما أو تنقص منها في إنسانية كلٍّ منهما.
إنّ المنظورات السابقة تمثّل محدّدات لوضعية المرأة الإفريقية وفعاليتها في النهوض بالقارة الإفريقية، وهما أمران متلازمان؛ ففعالية المرأة تتوقف على وضعيتها التي تتشكّل وفق ما هو سائد في المجتمعات من معتقدات وثقافات وعادات وتقاليد، وما ينتقل إليها من مؤثرات خارجية، وما يحيط بها من ظروفٍ مادية وغيرها، وما يطرأ عليها من متغيّرات وتطوّرات.
المرأة الإفريقية والديموغرافيا:
تجاوز التعداد السكاني لقارة إفريقيا مليار نسمة، تُمثّل المرأة أكثر من 50% منه، فقد بلغ عدد النساء في إفريقيا 515.922 مليون امرأة عام 2010م، في شمال إفريقيا 99.599 مليون امرأة، وفي إجمالي منطقة جنوب الصحراء 416.324 مليون امرأة؛ منها في شرق إفريقيا 171.976 مليون امرأة، وفي غرب إفريقيا 151.301 مليون امرأة، وفي وسط إفريقيا 62.814 مليون امرأة، وفي جنوب القارة 30.233 مليون امرأة[1].
وبحسب تقرير البنك الدولي فإنّ نسبة المرأة عام 2011م بلغت 51,1% من التعداد الكلّي للسكان في إفريقيا[2]، وهي نسبة تتضمّن مخاطر وقيوداً عديدة بالنسبة لنهضة القارة الإفريقية، كما أنها تهيئ للمرأة أن يكون لها دورٌ فاعل في النهوض بالمجتمعات الإفريقية، والقارة بأسرها؛ بشرط أن يتوفر لها الاهتمام بها وبدورها في التنمية، ووضع ذلك على سلّم أولويات التخطيط والاستراتيجيات في شتّى المجالات؛ فحجم السكان يُعَدّ من أهم معايير التنمية الشاملة والمتواصلة في المجتمع، بجانب الكفاية والمشاركة والمبادرة من جانب أعضائه وأفراده.
القبيلة والعِرْق والتنشئة الاجتماعية:
لا يمكن فهم وضع المرأة ومشاركتها في تنمية مجتمعاتها والنهوض بالقارة إلا في سياق البنية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية في المجتمع الإفريقي، وهذا يعني – ضمناً – العِرْق والقبيلة، والعادات والتقاليد التي تُمارس، بما في ذلك النُّظُم الاجتماعية السائدة، والتي تتشابه كثيراً في ثقافاتها؛ «ولذلك فإنّ معظم الممارسات المتعلقة بالعادات والتقاليد، والتي يمكن تحقيقها في دولة، يمكن تحقيقيها في دولة مشابهة أخرى في القارة، ولكن هذا لا يستثني، بأي حال من الأحوال، حقيقة الفوارق الثانوية التي توجد هنا أو هناك»[3].
وبحسب ما توصل إليه بعض المستكشفين والباحثين والدارسين؛ وُجد في إفريقيا أكثر من 7400 قبيلة[4]، وتُعَدّ القبيلة من أهم مكوّنات البناء الاجتماعي في القارة، وتُعَدّ التنشئة الاجتماعية للمرأة من أهم العوامل المؤثرة في وضع المرأة، وهي في طبيعتها تنشئة قَبَلية عِرْقية، تحكمها العادات والتقاليد[5] التي تمثّل أطراً عامّة، تحدّد وضع المرأة ودورها ووظائفها وعلاقاتها في الحياة الاجتماعية، «وتُعَدّ الأسرة وحدة مهمة في عادات وتقاليد كلّ قبيلة، وهي مؤسسة للتكافل الاجتماعي، لا يقتصر تكوينها على أساس النقود وحدها، فهناك قِيَمٌ أخرى ترتبط بها وتسود من خلالها؛ كالاتحاد، والذاتية، والصبر، والكرامة»[6].
تبرز من خلال العلاقات الاجتماعية الإفريقية التقليدية أهمية العمل الميداني ومشاركة المرأة فيه في كثير من المجتمعات الإفريقية، سواء في الزراعة أو الرعي، والمساعدة الاجتماعية وأهمية وجود الطفل عن الرجل المسنّ، الأمر الذي يقوّي من تنامي اتجاهات زيادة المواليد، وتعدّد الزيجات وفق العادات القبلية والزواج المبكّر للمرأة، والتي تقوى مكانتها بناءً على قدرتها على الإنجاب المتعدد، كما أنها هي التي تتحمل تكاليف تربية الطفل.
ويلاحظ في منطقة الإبو في نيجيريا مثلاً «أنّ الزوج والزوجة يعملان بالزراعة، بينما تتحدد مهام أخرى على أساس الجنس، ولهذا نجد أنّ الطلاق أقلّ منه بين شعب يوروبا، حيث لا تعمل المرأة على الإطلاق بالزراعة، وإنما تشتغل ببعض الحرف أو التجارة، ويكون لها دخلها الخاص الذي تتصرف فيه باستقلال عن زوجها، وتفيد منه لصالح دعم مصالحها ووضعها الخاص هي وأطفالها الصغار»[7].
ومن ناحية أخرى؛ يتفاوت تأثير القبيلة ودورها في التنشئة الاجتماعية للمرأة من بيئة لأخرى، فالمجتمعات الحضرية يقلّ فيها أثر العادات والتقاليد القبلية عنها في المجتمعات الريفية، ولذلك تتجه مشاركات المرأة إلى مجالات أخرى.
البنيات التحتية والخدمات والبيئة الإفريقية:
إنّ مما يحدّ من دور المرأة الإفريقية وفعاليتها في النهوض بالقارة ضعف البنيات التحية (الطاقة، النقل، المياه، الصرف الصحي)، والمشكلات البيئية (الجفاف، والتصحّر، والأوبئة والأمراض)، يشير تقرير للبنك الدولي[8] إلى أنّ المرأة في الريف الإفريقي تعاني المشي على الأقدام، واستهلاك وقت وجهد كبيرين في التنقل بما يساوي 65% من الوقت المتاح للأسرة، وقد وُجد في الكاميرون أنّ المرأة التي تعيش في قرية على الطريق الرئيس تكسب مبالغ أكثر من الأخرى التي تعيش في قرية تبعد تسعون دقيقة عن الطريق[9].
وتقضي المرأة والبنت ما يعادل 700 ساعة في العام في جلب المياه في غانا، و 500 ساعة في تنزانيا، و 200 ساعة في زامبيا، وبحكم أنّ المياه تُعَدّ المكوّن الأساسي في معالجة الغذاء والاقتصادات المتصلة بالأسرة والسوق التي تشتغل فيها المرأة؛ فإنّ النقص في المياه المتاحة للمجتمعات لا تفاقم عبء المرأة والبنت الزمني فحسب، بل تؤثر في معيشتهنّ بشكل كبير.
ضعف الأسواق وضعف تنظيم الأعمال التجارية:
عادةً ما تشكو المرأة الإفريقية صاحبة المشاريع الصغيرة من ضعف الطلب على منتجاتها[10]، وعدم قدرتها على الوصول إلى الأسواق بسبب الطرق والمواصلات، إضافة إلى عدم امتلاكها المعلومات الخاصة بالسوق عن المنتجات والمدخلات، وغياب التقنيات المحسّنة للحفظ ومرافق التخزين القريبة من الأسواق، ما يشكّل عائقاً أمام زيادة الإنتاج.
ومع أنّ المرأة الإفريقية تمتلك أنواعاً مختلفة من الجمعيات، في القطاع المنظّم وغير المنظّم والقطاع الاجتماعي، فلا يزال إسهامها الاقتصادي ضعيفاً للغاية[11]، لأنّ هذه الجمعيات التي يتمّ فيها جمع المال والعمالة اللازمة لتعظيم الإنتاج والتشبيك الاجتماعي ضعيفة القدرات، واهتمامها الأكبر بالمصالح الاجتماعية؛ بدلاً من البحث عن حلول لدعم المشروعات الصغيرة للمرأة الإفريقية.
ثانياً: المرأة الإفريقية في المنظور الوثني، ودونية المرأة في الأرواحية الإفريقية:
الوثنية، أو (الأرواحية الإفريقية)، أثقلتها القِيَم الإحيائية، وكبّلتها أغلال المحرمات (التابو)، وروابط العشائرية الطوطمية، وحالت دون نهضة المجتمعات وتقدّمها، ونالت المرأة من ذلك أكبر النصيب؛ فقد أضعفت وضع المرأة، وعلاقاتها الاجتماعية، ودورها في الحياة، بعض المظاهر السلوكية والعقدية للمجتمعات الأرواحية (الفتشية)، وخصوصاً في إفريقيا جنوب الصحراء، وعلى سبيل المثال (تابو العلاقات الجنسية)، حيث حرّمت الأرواحية الجماع بين الرجل وزوجته آخر أيام الحمل، لمدة قد تستمر لسنتين كاملتين أو أكثر بعد الولادة، باعتبار أنّ الجماع في هذه الفترة يؤذي الرضيع ويَضّر به، كما اعتبرت الأرواحية تعثّر المرأة عند الولادة دليلاً على ارتكاب خطيئة؛ مثل الزنا أو السرقة!
وقد قضت قِيَم الميراث الأرواحية بحرمان المرأة من وراثة الأموال التي تشكّل عناصر الثروة الرئيسة، فقد جرى العرف في المجتمعات الرعوية بحرمان المرأة من وراثة الماشية، وفي مجتمعات الهوتنتوت – على سبيل المثال – كان الإرث حقّاً للذكور دون الإناث، وذلك في سائر الأموال والممتلكات، وكان ينظر إليها باعتبارها مجرد مولّدة ودابة؛ كما في وصف جوزه منديسموريرا في غينيا – بيساو[12].
ثالثاً: المرأة الإفريقية في منظور الاستعمار الغربي وسياساته:
كانت نظرة الاستعمار للأفارقة أنهم شعب متخلّف غير قابل للشفاء، وغير قادر على التواصل الحضاري في العصر الحديث مع الفلسفات والأفكار الحديثة، وكانت سياساته عوامل تدمير لكيان المرأة الإفريقية وشخصيتها نفسيّاً واجتماعيّاً وثقافيّاً وحضاريّاً، وأقعدتها عن المشاركات الإيجابية في تنمية مجتمعاتها.
وحقيقة الأمر أنّ إفريقيا لم تكن متخلّفة عند مجيء الاحتلال الأوروبي؛ فقد كان للمرأة مكانتها ومشاركاتها الفاعلة في الحياة، وخصوصاً في المجتمعات الإسلامية، فقد كانت تسود القارة «نُظُم حياتية سياسية واجتماعية واقتصادية متطورة، وقِيَم أخلاقية سامية، وسبقت إلى كثير من الصناعات والتعدين والابتكارات في مشاريع الزراعة والريّ والعمارة وغيرها، وبلغ قمة العطاء بعد الإسلام. فهذا التخلّف الثقافي، والتخلّف العلمي، والتخلّف في مهارة أداء العمل، ومشكلة التحضّر التي تواجه عديداً من الدول الإفريقية، هي آثار الاستعمار وما تركه من تخلّفٍ اجتماعيٍّ وثقافيٍّ وإنسانيٍّ»[13].
وبذلك يُعَدّ الاستعمار الأوروبي وسياساته سبباً رئيساً في تهميش المرأة وتخلّفها في إفريقيا ودول العالم الثالث؛ بل تدميرها بمنهجية وأساليب مدروسة، كما تعمّد الاستعمار الأوروبي تهيئة المرأة الإفريقية نفسيّاً لذلّ العبودية، من خلال عمليات البطش بالرجل – رمز القوة والحماية في حياتها – أمام ناظريها، وقتله بقسوة ووحشية لكي تغرس العبودية في أبنائها للرجل الأبيض، وتربّيهم على الذلّ والخنوع خوفاً أن يحلّ بهم ما حلّ بآبائهم وأقربائهم الكبار.
ولم تكن المرأة ضمن الاهتمام في سياسات الاستعمار التعليمية وفرص التدريب؛ لأنه كان يركز في إعداد موظفين من الرجال لمساعدته في إحكام سيطرته على البلاد وإدارتها بما يخدم مصالحه، فعطّل بذلك طاقات المرأة وقدراتها، كما أنه أفقدها دورها في الإنتاج وتسويق ما كانت تُساهم به من صناعات نسوية بسيطة وبضائع محلية؛ بإغراقه أسواق المستعمرات بالبضائع المستوردة بأسعار زهيدة، قضت على ما كان سائداً من المنتجات المحلية.
رابعاً: المرأة الإفريقية في منظور الليبرالية:
تمثّل الأفكار الليبرالية الخاصّة بقضايا المرأة ما كان شائعاً في المجتمع الغربي من انحطاطات فكرية، ومخالفات فطرية، وانحرافات تخصّ وضعية المرأة، وطبيعة العلاقة بينها وبين الرجل، وذلك من خلال مناداته بحرية المرأة وحقوقها وتمكينها، وإقصاء دور الدين والأخلاق عن سلوكها وعلاقاتها، فكان تركيزهم في حريتها الجنسية وعلاقاتها بالآخرين، وحقّها في تقرير مصيرها دون الالتفات لأية معايير أخلاقية، ولقد تحولت من مطالبات بحقوق المرأة المشروعة في التعليم والرعاية والصحة، إلى مطالبات بالانفكاك من كلّ قيد، وإدخالها في حالة صدام مع قِيَم المجتمع الذي تعيش فيه ومبادئه وشرائعه.
فالقضية في المنظور الليبرالي ليست قضية حريات أو مساواة؛ «بقدر ما هي مسألة أيديولوجية، تستهدف القضاء على الدين والمعتقد بالدرجة الأولى، والمرأة في هذه المعادلة ما هي إلا وسيلة يتم التخلي عنها عند أول اتفاق بين خيارات تلك المرأة والثابت الديني… وهي وسيلة يتخذها الليبراليون لغاية أكبر ترتبط في الأساس بتنفيذ الأيديولوجية الليبرالية المنادية برفع سلطة الدين عن الخيارات البشرية، فالمرأة مجرد رقم في المعادلة الليبرالية، وأداة نفعية تتعامل الليبرالية معها بشكلٍ ماديٍّ شهوانيّ، لا على أنها روح وعقل وقلب، فالليبرالية لم تنصف المرأة الغربية، بل أخرجتها من قهر عانت منه طويلاً إلى قهر أشد منه، فتحولت من كائنٍ مهمل مهضوم الحقّ، إلى كائنٍ مستغَل نفسيّاً وماديّاً»[14].
خامساً: المرأة الإفريقية في منظور العولمة:
العـولمة أيديولوجية بـديلة لاستئـصال الـهويـة وتلاشيها؛ تقوم على طمس الثقافات المحلية وما تحمله من عادات وقِـيَم وعـقائد وأخلاق، والتشكيك في مصداقية ما تستند إليه من مرجعيات وثوابت، وعولمة المرأة هو الجانب الاجتماعي والثقافي في (العولمة).
والمنظور العولمي للمرأة (الإفريقية وغيرها) يهدف إلى طمس شخصيتها، وتدمير كيانها الداخلي الخاص، وتكوينها النفسيّ، ووضعها في إطارٍ نفسيّ وقيميّ يتسم بالشذوذ، وتوجيه نشاطها الخاصّ والعامّ إلى ممارسات تجعل منها عامل هدم للمجتمعات، ولما قامت عليه حياة الإنسان من سنن كونية وسوية فطرية، وتوازن وتكامل بين قطبي الزوجية (الذكر والأنثى) في وظائف الحياة العامّة والنهوض بها، وهدم ما في ضوء ذلك من قِيَم أخلاقية وعادات وتقاليد، وما قام من علاقات اجتماعية، وما تشكّل من كيانات بنائية، وبخاصة الأسرة النواة الاجتماعية.
في إفريقيا سُخرّت المؤسسات الرسمية وشبه الرسمية وغير الرسمية (الاتحاد الإفريقي، والمنظمات شبه الإقليمية، ومعظم الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني النسوية وغيرها) لفرض مفهومات العولمة؛ من خلال التزامها بتنفيذ بنود الاتفاقيات الخاصة بالمرأة (سيداو.. وغيرها).
إنها «نـوع من الفعـل المسرحيّ الراقي والفعّال في البنية المجتمعية؛ تمارس الغـزو والفـتك؛ لتشويه الهـوية، ثـم القـضـاء عـليها؛ وذلك مـن خلال تـمرير مصطلحات وتقـديم النماذج؛ ولـنا الآن (مثال) في (الـجـنـدرsexe ) [بديلاً لمصطلح (الذكـر والأنثى) الذي يميّز النوع]، وذلك لشـرعـنة الشـذوذ الجـنسيّ»[15].
تسعى أمريكا والغرب لفرض العولمة ومفهوماتها على العالم الثالث، وبخاصة إفريقيا، وتُعَدّ الأمم المتحدة أخطر أدوات العولمة والهيمنة؛ فقد عملت منذ إنشائها على إيجاد نظام عقديّ وأخلاقيّ عالميّ، وتتحكم اليوم في معظم المؤسسات العالمية والإقليمية، وتفرض هيمنتها على الأنظمة الحاكمة في العالم من خلال ما سنّته من قوانين، وما أبرمته من اتفاقيات دولية، وما تقوم بتنفيذه من برامج في المجالات المختلفة.
مقتطفات من مقررات مؤتمرات واتفاقيات العولمة:
أ – وثيقة مؤتمر السكان والتنمية 1995م، والتي يترتب على إقرارها ما يأتي:
– إعادة صياغة جميع البرامج الخاصة بهذه الدول، سياسيّاً واقتصاديّاً واجتماعيّاً وتعليميّاً، ليتسق ذلك كله تبعاً لما ورد في التوصيات التي وافقت عليها الدولة.
– إبعاد وتنحية الجوانب الأخلاقية والدينية من كافة برامج التنمية والإسكان... مع ربط ذلك كله بزيادة السكان، وعلاقتها بالفقر، وأنّ الحدّ من النموّ السكانيّ هو الطريق الأمثل لتحقيق التنمية، ورفع مستوى المعيشة، واحتواء الفقر.
ب – مؤتمر بكين: وقد تقرّر فيه:
– الدعوة إلى الحرية والمساواة، والقضاء التام على أي فوارق بين الرجل والمرأة, دون النظر فيما قررته الشرائع السماوية, واقتضته الفطرة, وحتّمته طبيعة المرأة وتكوينها، وكذلك الدعوة الى فتح باب العلاقات المحرمة شرعاً، ومن ذلك:
السماح بحرية الجنس, والتنفير من الزواج المبكّر, والعمل على نشر وسائل منع الحمل, والحدّ من خصوبة الرجل, وتحديد النّسل, والسماح بالإجهاض المأمون, والتركيز على التعليم المختلط بين الجنسين وتطويره, وكذلك تقديم الثقافة الجنسية في سنٍّ مبكرة, وتسخير الإعلام لتحقيق هذه الأهداف.
كما أنّ في هذا المؤتمر تمرّداً على الدين والمجتمع، وسلباً لولاية الآباء على الأبناء, وقوامة الرجال على النساء.
ج – المؤتمر الدولي في المكسيك 1984م، ومما تقرّر فيه:
– الإقرار بالعلاقات الجنسية خارج نطاق الأسرة.
– تقديم الدعم للزناة والزانيات، بتقديم الدعم الماليّ، وتوفير السكن المناسب لهم.
– الإقرار بالأشكال المختلفة والمتعددة للأسرة.
خاتمة البحث:
أولاً: ثوابت.. وحقائق:
– أنّ قاعدة الزوجية من أبرز السنن الكونية المتصلة بالمخلوق، قال الله عز وجل: ﴿وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [الذاريات : 49]، وهي قاعدة قام عليها نسق الوجود كله إلا ما شاء الله عز وجل استثناءه كالملائكة، والزوجية حقيقة تؤكدها الكشوفات الكونية كلّ يوم؛ حتى في غير الأحياء.
– أنّ الزوجية في المخلوق دليل على تفرّد الخالق ووحدانيته، ونقص المخلوق وافتقاره إلى الخالق.
– الزوجية لا تعني انتقاص أحد الزوجين، ولا التنافر بينهما، وإنما الانسجام والتكامل، وذلك شأن كلّ ذكر وأنثى.
– تكاثر المخلوقات من أبرز وظائف الزوجية ونتائجها في الحياة، وهي أهم شرط لاستدامة التنمية وعمارة الأرض.
– الخروج على قاعدة الزوجية أو هدمها يعني الإخلال بتوازن الحياة، وتعطيل عملية التنمية الحقيقية فيها.
– أنّ لكلّ زوج وظيفة أساسية في الحياة، تتسق مع خصائصه، وتتحقق بها عملية تنمية المجتمعات والنهوض بها، فلا يصحّ التضحية بها لحساب الوظائف العامّة إلا لضرورة.
– دور المرأة في إثراء الحياة والنهوض بالمجتمع يتحقّق أكثر من خلال وظيفتها الرئيسة، ومشاركتها في الوظائف العامّة لا تستلزم التخلي عن وظيفتها الرئيسة.
– كلٌّ ميسر لما خلق له، ومساواة المرأة مطلقاً بالرجل لا تعني العدالة، وهي بذلك تفتقد عنصري الأخلاقية والإنسانية اللذين يتحققان بالعدالة.
– نحن نقرّ بالتخصّصية بناءً على تفاوت القدرات المكتسبة، ونرى عدم المساواة بسببها في الحقوق والواجبات وغيرها عدلاً، حتى بالنسبة للجنس الواحد، فلِمَ نرفض تطبيق ذلك في حال القدرات والاستعدادات الفطرية الأصيلة التي لا انفكاك عنها!
– على النساء أن يعلمن أنّ تصورهنّ للحرمان من المميزات أكبر بصورة مبالغ فيها مما قد يوجد في الواقع، وعليهن كذلك إدراك أنّ السير وراء الانتفاضات النسوية ينذر بالخطر.
– لم يسبق للمرأة أن كانت مسجونة ومنهارة ومستعمرة وخامدة مثلما هي عليه الآن، وتُعَدّ أوضاع المرأة في عصرنا أكثر الأوضاع دناءة في تاريخ المرأة.
– النساء اللواتي يبحثن عن المساواة المطلقة بالرجل لن يجدنها أبداً، ذلك أنّ الجنسين – شئن أم أبين – موجودان دائماً؛ أحدهما بواسطة الآخر.
– العولمة من خلال (الجندر) و (التمكين) و (المساواة)… إلخ مخطط يقوّض الخصائص الفطرية للمرأة، ويحذف الأنوثة من الخريطة، وذلك بجذب العدد الأكبر من النساء إلى الأعمال التي ترغمهنّ على التخلي عن الأنوثة؛ حتى تضمر فيها صفات الأنثى الظاهرية والنفسية.
– المرأة لم يسبق لها أن كانت بمثل ما هي عليه الآن من العبودية؛ في عالم ألصقت نفسها به باسم الحرية (المزيفة) التي يبدو وميضها برّاقاً، ذلك أنّ العمل على شاكلة (الذكر) ليس مخرجاً إلى ما تظنّ أنه الحرية، وإنما هو باب جهنم.
– إنّ خطط وبرامج السكان والتنمية هدفها الحقيقي القضاء على ما يهدد الأمن القومي الأمريكي من خطر الأسلمة أو الفرقة، ومن ذلك سياسات: (تحديد النّسل)، و (منع الحمل)، و (تنظيم الأسرة)، و (تمكين المرأة)، وتهميش دور (الأمومة)، وتأخير (سنّ الزواج والإنجاب)، و (الجندر) الذي تتحقق به المتعة الجسدية دون الخوف من خطر الإنجاب، وغيرها.. حتى تتخلى المرأة عن وظيفتها الطبيعية الرئيسة في التنمية وتتفرغ للوظائف العامّة.
ثانياً: توصيات ومقترحات:
1) التوعية الشاملة:
– استيعاب قضية المرأة بكلّ أبعادها، مكانة المرأة الإفريقية عامّة، والمسلمة خاصّة، واقعها في إفريقيا، ودورها، والمشكلات التي تواجهها.
– مفهوم التنمية الحقيقية للمرأة في تنمية شخصيتها، ووعيها بوظائفها، ومفهوم النهوض بالمجتمع، والتي لا تقتصر على الجوانب المادية.
– كشف أهداف مؤتمرات المرأة وغاياتها ومخططاتها وبرامجها، وما يراد تحقيقه بالمجتمعات الإفريقية من خلالها، وأنّ المرأة مستهدفة من خلال هذه الدعوات والشعارات، وكشف حقيقة (المساواة)، (الجندر)، (التمكين).
– توعية المرأة وكلّ الأطراف المعنية بالمخالفات والتناقضات في نظرة التيارات والأفكار الوافدة للمرأة، وخطر الأيديولوجية النسوية الجديدة المستمدة من الماركسية الحديثة، التي ترى أنّ إذابة كيانات المجتمع انتصار وقضاء على الطبقية.
– التشوهات التي أصابت الحقائق المتصلة بالمرأة وعلاقاتها ودورها في الحياة؛ جراء استغلال الأيديولوجيات العلمانية والإلحادية لها في صراعها ضد الأخلاق والشرائع الإلهية، وبخاصة الإسلام.
– الربط غير المنطقي لبعض مشكلات التنمية – كالفقر مثلاً – بوضع الأسرة، واعتبار أنّ الحدّ من النسل هو علاجها الوحيد.
2) تحديد المرجعيات والمعايير:
– تحديد المرجعيات الموثوقة، ووضع المعايير السليمة، وأهمها الدين، وأوثق الأديان الإسلام، وتأكيد أنه يمثّل المرجعية الشاملة.
– بناء المنهجية الشاملة بشأن موضوع المرأة ومكانتها ووظيفتها ودورها التنموي؛ بناءً على ما لشخصيتها من أبعاد متعددة، وخصائص متميزة، وعلاقات خاصّة وعامّة.
– التخصّصية، ومراعاة القدرات والاستعدادات والميول، والاتجاهات المرتبطة بكلٍّ من الرجل والمرأة، هي أساس للمساواة بينهما بصورة منطقية وعادلة.
– المرأة والرجل صِنْوان لا ضدّان، يكمّل أحدهما الآخر وفق قاعدة الزوجية التي يتحقق بها التوازن في الحياة والتنمية المستدامة فيها.
– تأكيد علاقة شخصية كلٍّ من الرجل والمرأة بالفطرة النفسية السوية، وربط التنشئة الاجتماعية بذلك.
– إعداد مشروع قانون (جمعيات نسوية)؛ بعيداً عمّا هو مطروح من قِبَل المنظورات والاتفاقات التي ظهرت أجندتها الخفية، والتي تهدف إلى القضاء على الأنثوية في العالم، مع مناهضة الاتفاقيات والقوانين والمؤسسات التي قامت على ذلك.
– مراعاة الفوارق بين البيئات الحضرية والبيئات الريفية، وفوراق فئات المرأة، في تحديد وضعها وطبيعة مشاركتها المجتمعية المناسبة.
– تفعيل دور المرأة الإفريقية في النهوض بالقارة مرتبط بالإصلاح الحقيقي الشامل، ومحاربة كلّ أنواع الفساد (السياسي، والمالي.. وغيرهما).
3) تحديد المعوقات:
– التدخلات الخارجية في قضية المرأة الإفريقية، ومعالجتها وفق اتجاهات الأمم المتحدة وسياساتها ومعاييرها، وإخضاعها لما سنّته من قوانين، وما أقامته من اتفاقيات بصورة مطلقة.
– أخطر المعوقات لإنقاذ المرأة من التغريب الأيديولوجية النسوية الجديدة والعولمة.
– العادات والتقاليد القبلية وغيرها المكبّلة لطاقات المرأة، والمبددة لقدراتها وإمكانياتها.
– تبنّي مفهومات غير سليمة بشأن التنمية، ومنها اعتبار أنّ معدلات التنمية العليا دائماً ما يصاحبها انخفاض في معدل النّمو السكاني، مع أنّ هذا ليس بالضرورة ينطبق على إفريقيا؛ فقد يصاحب عملية التنمية ارتفاع في مستوى المعيشة، ورغبة في زيادة النسل، للتمتع بالمجتمع والحضارة، خصوصاً أن هذا يتم في مجتمعٍ نامٍ.
– تدني مستوى وعي المرأة، وضعف الخدمات التعليمية والصحية، ومعاناتها مخاطر الظروف البيئية والنزاعات والحروب والتشرد واللجوء.
– النظرة الدونية للمرأة التي لا تزال سائدة في بعض المجتمعات في إفريقيا، واستغلالها.
– التغريب الذي يدفع بالمرأة الإفريقية المتعلمة في اتجاهات التأثّر بالحياة الغربية، والأخذ بنُظمها وعادات مجتمعاتها وتقاليدها وعلاقات المرأة المنحلة فيها، واتخاذها نموذجاً يُحتذى به في المدَنيّة والتحضّر.
– التحديات التي تواجهها المرأة في مجال الصحة، وضعف دور النساء في مواجهة الوضع الصحيّ المتدهور في إفريقيا.
– النزاعات والحروب التي تؤدي إلى تدمير البنيات التحتية وعدم الأمن والاستقرار، وخصوصاً في معيشة المرأة والأسرة.
– وضع قضية المرأة ودورها في إطار صراع مفتعل ضد الدين والأخلاق، واستغلالها في هدم كيان المجتمع والأسرة.
– عدم ترتيب الأولوية للجانب الوظيفي للمرأة، باعتبار قيام المرأة بوظائف الحياة العامّة هو الأصل، وتقديمه على وظيفتها الخاصّة الأسرية والتربية.
– إغفال القيمة العليا لأهمية التنمية الحقيقية للمجتمعات والنهوض بها من خلال أمن الأسرة واستقرارها، والتمكين للمرأة لخدمة المجتمع والنهوض به من خلالها.
– أنّ إصلاح المجتمعات ينطلق من دور المرأة الأسري والتربوي.
– تغيير جنس المرأة أو الرجل عن طريق الجراحة والعقاقير الهرمونية، من ذكر إلى أنثى، ومن أنثى إلى ذكر، بحسب الرغبات النفسية والاجتماعية للأفراد.
– تشويه صورة الأسرة بأنها تخلق العراقيل في سبيل تطوّر المرأة من الناحية الإنسانية، وأنّ الإنجاب والأمومة ورعاية الصغار تحول دون فعالية المرأة في تنمية المجتمع.
4) وضع الخطط والبرامج:
– وضع الاستراتيجيات والدراسات، وإعداد برامج تنموية اجتماعية منبثقة عن الثوابت والقواعد، وتنظيم الهيكلية المستقبلية والتخطيط السكاني، تجنباً للجور الاجتماعي، كما أرشد إلى ذلك قوله تعالى: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلاَّ تَعُولُواْ﴾ [النساء : 3]، وكما توجّهنا السنّة النبوية إلى النظر في مستقبل الأجيال، حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم: (إِنَّكَ أَنْ تَذَرَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَذَرَهُمْ عَالَةً يَتَكَفَّفُونَ النَّاسَ)[16].
– التخطيط لزيادة النّسل من أهم العوامل التي يرتكز عليها أمن المجتمع الإسلامي وسلامته على امتداد أراضيه الشاسعة، فزيادة عدد المسلمين ضرورة؛ لأنها ستحدد بطريقة حاسمة المستقبل السياسيّ للعالم الإسلامي.
– إعداد دراسات وخطط لرفع مستوى الوعي بخطورة (تحديد النّسل).
– إعطاء أولوية للمرأة في المجالات التي تتناسب معها، كالتربية والتعليم، ومعاهد التكوين للارتقاء بالقدرات، وفتح معاهد للتكوين المهني للنساء في مجالات الصناعات التقليدية التي تجيدها المرأة؛ حتى تكون المنتجات قابلة للتصدير والمنافسة في الأسواق العالمية.
– ضرورة التمييز، بمنهجية خاصّة، بين النساء في تصنيفهنّ فئات اجتماعية، وفئات عمرية، بين المرأة الريفية والمرأة الحضرية، بين المرأة العاملة في قطاع الفلاحة والمرأة العاملة في قطاع الصناعة، المرأة العاملة في قطاع الوظيفة العمومية والمرأة العاملة في القطاع الخاص، بين صاحبة الأسرة والعزباء.
– توظيف سياسات الاستثمار وإمكانيات التمويل الأصغر لدعم مشروعات الأسر الفقيرة والمرأة المعيلة في إفريقيا، وبخاصة في مناطق النزاعات والحروب والبيئات الفقيرة.
– تأسيس منظمات هادفة للمرأة الإفريقية، وتطوير ما هو قائم، للمحافظة على استقلاليتها عن التبعية للعولمة، تعمل على حماية المرأة الإفريقية من مخاطرها، وتوجّه نشاطها وجهودها في المحافظة على بيئاتها ومجتمعاتها وأخلاقها.
– وضع الشراكات الفاعلة بين المنظمات النسوية الرشيدة؛ لتوجيه نشاط المرأة وترشيده بإيجابية، والتصدي لمخططات الأيديولوجية النّسوية ذات التوجهات المنحرفة.
[1] http://esa.un.org/wpp/Excel-Data/EXCEL_FILES/1_Population/WPP2012_POP_F01_3_TOTAL_POPULATION_FEMALE.XLS.
[2] http://www.tradingeconomics.com/sub-saharan-africa/population-female-percent-of-total-wb-data.html.
[3] انظر: كي أم وزيري: حقوق المرأة التقليدية كما تحددها العادات ونمط الأسرة والنُّظم الاقتصادية والاجتماعية ومشاركة المرأة – حالة دراسية للمنطقة العربية والإفريقية -، الرابط: www.allafrica.com
[4] متاح على الرابط: www.ezakwantu.com
[5] فاطمة عمر العاقب: التحديات التي تواجه المرأة المسلمة في القرن الإفريقي.
[6] انظر: محمد العقيد: الشخصية الإفريقية، مجلة قراءات إفريقية، العدد العدد 18، ص 21.
[7] إفريقيا في عصر التخلف.
[8] كالفو، 1996م.
[9] لوفل، 2000م، اقتباس في: جرون، 2005م.
[10] داي، 2005م.
[11] انظر: تمكين المرأة في إفريقيا والعالم العربي.. الاستحقاقات والفرص والتحديات، كبير ماتو، الرابط: www.assecaa.org
[12] انظر: مهدي ساتي: الإسلام والقيم الاجتماعية للجماعات الأرواحية في إفريقيا جنوب الصحراء، الرابط: http://www.islam4africa.net
[13] انظر: محمد العقيد: الشخصية الإفريقية، مجلة قراءات إفريقية، العدد 18، ص 27.
[14]انظر: رمضان الغنام: المرأة من منظور ليبرالي، مركز التأصيل للدراسات والبحوث، الرابط: www.lahaonline.co
[15] انظر: نجيب كامل: المسرح الجنسوي، متاح على الرابط: http://www.tazacity.info/news2944.html
[16] صحيح البخاري، حديث رقم 6373.